وتتوالى بوتيرة غير معهودة موجات العواصف الترابية والرملية العاتية في العراق خلال النصف الأول من العام الجاري، وآخرها هذه العاصفة الجديدة، وبذلك سيرتفع عدد العواصف الرملية التي شهدها البلد خلال نحو شهر ونصف فقط إلى 9، يعتقد أن هذه الأخيرة، وفق خبراء الأرصاد الجوية، هي الأعنف بينها...
بعد أقل من أسبوع من موجة عواصف ترابية شديدة شهدها العراق، تضرب عواصف أشد البلاد منذ صباح الإثنين، ويتوقع خبراء الأرصاد الجوية في العراق استمرار تأثير العواصف الجديدة ولو جزئيا حتى الثلاثاء، حيث رجحت هيئة الأرصاد في أحدث بياناتها بدء تبددها مع حلول مساء الإثنين.
وإثر ذلك، أعلن عن تعطيل الدوام الرسمي في بغداد، الإثنين بسبب سوء الأحوال الجوية ودخول موجة من العواصف الترابية الشديدة إلى مناطق متفرقة من العراق.
ووفق بيان صادر عن الأمانة العامة لمجلس الوزراء العراقي، تستثنى الدوائر الصحية والأمنية والخدمية من هذا القرار، الذي يعكس وفق خبراء الطقس والمناخ، شدة وقوة العواصف التي تضرب البلاد.
وتوقفت حركة الملاحة الجوية بمطاري بغداد وأربيل الدوليين من جراء العواصف وتدني مدى الرؤية إلى 400 متر، فيما سجلت عشرات حالات الاختناق في بغداد والعديد من المحافظات الأخرى، قبل أن يعاود المطاران العمل ظهيرة الإثنين.
وتتوالى بوتيرة غير معهودة موجات العواصف الترابية والرملية العاتية في العراق خلال النصف الأول من العام الجاري، وآخرها هذه العاصفة الجديدة، وبذلك سيرتفع عدد العواصف الرملية التي شهدها البلد خلال نحو شهر ونصف فقط إلى 9، يعتقد أن هذه الأخيرة، وفق خبراء الأرصاد الجوية، هي الأعنف بينها.
ويرى خبراء بيئيون ومناخيون أن قلة الأمطار والاستنزاف العشوائي لمخزونات المياه السطحية والجوفية من دون ضوابط وقيود، هو ما يؤدي لمفاقمة تداعيات ظاهرة التغير المناخي على العراق، المهدد باتساع نطاقات التصحر والجفاف داخله، وهو ما ينعكس بشكل ملموس عبر هذه العواصف الترابية المتتالية وغير المسبوقة.
وتشكل زيادة الغطاء النباتي وزراعة غابات بأشجار كثيفة تعمل كمصدات للرياح، وتشييد مساحات وأحزمة خضراء محيطة بالمدن والبلدات العراقية، أحد أهم الخطوات الكفيلة بخفض معدل العواصف الرملية واحتواء آثارها المدمرة، والعمل على تنقية الهواء كما يرى الخبراء.
وتعليقا على تزايد عدد وحدة العواصف الترابية في العراق، يقول الخبير البيئي والمناخي المدير السابق لدائرة الأنواء الجوية والرصد الزلزالي بمحافظة السليمانية في إقليم كردستان العراق دارا حسن: "يبدو مع الأسف أن ما كنا نحذر منه قد وقع بالفعل، لدرجة أن معدل هبوب هذه العواصف الترابية العاتية بات مقلقا للغاية، فمثلا هذه الموجة الجديدة التي ضربت البلاد منذ ساعات ليل الأحد المتأخرة، وتتواصل على مدى يومين وأكثر، تأتي بعد أقل من 5 أيام فقط من موجة عاتية أخرى ضربتها خلال الأسبوع الماضي، مما يعني أن وتيرة العواصف الترابية باتت شبه يومية".
ويتابع حسن في حديثه: يبدو أننا ندفع ضريبة تغيرات المناخ المتطرفة والمتراكمة، فالعواصف الترابية رغم أنها تضرب البلاد عادة، فإن كثافتها وقوتها هذه السنة مضاعفة كأحد أبرز تجليات تطرف المناخ ومفاعيله"، معتبرا أن "ظاهرة التغير المناخي بالعراق من جفاف وتصحر وشح أمطار، تقود تاليا لهشاشة المساحات الخضراء والغطاء النباتي الشحيح أصلا في العراق والمنطقة عامة، ولإخلال النظم البيئية والمناخية".
