أوروبا تلك القارة العجوز التي وجدت نفسها في خضم صراع دبلوماسي وعسكري واقتصادي وأزمة طاقة غير مسبوقة نتيجة الأزمة الروسية الأوكرانية، لم تكد أن تلملم شتات نفسها، حتى ضربتها أسوأ موجة جفاف منذ 500 عام، أدت إلى انخفاض مستوى المياه في البحيرات والأنهار بما يهدد إمدادات مياه الري والشرب والشحن النهري...
المصائب لا تأتي فرادى.. فأوروبا تلك القارة العجوز التي وجدت نفسها في خضم صراع دبلوماسي وعسكري واقتصادي وأزمة طاقة غير مسبوقة نتيجة الأزمة الروسية الأوكرانية، لم تكد أن تلملم شتات نفسها، حتى ضربتها أسوأ موجة جفاف منذ 500 عام، أدت إلى انخفاض مستوى المياه في البحيرات والأنهار بما يهدد إمدادات مياه الري والشرب والشحن النهري، بالإضافة إلى جفاف الأراضي الزراعية وهو ما يكلفها مزيدا من الخسائر الاقتصادية.
وقد ظلت كلمة "الجفاف" مصطلحا غريبا على الأوروبيين إلى غاية الأسابيع القليلة الماضية بعد أن تحولت القارة العجوز إلى كرة من اللهب تسجل درجات حرارة قياسية أدت لتراجع منسوب المياه في الأنهار الكبرى في القارة، وتحويل المساحات الخضراء إلى أراضٍ جرداء، وتعيش القارة الأوروبية حالة من الجفاف غير المسبوق هو الأسوأ منذ 500 سنة، وفق ما أعلن مركز الأبحاث المشترك التابع للمفوضية الأوروبية.
وحسب توقعات المصدر نفسه، فإن "الجفاف الحاد" أصاب 47% من القارة الأوروبية، كما أن ثلثي مساحة القارة باتت مهددة بالجفاف، علما أنه لحدود منتصف يوليو/تموز الماضي كانت 15% من مساحة أوروبا ضمن تصنيف "الجفاف الحاد".
الجفاف الذي يصيب الأنهار في أوروبا يسبب اضطرابات قوية في حركة التجارة عبر الأنهار، والتي تعد عنصرا مهما للنقل بين الدول الأوروبية، وتسهم بنحو 80 مليار دولار في اقتصاد منطقة اليورو، بحسب بيانات هيئة "يوروستات"، وهو مبلغ قد تفقده ميزانية دول الاتحاد الأوروبي إذا ما توقفت حركة النقل عبر الأنهار والقنوات المائية بالمنطقة.
ويعزو العلماء الجفاف الذي تشهده أوروبا إلى التغيرات المناخية التي أدت إلى تراجع تساقط الثلج وارتفاع منسوب استهلاك النباتات للماء نتيجة انخفاض خصوبة الأرض. وبدأت بعض الحكومات اتخاذ إجراءات لمواجهة شح المياه، ففرنسا على سبيل المثال حظرت استخدام المياه لغسيل السيارات أو ري الحدائق المنزلية وأغلقت مرافق الاستحمام في الشواطئ.
أخطر من الحرب الأوكرانية.. كيف ذلك؟
وفي هذا السياق، قال المتخصصون بهذا الشأن إن مشكلة الجفاف في أوروبا كبيرة جدا، وإنها على المدى الطويل، قد تكون أخطر من أزمة الحرب الروسية الأوكرانية والعقوبات المرتبطة بها، أوروبا الآن في مأزق كبير بسبب الجفاف، وقد يكون هذا المأزق أكبر بكثير من مأزق الحرب الروسية الأو كرانية"، بحسب ما قاله الحجي.
وأضاف الحجي: "السياسيون في أوروبا قد يمكنهم التعامل مع بوتن، لكن لا يمكنهم التعامل مع الجفاف، فمشكلة أوروبا مع روسيا بخصوص أوكرانيا والعقوبات، هي في النهاية قرار سياسي، ويمكن أن يتغير، أو حتى أن يتقبل السياسيون الوضع الجديد، لكن لا يمكن للسياسين أن يتعاملوا مع الجفاف".
