ان الخبرات الحياتية هي من تقوم بتوجيه الإنسان بشكل أكبر من العقل. وتقول الخبراء إن الإنسان يستمع دوماً إلى ذاكرته الشعورية التي يخزن فيها المشاعر الإيجابية والسلبية، مع توضيح أن طبيعة الإنسان تميل إلى تخزين الخبرات الجيدة والسيئة التي ترجع إليها وقت الحاجة وليس إلى...
يعرف معظم الناس أن التدخين يسبب السرطان وأن هناك أضرار لتناول الكحوليات وحمامات الشمس. لكنهم يستمرون في فعل ذلك. فما التفسير العلمي وراء قيامنا ببعض الأمور مع علمنا التام أنها قد تدمر صحتنا؟
تؤكد الإحصائيات أن نصف حالات السرطان يمكن تجنبها إذا اتبعنا نمط حياة صحي، مثل الامتناع عن التدخين والكحوليات وتجنب التعرض لأشعة الشمس بهدف الحصول على لون بشرة برونزي. لكن بالرغم من ذلك، فإن نسب المدخنين ومتعاطي الكحوليات في تزايد. كما أن مراكز حمامات الشمس باستخدام الأشعة فوق البنفسجية الصناعية مازالت تجد الكثير من الزبائن. فما السبب؟
يرجع علم النفس الأمر إلى أن الخبرات الحياتية هي من تقوم بتوجيه الإنسان بشكل أكبر من العقل. وتقول الخبراء إن الإنسان يستمع دوماً إلى ذاكرته الشعورية التي يخزن فيها المشاعر الإيجابية والسلبية، مع توضيح أن طبيعة الإنسان تميل إلى تخزين الخبرات الجيدة والسيئة التي ترجع إليها وقت الحاجة وليس إلى تقرير طبي يتحدث عن مخاطر السرطان، على سبيل المثال. كما أن الكثير من العادات السيئة في الحياة نابعة من الاعتياد أو تقليد الآخرين.
فالإنسان، على سبيل المثال، غالباً ما يتبع طريقة التغذية التي تربى عليها في منزل عائلته، وغالباً ما يبدأ أبناء المدخنين في التدخين كنوع من التقليد للأب والأم وليس لأنهم يحبون مذاق السجائر، بل إنهم يتحملون مذاقها السيء من أجل تجربة ما يقوم به الآخرون، لاسيما في المحيط القريب منهم. أما بالنسبة لحمامات الشمس بهدف الحصول على بشرة برونزية، وتحديداً في دول أوروبا، فإن المجتمع هو من يدفع الناس أحياناً للقيام بهذا الأمر، ويحاول الإنسان الذي يقوم بأشياء تؤذي صحته ويدرك ذلك أن يجد أمثلة تساعده على التخلص من الصراع الداخلي، كأن ينظر مثلاً إلى شخصيات شهيرة تدخن ومع ذلك عاشت لفترة طويلة. وقد تجد أحد المدخنين يقول: "تشرشل كان يدخن ولا يمارس الرياضة ومع ذلك عاش طويلاً".
لكن لا يسبب التدخين أمراضا جسدية فقط، وإنما قد تنجم عنه اضطرابات نفسية، ما زالت قيد البحث. فما نسبة الواهنين نفسيا بين المدخنين؟ وكيف يؤثر التدخين على الصحة النفسية؟ ولماذا يدُخِل النيكوتين الجسد والروح في حالة طوارئ؟
إذا تخلى الإنسان عن التدخين فإنه يخفض أخطار الإصابة بأمراض القلب والرئتين والوفاة المبكرة لديه. لكن التدخين أيضا قد يعرض الصحة الروحية والنفسية للخطر. وقد أظهرت دراسات طويلة الأمد أن المدخنين معرضون للإصابة باضطرابات الخوف والاكتئاب أكثر بمرتين إلى أربع مرات من غير المدخنين. ويزداد احتمال الإصابة بمثل هذه الاضطرابات النفسية لدى المدخّن "الشّرِه". والعلاقة تبادلية: فالمصابون بأمراض نفسية كثيرا ما يكونون مدخنين، كما أن المدخنين كثيرا ما يكونون مصابين بأمراض نفسية.