ويضيف الخبير المناخي: "وهكذا فإن التغيرات المناخية السلبية هذه حول العالم وليس فقط في بلادنا، وتسفر عن تحولات مخلة ومضرة في الأنماط والعمليات المناخية والطبيعية المعهودة، من أمطار وثلوج وأعاصير وغبار وعواصف ترابية ومن موجات حرارة وبرودة، بحيث تزداد شدة وتدميرا ولا يمكن توقع ما يتخللها جراء ذلك من طفرات".
يذكر أنه خلال الأشهر القليلة الأخيرة على وجه الخصوص، تكررت العواصف الترابية بشكل قياسي في العراق، وأدت في بعض الأحيان لإغلاق مطارات البلاد الدولية في بغداد والنجف وأربيل والسليمانية بسبب تدني الرؤية وسوء الأحوال الجوية نتيجتها، فضلا عن تسجيل وفيات وآلاف حالات الاختناق، ويعد العراق من الدول الخمس الأكثر تأثرا بتغير المناخ والتصحر في العالم، خصوصا بسبب تزايد القحط والقيظ مع ارتفاع درجات الحرارة التي تتجاوز لفترات طويلة نصف درجة الغليان، خلال ذروة فصل الصيف.
شل الحركة وإغلاق المطارات
تكررت في الشهرين الأخيرين العواصف الترابية بشكل غير مسبوق في العراق، ويعزوها الخبراء إلى التغير المناخي وقلة الأمطار والتصحر.
تعرضت عدد من المدن العراقية -اليوم الاثنين- لموجة عواصف ترابية خانقة تسببت في شل الحركة بشكل كامل وإغلاق جميع مطارات البلاد، وأعلنت الحكومة العراقية تعطيل الدوام في جميع المؤسسات الرسمية في أنحاء البلاد، وتأجيل الامتحانات النهائية في المدارس والجامعات، وإيقاف الرحلات الجوية في جميع المطارات وحركة تفريغ البواخر في الموانئ.
بدأت العاصفة الترابية -مساء أمس الأحد- مع توقع أن تزول تدريجيا. واستيقظ سكان العاصمة على طبقات من الغبار تغطّي منازلهم وسياراتهم، في حين كان مستوى الرؤية متدنيًا في الشوارع والطرقات التي خلت تقريبا من المارة.
وشهدت الأسواق والمحال التجارية إغلاقا بسبب انعدام مدى الرؤية، في حين طالبت مديرية المرور أصحاب الشاحنات والسيارات بعدم التنقل بين المحافظات والشوارع، وحسب مصادر طبية عراقية، فإن المستشفيات اتخذت إجراءات احترازية وهيأت أقسامها لاستقبال الإصابات المتعلقة بالاختناقات والجهاز التنفسي. وأظهرت صور نشرتها وزارة الصحة العراقية -على صفحتها بموقع فيسبوك- اكتظاظ المستشفيات بالمرضى الذين عانوا ضيق في التنفس وحالات الاختناق الشديدة بسبب العاصفة الترابية.
وأعلن مطار بغداد الدولي -في بيان نقلته وكالة الأنباء العراقية- استئناف الرحلات الجوية ظهر اليوم الاثنين بعد تعليقها "بسبب العواصف الترابية ووصول مدى الرؤية إلى 400 متر". كذلك، استأنف مطار أربيل رحلاته بعدما تم تعليقها، وفقا لمدير المطار أحمد هوشيار.
وتسببت عاصفة أخيرة مماثلة ضربت العراق قبل أسبوع واحد فقط بإغلاق المطارات والمؤسسات الرسمية كذلك وتعليق الامتحانات، في حين أصيب نحو 10 آلاف شخص بحالات اختناق خلال العاصفتين الترابيتين الأخيرتين.
وتكررت في الشهرين الأخيرين العواصف الترابية بشكل غير مسبوق في العراق، ويعزوها الخبراء إلى التغير المناخي وقلة الأمطار والتصحر، وكذلك تقلص المساحات الزراعية نتيجة شح المياه في عمودي نهري دجلة والفرات.
ويعد العراق من الدول الخمس الأكثر عرضة لتغير المناخ والتصحر في العالم، خصوصا بسبب تزايد الجفاف مع ارتفاع درجات الحرارة التي تتجاوز في فصل الصيف أحيانا 50 درجة مئوية، وحذر البنك الدولي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي من انخفاض بنسبة 20% في الموارد المائية للعراق بحلول عام 2050 بسبب التغير المناخي.
كما حذر المدير العام للدائرة الفنية في وزارة البيئة العراقية -في لقاء مع وكالة الأنباء العراقية- من تزايد العواصف الرملية، خصوصا بعد ارتفاع عدد الأيام المغبرة إلى "272 يوما في السنة لفترة عقدين". ورجح "أن تصل إلى 300 يوم مغبر في السنة عام 2050"، وتتمثل أهم الحلول اللازمة لخفض معدل العواصف الرملية في زيادة الغطاء النباتي وزراعة غابات بأشجار كثيفة لتصبح مصدات للرياح، حسب الوزارة.
