q
يبدو أن معاناة العالم مع جائحة فيروس كورونا المستجد الذي ظهر لأول مرة في مدينة ووهان الصينية في ديسمبر 2019، في طريقها للانحسار بعد الإعلان عن فاعلية أكثر من لقاح جديد قد تسهم في اعادة الحياة الى طبيعتها السابقة، وأعطت بريطانيا التي تعد أول دولة اعطت الضوء الأخضر لاستخدام...

يبدو أن معاناة العالم مع جائحة فيروس كورونا المستجد الذي ظهر لأول مرة في مدينة ووهان الصينية في كانون الأول/ ديسمبر 2019. في طريقها للانحسار بعد الإعلان عن فاعلية أكثر من لقاح جديد قد تسهم في اعادة الحياة الى طبيعتها السابقة، وأعطت بريطانيا التي تعد أول دولة اعطت الضوء الأخضر لاستخدام لقاح فايزر/بايونتيك المضاد لكوفيد-19 ، كما اعلنت البحرين إنها أجازت الاستخدام الطارئ للقاح لتصبح بذلك ثاني بلد يجيز استخدام لقاح "فايزر-بيونتك".

كما اعلنت الحكومة الفرنسية وكما نقلت بعض المصادر، أن حملة التلقيح ستبدأ في يناير/كانون الثاني المقبل للعجزة في دور المسنين، وستتواصل في فبراير/شباط لتشمل الفئات الضعيفة، على أن يتوافر اللقاح الذي سيكون مجاني لجميع فئات المجتمع اعتبارا من الربيع. وفي الولايات المتحدة، قدمت شركتا "فايزر-بيونتك" و"مودرنا" (Moderna) طلبي ترخيص إلى الوكالة الأميركية للأدوية. وفي حال الحصول على ضوء أخضر يمكن أن يتوافر اللقاحان نهاية العام الحالي في هذا البلد.

أما في روسيا، فقد طلب الرئيس فلاديمير بوتين أن تكون التلقيحات "واسعة النطاق" والمجانية متاحة في الايام القلية القادمة. من جانبها، أعلنت كازاخستان أنها ستبدأ إنتاج لقاح "سبوتنيك-في" في 22 من الشهر الجاري؛ من أجل السماح بحملة تلقيح واسعة "اعتبارا من مطلع العام المقبل، مع إعطاء الأولوية للأطباء والمدرسين والقوى الأمنية. وفي إسرائيل، أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو توقيع اتفاقية مع "مودرنا" للحصول على 6 ملايين جرعة.

ويرى بعض المراقبين ان الدول العظمى والغنية ستكون سباقة في الحصول على مثل هكذا لقاحات، خصوصاً وان اغلب تلك الدول قد ابرمت عقود ضخمة لشراء تلك اللقاحات مسبقا. وقد قدرت جامعة ديوك كما نقلت بعض المصادر في وقت سابق، أنه قد تم بالفعل شراء اكثر من 6.4 مليار جرعة من اللقاحات المحتملة، والتي لم تتم الموافقة على استخدامها بشكل رسمي من قبل منظمة الصحة العالمية حتى الآن، وأن هناك 3.2 مليار جرعة أخرى إما قيد التفاوض أو محجوزة كـ "طلبيات اختيارية للصفقات المبرمة".

ووجد بحث جامعة ديوك أن "الغالبية العظمى" من جرعات اللقاح التي تم شراؤها حتى الآن ستذهب إلى البلدان الغنية. وتعد الهند والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وكندا وبريطانيا من بين الدول التي حجزت أكبر عدد من الجرعات، وفقا لأحدث البيانات. كما تمكنت بعض البلدان ذات الدخل المتوسط التي لديها قدرة تصنيعية من التفاوض بشأن اتفاقيات شراء كبيرة كجزء من صفقات التصنيع. في حين أن البلدان الأخرى التي لديها بنية تحتية لاستضافة التجارب السريرية، مثل البرازيل والمكسيك، تمكنت من استخدام ذلك كوسيلة ضغط لضمان الحصول على اللقاحات المستقبلية.

وبحسب بعض الخبراء فان الدول الفقيرة ستبقى بعيدة عن الاضواء، وستعاني لفترة اطول في حربها الصحية ضد هذا الفيروس القاتل، خصوصاً مع قلة الدعم المقدم لتلك الدول والذي اصبح شبه معدوم بسبب الخسائر الكبيرة التي سببها فيروس كورونا المستجد. وقالت منظمة الصحة العالمية "إنه من المفهوم أن القادة يريدون حماية شعوبهم أولا، فهم مسؤولون أمام مواطنيهم، لكن الاستجابة لهذا الوباء العالمي يجب أن تكون جماعية".

