النفس الأمارة بالسوء تدفع بالإنسان نحو شواطئ الزلل، وتشجعه على ارتكاب الخطأ، وفي الأعم الأغلب تدفعه بلا حواجز في مسارب الحرام، ولا يفكر ضعيف النفس بما يسوقه نحو الخلل، أو لماذا يرتكب الخطأ، أو لماذا يتجاوز على اموال الآخرين، وعندما يكون الانسان في موقع السلطة، تنكشف حقيقته حتى أمام نفسه، فكثير من الناس يشعر أنه أمين عندما يكون بعيد عن السلطة والمال، ويقول لنفسه أنه لا يمكن أن يمد يده الى المال العام او سواه، ولن يقرب المحرمات من الأفعال، ولكن تبقى التجربة أكبر برهان كما يُقال.
لم يعرف حتى علماء الاجتماع لماذا يزدهر الفساد في المجتمعات العربية؟، ولم يتوصل احد لتلك الأسباب بدقة، فعندما تظهر تقارير عالمية من منظمات دولية تتحدث عن الدول والمجتمعات الفاسدة، تجد حضورا لافتا للدول العربية في هذه التقارير؟؟ أما عندما يكون الكلام عن الابتكار والتطور، فإن أسماء الدول العربية سرعان ما تختفي من مثل هكذا قوائم.
السؤال، لماذا يحدث هذا؟ لماذا في الفساد يكون العرب حاضرين، وفي التقدم غائبين؟ قد يقول قائل هناك دول غير عربية يكثر فيها الفساد، كما ظهر في تقرير منظمة الشفافية الدولية السنوي، وقد يكون هذا القول صحيحا، ولكن عند المقارنة نجد ان الدول العربية لديها ثروات، ويمكنها ان تتقدم، فلماذا الفساد؟، في وقت ان الدول الاخرى الفاسدة تعاني من الفقر وقلة الثروات الطبيعية وحتى الصناعية.
عندما نسأل لماذا تمنح العائلة السعودية رئيس وزراء ماليزيا 681 مليون دولارا، كيف سيأتي الجواب، ومن أين أتت هذه العائلة بهذا المبلغ الضخم، أليس هذا المال يعود للشعب السعودي، فمن أعطى العائلة السعودية المالكة حق التجاوز على أموال الشعب؟؟، مثل هذه السلوكيات الرعناء ربما نلمسها في أنظمة ودول ومجتمعات اخرى، فكيف الخلاص؟؟ وما هي آفاق الحلول الحاسمة؟؟.
ملك المغرب من جهته يدفع تكاليف عطلة ملكية لساركوزي في مدينة مراكش، والمغرب تغص بالمشاكل الاقتصادية والبطالة، من منح الملك المغربي مثل هذا الحق؟ ولماذا هذا البذخ من أموال الشعب؟؟ وهناك الكثير من هذه الأمثلة التي ترسم لوحة قاتمة للفساد في العالم العربي، حتى أن آخر تقرير لمنظمة الشفافية العالمية، أظهر أسماء عدد من الدول العربية بين العشر دول الأكثر فسادا في العالم، وللأسف العراق من بين هذه الدول العشر، الى جانب ليبيا والسودان والصومال، وقد نجد بعض الاعذار للدول الثلاث مع التحفظ على الفساد في جميع الاحوال، ولكن نحن نعرف ان الجوع يفتك بالصومال ولا تملك ثروات او موارد طبيعية، ليبيا تفتك بها الصراعات القبلية، السودان تعاني من الحروب، فربما يكون بعض الفساد متوقعا، ولكن في العراق هناك اموال طائلة يمكن ان تبني دولة قوية خالية من الفساد، لماذا يحصل العكس، لماذا يصطف اسم العراق بين الدول العشر الأكثر فسادا في العالم؟؟.
