بات التدخين اليوم من أهم واخطر المشكلات العالمية لما يسببه من أضرار جسيمة للإنسان صحية وبيئية واقتصادية، وعلى الرغم من إن جميع وسائل الإعلام تحذر من ضرر التدخين إلا إن الإحصائيات أثبتت إن نسبة المدخنين لم تتعرض إلى الانخفاض مطلقاً, لكون التدخين في الأصل عادة يتعود عليها الإنسان ولا يستطيع أن يتخلى عنها إلا من خلال الإرادة القوية والعزيمة على تركها ونادراً ما تتوفر هذه الصفات في الأشخاص المدخنين.
ويتضايق الكثير منا من رائحة التدخين ويكرهها حتى لو كان الشخص المدخن الوالد أو الأخ أو احد الأقارب والأصدقاء، فنتضايق من مجرد شم الرائحة، ونتلمس أثارها في الملابس أو في الغرفة وغيرها من الأماكن بعد خروج المدخن منها, ولا شك في إننا نشفق عليهم من هذا الإدمان نتيجة للأمراض النفسية والجسمية الخطيرة التي يسببها آفة العصر, وهذا الإدمان قد لا تظهر عواقبه في التو واللحظة ولكن بالتأكيد بتقدم الزمن ستتضح لنا خطورته بعد أن يهلك الجسد وغالبا ما يسبب الوفاة.
في السياق ذاته أظهرت دراسة حديثة إن السجائر مسؤولة عن نصف الوفيات باثني عشر نوعا من أمراض السرطان في العام 2011، وبحسب هذه الدراسة فان 48,5 % من 346 ألف شخص توفوا بسبب واحد من 12 مرضا من أمراض السرطان تنتشر بين الراشدين فوق سن الخامسة والثلاثين، كانت بسبب تدخين السجائر، وتبين إن النسبة الأعلى من الوفيات بالسرطان كانت بسرطان الرئة (74,9 %) والقصبة الهوائية.
في حين قال باحثون إن واحدا من بين كل ثلاثة شبان في الصين سيلقى حتفه في نهاية المطاف بسبب التدخين ما لم ينجح قطاع كبير منهم في الإقلاع عن هذه العادة، وقال ليمينج لي الاستاذ بأكاديمية العلوم الطبية في بكين الذي شارك في الإشراف على تحليل كبير لهذه القضية "دون تحرك سريع جاد واسع النطاق لخفض مستويات التدخين ستواجه الصين أعدادا كبيرة من الموت المبكر".
بينما أفاد بحث حديث بأن الإقلاع عن التدخين قد يقلل احتمالات الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني على المدى الطويل، وتأتي الدراسة، التي استقت بياناتها من نحو ستة ملايين شخص، لتضيف إلى الأدلة المتزايدة على وجود علاقة بين التدخين ومرض السكري من النوع الثاني، وإذا ثبُت وجود علاقة بالفعل، فإن الجهود المبذولة للحد من التدخين قد يكون لها أثر كبير في التعامل مع مرض السكري على مستوى العالم، حسبما يقول باحثون.
وفي بحث يلغي دراسات سابقة عن العلاقة بين التدخين والإصابة بانفصام الشخصية يقول العلماء إنهم وجدوا احتمال وجود علاقة سببية بين السجائر وهذا المرض العقلي، وبعد تحليل شمل نحو 15 ألفا من مدخني التبغ و273 ألفا من غير المدخنين وعلاقة المجموعتين بداء الفصام -حيث يعاني المرضى من اضطراب عقلي شديد مزمن يؤثر على سلوك وتفكير المصاب وإدراكه يصاحبه في العادة حدوث أعراض "ذهانية" مثل الوساوس والهواجس وسماع الأصوات أو التوهم- قال الباحثون إنه يبدو إن التدخين يزيد فرص الإصابة بالمرض.
وعليه لا تزال العديد من دول العالم تواصل حربها المعلنة ضد آفة التدخين بأنواعها كافة خصوصا وان العديد من الدراسات والبحوث قد أثبتت اتساع رقعة الإدمان على التدخين في الكثير من المجتمعات، لذلك شدد الباحثون على ضرورة الحد من التدخين للتقليل من أعداد الوفيات التي يكون سببها السرطان والأمراض الخطيرة الأخرى، من خلال تعزيز جهود مكافحة التدخين، وقد رصدت (شبكة النبأ المعلوماتية) بعض الأخبار والدراسات نستعرض أبرزها في التقرير أدناه.