وعن أبرز التحديات التي تواجهها أوروبا بسبب الجفاف، قال الحجي، إن "كل المنتجات النفطية تنقل داخل أوروبا عبر الأنهار.. فإذا جفت هذه الأنهار كيف سينقلونها؟"، وأضاف أن "الأمر الثاني أن هناك عدة دول تعتمد على توليد الكهرباء من الطاقة الكهرومائية، وقد انخفض مستوى السدود بشكل كبير في الوقت الحالي، وهو ما يعني أنه سيتم استخدام الغاز لتعويض هذا النقص، وهذا الأمر سيكون بشكل خاص في النرويج"، وأوضح: "إذا استخدمت النرويج الغاز لتعويض نقص الكهرباء الناتج عن انخفاض مستوى السدود، فهذا يعني أن هذا الغاز لن يذهب إلى أوروبا، وبريطانيا نفس الشيء".
وتواجه الدول الأوروبية أزمة كبيرة في توفير الغاز، بعد تقليص روسيا إمداداتها، على خلفية العقوبات المفروضة عليها إثر عملياتها العسكرية في أوكرانيا، وأقرت دول الاتحاد الأوروبي خفضا طوعيا في استهلاك الغاز بنسبة 15 بالمئة من أجل السماح بزيادة مخزوناتها قبل دخول فصل الشتاء، لكن مع ذلك يتوقع الخبراء أن تشهد أوروبا شتاء قاسيا، وارتفاعا في فواتير التدفئة، وجاءت أزمة الجفاف، في وقت كانت أوروبا تنوي الاعتماد بشكل كبير على الممرات المائية كجزء من جهودها لمكافحة التغير المناخي وتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة، إذ كانت تستهدف المفوضية الأوروبية زيادة النقل عبر الممرات المائية بنحو 25 بالمئة بحلول 2030.
كما يبدو أن معاناة ألمانيا من أزمة نقص الغاز نتيجة الأزمة الأوكرانية قد تتضاعف، إذ أن صعوبة النقل النهري قد تعيق حركة نقل الفحم إليها، ما قد يهدد خطة الحكومة الألمانية لإعادة تشغيل محطات توليد الكهرباء باستخدام الفحم. فنهر الراين بألمانيا، يمثل شريان حياة بقلب أوروبا، وقد انخفض منسوبه بما يهدد الإمدادات الحيوية لألمانيا وحركة السفن.
وفي فرنسا، فإن درجات الحرارة المرتفعة بالأنهار، جعلت من مياه نهري "رون" و"غارون" دافئة لدرجة باتت لا تسمح بتبريد المفاعلات النووية بشكل فعال، أما نهر "بو" في إيطاليا فقد شهد انخفاضا كبيرا بمنسوب المياه فيه، فبات غير كاف لري حقول الأرز.
أما نهر الدانوب، والذي يشق طريقه عبر مساحة 1800 ميل بين وسط أوروبا والبحر الأسود، يجف هو الآخر، مما يعيق حركة تجارة الحبوب وغيرها، وفي بريطانيا.. جفت منابع نهر التايمز على نحو لم تشهده البلاد من قبل، وأعلنت الحكومة يوم الجمعة الماضي، أن أجزاء من جنوب ووسط وشرق إنجلترا انتقلت رسميا إلى حالة الجفاف، بعد فترة طويلة من الطقس الحار والجاف الذي تشهده القارة الأوروبية.
ما هي الرسائل المحفورة على حجارة الجوع؟
تسبب انخفاض هطول الأمطار، ودرجات الحرارة المرتفعة لفترات ممتدة في حدوث جفاف يؤثر على العديد من البلدان الأوروبية. كما تسبب ذلك أيضا في انخفاض مستوى عدد من الأنهار وكشف عن تحذير شديد من أسلافنا بشأن فترات البؤس والشقاء.
لقد كشف ذلك عن ما يسمى بـ "حجارة الجوع"، وهي صخور في مجرى الأنهار لا يمكن رؤيتها إلا عندما تكون مستويات المياه منخفضة للغاية، ونُقشت عليها رسائل تركها الناس في العصور السابقة عن الكوارث التي سببها نقص المياه، في تذكير صارخ بالصعوبات التي واجهوها خلال فترات الجفاف السابقة، تعود هذه النقوش إلى عقود وقرون سابقة، كما هو موضح على حساب "باتاليتاس" في موضوع نُشر في الثامن من أغسطس/آب وانتشر الآن على نطاق واسع، ويعود تاريخ أقدم نقش عُثر عليه في حوض نهر إلبه إلى عام 1616، وهو مكتوب باللغة الألمانية.