تعطل مظاهر الحياة
اجتاحت العراق اليوم الاثنين عاصفة ترابية جديدة اضطرت معها السلطات إلى إغلاق مطارات ومدارس وجامعات ومؤسسات عامة في عدد من محافظات البلاد بما فيها العاصمة بغداد، وفي وقت سابق من الشهر الجاري، تسببت عاصفة ترابية اجتاحت البلاد في مقتل شخص وإصابة خمسة آلاف آخرين تم نقلهم إلى مستشفيات للعلاج من الاختناق.
وغطت اليوم الاثنين غمامة سميكة من التراب سماء العاصمة بغداد التي اكتست بلون الغبار البرتقالي هي ومدن عراقية أخرى بينها النجف في الجنوب، والسليمانية في الشمال، وتغطّت أسطح البنايات والسيارات في أنحاء البلاد بالغبار البرتقالي الذي وجد طريقه أيضا إلى داخل المنازل.
وتقلّص مدى الرؤية إلى 300 متر فقط في مطار بغداد، ما اضطر السلطات إلى إغلاق المجال الجوي وتعليق الرحلات، بحسب ما أفادت وكالة الأنباء العراقية الرسمية التي قالت إن المطارات في النجف والسليمانية أُغلقت أيضا اليوم.
وأمرت السلطات العراقية في سبع من إجمالي 18 محافظة بإغلاق المكاتب الحكومية حيث باتت الحركة متعذرة بسبب العاصفة الترابية الشديدة التي ضربت البلاد، وأغلقت المدارس في أنحاء العراق أبوابها، كما أرجئت امتحانات الفصل الدراسي الثاني إلى يوم غد الثلاثاء سواء في المدارس أو الجامعات.
ولا تزال الوحدات الصحية في أنحاء العراق تفتح أبوابها. وحذرت السلطات من أن الفئات الأكثر عرضة للخطر هم كبار السن والذين يعانون أمراضا تنفسية مزمنة وأمراضا في القلب، وتهب العواصف الترابية على منطقة الشرق الأوسط بشكل اعتيادي، لكن وتيرة هذه العواصف زادت وتكثفت خلال السنوات الأخيرة، وتفاقمت هذه المشكلة في ظل عوامل تتعلق بالجفاف وعدم التشجير والتصحّر.
وحذرت السلطات البيئية في العراق الشهر الماضي من أن البلاد قد تواجه 272 يوما مغبرًّا في السنة على مدى العقدين المقبلين، ورغم ما حبت به الطبيعة العراق من ثروات نفطية ومائية، فقد بات مصنفا كأحد خمس دول هي الأكثر عرضة للخطر جرّاء التأثر بتغير المناخ والتصحر.
إطلاق حملات تشجير واسعة
بالتزامن مع العواصف الترابية التي تجتاح البلاد، أعلنت حكومة النجف المحلية إطلاق حملات واسعة لتشجير المناطق وزيادة المساحات الخضراء، في خطوة تهدف لتقليل الأضرار البيئية.
العواصف الترابية التي ضربت البلاد مؤخرا ولم تستثن محافظة دون أخرى كان للمدن المحاذية للصحراء ومنها النجف حصة أكبر ما دفع إلى إطلاق حملات تشجير لزيادة المساحات الخضراء والتقليل من أضرار الأتربة المتراكمة.
ومع التوسع العمراني السريع خلال السنوات الماضية بدأت الدوائر المعنية بفرض توفير مساحات خضراء في الأحياء والمجمعات السكنية.
وبسبب تجريف الأراضي الزراعية لبناء المساكن العشوائية اختفت الأحزمة الخضراء التي كانت تحيط بالمدينة في وقت تبقى المبادرات متواضعة أمام زحف التصحر والجفاف، ورغم كل الجهود المبذولة ومع شحه الأمطار مازال سبعون بالمائة من مدينه النجف غير مشجر حتى هذه اللحظة.
غبار العواصف الترابية يهدد صحتك.. كيف الحماية؟
تعيش العديد من الدول في منطقة الشرق الأوسط موجة غبار شديدة، مما يهدد بمخاطر صحية، فكيف تحمي نفسك منها؟
في قطر، نبهت وزارة الصحة العامة على المخاطر الصحية المرتبطة بموجة الغبار التي تتعرض لها البلاد حاليًا، خاصة المضاعفات التي يمكن أن يتعرض لها مرضى الربو أو المصابون بأمراض صدرية وكبار السن.
