ينبغي التفكير في تناول الأسبرين فور التعرض لجلطة دماغية خفيفة لمنع، أو الحد من ضرر، الجلطات الأخرى، فعلى العلى الرغم من أن الأطباء يُنصحون بتوجيه مرضاهم لتناول الأسبرين، فإن فوائد تناوله في وقت مبكرة أمر \"يستهان به بدرجة كبيرة\" إضافة إلى تأخر العلاج به...
ينبغي التفكير في تناول الأسبرين فور التعرض لجلطة دماغية خفيفة لمنع، أو الحد من ضرر، الجلطات الأخرى، فعلى العلى الرغم من أن الأطباء يُنصحون بتوجيه مرضاهم لتناول الأسبرين، فإن فوائد تناوله في وقت مبكرة أمر "يستهان به بدرجة كبيرة" إضافة إلى تأخر العلاج به، لكن لا يزال الباحثون يصفون الاسبرين باسمه التاريخي "العقار السحري" الذي ابتكره منذ قرن باحث بشركة باير للمستحضرات الدوائية ويستخدم حتى الآن في الوقاية من الاصابة بالأزمات القلبية فيما أشارت ابحاث الى اهميته في الحد من مخاطر اورام الامعاء وغيرها.
ويقول خبراء في مجال الصحة إنه لا يمكن للشخص تناول الأسبرين بصورة عامة دون استشارة الطبيب إذا كان يعاني من اضطرابات نزفية أو مشاكل في البلع، ويتعين تناوله بحذر إذا كان الشخص مصابا بالربو، فيما أشارت دراسات سابقة إلى أن الأسبرين يلعب دروا في الحد من هذا، لا سيما على المدى الطويل، من خلال الحد من مخاطر تكون جلطات الدم، لكن فريق العلماء يقول إن نتائجهم تظهر أن معظم الفوائد تكمن في الساعات والأيام الحرجة الأولى بعد التعرض لجلطة خفيفة أو نوبات فقر الدم المؤقتة.
ويعتقد العلماء بأن العلاج المبكر بالأسبرين في هذا الوقت يمكنه الحد من خطر الإصابة بجلطة شديدة من خمسة في المئة إلى واحد في المئة يوميا، ضمن الاطار نفسه، أوضحت دراستان نشرتهما مجلة "أميريكان ميديكل أسوسييشن-أونكولوجي" العلمية أن استخدام الإسبرين، لفترات طويلة من شأنه تقليص خطر الإصابة بسرطانات الجهاز الهضمي وخاصة القولون والمستقيم، على الصعيد ذاته قال باحثون إن من يستخدمون الأسبرين بصفة منتظمة على مدار السنين ربما يكونون أقل عرضة للإصابة بسرطان القولون، غير أن دراسة أخرى اظهرت ان الاستخدام المنتظم للاسبيرين لم يؤد اي دور خاص في تقليص خطر الاصابة بسرطان الثدي او البروستات او الرئة، وقد تبين أن الاثار الوقائية لهذا المضاد للالتهابات الذي يؤدي الى سيلان الدم لا تظهر سوى بعد خمس سنوات من الاستخدام المتواصل بجرعات تتراوح بين نصف قرص الى قرص ونصف قرص بواقع مرة اسبوعيا او بتناول جرعة ضعيفة يوميا.
وخلص الباحثون الى ان التناول المنتظم للاسبيرين من شأنه تجنيب حصول ما يصل الى 30 الف اصابة جديدة بسرطانات الجهاز الهضمي سنويا في الولايات المتحدة اضافة الى 7500 سرطان في القولون والمستقيم لدى الاشخاص فوق سن الخمسين عاما الذين يخضعون لتنظير القولون، و9800 اصابة بهذه السرطانات لدى الاشخاص الذين لا يخضعون لهذه الفحوص والبالغ عددهم حوالى ثلاثين مليونا، الى ذلك أشارت نتائج دراسات أجريت على حيوانات التجارب الى ان تناول مرضى السرطان للاسبرين العادي الزهيد الثمن يمكن ان يقوي فاعلية العقاقير الحديثة الباهظة التكلفة التي تساعد جهاز المناعة لديهم لمكافحة الأورام، وعليه تبقى نوعية الاستخدام وعدم الافراط في تناول هذا "العلاج السحري" لبعض الامراض اكسيرا صحيا وعلاجا فعالة لأعتى داء كالسرطان.
تعرف على الأسبرين
الأسبرين هو عقار خافض للحمى والألم والالتهاب، ويعرف أيضا باسم حمض الأسيتيل ساليسيليك (acetylsalicylic acid)، وينتمي إلى مضادات الالتهاب غير السترويدية. ويقلل الأسبرين تجلط الدم.