ويُعد "حجر الجوع" هذا هو الأبرز بشكل خاص لأنه يحتوي أيضا على تواريخ الجفاف الشديد على سطحه، ووفقا لدراسة أجراها فريق من علماء الآثار التشيكيين في عام 2013، يُمكن قراءة السنوات 1417 و1616 و1707 و1746 و1790 و1800 و1811 و1830 و1842 و1868 و1892 و1893 على الحجر.
وهناك نقش على أحد الصخور الأخرى يقول: "ستزدهر الحياة مرة أخرى بمجرد اختفاء هذا الحجر"، ويقول نقش آخر: "الشخص الذي رآني ذات مرة، بكى. ومن يراني الآن سيبكي"، ويقول ثالث: "إذا رأيت هذا الحجر مرة أخرى، فسوف تبكي. هكذا كانت المياه ضحلة في عام 1417".، في الماضي، إذا وصلت الأنهار إلى هذه المستويات المنخفضة، فهذا يعني الفقر والمعاناة لكثير من الناس، وتسبب الجفاف في تدمير المحاصيل، كما أدى إلى قطع الممرات المائية التي تُنقل من خلالها المواد الغذائية والإمدادات من جميع الأنواع، ثم جاءت بعد ذلك المجاعة.
في الماضي، كانت أوروبا الوسطى، التي تضم أجزاء من النمسا والتشيك وألمانيا والمجر وبولندا وسويسرا، تعتمد على الأراضي الخصبة على طول ضفاف النهر لإنتاج الغذاء، كما استخدم الصحفي الألماني أولاف كوينز موقع تويتر للإشارة إلى أن هناك كلمة باللغة الألمانية لوصف الصخور - "هونغرشتاينه" (والتي تُترجم حرفيا إلى "حجارة الجوع").
وجاء مصدر إلهام الكلمة من نقش وجد على أحد الحجارة يصف عام 1947 بأنه "عام الجوع"، وفي السنوات الأخيرة، أصبحت ظاهرة الجفاف واحدة من أبرز علامات تغير المناخ في وسط أوروبا، ومن بين المدن التي كُشف بها عدد كبير من هذه الحجارة مدينة ديسين التي تقع في شمال جمهورية التشيك، بالقرب من الحدود الألمانية وحيث يلتقي نهرا إلبه وبلاوتشنيس، ويظهر ما يصل إلى 12 من هذه الأحجار على مجرى نهر إلبه، لتذكير السكان المحليين بفترة صعبة في السابق، ويُعرض "حجر جوع" آخر في متحف في مدينة شونهبك الألمانية. وكان هذا الحجر يقع بالقرب من حوض ميناء نهري حيث شوهدت مستويات منخفضة من المياه، وأشارت رؤية هذا الحجر للقوارب إلى أن مستوى المياه كان منخفضا جدا بحيث لا يسمح بالملاحة، وعُثر على معظم "أحجار الجوع" في نهر إلبه، على الرغم من ظهورها أيضا في أنهار أخرى في المنطقة، مثل نهر الراين، ونهر موميل ونهر فيزر.
وتشير التحذيرات إلى أن الجفاف يؤثر حاليا على أكثر من 60 في المئة من الأراضي الأوروبية، وفقا لمرصد الجفاف الأوروبي. وشهدت الأنهار الرئيسية في ألمانيا وإنجلترا وإيطاليا انخفاضا في مستوى مياهها، بالرغم من ذلك، لم تكشف المياه المنخفضة في مدينة مانتوفا الإيطالية عن "حجر جوع". لكن ما جرى اكتشافه في مجرى نهر بو كان قنبلة غير منفجرة من الحرب العالمية الثانية وزنها 450 كغم، وفي الأسابيع الأخيرة، اضطرت دول مثل فرنسا وإسبانيا إلى تقييد استهلاك المياه، وفي أجزاء من كلا البلدين، اضطرت السلطات إلى قطع إمدادات المياه في ظل ظروف معينة، وأعلنت السلطات الفرنسية في السابع من أغسطس/آب أن البلاد تواجه أسوأ موجة جفاف منذ بدء التسجيلات في عام 1958.
وفي ألمانيا، أدى انخفاض منسوب نهر الراين، الذي يتدفق من جبال الألب السويسرية إلى بحر الشمال، بالفعل إلى إجبار شركات الشحن على الإبحار بكميات مخفضة من البضائع، وفقا لوكالة رويترز للأنباء.
