لا يزال تفشي فيروس كورونا وانتقاله المتسارع عالمياً، والذي اثار حالة من الذعر والهلع لدى الجميع، ودفع أغلب الحكومات وبحسب بعض المصادر لمنع الحركة داخلياً وخارجياً لتجنب انتقال العدوى، محط اهتمام متزايد خصوصاً مع عدم وجود علاج لهذا الفايروس الذي اصاب اكثر من 400 ألف شخص...
لا يزال تفشي فيروس كورونا وانتقاله المتسارع عالمياً، والذي اثار حالة من الذعر والهلع لدى الجميع، ودفع أغلب الحكومات وبحسب بعض المصادر لمنع الحركة داخلياً وخارجياً لتجنب انتقال العدوى، محط اهتمام متزايد خصوصاً مع عدم وجود علاج لهذا الفايروس الذي اصاب اكثر من 400 ألف شخص وأكثر من 16 ألف حالة وفاة، ودعت السلطات حول العالم أكثر من مليار شخص في ما يربو على 50 بلدا إلى البقاء في منازلهم، سعيا لمكافحة الانتشار السريع لوباء فيروس كورونا المستجد. وفرض 34 بلدا ومنطقة على الأقل حجرا منزليا إجباريا للسكان، ويشمل هذا الإجراء أكثر من 659 مليون شخص.
وحذّرت منظمة الصحة العالمية من "تسارع" انتشار وباء كورونا، ووصلت الإصابات المؤكدة بفيروس كورونا إلى 100 ألف حالة بعد 67 يوما من تسجيل أول إصابة في ديسمبر/كانون الأول، ثم سُجلت 100 ألف حالة أخرى خلال 11 يوما، وبعدها سُجلت 100 ألف حالة ثالثة خلال أربعة أيام فقط. وقال مدير عام المنظمة تيدروس أدناهوم غيبريسوس إنه ما زال من الممكن "تغيير المسار". وحث البلدان على اعتماد استراتيجيات صارمة في إجراءات فحص المشتبه إصابتهم بالفيروس. وأجبرت التطورات المتسارعة منظمة الصحة العالمية على وصف الأزمة بأنها "جائحة" في 11 مارس، وهناك توجه دولي لإنتاج لقاح لوقف الوباء ساري المفعول ، لكن العلماء يعترفون بأن الأمر قد يستغرق سنوات.
ويرى بعض المراقبين إن ما يميز أزمة فيروس كورونا عن الأزمات الأخرى، إنه يؤدي بشكل سريع، إلى تصفية الأرض من الوجود البشري إذا لم يتم العثور على العلاج المناسب في الأمد القصير للقضاء على الفيروس، لأنه في ظل غياب العلاج المناسب سيظل الحل في الحد من التفشي السريع لهذا الفيروس، هو حل احترازي وقائي يتمثل في حظر التجول ومنع الحركة داخلياً وخارجياً، وهذا لم يُعد حلاً جذرياً.
حالة حرب
وفي هذا الشأن وقف مئات الملايين في مواجهة عالم بات مقلوبا رأس على عقب عبر إجراءات طارئة تحدث مرة واحدة في كل جيل ضد وباء كورونا الذي يقتل كبار السن ويفترس الضعفاء ويشهر تهديد البؤس الاقتصادي لزمن يطول. وقال رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون ”هذا حدث يقع مرة واحدة في مائة عام“ محذرا من أن الأزمة قد تستمر لستة أشهر فيما أصبحت بلاده أحدث من يفرض قيودا على التجمعات والسفر إلى الخارج. وقال رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانتشيث في قاعة برلمان شبه خالية مع احتجاب أكثر من 90 في المئة من المشرعين ”لم نعش شيئا كهذا من قبل“ فيما كان عامل نظافة يخفي وجهه خلف كمامة ينظف الدعائم على جوانب الدرج (الدرابزين) وسط الكلمات والخطب. وقال ”إن مجتمعنا، المتآلف مع التغيرات التي توسع قدراتنا في المعرفة والصحة والحياة، أصبح يجد نفسه الآن في حالة حرب للدفاع عن كل ما اعتبرناها أمورا مفروغا منها“.
وتدق أجراس الإنذار بشكل خاص من إيطاليا، التي شهدت معدل وفيات مرتفعا بشكل غير عادي، حيث ارتفعت الأصوات تنادي الطلاب والأطباء المتقاعدين لتقديم العون للمنظومة الصحية التي وجدت نفسها في مواجهة ما لا طاقة لها به. وفي جميع أنحاء العالم، يشاهد الأغنياء والفقراء على السواء حياة مقلوبة رأسا على عقب مع إلغاء الأحداث والمناسبات، وتجريد المحال التجارية من البضائع، وتفريغ أماكن العمل من العمال والموظفين، فيما خلت الشوارع من المارة، وأغلقت المدارس، وتقلصت حركة السفر بفعل القيود.