أربع دول عربية مع أكثر 10 دول فسادا
ففي هذا السياق تصدرت الصومال بالاشتراك مع كوريا الشمالية قائمة منظمة الشفافية الدولية لأكثر دول العالم فسادا، وتضم العشر دول الأولى في القائمة ثلاث دول عربية أخرى هي السودان وليبيا والعراق، وتدرس القائمة التي تعد سنويا عوامل مثل تفشى الرشى وعدم محاسبة الموظفين الحكوميين، وتضم قائمة الدول العشر الأكثر فسادا في العالم بالترتيب كلا من: الصومال وكوريا الشمالية، أفغانستان، السودان، جنوب السودان، أنغولا، ليبيا، العراق، فينزويلا، غينيا بيساو، وهاتي، ولا توجد في الصومال حكومة مركزية فعالة منذ الإطاحة بالرئيس محمد سياد بري عام 1991، ووفقا للتقرير فإن أكثر دول العالم شفافية مثل الدنمارك وفنلندا والسويد تكشف للشعب كيفية التصرف في الأموال العامة ولا يفرق القضاء فيها بين الغني والفقير، ووصف التقرير غانا بأنها "جيب للأمل" يعمل فيها الناشطون "بصورة جادة لإبعاد الفاسدين"، وأحدث فيديو سُرب مؤخرا يزعم حصول قضاة على رشى ضجة كبيرة في غانا، وقالت المنظمة إن السنغال، التي استحدثت عددا من القوانين لمكافحة الفساد، شهدت أكبر تحسن العام الحالي.
العائلة الحاكمة السعودية تتجاوز على المال العام
اعلن المدعي العام الماليزي ان العائلة الحاكمة السعودية قدمت "هبة" بقيمة 681 مليون دولار ورطت رئيس الوزراء نجيب عبد الرزاق في فضيحة مالية، لكنه استبعد اي شبهة بالفساد، وقال محمد اباندي علي ان فحصا للادلة التي جمعتها الوكالة الماليزية لمكافحة الفساد كشف ان هذا المبلغ كان "هبة شخصية من العائلة الملكية السعودية، بدون ان يذكر اي تفاصيل عن مبررات تقديم المبلغ الى رئيس حكومة هذا البلد الواقع في جنوب شرق آسيا، وصرح المدعي العام "اشعر بالارتياح لانني لا ارى اي دليل يدل على ان الهبة كان شكلا من اشكال الشكر التي تمنح في اطار الفساد او اي شىء آخر مرتبط برئيس الوزراء". بحسب فرانس برس.
وتطالب المعارضة وحتى داخل معسكر عبد الرزاق باستقالته منذ الكشف عن هذه الدفعة الكبيرة في الحسابات الشخصية لرئيس الوزراء في 2013. وهي مرتبطة بالفضيحة المالية للشركة العامة م1ماليجا ديفلومنت برهاد" (1ام دي بي) التي اسسها عند وصوله الى السلطة في 2009 لتحديث البلاد وتعاني من ديون تبلغ عشرة مليارات يورو اليوم.
الهبة الملكية السعودية لأسباب سياسية
كشف مصدر سعودي لبي بي سي عن أن الهبة الضخمة التي قدمتها العائلة المالكة السعودية لرئيس وزراء ماليزيا نجيب رزاق كانت بهدف "مساعدته للفوز بانتخابات عام 2013."
وكان النائب العام الماليزي قد أعلن تحويل "هبة" قيمتها 681 مليون دولار أمريكي إلى حساب رزاق الشخصي من العائلة المالكة السعودية، وبرأ النائب العام رئيس الوزراء من شبهات فساد تتعلق بهذه الهبة، واعتبرها مسألة شخصية بين السعوديين ورزاق.
وقال المصدر السعودي إن الهبة قدمت في سباق قلق ساور السعودية من نفوذ جماعة الإخوان المسلمين في ماليزيا، وفي موسم الانتخابات عام 2013 في ماليزيا، ضم تحالف المعارضة الحزب الإسلامي لعموم ماليزيا. وقد استلهم مؤسسو الحزب فكر الأخوان المسلمين، رغم أنه لم تكن هناك سوي دلائل قليلة على أن الجماعة تتمتع بتأييد كبير في ماليزيا، وقد فاز التحالف بقيادة رزاق في الانتخابات. غير أن النتائج عكست واحدة من أسوأ النتائج التي يحققها الحزب خلال أكثر من 50 عاما في السلطة.
