تعد الاشجار ذات أهمية كبيرة من الناحية البيئية، والتي تتمثل في تأثيرها المفيد على المناخ، فوجود الاشجار في منطقة يجعلها أكثر اعتدالا في درجة الحرارة وأكثر رطوبة من المناطق الخالية من الاشجار. كذلك تحتوي الأشجار في الغابات على معظم الأصول الوراثية للنباتات، وتعتبر مركزا مهما للتنوع الحيوي...
تعد الاشجار ذات أهمية كبيرة من الناحية البيئية، والتي تتمثل في تأثيرها المفيد على المناخ، فوجود الاشجار في منطقة يجعلها أكثر اعتدالا في درجة الحرارة وأكثر رطوبة من المناطق الخالية من الاشجار. كذلك تحتوي الأشجار في الغابات على معظم الأصول الوراثية للنباتات، وتعتبر مركزا مهما للتنوع الحيوي وموطنا لكثير من الحيوانات والطيور، كذلك تعمل على امتصاص كميات كبيرة من الغازات والملوثات الهوائية المختلفة والضارة من الجو.
ان للشجرة دور كبير من النواحي البيئية حيث أن قلة عددها في أي منطقة يؤدي الى خلل في التوازن البيئي في تلك المنطقة على الرغم من كل شجرة افرادية قد لا تعتبر مفيدة للبيئة بشكل عام إلا أن تجمع هذه الاشجار يشكل مناخا مصغرا يؤثر على الوسط المحيط ايجابا فالدور الذي تلعبه الشجرة في حماية البيئة كبير.
ولكن في الآونة الاخيرة زاد الاعتداء على الأشجار في الغابات من قبل البشر بشكل كبير جداً وخاصة بعد الثورة الصناعية وذلك للحصول على الأخشاب من أجل الصناعات المختلفة كصناعة الأوراق والأثاث والامتداد العمراني بطغيان المدينة على الغابات من أجل توفير مساكن للناس.
بالإضافة إلى الأسباب الأخرى التي أدت إلى تدمير الاشجار كحرق الغابات نتيجة للتصرفات الخاطئة التي يقوم بها الناس أثناء التنزه بالإضافة إلى الأسباب غير المبائرة والتي قضت على الغابات كالتلوث الذي تسببته به المخلفات التي تنتج من إحراق الوقود الأحفوري والتي تسببت بظاهرة الاحتباس الحراري، والتي كانت من نتائجها ظاهرة التصحر وزيادة احراق أشجار الغابات في عدد من دول العالم.
أن الخشب هو الوقود منذ أقدم القرون لايزال يستمعل مادة رئيسية للتدفئة في معظم أرجاء العالم ويمتلك قوة عالية مقارنة بوزنه وعازلا للحرارة والكهرباء ويحتوي مادة السللوز وهي المادة الأساسية لانتاج أكثر من المركبات الكيماوية فالشجرة يتمتع بها الانسان في حال خضرتها وعطائها وفي حال قطفها وجفافها إنها الشجرة التي وصفها الخالق سبحانه وتعالى بالكلمة الطيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء.
في أحد التطورات بهذا الشأن يواجه خمس الاجناس النباتية في العالم خطر الاندثار بحسب مركز كيو غاردنز للبحوث النباتية في لندن في تقريره الأول بشأن "وضع عالم النباتات" والذي يتناول اكثر من 391 الف فصيلة، وقد حذر باحثون من أن أشجار الغابات الاستوائية الجافة من بين المعالم الطبيعية المعرضة للتهديد على الأرض.
لكنها بالرغم من ذلك تعاني تجاهلا من العلماء ونشطاء البيئة، وفي كل عام تواجه إندونيسيا انتقادات من جارتيها سنغافورة وماليزيا بشأن الضباب الدخاني وعدم تمكنها من منع إشعال الحرائق، وكانت حرائق السنوات القليلة الماضية الأسوأ في تاريخ المنطقة فقد سببت أضرارا للبيئة تقدر بمليارات الدولارات وأثرت على حركة الطيران وانتظام الدراسة بالمدارس لأسابيع بينما عانى الآلاف من أمراض تنفسية.
فيما يلي نقوم بإلقاء الضوء وبشكل مفصلة عن أهمية البيئة الخضراء والغابات في المحافظة على صحة الإنسان والبيئة.