وقالت مارسيل دياتا، وهي أم لأربعة أطفال تبلغ من العمر 41 عاما في السنغال، حيث تنطلق مكبرات الصوت بالبيانات التي تحث الناس على غسل اليدين لكن المياه غالبا ما تنقطع في الضاحية التي تعيش فيها ”النظافة مهمة، ولكن الأمر ليس سهلا هنا“. وخلقت الأزمة موجات تضامن في بعض البلدان حيث يجتمع الجيران والأسر والزملاء لرعاية من هم أشد احتياجا، بما في ذلك وضع الإمدادات على أبواب من أرغمتهم الأوضاع على البقاء في المنازل.
وفي جميع أنحاء إسبانيا، يدوي صوت التصفيق بالأيدي وقرع الأواني في الساعة الثامنة مساء ليعرب الجيران المعزولون ذاتيا عن امتنانهم لوكالات الخدمات الصحية. وفي بعض البلدان، بدأت المتاجر في حجز أوقات خاصة للمتسوقين المسنين. وأرسلت الولايات المتحدة، التي أغلقت حدودها مع كندا باستثناء السفر الضروري، سفينتيها الطبيتين العسكريتين، كومفورت وميرسي، إلى ميناء نيويورك والساحل الغربي، بينما يقوم الجيش السويدي بإنشاء مستشفى ميداني بالقرب من ستوكهولم. وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن البلاد تقف في موقف وقت الحرب والتجأ إلى صلاحيات خاصة عبر قانون الإنتاج الدفاعي للتوسع في تصنيع الأقنعة ومعدات الوقاية بسرعة.
وتضخ الدول الغنية، مدفوعة بركود عالمي بات حتميا على ما يبدو، مليارات الدولارات في شكل حوافز لدعم الاقتصادات، ومساعدة الخدمات الصحية، وتقديم قروض للشركات المتعثرة ومساعدات للأفراد في الرهون العقارية والمدفوعات الروتينية أخرى. وفشلت الأموال الإضافية من الحكومات والبنوك المركزية في تهدئة الأسواق. فقد عانت الأسهم وأسعار النفط مرة أخرى، مع انخفاض الأسهم الأوروبية بنسبة حوالي 5 في المئة لتقترب من أدنى مستوياتها في سبع سنوات وتراجعت المؤشرات الأمريكية الرئيسية بمعدل 7 في المئة.
ويرى المتفائلون بارقة أمل قادمة من الصين حيث أصاب الوهن فيروس كورونا الذي ظهر لأول مرة فيها أواخر العام الماضي، ويتوقعون نهوضا سريعا مرة أخرى بمجرد أن يتجاوز الوباء ذروته في المناطق الأخرى على أمل أن يتم ذلك في غضون أشهر. لكن المتشائمين يأخذون في الحسبان إمكانية تكرار التفشي وسنوات من الألم، مع بعض المقارنات، التي يتحدثون بها همسا، حتى مع الكساد الكبير في الثلاثينيات.
وعلى أرض الواقع، يشعر ملايين العمال بالخوف على وظائفهم. وفي صناعة الطيران، تم بالفعل تسريح عشرات الآلاف أو منحهم إجازة بلا أجر. وأوقفت ولاية نيفادا الأمريكية، حيث كازينوهات لاس فيجاس، صناعة الترفيه بالكامل بين عشية وضحاها. ويعمل في القطاع 355 ألف شخص بما يمثل ربع الوظائف في الولاية. وفي الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة، قفز معدل البطالة إلى 6.2 في المئة في فبراير شباط، وهو أعلى مستوى منذ بدء التسجيل، صعودا من 5.2 في المئة في ديسمبر كانون الأول. وأعيد فتح معظم الشركات والمصانع الصينية باستثناء البؤرة الأولى للتفشي في إقليم هوبي لكن عدد العمال والموظفين الذين عادوا بالفعل غير معلوم. بحسب رويترز.
وفاقمت الأزمة بعض الاحتكاكات الجيوسياسية طويلة الأمد. واتهمت وثيقة من الاتحاد الأوروبي وسائل الإعلام الروسية بتأجيج الخوف في الغرب من خلال التضليل حول المرض، فيما سحبت الصين أوراق اعتماد صحفيين أمريكيين في ثلاث صحف أمريكية لأسباب من بينها تغطية الفيروس. ومن بين أحدث المناسبات الثقافية التي تم إلغاؤها الذكرى الخمسين لمهرجان جلاستونبري الموسيقي البريطاني. ومع إلغاء معظم الأحداث الرياضية الكبرى، تتعرض اللجنة الأولمبية الدولية لضغوط متزايدة لإعادة النظر في دورة الألعاب الأولمبية الصيفية في اليابان.
