تتواصل الدراسات والبحوث التي يقوم بها العلماء والباحثين والاطباء من اجل التعرف على خصائص وقدرات هذا الفيروس القاتل والوصول الى اكتشاف ادوية او لقاحات فعالة قد تسهم بإنقاذ الملايين من البشر، وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإن فيروس كورونا المستجد فيروس حيواني المصدر، أي إنه ينتقل للإنسان من ...
مع استمرار فيروس كورونا المستجد (كوفيد19)، الذي اصاب أكثر من سبعة ملايين واودى بحياة 400 ألف انسان في مختلف دول العالم، والذي اجبر الكثير من الدول والحكومات على التباع اجراءات وقائية متشددة تسببت بالكثير من الخسائر الاقتصادية واوقفت الحياة العامة بشكل تام، تتواصل الدراسات والبحوث التي يقوم بها العلماء والباحثين والاطباء من اجل التعرف على خصائص وقدرات هذا الفيروس القاتل والوصول الى اكتشاف ادوية او لقاحات فعالة قد تسهم بإنقاذ الملايين من البشر.
وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإن فيروس كورونا المستجد فيروس حيواني المصدر، أي إنه ينتقل للإنسان من مخالطة الحيوانات المصابة به. بالرغم من ذلك يعتقد البعض أن الفيروس تم تطويره في معامل. لاختبار هذه الفرضية، قام فريق من العلماء في ولاية كاليفورنيا الأمريكية بدراسة المادة الوراثية للفيروس الجديد، وبحسب بحث نشروه في مجلة "Nature Medicine" العلمية حلل العلماء فيروس كورونا المستجد بالإضافة لأربعة فيروسات أخرى من عائلة كورونا، منها سارس "المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة" وميرس "متلازمة الشرق الأوسط التنفسية".
واكتشف العلماء اختلافين رئيسيين بين فيروس كورونا المستجد وسابقيه، أولهما اختلاف نسبة البروتين التي تربطه بالخلية المُضيفة، وثانيهما اختلاف الأحماض الأمينية التي تغطي غلاف هذا الفيروس عن الفيروسات الأخرى. ولسوء الحظ فان هذه الاختلافات تجعل فيروس كورونا المستجد يرتبط بشكل أسهل مع الخلايا البشرية. كما أشار العلماء إلى أن البنية الأساسية لفيروس كورونا المستجد يماثل الفيروسات التي تم اكتشافها في الخفافيش وحيوان آكل النمل فقط، مما يشير إلى عدم تصنيع الفيروس في مختبرات ولكن انتقاله عن طريق الحيوانات.
يرجح العلماء مجموعة من السناريوهات المحتملة، حيث تعتمد بعضها على فرضية نشأة الفيروس عند الخفافيش ثم انتقاله منها إلى حيوانات أخرى مثل حيوان "آكل النمل" ومنه إلى الإنسان. اي أن الفيروس المستجد تحول لشكله الحالي عند الحيوان الوسيط، حيوان آكل النمل، قبل انتقاله للإنسان. أما السيناريو اخر فيقول إن الفيروس تحول لشكله الحالي بعد وصوله لجسم الإنسان وظل يتطور حتى أصبح قابلاً للانتقال من إنسان إلى أخر.
وفحص العينات التي أُخذت من المصابين في مدينة ووهان الصينية في ديسمبر/ كانون الأول 2019، قبل تحول الفيروس إلى جائحة. وقد يساعد ذلك العلماء على فهم الفيروس بطريقة أفضل وبالتالي اكتشاف طرق لمقاومته. وأعلنت شركة "ديكود" للأدوية البيولوجية عن اكتشفها 40 طفرة جينية في فيروس كورونا في أيسلندا. وقامت الشركة بمساعدة السلطات الأيسلندية في إجراء فحوص كوفيد- 19 وتمكنت من تتبع العدوى في العديد من البلدان، بينها النمسا وإيطاليا وإنجلترا.
