غُرة آب اللهّاب.. اليوم انطلقت تظاهرات واسعة في بعض محافظات العراق معلنة عن تحد جديد للبرنامج الحكومي الحالي، تحد فرضته الارادة الشعبية متمثلة بمن ساهموا في إنجاح تلك التظاهرات ومتمثل في ارسال رسالة قوية لكل مفسد ولكل متهاون في خدمة شعبه.. تظاهرات تؤشر لإرتفاع الغليان الشعبي من سوء الخدمة العامة التي تقدمها الحكومة الحالية وفي مقدمة تلك الخدمات.. الكهرباء.. قد يظن البعض أن الكهرباء عباره عن تيار كهربائي وفولتية ومقاومة، ولكنها من الجهد العالي التي قد تتسبب في اسقاط الكابينة الوزارية على رؤوس اصحابها.

على الرغم من أن تظاهرات اليوم لاتقل قوة عن التظاهرات التي اندلعت أبان فترة الحكومة السابقة وقبل سنوات عدة ؛ إلا الفترة الطويلة بين التظاهرتين تؤشر بعدم وجود الحلول وان الطبقة الحكومية من وزراء الحكومات غير قادرة على تفكيك عرى الازمات التي تتلاحق متواترة محدثة فجوة كبيرة تتسع يومياً بين الشعب وحكومته، فأغلب الحلول الموضوعة حلولاً ترقيعية تتسبب في إنفاق كبيرة يستهلك الموازنة، وتظاهرات اليوم نرى أن فيها نوع من التنظيم ولم تسفر عن إصابات وهذا مؤشر نحمده للحكومة وللقوات الامنية ولكنها ليست النتيجة الوحيدة المرجوة منها.

لا يمكن بأي حال من الاحوال أن نغفل موضوع مهم أن الحكومة الحالية ليست مسؤولة عن كل المشكلة في مجال الطاقة، بل أن المشكلة مستعصية منذ زمن طويل وقطاع الكهرباء منذ أعلن أعلن في فترات سابقة أن العراق سيصدر الكهرباء في الاعوام القادمة لأنه سيكتفي منها وتصريحات أخرى كانت سبباً في ارتفاع مؤشر إنخفاض الثقة بكل الساسة على الاطلاق بل وبالعملية السياسية برمتها.

فالوزراء الذين فشلوا في المرحلة السابقة انتقلوا الى وزارات أخرى وتسلموا مناصب أخرى وكأنا بالفشل يدور في الكابينة الوزارية لسنا بقادرين على اجتثاثه، بينما نمتلك كل القدرة على إجتثاث طبيب حاصل على شهادة الدكتوراه وأعلى من ذلك لأنه أجبر على أن يكون بعثياً يوماً ! مفارقات كثيرة يتداولها ابناء شعبنا وبحسرة بالغة على مليارات أنفقت على مدى اكثر من عقد من الزمن عندما كان سعر النفط يتجاوز المائة دولار بكثير.. مبالغ أنفقت عبثاً ساهمت يد الفساد الطولى في إنفاقه بلا مقابل وعلى الاجتثاث الحقيقي أن يساهم في قطع دابر الفساد والمفسدين والغريب ان الكل ينادي بضرورة القضاء على الفساد : المرجعية والنزاهة ومجلس النواب والحكومة والشعب بل وحتى المفسدين ذاتهم ينادون بذلك ! حتى بدأ الشك يداعب مخيلتنا حول من المفسد ؟ وكأن الفساد اليوم أصبح شبحاً لايمكن اصطياده.. وتحت طاقيته اختفت المليارات الخضراء.. ولكنها المساومات والتوافقات السياسية والمحاصصة المقيتة من قضى على كل أمل بالقبض على حوت الفساد أو ايقاف تبرعمه وافراخه التي انتشرت محدثة تلك الفوضى.

سنستمر بالتظاهر والعام المقبل، في صيفه اللاهب، سيخرج الشعب أيضاً وعلى ذات المشكلة فالنماذج التي تعد شعبها اليوم بالقضاء على الازمات سنراها وقد اختفت عن الساحة وسيخرج غيرهم ليخبرونا بعجز الحكومة السابقة ليعلقوا كل مشاكلهم في رقبة الحكومة الحالية.. مثلما يعلق اليوم البعض المشاكل برقبة سلفهم في الوقت الذي كانوا هم فيها ضمن الطبقة السياسية أو البرلمانية أو حتى أن بعظهم كان يعمل في مجال النزاهة !

وليستمر ناعور مشاكلنا يحمل همومنا ناراً يصبها على صدورنا التي انهكتها الأزمات المتلاحقة فالارهاب والازمة الاقتصادية وأزمة المياه وغيرها توقع اثرها يومياً في نفوسنا وليعلم الجميع بأننا خمس وثلاثون مليون مشكلة وعلى من يتهافت الى قمة الهرم الحكومي أن يتسع صدره لها كلها وبعكس ذلك لا خير فيه ولا خير في الكلام ما لم يرهن بعمل دؤوب يسير بإتجاه تفكيك أزمة الكهرباء وأزماتنا الاخرى، بعكس ذلك وسوف لن يعود هناك سبيلاً حتى لجرس الانذار المبكر. حفظ الله العراق.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق