أوقع فيروس كورونا سكان العالم في حالة من عدم اليقين، فسيل الأخبار المتدفق أصابهم بالقلق المستمر، مما يؤثر سلباً على صحتهم النفسية والعقلية، وخاصة أولئك الذين يعانون مسبقاً من حالات القلق والوسواس القهري، فكيف نحمي صحتنا النفسية؟ في هذا التقرير رصد لكم اهم النصائح المتعلقة بصحتكم النفسية...
متى يصبح الحذر رد فعل مبالغ فيه؟ ومتى يتخطى البقاء على اطلاع الحدود؟، الخبر السار هو أن هناك حلاً وسطاً بين تجاهل أكبر قصة في العالم عن عمد الآن، والذهاب إلى حالة من الذعر الكامل.
فيروس كورونا! نعم، إنها حالة خطيرة، وتستحق اليقظة والاهتمام، لكن تدفق المعلومات والاحتياطات والتحذيرات، سواء كانت مباشرة من مراكز السيطرة على الأمراض أو بعض المنشورات المعاد تدويرها، المشكوك في مصدرها على "فيسبوك"، يمكن أن يكون لها تأثير حقيقي على صحتك النفسية.
السبب الأهم الانغلاق القسري بين جدران البيت لعدة أيام أو أسابيع نتيجة للحجر الصحي المفروض في عدة بلدان عبر العالم في خطوة لاحتواء تفشي فيروس كورونا، هو أمر غير اعتيادي بالنسبة لعامة الناس إلا في الظروف الاستثنائية، وهو ما يتسبب في الكثير من الحالات بآثار نفسية وخيمة، تقتضي المتابعة والعلاج لدى المختصين.
وليست هناك حلول سحرية لتجاوز الوقوع في مشاكل نفسية أو التصادم مع المحيط العائلي، كما يحاول أن يشرح لنا الأخصائي المغربي. فالأمر مرتبط باجتهاد الأولياء في إيجاد أنشطة يمكن أن تشغل جزءا مهما من الوقت "الطويل" خلال العزل الصحي، حيث من المفروض أن تكون لهم "رؤية استباقية" لما يمكن أن تؤول إليه الأمور في حال الاستمرار في الحجر الصحي دون منهجية واقية من الوقوع في مخاطر نفسية واجتماعية.
ولطريقة تدبير وقت الحجر الصحي في المنازل أهميتها في تجنب الوقوع في مشاكل نفسية أو أسرية. ويرى الأخصائيون في العلاج النفسي أنه يمكن الاستفادة من وقت الحجر الصحي "بطريقة إيجابية، إذا تمكنا من استغلاله في أمور تعود علينا وعلى أسرنا بالنفع".
في الوقت الذي تخضع فيه نشاطاتنا اليومية الروتينية للقيود بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد، ينتاب بعض الأشخاص حالة من الانزعاج والملل، بعد المكوث طويلاً داخل الأماكن المغلقة، هل حُمّى المكوث بمكان مغلق لفترة طويلة حقيقية وكيف يمكننا تخفيضها؟
ربما يكون أصل هذا المصطلح غامض، ولكنه يعود في الواقع إلى أوائل القرن العشرين في أمريكا الشمالية، حين يتم عزل أحد الأشخاص في منطقة نائية، خاصة خلال فصل الشتاء، وذلك عندما كان ضرورياً البقاء في المنزل لأيام متتالية.
واليوم يعاني العالم بأجمعه من ذيول تفشي فيروس كورونا المستجد الذي وضع قرابة ثلاثة مليارات نسمة في الحجر الصحي، لكن الرياضيين يواجهون مخاطر إضافية تؤثر على الصحة النفسية نتيجة انتقالهم من نمط حياة نشط للغاية الى العزلة والملل.
رغم إظهار قسم من الرياضيين العالقين خلف أبواب موصدة بسبب حظر التجول وإرجاء أو إلغاء جميع البطولات المحلية والقارية والدولية، شيء من التفاؤل بنشرهم مقاطع فيديو لأنفسهم وهم يتدربون أو يخوضون تحديات الإنترنت مثل ترقيص لفافة منديل المرحاض، فإن الضغط الناجم عن التأقلم مع الواقع المستجد والمستقبل الغامض قد يكون له أثره.
