q
قد يُسهم فصل البول عن باقي مكونات مياه الصرف الصحي في التخفيف من وطأة بعض المشكلات البيئية المستعصية، فضلًا عن كونه مَصدرًا مستدامًا للسماد، لكن ثمة عقبات هائلة قد تحول دون إحداث تغيير جذري في برمجة السلوك الإنساني المرتبط بأحد أبسط بنود الحياة اليومية، ألا وهو استخدام المرحاض...
بقلم: تشيلسي والد

تعاني جزيرة جوتلاند، الأكبر مساحةً بين جزر السويد، من نقص في المياه العذبة. وفي الوقت نفسه، يُجابِه السكان هناك أيضًا مستويات تلوُّث خطيرة ناجمة عن كُلٍ من الزراعة وأنظمة الصرف الصحي، تُسبب ازدهار نمو الطحالب الضارة في بحر البلطيق المحيط بالجزيرة، وهو ما يهدد بدوره بالقضاء على الحياة السمكية ونشر الأمراض بين البشر في المنطقة. وفي إطار المساعدة على التغلُب على هذه التحديات البيئية، تُعلِّق جزيرة جوتلاند آمالها على البول البشري، هذه المادة الكيميائية التي لم تكُن لتخطر على بال في هذا السياق، مع أنها عامل مشترك في كل هذه التحديات.

تبدأ القصة في عام 2021، عندما أقْدمَ فريق من الباحثين على التعاون مع شركة محلية تختص بتأجير المراحيض المتنقلة، وذلك في إطار مشروع يهدف على مدار ثلاث سنوات إلى جمع ما يزيد على 70 ألف لتر من البول، من المراحيض الجافة، وغيرها من المراحيض الأخرى المُصمَّمة لأغراض خاصة، والموجودة ضمن مساحة تغطي عدة مواقع بالجزيرة، وتحديدًا خلال موسم الصيف الذي يزدهر فيه النشاط السياحي. ينتمي الفريق المذكور إلى الجامعة السويدية للعلوم الزراعية (SLU)، الكائنة في مدينة أوبسالا، وهي الجامعة التي انبثقتْ عنها الشركة المعروفة باسم «سانيتيشَن360» Sanitation360. وباستخدام عمليةٍ ابتكرها الفريق ضمن جهود بحثية سابقة، يعمل الفريق الآن على تجفيف البول بحيث يتحول إلى قوالب تشبه الخرسانة في صلابتها، ومن ثَمَّ تهشيم تلك القوالب لتتحول إلى مسحوق ترابي يمكن ضغطه ليُشكِّل كرات من السماد تتناسب مواصفاتها مع إمكانات مُعِدات الزراعة المُتعارَف عليها. ويستخدم المزارعون المحليون هذا السماد في زراعة الشعير الذي ينتهي به المطاف لدى أحد مصانع الجعة، التي يُزمع أن تستخدمه بدورها في إنتاج هذا المشروب الذي قد يدخل بعد استهلاكه ضمن هذه الدورة من جديد.

ويسعى باحثو هذا الفريق إلى أن ينتقلوا بفكرة إعادة تدوير البول "من فضاء الأفكار المجردة إلى أرض الممارسة التطبيقية"، على حد تعبير بريتفي سيمها، وهو مهندس العمليات الكيميائية في الجامعة السويدية للعلوم الزراعية، وكبير مسؤولي التكنولوجيا لدى شركة «سانيتيشَن360». ومن هذا المنطلق، يهدف هؤلاء الباحثون إلى طرح نموذج يمكن للسكان في بقاع العالم كافةً اتباعه في تنفيذ هذه الفكرة؛ حيث إن "الفريق يطمح إلى تبني الجميع لهذه الممارسة [إعادة استخدام البول] أينما كانوا"، كما يشير سيمها.