كيف تؤثر خسارة ملايين الأشجار سنويا على مناخ الأرض؟
قد لا تثير خسارة ملايين الأشجار سنويا انتباهك من قبل. ولكن الارتفاع المستمر لدرجات الحرارة يعد سببا للاهتمام بخطورة الأمر، خاصة بعد كوارث طبيعية شهدتها وتشهدها دول عدة. فكيف يؤثر على مناخ الأرض؟
للأشجار قدرة على خفض درجات حرارة الأرض خلال الصيف بمعدل عشر درجات فهرنهايت، وفقا لدراسة أجرتها جامعة ويسكونسن ماديسون الأمريكية.
إلا أن غطاء الأرض من الأشجار يشهد انكماشا بمعدل 36 مليون شجرة سنويا، في الولايات المتحدة وحدها، وفقا لدراسة حديثة أجرتها خدمة الولايات المتحدة للغابات. وباستمرار هذا المعدل، يتوقع الخبراء مزيدا من الارتفاع لدرجات الحرارة ومعدلات تلوث الهواء، وفقا لموقع سي إن إن الأمريكي.
ويوضح ديڤيد نوفاك الخبير في خدمة الولايات المتحدة للغابات، وهي وكالة حكومية تابعة لوزارة الزراعة معنية بالغابات في الولايات المتحدة، أن أسباب تراجع غطاء الأشجار تتضمن الأعاصير والحرائق والحشرات والأمراض، وكلها عوامل طبيعية لا يمكن للبشر التحكم فيها، ولكن هناك عوامل أخرى تتعلق بنشاط البشرحيث يقول: ”نرى غطاء الأشجار وهو يتم استبداله بغطاء أخر محكم، وهو ما يعني عندما ننظر للصور نجد أن ما كان موجود سابقا تم استبداله بمباني أو مساحات لصف السيارات".
ويشرح نوفاك أن في كل مرة يتم فيها قطع شجرة لمد طريق أو إقامة مبنى لا يتوقف تأثير ذلك على موقع محدود، بل يمتد ليؤثر على منطقة أو إقليم بأكمله حيث تربط الدراسة بين خسارة الأشجار وتلوث الهواء.
ولا تقتصر أهمية الأشجار فقط على الدور الذي تلعبه في خفض درجات الحرارة وخفض معدلات التلوث من خلال امتصاصها للكربون، إذ تساهم أيضا في خفض استهلاك الطاقة عبر أجهزة التبريد بقيمة أربعة مليارات دولار أمريكي سنويا. فالأشجار توفر الظل علي المنازل بما يخفض من سخونتها ويقلل الحاجة إلى خفض درجات الحرارة بداخلها.
وتعمل الأشجار كذلك كمرشح للمياه حيث تمتص المياه غير النظيفة، كما تلعب دورا أساسيا في الحد من مستوى الفيضانات من خلال امتصاصها للمياه، وإلى جانب ما تضفيه من جمال على أي مكان، للأشجار القدرة على تشتيت الضوضاء ولهذا غالبا ما نجدها على جانبي الطرق السريعة أو بجوار الأسوار الفاصلة بين المنازل أو المناطق السكنية. كما تمتص الأشجار 96 بالمئة من الأشعة فوق البنفسجية الضارة.
وبالإضافة لتآثيرها على البشر، الأشجار هي ملجأ الطيور بكل أنواعها، كما توفر المسكن والغذاء في الغابات للحيوانات، ويؤكد نوفاك على ضرورة العمل والتطوع لزراعة أشجار بديلة لما يتم فقده، خاصة في المدن حيث يصعب أن تنمو الأشجار بشكل طبيعي كما يحدث في الغابات أو الريف بسبب الأسفلت الذي يغطي الأرض في المدن. ولا يقتصر الأمر على مجرد زراعة البذور في التربة حيث تحتاج الأشجار للرعاية في السنوات الأولى إلى أن يشتد قوامها وتتمكن من مواجهة تحديات الطبيعة.
غابات الجبل الأخضر تصرخ للحفاظ عليها
لم تقتصر خسائر سنوات من القتال والفوضى في ليبيا على حصد أرواح الليبيين وتدمير منازلهم، بل امتدت إلى الحياة البرية خاصة غابات الجبل الأخضر التي تعرضت للقطع الجائر. فهل تنجح جهود نشطاء البيئة في حماية التنوع البيولوجي؟
تعاني ليبيا منذ أكثر من عقد من معارك وصراع بين ميليشيات مسلحة وتناحر بين جماعات سياسية. وفي ظل هذا الاقتتال، حمل ليبيون السلاح إلا أن البعض منهم أخذ على عاتقهم خوض معركة أخرى مختلفة ساحتها الغابات وسلاحهم فيها ليس سوى أدوات زراعية وبذور للتشجير بهدف الحفاظ على الغابات المعرضة للانقراض وزيادة الرقعة الخضراء في البلاد، ورغم أن ليبيا بلد صحراوي بالأساس إلا أنها تنعم بمنطقة غابات نادرة في الشمال الشرقي تشطرها أودية تسمى غابات الجبل الأخضر بمدينة البيضاء شرق ليبيا.
