q

الفساد ظاهرة عالمية خطيرة تنتشر في جميع دول العالم بأشكال وانواع مختلفة، هذه المشكلة وكما يقول بعض الخبراء، أصبحت تشكل عامل قلق للعديد المؤسسات التي تخشى من تفاقم هذا الخطر وخاصة في الدول النامية والفقيرة التي تسعي لتطوير نظمها الاقتصادية. والفساد بحسب تعريف منظمة الشفافية الدولية هو إساءة استعمال السلطة الموكلة لتحقيق مكاسب خاصة، منذ العام 1995 والشفافية الدولية تقوم بإصدار سنوي لمؤشر دولي لملاحظة الفساد يرمز له اختصارً(CPI) يقوم بترتيب الدول حول العالم حسب درجة مدى ملاحظة وجود الفساد في الموظفين والسياسيين.

ويرى بعض الخبراء ان الاسباب التي تساعد ممارسة ظاهرة الفساد تختلف من دولة الى اخرى باختلاف الانظمة والقوانين، ولعل من اهم الاسباب التي تؤدي الى انتشار الفساد هي، تمتع المسؤولين الحكوميين بالحصانة القانونية التي تتيح لهم حرية واسعة في التصرف، يضاف الى ذلك انخفاض الرواتب وانتشار الفقر، والظروف الانتقالية والمشكلات السياسية وضعف الانظمة والقوانين، وبحسب الاحصائيات الخاصة التي نقلتها بعض وسائل الاعلام فأن العالم يخسر اكثر من" 6 تريليون" دولار سنوياً جراء تفشي الفساد.

منها تريليون دولار سنويا بسبب الرشاوى وأكثر من تريليوني دولار بسبب تهريب المخدرات و3 تريليونات دولار بسبب التهرب الضريبي هذا بالإضافة الى الموارد الاخرى المختلفة، بينما يمثل إجمالي إنفاق مختلف دول العالم على خطط التنمية ومحاربة المجاعة والفقر وبرامج التعليم الأساسي المجاني وحملات تقليل نسبة وفيات الأطفال وحملات تقليل نسبة وفيات النساء أثناء الولادة وحملات مكافحة الإيدز والملاريا وتوفير مياه صالحة للشرب وحملات تطبيق سياسة المساواة بين الجنسين في التعليم والعمل نحو 481 مليار دولار.

افغانستان

وفي هذا الشأن فقد كان الأستاذ الجامعي حميد الله فاروقي يعيش حياة هادئة، بعيدا من الملاجئ والقناصة الذين باتوا يحاصرون مكتبه في كابول، لكنه وافق على الاضطلاع بمهمة محفوفة بالمخاطر تقضي بالقيام بحملة لمكافحة الفساد لم تقدم عليها اي حكومة في افغانستان حتى الان. وقال هذا الاستاذ الذي يبلغ الثانية والستين من عمره وقد رفع على جبينه نظارتيه المخصصتين للقراءة، ان "اجراء تحقيق حول الفساد مسألة تشبه التصدي لعصابات المافيا".

وقد يكون الفساد اكبر مشكلة تواجهها افغانستان التي شهدت نزاعا استمر اكثر من ثلاثين عاما. وطالما اجج هذا الفساد عدم المساواة وعجز الحكومة والارتياب الذي ينجم عنه. وهو ينخر ادارات دولة ما زالت تعيش على ما تحصل عليه من المساعدة الخارجية التي تبلغ مليارات الدولارات. ومنذ وصوله الى الحكم في ايلول/سبتمبر الماضي، ابدى الرئيس اشرف غني المسؤول السابق في البنك الدولي والذي درس في الولايات المتحدة، عزما قل مثيله على التصدي لهذا الفساد، خصوصا في قراراته الاولى: فتح تحقيق حول عقود لوجستية واعادة فتح التحقيق المتعلق ببنك كابول، احدى ابرز فضائح اختلاس اموال مصرفية في البلاد منذ 2001 ...

وحرصا منه على تنظيم هذه الثورة، اختار غني حميد الله فاروقي، الاستاذ في جامعة كابول الذي كان في عداد فريق حملته. وفي هذه الايام، يهتم فاروقي بالعقود الدسمة التي وافقت عليها الادارة السابقة، لتوزيع الفيول على الجيش الافغاني والتي تناهز قيمتها الاجمالية حوالى مليار دولار. وقد انهى الرئيس غني هذه الاتفاقات المعقودة في اطار منظومة تزوير "بالغة التطور"، كما قال فاروقي.