بالنتيجة أوقع فيروس كورونا سكان العالم في حالة من عدم اليقين، فسيل الأخبار المتدفق أصابهم بالقلق المستمر، مما يؤثر سلباً على صحتهم النفسية والعقلية، وخاصة أولئك الذين يعانون مسبقاً من حالات القلق والوسواس القهري، فكيف نحمي صحتنا النفسية؟
ما مدى خطر تزايد العنف الأسري نتيجة البقاء في المنازل؟
طالبت منظمة الصحة العالمية بإجراءات للحد من "العنف الأسري" نتيجة البقاء في المنازل، على خلفية انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غبريسوس، الجمعة، في مؤتمر صحفي، إن المنظمة تلقت تقارير من عدة دول وحكومات تؤكد تزايد حالات "العنف الأسري" مع استمرار بقاء جميع الأشخاص في المنازل منذ تفشي فيروس كورونا، معربًا عن حزنه لتلك التقارير.
وأضاف غبريسوس، "مع مطالبة الناس بالبقاء في منازلهم، من المرجح أن يزداد خطر العنف الأسري"، وأنه على الدول تضمين خدمات لمعالجة العنف الأسري، ضمن إجراءات مواجهة انتشار فيروس كورونا المستجد. بحسب السي ان ان.
وحذر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية من أن "النساء في العلاقات المسيئة من المرجح أن يتعرضن للعنف، مثل أطفالهن، حيث يقضي أفراد الأسرة المزيد من الوقت في اتصال الوثيق، وتتعامل الأسر مع ضغوط إضافية وخسائر اقتصادية أو وظيفية محتملة"، مؤكدًا أنه "غالبًا ما تكون النساء في تلك الظروف، أقل اتصالًا بالعائلة والأصدقاء الذين قد يوفرون الحماية من العنف"، على حد وصفه.
تحذيرات منظمة الصحة العالمية WHO، تأتي فيما تزايدت أعداد الإصابات بفيروس كورونا المستجد حول العالم لتتخطى حاجز المليون إصابة، مسجلة مليون و56 ألفًا و777 حالة إصابة، بحسب جامعة جونز هوبكنز الأمريكية، وارتفعت أعداد الوفيات نتيجة الإصابة بالفيروس، والذي تم اعتباره وباءً عالميًا في 11 مارس آذار الماضي، إلى 55 ألفًا و781 حالة وفاةن وتعد الولايات المتحدة الأمريكية، اكبر بؤر الإصابة بالمرض حول العالم.
كيف يمكنكم تجنب "الانفجار" داخل البيت وفقدان الأهل لأعصابهم خلال فترة الحجر الصحي؟
يعيش الفرنسيون منذ أسبوعين في الحجر الصحي الذي فرضته السلطات للحد من تفشي وباء كورونا في البلاد حيث توفي نحو ألفي شخص في آخر حصيلة رسمية أُعلنت الجمعة. وأمام هذا الوضع الاستثنائي الذي وجد ملايين الأشخاص أنفسهم فيه، تحاول جمعيات ومنظمات فرنسية تقديم نصائح وإرشادات لتفادي "الانفجار" داخل البيت وفقدان الأهل لأعصابهم.
المجموعة النسوية "#نو_توت" (نحن كلّنا) الفرنسية طرحت مبادرة للحماية من آثار هذا الوضع الاستثنائي وتشير إلى أن "الحجر مناسبة لتمضية الكثير من الوقت مع الأطفال. لكن عندما نعمل من منازلنا عن بعد وتكون مساحة المنزل صغيرة أونكون مرهقين، يمكن أن تتضاعف التوترات".
تقول الطبيبة النفسية مويرا ميكولاتشاك "نعم قد تودون رمي الأطفال من النوافذ، وهذا طبيعي. لكن ما هو غير طبيعي هو أن تقدموا على ذلك"، ودعت الأهل إلى "التخلي عن دور الرجل أو المرأة الخارقة" لتخفيف الضغط عن أنفسهم. وبهدف مساعدة الأهل، أنشأت "#نو_توت" 20 مجموعة على تطبيق "واتساب" وتضمّ حتى الآن أكثر من أربعة آلاف مستخدم. وتقدم المجموعة من خلالها النصائح التعليمية والتوجيهات "عند الشعور بأن الضغط يتزايد اعزلوا أنفسكم حتى ولو في الحمّام. ولكن أيضا يمكن مشاهدة الفيديوهات المسلية مع الأطفال أو برمجة بعض الوقت بعيدا عنهم بالكامل من خلال الإغلاق على أنفسكم في غرفة، فيما يقوم الشريك الآخر برعاية الأطفال"، وتكمن الفكرة في المساعدة على تجنب "الكلمات" و"الأفعال" التي قد "تضر أو تؤذي"، خصوصا أننا "قد نندم على بعض سلوكياتنا لاحقا".