اللغز الجيني
وفي هذا الشأن يحاول باحثون بريطانيون دراسة جينات آلاف المرضى بكوفيد-19 من أجل حل أحد الألغاز المحيرة للمرض الناجم عن الإصابة بفيروس كورونا المستجد.. وهو لماذا يقتل البعض ويترك آخرين دون حتى أن يصيبهم بصداع خفيف؟ وسيقوم باحثون من مختلف أرجاء بريطانيا بتتبع تسلسل الشفرة الجينية لمرضى كوفيد-19 الذين دخلوا في حالات حرجة ومقارنتها بالجينوم (الشريط الوراثي) للذين أصيبوا بالمرض وظهرت عليهم أعراض بسيطة أو لم تظهر أعراض على الإطلاق.
وستشمل الدراسة، التي تبحث عن جينات وراثية معينة ربما تتسبب في تدهور الحالة الصحية لمرضى كوفيد-19، ما يصل إلى 20 ألف شخص يعالجون في الوقت الراهن أو تلقوا العلاج من كوفيد-19 في وحدات العناية المركزة ونحو 15 ألفا لم تظهر عليهم سوى أعراض بسيطة. ويحذر العلماء من أن المعلومات المتوفرة لديهم عن الفيروس الذي ظهر في الصين العام الماضي ما زالت محدودة لكنهم يقولون إن من المذهل كيف يكون المرض قاتلا للبعض ولا يصيب البعض الآخر سوى بأعراض طفيفة. ولم يتضح بعد سبب ذلك.
وقال كينيث بيلي طبيب العناية المركزة الذي يقود الدراسة بجامعة ادنبره ”نعتقد أن مؤشرات ستظهر في الشريط الوراثي وستساعدنا على فهم كيف يقتل هذا المرض مصابين“. وأضاف ”أراهن على أن هناك مكونا جينيا قويا يتعلق بمدى خطورة المرض على المرء“. ودعا وزير الصحة مات هانكوك الناس للدخول في برنامج البحث وقال ”إذا طُلب منكم التوقيع على المشاركة في التجارب الجينية التي تجريها جينوميكس إنجلند فافعلوا ذلك رجاء، لأنه سيمكننا من فهم الروابط الجينية وهو جزء من بناء صورة علمية للفيروس“. وسيعمل بيلي مع وحدات العناية المركزة في مختلف أرجاء البلاد ومع شركة جينوميكس إنجلند وكونسورتيوم دولي للأبحاث الجينية يُعرف باسم جينوميك.
من جانب اخر قال طبيب صيني بارز إن فيروس كورونا المستجد يتصرف بطريقة مختلفة لدى المرضى في شمال شرق الصين الذين أصيبوا بالعدوى مؤخرا مقارنة بالحالات السابقة مما يشير إلى أنه يتغير في ظل انتشاره. ورصدت الصين، التي سيطرت إلى حد بعيد على انتشار الفيروس، مجموعات جديدة من حالات العدوى في إقليمي جيلين وهيلونغجيانغ الحدوديين بشمال شرق البلاد مما أثار مخاوف من تعرض البلاد لموجة ثانية من التفشي.
وقال تشيو هايبو الخبير في طب رعاية الحالات الحرجة والعضو في فريق خبراء تابع للجنة الصحة الوطنية، إن فترة حضانة الفيروس في المرضى المقيمين في شمال شرق البلاد أطول مقارنة بالمرضى في مدينة ووهان بوسط الصين التي شهدت أواخر العام الماضي أول ظهور للفيروس. وأضاف تشيو ”يسبب هذا مشكلة لأنهم لا يعانون أي أعراض. لذا عندما يجتمعون مع أسرهم لا يتوخون الحذر ونشهد مجموعات من حالات العدوى في الأسر“. بحسب رويترز.
وتابع قائلا إن المرضى في المجموعات المصابة في شمال شرق البلاد يظلون حاملين للفيروس لمدة أطول من الحالات السابقة المسجلة في ووهان، كما يستغرق تعافيهم وقتا أطول. وأضاف أن مرضى الشمال الشرقي لا يعانون الحمى إلا نادرا وغالبا ما يصابون بأضرار في الرئتين وليس في العديد من أعضاء الجسم. وأشار إلى أن الفيروس الذي تم رصده في مجموعات الإصابة بشمال شرق البلاد جاء من خارج البلاد على الأرجح وهو ما قد يكون سبب الاختلافات.