ومن بين العيوب التي كشف عنها فاروقي، ان اربع شركات كانت مرشحة لأحد هذه العقود، قدمت بالضبط المبلغ نفسه، حتى الارقام بعد الفاصلة. وقال ان "ذلك لم يكن ممكنا الا من خلال ترتيب بين المرشحين او تسريبات" من الادارة. واكدت "شركة النفط الافغانية الوطنية" احدى الشركات المرشحة ان عناصر من الشرطة متواطئين مع منافسيها اقدموا يوم ايداع العروض على توقيف مسؤوليها على الطريق عن سابق تصور وتصميم.

وقال مدير "شركة النفط الافغانية الوطنية" محمود قادري "وصلنا متأخرين عشرين دقيقة وقالوا لنا فات اوان تقديم الترشيحات"، مشيرا الى "ضربة موجعة" تلقتها الشركة. واخذ فاروقي علما بكل هذه التفاصيل المثيرة للشكوك ونقل ملاحظاته الى الرئيس غني. وسرعان ما ظهرت نتائج الخطوات الاولى لهذه الحملة الرسمية غير المسبوقة في افغانستان. وقد تمثلت بموجة من احتجاجات رجال السياسة وزعماء الحرب السابقين القلقين المنغمسين في هذا الفساد.

ولم يتأثر فاروقي بذلك ابدا. وقال "تلقيت تعليمات حازمة من الرئيس بأن اقول لهم بأن يستقيلوا". وعلى سبيل الاحتياط، بات يستخدم تطبيقا يسجل بصورة تلقائية جميع الاتصالات الهاتفية التي يتلقاها. وقال ان "اقناع من يجب اقناعه بان الاعمال السابقة قد انتهت سيستغرق بعض الوقت". ومنذ وصوله الى الحكم، حرص الرئيس غني على الظهور بأنه نقيض سلفه حميد كرزاي الذي تولى الحكم بين 2001 و2014، والمعروف بأنه يميل الى التسويات اكثر مما يميل الى مكافحة الفساد.

اما اشرف غني المعروف منذ فترة طويلة بطبعه الحاد، فتميز بزياراته المفاجئة وفي اي وقت الى الادارات وميله الى ان يصرف على الفور الذين يضبطون بالجرم المشهود على صعيدي الفساد والتقاعس. لكنه يواجه صعوبة لاستبدالهم سريعا، مما يترك فراغا كبيرا في بعض الاحيان في الادارات المحلية او المركزية. وينتقد البعض هذا التعامل القهري، لانه استثنى حتى الان الرؤوس الكبيرة للنخبة السياسية المتورطة في فضائح الفساد.

وعن اختلاس 900 مليون دولار، قالت الناشطة على صعيد مكافحة الفساد سيما غني ان "اعادة فتح قضية بنك كابول مسألة جيدة، لكنه هل ادى الى سجن واحد على الاقل من مهندسي الفضيحة؟ كلا". وترى سارا شايس مؤلفة كتاب "سارقو الدولة: لماذا يهدد الفساد الامن الشامل"، حدا آخر لأسلوب الرئيس غني، وتقول ان الاشمئزاز من الفساد يمكن ان يدفع بقسم من الناس الى الالتحاق بمتمردي طالبان. واضافت "انه لا يرأس حكومة ينخرها سرطان الفساد، بل دولة طورت منذ عشر سنوات مجموعة من الشبكات الاجرامية البالغة التطور والمتكاملة". بحسب فرانس برس.

لكن هذه الملاحظات يجب الا تحمل على التقليل من اهمية وجود رجل على قمة الدولة الافغانية مستعد للتصدي لآفة الفساد، وهذا ما يعتبر في حد ذاته تغييرا كبيرا للبلاد"، كما قال مسؤول في الادارة يعمل مع فاروقي. واضاف ان اشرف غني "يعرف ان ذلك سيستغرق بضع سنوات، وبالتالي عقودا لتنظيف النظام".

تايلاند

الى جانب ذلك وازاء فضائح الفساد التي تهز اوساط الرهبان البوذيين في تايلاند والانتقادات المتزايدة للكثيرين منهم باستغلال سلطتهم الروحية لكسب المال، تعهد المجلس العسكري الحاكم بفرض رقابة مشددة على المعابد البوذية المنتشرة في البلاد. ومن هذه المعابد التي تنوي السلطات مراقبتها معبد "داماكايا"، وهو بناء ضخم في العاصمة بانكوك لا يكف القيمون عليه عن توسعته.

وفي ايام الاعياد، يتقاطر الاف البوذيين الى هذا المعبد لحضور الاحتفالات الدينية الضخمة التي يرئسها الراهب دااماشايو. لكن هذا المعبد الاشهر في هذا البلد ذي الغالبية البوذية، يتعرض منذ اسابيع لانتقادات واسعة بسبب الطرق التي يتبعها القيمون عليه في جمع الأموال، وارتباطهم بقضية اختلاس اموال كبيرة. في منتصف اذار/مارس الماضي، وافق الراهب داماشايو رئيس المعبد على دفع ما يعادل عشرين مليون يورو على امل ان يعينه ذلك على الافلات من المساءلة القانونية حول الاتهامات الموجهة باستغلال سلطته الروحية لجمع ثروة شخصية.