ما هي الآثار النفسية للحجر الصحي وكيف يمكن تجنبها؟
وبالنسبة إلى الأخصائي النفساني المغربي أسامة لحلو، فإن "القلق والتوتر والانفعال" من أبرز "التأثيرات النفسية" التي تنتشر في مثل هذه الحالات. وقال لحلو في حديث لفرانس24 إن الذين هم في وضعية نفسية هشة معرضون "أكثر من غيرهم للإصابة بهذه المشاكل النفسية".
ويؤكد مركز الدراسات البريطاني "معهد كينجز كوليدج" في دراسة نشرت بالمجلة الصحية "دو لنسي"، أن "الحجر الصحي عموما هو تجربة غير مرضية بالنسبة لمن يخضعون لها"، ويعتبر أن "العزل عن الأهل والأحباب، فقدان الحرية، الارتياب من تطورات المرض، والملل، كلها عوامل يمكنها أن تتسبب في حالات مأساوية".
ويلفت المعالج النفسي أسامة لحلو أن "العامل الاجتماعي مهم ويمكن أن يؤثر بقوة في نفسية الأشخاص الموجودين رهن الحجر الصحي" مضيفا أن الأشخاص الذين يفقدون وظائفهم في مثل هذه الظروف قد يتعرضون لمشاكل نفسية. "فالصعوبات المادية الخطيرة يمكن أن تتسبب في مشاكل نفسية" حادة، حسب ما صرح لفرانس24 البروفيسور نييل غرينورغ من معهد "معهد كينجز كوليدج" وهو أحد موقعي الدراسة التي نشرت بالمجلة الصحية "دو لنسي".
ويؤكد لحلو أن التعرض بشكل مستمر للأخبار لا يساعد الصحة النفسية لدى الأشخاص الموجودين رهن الحجر الصحي. وينصح أن "يتم استماع ومشاهدة الأخبار في مناسبة واحدة خلال اليوم من وسائل إعلام رسمية، والابتعاد عن جميع الأخبار التي يكون مصدرها أفراد أو جهات غير معروفة". وبدوره يلفت البروفيسور نييل غرينورغ إلى أن "الأخبار الزائفة ووسائل الإعلام يمكن أن تغذي القلق...".
ولقضاء وقت الحجر الصحي يوميا في أجواء "هادئة ونافعة"، يقترح الأخصائي المغربي وضع جدول زمني محدد، يتضمن كل ما يجب القيام به خلال اليوم، مع تحديد ساعات دعم للأطفال في تلقي دروسهم وإنجاز تمارينهم. ويرى أن الحجر الصحي فرصة للاستفادة من الدفء العائلي بمشاركة الأسرة أنشطة ترفيهية، دون أن ينسى أهمية الرياضة للجميع في مثل هذه الأوقات.
وحذر من الانغماس في أساليب عيش غير صحية أثناء الحجر الصحي، حيث يكتفي البعض بالأكل والنوم، وهذه الشريحة ستكون أكبر المتضررين أيضا أثناء انتهاء الحجر الصحي، لأنهم سيفقدون الإيقاع الاعتيادي للحياة اليومية، ويصعب عليهم التأقلم مجددا معها. كما يحذر الأطباء من الإدمان على الكحول خلال هذه الفترة.
كيف يمكن معالجة الضيق الذي يسببه المكوث طويلاً داخل الأماكن المغلقة؟
يقول فايل رايت، وهو أخصائي علم النفس ومدير الأبحاث والجودة السريرية في جمعية علم النفس الأمريكية: لا يمكن تصنيف هذه الحمى كاضطراب نفسي، لذلك لن أقول أنه يوجد تعريف رسمي لها، وبالنسبة للأعراض التي يشعر بها الشخص بسبب تقيد الحركة، فهي الملل، واليأس، والأرق، وصعوبة التركيز. بحسب السي ان ان.
وقال رايت إن شخصيتك ومزاجك هما عاملان رئيسيان في سرعة تطوير هذه العواطف، منوهاً أن غير المعتادين على البقاء داخل المنزل هم أكثر عرضة للشعور بهذه الطريقة، وبحسب عالم النفس، بول روزنبلات، يستغرق بعض الأشخاص وقتاً أطول للوصول إلى هذه المرحلة، فهم يرون الحجر الصحي كوسيلة لتنظيف منازلهم وترتيب خزانة ملابسهم أو حتى ممارسة هواية جديدة.
وبصرف النظر عن المجموعة التي تنتمي إليها، يوصي كل من رايت وروزنبلات، بعدة طرق، يمكنك من خلالها تخفيف التوتر في عقلك، والشعور بأنك أقل تقييداً في منزلك.