وتمتد سلسلة تلال الجبل الأخضر من بنغازي إلى درنة في شمال شرق ليبيا، لمسافة تصل إلى 350 كيلومترا على ساحل البحر المتوسط. وتعرف هذه التلال بتنوعها النباتي إذ يوجد بها 70 بالمائة من النباتات الليبية بالإضافة إلى أنها تضم العديد من المواقع الأثرية.
وتغطي منطقة الجبل الأخضر مساحة تصل إلى 943 ألف هكتار فيما تشكل الغابات نصف هذه المساحة، وفقا للهيئة العامة للزراعة والثروة الحيوانية والبحرية بالحكومة الليبية. وفي ذلك، تقول شيخة سلام، مدير المكتب الإعلامي التابع للهيئة، إن ما بين عامي 2005 و2019 فقدت المنطقة 14 ألف هكتار من الغابات.
وتضيف أن وتيرة فقدان المنطقة لمساحات كبيرة من الغابات تسارعت عقب 2011 حيث شجعت الاضطرابات وحالة الفوضى، الكثير من الليبيين على القطع الجائر للأشجار فضلا عن البناء العشوائي في هذه المنطقة. وتوضح سلام بالقول: "لقد دفع الوضع الأمني المتدهور والفوضى وانتشار السلاح بالإضافة إلى الحاجة إلى المال، الكثيرين إلى قطع الأشجار في هذه المنطقة لبيعها كأخشاب".
من جانبه، يقول الرائد سعيد يونس - رئيس وحدة الدورات في الشرطة الزراعية في الجبل الأخضر - إن المعارك التي اندلعت قبل عامين في العاصمة طرابلس، أدت إلى تفاقم الوضع في منطقة الجبل الأخضر. ويراقب يونس تطبيق القانون في منطقة الجبل الأخضر.
يشار إلى أنه في عهد معمر القذافي، كانت ظاهرة قطع الأشجار في منطقة الجبل الأخضر هامشية بعض الشيء إذ كانت الشرطة الزراعية تراقب الوضع خاصة وأنها كانت مزودة بسيارات رباعية تساعدها على تطبيق القانون.
ويشير الرائد سعيد يونس إلى تلقي عدد كبير من الشكاوى تتعلق بحدوث قطع جائر للأشجار في منطقة الجبل الأخضر. وفي هذا السياق يقول: "تلقينا أكثر من مائة شكوى بين عامي 2018 و2020 عن قطع أكثر من 9 آلاف شجرة البعض منها معرض لخطر الانقراض في بلدة شحات فقط في منطقة الجبل الأخضر".
وأوضح يونس أن أعمال قطع الأشجار تتزايد في كثير من الأحيان قبل عيد الأضحى حيث يزداد الطلب على الفحم لغرض شواء اللحوم، ورغم تزايد عدد الشكاوى، إلا أن ضباط الشرطة في المنطقة يعانون من نقص الإمكانات من أجل تطبيق القانون ومواجهة المخالفين الذين عادة ما يكونوا مسلحين بأسلحة ثقيلة. وأضاف يونس "السلاح منتشر في هذه المنطقة. وفي بعض الأحيان عندما نحاول أن نلقي القبض على بعض المخالفين، فإننا نتعرض لإطلاق نار مكثف".
ويعاقب القانون الليبي، قطع الأشجار وحرقها بغرامة تتراوح ما بين 500 و1000 دينار ليبي أي ما يعادل ما بين 93 و186 دولارا، وهو ما أثار استنكار يونس. وتقول سلام: "هذه العقوبة لا تتناسب مع فداحة الضرر الناجم عن هذه الأفعال".
الذكاء الاصطناعي لتبريد المدن بالتشجير
أطلقت شركة غوغل أداة جديدة بتقنية الذكاء الاصطناعي، تُمكن المدن الأكثر عرضة لدرجات الحرارة المرتفعة من التوسع في زراعة الأشجار، ما يساهم في تبريدها ورفع كثافة الغطاء النباتي وخفض معدل انبعاثات الكربون عالمياً.