وهذه الفضيحة ليست الاولى من نوعها في تايلاند، بل تضاف الى حملة من القضايا التي لم توفر معبد وات ساكيت في بانكوك الذي يعرف في الاوساط السياحية باسم "غولدن ماونت تامبل" (معبد جبل الذهب)، والذي هزته فضيحة اختلاس الاموال المرصودة لمراسم تشييع رئيسه. وتوالت في الآونة الاخيرة الاخبار عن فضائح الرهبان في تايلاند وتصدرت اهتمامات وسائل الاعلام المحلية، وابرزها قضية الراهب ويرابول سوكبهول الذي كان يسافر في طائرة خاصة، ما دفع السلطات العسكرية الحاكمة الى وضع يدها على هذا الملف.

وباتت التبرعات المقدمة الى المعابد من الامور الموضوعة تحت المجهر، ولا سيما في ظل غياب الشفافية في ادارة اموال هذه المؤسسات الدينية. واوكلت السلطات الى الناشط السياسي المحافظ بايبون نيتيوان الذي شارك في تنظيم التظاهرات الممهدة للانقلاب العسكري في العام 2014 مهمة اعداد مشروع قانون في هذا المجال، وهو ما اثار استياء الرهبان. وقال بايبون "ننوي إحصاء ممتلكات المعابد ومراقبة حساباتها".

لكن البعض يشككون في نجاح هذا التوجه الاصلاحي، وذلك بسبب السلطة المتجذرة لرجال الدين البوذيين في مملكة تايلاند، يضاف الى ذلك الاقبال الواسع على التبرع للمعابد. وتشير دراسة للمعهد الوطني لادارة التنمية في بانكوك الى ان المعابد البالغ عددها 38 الفا في البلاد جمعت تبرعات في العام 2014 بلغت قيمتها 120 مليار بات، اي ما يعادل 3,3 مليارات يورو. وتعد تايلاند من "اكرم" بلدان العالم، بحسب مؤشر وورلد غيفينغ في العام 2014، وهي تحل في المرتبة الثالثة من بعد بورما ومالطة، اذ يدفع 77 % من سكانها تبرعات للمنظمات الخيرية والمعابد البوذية.

ويزيد من الدافع للتبرع للمعابد الاعتقاد انها تحسن طاقة الشخص وحظوظه في الحياة الدنيا كما في الآخرة. وتعرض المتاجر الكبرى في تايلاند سلعا يعود ريعها للرهبان، في تطبيق حديث لتقليد قديم ما زال موجودا في بانكوك، ويقضي بتقديم الارز للرهبان الذين يجمعون غذاءهم من بيت لبيت وهم حفاة.

ويقول التاجر ساكورن سوكير، وهو يتبرع بالمال في احد معابد بانكوك "هذا العمل يريح قلبي، ويقوي صحتي، ويحصن تجارتي". ويضع ورقة نقدية من فئة عشرين بات في صندوق للتبرعات، ويحصل في مقابل ذلك على شمعة عائمة على شكل زهرة، يعتقد في تايلاند انها تجلب الحظ. اما من يرغبون في التبرع بمبلغ اكبر، فيقصدون راهبا يجلس على كرسي مرتفع في غرفة زجاجية مكيفة، ويدنون منه وهم راكعون، ويحصلون في مقابل الاموال المتبرع بها على ايصال يمنحهم تخفيضا ضريبيا. بحسب فرانس برس.

لكن بعض الرهبان يرفعون اصواتهم احتجاجا على هذه المظاهر المادية في حياة الرهبان الذين يتبعون بوذا، الرجل الصالح الزاهد في الدنيا. ومن هؤلاء الرهبان بايوان واراوونو البالغ من العمر 24 عاما، والذي تضج صفحته على فيسبوك بالانتقادات لما يراه خروجا عن طريق بوذا. ويقول هذا الراهب الشاب في معبد وات سوي تونغ في بانكوك "لقد طغت الرأسمالية على البوذية، لقد اصبحنا مولعين بالمال". ويؤيده سولاك سيفاراسكا المتخصص في الدراسات البوذية، ويقول "يجري تشجيع الجشع في بلدنا هذه الايام، لا ينبغي للراهب البوذي ان يتقاضى المال". ولذا، فان الراغبين في اتباع البوذية المتقشفة، يلجأون الى الأديرة المخفية في الغابات، بعيدا عن ضجيج المدينة ومعابدها المترفة.

