الإسلام يحثّ كثيراً على إفشاء السلام بين الأنام، ليعيشوا في أمن وسلام، فهو سبب لللتآلف والانسجام، وموجب لحسن المعاشرة، والعيش بسلام، فقد روي عن رسول الله «إنَّ السلامَ اسمٌ مِن أسماءِ اللَّهِ تعالى، فَأفشُوهُ بَينَكُم»، وقال الإمامُ الباقرُ «إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ إطعامَ الطَّعامِ، وإفشاءَ السَّلامِ...
أهمية إفشاء السلام في المجتمع؛ لأنه من محاسن الأخلاق، وأفضل الآداب، كما أنه يعبر عن تبادل مشاعر الحب والود تجاه من نلقي عليهم التحية بالسلام، يقول الإمامُ عليٌّ عليه السلام: «إنَّ بَذْلَ التّحيَّةِ مِن مَحاسِنِ الأخْلاقِ».
فتحية (السلام عليكم) تعني: سلام الله عليكم، وهو عبارة عن الدعاء للآخرين بالسلامة من كل الآفات والمكاره والمخاوف والنقائص فيما يتعلق بالدين أو النفس، وفيه عهد من المسلمين فيما بينهم بحفظ دمائهم وأعراضهم وأموالهم؛ فالذي يلقى السلام على غيره كأنه يقول له: ألقيتُ إليك سلامة وأماناً من كل ما يضرك أو يسيء إليك أو يخيفك أو يؤذيك، فالسلام هو بمثابة عهد وميثاق يعاهد به الناس بعضهم بعضاً بالالتزام بالسلم والسلام.
وقد دعا القرآن الكريم إلى إفشاء السلام بين الناس، ورد التحية بأحسن منها، يقول تعالى: ﴿وَإذا حُيِّيْتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأحْسَنَ مِنْها أوْ رُدُّوها إنَّ اللَّهَ كانَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ حَسِيباً﴾، فرد التحية بالأحسن منها يزيد من مشاعر الود والحب والوئام، والله محاسب على من لا يرد السلام لأنه ترك واجباً.
وقد استفاد الفقهاء من هذه الآية الكريمة على وجوب الرد في السلام، فالابتداء بالسلام مستحب ولكن الرد واجب، وقد روي عن رسول اللَّهِ صلى الله عليه وآله قوله: «السلامُ تَطَوُّعٌ، والرَّدُّ فَريضَةٌ».
والسلام هي تحية أهل الجنة أيضاً، يقول تعالى: ﴿دَعْواهُم فِيها سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيْها سَلَامٌ﴾، وقوله تعالى: ﴿وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِها الْأنْهارُ خالِدِينَ فِيها بِإذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ﴾، بل إن القرآن الكريم أطلق على الجنة (دار السلام) كما في قوله تعالى: ﴿ لَهُمْ دَارُ السَّلاَمِ عِندَ رَبِّهِمْ ﴾.
ان الإسلام يحثّ كثيراً على إفشاء السلام بين الأنام، ليعيشوا في أمن وسلام واطمئنان، فهو سبب للألفة والتآلف والانسجام، وموجب لحسن المعاشرة، والعيش بسلام، فقد روي عن رسول الله (ًص) أنه قال: «إنَّ السلامَ اسمٌ مِن أسماءِ اللَّهِ تعالى، فَأفشُوهُ بَينَكُم»، وقال الإمامُ الباقرُ عليه السلام: «إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ إطعامَ الطَّعامِ، وإفشاءَ السَّلامِ».
إن التشجيع على إفشاء السلام في المجتمع إنما يهدف إلى تعزيز قيم التراحم والتكافل والتوادد والتحابب والإخاء بين أفراد المجتمع ومكوناته، ليكون المجتمع المسلم مجتمعاً قوياً ومتماسكاً وشامخاً يشد بعضه بعضاً، ويعيش بسلام وأمن واطمئنان.