قدمت شركة "غوغل" أداة جديدة لرسم الخرائط، يُمكن أن تساعد على تبريد المدن، من خلال تحديد الأماكن الأشد احتياجاً لزراعة المزيد من الأشجار فيها. وتساعد هذه الأداة، المعروفة باسم "تري كانوبي لاب"، المدن في التعرف على العلاقة بين مؤشرات الحرارة والكثافة السكانية ومعدل انبعاثات الكربون وكثافة الغطاء النباتي وتحديداً الأشجار.
وتستخدم "غوغل" الصور الجوية ونماذج الأسطح الرقمية ثلاثية الأبعاد والذكاء الاصطناعي لرسم خريطة للغطاء الأخضر للمدن واقتراح مكان غرس الأشجار. كما تضع الأداة الجديدة تلك المعلومات على خريطة تفاعلية إلى جانب بيانات إضافية عن الأحياء الأكثر كثافة سكانية وأكثر عرضة لدرجات الحرارة المرتفعة.
وسرعان ما بدأت الأداة الجديدة "تري كانوبي لاب" تجربتها الأولى في مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، بسبب تزايد شدة موجات الحرارة فيها خلال السنوات الأخيرة، حسب ما أشارت إليه وكالة ناسا.
لذا، تتمثل إحدى الطرق السهلة لتبريد المناطق الحضرية في زراعة المزيد من الأشجار في الأحياء، إذ يلعب الغطاء النباتي دوراً هاماً في الحفاظ على برودة التربة، لا سيما وأن المدن تكون أكثر دفئاً بشكل عام من المناطق الريفية، لأن المباني والأسفلت يحبسان الحرارة أثناء النهار، ثم يطلقانها تدريجياً خلال الليل.
وأوضحت "غوغل" أن أكثر من نصف سكان مدينة لوس أنجلوس يعيشون في مناطق تغطي الأشجار فيها مساحة أقل من 10 بالمائة من أحيائهم، كما أن 44 بالمائة من مساحتها الإجمالية معرضة لأخطار درجات الحرارة القصوى.
واستخدمت الأداة الجديدة البيانات المُجمعة بواسطة الطائرات خلال مواسم الربيع والصيف والخريف لتحسين خدمتي "خرائط غوغل" و"غوغل إيرث"، بهدف تقدير تغطية مظلة الأشجار في مختلف أنحاء المدينة.
وتخطط لوس أنجلوس لزيادة غطاء الأشجار فيها بنسبة 50 بالمائة في الأحياء ذات الدخل المنخفض والمتأثر بالحرارة الشديدة بحلول 2028. كما تهدف لزراعة 90 ألف شجرة في جميع أنحاء المدينة بحلول 2021، لتضيف نحو 61 مليون قدم مربع إضافية من الظل إلى المدينة، كما يفيد موقع إم أي تي تكنولوجي ريفيو.
أشجار الشوارع تعالج الاكتئاب
يتزايد عدد الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب خاصة في ظل جائحة كورونا. في المقابل كشفت دراسة حديثة أن أشجار الشوارع تساعد على التخلص من حالات الاكتئاب. كيف ذلك؟
توصلت دراسة قام باحثون من مركز "هيلمهولتز" الألماني للبحوث البيئية، والمركز الألماني لأبحاث التنوع البيولوجي التكاملي، وجامعة لايبزيغ، وجامعة فريدريش شيلر بمدينة يينا، أن زراعة الأشجار في الشوارع داخل المناطق السكنية الحضرية يساعد على مكافحة الأمراض العقلية التي يتسبب فيها تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي.
وفقًا للباحثين فإن وجود الأشجار في الشوارع والأحياء يساعد على التخلص من حالات الاكتئاب في المناطق الحضرية. وأظهرت نتائج دراسات سابقة أن المساحات الخضراء لها تأثير إيجابي على الصحة النفسية للناس. ورغم أن معظم هذه الدراسات تعتمد على التقييمات الذاتية للأشخاص المستطلعة آراؤهم ويصعب تعميمها، إلا أن المجالات الخضراء تبقى عنصرا لا يعطي فقط الجمالية للمدينة بل له تأثير على نفسية السكان أيضا، نقلا عن موقع جامعة "يينا".
وخلال الدراسة التي شملت حوالي 10 آلاف شخص يعانون من الاكتئاب، ركز الباحثون على معرفة العلاقة بين عدد ونوع الأشجار وقربها من مكان الإقامة وكمية أدوية الاكتئاب التي يتناولونها. واستبعد الباحثون العوامل الأخرى المعروفة في حالات الاكتئاب كالوظيفة والجنس والعمر ووزن الجسم، نقلا عن موقع راديو وتلفزيون جنوب ألمانيا "زود فيست روند فونك".