كما حذرت منظمة الصحة العالمية من أن تعميم اللقاحات لا يعني اختفاء فيروس كورونا المستجد. وقال مدير عام المنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس إن التقدم الذي تحقق في الآونة الأخيرة في مجال لقاحات الوقاية من كوفيد-19 إيجابي، لكن المنظمة قلقة من أن ذلك قد يؤدي إلى اعتبار أن الجائحة انتهت. وأضاف "التقدم في اللقاحات يعطينا جميعا دفعة، ويمكننا الآن أن نرى النور في نهاية النفق المظلم، لكن منظمة الصحة العالمية قلقة من الاعتقاد المتنامي بأن جائحة كوفيد-19 انتهت".

وأوضح غيبريسوس أن الجائحة لا تزال أمامها طريق طويلة، وأن القرارات التي يتخذها الأفراد والحكومات ستحدد مسارها على المدى القصير، ومتى ستنتهي. وقال المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ الصحية في المنظمة مايك راين إن "اللقاحات لا تعني صفر كوفيد-19″، موضحًا أنها وحدها "لا يمكنها القيام بالعمل المطلوب". وأضاف "أعتقد أننا سنرى انخفاضا كبيرا إذا فعلنا ذلك مع اللقاحات وارتداء الكمامات؛ وستنخفض الأعداد إلى حد كبير".

أول دولة في العالم

وفي هذا الشأن باتت المملكة المتحدة البلد الأول في العالم الذي يمنح الترخيص للقاح الشركة الأميركية فايزر والمختبر الألماني بايونتيك المضاد لكوفيد-19، على أن يصبح متوفراً في الايام القادمة على ما أعلن متحدث باسم الحكومة البريطانية. وقال المتحدّث باسم وزارة الصحة "وافقت الحكومة على توصية الوكالة المستقلة لتنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية، بالتصريح باستخدام لقاح فايزر/بايونتيك المضاد لكوفيد"، مشيراً إلى أن "اللقاح سوف يصبح متوفراَ في كل أنحاء المملكة المتحدة. ورحّب وزير الصحة مات هانكوك بتغريدة بهذه الخطوة قائلاً "المملكة المتحدة أول بلد في العالم سيمتلك لقاحاً معتمداً سريرياً".

وأوضح المتحدث باسم وزارة الصحة أن الضوء الأخضر منح "بعد أشهر من تجارب سريرية دقيقة وتحليل معمق للبيانات من جانب خبراء وكالة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية، الذين استنتجوا أن اللقاح يلبي معاييرهم الصارمة للسلامة والنوعية والفعالية". ورحب رئيس مختبرات فايزر البرت بورلا من جهته في بيان بالسماح باستخدام اللقاح في المملكة المتحدة واصفاً ذلك بأنه "لحظة تاريخية". وأظهرت نتائج تجارب واسعة لهذا اللقاح فعالية بنسبة 95%. وقال هانكوك إن "نظام الرعاية الصحية جاهز للبدء بالتلقيح. وستكون الأولوية في التلقيح لنزلاء دور رعاية المسنين والعاملين في المجال الصحي والمتقدمين في السن وأكثر الأشخاص ضعفاً. بحسب فرانس برس.

من جانب اخر تراجع كبير الخبراء الأميركيين حول الأمراض المعدية أنطوني فاوتشي عن انتقادات وجهها إلى الهيئة البريطانية المنظمة للدواء بعدما قال إنها تسرعت في الموافقة على لقاح مضاد لفيروس كورونا المستجد. وأثار ذلك بعض الشكوك لدى الدول الأوروبية المجاورة وتلميحات بالتسييس. وفاوتشي المعروف عالميا ويترأس المعهد الأميركي الوطني للحساسية والأمراض المعدية قال "لدي ثقة كبيرة بما تفعله المملكة المتحدة علميا ومن وجهة نظر هيئة منظمة".