اعراض بسيطة
في السياق ذاته كشفت إحصائيات المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها أن حوالي ثلث مرضى فيروس كورونا لا تظهر عليهم أعراض، كما أنه على أفضل تقدير، فإن نسبة 0.4% من المصابين بفيروس كورونا وتظهر عليهم الأعراض، ستتسبب حالتهم بالوفاة. كما تُقدّر مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها أن نسبة 40% من انتقال عدوى فيروس كورونا المستجد تحدث قبل ظهور أعراض المرض على الشخص المصاب.
وأوضحت المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها أن هذه الأرقام عرضة للتغيير، بينما يتم معرفة المزيد حول مرض فيروس كورونا، وحذرت من أن هذه المعلومات مخصصة لأغراض التخطيط للإجراءات المتعلقة بالصحة العامة. ومع ذلك، فإن تقديراتها تستند إلى بيانات حقيقية جُمعت قبل 29 أبريل/نيسان الماضي. وتعد هذه الأرقام جزء من خمسة سيناريوهات للتخطيط "يتم استخدامها من قبل النماذج الحسابية في جميع أنحاء الحكومة الفيدرالية"، وتمثل أربعة من تلك السيناريوهات "الحدود الأدنى والأعلى لمقياس شدة المرض ومدى انتقال الفيروس"، وفقاً لمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها. وبالنسبة للأشخاص الذين يبلغون من العمر 65 عاماً وأكثر، فإن مراكز السيطرة على الأمراض تقدر ارتفاع النسبة إلى 1.3%. أما بالنسبة للأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 49 عامًا وأقل، فتقدّر مراكز السيطرة على الأمراض أن نسبة 0.05% من الأشخاص المصابين بفيروس كورونا، وتظهر عليهم الأعراض، ستؤدي حالتهم إلى الوفاة.
وتحت أشد السيناريوهات الخمسة، فإن معدل وفاة الحالات التي تظهر عليها الأعراض هو 0.01، ما يعني أن نسبة 1% من الأشخاص المصابين بفيروس كورونا وتظهر عليهم الأعراض سيموتون. أما في السيناريو الأقل حدة، تُقدّر مراكز السيطرة على الأمراض النسبة بـ 0.2%. وسرعان ما عارض أحد الخبراء تقديرات مراكز السيطرة على الأمراض، إذ قال عالم الأحياء بجامعة واشنطن، كارل بيرغستروم إنه في حين أن "غالبية هذه الأرقام معقولة، فإن معدلات الوفيات منخفضة للغاية". وأوضح بيرغستروم، وهو خبير في النمذجة والمحاكاة الحاسوبية، أن الأرقام تبدو غير متناسقة مع النتائج الواقعية.
وقال بيرغستروم: "تقديرات الأعداد المصابة في مناطق مثل مدينة نيويورك بعيدة كل البعد عن هذه التقديرات. ودعونا نتذكر أن عدد الوفيات في مدينة نيويورك الآن أكبر بكثير مما نتوقعه إذا أصيب جميع البالغين والأطفال في المدينة بفيروس شبيه بالإنفلونزا. وهذه ليست الإنفلونزا، إنه فيروس كورونا". وعن أرقام مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها، يرى بيرغستروم أن "أفضل تقدير" يعد متفائلاً للغاية، بينما سيناريو" أسوأ الإحتمالات"متفائل إلى حد ما حتى كأفضل تقدير. ومن المؤكد أن المرء يريد النظر في سيناريوهاتٍ أسوأ".
ومن خلال تقديمها كمعايير رسمية لجهود النمذجة، تؤثر أرقام مراكز السيطرة على الأمراض على النماذج التي تنتجها الوكالات الفيدرالية، وسيكون لها تأثير على الخطاب العلمي الأوسع لأنه سيكون هناك بعض الضغط لاستخدام تلك المعايير في أوراق النمذجة للمضي قدماً، وبالنظر إلى أن هذه المعايير تضع تقديراً أقل للوفيات بهامش كبير مقارنة بالإجماع العلمي الحالي، فإن هذا يشكل مُعضلة، وفقاً لما ذكره بيرغستروم. وبهذا الصدد، تقول مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها: "تهدف السيناريوهات إلى تعزيز الإستعداد والتخطيط لإجراءات الصحة العامة. فهي ليست تنبؤات أو تقديرات للتأثير المتوقع لفيروس كورونا".
