فضيحة سويس ليكس الخاصة بتورط بنك "إتش إس بي سي" السويسري في عمليات تبييض الأموال على نطاق دولي والتهرب الضريبي، شملت العديد من الاسماء والشخصيات المهمة بينهم رؤساء وشخصيات سياسية، هذه القضية وكما يقول بعض المراقبين أخذت منعطفا جديدا بعد تدخل السلطات والاجهزة القضائية في العديد من دول العالم، وخصوصا في سويسرا التي سارعت الى فتح تحقيق جنائي ضد هذا البنك الذي كان في مأمن حتى وقت قريب، من اجل الوصول الى حقائق جديدة في فضيحة التسريبات، التي اثرت بشكل سلبي على سمعة المصارف السويسرية، ويواجه المصرف إمكان فرض غرامة باهظة عليه وحتى عقوبات بالسجن يمكن أن تصل إلى خمس سنوات. وحذرت النيابة العامة في جنيف من أن التحقيق موجه الآن ضد المصرف، لكنه من الممكن أن يشمل أفرادا.
وفضيحة التهرب الضريبي وتبييض الاموال باتت تعرف باسم «سويس ليكس» بعد كشف معلومات قامت بها في التاسع من فبراير (شباط) مجموعة من الصحف الأجنبية. وراجعت هذه الصحف طيلة أشهر بيانات سربها في 2007 خبير معلوماتي سابق في المصرف يدعى إيرفيه فالسياني. وكشفت هذه البيانات عن أن مليارات الدولارات العائدة لأكثر من مائة ألف زبون وشخصية اعتبارية مرت عبر المصرف في سويسرا بين نوفمبر (تشرين الثاني) 2006 ومارس (آذار) 2007 من خلال شركات وهمية أو هيئات "أوف شور". وبحسب بعض الخبراء فان هذه الفضيحة التي قد تستمر لوقت طويل جدا ربما قد تسهم بخلق الكثير من المشكلات والازمات، خصوصا وان المعلومات تشير الى ان ما كشف حتى اليوم وعلى الرغم من أهميته الكبيرة هو جزء بسيط جدا من كم هائل من المعلومات والحقائق.
ملايين الصفقات
في هذا الشأن فقد اكد موظف مصرف "إتش أس بي سي" السابق إرفيه فالشياني في مقابلة نشرت مع صحيفة "لو باريزيان"، أن ما ورد في التقارير الإعلامية ليس سوى جزء بسيط مما تضمنته الوثائق التي سلمها إلى السلطات الفرنسية. وقال إن هذا "ليس سوى البداية". وأثارت التسريبات ضجة على الصعيد العالمي لتفضح العمليات المالية لكبار أثرياء العالم، ما حث البرلمان البريطاني على فتح تحقيق سريع حول عمل المصرف في لندن.
والفضيحة التي تعرف بـ"سويس ليكس" تلقي الضوء على ممارسات التهرب الضريبي فتكشف تفاصيل الآلية التي اعتمدها مصرف إتش أس بي سي في سويسرا لمساعدة عدد من عملائه على إخفاء أموال غير مصرح بها. ووردت في الوثائق أسماء مشاهير وتجار سلاح وسياسيين، ولا يعني ذلك بالضرورة تورط جميع الأسماء في أعمال منافية للقانون، خاصة أن بعضهم أكد تسوية أوضاعهم القانونية.
وبحسب الوثائق، التي نشرت فإن فرع إتش أس بي سي في سويسرا ساعد زبائن في أكثر من 200 دولة على التهرب الضريبي في حسابات مصرفية تصل إلى 119 مليار دولار (104 مليار يورو). وسرق إرفيه فالشياني، مهندس المعلوماتية الذي كان يعمل في الفرع السويسري للمصرف البريطاني، الوثائق في العام 2007 وسلمها إلى السلطات الفرنسية. وعلى مدى سنوات عديدة بقيت تلك المعلومات حكرا على القضاء وعلى بعض المصالح الضريبية.
وحصلت صحيفة لوموند على المعطيات المصرفية لأكثر من مئة ألف من عملاء المصرف ووضعت المعلومات في تصرف الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين في واشنطن، الذي تقاسمهم بدوره مع أكثر من 45 وسيلة إعلامية حول العالم. وتابع فالشياني أن الوثائق تتضمن "أكثر مما يمتلكه الصحافيون. فالوثائق التي سلمتها تشمل ملايين الصفقات"، مشيرا إلى أن هذه الأرقام قد تعطي فكرة عن حقيقة ما حصل.