ويمنع الأسبرين نشاط إنزيم كوكس (cyclooxygenase) الذي يؤدي إلى تكوين البروستاغلاندين (PGs) الذي يلعب دورا في الالتهاب والألم، وتستخدم جرعات عالية من الأسبرين -عادة 300 ملغ- لتخفيف الألم وتقليل الحمى والتورم والصداع والصداع النصفي ووجع الأسنان وآلام الدورة الشهرية والرشح والبرد، كما يمكن تعاطي جرعات منخفضة من الأسبرين "بيبي أسبرين" -عادة 75 ملغ- بوصفه مضادا للصفائح الدموية، أي أنه يجعل الدم أقل لزوجة وقابلية للتجلط، وذلك بناء على مشورة الطبيب لبعض المرضى مثل الذين تعرضوا لنوبة قلبية أو ذبحة صدرية أو سكتة دماغية.
هناك أشخاص لا يلائمهم الأسبرين ويجب عليهم استشارة الطبيب قبل تعاطيه، مثل من يعاني من الربو أو الحساسية للأسبرين أو مضادات الالتهاب غير السترويدية أو من يعاني من القرحة الهضمية ومشاكل الكبد أو الكلى أو ارتفاع ضغط الدم غير المسيطر عليه أو النزف، يجب عدم إعطاء الأسبرين مطلقا لمن هم أقل من 16 عاما لتقليل خطر الإصابة بمتلازمة راي، والشخص الوحيد المخول بإعطاء الطفل الأسبرين في بعض الحالات الطبية الخاصة هو الطبيب، ويجب أن يكون ذلك تحت إشرافه المباشر وبعد تقييم مخاطر الطفل، ومتلازمة راي هي مرض خطير يصيب الأطفال عادة أثناء تعافيهم من عدوى فيروسية مثل الإنفلونزا أو جدري الماء، وهي تصيب الجسم كله، إلا أن ضررها على الدماغ والكبد أشد وأخطر، وتكون قاتلة في بعض الحالات.
وقد تظهر أعراضها بعد أسبوع من أعراض المرض الفيروسي مثل الإنفلونزا وجدري الماء أو حتى الزكام. وعادة ما تصيب الأطفال من أربعة أعوام إلى 12 عاما، ولكنها قد تصيب الأطفال والمراهقين في أعمار أخرى أيضا.
ويجب التنبيه إلى أن "بيبي أسبرين" هو أسبرين يأتي في جرعة منخفضة ويعطى للبالغين لتقليل مخاطر إصابتهم ببعض الأمراض مثل الجلطات بناء على توصية الطبيب، ولا يُسمح بإعطائه للأطفال، كما أنه غير مخصص للرضع والصغار، فكلمة "بيبي" تعني أن جرعة الأسبرين في الحبة الدوائية منخفضة، ولا تعني إطلاقا أنه يُعطى للرضع أو الأطفال.
علاج الجلطات الدماغية الخفيفة
دعا العلماء في دراستهم المنشورة في مجلة "لانسيت" الطبية إلى ضرورة وجود دليل إرشادات عامة وطبية أكثر وضوحا، وتقول هيئة الخدمات الصحية الوطنية في بريطانيا إنها ستبحث بعناية نتائج الدراسة، وتحدث الجلطة الدماغية الخفيفة (نوبات فقر الدم المؤقتة أو الجلطات الصغيرة) عند توقف تدفق الدم إلى المخ.
وتسبب الجلطات الدماغية ضعفا في الأطراف ومشاكل في القدرة على الكلام والرؤية وعادة ما تختفي أعراضها خلال أيام، غير أن احتمال تطور الحالة إلى الإصابة بجلطة شديدة، مع وجود المزيد من الأعراض الدائمة، يزداد خلال الأيام التي تلي الإصابة مباشرة، وقال بيتر روثويل، كبير الباحثين في الدراسة، إن فوائد العلاج الفوري بالأسبرين "يُستهان به بدرجة كبيرة"، وأضاف: "نحن في حاجة إلى تشجيع الناس، إذا كانوا يشتبهون في وجود أعراض عصبية ربما تشير إلى جلطة خفيفة، على تناول الأسبرين فورا، إضافة إلى البحث عن رعاية طبية مثالية"، في غضون ذلك، يقول العلماء إنه من الضروري ألا يسمح للمرضى المصابين بجلطات خفيفة بالخروج من الطوارئ إلى منزلهم فحسب والنصح بإضافة الأسبرين إلى وصفاتهم الطبية التالية، وراجع الفريق بيانات 15 تجربة تضم آلاف المصابين الذين تناولوا الأسبرين فور الإصابة بالجلطة أو تناوله كعلاج طويل المدى لمنع الإصابة بجلطة ثانية.