اجعل لنفسك روتيناً، بدلاً من التعامل مع العزل المنزلي كأنه عطلة، استيقظ باكراً، وغير ملابسك، واحرص على إنجاز أكبر عدد من الأعمال التي تقوم بها عادة.
قم بإعادة تزيين منزلك كل فترة، يقول رايت إن حمى المكوث في مكان مغلق لفترة طويلة قد يكون لها علاقة بمكان معيشتك، لذا حاول أن تعيد تزيينها كل أسبوع، حتى تشعر بالانتعاش.
حافظ على نشاطك البدني والعقلي، طالما لم تكن مصاباً بعدوى فيروس كورونا المستجد، فالتباعد الاجتماعي لا يعني عدم قدرتك على الخروج للحصول على الهواء النقي، وذلك بحسب ما أوضحه رايت، ويمكن أن يساعدك أيضاً قراءة قصة صغيرة على سبيل المثال، أو حتى الاستماع للموسيقى الجديدة ومتابعة الأفلام.
تواصل مع الآخرين، يقترح رايت التفكير بطرق مختلفة للتواصل مع أصدقائك، سواء من خلال المراسلات النصية، أو الاتصالات الهاتفية، أو حتى التحدث عبر الفيديو، فمن المهم جداً البقاء على اتصال مع الآخرين.
ولكن.. حاول الابتعاد قليلاً، وأوضح روزنبلات أن بعض العائلات تحتاج إلى توازن معين بين التواجد معاً في نفس الوقت والابتعاد عن بعضهم البعض، إذ يمكن أن يشكل خطراً على الأزواج الذين يبقون في المنزل معاً لمدة طويلة، لذلك، حاول إيجاد مكان آخر في المنزل، تستطيع أن تمارس فيه هواياتك أو حتى قراءة الكتب.
كيف حدت السلطات في تونس من حالات العنف الزوجي خلال العزل؟
تضع وزارة المرأة التونسية خطا هاتفيا أخضر لتمكين النساء اللاتي تعرضن للعنف خلال فترة الاغلاق التامّ من الابلاغ عن الحالات ومن الحصول على الدعم النفسي لعائلاتهن، اقرت السلطات التونسية الغلق التام لمكافحة تفشي فيروس كورونا المستجد في البلاد منذ 22 أذار/مارس الفائت الى 19 نيسان/أبريل الحالي وشددت عمليات التنقل خارج البيوت، وقالت وزير المرأة أسماء السحيري العبيدي لفرانس برس إنه في الفترة الممتدة من 23 الى 29 أذار/مارس "ارتفعت نسبة العنف ضد المرأة بخمس مرات مقارنة بنفس الفترة من العام 2019"، وأفادت الوزيرة أنه تم تسجيل أربعين بلاغا من نساء ضحايا عنف في الأسبوع الأول من الاغلاق التام مقارنة بسبعة بلاغات في نفس الفترة من العام الفائت.
صدرت البلاغات عن نساء يسكن مناطق داخلية في البلاد تتراوح أعمارهن بين الثلاثين والأربعين عاما ولهن مستوى تعليمي ابتدائي وثانوي وفقا للوزيرة وقد عنفن لفظيا وجسديا وتم نقل حالتين للمستشفى جرّاء ذلك.
وبهدف "التخفيف من الضغط النفسي والعائلي" تم اطلاق الخط الهاتفي الأخضر 1809 ويتولى 11 طبيبا نفسيا الاجابة عن المكالمات من الثامنة صباحا الى منتصف الليل وعن تساؤلات الأولياء والأطفال كذلك حسب الوزيرة.
تمكن هذه الخدمة من تقديم النصائح اللازمة لمواجهة الوضعية الجديدة تبعا للحجر التامّ وكيفية التصرف مع تزايد الضغط النفسي داخل العائلة وفقا للوزارة، وضعت الوزارة منذ العام 2016 خطا هاتفيا يعمل وفقا للتوقيت الاداري "للاستجابة لطلبات الدعم النفسي والمادي والطبي والقانوني" لضحايا العنف ولكن تم التمديد في التوقيت ليصبح كامل اليوم وطيلة الأسبوع خلال فترة الاغلاق التام حسب الوزيرة وفقا لما ذكرته فرانس برس.
وتضيف المسؤولة ان "الحجر العام أثر بصفة ملحوظة على العائلة وارتفع الضغط وتزايدت المخاوف من ارتفاع عدد التجاوزات ضد المرأة"، وتقول المسؤولة عن قسم شؤون المرأة في الوزارة دجلة الكتاري إنه تم تسجيل تسعة الاف بلاغ من نساء ضحايا العنف اللفظي والجسدي في العام 2019 اضافة الى 45 ألف شكوى تم تقديمها الى الوحدات المختصة بوزارة الداخلية.