السجائر مسؤولة عن 50 % من الوفيات
في السياق ذاته أظهرت دراسة حديثة ان السجائر مسؤولة عن نصف الوفيات باثني عشر نوعا من امراض السرطان في العام 2011، وبحسب هذه الدراسة المنشورة في مجلة "جاما انترنال ميدسين"، فان 48,5 % من 346 الف شخص توفوا بسبب واحد من 12 مرضا من امراض السرطان تنتشر بين الراشدين فوق سن الخامسة والثلاثين، كانت بسبب تدخين السجائر. بحسب فرانس برس.
وتبين ان النسبة الاعلى من الوفيات بالسرطان كانت بسرطان الرئة (74,9 %) والقصبة الهوائية، اما سرطان الحنجرة فنسبتها 1,7 %، وتبين ايضا ان التدخين مسؤول عن نصف الوفيات بسرطانات تجويف الفم والمريء والمثانة، بحسب ريبيكا سيغل الباحثة في جمعية السرطان الاميركية واحدى معدي الدراسة، وجاء في الدراسة "بعد خمسة عقود من مكافحة التدخين، ما زالت السجائر المسبب لانواع كثيرة من السرطان".
وشدد الباحثون على ضرورة مواصلة التقدم في هذا الاطار للحد من الوفيات بسبب السرطان والامراض الخطيرة الاخرى، من خلال تعزيز جهود مكافحة التدخين، وبحسب تقرير صدر في الولايات المتحدة في وقت سابق من العام الحالي، فان اكثر من عشرين مليون اميركيا توفوا بسبب التدخين في السنوات الخمسين الاخيرة، وما زال 443 الف اميركي يقضون سنويا بسبب التدخين رغم الجهود الكبيرة المبذولة في هذا السياق، والتي جعلت نسبة المدخنين تنحسر من 42 % في العام 1964 الى 18 % اليوم.
ما الذي سيقتل ثلث شبان الصين؟
من جهتهم قال باحثون إن واحدا من بين كل ثلاثة شبان في الصين سيلقى حتفه في نهاية المطاف بسبب التدخين ما لم ينجح قطاع كبير منهم في الاقلاع عن هذه العادة، وقال ليمينج لي الاستاذ بأكاديمية العلوم الطبية في بكين الذي شارك في الاشراف على تحليل كبير لهذه القضية "دون تحرك سريع جاد واسع النطاق لخفض مستويات التدخين ستواجه الصين أعدادا كبيرة من الموت المبكر". بحسب رويترز.
ووجدت الدراسة التي نشرت في دورية لانسيت الطبية ان ثلثي شبان الصين يبدأون في التدخين قبل سن العشرين وانه ما لم يقلعوا عن هذه العادة تماما سيموت نحو نصفهم من جراء ذلك، وأجرى العلماء دراستين كبيرتين تمثلان كل قطاعات المجتمع يفصل بينهما 15 عاما لرصد الاثار الصحية للتدخين في الصين، وكانت الاولى في التسعينات وشملت نحو ربع مليون رجل، اما الدراسة الثانية فهي لا تزال جارية وتشمل نصف مليون رجل وامرأة.
وأظهرت النتائج ان عدد الوفيات السنوية جراء التدخين في الصين وغالبيتهم رجال بلغت مليون حالة وفاة عام 2010، واذا استمر الحال على ما هو عليه سيصل عدد الوفيات الى مليونين بحلول عام 2030، وتضاعفت الان نسبة حالات الوفاة بين الرجال بسبب التدخين إلى نحو 20 في المئة بدلا من عشرة في المئة أوائل التسعينات، وترتفع هذه النسبة في الريف إلى 25 في المئة، والتدخين يسبب سرطان الرئة وهو عادة قاتل وهو أيضا أكبر سبب وراء الوفاة المبكرة على مستوى العالم نتيجة أمرض القلب والجلطات وارتفاع ضغط الدم.
