على الرغم من التراجع المطرد لانتشار مرض الايدز منذ تسجيله "مستويات قصوى" سنة 1997، لا يزال 36,7 مليون شخص في العالم يتعايشون معه، أغلبيتهم في افريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وفي الاونة الاخيرة حذرت الأمم المتحدة في تقرير لها من عودة تفشي وباء الايدز الذي كان ينحسر خلال السنوات الأخيرة في العالم، خصوصا نتيجة ازدياد الحالات الجديدة في روسيا.
من جهته قال أكبر خبير في علاج مرض الإيدز في روسيا إن انتشار الوباء وصل لنقطة تحول بعد تجاوز عدد المصابين بفيروس إتش.آي.في المسبب للمرض حاجز المليون شخص محذرا من أن معدل العدوى بلغ مستويات قياسية.
وخلال السنوات الأخيرة، ازدادت حالات الإصابة خصوصا في أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى (ازدياد بنسبة 57 %) وسجل 80 % من هذه الإصابات الجديدة في روسيا وحدها، في مقابل 10 % في أوكرانيا، فالسلطات الروسية تفضل في الواقع التركيز على سبل العلاج أكثر من سبل الوقاية.
وقد حظرت روسيا مادة الميثادون البديلة للهيرويين التي تخفض، بحسب عدة خبراء، خطر انتقال العدوى في أوساط مدمني المخدرات. كما تتخذ السلطات تدابير قمعية في حق المثليين جنسيا وهم أيضا من الفئات الأكثر عرضة للإصابة بالايدز.
وفي العام 2015، تخطى عدد إيجابيي المصل في روسيا عتبة المليون وتوفي أكثر من 200 ألف منهم، بحسب المركز الفدرالي الروسي لمكافحة الايدز، وذكر التقرير الأممي بأن الفئات الأكثر عرضة للإصابة بالفيروس هم المثليون جنسيا والمومسات وزبائنهن ومغايرو الهوية الجنسية ومستهلكو المخدرات بالحقن والسجناء.
وبين 2010 و2015، ارتفعت حالات الإصابة بالايدز أيضا في كل من منطقة الكاريبي (9 %) والشرق الأوسط وشمال افريقيا (4 % في كل من المنطقتين) وأميركا اللاتينية (2 %).
لكنها في المقابل انخفضت بنسبة 4 % في شرق القارة الافريقية وجنوبها وبنسبة 3 % في منطقة آسيا المحيط الهادئ، في حين بقي تراجعها بسيطا جدا في أوروبا الغربية والوسطى وأميركا الشمالية.
وقد أودى فيروس الإيدز الذي بدأ يتفشى في العالم منذ أكثر من 30 سنة بحياة 35 مليون شخص توفوا بسبب أمراض ناجمة عنه.
وتبقى الوقاية خير سبيل لاحتواء الوباء بانتظار إيجاد لقاح أو علاج نهائي له، وفق التقرير، فيما أصبحت جنوب أفريقيا التي كانت مركز مرض الإيدز على مستوى العالم صاحبة أكبر برنامج علاجي للمرضى عالميا حيث يتلقى 3.4 مليون شخص العقاقير المكافحة للفيروس التي تمكن المتعايشين مع المرض من عيش حياة طبيعية.
والفارق كبير بين ما كانت عليه جنوب أفريقيا في عهد مبيكي عندما كان وزير الصحة يشيد بالبنجر والبطاطس (البطاطا) الأفريقية لعلاج الإيدز وحين انسحب مئات المندوبين من مؤتمر بعد أن قال الرئيس إن الفقر قد يكون هو السبب الرئيسي للإصابة بالمرض.
ومع أن عدد الاصابات بفيروس "اتش اي في" تراجع بنسبة 35 % خلال السنوات الخمس عشرة الاخيرة على المستوى العالمي وفق الامم المتحدة، غير أن المعركة ضد الايدز لا تزال طويلة في منطقة هوما باي التي تضم اعلى نسبة اصابة بمرض الايدز في كينيا وواحدة من اعلى النسب في العالم.
وفي مواجهة هذه الارقام المأسوية، غيرت منظمة "أطباء بلا حدود" غير الحكومية مقاربتها عبر الانتقال الى خطة عمل لامركزية بهدف التقرب مباشرة من الناس عوض انتظار مجيئهم اليها، يمكن تعليل النسب المرتفعة للاصابة في هذه المنطقة بجملة عوامل ثقافية واجتماعية، لذا يرى الخبراء إن ثمة حاجة إلى جهد عالمي وجمع استثمارات لتقديم المزيد من الدعم وخدمات المتابعة في البلاد الافريقية الفقيرة، وإن الأمر يصب في النهاية في مصلحة الجميع.