ويقال إن الهبة السرية السعودية لرزاق قد دفعت عبر تحويلات على دفعات بين أواخر شهر مارس/آذار عام 2013 وأوائل أبريل/نيسان من العام نفسه، قبيل الانتخابات التي أجريت في الخامس من مايو/آيار 2013.
وقال المصدر المطلع، الذي طلب عدم كشف اسمه، لبي بي سي إن دفع الهبة صُدق عليه من جانب الملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز. وأكد المصدر أن الأموال دُفعت من حساب الملك الشخصي وخزينة الدولة السعودية.
وتقول تقارير إن الأمير تركي بن عبد الله، أحد أبناء الملك الراحل، له تعاملات تجارية واقتصادية واسعة في ماليزيا، وحسب المصدر، كان غرض الهبة بسيط وهو مساعدة رزاق وتحالفه على الفوز في الانتخابات، عن طريق توظيف فريق اتصالات استراتيجي له خبرة دولية، والتركيز على مقاطعة ساراواك، وتمويل برنامج اجتماعية عبر حملات حزبية، وردا على سؤال عن سبب اهتمام السعوديين بانتخابات في دولة غير عربية تبعد عن بلادهم بأكثر من 6 آلاف كيلومتر، قال المصدر إنه القلق من القوة الصاعدة للإخوان المسلمين، التي تعتبرهم السعودية تنظيما إرهابيا. بحسب البي بي سي.
أثار صعود الأخوان المسلمين في مصر قلق السعودية التي أيدت عزل مرسي، ودعمت ماليا نظام الحكم الذي خلفه، وكان السعوديون قد أصيبوا بخيبة أمل بالفعل بسبب الأوضاع في مصر، التي كان الرئيس محمد مرسي ، المعزول الآن، مشغولا بتقوية قبضة الإخوان المسلمين فيها، وبعد شهور قليلة من الانتخابات الماليزية، أي في الثالث من يوليو/تموز 2013، خلع الجيش المصري الرئيس مرسي، أحد قادة الإخوان. وساور السعوديين قلق من دور الأخوان في حركة المعارضة الرافضة لعزل مرسي، وكذلك من دعم قطر للأخوان وغيرهم من الجماعات الإسلامية في الشرق الأوسط.
وأشار المصدر السعودي إلى أن مثل هذه الهبات الشخصية التي تقدمها العائلة المالكة السعودية أمر معتاد. وقال إن الاردن والمغرب ومصر والسودان حصلوا على هبات بمئات الملايين من الدولارات من جيب العائلة المالكة السعودية، وأضاف المصدر "لا شئ غير معتاد في هذه الهبة إلى ماليزيا"، وتابع "هذا الأمر شبيه للغاية بطريقة عمل السعوديين في عدد من الدول"، وقد سارعت السعودية بمساندة الإطاحة بالرئيس مرسي في مصر وقدمت للحكومة المسنودة من الجيش معونات وقرضا بمليارات الدولارات.
محمد السادس يكرم ساركوزي بعطلة ملكية
أفادت صحيفة "لوكنار أونشينيه" الفرنسية في عددها الصادر، بأن العاهل المغربي محمد السادس أهدى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي "عطلة ملكية"، في قصر له بمراكش خلال أعياد الميلاد، كتبت الأسبوعية الفرنسية "لوكنار أونشينيه" في عددها الصادر الأربعاء، أن الملك محمد السادس قد أهدى الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي "عطلة ملكية" في قصر تابع للعاهل المغربي في مدينة مراكش (جنوب المملكة) خلال أعياد الميلاد 2015. بحسب فرانس برس.