فيستحب للرجل أن يسلم على أهله وعائلته أيضاً عند دخول البيت، يقول تعالى: ﴿فَإذَا دَخَلْتُم بُيُوتَاً فَسَلِّمُوا عَلَى أنْفُسِكُم تَحِيَّةً مِن عِندِ اللَّهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً﴾، وقد فسّر الإمامُ الباقرُ عليه السلام هذه الآية الشريفة بقوله: «هُو تَسليمُ الرَّجُلِ على أهلِ البيتِ حينَ يَدخُلُ، ثُمَّ يَرُدُّونَ علَيهِ، فهُو سَلامُكُم عَلى أنفُسِكُم». وقال رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله: «إذا دَخَلَ أحَدُكُم بَيتَهُ فَلْيُسَلِّمْ؛ فإنَّهُ يَنزِلُهُ البَركَةُ، وتُؤنِسُهُ الملائكةُ».
إن هذا التوجيه الديني بشأن الأسرة جميل ولطيف، حيث أن السلام على أفراد العائلة -وخصوصاً من رب الأسرة- يساهم في خلق أجواء السعادة والسلام والاطمئنان في البيت العائلي، ويزيد من المحبة والمودة فيما بينهم، فالسلام يعبر عن مشاعر إيجابية، وأما عدم السلام والدخول إلى البيت بوجه عابس فيعبر عن مشاعر سلبية، ويخلق أجواء من السلبية وعدم الإطمئنان والاستقراء، فلا تبخلوا على أهلكم وعائلتكم من إلقاء السلام عليهم، وعودوا أفراد العائلة على فعل ذلك، كي يعمّ السلام أرجاء الدار ومن فيها.
ومن جملة آداب السلام التي أشارت إليها النصوص الدينية: أن يسلم الراكب على الراجل، وأن يسلم الصغير على الكبير، والماشي على القاعد، والقليل على الكثير، وأن يقول البادئ بالسلام: (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) بضمير الجمع، وإن كان المخاطب شخصاً واحداً، وذلك لمزيد من الاحترام والتقدير له.
ومن الضروري التعود على إلقاء السلام على الآخرين بحرارة وتفاعل وجداني ونفسي، فتارة يسلم الإنسان على الآخرين ببرودة، أو بطريقة غير لائقة، وتارة أخرى يسلم بحرارة وطلاقة وجه وابتسامة صادقة، ويظهر مشاعر المحبة والمودة والاحترام، ونفس الكلام يقال في الرد على السلام، فمن الناس من يرد السلام ببرودة وجفاف، وبالكاد تسمع رد التحية، وتارة أخرى يرد التحية بأحسن منها، والسلام بأحسن منه، مما يزيد من الألفة والمحبة والمودة بين الناس، وهذا مما ينبغي فعله، وهو رد التحية بأحسن منها، وهي زيادة كمال وأدب، وفيها بركة وزيادة أجر وثواب.
وهناك من يتفاخر بعدم السلام على الآخرين لمجرد اختلافه معهم في المذهب أو التقليد أو الأفكار، أو لحدوث سوء فهم وتفاهم قد يحدث حتى بين الأقرباء والأرحام فضلاً عن الأباعد، فيتعامل مع أرحامه وإخوانه وأصدقائه وزملائه بعدم السلام عليهم، وهذا خلاف التعاليم الدينية التي تحث على إفشاء السلام، الذي هو تحية الإسلام، ولا يجب أن يكون مرهوناً بالاتفاق في كل شيء.
فعدم السلام ليس محلاً للتفاخر بل هو تعبير عن سوء الأخلاق، وابتعاد عن نهج الإسلام وتعاليمه التي تحث على ملاقاة المسلم بالسلام والتصافح، فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه و آله أنه قال: «إذا تَلاقَيتُم فَتَلاقَوا بِالتَّسليمِ والتّصافُحِ، وإذا تَفَرَّقتُم فَتَفَرَّقُوا بِالاستِغفارِ».
وما ورد في بعض الروايات من النهي عن السلام على بعض الأشخاص كالفاسق المعلن لفسقه، والمرابي، والفاسد فإنما بقصد نهيهم عن أفعالهم القبيحة، إذا كان عدم السلام يؤثر عليهم ويردعهم عن فعل ذلك؛ وأما إذا كان السلام عليهم والترحيب بهم يؤدي إلى جذبهم إلى طريق الحق والهدى، وإقلاعهم عن المنكر فالمطلوب فعل ذلك؛ لأن هدف الإسلام هو جلب الناس إلى طريق الحق وليس تنفيرهم من الدين.
اضف تعليق