مخاطر التدخين السلبي
في حين تشير دراسة جديدة إلى أن التدخين السلبي الذي يتعرض له الرضع في رحم أمهاتهم أو الأطفال يجعلهم عرضة لخطر الإصابة في مرحلة مقبلة من العمر بعدم انتظام ضربات القلب أو ما يعرف باسم الرجفان الأذيني، وقال الطبيب جريجوري ماركوس من جامعة كاليفورنيا بسان فرانسيسكو وهو كبير الباحثين في الدراسة "لا يمكننا القول بان التدخين السلبي يسبب بالتأكيد الإصابة بالرجفان الأذيني... نحن بحاجة إلى تأكيد هذه النتائج". بحسب رويترز.
وقال المعهد الأمريكي لأمراض القلب والرئة والدم إن الرجفان الأذيني يؤدي إلى توقف غرف القلب العلوية والسفلية عن العمل كما تزيد هذه الحالة من خطر الإصابة بجلطة ويمكن أن تسبب آلاما في الصدر وأزمة قلبية، وكتب الباحثون في دورية (هارت ريذم) أن التدخين له صلة بالإصابة بالرجفان الأذيني إلا أن الصلة بين هذه الحالة والتدخين السلبي لم تتأكد.
وحلل الباحثون بيانات من 4976 شخصا شاركوا في دراسة أجريت عبر الانترنت عن صحة القلب وتناولت تعرض المشاركين للتدخين السلبي وما إذا كانوا أصيبوا بالرجفان الأذيني، وفي الإجمالي قال 12 بالمئة من المشاركين إنهم أصيبوا بالرجفان الأذيني، ومن أصيبوا بهذه الحالة متوسط أعمارهم نحو 62 عاما مقارنة مع متوسط عمر من لم يتعرضوا للإصابة بالرجفان الأذيني وهو نحو 50 عاما.
ووضع الباحثون في الحسبان العوامل المؤثرة التي قد تجعل المشاركين عرضة للإصابة بالرجفان الأذيني وبينها العمر والجنس والعرق وغيرها من الحالات الصحية والتدخين وشرب الخمر، وتوصل الباحثون إلى أن من تعرضوا للتدخين السلبي وهم في رحم أمهاتهم أو في فترة الطفولة كانوا أكثر عرضة بنسبة 40 بالمئة للإصابة بالرجفان الأذيني عن غيرهم.
وكتب الباحثون أن النسبة كانت أعلى بين من لم تكن لديهم عوامل مؤثرة أخرى للإصابة بالرجفان الأذيني، وكتب الطبيب كونو س.ب.م أوتروال من مركز أوتريخت الطبي الجامعي في هولندا في رسالة بالبريد الالكتروني لرويترز هيلث ان أثر التدخين السلبي قد يكون أكثر وضوحا لدى من ليست لديهم عوامل أخرى للإصابة بالرجفان الأذيني، ويقول الباحثون في الدراسة إن الحيلولة دون التعرض للتدخين السلبي في المراحل الأولى من العمر قد يكون من وسائل خفض مخاطر الإصابة بالرجفان الأذيني.
تحول غريب
يعمل الان العلماء الذين أمضوا سنوات من عمرهم في تطوير أدوية لعلاج المرض مع شركات التبغ لتصنيع السجائر الالكترونية، ووظفت شركة فيليب موريس انترناشونال أكثر من 400 من العلماء والفنيين ليعملوا في منشأة أبحاث في نوشاتيل بسويسرا من بينهم اخصائيون في علم السموم وكيميائيون وعلماء أحياء وخبراء في الاحصاء والشؤون التنظيمية. بحسب رويترز.
بينما جندت شركة التريا جروب المنتجة لسجائر مارلبورو عشرات من خبراء الرعاية الصحية والعلوم مثلما فعلت شركات مستقلة لإنتاج السجائر الالكترونية، وهم يقولون انهم يحاولون تحسين الصحة العامة، وتقول جيزيل بيكر خبيرة الاحصاءات الحيوية التي تتخذ من نوشاتيل مقرا لها "اذا كان لديك منتج يمنع السرطان... سيكون لك تأثير كبير على الصحة العامة".
وهدف هذا التزاوج الجديد بين العلماء وشركات التبغ هو تحسين الجيل الحالي من السجائر الالكترونية واذا أمكن اثبات انها تقلص مخاطر المرض، ويمكن للشركات التي تنجح في ذلك ان يكون لها السبق في سوق تقول بوني هرتزوج المحللة في ويلز فارجو سيكيوريتيز انها ستتفوق على السجائر العادية في الولايات المتحدة خلال عشر سنوات.