وأوضحت الأسبوعية، والتي تشتهر بتحقيقاتها الصحفية الجدية، أن ساركوزي وأقاربه سافروا إلى المغرب على متن طائرة تحمل "الشعار الملكي المغربي"، وانطلقت من مطار لوبورجيه بضاحية باريس الشمالية. وأضافت أن الرحلة كانت تحت غطاء السرية، إلا أن نجل ساركوزي، لوي، ورفيقته نشرا على الإنترنت صورا لعطلتهم تحت شمس مراكش ويظهران في إحداها يركبان جملا، وربطت "لوكنار أونشينيه" بين عطلة نيكولا ساركوزي وأقاربه هذه، وتصريحات نسبت له خلال زيارة قام بها إلى أبو ظبي في 13 يناير/كانون الثاني الجاري، ومفادها أن "فرنسا ظلت ومازالت تدعم "مغربية" الصحراء"، في إشارة إلى الصحراء الغربية المتنازع عليها بين المملكة وجبهة البوليساريو التي تدعمها الجزائر.
وقد أصدر نيكولا ساركوزي، رئيس فرنسا من 2007 إلى 2012، في مطلع الأسبوع الجاري كتابا تحت عنوان "فرنسا للأبد"، يقر فيه بالأخطاء التي قال إنه ارتكبها خلال عهدته في سدة الحكم، ومن بينها رحلة قام بها بعد أيام قليلة من انتخابه رئيسا إلى مالطا على متن باخرة فاخرة على حساب الملياردير ورجل الأعمال الفرنسي فانسان بولوري.
جماعة مبارك في قبضة القضاء السويسري
قال النائب العام السويسري مايكل لاوبر السبت في القاهرة ان القضاء السويسري يواصل التحقيق في اموال مودعة من اقارب الرئيس المصري الاسبق حسني مبارك في حسابات بسويسرا، واوضح في مؤتمر صحافي ان التحقيق يهدف الى معرفة ما اذا كانت هذه الاموال وقيمتها 590 مليون فرنك سويسري (539 مليون يورو) مصدرها "تبييض اموال او انشطة اجرامية"، واضاف ان اجهزته تدقق في حسابات 14 شخصا منذ 2011 دون ان يشير الى اسم مبارك او اسرته، بيد ان المتحدث باسم لاوبر كان ذكر الاسبوع الماضي ان زيارة النائب العام لمصر تهدف للتباحث مع السلطات حول الأصول المجمدة في سويسرا والراجعة لعائلة الرئيس السابق حسني مبارك، واوضح النائب العام انه تم تقديم 30 طلبا للمساعدة للسلطات المصرية.
وبعد الثورة التي أطاحت حسني مبارك من السلطة في العام 2011، جمدت سويسرا نحو 700 مليون فرنك سويسري (640 مليون يورو) تعود للرئيس السابق أو أقاربه، كما اتخذت التدابير نفسها حيال تونس بعد الانتفاضة الشعبية في 14 كانون الثاني/يناير 2011، وفي كانون الأول/ديسمبر 2013، كشفت صحيفة "لو ماتان ديمانش" السويسرية أن 300 مليون دولار من الأصول المصرية المجمدة من قبل السلطات وتعود إلى نجلي مبارك علاء وجمال، موجودة في حسابات مصرف "كريدي سويس" الكبير. بحسب فرانس برس.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا المبلغ يشكل تقريبا 40 في المئة من 700 مليون فرنك مجمدة في برن، وردت محكمة النقض المصرية السبت الطعن الذي قدمه مبارك ونجلاه جمال وعلاء، ما يثبت عقوبة السجن ثلاث سنوات الصادرة بحقهم في قضية فساد تعرف اعلاميا بقضية "القصور الرئاسية"، وفي 9 ايار/مايو الفائت، صدر حكم نهائي بالسجن ثلاث سنوات بحق مبارك ونجليه بتهمة اختلاس اكثر من 10 ملايين يورو من الاموال العامة لصيانة القصور الرئاسية، وقضى مبارك (87 عاما) القسم الاكبر من فترة اعتقاله في مستشفى عسكري في القاهرة، منذ الثورة التي اطاحته من السلطة في 2011 كما يحاكم بتهمة التآمر في قتل متظاهرين خلال الانتفاضة الشعبية.