وعليه أضرار التدخين لا تعد ولا تحصى. لكن دراسة جديدة أكدت أن التدخين أكثر فتكاً مما كان متوقعاً، فهو قد يكون مسؤولاً عن وفاة ما يتراوح بين 60 و120 ألف مدخن في الولايات المتحدة وحدها.
لذا الاقلاع عن التدخين ليس سهلا وهو ما يعلمه من حاول وقف هذه العادة. بداية العام الجديد تكون مناسبة للعديد من المدخنين من أجل الاقلاع عن هذه العادة الضارة. باتباع هذه النصائح قد يكون 2019 عام بلا تدخين بالنسبة لك ومن حولك.
استخدام التبغ لا يزال سببا رئيسيا في الإصابة بالأمراض والوفيات
قالت منظمة الصحة العالمية إن عدد المدخنين على مستوى العالم تراجع خاصة بين النساء لكن دولة واحدة من بين كل ثماني دول تمضي على الطريق الصحيح لتحقيق الهدف العالمي بخفض استخدام التبغ بشكل كبير بحلول عام 2025.
وقالت المنظمة بمناسبة اليوم العالمي للامتناع عن التبغ إن ثلاثة ملايين شخص يموتون في سن مبكرة سنويا بسبب استخدام التبغ الذي يسبب أمراض القلب والأوعية الدموية مثل الأزمات القلبية والجلطات. ويشمل ذلك العدد 890 ألف حالة وفاة نتيجة الاستنشاق غير المباشر لدخان التبغ، وأبرمت منظمة الصحة العالمية معاهدة تاريخية في عام 2005، صدقت عليها 180 دولة الآن، تدعو إلى فرض حظر على إعلانات التبغ والترويج له ورعايته وفرض ضرائب للحد من استخدامه، وقال دوجلاس بيتشر مدير قسم الوقاية من الأمراض غير السارية ”انتشار تدخين التبغ في جميع أنحاء العالم تراجع من 27 في المئة في عام 2000 إلى 20 في المئة في عام 2016 وهو ما يدل على إحراز تقدم“.
وقال لدى نشر التقرير العالمي لمنظمة الصحة العالمية بشأن اتجاهات انتشار تدخين التبغ إن الدول الصناعية تحرز تقدما أسرع من الدول النامية، وأضاف ”أحد العوامل الرئيسية التي تعرقل الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط هو بالتأكيد أن الدول تواجه مقاومة من القائمين على صناعة التبغ الذين يرغبون في استبدال العملاء الذي يموتون بالتسويق بحرية لمنتجاتهم وجعل الأسعار في متناول الشباب“.
وقالت المنظمة إن التقدم الذي أحرز في التخلص من عادة التدخين متفاوت حيث أن الأمريكتين هي المنطقة الوحيدة التي تمضي قدما باتجاه تحقيق هدف خفض استخدام التبغ بنسبة 30 في المئة بحلول عام 2025 مقارنة بعام 2010 بين الرجال والنساء، وتقول المنظمة إن التبغ بوجه عام يقتل أكثر من سبعة ملايين شخص سنويا وإن الكثير من الأشخاص يعرفون إنه يزيد من خطر الإصابة بالسرطان، لكنها أوضحت أن كثيرين من مستخدمي التبغ في الصين والهند غير مدركين لتزايد خطر الإصابة بأمراض القلب والجلطات لذا فإن من الضروري بوجه عاجل تكثيف حملات الوعي.
الإصابة بالخرف
ذكرت دراسة جديدة في كوريا الجنوبية إن خطر الإصابة بالخرف يزداد لدى المدخنين ولكن الإقلاع عن هذه العادة يمكن أن يحد من هذا الخطر، وقال معدو هذه الدراسة في دورية طب الأعصاب السريري والتطبيقي إن خطر الإصابة بالخرف قل بنسبة 14 في المئة و19 في المئة بالترتيب بالنسبة للمقلعين عن التدخين منذ فترة طويلة والذين لم يدخنوا على الإطلاق وذلك بالمقارنة بالمدخنين الذين استمروا في التدخين.