كيف يواجه الرياضيون المخاطر النفسية الناجمة عن تغير نمط الحياة بسبب الكورونا؟
أشارت المسؤولة الطبية في الاتحاد الأسترالي لكرة المضرب كارولاين بروديريك في حديث لوكالة فرانس برس الى التأثير الطويل الأمد الذي خلفه وباء مثل السارس وانفلونزا الخنازير على الرياضيين، مثل حالات القلق الشديد والهوس بغسل اليدين وخوف الاقتراب من الناس، لكن تأثير الوباء الحالي غير مسبوق، لاسيما بعد توقف كافة النشاطات الرياضية حول العالم بسبب فيروس "كوفيد-19" الذي صنفته منظمة الصحة الدولية بالجائحة بعدما أصاب العالم بأجمعه ووصل عدد الوفيات حتى صباح الثلاثاء الى قرابة 38 ألف شخص من أصل حوالي 800 ألف إصابة. بحسب فرانس برس.
ومن المتوقع ألا يسلم الرياضيون من الآثار السلبية لهذا الفيروس، إن كانوا من مستوى أسطورة كرة المضرب الأميركية سيرينا وليامس التي سبق لها أن عانت من حالات اكتئاب خلال مسيرتها، أو نجوم واعدين كانوا يتطلعون لما ينتظرهم هذا الصيف في دورة الألعاب الأولمبية الصيفية قبل أن يتخذ قرار إرجائها حتى صيف 2021 نتيجة "كوفيد-19".
وأقرت سيرينا، ابنة الـ38 عاما التي تحتاج الى لقب كبير وحيد من أجل معادلة الرقم القياسي المطلق لعدد القاب الغراند سلام والمسجل باسم الأسترالي مارغاريت كورت (24)، بأن التباعد الاجتماعي بسبب الفيروس تسبب لها "بالكثير من التوتر".
وأشارت عبر تطبيق "تيك توك" الى أن "كل شاردة وواردة تصيبني بالجنون. وبالقلق الشديد، أعني بأني على حافة الهاوية. في أي وقت يعطس فيه أحد من حولي أو يسعل، أشعر بالجنون".
وحتى قبل الفيروس، عانى رياضيون كبار من الاكتئاب الناجم عن الإرهاق والضغط والمتطلبات البدنية والذهنية، من سيرينا الى مواطنيها أسطورة السباحة والألعاب الأولمبية مايكل فيلبس والبطلة السابقة للفنون القتالية المختلطة روندا راوزي وأسطورة الملاكمة السابق مايك تايسون، وصولا الى النجم السابق لمنتخب نيوزيلندا في الروغبي جون كيروان.
"أنا أعاني بطرقي الخاصة"، من المؤكد أن قرار إرجاء الألعاب الأولمبية في طوكيو حتى صيف 2021 سيترك أثره السلبي على آلاف الرياضيين الذي وضعوا وظائفهم اليومية جانبا من أجل تجهيز أنفسهم للمشاركة في هذا الحدث الأهم على الإطلاق بالنسبة لأي رياضي، وهذه حال الرباعة الأميركية كايت ناي التي أقرت لموقع "وود تي في" بأنه "سأكون كاذبة إذا قلت بأني على ما يرام. مثل معظم الناس، أنا أصارع بطرقي الخاصة"، في إشارة الى تشخصيها باضطراب ثنائي القطب.
كما أثيرت مخاوف بشأن السباحين ولاعبي الكريكيت الأستراليين، بعد أن عانى الرياضيون في كلتا الرياضتين من مشاكل نفسية موثقة في الماضي، وتطرق مدرب منتخب أستراليا للرجال في الكريكيت جاستن لانغر الى هذه المسألة، بالقول "في ما يخص الصحة النفسية، تحدثنا عنها في مؤتمر عبر الهاتف هذا الأسبوع، لاسيما بخصوص أي من العاملين في طواقمنا أو اللاعبين الذين هم وحيدون في منازلهم. علينا أن نراقب هؤلاء الرجال والفتيات للتأكد من أنهم بخير"، ورأت كارولاين بروديريك التي شغلت سابقا منصب نائبة المدير الطبي لمنتخب أستراليا في أولمبياد ريو 2016 وتعمل الآن كأحد أعضاء لجنة استشارية لرابطة الروغبي الوطنية الى جانب وظيفتها كمسؤولة طبية في الاتحاد الأسترالي لكرة المضرب، أن آثار العزلة يمكن أن تكون أكثر حدة على الرياضيين.