اسرائيل

من جانب اخر أدين رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت بتلقي أموال بطريقة غير مشروعة من رجل أعمال أمريكي وذلك بعد الحكم عليه بالسجن ست سنوات لإدانته بالفساد في قضية أخرى. وألغى الحكم الصادر عن المحكمة المركزية في القدس قرارا صادرا في 2012 بتبرئة أولمرت السياسي المخضرم الذي تولى رئاسة الوزراء بين عامي 2006 و2009.

وحكم على أولمرت بالسجن لمدة ست سنوات لقبوله رشوة قدرها 160 ألف دولار فيما يتعلق بصفقة عقارية في القدس عندما كان رئيسا لبلدية المدينة. ويطعن حاليا ضد حكم الإدانة أمام المحكمة العليا. وقالت المحكمة المركزية إن أولمرت تسلم مظروفات مليئة بالنقود من رجل أعمال أمريكي أراد توسيع مصالحه في إسرائيل. بحسب رويترز.

وأدانت المحكمة رئيس الوزراء السابق بالاحتيال وخيانة الثقة على أساس شهادة جديدة لمساعد سابق بموجب اتفاق لتخفيف العقوبة. وأمام مزاعم الفساد أعلن أولمرت استقالته من رئاسة الوزراء عام 2008 ليتوقف بذلك مسعاه لعقد اتفاق سلام مع الفلسطينيين لكنه بقي في منصبه لحين تشكيل حكومة جديدة بعد انتخابات عام 2009. ونفى أولمرت انتهاكه للقانون وقال محاموه إنهم يبحثون استئناف الحكم الصادر.

فرنسا

على صعيد متصل اعلن مصدر قضائي ان وزير الداخلية الفرنسي السابق كلود غيان اتهم بالتزوير واستخدام وثائق مزورة وتبييض اموال تهرب ضريبي في اطار منظم في قضية لوحتين فنيتين قال انه باعهما الى محام ماليزي لتبرير تحويل 500 الف يورو الى حسابه. وكان هذا التحقيق اطلق في اطار اتهامات تتعلق بتمويل ليبي للحملة الانتخابية الرئاسية لنيكولا ساركوزي في 2007. لكن الاتهام وجه الى اقرب مساعدي الرئيس السابق في قضية بيع اللوحتين.

وبموجب المراقبة القضائية التي فرضت عليه، لا يمكن لغيان التوجه الى ماليزيا او الاتصال برجل الاعمال السعودي خالد علي بقشان الذي وجهت اليه ايضا تهمة تبييض اموال تهرب ضريبي في اطار منظم. ويشتبه بان بقشان الذي منع من مغادرة الاراضي الفرنسية وفرضت عليه كفالة بقيمة مليون يورو، لعب دورا في عمليات التحويل المالية التي سمحت بدفع 500 الف يورو لحساب غيان.

ويبدو انه دفع هذه الاموال الى شركة ماليزية قامت بدورها بتحويل ما يعادلها الى حساب كلود غيان. ويبحث قضاة التحقيق المالي في باريس خصوصا في تحويل 500 الف يورو لحساب كلود غيان اكتشف خلال عملية دهم في شباط/فبراير 2013. وبرر غيان التحويل القادم من حساب خارجي بانه ثمن لوحتين للرسام الفلمنكي اندريس فان ايرتفيلت من القرن السابع عشر تم بيعهما لمحام ماليزي في 2008.

لكن خبراء نقضوا هذا الرقم بعد تقييم اللوحتين من قبل شركة آرتبرايس المتخصصة التي قالت ان السعر القياسي للوحة لهذا الرسام بيعت في مزاد علني هو 140 الف يورو. وقال فيليب بوشيه الغوزي محامي غيان "لم تؤخذ عليه وقائع فساد مرتبطة بما يسمى التمويل الليبي للحملة الرئاسية بل طلب منه مزيد من الايضاحات حول بيع اللوحتين اللتين قام بشرائهما قبل حوالى 22 عاما". بحسب فرانس برس.

واضاف "لم يطلب منه سوى توضيح حقيقة اللوحتين ويؤخذ عليه ايضا تهرب ضريبي لانه لم يكشف عائدات بيع اللوحتين"، موضحا ان موكله "دفع ببراءته واصر عليها". وتابع المحامي نفسه انه بدلا من "التمويل الليبي المزعوم للحملة الرئاسية، اصبح لدينا ملف يقتصر على تبرير شراء لوحتين قبل 22 عاما وحقيقتهما وعلى الارجح الاعلان الضريبي المتعلق بهما".