وقال دايين تشوي كبير معدي الدراسة من كلية الطب بجامعة سول الوطنية إن ”التدخين معروف بآلاف من نتائجه السلبية على الصحة بما في ذلك الإصابة بالسرطان وأمراض شرايين القلب. ولكن يقل التأكيد نسبيا على تأثير التدخين على أدمغتنا“، وتشير الدراسة إلى عدة دراسات أجريت في الثمانينات والتسعينات ووجدت أن التدخين يحد من خطر الإصابة بالزهايمر ولكن هذه الدراسات كانت تمولها عادة شركات التبغ.
وقال تشوي لرويترز هيلث عبر البريد الإلكتروني ” كان هناك اعتقاد خاطئ بأن التأثير المنشط للنيكوتين قد يعمل كعامل وقائي من الخرف“، وقال تشوي إن ”النقطة المثيرة للاهتمام هي إمكانية وقف زيادة خطر الإصابة بالخرف المرتبط بالتدخين من خلال الإقلاع عنه“.
الإصابة بالرجفان الأذيني
أفاد تحليل لدراسات سابقة إن المدخنين أكثر عرضة للإصابة بالرجفان الأذيني وهو أكثر أنواع اضطراب ضربات القلب شيوعا، وكتب الباحثون في دورية (طب القلب الوقائي) الأوروبية أن زيادة التدخين تعني زيادة الخطر، لكن يبدو أن التوقف عن هذه العادة يحد من الخطر كثيرا، وقال داجفين أونيه كبير الباحثين في الدراسة والباحث بكلية الصحة العامة بجامعة إمبرليال كوليدج لندن ببريطانيا ”الرجفان الأذيني... عامل خطر يهدد بالإصابة بعدد من الأمراض الأخرى المتعلقة بالقلب والأوعية الدموية والوفاة المبكرة“.
وحلل فريق الباحثين بيانات من 29 دراسة عن معدلات الإصابة بالرجفان الأذيني لدى أكثر من نصف مليون شخص، هم مدخنون حاليون وسابقون وأشخاص لم يدخنوا أبدا، في أوروبا وأمريكا الشمالية واستراليا واليابان.
وبالمقارنة بمن لم يدخنوا مطلقا، وجد الباحثون أن المدخنين الحاليين أكثر عرضة للإصابة بالرجفان الأذيني بنسبة 32 في المئة، بينما كان المدخنون السابقون أكثر عرضة للإصابة به بنسبة تسعة في المئة، وكان الخطر الذي يهدد المدخنين الحاليين أعلى بنسبة 33 في المئة مقارنة بالمدخنين السابقين.
وقال أونيه في رسالة بالبريد الإلكتروني لرويترز هيلث إن زيادة عدد السجائر يعني زيادة خطر الإصابة بالرجفان الأذيني، وأضاف أن التدخين يزيد خطر الإصابة بأمراض أخرى قد تمهد للإصابة بالرجفان الأذيني مثل داء السكري ومرض الانسداد الرئوي المزمن ومرض الشريان التاجي وقصور القلب.
التدخين السلبي في الطفولة
أكدت دراسة علمية أمريكية أن الأشخاص البالغين غير المدخنين أكثر عرضة للموت جراء أمراض الرئة الخطرة إذا كانوا ترعرعوا في طفولتهم مع آباء مدخنين، وقال الباحثون إن التدخين السلبي في الطفولة "من المرجح أن يضيف سبع وفيات لكل 100 ألف شخص بالغ غير مدخن يموتون سنويا".
وشملت عينة الدراسة التي أشرفت عليها جمعية السرطان الأمريكية 70,900 من الرجال والنساء غير المدخنين، وقال خبراء إن أفضل سبيل لحماية الأطفال من تلك الأثار الضارة هو ترك التدخين، وكشفت الدراسة عن أنه ثمة آثار صحية ظهرت على المشاركين في عينتها، إذا كانوا عاشوا مع مدخن في طفولتهم.