وأوضحت "إنهم يعانون من نفس المشاكل النفسية التي يعاني منها الجميع، لكنهم يعانون أيضا من التوتر والقلق بشأن مستقبلهم، وهو أمر لا يمكنهم السيطرة عليه بسهولة. إنهم يجهلون ما هي المرحلة التالية أو المدة التي سيبقون فيها بالحجر الصحي أو العزل"، وتحرك العديد من الهيئات الرياضية من أجل تقديم الدعم للرياضيين، لكن هناك بعض الرياضات التي لجأت الى خفض الرواتب من أجل تجنب الخسائر المالية الهائلة في ظل توقف البطولات، ما يقلل من قدرتها على المساعدة النفسية.
واعتبرت بروديريك أن تعاطي المخدرات أو تناول الكحول بشكل مفرط هما إشارة جلية الى المشاكل، موضحة "يمكن أن يتجلى التوتر والقلق في تعاطي الممنوعات. هذا ما سأبحث عنه (من إشارات)، إذا كانوا يستخدمون الكحول كوسيلة دعم".
وتابعت بروديريك "بالتأكيد كان هناك بعض القلق. يمكن للرياضيين المحترفين الكبار أن يتعاملوا مع خسارة جزء من الدخل، لكن هناك الكثير من الرياضيين على الهامش (من ناحية القدرة المالية). إذا لم تلعب لبضعة أشهر، فهناك خسارة كبيرة في الدخل أيضا"، وأوصت بروديريك الرياضيين الالتزام بالروتين، التركيز على ما يمكنهم التحكم به واستخدام وقت الفراغ لممارسة هواية أو التدرب عبر الإنترنت للحفاظ على صحتهم النفسية.
لماذا تشهد هونج كونج مستوى "غير مسبوق" من مشكلات الصحة العقلية؟
بينما تسعى هونج كونج جاهدة لاحتواء تفشي فيروس كورونا المستجد، يقول خبراء في الطب إن أعدادا كبيرة من سكانها يعانون من زيادة القلق ومستوى غير مسبوق من مشاكل الصحة العقلية، وقال الخبراء إن الفيروس التاجي سارس-كورونا-2 انتشر بعد احتجاجات مناهضة للحكومة استمرت شهورا وأدت بالفعل إلى زيادة حادة في حالات الاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة، ويشبه الأمر كذلك حالة الخوف من وباء سارس الذي انتشر في 2003 وأودى بحياة ما يقرب من 300 شخص بالمدينة.
وقالت كارول ليانج المسؤولة التنفيذية في (مايند هونج كونج)، وهي جمعية خيرية للصحة العقلية في المستعمرة البريطانية السابقة ”هونج كونج في وضع فريد، نظرا لتغيير نظامنا الروتيني ولشهور الاضطرابات الاجتماعية السابقة وذكريات سارس المؤلمة“.
وأظهر مسح أجرته جامعة هونج كونج أن ثلث البالغين في المدينة ظهرت عليهم أعراض اضطراب ما بعد الصدمة بالمقارنة مع اثنين بالمئة أثناء احتجاجات 2014، ومنذ يناير كانون الثاني الماضي، يعمل عشرات الآلاف من منازلهم وبعضهم يقيم في شقق صغيرة للغاية وأصبح تخزين المؤن من الأغذية الأساسية ومواد التنظيف شائعا.
وبات لزاما على الأطفال حبيسي المنزل أن يتأقلموا على التعلم عبر الإنترنت في حين لا تستطيع العديد من الأسر، خاصة الفقيرة، الحصول على أدوات الوقاية، وسجلت هونج كونج مئة حالة إصابة مؤكدة بفيروس كورونا المستجد وحالتي وفاة.
وقالت السلطات إن خطا ساخنا خاصا بمشاكل الصحة العقلية كانت قد فتحته في يناير كانون الثاني تلقى حوالي 25 ألف اتصال في حين هرعت مجموعات من المتطوعين لتقديم المشورة للناس خاصة لمن هم قيد الحجر الصحي بالمنزل. بحسب رويترز.
وتضرر أصحاب الدخول المنخفضة على وجه الخصوص من تراجع الاقتصاد في هونج كونج بسبب الاحتجاجات والحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة، وتقول جمعية تعمل على مكافحة الفقر إن 70 بالمئة من الأسر محدودة الدخل لا يمكنها شراء الكمامات أو المطهرات، وتعهدت السلطات بتقديم مساعدات نقدية للأفراد وإعفاءات ضريبية للشركات. وكشف وزير المالية الأسبوع الماضي عن إجراءات ”لتخصيص موارد كافية“ للمساعدة في حل مشكلات الصحة العقلية، وقال ديريك أو، وهو أحد سكان هونج كونج ويبلغ من العمر 46 عاما، ”هذا الفيروس، أعتقد أنه جاء في وقت مناسب ونحن منقسمون بشدة. أرجو أن يوحدنا مرة أخرى“.