وأضاف أن "الإجراءات لدينا تستغرق وقتا أطول مقارنة بالمملكة المتحدة. وهذه حقيقة فحسب"، مضيفا "لم أقصد التلميح إلى أي إهمال رغم أنه فُهم كذلك". وكان فاوتشي رأى في وقت سابق أن الوكالة البريطانية الناظمة للدواء والرعاية الصحية تشبه شخصا "التف على سباق الماراثون وانضم في الشوط الأخير (...) وتسرعت في إعطاء تلك الموافقة" على اللقاح. وقارن ذلك بينها وبين إدارة الغذاء والدواء الأميركية التي قال إنها حرصت على تجنب "التسرع" لأنها لا تريد تأجيج الشكوك بشأن اللقاح.

وكان فاوتشي قد قال "في الحقيقة تعرضوا لانتقادات حادة من جانب نظرائهم في الاتحاد الأوروبي الذين كانوا يقولون إنه نوع من التباهي". وجاءت تصريحات فاوتشي الأولى قبيل أول لقاء له مع جو بايدن، والذي جرى حسبما أكد الرئيس المنتخب بعد ظهر مع دخول الولايات المتحدة أسوأ مراحل تفشي الوباء. وكانت مديرة الوكالة البريطانية الناظمة للدواء والرعاية الصحية جون راين أكدت في وقت سابق أن الهية "لم تتسرع" في الموافقة على اللقاح.

كما رد نائب كبير مسؤولي الصحة لانكلترا جوناثان فان-تام على المنتقدين. وقال "إذا كنتَ هيئة منظمة متأخرة بعض الشيء، ماذا تقول لتبرير وضعها المتأخر؟ عبارات كتلك التي سمعناها ربما". ولقيت الوكالة البريطانية الناظمة إشادة أيضا من منصف سلاوي، الرئيس العلمي لعملية "وارب سبيد" التي اعتمدتها إدارة الرئيس دونالد ترامب لدعم تطوير وتوزيع اللقاحات. وقال سلاوي لصحافيين خلال اتصال إن الوكالة البريطانية هي على قدم المساواة مع وكالة الغذاء والدواء الأميركية كأفضل هيئة ناظمة في العالم. واعتبرها "المحرك العلمي" لوكالة الدواء الأوروبية قبل خروج بريطانيا من المنظمة في أعقاب بريكست.

100 مليون جرعة

في السياق ذاته قالت شركة مودرنا الأمريكية لإنتاج اللقاحات، إنها تتوقع أن يتوفر ما بين 100 مليون إلى 125 مليون جرعة من لقاح فيروس كورونا بحلول الربع الأول من عام 2021، مع تخصيص معظم تلك الجرعات للسوق الأمريكية. وتقدمت الشركة بطلب للحصول على ترخيص استخدام طارئ للقاح من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية. ومن المقرر أن يناقش مستشارو الإدارة الطلب في 17 ديسمبر كانون الأول. وقالت الشركة، في بيان: "أعادت شركة موديرنا تأكيد توقعها بتوفير ما يقرب من 20 مليون جرعة في الولايات المتحدة بحلول نهاية عام 2020". إضافة إلى ذلك، تتوقع مودرنا أن يكون لديها ما بين 100 مليون و125 مليون جرعة متاحة عالميًا في الربع الأول من العام المُقبل، منها 85 إلى 100 مليون ستكون متاحة في الولايات المتحدة، و15 إلى 25 مليونًا من تلك المتاحة خارج البلاد.

وتشكل هذه الكميات حوالي ربع الجرعات، ضمن 500 مليون إلى ما يصل إلى مليار جرعة تتوقع الشركة تصنيعها عالميًا في عام 2021. ويتطلب لقاح مودرنا جرعتين لكل شخص، على أن تكون الجرعات متباعدة فترة أربعة أسابيع. وقالت شركة مودرنا إنها تقدمت للحصول على ترخيص أمريكي عاجل للقاحها ضد كوفيد-19 بعدما أظهرت النتائج الكاملة لدراسة في المراحل الأخيرة أنه فعال بنسبة 94.1 بالمئة ولا توجد أية مخاوف على السلامة.

وقالت إدارة الأغذية والعقاقير الأمريكية إن لجنة استشارية ستجتمع لمناقشة الطلب مما يجعل لقاح مودرنا هو اللقاح المرشح الثاني الأكثر فاعلية الذي يحتمل أن يحصل على دعم الإدارة ويحتمل طرحه هذا العام. ومن المقرر أن تراجع لجنة من الخبراء الخارجيين لقاحا طورته شركتا فايزر وبايونتك وثبتت فعاليته بنسبة 95 بالمئة في التجربة الرئيسية. وستتخذ إدارة الأغذية والعقاقير قرارها بشأن الترخيص العاجل بعدما يصدر الاستشاريون توصياتهم.