كما توضح مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها أن الأرقام "لا تعكس تأثير أي تغييرات سلوكية، أو التباعد الاجتماعي، أو تدخلات أخرى"، والتي قد تتصل ببعض التقديرات. ومع ذلك، فإن مراكز السيطرة على الأمراض تصف الأرقام بأنها تقديرات أولية من الوكالات الفيدرالية، و"المصممة للمساعدة في الإبلاغ عن القرارات التي يتخذها مسؤولو الصحة العامة الذين يستخدمون النمذجة الحسابية". بحسب ـ CNN.
ووفقاً لسيناريو "أفضل تقدير"، تشير التقديرات إلى أن 3.4% من الأشخاص المصابين بفيروس كورونا وتظهر عليهم الأعراض سيحتاجون إلى دخول المستشفى، مع ارتفاع هذا الرقم إلى نسبة 7.4% لدى الأشخاص الذين يبلغون من العمر 65 عاماً وأكثر. كما تفترض مراكز السيطرة على الأمراض أن الأشخاص المصابين ولا تظهر عليهم أعراض يمكنهم نقل العدوى تماماً مثل أولئك الذين تظهر عليهم الأعراض.
الرجال أكثر عرضة للإصابة
من جهة اخرى قد تساعد دراسة أجريت في 11 بلدا أوروبيا على تفسير تقارير تفيد بأن الرجال أكثر عرضة على ما يبدو من النساء لهجوم فيروس كورونا المستجد وأنه يكون أشرس لديهم بكثير. ووجد الباحثون أن الرجال لديهم مستويات أكبر في الدم من الإنزيم الذي يساعد الفيروس على إصابة الخلايا. ووجد الباحثون في ورقة نشرت في المجلة الأوروبية للقلب أن المستويات الأعلى من الإنزيم-2 المحول للأنجيوتنسين (إيه.سي.إي2) في دم الرجال قد تعني أن أعضاءهم لديها ”مستقبلات“ أكبر لهذا الإنزيم الذي يستخدمه الفيروس لدخول الخلايا.
وشملت دراستهم أكثر من ألفي رجل وامرأة يعانون من قصور في القلب لكن دون إصابة بفيروس كورونا، وكثير منهم يأخذون أدوية شائعة لضغط الدم تمنع تأثير هذا الإنزيم. ويؤكد الباحثون أن المشاركين في الدراسة الذين كانوا يتلقون هذه الأدوية لم تكن لديهم مستويات أكبر من الإنزيم، الأمر الذي يضيف إلى الأدلة على أن الأدوية لا تزيد خطر الإصابة بفيروس كورونا.
الى جانب ذلك أفادت دراسة أولية في بريطانيا أن النساء الحوامل لسن أكثر عرضة من غيرهن بالإصابة بأعراض شديدة من أعراض مرض كوفيد-19، غير أنه إذا حدث وأصيبت حوامل بأعراض خطيرة فإن ذلك يكون عادة في المراحل الأخيرة من الحمل. ووجدت الدراسة التي نشرت على موقع ميداركايف الإلكتروني لكنها لم تراجع بعد، أن أقل من 0.5 بالمئة من كل الحوامل تلقين علاجا من كوفيد-19 في المستشفى وأن عشرة بالمئة فقط منهن كن بحاجة لرعاية مركزة. ووجدت الدراسة أيضا أن معظم الحوامل اللاتي دخلن المستشفى تخطين الشهر السادس من الحمل. بحسب رويترز.
ووجدت دراسة أخرى من السويد أن الحوامل هناك يواجهن مخاطر أكبر فيما يبدو. فقد أظهرت بيانات من السجل الوطني السويدي نشرت في مجلة سويدية طبية أن عدد الحوامل المصابات بالفيروس اللاتي يحتجن إلى رعاية مركزة يزيد خمس مرات عن عدد المصابات غير الحوامل ممن هن في نفس العمر. كما أظهرت أن عدد الحوامل المصابات اللاتي يحتجن إلى تنفس صناعي يزيد أربع مرات عن المصابات غير الحوامل. ويقول معدو الدراسة في مقال مصاحب ”استنادا إلى البيانات المتاحة... فإنه لا ينبغي التقليل من خطر الإصابة بمرض كوفيد-19 في الحمل... ويجب نصح النساء باتخاذ التدابير اللازمة لتجنب الإصابة أثناء الحمل“.