وإذا كان الشخص قد تعرض لدخان السجائر لمدة عشر ساعات أو أكثر أسبوعيا، يزداد خطر الموت لديه بأمراض القلب الناجمة عن قلة وصول الدم والأوكسجين إلى أنسجته، بنسبة 27 في المئة، وبالسكتة الدماغية بنسبة 23 في المئة، ومن أمراض الرئة الانسدادية (التي تتسبب بانسداد المجرى الهوائي) بنسبة 24 في المئة، مقارنة مع أولئك الذين يعيشون مع غير المدخنين، ونشرت الدراسة في المجلة الأمريكية للطب الوقائي، وسُئل المشاركون بشأن مدى تعرضهم لدخان السجائر خلال حيواتهم، ثم تم تتبع سجلاتهم الصحية على مدى 22 عاما لاحقة.
دراسة تربط بين البدانة الوراثية والتدخين
بالرغم من أن التدخين ارتبط طويلا بالنحافة، أفادت دراسة جينية أجريت في الآونة الأخيرة بأن قابلية تراكم دهون إضافية في الجسم، خاصة في منطقة الخصر، ترتبط أيضا باحتمالات أن يصبح المرء مدخنا.
وكتب الباحثون في دورية (بي.إم.جيه) أن هذه النتيجة قد تكون مؤشرا على أن الدهون الزائدة في الجسم تؤثر على احتمالات البدء في التدخين وعلى معدل التدخين، أو قد تكون مؤشرا على احتمال وجود أصول جينية مشتركة بين الرغبة في الإفراط في الأكل والرغبة في التدخين، وكتب فريق الدراسة الذي قاده روبرت كاريراس توريس من الوكالة الدولية لأبحاث السرطان في ليون بفرنسا ”تؤكد هذه النتائج دور السمنة في بدء التدخين والتوقف عنه، وهو ما قد يكون له تبعات على تدخلات الصحة العامة التي تهدف إلى الحد من هيمنة عوامل الخطر المهمة تلك“، ولم يرد الباحثون على طلب للتعليق.
وحلل الباحثون بيانات حصلوا عليها من البنك الحيوي (بيوبنك) البريطاني واتحاد التبغ وعلم الوراثة لأكثر من 450 ألف شخص من أصل أوروبي. وتتضمن قاعدة البيانات معلومات جينية وطبية وأخرى عن نمط الحياة لمشاركين متطوعين.
وأشار الباحثون إلى أن دراسات سابقة ربطت بالفعل بين تنوعات جينية وكل من السمنة والتدخين، واقترحت أن شكلا معينا من هذه التنوعات الجينية يزيد من ضعف الأشخاص أمام ”سلوك إدماني“ للإفراط في الأكل وللتدخين. لكن ليس واضحا ما إذا كان سبب بقاء المدخنين نحفاء هو أن التدخين يحد من شهيتهم.
ووجد الباحثون أنه بالنظر لمؤشر كتلة الجسم، وهو قياس للوزن نسبة إلى الطول، فإن كل 4.6 كيلوجرام/متر مربع ترتبط بتراجع خطر التدخين في الوقت الراهن بنسبة خمسة في المئة، كما وجدوا أن زيادة مؤشر كتلة الجسم بنفس القدر مرتبطة أيضا بزيادة كثافة التدخين بمعدل 1.75 سيجارة يوميا بالنسبة للمدخنين الحاليين والسابقين، وخلص الباحثون إلى أنه أيا كانت العلاقة بين زيادة دهون الجسم والتدخين، فإن التدخل لمساعدة الناس على تجنب هذين الخطرين المؤثرين على الصحة يحتاج لأخذ الأمرين في الاعتبار.
اكتساب الوزن بعد التوقف عن التدخين
يمكن أن تمثل زيادة الوزن مبعث قلق كبير للمدخنين الذين يرغبون في الاقلاع عن تلك العادة وتشير دراسة جديدة إلى أن هذه الزيادة تعزز مخاطر الإصابة بالنوع الثاني من السكري خلال السنوات الست الأولى من التوقف عن التدخين.