واستخدمت الحكومة الفرنسية تلك الوثائق لملاحقة المتهربين من الضرائب وتشاركتها مع دول أخرى في العام 2010 ما أسفر عن ملاحقات قضائية عدة بحق المتهربين. ويتعرض فالشياني، الملقب بـ"سنودن التهرب الضريبي" و"الرجل الذي يخيف الأغنياء"، أيضا للملاحقة القضائية في سويسرا بتهمة السرقة. وعرضت عليه كل من فرنسا وإسبانيا الحماية عبر رفض تسليمه إلى سويسرا. بحسب فرانس برس.
وفي بريطانيا قالت مارغرت هودج، رئيسة لجنة الحسابات العامة في البرلمان البريطاني، إن نوابا بريطانيين سيطلقون "تحقيقا طارئا" وسيطلبون من إتش أس بي سي التعاون عبر تقديم المعلومات إذا لزم الأمر. وفي بلجيكا، أعربت قاضية تحقيق وجهت اتهامات إلى إتش أس بي سي للخدمات المصرفية الخاصة بارتكاب "تهرب ضريبي خطير وتبييض" أموال عن إمكانية "إصدار مذكرات توقيف دولية" بحق مديريه، معتبرة أنه "حان الوقت كي يتعاون المصرف".
الطوق يضيق
من جانب اخر يضيق الطوق بشكل متزايد على مصرف اتش اس بي سي-سويسرا الواقع في صلب فضيحة التهرب الضريبي وتبييض الاموال على نطاق دولي المعروفة بسويس ليكس وذلك بعد اعلان فتح تحقيق جنائي ضد المصرف في سويسرا ومداهمة مقره. واعلنت النيابة العامة في جنيف مداهمة مقر المصرف في جنيف وفتح تحقيق ضده وضد مجهولين بتهمة تبييض اموال.
وحتى الان لم يكن المصرف السويسري التابع لمصرف "اتش اس بي سي" البريطاني ملاحقا سوى من قبل القضاء الاجنبي كما انه كان يبدو في مأمن داخل سويسرا اذ ان هيئة مراقبة الاسواق المالية في سويسرا لم تفتح اي تحقيق بحقه. واعلن المصرف في بيان بعد عملية المداهمة انه "يتعاون بشكل متواصل مع السلطات السويسرية منذ تبلغ بسرقة بيانات في 2008، وهذا التعاون مستمر".
في المقابل، كان مصرف اتش اس بي سي-سويسرا ملاحقا قضائيا في فرنسا وفي بلجيكا. الا ان القضاء السويسري وبالأخص النيابة العامة لكانتون جنيف فتح تحقيقا ضد المصرف وضد مجهولين بتهمة تبييض اموال. ويواجه المصرف امكان فرض غرامة باهظة عليه وحتى عقوبات بالسجن يمكن ان تصل الى خمس سنوات. وحذرت النيابة العامة في جنيف من ان التحقيق موجه الان ضد المصرف لكنه من الممكن ان يشمل افرادا.
وعملية دهم مكاتب اتش اس بي سي يتولاها المدعي العام لكانتون جنيف اوليفييه جورنو مما يدل على ان القضية يتم التعامل معها على اعلى مستوى في الكانتون. ومصرف اتش اس بي سي في صلب فضيحة تهرب ضريبي وتبييض اموال باتت تعرف باسم سويس ليكس بعد كشف معلومات قامت بها في التاسع من شباط/فبراير مجموعة من الصحف الاجنبية في مقدمها لوموند الفرنسية. وراجعت هذه الصحف طيلة اشهر بيانات سربها في 2007 خبير معلوماتي سابق في المصرف يدعى ايرفيه فالسياني.
وبلغت قيمة الاصول المخبأة من قبل فرنسيين لدى اتش اس بي سي -سويسرا 5,7 مليارات يورو لقرابة تسعة الاف زبون. وفتح القضاء الفرنسي في باريس تحقيقا ماليا ضد وريثة دار الازياء نينا ريتشي بتهمة اخفاء 18 مليون يورو في مصرف اتش اس بي سي-سويسرا. وفور نشر تسريبات "سويس ليكس، اعلن المصرف ان العمليات المذكورة تعود "الى الماضي"، مؤكدا انه "منذ العام 2008 عمد الى اجراء تعديل جذري على استراتيجيته". واكد اسفه لحصول تقصير في الماضي.