ويمكن ان تتمع المنتجات التي تعلن ادارة الاغذية والادوية انها أقل خطورة بمعاملة أقل شدة من الهيئات التنظيمية، وقال فيليب جورهام المحلل بمورنينجستار "اذا استطاعت شركات السجائر ان تثبت ان السجائر الالكترونية أقل خطورة ستخضع لقواعد تنظيمة أقل وتدفع ضرائب أقل من السجائر، لكن اذا لم تفعل ستفرض عليها في الارجح نفس القيود".
العلوم المتقدمة، أنفقت شركة فيليب موريس انترناشونال أكثر من ملياري دولار على تطوير وتقييم منتجات منخفضة المخاطر، وفي العام القادم تعتزم التقدم بطلب لادارة الاغذية والادوية لتعديل مستوى المخاطر بالنسبة لمنتجها آي.كيو.او.اس وهي اداة لتوصيل التبغ يتم تسخينها لتنتج ما يكفي من الايروسول بدون احراق.
وحرق التبغ هو الذي ينتج الكيماويات الأكثر سمية، وتراهن الشركة على أن وجود تبغ حقيقي سيكون مرضيا أكثر للمدخين من السجائر الالكترونية الحالية، وهي تطور أيضا الجيل التالي من السجائر الالكترونية، لكن اثبات ان المنتج هو أقل خطورة يحتاج الى علوم متقدمة وتريد ادارة الاغذية والادوية ان ترى مزايا صحية للمدخنين والمجتمع بشكل عام.
ويشارك مانويل بيتش أستاذ المعلومات الحيوية بجامعة بازل والمسؤول الكبير السابق في نوفارتيس ايه.جي وجلاكسو سميثكلاين في الجهود التي تبذلها فيليب موريس انترناشونال لتحليل مكونات البخار وتأثيره على الخلايا وتقييم الانماط المرجحة لان يتسبب المنتج في المرض.
كما تجري الشركة تجارب اكلينيكية على البشر لمعرفة ما اذا كان منتجها يقلص تعرض المستهلك لمكونات مضرة واذا كان الحال كذلك ما اذا كان هذا التقليص يترجم الى خفض في احتمالات الاصابة بسرطان الرئة او امراض القلب او انسداد الشريان الرئوي، وتاريخيا لم تلجأ شركات التبغ من قبل الى مثل هذه المهارات لكن هذه الخبرات هي شريان الحياة بالنسبة لصناعة الدواء وشركات التبغ تنهل منها الان.
التدخين وانفصام الشخصية
في بحث يلغي دراسات سابقة عن العلاقة بين التدخين والإصابة بانفصام الشخصية يقول العلماء إنهم وجدوا احتمال وجود علاقة سببية بين السجائر وهذا المرض العقلي، وبعد تحليل شمل نحو 15 ألفا من مدخني التبغ و273 ألفا من غير المدخنين وعلاقة المجموعتين بداء الفصام -حيث يعاني المرضى من اضطراب عقلي شديد مزمن يؤثر على سلوك وتفكير المصاب وادراكه يصاحبه في العادة حدوث أعراض "ذهانية" مثل الوساوس والهواجس وسماع الأصوات أو التوهم- قال الباحثون إنه يبدو ان التدخين يزيد فرص الاصابة بالمرض. بحسب رويترز.
وقال جيمس مكابي -وهو خبير في الطب النفسي شارك في هذا البحث الذي اجري بمعهد الطب النفسي في كينجز كوليدج بلندن للصحفيين "في حين ان من الصعوبة بمكان تحديد اتجاه علاقة السببية توضح نتائجنا انه يتعين ان نأخذ التدخين بجدية كعامل خطر محتمل للاصابة بالذهان".
الا انه اضاف ان الاضطرابات النفسية التي أثرت على 100 شخص خلال الدراسة تبدأ عادة في سنوات المراهقة الأولى ومن أكثر أعراض المرض شيوعا اضطراب التفكير والادراك كما ان المرضى قد تكون لهم تجارب سابقة تتعلق بالامراض النفسية، وعلى الرغم من الربط بين تدخين السجائر والاصابة بانفصام الشخصية في دراسات سابقة إلا ان كثيرا من الاطباء لجأوا حتى الآن الى فرضيات علاجية منها تدخين المرضى للتصدي لأعراض الارهاق والأزمات المتعلقة بالمرض أو الآثار الجانبية لعقاقير العلاج.