التحرك مطلوب مع توقف التراجع في إصابات حالات إتش.آي.في
أعربت وكالة الأمم المتحدة لمكافحة الإيدز عن قلقها من توقف التراجع المستمر منذ فترة طويلة في عدد المصابين الجدد بعدوى فيروس (إتش.تي.في) بين البالغين وقالت إنه ينبغي التحرك لمنع زيادته، وقالت الوكالة في بيان إن ما يقدر بنحو 1.9 مليون بالغ أصيبوا بعدوى (إتش.آي.في) في العالم في الأعوام الخمسة الماضية على الأقل مضيفة أن زهاء 36.7 مليون شخص أصيبوا على مستوى العالم. بحسب رويترز.
وأوضح التقرير أن حالات العدوى الجديدة بين البالغين الذين جرى تعريفهم بأنهم فوق 15 عاما تزداد حاليا في أوروبا الشرقية ووسط آسيا ومناطق الكاريبي والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وقال ميشيل سيديبي المدير التنفيذي للوكالة "نحن ندق أجراس الخطر".
وأضاف قائلا في مؤتمر صحفي في جنيف "لدينا نافذة مدتها خمس سنوات وإذا خسرناها سنشهد انتشارا لهذا الوباء وسنرى مقاومة ولن نتمكن من السيطرة عليه واستئصاله والتأكد من إنهائه بحلول 2030"، والسيدات صغيرات السن اللائي تتراوح أعمارهن من 15 وحتى 24 عاما عرضة بدرجة كبيرة للإصابة بفيروس (إتش.آي.في) ويشكلن 20 في المئة من الحالات بين البالغين على مستوى العالم في العام الماضي، وقال سيديبي "الحيلولة دون الإصابة بفيروس إتش.آي.في غير مفعلة بالنسبة للسيدات صغيرات السن في أفريقيا جنوب الصحراء، وأضاف قائلا "يحتاجون للمزيد من الخيارات".
خطر تفاقم وباء الايدز بسبب ازدياد الحالات في روسيا
حذرت الأمم المتحدة في تقرير من عودة تفشي وباء الايدز الذي كان ينحسر خلال السنوات الأخيرة في العالم، خصوصا نتيجة ازدياد الحالات الجديدة في روسيا، وقد نشر برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة البشرية (ايدز) هذا التقرير الذي يقع في 286 صفحة، مقدرا فيه عدد البالغين الذين أصيبوا سنويا بالايدز بنحو 1,9 مليون شخص، وذلك بين 2010 و2015. بحسب فرانس برس.
وصرح ميشيل سيدي بيه مدير برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس الايدز خلال مؤتمر صحافي في جنيف "يقلقني هذا الوضع ولا بد من التحرك في أسرع وقت ممكن، وإلا سيتسبب الوباء مجددا بخسائر بشرية واقتصادية طائلة".
وبحسب برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بالايدز، يواجه الرجال الذين يقيمون علاقات جنسية مثلية والمدمنون الذين يستهلكون المخدرات بالحقن خطرا أكبر بمعدل 24 مرة للإصابة بالعدوى، بالمقارنة مع باقي السكان. ويرتفع هذا الخطر 10 مرات عند المومسات، وأظهر التقرير أن ثلاثة أرباع الحالات الجديدة المسجلة في أوساط الفئات العمرية 15 - 24 عاما في افريقيا جنوب الصحراء الكبرى تطال مراهقات أو شابات لا يستفدن من خدمات الوقاية ويتعرضن للتهميش.
عودة مؤتمر عالمي للإيدز إلى جنوب أفريقيا بعد تغيرات كبيرة
قطعت جنوب أفريقيا التي تستضيف مؤتمرا عالميا للإيدز شوطا كبيرا لتبتعد عن كونها "دولة منبوذة بسبب الإيدز" قبل 16 عاما عندما رفض رئيسها في ذلك الوقت ثابو مبيكي وسط ذهول العالم الاعتراف بالصلة بين فيروس نقص المناعة المكتسب (إتش.آي.في) وبين المرض، وقال الدكتور جان باسيت الذي أسس مركز علاج فيروس (إتش.آي.في)المسبب لمرض الإيدز في مستوصف واتكوبين في جوهانسبرج عام 1996 "كان المرضى يتساقطون مثل الذباب. كنا نعالجهم برعاية وحب وفيتامينات. لم يكن لدينا شيء."