والمصرف ليس وحده المستهدف بتحقيقات اجنبية. فمصرف يو بي اس الاول في في سويسرا وفي العالم في ادارة الثروات بات في عين العاصفة في فرنسا. فقد اطلق قضاة فرنسيون مذكرات توقيف بحق ثلاثة مسؤولين سابقين في المصرف الخاضع للتحقيق بتهمة تبييض اموال وتهرب ضريبي. ويشتبه القضاء الفرنسي بان يو بي اس اوعز بشكل غير قانوني لزبائن اثرياء في فرنسا بفتح حسابات في سويسرا دون علم هيئة الضرائب. بحسب فرانس برس.
ويدير المصرف اليوم حوالى عشرة آلاف حساب مقارنة مع 30 الفا منذ ثماني سنوات. وتراجعت الارصدة خلال الفترة ذاتها من 118 مليار دولار الى 68 مليار دولار. واصدرت مذكرات التوقيف لان المسؤولين السابقين الثلاثة لم يردوا على طلب استدعاء. وكان احد هؤلاء المسؤولين المقيمين في سويسرا مكلفا حتى اواخر العقد الاخير من الالفية الماضية ادارة الثروات لاوروبا الغربية بينما الاثنان الاخران كانا يتوليان حسابات فرنسا. واضطر المصرف في اطار التحقيق الى دفع كفالة بقيمة 1,1 مليار يورو فرضها القضاء الفرنسي. ويرفض مصرف يو بي اس الاتهامات بتبييض الاموال والتهرب الضريبي.
لقاءات سرية
في السياق ذاته كشفت تسريبات جديدة في اطار فضيحة "سويس ليكس" نشرتها وسائل اعلام سويسرية، ان مصرفيي "اتش اس بي سي" السويسري زاروا ما لا يقل عن 25 بلدا بشكل سري وغالبا بشكل غير شرعي، للقاء زبائن يودعون لدى المصرف اموالا غير مصرح بها. فبين 2004 و2005 تظهر وثائق "سويس ليكس" اي المعلومات التي سرقها من اتش اس بي سي السويسري المهندس المعلوماتي ايرفيه فالسياني انه حصل ما لا يقل عن 1645 لقاء في الخارج في 25 بلدا مع زبائن في المصرف، كما كتبت الصحيفتان السويسريتان تاغس انزاغر ولوتان. وجرت معظم تلك اللقاءات في فنادق او مطاعم فاخرة.
وحسب القوانين المرعية الاجراء فان اي لقاء بين مصرفي وزبون يقتصر على المجاملة يكون قانونيا. لكن عندما يستغل المصرفي اللقاء للحصول على ودائع جديدة او للمساعدة في كيفية تجنب دفع ضرائب، فانه في هذه الحالة يصبح غير قانوني. وقد شرعت خمس من تلك الدول ال25 -الولايات المتحدة، فرنسا، الارجنتين، اسبانيا وبلجيكا- باجراءات قضائية ضد مصرف اتش اس بي سي السويسري.
وهؤلاء المصرفيون الذين قاموا برحلات جوية منتظمة للالتقاء بزبائنهم في امكنة بعيدة او في اوروبا كانوا يسمون "مسؤولي العلاقات العامة" ("رولايشن ماناجرز") او اختصارا "ار ام". وبحسب الصحيفة السويسرية كان هؤلاء المصرفيون في خدمة زبائنهم الفعليين او زبائنهم المقبلين الذين كانوا يلتقونهم في صالونات خاصة بفنادق فخمة في تل ابيب او باريس، او في حانة في انفير او في مطار بوانت نوار بالكونغو او في "مقر صيفي في كوبنهاغن".
ويشير احد سجلات سويس ليكس الى ان متقاعدا مولودا في تركيا التقى في باريس في كانون الثاني/يناير 2005 احد مسؤولي العلاقات العامة. وتقول المذكرة التي صاغها هذا المكلف بشؤون الزبائن ان "الزبون كان يريد رؤيتي ليبحث معي في اغلاق حسابين لدى باركليز ويو بي اس وتحويلهما الى مصرفنا". كذلك التقى مصرفي في نيسان/أبريل 2005 في مرسيليا مالك محل للالبسة. وكتب في مذكرته انه "زبون صغير لنا لكنه فرصة جيدة على الصعيد العائلي مع والدته واشقائه".