ولاحظ الباحثون أن وجود عدد كبير من الأشجار في المنطقة المجاورة مباشرة لمكان السكن (على بعد أقل من 100 متر)؛ يقابله عدد أقل من الوصفات المضادة للاكتئاب لدى المستجوبين. وكان هذا واضحًا أكثر في صفوف الطبقات الاجتماعية الفقيرة التي تعد الأكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب، وأوصى الباحثون بالاعتناء بأشجار الشوارع في المدن بغض النظر عن نوعها، لأنها يمكن أن تكون بمثابة حل طبيعي بسيط ضد الاكتئاب؛ يضيف موقع جامعة "يينا".
زراعة الأثاث
في خطوة تعتبر نقلة جديدة في استدامة موارد الأرض، يعكف زوجان من بريطانيا على زراعة الأشجار لتنمو بالشكل الذي يريدانه مباشرة. واستطاع الزوجان زراعة أشجار وتطويعها لتنمو في صورة مقاعد تباع بأثمنة كبيرة.
في حقل مساحته فدانان في منطقة المقاطعات الوسطى بإنجلترا، يعكف كل من جافين وأليس مونرو على استحداث نقلة جديدة في استدامة موارد الأرض، إذ أن حصادهما عبارة عن أشجار طوعاها لتنمو في صورة مقاعد.
ويملك الزوجان مزرعة للأثاث في ديربيشير يتوليان فيها "رعاية" 250 مقعدا و100 مصباح و50 منضدة. ويعتبر الاثنان ذلك مساهمة منهما في محاربة عملية قطع الأشجار لصناعة الأثاث، والتي ينتج عنها نسبة عالية من المواد الكربونية.
وقال جافين "الفكرة هي زراعة الشجرة لتنمو بالشكل الذي تريده مباشرة ... بدلا من زراعة شجرة قسرا لمدة 50 عاما ثم قطعها وتقطيعها إلى أجزاء أصغر وأصغر. هو نوع من الطباعة ثلاثية الأبعاد". وهبطت هذه الفكرة على جافين حينما كان لايزال صغيرا، إذ رصد شجرة "بونساي" وقد نمت على شكل مقعد.
كان جافين (44 عاما) قد ولد بتقوس في العمود الفقري، وقضى عدة سنوات من حياته مرتديا إطارا معدنيا لتصحيح وضع ظهره. وقال إن الفريق الطبي "كان رائعا. الممرضات والأطباء جمعوا بين الطيبة والجدارة بطريقة أذهلتني حقا".
وبدأ جافين تجاربه في 2006 عندما حاول زراعة مقاعد على قطعتين صغيرتين من الأرض في مقاطعة بيك بوسط إنجلترا أيضا. إلا أنه في 2012 وبعد عام من زواجه أسس مع زوجته أليس شركة فول جرون وتفرغا للفكرة.
وصادف الاثنان في طريقهما عقبات. فقد انتهت واحدة من محاولاتهما الأولى بكارثة عندما دهست أبقار ما زرعاه وأكلته الأرانب وكان عليهما أيضا اكتشاف أفضل الطرق لتشكيل الشجرة دون الحد من نموها. وتعلم الزوجان أيضا توجيه النبتات الصغيرة للنمو في اتجاه معين بدلا من إرغامها على النمو بما يخالف طبيعتها.
لكن عملية الانتاج بهذا الشكل باهظة التكاليف نظرا لحجم العمل والوقت المطلوب لإنتاج قطع الأثاث العضوية. لذلك يبلغ سعر المقعد عشرة آلاف جنيه استرليني (12480 دولارا) وتتراوح أسعار المصابيح بين 900 و2300 جنيه استرليني وأسعار المناضد بين 2500 و12500 جنيه استرليني.
وتستغرق زراعة المقعد العادي من ست إلى تسع سنوات، بالإضافة إلى عام آخر لكي يجف تماما. وأبعد طلبية تلقتها الشركة للتسليم في 2030 وهي عبارة عن مقعد سيتسلمه صاحبه في موعد تقاعده. ومن المعروف أن قدماء الرومان والصينيين واليابانيين كانوا يشكلون الأشجار خلال زراعتها لتنمو بأشكال معينة.
لهذه الأسباب.. غابات الأمازون مهمة جداً للعالم كله!
تزود الغابات المطيرة في منطقة الأمازون جميع أنحاء أمريكا الجنوبية بـ "الأنهار الطائرة"، وتساهم في استقرار مناخ العالم كما أن بها أكبر تنوع بيولوجي في العالم. اختفاء أشجارها بفعل القطع أو الحرائق له تبعات خطيرة.