اليونان

في السياق ذاته ذكرت مصادر متطابقة ان وزير المال اليوناني السابق غيكاس هاردوفيليس يخضع لتحقيق في اخفاء عائدات اطلق بعيد تسلم حزب سيريزا اليساري الراديكالي السلطة بامر من وزير مكافحة الفساد. واكدت مجلة ريل نيوز ان الودائع المصرفية لهاردوفيليس آخر وزير للمالية في حكومة المحافظ انتونيس ساماراس، لا تتطابق مع تصريحات العائدات التي قدمها. ويبدو انه اودع اموالا في الخارج بدون ان يذكر ذلك في اعلان ممتلكاته الذي تلزمه وظيفته الرسمية بتقديمها.

واطلق التحقيق في 20 كانون الثاني/يناير من قبل بانايوتيس نيكولوديس بصفته المسؤول عن السلطة المستقلة لمكافحة غسل الاموال. وبعد خمسة ايام فاز حزب سيريزا في الانتخابات وعين نيكولوديس وزيرا لمكافحة الفساد في الحكومة الجديدة. وقد اكد وجود تحقيق ضد هاردوفيليس موضحا انه نقل الاموال الى الخارج "بطريقة غريبة فعلا".

وكان هاردوفيليس مستشارا لرئيس الوزراء الاسبق لوكاس باباديموس من تشرين الثاني/نوفمبر 2011 الى ايار/مايو 2012 ثم وزيرا للمالية في حكومة ساماراس من حزيران/يونيو 2014 الى 25 كانون الثاني/يناير 2015. وفي بيان اكد انه سدد كل ضرائبه ويملك حسابات في الخارج "لانه عمل لسنوات طويلة". واكد انه سيعد لائحة بهذه الممتلكات في اعلان الضرائب للعام 2014. وقال هاردوفيليس "ادفع ضرائب على المبالغ التي اتحدث عنها وجاءت من سنوات من العمل، لي ولزوجتي". بحسب فرانس برس.

وتحدث حزب سيريزا بسخرية عن هذه القضية. وقال انه "كان يرسل رسائل الكترونية" الى دائني البلاد "لقبول الاجراءات الجديدة التي اضافت اعباء على الشعب" بينما "لم يكن يكشف عائداته" وينقل امواله الى الخارج. وتقدر حكومة تسيبراس ب2,5 مليار يورو حجم ملفات التهرب الضريبي في اليونان. ومنذ 2010، سلم نيكولوديس الى ادارة الشرطة المالية 3200 ملف قال انه "واثق بنسبة 98 او 99 بالمئة من انها تتعلق بتهرب ضريبي".

الصين

من جانب اخر اعلنت السلطات الصينية فتح تحقيق حول مسؤول في الشركة الوطنية الصينية للنفط في قضية فساد بينما تعزز الهيئة التابعة للحزب الشيوعي الصيني المكلفة مكافحة الفساد تحقيقاتها داخل المؤسسات العامة. وقالت اللجنة المركزية للتفتيش في الحزب ان المدير العام للشركة لياو يونغيوان يخضع لتحقيق "لانتهاكات خطيرة في الانضباط والقانون"، وهو تعبير يعني عادة وقائع فساد واثراء بطريقة غير مشروعة. ولياو كان نائب رئيس الشركة واحد المدراء غير التنفيذيين في بتروشاينا الفرع المدرج في البورصة من شركة النفط الوطنية.

وفي اعلان سعت بورصة هونغ كونغ الى طمأنة المستثمرين. وقالت ان "الشركة تعمل كالعادة وانتاجها واعمالها طبيعية". ومع ذلك تراجعت اسعار اسهم بتروشاينا في هونغ كونغ بنسبة 0,73 بالمئة الثلاثاء في منتصف الجلسة. وهو ثاني اعلان عن تحقيق في قضية فساد يستهدف مسؤولا كبيرا في شركة حكومية بعد الكشف عن اجراءات بحق رئيس ثالث اكبر شركة لصناعة السيارات في الصين "شركة السيارات الاولى". بحسب فرانس برس.

وفي الواقع تبدي اللجنة منذ بداية السنة تصميما على تكثيف تحقيقاتها ضد الفساد في المجموعات الحكومية وخصوصا تلك التي تحتل مواقع احتكارية حيث تدفع رشاوى وتصدر فواتير باسعار اكبر من الواقع لطلبات العروض الى جانب المحسوبيات مع الحكومات المحلية وتوظيف استثمارات كبيرة غير مربحة. واستهدفت حملة مكافحة الفساد التي اطلقها الرئيس شي جينبينغ عدة مرات في السنتين الاخيرتين الشركة الوطنية للنفط.