لكن باحثين كتبوا في دورية نيو إنجلاند الطبية أن أي مخاطر صحية تنجم عن اكتساب بضعة كيلوجرامات من الوزن لا تمثل شيئا إذا ما قورنت بالفوائد الكبيرة للإقلاع عن التبغ، ووجدت الدراسة أن اكتساب خمسة كيلوجرامات من الوزن الزائد بعد التوقف عن التدخين يزيد مخاطر الإصابة بالسكري بنحو 15 في المئة وكلما زاد الوزن زادت الاحتمالات. لكن هذه المخاطر تبدأ في التراجع بعد خمس إلى سبع سنوات لتتساوى مع احتمالات الإصابة عند غير المدخنين، وقال رئيس فريق البحث الدكتور تشي سون من كلية هارفارد تي.إتش تشان للصحة العامة في بوسطن لرويترز هيلث في مقابلة عبر الهاتف ”كلما زاد وزننا كلما زادت احتمالات الإصابة. لكن احتمالات الإصابة بالسكري تكون في الأجل القصير“.
وتابع ”الشيء الأكثر أهمية هو أنه بغض النظر عن الوزن الذي يكتسبه من توقفوا عن التدخين تقل لديهم مخاطر الوفاة من أمراض القلب والشرايين. هذا أمر مهم جدا بالنسبة للمدخنين الحاليين... وإذا تمكنوا من خفض وزنهم يمكنهم الاستفادة أكثر من هذه المنافع الصحية“.
تغريم ثلاث شركات تبغ مليارات الدولارات
أكدت محكمة الاستئناف في كيبيك الجمعة حكما "تاريخيا" في حق ثلاثة مصنعين للسجائر بدفع تعويضات تفوق قيمتها 15 مليار دولار كندي لعشرات الآلاف من ضحايا التبغ في المقاطعة الكندية، وأمام الشركات الثلاث المتعددة الجنسيات المدانة وهي "بريتش أميريكن توباكو" و"روثمانز بنسون أند هدجز" و"جابان توباكو إنترناشونال"، مهلة شهر للطعن بالحكم أمام المحكمة العليا الكندية.
وفي حكم وصف بالتاريخي في مرحلة البداية في حزيران/يونيو 2015، حكمت المحكمة العليا في كيبيك على المصنعين الثلاثة بدفع 15,5 مليار دولار كندي (11,66 مليار دولار أميركي) كتعويض للضحايا، من المدخنين أو غير المدخنين، ممن أصيبوا بسرطان في الرئة أو الحلق أو بالنفاخ الرئوي.
ومن المتوقع رفع هذا المبلغ ليفوق 17 مليار دولار كندي في 2019 مع إضافة الفوائد، وفق وسائل إعلامية، وكان قد احتكم إلى المحكمة في مونتريال في إطار دعويين جماعيتين أطلقتا منذ 1998 وتمثلان أكثر من مليون شخص في كيبيك بعضهم كانوا يدخنون منذ الستينات. ولم تنطلق المحاكمة الجماعية سوى في آذار/مارس 2012.
وعلق المتحدث باسم "إمبريال توباكو" إريك غانيون أمام الصحافيين "القرار الصادر اليوم أصابنا بخيبة أمل"، مضيفا "كما أظهره الحكم الصادر في مرحلة البداية، سبق أن أشرنا إلى أن المستهلكين في كندا على علم بالمخاطر المتصلة باستهلاك التبغ. لا يجب تحميلنا المسؤولية"، في المقلب الآخر، وصف محامو المدعين القرار الصادر عن محكمة الاستئناف بأنه "تاريخي" و"نصر شامل على كل الجبهات".
وأشارت المحكمة في الحكم الواقع في 276 صفحة إلى أنه "في خلال حوالى خمسين سنة شملتها الفترة المتصلة بالدعاوى الجماعية، وعلى مدى السنوات السبع عشرة التالية، حققت الشركات أرباحا بمليارات الدولارات على حساب صحة الرئتين والحلق والرخاء العام للزبائن".