هطول الأمطار
غابات الأمازون المطيرة تنتج كميات هائلة من المياه، ليس فقط للبرازيل وإنما لأمريكا الجنوبية بأكملها. وما تسمى بـ "الأنهار الطائرة" تنقل الرطوبة إلى مناطق واسعة في أنحاء البرازيل. إنها عبارة عن كتل هواء مشبعة ببخار الماء، تنشأ نتيجة للتبخر، سواء من عالم النباتات والحيوانات أو من المسطحات المائية والأسطح الأرضية. هذه السحب المطيرة تؤثر أيضًا على الأمطار في بوليفيا وباراغواي والأرجنتين وأوروغواي وحتى في أقصى جنوبي شيلي.
وفقًا لأبحاث معهد الأبحاث الحكومي "INPA"، يمكن لشجرة يبلغ قطرها 10 أمتار توفير أكثر من 300 لتر من المياه يومياً في صورة بخار تطلقه في الغلاف الجوي، وهو أكثر من ضعف ما يستهلكه أحد البرازيليين يوميًا.
إن عملية إزالة أشجار ونباتات الغابات المطيرة تلحق الضرر بالتبخر ونطاق تأثير "الأنهار الطائرة"، كما أن لذلك أيضا تأثيراً على هطول الأمطار في العديد من بلدان أمريكا الجنوبية. بالإضافة إلى ذلك، توفر غابات الأمازون ما يقرب من خمس المياه العذبة التي تصب في المحيطات.
التغير المناخي
تخزن الأمازون والغابات الاستوائية الأخرى ما بين 90 و140 مليار طن من الكربون، وتساعد بذلك على استقرار المناخ العالمي. وتمثل غابات الأمازون المطيرة وحدها 10٪ من إجمالي الكتلة الحيوية للكوكب. وفي المقابل فإن الغابات التي تمت إزالة شجرها ونباتها هي أكبر مصدر لانبعاثات الغازات الدفيئة. وإزالة الغابات من أجل تحويلها لأراض تستخدم للزراعة ينتج عنها إطلاق غازات دفيئة في الغلاف الجوي وتزعزع استقرار المناخ.
نصت اتفاقية باريس للمناخ لعام 2015 على وضع هدف الحد من ارتفاع حرارة الأرض إلى أقل من درجتين مقارنة بعصر ما قبل الثورة الصناعية، وينطوي ذلك حتماً على الحفاظ على الغابات. وتظهر بيانات الأمم المتحدة لعام 2015 أن البرازيل هي واحدة من البلدان العشرة التي لديها أعلى انبعاثات للغازات الدفيئة على مستوى العالم.
وأعلنت البرازيل التزامها دولياً بخفض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 43 في المائة بحلول عام 2030 مقارنة بمستويات عام 2005. ومن أجل تحقيق هذا الهدف، التزمت البلاد بزيادة حصة الطاقة الحيوية المستدامة في مزيج الطاقة لديها، والتزمت بأمور أخرى أيضاً من بينها إعادة تشجير 12 مليون هكتار من الغابات.
أكبر تنوع حيوي في العالم
عشرة في المئة من جميع الأنواع المعروفة على وجه الأرض موطنها هي منطقة الأمازون. إنها أكبر الغابات الاستوائية في العالم وبها أكبر تنوع بيولوجي على مستوى العالم. وبها أيضًا عدد كبير من الأنواع التي لا تزال غير معروفة للعلماء، خاصة في المناطق النائية.
الحفاظ على التنوع البيولوجي أمر مهم لأنه يضمن الاستدامة لجميع أشكال الحياة. كما أنه من خلال ذلك تتعافى من الكوارث بشكل أفضل، مثل حرائق الغابات، النظم الإيكولوجية الصحية والمتنوعة.
يساهم الحفاظ على التنوع البيولوجي أيضًا في تثبيت النظم البيئية الأخرى في المنطقة. والشعاب المرجانية الضخمة قبالة مصب نهر الأمازون في المحيط الأطلسي هي موطن للشعاب المرجانية المهددة بفعل ارتفاع حرارة الأرض.
وفقًا لعالم الأحياء كارلوس إدواردو لايتى فيريرا من جامعة فيدرال فلومينينسى في ريو دي جانيرو، فإن هذه الشعاب يمكن أن تساعد في إعادة ملء المناطق المتضررة في المحيطات بالشعاب المرجانية. ومع ذلك، فإن شركات النفط مثل توتال وبي بي (بريتش بيتروليوم) لديها خطط للتنقيب عن النفط بالقرب من شعاب الأمازون، مما يهدد هذا النظام البيئي.