ما هي أهم النصائح لحماية صحتك النفسية والعقلية في ظل تفشي الوباء؟
الشعور بالقلق من متابعة الأخبار أمر مفهوم ولكنه قد يؤدي إلى تدهور أي مشاكل نفسية موجودة بالفعل، عندما نشرت منظمة الصحة العالمية توصياتها حول كيفية حماية الصحة العقلية في ظل تفشي فيروس كورونا، لاقى هذا الإجراء ترحيبا واسعا على وسائل التواصل الاجتماعي.
وتقول نيكي ليدبيتر مديرة واحدة من أبرز الجمعيات المعنية بالصحة العقلية في بريطانيا، إن الخوف من خروج السلوك عن السيطرة أو الوقوع تحت تأثير حالة الشك هي خصائص شائعة لاضطربات القلق، لذلك يمكن تفهم معاناة الأفراد الذين لديهم حالات مرضية بالفعل من مواجهة تحديات وصعوبات في الوقت الحالي.
وتتفق معها روزي ويذرتلي، المتحدثة باسم الجمعية الخيرية للصحة العقلية قائلةً: "الكثير من حالات القلق تعود إلى الخوف من المجهول وانتظار حدوث شيء ما، والسبب هنا هو فيروس كورونا المنتشر على نطاق واسع". بحسب البي بي سي.
فكيف نحمي صحتنا العقلية؟، قلل من قراءة الأخبار وكن حذراً في اختياراتك عندما تقرأ، نيك، وهو أبٌ لطفلين من مقاطعة كينت، بالمملكة المتحدة، يعيش حالة قلق وإرهاق بسبب قراءته للكثير من الأخبار حول فيروس كورونا.
ويقول: "عندما أشعر بالقلق، فقد تخرج أفكاري عن سيطرتي وأبدأ بالتفكير في النتائج الكارثية"، ويشعر نيك بالقلق بشأن والديه وغيرهم من كبار السن الذين يعرفهم، ويقول "عادة، عندما أعاني من مشكلة ما، أستطيع الخروج منها، لكن هذه الحالة التي أعيشها الآن خارج إرادتي"، وأدى ابتعاده عن المواقع الإخبارية ووسائل التواصل الاجتماعي لفترات طويلة، إلى حل مسألة القلق لديه، كما وجد أن: خطوط الهاتف التي تديرها جمعيات خيرية للصحة النفسية والعقلية مفيدة.
التقليل من الوقت الذي تقضيه في قراءة أو مشاهدة الأشياء التي تزعجك، وحدد أوقات معينة لقراءة الأخبار.
هناك الكثير من المعلومات الخاطئة المنتشرة حول الفيروس في المواقع الإخبارية، لذلك التزم بالمصادر الموثوقة للمعلومات مثل مواقع الحكومة والخدمة الوطنية الصحية، أرح نفسك من قراءة سيل المنشورات في وسائل التواصل الاجتماعي.
ولدى أليسون، البالغة من العمر 24 عاماً، قلقاً حول صحتها، وتشعر بأنها مضطرة للاطلاع والبحث المستمر في المواضيع المتعلقة بالفيروس. لكنها في الوقت نفسه، تعرف أن وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن سبب المشكلة.
وتقول: "قبل شهر كنت أقوم بالضغط على أي وسم في تويتر، وأقرأ كل أنواع الأخبار المضللة، التي كانت تتركني في حالة قلق ويأس وبكاء"، أما الآن، فتقول إنها حريصة في اختيار الصفحات والحسابات التي تتبعها وتتجنب النقر على هاشتاغات فيروس كورونا. كما أنها تحاول قضاء بعض الوقت بعيداً عن وسائل التواصل الاجتماعي و مشاهدة التلفزيون أو قراءة الكتب بدلاً من ذلك.
تجاهل الكلمات التي قد تسبب لك المتاعب على تويتر، أو ألغِ متابعتك لتلك الحسابات.
غادر مجموعات واتس آب، أو إخفي منشوراتها، وقم بإخفاء منشورات فيسبوك وإشعاراتها إذا شعرت أنها تؤثر عليك سلباً.