ووصف ديل ويب، من جمعية الجلطات الدماغية في بريطانيا، نتائج الدراسة بأنها "تطور مثير"، وأضاف أنه مع ذلك من المهم التنويه إلى أن تناول الأسبرين ليس بديلا عن البحث عن رعاية طبية، وتابع أن "النتائج تشير إلى أن أي شخص لديه أعراض الجلطة، التي تشهد تحسنا أثناء انتظار الرعاية الطبية العاجلة، يمكنه إذا استطاع تناول الأسبرين"، وقال توني رود، المتخصص في الجلطات الدماغية بالهيئة الصحية الوطنية في بريطانيا "هذا التقرير يشمل بيانات يتعين دراستها بعناية، ومن ثم إجراء تغييرات مناسبة إذا دعت الحاجة إلى ذلك وإدخالها في دليل إرشادات للتعامل مع الجلطات الحادة ونوبات فقر الدم المؤقتة".
يقلل من خطر الإصابة بسرطانات الجهاز الهضمي
أظهر تحليل دراستين حديثتين واسعتي النطاق أن تناول الإسبرين لفترات طويلة من شأنه تقليل خطر الإصابة بالسرطان وبشكل خاص بسرطان القولون والمستقيم، في تأكيد جديد على مزايا هذا الدواء الشهير المضاد للالتهابات في محاربة السرطان.
ويبين هذا التحليل الذي نشرت نتائجه مجلة "أميريكان ميديكل أسوسييشن - أونكولوجي" العلمية أن استخدام الإسبرين قد يكون أيضا مكملا للمنافع الوقائية لتنظير القولون وتقنيات أخرى للفحص من دون أن تشكل بديلا عنها. بحسب فرانس برس.
وقال رئيس وحدة علم الأوبئة في مستشفى ماساتشوستس العام (إم جي إتش) أندرو تشان وهو أحد المعدين الرئيسيين للدراسة "بات في إمكاننا توصية عدد كبير من الأشخاص بالتفكير في تناول الإسبرين لتقليص خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم"، غير أنه أشار إلى أنه "في هذه المرحلة لسنا قادرين على القيام بتوصية عامة في شأن استخدام الإسبرين للوقاية من السرطان بأشكاله كافة"، ولفت تشان إلى أن "نتائج أعمالنا تبين أن الإسبرين قادر على توفير وقاية من عدد كبير من سرطانات القولون والمستقيم بالإضافة إلى تلك التي يمكن تفاديها بفضل تقنيات التشخيص. كما يمكن لهذه المادة المساعدة في تجنب حالات أكثر لدى الأشخاص غير القادرين على الخضوع لتنظير القولون".
وأظهرت دراسات سابقة عدة أن تناول الإسبرين يمثل وسيلة لتفادي الاصابة بسرطان القولون، غير أن آثاره في تقليص الخطر الإجمالي للإصابة بالسرطان لم تتضح بالكامل، على ما ذكر هؤلاء الباحثون الذين تحدثوا عن نسبة مطلقة لتقليل خطر الإصابة بكل أنواع السرطان لا تتعدى 3 %، وحلل الباحثون البيانات الطبية لحوالى 136 ألف مشارك من رجال ونساء على فترة تبلغ 32 عاما، وأظهرت النتائج أن الأشخاص الذين يؤكدون تناولهم الإسبرين باستمرار بجرعة عادية (300 ميليغرام) أو ضعيفة (80 ميليغراما) بما لا يقل عن مرتين أسبوعيا، سجلوا تراجعا بنسبة 19 % في خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم وبـ15 % لكل أشكال سرطانات الجهاز الهضمي بالمقارنة مع الأشخاص الذين لا يتناولون الإسبرين باستمرار.
وبحسب هذا الخبير في الأمراض السرطانية غير المشارك في الدراسة، فإن هذه البحوث "تدفع إلى الاعتقاد بأن تناول الإسبرين بانتظام يؤدي دورا مكملا للآثار الوقائية لفحوص الكشف عن سرطان القولون والمستقيم كما قد تكون له منافع إضافية مطلقة"، وكانت هيئة فيدرالية أمريكية مؤلفة من خبراء مستقلين أوصت أخيرا باستخدام الإسبرين للوقاية من سرطان القولون والمستقيم والأمراض القلبية الوعائية لدى بالغين كثيرين في الولايات المتحدة، وأظهرت تجارب علاجية أن التناول المنتظم لجرعات صغيرة من الإسبرين من شأنه تقليص خطر عودة الأعراض بنسبة تقارب 25 % لدى الأشخاص الذين أصيبوا مرة أولى باحتشاء في عضلة القلب. غير أن هؤلاء الخبراء يحذرون من مخاطر محتملة للتعرض لنزف جراء تناول الإسبرين.