وكانت المريضة ندلوفو تتلقى العلاج في المستوصف بعد أن تشخيص إصابتها بالفيروس عام 2002. ولم تكن تحصل سوى على الفيتامينات في بداية الأمر، وبدأت ندلوفو التي يبلغ عمرها الآن 38 عاما في تلقي العقاقير المكافحة للفيروس عام 2004 بعد أن بدأت حكومة مبيكي توفير العلاج لأصعب الحالات بعد قرار محكمة.
لكن الحظ لم يحالف الكثيرين من المصابين بالمرض في جنوب أفريقيا. وفي عام 2008 قدرت دراسة أجرتها جامعة هارفارد أن رفض مبيكي تسبب في 330 ألف حالة وفاة على الأقل كان من الممكن تفاديها في النصف الأول من العقد. بحسب رويترز.
ولم يحدث التحول الحقيقي إلا عندما جاءت قيادة جديدة للبلاد. فقد أطيح بمبيكي عام 2008 وفي العام التالي عين الرئيس الجديد جاكوب زوما طبيبا مرموقا هو ارون موتسواليدي وزيرا للصحة، وعلى الفور بدأ الوزير الجديد في توجيه اهتمام الحكومة لمكافحة المرض فأطلق حملة فحص على مستوى البلاد وتوسع في تقديم العلاج، واليوم هناك سبعة ملايين من مواطني جنوب أفريقيا متعايشون مع المرض أي 19 بالمئة من عدد السكان البالغين، وبالنسبة لندلوفو وكثيرين غيرها أنقذت استجابة جنوب أفريقيا للمرض حياة الكثيرين أو غيرتها للأفضل.
اوروبا تكافح الايدز
قالت منظمة الصحة العالمية إنها سجلت في عام 2014 أعلى عدد على الاطلاق لحالات الاصابة الجديدة بفيروس (إتش آي في) في منطقتها الاوروبية -التي تشمل ايضا اسيا الوسطى- منذ ان بدأ الابلاغ عن حالات الاصابة في عقد الثمانينات من القرن الماضي، وقالت المنظمة والمركز الاوروبي للسيطرة على الامراض والوقاية منها في بيان إن أكثر من 142 ألف شخص في المنطقة الاوروبية لمنظمة الصحة العالمية جرى تشخيص إصابتهم بالفيروس المسبب لمرض نقص المناعة المكتسب (الايدز) العام الماضي وان الزيادة تركزت في قطاعها الشرقي الذي يضم 15 دولة من بينها روسيا واوكرانيا واسيا الوسطى.
ويأتي البيان في اعقاب نشر برنامج الامم المتحدة لمكافحة الايدز نتائج يوم الثلاثاء أظهرت ان اجمالي عدد الاصابات الجديدة بفيروس (إتش آي في) هبط بنسبة 35 بالمئة منذ ذروة الوباء في عام 2000، وقال البيان المشترك للمنظمة الصحة العالمية والمركز الاوروبي للسيطرة على الامراض "إنتقال الفيروس عبر العلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة هو المسؤول عن الزيادة في شرق اوروبا وانتقاله عبر الحقن بالعقاقير المخدرة يبقى كبيرا."
واضاف البيان قائلا "في الاتحاد الاوروبي والمنطقة الاقتصادية الاوروبية الجنس بين الرجال هو النمط الشائع لانتقال إتش آي في"، وقالت متحدثة باسم المركز الاوروبي للسيطرة على الامراض انه في الاتحاد الاوروبي عموما لم يطرأ تغير يذكر على عدد الاشخاص الذين شخصت اصابتهم بالفيروس على مدى الاعوام العشرة الماضية.
استمرار علاج نحو 16 مليون من الايدز مع تراجع الاصابات
أعلن برنامج الأمم المتحدة المشترك لمكافحة الأيدز إن نحو 15.8 مليون مريض على مستوى العالم يتلقون علاجا لمكافحة الايدز فيما بدأت استراتيجية لانهاء هذه الجائحة تؤتي ثمارها، وقال البرنامج في تقرير إن الاحصائيات تشير الى تراجع العدوى بنسبة 35 في المئة منذ أن بلغت الاصابات ذروتها في عام 2000 فيما تراجعت الوفيات الناجمة عن المرض بنسبة 42 في المئة منذ أوجها عام 2004 .