وكان هؤلاء المصرفيون يستفيدون ايضا من تلك الزيارات ليقترحوا على زبائنهم حلولا للتملص من ضريبة اوروبية على الودائع في سويسرا التي يملكها اوروبيون دخلت حيز التنفيذ في 2005. وتبلغ هذه الضريبة 15% على الاقل على فوائد هذا الادخار الاوروبي في سويسرا.
وبما ان هذه الضريبة لا تشمل سوى الحسابات التي يملكها افراد فان المصرف اتش اس بي سي السويسري كان يقترح على زبائنه انشاء شركات اوف شور ووضع اموالهم فيها. وتفيد شهادة مهندس ديكور مقيم في موناكو واستمع الى اقواله القضاء الفرنسي ان مسؤولا للعلاقات العامة اقترح عليه فتح شركة اوف شور اثناء زيارة الى مونتي كارلو في 2005. وقال "شرح لي انه لتجنب دفع هذه الضريبة علي ان افتح هذه الشركة في بنما لتفتح بدورها حسابا مصرفيا في بنك اتش اس بي سي في لوغانو لاحول اليه كل اموالي (حوالى 2,9 مليون يورو) كي لا تشملني هذه الضريبة. فشعرت حينها ببعض الخوف (...) لكنه كان مقنعا وقال لي ان الجميع يفعلون ذلك في هذا الوقت". بحسب فرانس برس.
وجميع تلك الزيارات كانت غير قانونية لان هؤلاء المصرفيين لم يكن لديهم اجازة مصرفية لاقتراح خدماتهم في تلك البلدان. وقال موظف سابق في اتش اس بي سي السويسري ان مسؤولي العلاقات العامة "كان لديهم هواتف جوالة سرية بغية الاتصال بمكاتبهم عندما يكونون في الخارج". واضاف ان رجال الجمارك اوقفوا مرة احد هؤلاء المسؤولين. عندها منع المصرف موظفيه الجوالين من حمل حاسوب معهم او اوراق تحمل شعارا او اي مستندات رسمية.
تحقيقات في تونس
الى جانب ذلك أعلنت النيابة العامة في تونس فتح تحقيق في "تبييض أموال" إثر تسريبات "سويس ليكس" التي كشفت ان رجال اعمال ومقربين من الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي فتحوا حسابات بنكية سرية في سويسرا. وقال سفيان السليطي الناطق الرسمي باسم النيابة العامة بمحكمة تونس الابتدائية "تمّ فتح تحقيق من أجل تبييض الاموال، سيتعهد به قاضي تحقيق في القطب القضائي المالي". وتمنع تونس، عدا استثنائيا، على مواطنيها غير المقيمين في الخارج فتح حسابات بنكية خارج البلاد.
وبحسب المجلة الالكترونية التونسية "اينكيفادا" فإن 256 زبونا مولودين في تونس او يقيمون فيها او يحملون الجنسية التونسية، فتحوا 679 حسابا في الفرع السويسري للمصرف البريطاني. وقالت المجلة ان من بين هؤلاء بلحسن الطرابلسي (الهارب في كندا) وهو شقيق ليلى الطرابلسي زوجة الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، ومحامي الأعمال سمير العبدلي الذي ترشح للانتخابات الرئاسية التونسية الاخيرة، ورجل الاعمال طارق بوشماوي شقيق وداد بوشماوي رئيسة المنظمة الرئيسية لأرباب العمل في تونس. بحسب فرانس برس.
ويوجد في حساب طارق بوشماوي نحو 49 مليون دولار خلال الفترة التي شملتها التسريبات، بحسب المجلة. وتتضمن تسريبات "سويس ليكس" اسماء سياسيين سابقين وحاليين من بريطانيا وروسيا والهند ومن عدد من الدول الافريقية اضافة الى اسماء من الاسر المالكة من السعودية والبحرين والاردن والمغرب، وقطب الصحافة الاسترالية الراحل كيري باكر.
قطاع الالماس في بلجيكا
على صعيد متصل يمر قطاع الالماس في انتورب الذي يعتبر رئة الاقتصاد البلجيكي منذ قرون، باضطرابات جديدة منذ اندلاع فضيحة "سويس ليكس" بعد اتهامه في قضايا عديدة للتهرب الضريبي وتبييض اموال "الماس الدم". فمن أصل حوالى ثلاثة الاف بلجيكي وردت اسماؤهم في لوائح اصحاب الحسابات المغفلة في مصرف اتش اس بي سي فرع سويسرا "يعلن ما لا يقل عن 916 ارتباطهم بتجارة الالماس"، كما توضح صحيفة لوسوار البلجيكية التي شاركت في التحقيق الذي كشف "سويس ليكس".