نمط الحياة الصحي الخالي من التدخين
أفادت دراسة أمريكية بأن أعمار البالغين الذين يتبعون نمط حياة صحيا في فترة منتصف العمر قد تطول أكثر من عشر سنوات كما يصبحون أقل عرضة للوفاة بسبب السرطان أو أمراض القلب، وركز الباحثون على خمس عادات ارتبطت طويلا بتراجع خطر الإصابة بمشاكل صحية مزمنة أو الوفاة بسببها وهي: الامتناع عن التدخين والحد من شرب الخمر وممارسة التمارين الرياضية وعادات الأكل الجيدة والحفاظ على وزن صحي.
وخلال متابعة استمرت أكثر من 30 عاما، خلص الباحثون إلى أن من اتبعوا العادات الخمس كانوا أقل عرضة للوفاة لأي سبب بنسبة 74 في المئة، وبنسبة 82 في المئة جراء أمراض القلب و65 في المئة بسبب السرطان.
ووجدت الدراسة أن العمر المتوقع للنساء في سن الخمسين اللاتي اتبعن العادات الصحية الخمس زاد 14 عاما مقارنة بمن لم يتبعن أيا من هذه العادات، وبالنسبة للرجال في سن الخمسين، توقعت الدراسة أن تزيد أعمار من يتبعون العادات الخمس 12 عاما مقارنة بمن لم يتبعوا أيا من هذه العادات، كما درس الباحثون تأثير اتباع كل عادة من العادات الصحية الخمس على حدة. وكتبوا في دورية (سيركيوليشن) أن اتباع أي عادة بمفردها ارتبط بتراجع خطر الوفاة المبكرة لكن التأثير الإيجابي كان أكبر لدى من اتبعوا العادات الخمس جميعا.
لكن تأثير واحدة من تلك العادات كان الأكبر، وقال فرانك هو كبير الباحثين في الدراسة ويعمل في كلية تي.إتش تشان للصحة العامة التابعة لجامعة هارفارد في بوسطن ”لا شك في أن الامتناع عن التدخين له الأولوية القصوى“.
وأضاف ”الامتناع عن التدخين والحفاظ على وزن صحي أمران في غاية الأهمية للوقاية من السرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية وأمراض مزمنة أخرى“، وتابع ”عادات الأكل السليمة وممارسة الرياضة بانتظام ليسا مهمين فقط للحفاظ على وزن صحي وإنما يسهمان أيضا في تراجع خطر الإصابة بالأمراض المزمنة، وعدم شرب الكثير من المشروبات الكحولية مهم للحد من خطر الإصابة بالسرطان والإصابات والوفيات الناتجة عن حوادث“.
وفي رسالة بالبريد الإلكتروني، قال كيث دياز الباحث بالمركز الطبي التابع لجامعة كولومبيا في نيويورك، والذي لم يشارك في الدراسة ”هذه سنوات كثيرة ودليل قوي على أن الاستراتيجيات الوقائية ما زالت مهمة جدا ويجب أن تظل محل تركيز المرضى والأطباء في عصر الطب الحديث“.
الإقلاع عن التدخين يحد من؟
أظهرت دراسة أمريكية أن من أقلعوا عن التدخين قبل عقود ربما أقل عرضة للإصابة بالتهاب المفاصل الروماتويدي مقارنة بمن تأخروا عنهم في اتخاذ قرار وقف هذه العادة السيئة، ويربط العلم منذ وقت طويل بين التدخين وزيادة خطر الإصابة بالتهاب المفاصل الروماتويدي كما خلص إلى أن الإقلاع عنه يحد من الخطر. لكن الدراسة الجديدة توصلت إلى أدلة على أن التوقف عن التدخين لسنوات قد يؤدي إلى فوائد أكبر بالمقارنة مع الابتعاد عنه لفترة وجيزة وحسب، وقال جيفري سباركس كبير الباحثين في الدراسة وهو من مستشفى (بريجام آند وومنز) التابع لكلية الطب بجامعة هارفارد في بوسطن ”تقدم هذه النتائج أدلة للأشخاص المعرضين بشدة لخطر التهاب المفاصل الروماتويدي للإقلاع عن التدخين لأن هذا قد يؤخر أو حتى يقي من الإصابة بالمرض“، وأضاف سباركس في رسالة عبر البريد الإلكتروني أن الإقلاع عن التدخين هو بالطبع السبيل الأمثل للحد من خطر الإصابة بالتهاب المفاصل الروماتويدي لكن الحد منه ”يساعد أيضا على درء الخطر“.