على صعيد متصل أظهرت دراسة رسمية أن السود والآسيويين في إنجلترا الأكثر عرضة للوفاة بنسبة تصل إلى 50 في المئة إذا أصيبوا بمرض كوفيد-19، مما يعزز تقارير سابقة أشارت إلى أن الأقليات العرقية في وضع أشد خطورة. وأظهر التقرير الذي أعدته إدارة الصحة العامة في إنجلترا لبحث الفوارق في كيفية تأثير المرض على القطاعات المختلفة من الناس أن هناك اختلافا واضحا في تأثيره على الأقليات العرقية وأكد أن أعداد الوفيات بين كبار السن أعلى بكثير.
ويجيء التقرير في وقت أبرز فيه مسؤول بمكتب حقوق الإنسان في الأمم المتحدة ”الأثر المدمر“ للمرض على تلك الفئات في بريطانيا وغيرها من الدول. وورد في تقرير إدارة الصحة العامة في إنجلترا ”معدلات الوفاة من كوفيد-19 أعلى بين المجموعات العرقية السوداء والآسيوية مقارنة بالمجموعات العرقية البيضاء“. وقال إن العرقيات الوافدة من بنجلادش أكثر عرضة للوفاة من البريطانيين البيض بواقع الضعف تقريبا.
وذكرت الدراسة أن ذوي الأصول الصينية والهندية والباكستانية وغيرهم من العرقيات الآسيوية وكذلك الوافدين من منطقة الكاريبي أو غيرهم من ذوي البشرة السمراء أكثر عرضة للوفاة من المجموعات البريطانية البيضاء بنسبة بين 10 و50 في المئة. وتتوافق نتائج الدراسة مع تقرير بثه مكتب الإحصاءات الوطني ومع تقارير أخرى من فنلندا والولايات المتحدة. وقالت إدارة الصحة العامة في إنجلترا إن الفارق الأكبر في معدلات الوفاة كان بين الفئات العمرية، إذ أن مصابي الفيروس ممن تجاوزوا الثمانين عاما أكثر عرضة 70 مرة للوفاة ممن هم دون الأربعين. كما أن الرجال أكثر عرضة للوفاة من النساء، ومعدلات الوفاة أعلى كذلك في المناطق الفقيرة.
التأثير على الدماغ
من جهة اخرى يقاتل الأطباء من أجل إنقاذ مرضى فيروس كورونا "كوفيد-19" المهددين بأعراض ضيق التنفس، ولكن هناك خطر جديد يهدد أدمغة مرضى فيروس كورونا المستجد. ورغم أن مرض "كوفيد-19" يُعرف بإتلاف الرئتين، إلا أنه يزيد كذلك من خطر إتلاف الدماغ بطرق مختلفة مهددة للحياة، من بينها الارتباك العقلي والهلوسة، والنوبات والغيبوبة، والسكتة الدماغية، والشلل.
وقد يغزو الفيروس الدماغ ويحرمه من الأكسجين عن طريق إتلاف الرئتين. ومن أجل محاربة العدوى، فإن الجهاز المناعي يخرج عن السيطرة، ويهاجم الدماغ والأعضاء الأخرى التي يحميها عادةً، وهي حالة تعرف باسم"عاصفة السيتوكين". وقد حدّت جائحة كورونا بشدة من قدرة الأطباء والممرضات على وقاية المرضى من المضاعفات العصبية وعلاجها. وأجبرت شدة المرض والخطر المتزايد للعدوى الفرق الطبية على التخلي عن العديد من الممارسات التي تساعدهم على حماية المرضى من الهذيان، وهو أحد الآثار الجانبية الشائعة لأجهزة التنفس ووحدات العناية المركزة.
وعندما يشتبه الأطباء في تشخيص السكتة الدماغية، يطلبون عادةً إجراء التصوير بالرنين المغناطيسي للدماغ، والذي يعد نوعاً معقداً من الفحص. وأشار الدكتور كيفين شيث، أستاذ علم الأعصاب وجراحة الأعصاب في كلية الطب بجامعة ييل، إلى أن العديد من مرضى "كوفيد-19" الذين تم إدخالهم إلى المستشفى حالتهم خطيرة أو غير مستقرة، بحيث لا يمكن نقلهم عبر المستشفى لإجراء الفحص. كما يتردد العديد من الأطباء في طلب التصوير بالرنين المغناطيسي من مرضى "كوفيد-19" خوفاً من انتقال العدوى وإصابة المرضى الآخرين وأعضاء الطاقم الطبي.