فمنذ خمسمئة عام، اتخذ المرفأ الكبير في شمال بلجيكا مكانة مهيمنة في عالم الالماس استحق بموجبها لقب "العاصمة العالمية للماس". فقد تخصص في البداية في نحت وصقل هذه الاحجار الكريمة، ثم تحولت انتورب الى تجارة الحجارة الخام، بحسب مركز انتورب العالمي للالماس الذي يمثل تجار هذه المادة في المدينة. وفي الاجمال، يمر 84% من الالماس الخام و50% من الالماس المصقول من العالم اجمع في المدينة الفلمنكية. وفي العام 2014 صدرت من الماس المصقول بقيمة 58,8 مليار دولار (51,6 مليار يورو).
وبالنسبة لبلجيكا فان اهمية القطاع لا يستهان بها. فالالماس يمثل 5% من اجمالي صادرات المملكة و15% من صادراتها خارج الاتحاد الاوروبي بحسب مركز انتورب العالمي للماس. وقد ظل النشاط محصورا تقليديا في ايدي الطائفة اليهودية المتشددة الكبيرة، ثم توقف ابان الحرب العالمية الثانية وهلك يهود انتورب. ولم يبق من حوالى 27 الف شخص كانوا يعملون في هذا القطاع قبل الحرب، سوى 3500 عند نهايتها بحسب المركز نفسه. لكن الصناعة عاودت الانطلاق بسرعة اعتبارا من العام 1945.
ومنذ حوالى ثلاثين عاما اكتسبت الجالية الهندية مكانة بارزة في "العاصمة العالمية للماس". فبعد ان استقروا في البداية للتزود بالحجارة الخام بات الهنود يسيطرون الان على 70% من حجم استيراد الالماس وتصديره في انتورب. كما انتقل قسم كبير من نشاط قص الالماس وصقله الى الهند حيث تكلفة اليد العاملة متدنية. وقبل توجيه اصبع الاتهام اليهم في اطار سويس ليكس تلطخت سمعة تجار الالماس في انتورب في السنوات الاخيرة في عدة فضائح مدوية عندما قامت السلطات البلجيكية التي بقيت متساهلة لزمن طويل بتعزيز اجراءات المراقبة وتشديد التشريع الاوروبي لمكافحة التهرب الضريبي.
وبرزت اكبر القضايا الى العلن منتصف سنوات الالفين وطالبت احدى اهم المجموعات في انتورب، "اوميغا دايموندز" التي فر قادتها الثلاثة من بلجيكا بعد المعلومات التي كشفها الموظف السابق ديفيد رنو "مطلق الانذار". وضبطت مصلحة الضرائب في مقر المجموعة 125 مليون دولار من "الماس الدم"، المستخرج من القارة الافريقية ويباع بشكل خارج عن القانون ويغذي العديد من النزاعات. ووافقت ادارة الضرائب في 2013 على اقفال جزء من الملاحقات مقابل استعادة 160 مليون يورو.
وقد استوردت اوميغا دايموندز الماس بمليارات اليورو من بلدان شهدت نزاعات طويلة خصوصا انغولا وجمهورية الكونغو الديمقراطية من خلال الالتفاف على القيود المفروضة على المستوى الدولي مثل عملية كيمبرلي (اداة دولية تاسست في 2002 وتتولى السيطرة على صادرات الماس الخام عبر العالم) من خلال عدم التصريح بعائداتها. وكتبت صحيفة لوموند الفرنسية في سلسلة مقالاتها حول سويس ليكس "بحسب الدولة البلجيكية تدين اوميغا لها بمبلغ ضخم قدره 4,6 مليار يورو". بحسب فرانس برس.
وتفيد وثائق اتش اس بي سي المتهم في بلجيكا وكذلك في فرنسا بالتهرب الضريبي وتبييض الاموال، ان الممارسات غير المشروعة انتشرت على كل المستويات في مركز انتورب لتطال مسؤولين في مختلف البورصات التي يتم تبادل الالماس فيها وحتى في مركز انتورب العالمي للالماس. وهكذا اضطر سانتوش كيديا وهو تاجر الماس في انتورب من اصل هندي لترك لجنة الادارة بعد ورود اسمه في سجلات مصرف اتش اس بي سي التي حصل عليها القضاء البلجيكي.
اضف تعليق