والتهاب المفاصل الروماتويدي من اضطرابات المناعة ويسبب تورما وآلاما في المفاصل وهو أقل شيوعا من مرض هشاشة العظام، ودرس سباركس وزملاؤه بيانات جُمعت على مدى 38 عاما لأكثر من 230 ألف امرأة بينهن 1528 امرأة أصبن بالتهاب المفاصل الروماتويدي، وكتب الباحثون في دورية (بحوث وعلاج التهاب المفاصل) يقولون إن المشاركات المدخنات كن أكثر عرضة للإصابة بنسبة 47 بالمئة مقارنة بمن لم يدخن قط.
وقال كاليب ميشو، وهو باحث في المركز الطبي التابع لجامعة نبراسكا في أوماها ولم يشارك في الدراسة، إن النتائج تعطي المدخنين دافعا آخر للإقلاع، وأضاف ”هناك أدلة قليلة على أن الإقلاع عن التدخين يقلل أعراض التهاب المفاصل الروماتويدي فالمرض لا يزال عصيا على العلاج ومصدرا مزمنا لألم ومعاناة الكثير من الناس ... لكن يمكن للمدخنين الحد من هذا الخطر على الأقل بتقليل عدد السجائر شيئا فشيئا“.
سيجارة واحدة يوميا
خلصت دراسة علمية حديثة إلى أنه يجب الإقلاع عن التدخين نهائيا وليس الحد منه إذا كان الشخص يسعى لتقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية، وقالت الدراسة، التي نُشرت في المجلة الطبية البريطانية، إن الأشخاص الذين يدخنون سيجارة واحدة يوميا لا يزالون أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب بنسبة 50 في المئة، وأكثر عرضة للإصابة بالسكتة الدماغية بنسبة 30 في المئة، وذلك بالمقارنة مع غير المدخنين.
وأكد الباحثون على أنه لا يوجد مستوى آمن من التدخين فيما يتعلق بهذه الأمراض، لكن أحد الخبراء قال إن الأشخاص الذين يقللون عدد السجائر لديهم فرصة أكبر للإقلاع عن التدخين تماما في نهاية المطاف.
وتعد أمرض القلب والأوعية الدموية، وليس السرطان، هو أكبر سبب في الوفيات الناجمة عن التدخين، إذ يتسبب في نحو 48 بالمئة من الوفيات المبكرة المتعلقة بالتدخين، وقال الباحثون إن نسبة المدخنين البالغين في المملكة المتحدة قد انخفضت، لكن نسبة الأشخاص الذين يدخنون ما يترواح بين سيجارة واحدة وخمس سجائر يوميا قد ارتفعت بشكل مطرد.
ويشير التحليل الذي أجراه الباحثون والذي شمل 141 دراسة إلى أن تدخين 20 سيجارة يوميا سوف يسبب سبعة نوبات قلبية أو سكتات دماغية في مجموعة مكونة من 100 شخص في منتصف العمر، وأضاف التحليل أنه إذا ما جرى تخفيض عدد السجائر إلى سيجارة واحدة يوميا فإنه سيظل يتسبب في ثلاث نوبات قلبية.
وقال الباحثون إن الرجال الذين يدخنون سيجارة واحدة يوميا لديهم خطر أعلى بنسبة 48 في المئة للإصابة بأمراض القلب التاجية، وخطر أعلى بنسبة 25 في المئة للإصابة بالسكتة الدماغية من أولئك الذين لم يدخنوا أبدا، وبالنسبة للنساء، ارتفعت النسبة إلى 57 في المئة لأمراض القلب و31 بالمئة للسكتة الدماغية.
وقال ألان هاكشاو، من معهد السرطان بجامعة لندن والذي أشرف على الدراسة، لبي بي سي: "هناك اتجاه في عدد من البلدان لأن يقلل المدخنون الشرهون من عدد السجائر التي يدخنونها، معتقدين بذلك أن الأمر سيكون على ما يرام، وقد يكون الأمر كذلك مع أمراض مثل السرطان".