وقالت الدكتورة شيري تشو، الأستاذة المساعدة في طب الرعاية الحرجة، وأمراض الأعصاب وجراحة الأعصاب في كلية الطب بجامعة بيتسبرغ إن "أيدينا مقيدة أكثر بكثير مما كانت عليه قبل الجائحة". وفي الكثير من الحالات، لا يستطيع الأطباء حتى فحص ردود أفعال المرضى بسبب تأثرهم بالتخدير بشدة. وأوضح شيث: "قد لا نعرف ما إذا كانوا قد أصيبوا بجلطة دماغية".
ووجدت دراسة من مدينة ووهان في الصين، حيث تم الكشف عن الحالات الأولى لمرض "كوفيد-19"، أن 36% من المرضى يعانون من أعراض عصبية، بما في ذلك الصداع والتغيرات في الإدراك، والسكتات الدماغية، ونقص التنسيق العضلي. ولاحظت دراسة فرنسية أصغر مثل هذه الأعراض لدى نسبة 84% من المرضى، والتي استمر العديد منها بعد مغادرة المستشفى. وتحاول بعض المستشفيات التغلب على هذه المشاكل باستخدام تقنية جديدة لمراقبة وتصوير الدماغ.
وقال الدكتور ريتشارد تيميس، مدير نظام الرعاية الصحية العصبية في النظام الصحي في نيويورك، إن مستشفيات نورثويل هيلث في نيويورك تستخدم جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي المحمول لمرضى "كوفيد-19". ويستخدم الماسح مجالاً مغناطيساً منخفضاً، بحيث يمكن نقله إلى غرف المستشفى وتصوير الدماغ أثناء نوم المرضى. كما أشار تيميس إلى أن العاملين في مستشفيات نورثويل يشعرون بالقلق أيضاً من خطر الإصابة بالعدوى بسبب إجراء التخطيط الكهربائي للدماغ، أي الاختبارات التي تقيس النشاط الكهربائي للدماغ وتساعد في تشخيص النوبات. إذ عادةً ما يتطلب ذلك بقاء العاملين بالرعاية الطبية مدة تتراوح 30 إلى 40 دقيقة في اتصال وثيق مع المرضى من أجل وضع الأقطاب الكهربائية.
وقال تشو، الذي يقود دراسة دولية عن التأثيرات العصبية لفيروس كورونا إنه في الوقت الحالي، لا نعرف ما يكفي عن تأثير "كوفيد-19" على الدماغ والجهاز العصبي، مضيفاً أنه "حتى نتمكن من الإجابة على بعض الأسئلة الأساسية، سيكون من السابق لأوانه تخمين العلاجات". وللحد من خطر الإصابة بالعدوى، تستخدم مستشفيات نورثويل عُصابة رأس مغطاة بأقطاب كهربائية، والتي يمكن وضعها على المرضى في غضون دقيقتين فقط، على حد قول تشو. وأوضحت لينا الحارثي، الأستاذة ورئيسة قسم الجراثيم في كلية طب روش بمدينة شيكاغو، إنه يصعب الإجابة على هذه الأسئلة بسبب البيانات المحدودة من تشريح المرضى.
ويرى الدكتور روبرت ستيفنز، الأستاذ المساعد في التخدير وطب الرعاية الحرجة بجامعة جونز هوبكنز، أن بعض أشهر أعراض "كوفيد-19" قد تكون ناجمة عن غزو الفيروس للدماغ. وأكتشف مؤلفو دراسة حديثة من ألمانيا وجود فيروس كورونا المستجد في أدمغة المرضى. وتظهر الأبحاث أن فيروس كورونا قد يدخل إلى الخلايا باستخدام جين مستقبل يسمى "ACE-2"، وهذه المستقبلات لاتوجد في الرئة وحسب، بل في الأعضاء الأخرى، بما في ذلك أجزاء كثيرة من الدماغ. كما أفاد باحثون يابانيون خلال دراسة حديثة عن اكتشاف فيروس كورونا المستجد في السائل النخاعي الذي يحيط بالدماغ والنخاع الشوكي.
اضف تعليق