الفساد "الصغير" يتفاقم في تونس
تفاقم الفساد "الصغير" في تونس بعد الثورة مع ان فساد الدولة كان من الأسباب الرئيسية للإطاحة مطلع 2011 بنظام الرئيس زين العابدين بن علي فيما تنتقد منظمات غياب ارادة سياسية لمكافحة هذه الآفة التي ما زالت تعرقل نمو اقتصاد البلاد.
وعاد الحديث بقوة عن الفساد في تونس منذ أن تبنت حكومة الحبيب الصيد منتصف تموز/يوليو الماضي مشروع قانون اقترحه الرئيس الباجي قائد السبسي ويقضي بإقامة "مصالحة" مع رجال أعمال فاسدين شرط إرجاعهم أموالا عامة نهبوها.
وأحالت الحكومة مشروع قانون "المصالحة" هذا الى البرلمان الذي لم يحدد بعد موعدا لمناقشته، وقد رفضت نقابات وأحزاب ومنظمات تونسية وأخرى أجنبية مشروع القانون الذي تظاهر ضده تونسيون في عدد من مناطق البلاد معتبرين أنه يهدف إلى "تبييض الفساد" و"تكريس الإفلات من العقاب"، وقال سمير العنابي رئيس "الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد" (مستقلة) التي أحدثت في 2011 لوكالة فرانس برس "بعد الثورة شهد الفساد الصغير ارتفاعا كبيرا وطال كل القطاعات، وهو يزداد انتشارا"، ولفت الى ان "الفساد الكبير" الذي ضلعت فيه عائلتا زين العابدين بن علي وزوجته ليلى الطرابلسي "توقف بعد الإطاحة بنظام بن علي لأنه لم تعد هناك مشاريع وصفقات كبرى تدر أموالا طائلة".
ومن أشكال الفساد "الصغير" المتفاقم في تونس "الغش والمحسوبية" في مسابقات التوظيف بالقطاع العام والتهرب الضريبي ورشوة مسؤولين في ادارات عامة بهدف "تسريع" قضاء شؤون متعاملين مع الادارة أو تجنيبهم غرامات مالية كانت ستسلط عليهم بسبب ارتكابهم مخالفات للقانون، وفق سمير العنابي، وافادت اول دراسة محلية حول "مؤشر مدركات الفساد الصغير في تونس" نشرتها في نيسان/ابريل الماضي "الجمعية التونسية للمراقبين العموميين" (غير حكومية) ان التونسيين دفعوا في 2013 رشاوى بقيمة 450 مليون دينار (حوالي 205 ملايين يورو) لموظفين عموميين.
وعزا شرف الدين اليعقوبي رئيس الجمعية أسباب تفاقم الفساد الصغير في تونس الى "البيروقراطية المفرطة وظاهرة الافلات من العقاب جراء عدم تطبيق السلطات للقوانين الزجرية على الفاسدين ما جلعهم يشعرون بالاطمئنان ويتمادون في فسادهم وغياب الشفافية والمساءلة وضعف هيئات الرقابة (الحكومية) وضعف الوازع الديني والاخلاقي والاستهتار بالقوانين وجشع الموظفين للمال"، وقال لفرانس برس "في بعض الحالات تم وبالوثائق، إثبات تورط مسؤولين إداريين في الفساد وإبلاغ السلطات بذلك. لكن بدل معاقبتهم فوجئنا بترقيتهم إلى مناصب أهم"، ويرى مهاب القروي المدير التنفيذي لمنظمة مكافحة الفساد التونسية "أنا يقظ" وهي فرع لمنظمة الشفافية الدولية بتونس انه "ليس هناك ارادة سياسية لمكافحة الفساد في تونس بدليل عدم اصدار وتفعيل اطار تشريعي لمكافحة الفساد وعدم تفكيك منظومة الفساد القديمة التي مازالت متمترسة داخل الادارة"، وقال القروي لفرانس برس ان هذا الامر "أدى الى ظهور طبقة جديدة من الاثرياء من سياسيين ورؤساء الاحزاب ورجال اعمال واعلاميين (...) كانوا فقراء قبل الثورة ثم انقلبوا بعدها الى اصحاب سيارات وعقارات وأموال".