وأكدت الوزارة على أهمية: عدم التعرّض المباشر للغبار والأتربة خلال موجة الغبار حاليا، ضرورة البقاء في المنزل قدر الإمكان، وعدم مغادرته إلا عند الضرورة وذلك تجنبا لأي مضاعفات صحية قد تحدث نتيجة استنشاق الأتربة.
وقال الشيخ الدكتور محمد بن حمد آل ثاني مدير إدارة الصحة العامة في وزارة الصحة العامة، في تصريح لوكالة الأنباء القطرية: إنه أمام ما تتعرض له البلاد حاليا من موجة غبار، فإنه من المهم اتخاذ الإجراءات الوقائية لتجنب المخاطر الصحية التي قد تنجم عن هذه الأحوال الجوية، وخاصة لدى الأشخاص الذين لديهم أمراض الصدر والحساسية والربو.
ونصح الشيخ الدكتور محمد بن حمد آل ثاني بالتالي: التأكد من إغلاق الأبواب والنوافذ بصورة محكمة، لمنع دخول الغبار والأتربة إلى المباني والمنازل، استخدام فوط مبللة لسد الفتحات الصغيرة في النوافذ أو تحت الأبواب إذا دعت الحاجة لذلك.
تجنب الخروج إلى المناطق المفتوحة أثناء اشتداد هبوب الرياح وانخفاض مستوى الرؤية، بسبب الغبار العالق في الهواء.
غسل الوجه والأنف والفم بشكل متكرر لمنع وصول الغبار إلى الرئتين، الحرص عند الخروج على ارتداء الكمامة الواقية لتغطية الأنف والفم، مع ضرورة تغيير الكمامة أو المحارم باستمرار، تجنب فرك العينين حتى لا تتعرض للالتهابات، الحرص عند الخروج على ارتداء النظارات الواقية محكمة الإغلاق، بالنسبة للأشخاص الذين أجريت لهم عمليات جراحية مؤخرًا في العين أو الأنف فيجب تجنب التعرض للغبار والأتربة، حيث إن الغبار العالق في الهواء يمكن أن يُسبب لهم مضاعفات صحية.
ضرورة البدء في استخدام الأدوية الوقائية الموصوفة من قِبل الأطباء للأشخاص الأكثر عرضة لأمراض الحساسية الشديدة حتى قبل ظهور أعراض الحساسية عليهم، وذلك للوقاية من أي مضاعفات صحية مرتبطة بالتعرض للغبار.
بالنسبة للأفراد الذي يعملون في الأماكن المكشوفة، فمن المهم اتباع الإجراءات الوقائية، والحرص قدر الإمكان على العمل بنظام التناوب لتقليل فترة التعرض المباشر للغبار، مع أهمية التأكد من ارتداء الكمامة على الفم والأنف لحماية الجهاز التنفسي، التوجه للمراكز الصحية والمستشفيات في حال الإصابة بأي من أعراض حساسية الجهاز التنفسي الناتجة عن الأجواء المغبرة.
كما ينصح -وفقا لمؤسسة حمد الطبية في قطر- عند قيادتك للسيارة أثناء الأجواء المغبرّة، احرص على إبقاء النوافذ مغلقة وعلى استخدام تكييف الهواء بدلا من الهواء الخارجي، وتجتاح منطقة الخليج العربي موجة من العواصف الرملية، أدت البعض منها إلى حجب الرؤية، مما استدعى قيام الجهات المختصة بتقديم إجراءات خاصة لمواجهتها، وهبت موجة غبار كثيفة في معظم الدول الخليجية. وأظهرت فيديوهات متداولة على السوشيال ميديا موجة غبار محملة بالأتربة تسببت بتدني مستوى الرؤية، وسط تحذيرات رسمية من مراكز الأرصاد.
وأعلنت وزارة الصحة العراقية، الاثنين، عن تسجيل أكثر من ألفي حالة اختناق بسبب العاصفة الترابية، في حين استنفرت الوزارة جهودها للتعامل مع الحالات الطارئة، وقال المتحدث باسم الوزارة سيف البدر لوكالة الأنباء العراقية (واع)، إن "المؤسسات الصحية مستنفَرة بجهودها في تقديم الخدمات الصحية بالدوائر والمستشفيات الصحية"، مبينا أن "الوزارة سجلت اليوم ألفي حالة اختناق مختلفة الشدة في المؤسسات الصحية المختلفة"، ودعا البدر العراقيين، إلى "ارتداء الكمامة والتزام المنازل قدر الإمكان وخاصة الذين يعانون من الربو وعجز القلب"، مشددا على ضرورة "ارتداء الملابس والنظارات الواقية عند الخروج".
اضف تعليق