وقال بعض الرياضيين، ومن بينهم بطلة القفز بالزانة الأولمبية كاترينا ستيفانيدي، إن صحة الرياضيين في خطر لأنهم يغامرون بمواصلة التدريب في ظل الإغلاق بسبب كورونا. وقالت ستيفانيدي ”كلنا نريد إقامة (دورة) طوكيو لكن ما هي الخطة البديلة في حالة عدم إقامتها؟“.
عدو للبشرية
الى جانب ذلك صنّف مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، فيروس كورونا المستجد بأنّه "عدو للبشرية". وقال في مؤتمر صحافي عبر الإنترنت إنّ "هذا الفيروس يمثّل تهديداً غير مسبوق. ولكنّه يمنح أيضاً فرصة غير مسبوقة لكي نحتشد ضدّ عدو مشترك، ضد عدو للبشرية". وصنفت منظمة الصحة العالمية كوفيد-19 على أنّه "جائحة" في 11 آذار/مارس، ما دفع بالعديد من الدول إلى اتخاذ إجراءات استثنائية.
واضاف تيدروس أدهانوم غيبرييسوس أنّ منظمته "تتباحث كل يوم مع وزراء صحة ورؤساء دول ومع العاملين في مجال الرعاية الصحية (...) من أجل مساعدتهم على الاستعداد وتحديد الأولويات بما يتناسب ووضعهم الخاص". واعتبر أنّ إجراءات العزل المجتمعي لا تكفي. ولا يزال فيروس كورونا مستمر في الانتشار وحصد الضحايا في مختلف بلدان العالم وبوتيرة أسرع في بعض الدول التي صارت بؤرا للوباء كإيران وإسبانيا وإيطاليا. بحسب فرانس برس.
من جانبها قالت منظمة الصحة العالمية إنه ينبغي لدول الشرق الأوسط أن تقدم مزيدا من المعلومات عن حالات الإصابة بفيروس كورونا على وجه السرعة للمساعدة في دعم المعركة ضد المرض في المنطقة. وقال أحمد المنظري مدير المكتب الإقليمي لشرق المتوسط لمنظمة الصحة العالمية إن هناك ”تفاوتا“ بين بلدان المنطقة في طريقة مكافحة فيروس كورونا و“هناك حاجة لبذل المزيد من الجهد“.
وأضاف أن تحسين الوصول للمعلومات من شأنه أن يسمح للمنظمة بتعقب انتشار الفيروس بشكل أفضل وتطبيق إجراءات الصحة العامة على وجه السرعة. وقال ”من المؤسف أنه حتى يومنا هذا الذي أصبحت فيه الحالة الراهنة حرجة، لا تبلغ البلدان المنظمة بمعلومات كافية عن الحالات“. وذكر أن المنظمة شاهدت جهودا لتعزيز المراقبة وزيادة الفحوص ودعم الأسر التي تعزل أقاربها أو الموضوعة في الحجر الصحي لكن بعض الدول لا تتواصل بشكل كامل.
وقال ”بكل صراحة نشهد تفاوتا في النهج على مستوى الإقليم. فبينما نلاحظ تقدما هائلا في العديد من البلدان، لا تطبق بعض البلدان بعد نهجا يشمل الحكومة بأكملها والمجتمع بأسره“. وتابع قائلا ”لقد حان الآن وقت العمل ولا أستطيع التشديد بما فيه الكفاية على ضرورة التصرف العاجل“.
وعبر الشرق الأوسط باستثناء إيران، وهي إحدى أكثر الدول تضررا على مستوى العالم، كان عدد الحالات المؤكدة ضئيلا نسبيا مقارنة بشرق آسيا وأوروبا، لكن مسؤولي المنظمة يخشون أن تكون الأرقام الحقيقية أعلى بكثير من المعلن فيما يرجع لأسباب منها قلة الفحوص وانتشار الحالات الخفيفة. ويعاني ثلثا دول المنطقة من أزمات أثرت على النظم الصحية. ويمكن أن يكون الملايين من اللاجئين والنازحين الذين يعيشون في المخيمات عرضة للخطر بدرجة أشد.
وقال ريك برينان، مدير الطوارئ في المنطقة، إن وكالات الأمم المتحدة أصدرت توجيهات بشأن الإجراءات الموصى بها في مثل هذه المخيمات. وأضاف أنه في المخيمات في شمال غرب سوريا، يتم اتخاذ إجراءات لتحسين أنظمة المراقبة وإنشاء مرافق للفحص وعزل المرضى، وكذلك تسريع التواصل مع المجتمع المحلي بشأن المخاطر.
اضف تعليق