وكان البنك الدولي قال في تقرير بعنوان "الثورة غير المكتملة" في ايار/مايو 2014 ان "الفساد يكبد الفساد تونس 2 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي سنويا"، مشيرا الى "تفاقم" هذه الظاهرة منذ الثورة، مؤكدا ان "معدل انتشار الفساد في تونس بغرض +تسريع الأمور+ يعد من بين أعلى المعدلات في العالم حسب المعاير الدولية"، وقد تراجع ترتيب تونس في لائحة الفساد لمنظمة الشفافية الدولية من المرتبة 59 في 2010 الى المرتبة 79 في 2014، ورأى سمير العنابي انه "قد تكون لدى الحكومة إرادة سياسية لمكافحة الفساد، لكن الادارة العمومية الفاسدة (...) وأصحاب المصالح والنفوذ يحولان دون ذلك"، واضاف إن الحكومة تحولت إلى "رهينة لدى الإدارة العمومية" التي اتهمها بـ"التضييق" على الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد. وكان الدستور التونسي الجديد الذي اقر مطلع 2014 نص على احداث "هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد" لكنها لم تر النور بعد.
وخلال زيارته في أيار/مايو الماضي إلى الولايات المتحدة، اقر الرئيس الباجي قائد السبسي في مقال مشترك مع نظيره الاميركي نشرته صحيفة واشنطن بوست بأن "تركة النظام القديم من سوء إدارة وفساد لا تزال تخنق النمو الاقتصادي" في تونس، وردا على سؤال لفرانس برس، قال طارق البحري المدير العام المكلف بمصالح الحوكمة في رئاسة الحكومة ان "ارساء الحوكمة ومكافحة الفساد في الادارة التونسية سيكونان العمود الفقري للمخطط الانمائي الخماسي القادم (2016-2020)"، واضاف ان الحكومة "تضع اللمسات الاخيرة" على عدد من مشاريع القوانين بعضها يتعلق بحماية المبلغين عن الفساد، والاثراء غير المشروع للموظفين بالقطاع العام.
حملة على الفساد في الجزائر
أوقفت السلطات الجزائرية 17 شخصا بتهمة تحويل 26 مليون يورو، وخمسة ملايين دولار بطريقة مخالفة للقانون، والتخطيط لتحويل 124 مليون يورو. وتنسق الشرطة الجزائرية مع نظيرتها الدولية، الأنتربول، لتوقيف أشخاص آخرين موجودين في الخارج بشأن نفس القضية. وتأتي هذه الاعتقالات في ظل حملة تشنها الجزائر على الفساد لمواجهة تبعات انخفاض أسعار النفظ العالمية.
قال مصدر قضائي ووسائل إعلام رسمية إن السلطات الجزائرية ألقت القبض على 17 شخصا بينهم مستوردون ومسؤولو مصارف في ظل حملة على الفساد لمواجهة تبعات انخفاض أسعار النفط العالمية، وقالت إذاعة الدولة إن أجهزة الأمن تنسق مع الشرطة الدولية (الأنتربول) للقبض على آخرين في الخارج يشتبه في انتمائهم للشبكة التي خالفت قوانين الاستيراد وتحويل الأموال، وألقي القبض على 17 شخصا من بين عشرة مستوردين وأربعة مسؤولين في بنوك خاصة وحكومية في مدينة وهران الغربية. بحسب فرانس برس.
ووجهت للمقبوض عليهم تهمة تحويل 26 مليون يورو وخمسة ملايين دولار بطريقة مخالفة للقانون والتخطيط لتحويل 124 مليون يورو. وأتاح مسؤولون مصرفيون قروضا للمستوردين سهلت لهم الاستيراد، وأعلنت الجزائر سلسلة من الإجراءات للتصدي لانخفاض أسعار الخام إذ تدر مبيعات النفط والغاز 97 في المئة من إيرادات البلاد. وتعتمد 60 في المئة من ميزانية الدولة على إيرادات الطاقة، وتسعى الجزائر، العضو في منظمة "أوبك"، لخفض فاتورة الواردات التي بلغت58 مليار دولار في عام 2014 وهو تقريبا نفس مستوى إيرادات صادرات الطاقة في البلاد، وقالت الحكومة هذا العام إنها ستفرض قيودا على رخص الاستيراد وستعلن التفاصيل في وقت لاحق من العام.