ماذا يفيد استخدام الأسبرين لفترات طويلة؟
قال باحثون إن من يستخدمون الأسبرين بصفة منتظمة على مدار السنين ربما يكونون أقل عرضة للإصابة بسرطان القولون، وتوصلوا أيضا إلى أن من يتناولون الأسبرين بضع سنوات تتراجع لديهم مخاطر الإصابة بمختلف أنواع السرطان عموما ويرجع ذلك أساسا إلى تناقص احتمالات الإصابة بسرطان القولون.
وقال أندرو تشان كبير المشرفين على البحث بمستشفى ماساتشوستس العام "وجدنا أن الأسبرين يقلل من ظهور الأورام بصورة عامة ومن أشيعها تراجع خطر الإصابة بسرطان الجهاز الهضمي"، وقال تشان لرويترز هيلث إن الأسبرين يزيل الالتهابات من شتى أعضاء الجسم وهو الأمر الذي قد يقلل من احتمالات ظهور الأورام كما أنه يؤثر على مادة البروستوجلاندين الطبيعية المسؤولة عن أورام القولون. بحسب رويترز.
وفي عام 2015 قالت قوة المهام الأمريكية للخدمات الوقائية المدعومة من الحكومة إن من يتناولون الأسبرين لعشر سنوات على الأقل بغرض الوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية ربما تتراجع لديهم أيضا احتمالات الإصابة بسرطان القولون، وقال تشان وزملاؤه في دورية جاما للأورام إن أبحاثا سابقة أشارت إلى أن تعاطي الأسبرين بصفة منتظمة يرتبط بتراجع مخاطر الإصابة بمختلف أنواع الأورام.
واستعان الباحثون في دراستهم الحديثة بعدد 88084 امرأة و47881 رجلا شاركوا في دراستين كبيرتين، تراوحت أعمار النساء بين 30 و55 عاما عند بدء الدراسة عام 1976 وتراوحت أعمار الرجال بين 40 و75 عاما في بداية بحثهم عام 1986 . وخلال عمليات متابعة على مدى 32 عاما أصيبت 20414 امرأة بالسرطان و7571 رجلا.
وعموما تراجعت احتمالات الإصابة بالأورام بنسبة 3 في المئة تقريبا بين من يتناولون الأسبرين بصفة منتظمة بالنسبة إلى من لا يتعاطونه دائما. ولم يرتبط الأسبرين بتراجع مخاطر الإصابة بسرطان الصدر والبروستاتا والرئة، وتراجعت بنسبة 15 في المئة مخاطر الإصابة بسرطان الجهاز الهضمي عموما فيما تراجعت احتمالات الإصابة بسرطان القولون تحديدا بنسبة 19 في المئة بين من يتعاطون الأسبرين بصفة منتظمة.
تقوية مفعول عقاقير علاج السرطان
الى ذلك أشارت نتائج دراسات أجريت على حيوانات التجارب الى ان تناول مرضى السرطان للاسبرين العادي الزهيد الثمن يمكن ان يقوي فاعلية العقاقير الحديثة الباهظة التكلفة التي تساعد جهاز المناعة لديهم لمكافحة الأورام.
ويبشر اسلوب العلاج المناعي بإحداث ثورة في علاج الأورام من خلال عقاقير أفضل ممتدة المفعول ذات حد أدنى من الآثار الجانبية بالنسبة الى العلاجات التقليدية إلا ان الادوية الجديدة لا تعمل بنفس الكفاءة في جميع الحالات.
وقال الباحثون في معهد فرانسيس كريك في لندن إن احد أسباب ذلك هو ان الخلايا السرطانية غالبا ما تفرز جزيئا يعكس رد الفعل الطبيعي لجهاز المناعة الخاص بمهاجمة الخلايا الخبيثة، ويعمل الاسبرين العادي على وقف انتاج ونشاط هذا الجزيء ووجد الباحثون ان اضافة الاسبرين للعلاج المناعي أبطأ من نمو أورام الأمعاء والجلد لدى حيوانات التجارب وذلك بالمقارنة بالعلاج المناعي وحده. رويترز.
وظهرت ثمة شواهد على ان هذه النتائج الخاصة بحيوانات التجارب يمكن تطبيقها على الانسان لكن يتعين قطع شوط طويل في هذا المضمار، ومن المتوقع على نطاق واسع ان يتضمن العلاج المناعي مستقبلا مجموعة من العقاقير علاوة على الاسبرين في محاولة للحد من التكاليف الباهظة لعلاج الأورام.
اضف تعليق