وخلال الدراسة الحديثة قام مكابي وفريقه البحثي بتحليل معدلات التدخين لدى من يصابون بالمرض لأول مرة ووجد ان 57 في المئة منهم من المدخنين، وكان من يصابون بالمرض لأول مرة أكثر احتمالا بواقع ثلاث مرات ان يكونوا من المدخنين بالمقارنة بمجموعات المقارنة، وقال روبين موراي استاذ ابحاث الطب النفسي بكينجز كوليدج الذي شارك مكابي في البحث إن نشاط منظومة مادة الدوبامين في المخ قد يمثل أحد التفسيرات لعلاقة السببية المحتملة بين التدخين وانفصام الشخصية.
وقال "زيادة الدوبامين أفضل تفسير بيولوجي لدينا بالنسبة لمرض الذهان، من الممكن ان يكون التعرض للنيكوتين -من خلال زيادة افراز الدوبامين- قد تسبب في ظهور المرض"، وربطت دراسات سابقة -أجرى موراي بعضها- بين المخدرات وانفصام الشخصية لكن الجدل لا يزال يثور بشان وجود علاقة سببية او احتمال وجود جينات مشتركة تجعل الناس عرضة لكل من تعاطي المخدرات والاصابة بالذهان، وقال مكابي إن النتائج الجديدة عن التدخين تشير الى انه "قد يكون الجاني الحقيقي هو التبغ" لان مدمني المخدرات غالبا ما يقرنون بينها وبين التبغ.
الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني
على صعيد اخر أفاد بحث حديث بأن الإقلاع عن التدخين قد يقلل احتمالات الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني على المدى الطويل، وتأتي الدراسة، التي استقت بياناتها من نحو ستة ملايين شخص، لتضيف إلى الأدلة المتزايدة على وجود علاقة بين التدخين ومرض السكري من النوع الثاني، وإذا ثبُت وجود علاقة بالفعل، فإن الجهود المبذولة للحد من التدخين قد يكون لها أثر كبير في التعامل مع مرض السكري على مستوى العالم، حسبما يقول باحثون.
وجمع فريق دولي من الباحثين بيانات من 88 دراسة عن مخاطر التدخين ومرض السكري من النوع الثاني، وخلُص الباحثون إلى أن المدخنين يزيد لديهم احتمال الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني بمقدار 1.4 مرة مقارنة بأقرانهم من غير المدخنين، وبالرغم من أن احتمال الإصابة بمرض السكري زاد بمقدار ضئيل (إلى نحو 1.5 مرة) خلال عدة سنوات من الإقلاع عن التدخين، إلا أن احتمال الإصابة تراجع إلى 1.2 مرة بعد خمس سنوات من الإقلاع.
ولا يُثبت البحث أن التدخين يتسبب على نحو مباشر في الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، لكنه يضيف إلى الأدلة المتزايدة على وجود علاقة بين الاثنين، ويُقدّر خبراء أن 12 في المئة من حالات الإصابة بمرض السكري بين الرجال و2 في المئة بين النساء على مستوى العالم قد تكون بسبب التدخين، إذا ثبُت وجود علاقة سببية بين الاثنين، ونُشرت نتائج البحث الجديد في دورية لانسيت الطبية لمرض السكري والغدد الصماء.
المدخنون بشراهة يكتسبون وزنا بعد اقلاعهم عن هذه العادة
فيما أشارت نتائج دراسة حديثة الى أن من يداومون على التدخين وأولئك الذين أقلعوا عنه سيصابون بزيادة الوزن بمرور الوقت إلا ان من كانوا من المدخنين الشرهين قبل الاقلاع عن هذه العادة سيزيد وزنهم بمعدل أكبر، وقال الباحثون إن من كانوا يدخنون قليلا ومن لم يبدأوا التدخين وهم يعانون من البدانة زادت أوزانهم بدرجة ضئيلة بعد الاقلاع عن التدخين. بحسب رويترز.