الجفاف الأسوأ منذ 500 سنة!
فرنسا: أعلنت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيث بورن عن تشكيل فريق للتعامل مع موجة الجفاف الأسوأ في تاريخ البلاد منذ 64 عاما، كما أن 100 منطقة في فرنسا باتت تعاني من غياب تام للمياه الصالحة للشرب، ومن المتوقع أن يستمر الوضع خلال الأشهر المقبلة.
وأعلنت شركة الكهرباء الفرنسية "إي دي إف" (EDF) عن تخفيض حجم الطاقة التي ينتجها أحد مفاعلاتها النووية بسبب ارتفاع درجة حرارة الماء الذي يتم استعماله لتبريد المفاعلات.
إسبانيا: أصبح مخزونها من المياه 40% فقط، وهو أدنى مستوى له بالتاريخ، وتتناقص هذه النسبة بحوالي 1.5% مع كل أسبوع تستمر فيه الحرارة المفرطة وتغيب فيه التساقطات المطرية، وحسب الحكومة الإسبانية فإن هذه السنة هي الأكثر جفافا منذ 60 عاما.
إيطاليا: رسميا، أعلنت الحكومة الإيطالية أن هذه السنة هي أكثر سنة جافة في تاريخ البلاد، وحسب الجمعية الإيطالية للأرصاد الجوية فإن ما يحدث في البلاد لم يتم تسجيله منذ أكثر من 230 سنة، ومن أبرز مظاهر حالة الجفاف في البلاد الحالة المزرية لنهر "بو" الذي كان يبلغ طول تدفقه 652 كيلومترا، وتراجع إلى 10% عن المعتاد.
ألمانيا: يعتبر نهر "الراين" من أهم الأنهار في العالم، وعبره تمر أكبر حركة تجارية في أوروبا، ويربط ألمانيا بالموانئ الكبرى، خصوصا روتردام في هولندا، والموانئ في بريطانيا، وتراجع مستوى المياه في النهر أدى لتباطؤ حركة السفن فيه، وبلغ مستوى التأخير حوالي 132 يوما، وباتت بعض السفن تستوعب 25% فقط من قدرتها تجنبا للجنوح في النهر، وهو ما يؤدي لارتفاع تكاليف الشحن.
بلجيكا: سجلت بلجيكا أكثر سنة جافة في تاريخها منذ سنة 1885، كما تراجع منسوب المياه في عدد من أنهارها.
بريطانيا: أعلنت الحكومة البريطانية عن دخول 8 مناطق بالبلاد في حالة "جفاف حاد"، كما تم تسجيل أسخن صيف في تاريخ بريطانيا منذ سنة 1976، وكان يوليو/تموز الماضي الشهر الأكثر حرارة منذ سنة 1935 بعد أن تجاوزت درجة الحرارة 40 درجة مئوية في بعض المناطق، وحسب صحيفة "غارديان" البريطانية فإن بعض منابع نهر "التايمز" قد جفت، وذلك لأول مرة في تاريخ البلاد.
ما أسباب الجفاف؟ الجواب الأول الذي يقدمه العلماء هو التغيرات المناخية التي أدت لارتفاع درجات حرارة الأرض بنسبة درجة واحدة، إضافة إلى تراجع التساقطات الثلجية خلال فصل الشتاء، مما أدى لتراجع حجم المياه التي تتدفع عادة من الجبال، كما ارتفع منسوب استهلاك النباتات للماء لأنها تعاني من الجفاف وتراجع خصوبة الأرض.
لكن دراسة أخرى نشرت في موقع "نيتشر" (Nature) تقول إن درجات الحرارة المرتفعة في أوروبا وما يصاحبها من جفاف سببه التغيرات في التيارات الهوائية التي تدفع الهواء الساخن من شمال أفريقيا نحو أوروبا.
كما أن الوضع قد يزداد سوءا بسبب ما يبدو أنه تراجع أوروبي عن هدف تقليص انبعاثات الغاز بنسبة 55% بحلول عام 2030، ذلك أن أزمة الطاقة تدفع الحكومات الأوروبية إلى العودة للأساليب القديمة، بما فيها الاعتماد على الفحم والوقود الأحفوري.