منتجات من الغابات المطيرة
الأنواع التي تستوطن غابات الأمازون مهمة أيضاً لإنتاج الأدوية والأطعمة وغيرها من المنتجات. ويوفر أكثر من 10 آلاف نوع من النباتات في المنطقة مكونات فعالة للاستخدام الطبي أو مستحضرات التجميل أو المكافحة البيولوجية للآفات.
وفقا لدراسة أجرتها جامعة "ABC" في ساو باولو، فإن استخدام ما يسمى بـ"مخلب القط"، وهي نبتة موطنها غابات الأمازون، لا يقتصر على علاج التهاب المفاصل والعظام فحسب، بل يمكن استخدامها أيضاً في التقليل من التعب وتحسين نوعية حياة مرضى السرطان في المراحل المتقدمة.
تباع منتجات الغابات المطيرة في جميع أنحاء البرازيل: التوت الأسي، والغوارانا، والفواكه الاستوائية، وقلوب النخيل، وأيضًا منتجات سكان المنطقة الأصليين. وأهم ما تصدره البرازيل: الجوز البرازيلي، والجارينا (نوع من النخيل)، والروتيل (معدن)، والجابوراندي (مواد عشبية فعالة)، والخشب الوردي النفيس، والصمغ، والزيوت.
ارتفاع الملوحة يسبب خسائر هائلة في الأراضي الزراعية
أكد تقرير صادر عن الأمم المتحدة أن العالم يفقد نحو ألفي هكتار من الأراضي الزراعية يومياً بسبب ارتفاع ملوحة التربة، والناجم عن عدم توفر نظام صرف مناسب لتلك الأراضي. وطالب التقرير بإجراءات حازمة للحد من ذلك.
قال فريق دولي من الباحثين إن العالم يفقد نحو ألفي هكتار من الأراضي الزراعية يومياً بسبب ارتفاع نسبة الملوحة في التربة. وقال الباحثون في دراسة صادرة عن الأمم المتحدة إن ري الأراضي الجافة ونصف الجافة في 75 دولة يؤدي إلى تراكم الأملاح في التربة، ما يعني على المدى البعيد تراجع خصوبة الأرض.
وأوضح الباحثون في تقريرهم أن ارتفاع نسبة الملوح أضر بالفعل بعشرين في المائة من أراضي العالم المزروعة والتي يتم ريّها، وأن هذه المساحة ارتفعت من 45 مليون هكتار مطلع تسعينيات القرن الماضي إلى 62 مليون هكتار حالياً، وهو ما يعادل مساحة بلد مثل فرنسا.
وبحسب نفس الباحثين، فإن تزايد نسبة الملوحة في الأراضي الزراعية يتركز في حوض وسط آسيا وفي الأراضي الهندية والمناطق المحيطة بالنهر الأصفر في الصين ومنطقة نهر الفرات في سوريا والعراق وحوض موراي جنوب شرق أستراليا وكذلك وادي سان جواكين في الولايات المتحدة.
وفي بيان له، رأى منصور قدير، المشرف على الدراسة من معهد أبحاث المياه والبيئة والصحة التابع لجامعة الأمم المتحدة بمدينة هاميلتون الكندية، أن "العالم بحاجة إلى استغلال جميع الأراضي الصالحة للزراعة لإطعام سكانه، الذين يُنتظر أن يبلغوا قريباً نحو تسعة مليارات نسمة".
وعزا الباحثون سبب زيادة نسبة الملوحة إلى عدم توفر نظام صرف زراعي مناسب، مما يؤدي إلى تزايد تراكم الملوحة في الطبقات العليا للتربة. واقترحوا لمواجهة ذلك زراعة أشجار في هذه الأراضي وحرث الأرض بشكل أعمق وإقامة حفر صرف جيدة حول الحقول وزراعة نباتات تحتمل الملوحة ونثر بقايا النباتات في التربة.
أشجار النيم - العلاج السريع للتصحر
تحتاج أشجار النيم الهندي إلى القليل من الماء وهي تنمو بسرعة وتضرب بجذورها عميقا في التربة. ألماني يزرع هذه الأشجار في الأراضي الجافة في شمال بيرو، الأمر الذي لا يعود بالفائدة على البيئة فقط، لكنه يحقق فوائد أخرى.