وأثبت لقاحا مودرنا وفايزر فاعلية أكبر من المتوقع وأعلى كثيرا من نسبة الخمسين بالمئة اللازمة لموافقة إدارة الأغذية والعقاقير الأمريكية. ومن المتوقع أن يكون توزيع لقاح مودرنا أقل تعقيدا من توزيع لقاح فايزر، وقالت مودرنا إن الحالات المصابة بكوفيد-19 البالغ عددها 196 حالة في تجربتها ضمت 33 شخصا تتجاوز أعمارهم 65 عاما و42 متطوعا من جماعات عرقية مختلفة بينهم 29 من أصل لاتيني وستة من السود وأربعة من أصل أسيوي وثلاثة مشاركين متعددي العرقية. بحسب رويترز.

وشهدت المجموعة التي تلقت لقاحا وهميا حالة وفاة واحدة مرتبطة بكوفيد-19 خلال التجربة. وقال زاكس "فرص إصابتك إذا حصلت على اللقاح أقل 20 مرة". وأضاف أن اللقاح تسبب في أعراض تشبه الإنفلونزا بشكل كبير لدى بعض المشاركين، لكن لم ينتج عنه أي مخاوف كبيرة تتعلق بالسلامة. وتعتزم مودرنا بدء تجربة جديدة لاختبار اللقاح على المراهقين قبل نهاية العام تليها تجربة على متطوعين أصغر أوائل 2021. وقال زاكس إن شركته تأمل أن يكون لقاحها متاحا للقاصرين بحلول سبتمبر أيلول المقبل.

ترخيص أوروبي

على صعيد متصل أعلنت شركة "بايونتيك" الألمانية وشريكتها "فايزر" الأميركية تقديم طلب للحصول على ترخيص للقاح كوفيد-19 في الاتحاد الاوروبي، على خطى مجموعة "موديرنا"، في حين تتوقع منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية عودة الاقتصاد العالمي إلى مستويات ما قبل الجائحة بنهاية العام القادم. لكن الأمم المتحدة حذّرت من أن الجائحة ستؤثر سلبا على معيشة ملايين الأشخاص في 2021، مشيرة إلى الحاجة لمساعدات إنسانية تقدر بنحو 35 مليار دولار.

وقالت المجموعتان في بيان إنهما تقدمتا بطلب من الوكالة الأوروبية للأدوية "للحصول على ترخيص مشروط لتسويق" لقاحهما بعد أن أظهرت الاختبارات بانه فعال بنسبة 95% ضد كوفيد-19. وأعلنت وكالة الدواء الأوروبية أنها ستعقد اجتماعا استثنائيا في 29 كانون الأول/ديسمبر "كموعد أقصى" للنظر في موافقة عاجلة لتسويق لقاح ضد كوفيد-19 طورته بايونتيك وفايزر.

وأعلنت شركة "موديرنا" الأميركية التي طورت أيضا لقاحا أنها تسعى للحصول على ترخيص لطرح لقاح كوفيد-19 في الولايات المتحدة وأوروبا. ويستند كل من لقاح موديرنا وفايزر/بايونتيك إلى تكنولوجيا جديدة تحلل الحمض النووي الريبوزي، ويعمل عن طريق حقن جزء من شيفرة الفيروس الجينية في الجسم. ويبدأ اللقاح عندئذ بإنتاج بروتينات فيروسية وليس الفيروس بكامله، وهو أمر يعتبر كافيا لتحفيز جهاز المناعة وإعداده للتعامل مع العدوى. ويمكن تخزين لقاح موديرنا في درجات حرارة تصل إلى 20 درجة مئوية تحت الصفر في حين يستلزم لقاح فايزر تخزينه في درجات حرارة تصل إلى 70 درجة مئوية تحت الصفر.

وتم تطوير اللقاحين بسرعة فائقة في جهود ترمي لوقف تفشي الفيروس الذي أصاب أكثر من 63 مليون شخص في العالم وأدى إلى وفاة أكثر من 1,4 مليون شخص في العالم منذ ظهوره في الصين في كانون الأول/ديسمبر 2019. وأعلنت فايزر وبايونتيك سابقا أنهما تنويان إنتاج 50 مليون جرعة هذا العام وحتى 1,3 مليون جرعة بحلول نهاية 2021. وأعطى الأمل باللقاح بعض الدفع للاقتصاد.