ايطاليا

الى جانب ذلك قدم وزير النقل الايطالي موريتسيو لوبي استقالته اثر اكبر فضيحة فساد في البلاد منذ 20 عاما متحملا المسؤولية السياسية عن مناقصات عامة شابتها مخالفات وكلفت دافعي الضرائب المليارات. ولكن الوزير المستقيل الذي لم توجه له اي تهمة او يخضع لاي تحقيق رسمي، اصر على نظافة يده. وقال في خطاب استقالته امام البرلمان "لست هنا لادافع عن نفسي ضد تهم لا علاقة لي بها. انا هنا لاتحمل مسؤولية سياسية عن خيارات اتخذتها واتخذتها وزارتي. استقيل من الحكومة وراسي مرفوع".

ويأتي دفاع لوبي بعد تسرب انباء من لجنة تحقيق بشأن عقود للبنية التحتية بقيمة 25 مليار يورو تشكل ادلة جديدة تدعم مزاعم بان الوزير استخدم نفوذه لضمان وظيفة مؤقتة لابنه من خلال رجل اعمال وشركة متورطة في الفضيحة. ورفض رئيس الوزراء ماتيو رنزي الذي قيل انه طلب من لوبي الاستقالة فور انكشاف الفضيحة، ان يكون لها اي اثر على مصداقية حكومته او على ائتلافه. وقال رنزي "لا اتوقع اي عواقب سياسية على عمل الحكومة".

ونشرت صحيفة كورييري ديلا سيرا نص تسجيلات تفيد بان لوبي ناقش وضع ابنه مع مسؤول سابق في الوزارة هو اركول انكالزا الذي تم توقيفه الاثنين ويعتقد انه العمود الفقري لشبكة من كبار المسؤولين ورجال الاعمال الفاسدين اطلق عليهم القضاة اسم "الجهاز". ورفض لوبي قطعيا تهمة المحاباة قائلا ان "ابني لا يحتاج لذلك. لو اني اردت ان افعل، ولم افعل، لفعلت الامر بنفسي، لكان ذلك اسهل".

ولكن الوزير اقر بخطأ واحد هو انه لم يصر على ان يعيد ابنه ساعة الرولكس التي حصل عليها كهدية تخرج من رجل الاعمال ستيفانو بيروتي الذي قيل انه امن له الوظيفة. ومن هنا بات يطلق على هذه الفضيحة اسم "فضيحة الرولكس". واوقف انكالزا وبيروتي واثنان اخران بعد ان احال قضاة فلورنسا 51 شخصا على التحقيق رسميا في هذه القضية. بحسب فرانس برس.

ويعتقد القضاة ان الرجال الاربعة تقاضوا ما بين 1 و 3% عمولة من قيمة العقود. كما يعتقد ان خسارة الخزينة كانت اكبر لانه في غياب المنافسة الشريفة فان قيمة العقود كانت على الارجح اعلى باربعين بالمئة مما ينبغي. وبين العقود المعنية جناح ايطاليا في معرض ميلانو العالمي الخامس عشر، واجزاء من شبكات السكك الحديد والطرق السريعة، ومرفأ في سردينيا وتوسيع مترو انفاق روما وميلانو.

تنزانيا

على صعيد متصل أمر الرئيس التنزاني جاكايا كيكويتي بإجراء تحقيق في ظاهرة"العمال الأشباح" المدرجين على جداول مرتبات موظفي القطاع العام بعد أن كشفت هيئة رقابة جديدة أن الحكومة دفعت 141.4 مليار شلن تنزاني (76.6 مليون دولار) لموظفين وهميين خلال العام الأخير. وقال كيكويتي في بيان أصدره مكتب الرئيس "حيثما يوجد دليل واضح يجب القاء القبض على المسؤولين ومحاكمتهم. "نحتاج لأن نبعث برسالة قوية لكل من يشاركون في تبديد المال العام."

وأمر الرئيس أيضا السلطات باتخاذ اجراءات تأديبية ضد المسؤولين الحكوميين المتورطين في هذه الفضيحة تشمل الإحالة الإجبارية للمعاش وتخفيض درجتهم الوظيفية. وقدم كبير مراجعي الحسابات في تنزانيا تقريرا محاسبيا حكوميا سنويا لكيكويتي يوم الجمعة سلط الضوء على مشكلة العمال الأشباح في الجهاز الحكومي بالإضافة إلى الاختلاسات والانفاق دون إذن من قبل المسؤولين. بحسب فرانس برس.

وقال الرئيس إن أيام المسؤولين الذين يسرقون من الخزانة العامة معدودة حيث أنهم يدفعون مرتبات لموظفين حكوميين وهميين إما توفوا أو أحيلوا للمعاش أو استقالوا من وظائفهم. وكشف جهاز المحاسبة أيضا عن عوار في نظام الخدمة الحكومية حيث تواصل الحكومة دفع مساهمات شهرية لمعاشات وضرائب لمرتبات موظفين سابقين تركوا الخدمة منذ فترة طويلة. ويوجد في تنزانيا أكثر من 300 ألف موظف حكومي وتنفق نحو خمسة تريليونات شلن سنويا على مرتبات موظفي الجهاز الحكومي.