كان الحماس شديدا من البداية لهذه الشجرة، فهي شديدة المقاومة للعوامل المناخية، كما أن استخداماتها متنوعة أيضا، وكما تقول إلكه كروغر مؤسسة جمعية Plan Verdeوتعني بالعربية (الخطة الخضراء): "لقد وضعنا الشجرة لعدة أشهر تحت الماء، وأمكنها أن تتحمل درجات حرارة تصل إلى 50 درجة مئوية، وقمنا حتى بزراعتها مباشرة على الساحل في التربة المالحة". شجرة النيم كبرت ونمت في تلك الظروف القاسية، شأنها شأن أشجار النيم البالغ عددها مئتي ألف شجرة، والتي تمت زراعتها حول مدينة بيورا في شمال بيرو.
هنا على ساحل الدولة الواقعة في أمريكا الجنوبية، لا تنمو أنواع كثيرة من الأشجار، وحجم الغابات الجافة في تقلص مستمر. وترجع الأسباب التي تقف وراء ذلك بشكل أساسي إلى إزالة الغابات واستخدام الأرضي بشكل مكثف للزراعة من قبل السكان الذين تتزايد أعدادهم باستمرار.ويعاني المزارعون بسبب التربة الجافة والرملية، وقد تحولت أجزاء كبيرة من الأراضي بالفعل إلى صحراء.
التربة الرملية الهشة لا تتمتع بمقاومة جيدة في مواجهة العواصف والفيضانات. ويشهد الساحل الشمالي الغربي من البلاد ما يسمى بظاهرة النينيو التي تضرب الساحل كل عامين إلى 7 أعوام. ومن المعروف أن هذه الظاهرة المناخية تضرب ساحل المحيط الهادئ في أمريكا الجنوبية على فترات غير منتظمة وغير قابلة للتنبؤ، وتنجم عن التقاء مناطق الضغط المرتفع والمنخفض والتيارات البحرية المختلفة مع بعضها البعض، ما يخلق الظروف الجوية القاسية مثل العواصف والأمطار التي تستمر لفترات طويلة، وهي تعمل على جرف التربة من الحقول، تاركة وراءها أرضا غير خصبة لا تصلح لشئ ومزارعين يائسين.
وهناك بالتحديد تظهر مميزات أشجار النيم، وقد أحاط الكثير من المزارعين في المنطقة حقولهم بهذه الأشجار، وهي تضرب بجذورها عميقا في التربة، موفرة بذلك الحماية الضرورية ضد التصحر.الأشجار التي يمكن أن تنمو لتصل إلى أربعة أمتار في غضون سنة واحدة فقط، تحسن في الوقت ذاته من نوعية التربة، كما أن زيتها طارد فعال للحشرات الضارة، ويحتوي على مواد تمنع تكاثر ونمو يرقات البعوض، من هنا فإن زراعة هذه الأشجار يكون مفيدا للغاية خصوصا في المناطق التي تتسبب فيها الحشرات في نقل أوبئة الحمى والملاريا.
هناك مشاريع مماثلة لما تقوم به جمعيةPlan Verde وهي لا تقتصر على المناطق التي تشكل موطنا للأشجار النيم، بل تمتد لتشمل أنحاء مختلفة في العالم، من بينها مثلا، مجتمعات السكان الأصليين في المكسيك حيث تزرع شجرة النيم في إطار مشاريع مدرسية. وتبيع شركة"Just Neem" الأمريكية " منتجات ومستحضرات تجميل مستخلصة من شجرة النيم المزروعة في إطار مشروع لتشجير المناطق الجافة في شمال غرب أفريقيا.
ويحدثنا راميش ساكسينا عن مشروع في جامعة تكساس تخطط من خلاله لزراعة أشجار النيم في الصحراء، وكما يؤكد، فإنه عند زارعة أشجار النيم في الصحراء، لا يعد هذا مفيدا فقط بالنسبة للمناخ، ولكن يمكنك أيضا استخدام الثمار والبذور من أجل الحصول على منتجات مفيدة، يتزايد عليها الآن الطلب في جميع أنحاء العالم"، بحسب رئيس مؤسسة نيمNeem-Foundation.
الجمعية الألمانية للتعاون الدولي (GIZ)، تركز على زراعة شجرة النيم بشكل رئيسي في غرب أفريقيا. وكما تقول مارتينا فاغنر، خبيرة التنمية الريفية والاقتصاد الزراعي في (GIZ)، فإن الشجرة تملك قدرة عالية على التكيف، وهذه ميزة من المميزات المهمة. لكن هذه الميزة المهمة تتحول في بعض المناطق إلى خطر، بسبب تهديدها للأنواع الأصلية الموجودة أساسا في المنطقة.
اضف تعليق