وأضاف: "وفيما يتعلق بهذين المرضين الشائعين (القلب والسكتة الدماغية)، اللذين يكون المدخنون أكثر عرضة للإصابة بهما مقارنة بالسرطان، فإن الأمر ليس كذلك، ويتعين على المدخنين الإقلاع نهائيا عنه".
وقال الباحثون إنه من المتوقع أن يؤدي تدخين عدد أقل من السجائر إلى تقليل الضرر بطريقة متناسبة، كما أظهرت بعض الدراسات مع سرطان الرئة.
وقال بول آفيارد، أستاذ الطب السلوكي في جامعة أكسفورد، إن الدراسة التي "أجريت بشكل جيد" أكدت ما يشتبه فيه علماء الأوبئة - أن التدخين الخفيف يسبب "خطرا كبيرا فيما يتعلق بأمراض القلب والسكتة الدماغية".
لكنه قال إنه من الخطأ الاعتقاد بأن تقليل التدخين ليس مجديا، وأضاف: "الذين يحاولون الحد من التدخين، سواء عن طريق تلقي علاج بديل للنيكوتين أو السجائر الإلكترونية، تكون لديهم فرصة أكبر للإقلاع عن التدخين فى نهاية الأمر، ومن ثم التقليل من مخاطر التدخين".
سيجارة واحدة قد تغريك بالتدخين يوميا
توصلت دراسة موسعة إلى أن ثلثي من جرّبوا السجائر لمرة واحدة أصبحوا يدخنون بصورة يومية، ولو لفترة مؤقتة، وكشفت إحصائيات من الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا ونيوزيلاندا عن أن 60.3 في المئة من المواطنين في هذه الدول جرّبوا التدخين، وأن 68.9 في المئة منهم تطور الأمر معهم ليصبح عادة يومية، وشدد القائمون على الدراسة على ضرورة التوقف عن تجربة تدخين السجائر.
واستند التحليل التجميعي، الذي نُشر في دورية "أبحاث النيكوتين والتبغ"، إلى بيانات خاصة بـ215 ألف شخص من خلال ثمانية دراسات مسحية بين عامي 2000 و2016 وردت بياناتها في برنامج تبادل البيانات الصحية العالمية.
وقال المشرف على الدراسة، بيتر هاجيك، وهو من كلية كوين ماري التابعة لجامعة لندن، إنها المرة الأولى التي تُسجل فيها العلاقة بين اختبار التدخين وتحوله إلى عادة منتظمة في مثل هذه البيانات الضخمة، وأضاف: "اكتشفنا أن معدل التحول من مدخن للمرة الأولى إلى مدخن يوميٍّ كان مرتفعا بدرجة مفاجئة، وهو ما يؤكد أهمية الامتناع عن اختبار تدخين السجائر منذ الوهلة الأولى."، ومضى قائلا: "المملكة المتحدة تشهد انخفاضا هائلا في عدد المدخنين حاليا، وهذا ما يتطابق مع النتائج الأخيرة التي أشارت إلى أن 19 في المئة فقط من الفئات التي تتراوح أعمارها بين 11 إلى 15 عاما لم تجرب التدخين على الإطلاق، وبالتالي فالخبر الجيد هو أننا على الطريق الصحيح"، وفي عام 2016، بلغت نسبة المدخنين في بريطانيا 15.5 في المئة بين البالغين، أي قرابة 7.6 ملايين شخص، مقابل 19.9 في المئة عام 2010، وفقا لبيانات مكتب الإحصاء الوطني البريطاني.
وفي نفس الفترة، أشارت البيانات إلى أن 19 في المئة من الفئات التي تتراوح أعمارها بين 18 إلى 24 كانوا مدخنين، مقارنة بنحو 25.8 في المئة عام 2010، ودعت ديبورا أرنوت، المديرة التنفيذية لجمعية "أكشن أون سموكنج آند هيلث" الخيرية لمكافحة التدخين، إلى فرض مزيد من المراقبة الحكومية على مبيعات التبغ.
اضف تعليق