ويقارن نحو 16 مليونا يعالجون من المرض بحلول يونيو حزيران عام 2015 بأقل من نصف هذا الرقم منذ خمس سنوات و2.2 مليون عام 2005 ، وقال المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس الإيدز ميشيل سيديبيه "كل خمس سنوات نضاعف عدد من يعالجون لانقاذ حياتهم.، وحتى نهاية 2014 كان 36.9 مليون شخص اصيبوا بالعدوى عالميان وقالت منظمة الصحة العالمية إن جميع من اصيبوا بالمرض يتعين ان يحصلوا على الفور على عقاقير لمكافحة الفيروسات الارتجاعية.
والفيروسات الارتجاعية هي تلك التي تحتفظ بإنزيم الناسخ العكسي والتي تتميز بقدرتها على اعادة نقل المادة الوراثية إلى الخلية في مجال استخدام الناقلات الفيروسية للعلاج الجيني، ووضع برنامج الامم المتحدة العام الماضي خطة خمسية سريعة لمكافحة الايدز قالت انها ستقضي عليه تماما بحلول 2030.
وقال البرنامج إن هذا الاسلوب بدأ يؤتي ثماره مطالبا بالتركيز من جديد على مجالات رئيسية منها تحسين الحصول على المعلومات لرصد المصابين بالمرض، وحدد التقرير 35 دولة تمثل 90 في المئة من جميع حالات الاصابة بالايدز مشيرا الى ان التركيز على هذه الدول سيكون له أبلغ الاثر في جني ثمار جمة، وقال سيديبيه "من حق كل شخص ان يحيا حياة صحية طويلة وعلينا ان ننقل خدمات مكافحة الايدز لمن هم أكثر تضررا".
طفيل البلهارسيا قد يكون مفتاح اللغز في مكافحة الإيدز
قال باحثون إن طفيل البلهارسيا الذي يصيب الملايين من فقراء العالم قد يكون مفتاحا لا يُعرف عنه الكثير لوقف انتشار مرض نقص المناعة المكتسب (الإيدز)، وهناك 250 مليون مصاب على الأقل بالبلهارسيا. وتحدث الإصابة بسبب الديدان الطفيلية في مياه تعيش بها قواقع المياه العذبة التي تؤوي هذا الطفيل. وتخترق الديدان جلد الإنسان وتضع بيضها داخل الجسم، وقال خبراء في المرض إنه إذا وضعت الديدان بيضها في الأعضاء التناسلية للمرأة بما في ذلك المهبل وعنق الرحم فإنها قد تحدث ضررا يجعل المرأة أكثر عرضة للإصابة بالإيدز.
وكانت دراسات أجريت في زيمبابوي وتنزانيا وجنوب أفريقيا وموزامبيق توصلت إلى أن النساء يصبحن أكثر عرضة بثلاث مرات للإصابة بالإيدز إذا كن مصابات ببلهارسيا الأعضاء التناسلية.
وقالت ماريان كومباريت مديرة الجمعية الدولية لأمراض المناطق المدارية المهملة ومقرها لندن في مقابلة "ستكون تحت المراقبة الكاملة"، وأضافت لمؤسسة تومسون رويترز "معالجة مريض يمكن بالفعل أن تؤثر في الآخرين"، وقال باحثون إن هناك زيادة كبيرة في عدد فيروسات الإيدز في السائل المنوي للرجال المصابين بديدان البلهارسيا في أعضائهم التناسلية.
ويقول خبراء إن علاج البلهارسيا رخيص وإن منظمة الصحة العالمية تتلقى منذ سنوات جرعات مجانية من هذا العلاج لذلك فإنه قد يكون وسيلة سهلة للمساعدة على وقف انتشار الإيدزن وقالت كومباريت "مثلما اتضح أن الختان يغير بالفعل الطريقة التي يتعامل بها الناس مع انتقال الإيدز فإن هذا الأمر قد يكون الإنجاز الكبير المقبل في سبيل السيطرة على عدوى الإيدز"، واتضح أن الختان يحد من انتشار الإيدز وتوصي منظمة الصحة العالمية به كوسيلة للوقاية من المرض، ويوجد قرابة 37 مليون مصاب بالإيدز في العالم وأغلبهم في أفريقيا.
اضف تعليق