امريكا وسويسرا

في السياق ذاته أعلن وزير العدل الأمريكي أن رئيسة الوكالة الأمريكية لمكافحة المخدرات ستتقاعد بعد فضيحة تلقي عناصر في الجهاز رشى متنوعة، بينها حفلات جنس جماعي في الخارج دفعت تكاليفها كارتيلات المخدرات. وقال الوزير إريك هولدر في بيان إن ميشيل ليونهارت التي ترأس هذه الوكالة منذ 2007 ستتقاعد في منتصف أيار/مايو. وكانت الوكالة الأمريكية لمكافحة المخدرات انتقدت بشدة، إثر نشر تقرير للمفتش العام في وزارة العدل في آذار/مارس، كشف أن بعضا من عناصر الوكالة تلقوا رشى، هي عبارة عن حفلات جنس مع مومسات وأموال وأسلحة وهدايا ثمينة، عندما كانوا يجرون تحقيقات خارج الولايات المتحدة.

وأعد المفتش العام تقريره هذا بعد الزيارة التي قام بها الرئيس باراك أوباما إلى كولومبيا في 2012 وشهدت فضيحة أخرى تمثلت بإقامة عدد من أفراد جهاز الحرس الرئاسي الأمريكي علاقات جنسية مع مومسات في هذا البلد. وكان وزير العدل ذكر في وقت سابق موظفي وزارته بأنه ممنوع عليهم إقامة علاقات جنسية مع مومسات.

الى جانب ذلك ذكر موقع ميديابارت الإعلامي الفرنسي أن الرئيس الفخري للجبهة الوطنية جون ماري لوبان يمتلك حسابا مصرفيا سريا في سويسرا فيه مبالغ ضخمة تقدر قيمته ب2.2 مليون يورو من بينها سبائك ذهبية تقدر ب1.7 مليون يورو. الحساب المصرفي، بحسب ميديابارت، كان في البداية لدى مصرف "أتش أس بي سي" قبل أن يتم تحويله في مايو/أيار 2014 إلى الشركة المصرفية السويسرية - الهالفاتيك – ومن ثم إلى جزر الباهاماس التي تعتبر من أبرز "الجنات الضريبية" في العالم.

والحساب البنكي السري لجون ماري لوبان كشفته فرقة مكافحة تبييض الأموال " تراكفين" والتي قامت بإبلاغ المدعي العام في ننتار بحيازة لوبان لهذا الحساب السري في إطار تحقيق مفتوح منذ أواخر 2013 بخصوص ممتلكات جون ماري لوبان. جاء ذلك بعد أن أظهر تحقيق منفصل قامت به هيئة الشفافية المالية أن لوبان حقق ثروة شخصية تقدر قيمتها ب1.1 مليون يورو بين عامي 2004 و2009 دون أن يقدم توضيحات عن مصدر هذه الثروة.

وقد ذكر موقع ميدياربات أن الحساب السري لماري لوبان تحت إشراف جيرالد جيران وهو المساعد الشخصي المقرب للرئيس الفخري لحزب الجبهة الوطنية، كما يشغل في الوقت نفسه منصب مستشار جهوي في منطقة الآلب-كوت دا زور. ويذكر أن جون ماري لوبان كان أقر بامتلاكه حسابا بنكيا سريا في مارس 2013. وهذه القضية الجديدة تأتي لتزيد من أزمة جون ماري لوبان الذي تمر علاقته بابنته مارين بأزمة جلية حتى في صلب الحزب، حيث يطالب قسم له وزنه من كوادر الجبهة الوطنية باستقالة مؤسس الحزب وابتعاده عن الحياة السياسية. بحسب فرانس برس.

ونظرا لمواقفه الراديكالية المعلنة. يأتي ذلك بينما تسعى مارين لوبان إلى ضخ دماء جديدة في الحزب طالما التصقت به صورة الحزب العنصري بسبب تصريحات الأب المثيرة للجدل والمشككة مثلا في المحرقة اليهودية والمعادية للمهاجرين والمتعاطفة مع الجنرال "بيتان" المتعاون مع النازيين خلال الحرب العالمية الثانية. مستقبل لوبان في الجبهة الوطنية قد يكون بالفعل على المحك بعد تسريبات ميديابارت الجديدة، فقد ألقت بعض الأطراف الفاعلة في الحزب بالكرة في ملعب جون ماري لوبان. قال فلوريان فيليبو نائب رئيسة الحزب إن لوبان هو الوحيد المطالب بتقديم تفسيرات حول هذا الحساب السري واعتبر ذلك شأنا شخصيا لا بد أن يحله بنفسه. مارين لوبان بدورها وبحسب فيليبو نفت علمها بالحساب المصرفي السري وتنتظر أن يقدم والدها توضيحات وتفسيرات بشأنه.