شهدت حركة الوسواس القهري زيادة في طلبات الدعم من الأشخاص الذين أصبحت مخاوفهم مركزة على وباء كوفيد -19، وبالنسبة للأشخاص الذين يعانون من الوسواس القهري وبعض أنواع القلق الأخرى، قد يكون من الصعب جداً سماع تحذيرات غسل اليدين بشكل متواصل، أما ليلي بيلي، وهي مؤلفة كتاب "لأننا سيئون" الذي يشرح كيفية التعايش مع الوسواس القهري، فتقول إن الخوف من التلوث، أحد جوانب اضطراب الوسواس القهري، وإن النصيحة بشأن غسل اليدين قد تكون حافزاً كبيراً للأشخاص الذين تعافوا.
وتقول بيلي: "الأمر صعب جداً لأنه يتعين علي الآن القيام ببعض السلوكيات التي كنت أتجنبها في السابق"، وتضيف: "أنا ملتزمة بالتعليمات بشكل صارم، لكنه فعلاً أمرٌ صعب، مع الأخذ في الاعتبار أنه بالنسبة لي، كان استخدام الصابون والمعقم شيء أشبه بالإدمان"، وتقول حركة "الوسواس القهري" الخيرية، إن المشكلة التي يجب الانتباه إليها هي أن العملية أصبحت كوظيفة، مثل اتباع المدة الموصى بها لغسل اليدين لتقليل خطر انتشار الفيروس، أو القيام بذلك كطقسٍ منظم للشعور بأنك تقوم بكل ما هو صحيح.
وتشير بيلي إلى أنه بالنسبة للعديد من الأشخاص الذين يعانون من الوسواس القهري، فإن التحسن يعني القدرة على مغادرة المنزل، لذلك قد يمثل العزل الذاتي في المنزل تحدياً آخر لهم، وتضيف: "إذا اضطررنا للبقاء في المنزل، سيكون لدينا الكثير من الوقت، وقد يزيد الملل من وضع الذين يعانون من الوسواس القهري سوءاً".
ابقَ على اتصال مع الناس، سيزداد عدد الأشخاص المعزولين يوما بعد يوم، لذلك قد يكون هذا هو الوقت المناسب للتأكد من صحة أرقام الهواتف وعناوين البريد الإلكتروني للأشخاص والجهات المهمة لديك.
وتقول ويذرلي: "حاول متابعة الوقت بشكل منتظم، ويجب على متابعة اتصالك بمن حولك، وإذا كنت في عزلة ذاتية، حاول تحقيق بعض التوازن بين أدائك لواجباتك الروتينية اليومية، وتأكد من إدخال بعض التغييرات كل يوم".
وفي الواقع، قد ينتهي الأمر وأنت تشعر بأنك أنهيت أسبوعين مثمرين، كما يمكنك العمل من خلال وضع قائمة بالمهام التي ستقوم بها كل يوم، أو اقرأ كتاباً كنت تريد قراءته منذ زمن".
الراحة. فالعقل يقول أن تخرج إلى الطبيعة وتعرض نفسك لأشعة الشمس عند الإمكان مع القيام ببعض التمارين الرياضية حيثما أمكن وتناول الطعام بشكل صحي، أما جمعية " AnxietyUK " فتنصح بممارسة تقنية "آبل" للتعامل مع القلق والإرهاق.
الإقرار: الانتباه والاعتراف بحالة عدم اليقين إذا أصابت ذهنك.
توقف مؤقتا: لا تتفاعل كما تفعل عادةً، ولا تتفاعل أبداً، بل توقف وخذ نفساً عميقاً.
انسحب: أخبر نفسك أن هذا مجرد هراء، وأن الحاجة الملحة إلى اليقين ليست بمفيدة أو ضرورية، إنها مجرد فكرة أو شعور. ولا تصدق كل ما تفكر به، فالظنون ليست بيانات أو حقائق.
التجاهل: ابعد تركيزك عما يراودك من أفكار وأحاسيس، لا يجب الاستجابة لها، وبإمكانك تخيلها تطفو كفقاعة أوتطير بعيداً كسحابة.
استكشاف: استكشف اللحظة الحالية، لأنه في هذه اللحظة، كل شيء على ما يرام، وراقب أحاسيسك وطريقة تنفسك، واشعر بالأرض من تحتك، انظر حولك وتمعن بما تراه عينيك وبما تسمعه أذنيك، وما يمكنك لمسه وشمّه في هذه اللحظة، ثم قم بصرف انتباهك إلى شيء آخر كان يجب عليك القيام به، قبل أن تنتابك حالة القلق أو قم بشيء ما بكامل وعيك.
اضف تعليق