وقالت سوزان فيلدهير من كلية طب ولاية بنسلفانيا في هيرشلي في رسالة بالبريد الالكتروني "النيكوتين يزيد من معدلات التمثيل الغذائي وهو يجعل المدخنين فاقدي الشهية للطعام"، وقالت لرويترز هيلث "لذا فعندما يقلع الناس عن التدخين يميلون الى تناول قدر أكبر من الطعام نظرا لزيادة الشهية لديهم فيما يفقدون زيادة التمثيل الغذائي التي كانوا يحصلون عليها اثناء التدخين... وهما عنصران يؤديان الى زيادة الوزن".
وتشير الدراسة بوضوح الى انه كلما زادت كمية تعاطي النيكوتين كلما زاد تأثيره على معدل التمثيل الغذائي والشهية وهو ما يؤدي بدوره الى الكثير من زيادة الوزن عند الاقلاع عن التدخين، وحلل الباحثون بيانات سجلت بين عامي 2003 و2012 وركزوا على رجال في سن 35 عاما فما فوق دونوا اجاباتهم عن أسئلة تتعلق بطول القامة والوزن الحالي والوزن قبل عشر سنوات وموقفهم من التدخين، وتضمنت الدراسة 12204 بالغين منهم 7914 لم يدخنوا قط و3105 لا يزالون يدخنون و1185 أقلعوا عن التدخين خلال فترة عام الى عشر سنوات سابقة.
عقار فايزر للاقلاع عن التدخين
من جانبهم قال علماء ان عقار (تشانتيكس) الذي تنتجه فايزر ويساعد المدخنين على الاقلاع عن هذه العادة لا يرفع مخاطر الاصابة بأمراض القلب ولا يصيب بالاكتئاب خلافا لما أوردته تقارير سابقة ونصحوا باعطائه للمدخنين الذين يودون التخلص من مشاكل التدخين، وخلص باحثون تتبعوا 150 ألف مدخن في انجلترا طوال نصف عام إلا أن المرضى الذين يتناولون العقار تشانتيكس المسجل تجاريا باسم فارينسيلين ويسوق في اوروبا باسم تشامبيكس لا تزيد لديهم مخاطر الاصابة بنوبة قلبية عمن يستخدمون علاج بدائل النيكوتين أو أي عقار آخر يساعد على الإقلاع عن التدخين. بحسب رويترز.
ووصف عزيز شيخ الاستاذ الجامعي والمدير المشارك لمعهد جامعة ادنبره للمعلومات الطبية الدراسة بأنها تحليل مستفيض للمخاطر المحتملة لعقار تشانتيكس وقال انه "غير محتمل تماما ان يكون لعقار فارينسيلين اي آثار سلبية ملموسة على صحة القلب او الصحة النفسية"، وقال "على الجهات المنظمة ومنها الادارة الامريكية للاغذية والادوية ان تعيد النظر في تحذير السلامة الخاص بالفاريسيلين لان هذا قد يقيد دون داع استخدام وسيلة فعالة للاقلاع عن التدخين".
ويقلص عقار تشانتيكس الرغبة في التدخين وأيضا متعة السجائر ويستخدمه الذين يدخنون بشراهة ويجدون صعوبة في الاقلاع عن هذه العادة. وهو من أكثر العقارات المساعدة على الاقلاع عن التدخين مبيعا في الولايات المتحدة وبريطانيا وحقق عائدات بلغت 647 مليون دولار عام 2014.
ووضع المستثمرون آمالا عريضة على العقار منذ ان اطلقته فايزر عام 2006 لكن ما تردد عن الاضطرابات النفسية التي أصابت مستخدميه دفع الإدارة الامريكية للأغذية والأدوية إلى إصدار تحذير بشأنه عام 2009 ووضعته ضمن القائمة السوداء وبعد عامين شددت الادارة من تحذيرها وقالت ان العقار يزيد من مخاطر الازمات القلبية لمن يعانون بالفعل من أمراض القلب.
ونشر البحث الجديد في دورية ذا لانسيت رسبيراتوي مديسين ودرس المرضى الذين عولجوا بعقار فارينسيلين وعقار زيبان الذي يساعد على الاقلاع عن التدخين وهو من انتاج شركة جلاكسو سميثكلاين ومسجل تجاريا باسم بوبروبيون أو الذين يستخدمون بدائل النيكوتين ومنها اللصقات والعلكة.
اضف تعليق