كوبا ورومانيا

من جانب اخر طلبت السلطات القضائية في كوبا السجن لمدد تصل الى عشرين عاما بحق 19 مسؤولا متهمين بسرقة ثمانية ملايين بيضة في العام 2012 بالاشتراك مع رؤساء لهم "ساهين او فاسدين". ونقلت صحيفة غرانما الحكومية ان قيمة البيض المسروق بلغت 8,9 ملايين بيزوس، اي ما يعادل 356 الف دولار، وان المسؤولين المتورطين في هذه العملية "عوقبوا"، دون الاشارة الى طبيعة العقوبة، وما ان كانوا سجنوا ام لا.

واضافت الصحيفة الناطقة بلسان الحزب الشيوعي الحاكم في الجزيرة ان "النيابة العامة طلبت للمتهمين عقوبات بالسجن تراوح بين ثمانية اعوام وعشرين"، لكنها لم تشر الى تواريخ المحاكمات، وما ان كانت جرت ام لا. واظهر التحقيق وجود "اخطاء محاسبية، وضعفا في الادارة، وانتهاكات لأصول الاجراءات، وتزويرا للفواتير"، بحسب الصحيفة التي اشارت الى مسؤولية موظفين في مناصب اعلى "ساهين او فاسدين". واطلق الرئيس راول كاسترو في العام 2009 حملة لمكافحة الفساد الذي يصفه بانه "سرطان" يتفشى في البلاد. ومن الحين الى الآخر، تتحدث الصحافة التي تسيطر عليها السلطات بالكامل، عن محاكمات بحق مسؤولين فاسدين او تجار اجانب، وعن صدور احكام قاسية بالسجن بحقهم.

في السياق ذاته قدم وزير المالية الروماني داريوس فالكوف الملاحق بتهمة الفساد استقالته بعيد دعوة في هذا المعنى وجهها الرئيس كلاوس يوهانس. واعلن رئيس الحكومة الاشتراكية الديموقراطية فيكتور بونتا في مداخلة مباشرة على شبكة "انتينا 3" التلفزيونية الخاصة ان "فالكوف قدم استقالته". واضاف انه سيعين خلفا له "في غضون بضع ساعات".

وكان الرئيس الروماني كلاوس يوهانس دعا رئيس الحكومة فيكتور بونتا الى اقالة وزير المالية الملاحق بتهمة الفساد، معتبرا ان بقاءه في منصبه "يسيء الى صدقية" الحكومة. وقال يوهانس في بيان "نظرا الى ان نيابة مكافحة الفساد باشرت ملاحقات ضد وزير المالية داريوس فالكوف، اتوقع ان يستقيل الاخير ويدرك ان وجوده يسيء الى صدقية الحكومة". وبما ان الوزير لم يقدم استقالته، "ادعو رئيس الوزراء الى البدء باجراءات ترمي الى اقالة فالكوف من مهامه"، كما اضاف الرئيس.

ويشتبه في ان الوزير تلقى رشاوى بقيمة مليوني يورو بين 2010 و2013 في الفترة التي كان فيها رئيسا لبلدية مدينة سلاتينا (جنوب). وكان ساعد في مقابل هذه الرشاوى شركة خاصة على الفوز باستدراجات عروض لاسواق عامة وذلك عبر تعديل دفاتر شروط التلزيم، بحسب نيابة مكافحة الفساد. وصرح فالكوف لوكالة الانباء الرومانية ميديافاكس انه "لم يستقل" على الرغم من الدعوات التي وجهتها له المعارضة. بحسب فرانس برس.

واعلن فالكوف الذي يتولى وزارة المالية منذ كانون الاول/ديسمبر، اخيرا مشروع قانون ضرائبي جديدا ستتم احالته على البرلمان. وستعمل رومانيا على تقسيم النظام الضرائبي الى شرائح عدة من الان حتى 2020 بهدف تحفيز النمو. لكن صندوق النقد الدولي يبدي قلقه حيال العجز في الحسابات المالية الذي قد يسببه هذا الاجراء. واكد رئيس الوزراء الاشتراكي الديموقراطي فيكتور بونتا ان هذا المشروع "سيمضي قدما ايا كان الثمن، وايا كان الموقف السياسي"، مقدما بذلك ضمنيا دعمه للوزير فالكوف. لكن معارضة يمين الوسط طالبت باستقالة الوزير، مشيرة الى انه من الاساسي ان "تتم ادارة مالية البلد من قبل شخص بمنأى عن اي شبهة بالفساد".

اضف تعليق