وقدّرت منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية في توقعاتها الأخيرة تراجع الناتج العالمي بنسبة 4,2 بالمئة بسبب أشهر من الإغلاق نجح في الحد من تفشي الفيروس لكنه أوقف عجلة الاقتصاد العالمي. وتوقعت عودة الاقتصاد العالمي لتسجيل نمو بنسبة 4,2 بالمئة بنهاية 2021. وسيكون النمو متفاوتا في العالم في العام 2021، مع تقدم الصين والهند في حين ستسجل كل من الولايات المتحدة ومنطقة اليورو واليابان تحسنا بسيطا.

وقالت كبيرة الخبراء الاقتصاديين في المنظمة لورنس بون في تقديمها لتقرير المنظمة حول آفاق الاقتصاد العالمي "للمرة الأولى منذ تفشي الجائحة، هناك أمل بمستقبل أكثر إشراقا". وأضافت "التقدم المحرز مع اللقاحات والعلاج أدى الى رفع التوقعات وانحسار الإرباك"، مضيفة "الطريق أمامنا أكثر إشراقا، لكنه صعب".

ملايين الفقراء

استطاع برنامج كوفاكس، الذي تقوده منظمة الصحة العالمية ومجموعة جافي للقاحات التي تهدف لتجميع الأموال من الدول الغنية والمنظمات غير الهادفة للربح لشراء اللقاحات وتوزيعها على عشرات الدول الفقيرة، جمع ملياري دولار. والهدف الأول للبرنامج هو تحصين ثلاثة في المئة من الناس في تلك الدول على أن ترتفع النسبة في النهاية إلى 20 في المئة. وقد وقع البرنامج اتفاقا مبدئيا لشراء لقاح أسترازينيكا الذي لا يتطلب التخزين في أجهزة خاصة شديدة التبريد مثل لقاح فايزر.

ومن المتوقع أن تحصل الدول الأقل ثراء في أفريقيا وجنوب شرق آسيا مثل الهند على اللقاح بأسعار مخفضة أو مجانا بموجب هذا البرنامج في 2021 وإن لم يكن هذا الأمر مؤكدا. وربما تشتري دول أخرى مثل دول أمريكا اللاتينية اللقاح عبر كوفاكس. وتعمل عدة دول أيضا على إبرام اتفاقات مع شركات الأدوية. وتفاوضت الشركات المصنعة للقاح على أسعار متفاوتة لم يتم الإفصاح عنها كلها. وقد دفعت حكومات مبالغ تتراوح بين بضعة دولارات للجرعة من لقاح أسترازينيكا و50 دولارا للقاح فايزر المكون من جرعتين. وقالت دول كثيرة إنها ستغطي تكاليف تحصين سكانها.

وفي وقت سابق شركة الأدوية "أسترازينيكا" بتزويد مئات الملايين من الجرعات إلى البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، وتقديم اللقاح بشكل غير هادف للربح إلى تلك الدول. ويتميز اللقاح الذي تم تطويره في جامعة "أكسفورد" بإنجلترا بكونه أرخص بكثير من اللقاحات الأخرى. والأهم من ذلك، سيكون نقله وتوزيعه في البلدان النامية أسهل بكثير مقارنةً بمنافسيه، لأنه لا يحتاج إلى التخزين في درجات حرارة منخفضة.

ويمكن الاحتفاظ بلقاح "أكسفورد-أسترازينيكا" في درجة حرارة تتراوح من 2 إلى 8 درجة مئوية لمدة 6 أشهر على الأقل. وأما لقاح "مودرنا"، فيجب تخزينه في 20 درجة مئوية تحت الصفر، أو في درجات حرارة الثلاجات لمدة تصل إلى 30 يوماً، ويجب تخزين لقاح "فايزر-بيو إن تك" في درجة حرارة 75 درجة مئوية تحت الصفر، ويجب استخدامه في غضون 5 أيام بمجرد وضعه في الثلاجة.

وقالت رئيسة قسم وبائيات الأمراض المعدية في "إمبريال كوليدج لندن"، أزرا غاني: "تتطلب شركتا فايزر ومودرنا التخزين المبرد، وهذا غير متوفر في العديد من الأماكن". وتعتمد اللقاحات على تقنيات مختلفة، ويستخدم لقاح "أسترازينيكا" فيروسات غدية لنقل الأجزاء الجينية من فيروس كورونا إلى الجسم، مثل لقاح "جونسون أند جونسون"، و"سبوتنيك-V" الروسي. وأما "مودرنا" و"فايزر"، فهما يستخدمان قطعاً من مادة وراثية تُدعى "mRNA" لتحفيز الجسم على صنع قطع اصطناعية من فيروس كورونا، وتحفيز الاستجابة المناعية.