ما التكلفة الاقتصادية للجفاف والحرارة؟ تتسبب درجات الحرارة العالية وموجات الجفاف في خسائر كبيرة للاقتصاد الأوروبي، وحسب دراسة لعدد من الخبراء الاقتصاديين الأوروبيين، فإن موجات الحرارة الطويلة ستؤثر على الناتج الداخلي الخام لأوروبا، وتوقعت الدراسة نفسها أن نمو الناتج الداخلي الخام الأوروبي سيتراجع بنسبة 0.5% مقارنة بالسنوات العشر الماضية.
الجفاف في أوروبا يكشف كنوزًا كانت مغمورة في المياه!
آثار من عصور ما قبل التاريخ وهياكل سفن من الحرب العالمية الثانية ونقوشات على "أحجار الجوع"؛ موجة الجفاف التي ضربت أوروبا كشفت كنوزًا مغمورة منها ما يذكر بموجات الجفاف السابقة في القارة العجوز.
شهدت أسابيع من الجفاف الشديد في جميع أنحاء أوروبا انخفاض المياه في الأنهار والبحيرات إلى مستويات لا يتذكرها سوى القليل، الأمر الذي أدى إلى كشف كنوز مغمورة بالمياه وبعض المخاطر غير المرغوب فيها.
دراسة: أوروبا قد تشهد فصول صيف وشتاء أكثر جفافا في المستقبل
في إسبانيا، التي عانت أسوأ موجة جفاف منذ عقود، كان علماء الآثار سعداء بظهور دائرة حجرية من عصور ما قبل التاريخ أُطلق عليها اسم "ستونهنج الإسبانية" والتي عادة ما تغمرها مياه أحد السدود.
تُعرف الدائرة الحجرية رسميًا باسم (دولمن أوف جوادالبيرل)، وهي مكشوفة تمامًا في الوقت الراهن في أحد أركان خزان فالديكاناس في إقليم كاسيريس بوسط البلاد، إذ تقول السلطات إن مستوى المياه انخفض إلى 28 بالمئة من سعة الخزان. واكتشف عالم الآثار الألماني هوجو أوبرماير الدائرة الحجرية في عام 1926، لكن المنطقة غُمرت في عام 1963 في مشروع تنمية ريفية أثناء حكم فرانثيسكو فرانكو. ومنذ ذلك الحين، لم تُشاهد بالكامل سوى أربع مرات فحسب.
وعادت للأذهان ذكريات موجات الجفاف الماضية في ألمانيا مع عودة ظهور ما يطلق عليها اسم "أحجار الجوع" على طول نهر الراين. وظهر العديد من هذه الأحجار على طول ضفاف أكبر نهر في ألمانيا في الأسابيع القليلة الماضية.
وتحمل بعض هذه الأحجار تواريخ وأحرف أولى من أسماء بعض الأشخاص، وينظر البعض إلى ظهورها مرة أخرى على أنه تحذير وتذكير بالمصاعب التي واجهها الناس خلال فترات الجفاف السابقة. وتشمل التواريخ التي شوهدت على أحجار في فورمس وجنوب فرانكفورت ورايندورف وقرب ليفركوزن أعوام 1947 و1959 و2003 و2018.
وانخفض نهر الدانوب، أحد الأنهار الكبيرة الأخرى في أوروبا، إلى أحد أدنى مستوياته منذ ما يقرب من قرن نتيجة للجفاف، مما كشف عن هياكل أكثر من 20 سفينة حربية لألمانيا في زمن النازية غرقت خلال الحرب العالمية الثانية بالقرب من ميناء براهوفو الصربي.
وكانت السفن من بين المئات التي أغرقها أسطول ألمانيا النازية في البحر الأسود على طول نهر الدانوب في عام 1944 أثناء انسحابها أمام تقدم القوات السوفيتية، ولا تزال تعيق حركة المرور في النهر في أثناء انخفاض مستويات المياه.
وأعلنت إيطاليا حالة الطوارئ في المناطق المحيطة بنهر بو، وفي أواخر تموز/يوليو تم اكتشاف قنبلة ترجع للحرب العالمية الثانية وتزن 450 كيلوغرامًا مغمورة في المياه المنخفضة لأطول نهر في البلاد، وتم إجلاء حوالي 3000 شخص يعيشون بالقرب من قرية بورجو فيرجيليو الشمالية، القريبة من مدينة مانتوا، بينما قام خبراء عسكريون بإبطال مفعول القنبلة، التي صنعتها الولايات المتحدة، وتنفيذ تفجير محكوم لها.
اضف تعليق