رئيس الوزراء المصري الاسبق احمد نظيف سجينا
قضت محكمة مصرية تعيد محاكمة احمد نظيف رئيس الوزراء الاسبق في عهد الرئيس المعزول حسني مبارك عليه بالسجن خمس سنوات بعد ادانته بتهمة "الكسب غير المشروع"، حسب ما قال مسؤول في المحكمة، واتُهم نظيف الذي اقيل من منصبه نهاية كانون الثاني/يناير 2011 مع بداية الانتفاضة الشعبية التي اطاحت مبارك، باستغلال منصبه الذي تولاه في تموز/يوليو 2004 لتحقيق ثروة غير مشروعة مقدارها 64 مليون جنيه مصري (8,2 ملايين دولار اميركي)، وعاقبت محكمة جنايات القاهرة ايضا نظيف بغرامة مالية قدرها 53 مليون جنيه (6,7 ملايين دولار اميركي). ولم تصدر المحكمة حيثيات الحكم بعد.
وتتضمن هذه القضية اتهامات لنظيف باستغلال منصبه لتحقيق ثروة غير مشروعة مقدارها 64 مليون جنيه في وقائع فساد متعلقة ببيع عقارات والحصول على هدايا ومكافآت غير مشروعة، وذكرت التحقيقات ان التقارير الرقابية اثبتت ان نظيف عجز عن اثبات حصوله عل هذه الاموال بشكل شرعي، وتغيب نظيف الاستاذ الجامعي السابق فارع الطول الذي حُوكم وهو طليق عن حضور جلسة الاربعاء، بحسب مصدر امني، ويحق لنظيف الطعن على الحكم مجددا وللمرة الاخيرة امام محكمة النقض التي ستصدر حينها حكما نهائيا اما بتاييد الحكم بسجنه خمس سنوات او بالغائه، ويعتبر نظيف مهندس عملية تحرير الاقتصاد المصري عبر انتهاجه سياسة اقتصادية ليبرالية على حساب تحقيق العدالة الاجتماعية. كما كان قريبا من رجال الأعمال المصريين، وفي ايلول/سبتمبر 2012، عاقبت محكمة جنايات مصرية نظيف بالسجن ثلاث سنوات وغرامة قدرها تسعة ملايين جنيه (1,15 مليون دولار) في هذه القضية قبل ان تلغي محكمة النقض هذا القرار في العام 2014 وتأمر باعادة محاكمته، وفي شباط/فبراير الفائت، برأ القضاء المصري نظيف ووزير داخلية مبارك حبيب العادلي من قضية فساد اخرى تعرف اعلاميا في مصر باسم "قضية اللوحات المعدنية".
وخلال السنوات الاربع الاخيرة، برأ القضاء كافة الوزراء ورجال الاعمال المتهمين في قضايا فساد فخرجوا من السجون ليباشروا اعمالهم التجارية من جديد، كذلك اُسقطت تهم قتل متظاهرين من على كاهل كبار رجال الشرطة في عهد مبارك والضباط المتهمين بقتل اكثر من 846 متظاهرا خلال الثورة التي اسقطت مبارك. بحسب فرانس برس.
وفي ايار/مايو الفائت، قضت محكمة مصرية بالسجن ثلاث سنوات بحق مبارك ونجليه علاء وجمال بعد ان دانتهما باختلاس اكثر من 10 ملايين يورو من الاموال العامة فيما عرف اعلاميا باسم "قضية القصور الرئاسية"، وفي 5 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، تبدأ مجددا محاكمة مبارك في قضية التآمر لقتل متظاهرين.
اضف تعليق