وتعهدت "أسترازينيكا" بتقديم 300 مليون جرعة من لقاحها إلى "COVAX"، وهي شراكة بين تحالف اللقاحات "GAVI"، ومنظمة الصحة العالمية، والتحالف من أجل ابتكارات التأهب للأوبئة "CEPI" لضمان التوزيع العادل إلى 92 دولة نامية. وستكون مبادرة "COVAX" حاسمة في إيصال اللقاح إلى البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، وتهدف المبادرة إلى توفير ملياري جرعة بحلول نهاية عام 2021 لحماية الفئات المعرضة للخطر في جميع أنحاء العالم، وتوفير جرعات كافية لتغطية 20% من سكان تلك البلدان في النهاية.

ولكن غاني حذرت من أن نسبة 20% لا تزال أبعد مما يكون من النسبة المثالية اللازمة لتحقيق مناعة القطيع، أي 70%. وأكدت غاني أنه من الضروري للجميع أن يتم تطعيم سكان العالم، وذلك بهدف القدرة على السفر والتنقل عبر الحدود. وقد يستغرق طرح اللقاح في العالم حتى عام 2023، وفقًا للنماذج الحالية، ناهيك عن الحاجة المحتملة لجرعات معززة.

كما أطلقت الأمم المتحدة نداء إنسانياً لجمع مساعدات بقيمة قياسية تصل إلى 35 مليار دولار للعام 2021، وذلك للتصدي لتداعيات جائحة كوفيد-19 التي أغرقت مئات ملايين الأشخاص في الفقر. وسيرتفع عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى مساعدة إنسانية في العالم عام 2021 إلى عدد قياسي جديد ليبلغ 235 مليون شخص أي سيزيد بنسبة 40 بالمئة مقارنة بعام 2020، وفق خطط الاستجابة الإنسانية التي تنسّقها الأمم المتحدة.

وتهدف الأموال التي تطلبها الأمم المتحدة وشركاؤها إلى مساعدة حوالى 160 مليون شخص (من أصل 325 مليون) في 46 دولة، هم الأكثر ضعفاً يواجهون الجوع والنزاعات والنزوح وتداعيات التغيّر المناخي والوباء. وقال مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية والإغاثة مارك لوكوك في مؤتمر صحافي إن"الزيادة ناجمة كلها تقريباً عن كوفيد-19". وأضاف "الصورة التي نعرضها هي الأكثر كآبة وقتامة على الإطلاق حول الاحتياجات الانسانية في الفترة القادمة". وحذّرت الأمم المتحدة من أن "مجاعات عدة تلوح في الأفق".

وبحلول نهاية العام 2020، قد يعاني 270 مليون شخص من انعدام حاد للأمن غذائي، أي 82% أكثر من فترة ما قبل الجائحة. وأكد لوكوك أن شعوب اليمن وبوركينا فاسو وجنوب السودان وشمال شرق نيجيريا على حافة المجاعة، فيما يحتمل أن يكون سكان دول ومناطق أخرى على غرار أفغانستان ومنطقة الساحل في وضع هش للغاية. وقال "إذا تمكننا من تجاوز العام 2021 من دون مجاعة كبيرة، فهذا سيكون انجازاً هائلاً". بحسب رويترز.

ويظهر نداء الأمم المتحدة أن سوريا واليمن المدمرين بسبب الحرب، هما على رأس قائمة الدول الأكثر حاجة إلى مساعدة إنسانية. وتطلب الأمم المتحدة قرابة ستة مليارات دولار لمساعدة ملايين السوريين في بلدهم وفي العالم وقرابة 3,5 مليار دولار لدعم حوالى عشرين مليون شخص في اليمن معرضين إلى أخطر أزمة إنسانية في العالم. وقدمت الجهات المانحة الدولية تمويلاً قياسياً بأكثر من 17 مليار دولار للاستجابة الإنسانية الجماعية هذه السنة، من أصل 29 مليار طلبتها الأمم المتحدة في كانون الأول/ديسمبر الماضي.

اضف تعليق