ويأتي هذا المشروع، الذي بدأ على جزيرة جوتلاند، ضمن موجة تجتاح العالم في صورة جهود مماثلة تستهدف فصل البول عن باقي مكونات مياه الصرف الصحي، ومن ثمَّ، إعادة تدويره بهدف تحويله إلى منتجات مثل الأسمدة، وذلك في إطار ممارسة تُعرَف باسم «عملية تحويل البول». وتخضع هذه الممارسة للدراسة حاليًا على يد مجموعات بحثية في دول من بينها، على سبيل المثال لا الحصر، الولايات المتحدة، وأستراليا، وسويسرا، وإثيوبيا، وجنوب أفريقيا. غير أن الجهود المبذولة في هذا الصدد امتدت إلى خارج المعامل الجامعية. على سبيل المثال، في ولاية أوريجون الأمريكية، وكذلك في هولندا، تتصل المباول، غير المزودة بنظام لشطف البول في المكاتب، بأنظمة معالجة يجري تركيبها في القبو. أمّا في باريس، فيُعتزم تركيب مراحيض مُزوَّدة بخاصية تحويل البول في مربع سكني قيد الإنشاء في الحي الرابع عشر من المدينة، يستوعب ألف شخص. وبالمِثل، من المزمع أن تنهض وكالة الفضاء الأوروبية بتركيب 80 مرحاضًا مُزوَّدًا بخاصية تحويل البول في مقرها بباريس، على أن تدخل هذه المراحيض حيز الاستعمال في وقت لاحق من هذا العام. ويرى مؤيدو فكرة تحويل البول أننا قد نشهد تطبيقات نافعة لهذه الممارسة في سياقات مختلفة، بداية من المواقع العسكرية المؤقتة، وصولًا إلى مخيمات اللاجئين، ومن المناطق الحضرية الصغيرة التي تتمركز فيها الطبقات الغنية، وصولًا إلى الأحياء الشعبية الفقيرة مترامية الأطراف.

ويعتقد العلماء أن ممارسة تحويل البول سيكون لها فوائد بيئية وصحية عامة ضخمة إذا ما طُبِّقت على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم، وهو الاعتقاد الذي يرجع في جانب منه إلى كون البول مادة غنية بعناصر غذائية يمكن الاستعانة بها في تسميد المحاصيل، أو توظيفها في العمليات الصناعية، بدلًا من ضخها في المسطحات المائية لتُلوِّثها. ووفقًا لتقديرات سيمها، فإن كمية البول التي ينتجها البشر تكفي لتحل محل حوالي ربع كمية الأسمدة النيتروجينية والفسفورية المستخدمة حول العالم حاليًا. كما أن هذا البول يحتوي أيضًا على البوتاسيوم والعديد من المغذيات الدقيقة. فضلًا عن ذلك، فإن الامتناع عن استخدام خاصية شطف المرحاض بالماء، التي تعمل على تصريف البول، قد يوفر كميات هائلة من المياه، ويخفف الضغط الواقع على أنظمة الصرف الصحي القديمة والمتهالكة بفِعل الاستخدام الزائد.

وبحسب ما يراه الخبراء المعنيون، فقد تسهم التطورات التي طرأت على مجال صناعة المراحيض، وكذلك الاستراتيجيات المستحدثة في مجال معالجة البول، في التعجيل بإنتاج كثير من المُعِدات اللازمة لتشغيل خاصية تحويل البول في المراحيض، وطرحها على نطاق واسع، لكن، في الوقت ذاته، ثمة عقبات هائلة قد تحول دون إحداث تغيير جذري في برمجة السلوك الإنساني المرتبط بأحد أبسط بنود الحياة اليومية، ألا وهو استخدام المرحاض. لذا، كان من الضروري، قبل الإقدام على خطوة كهذه، أن يضع الباحثون والشركات حلولًا لعدد من المشكلات المرتبطة بتطبيق فكرة تحويل البول، بدءًا من تعديل تصميم المراحيض المُزوَّدة بهذه الخاصية، وصولًا إلى تسهيل سبل معالجة البول الناتج عنها، وتحويله إلى منتجات عالية القيمة. وقد يتطلب ذلك توفير أنظمة كيميائية لمعالجة البول تتصل بكل مرحاض على حدة، أو تجهيز غرف القبو بالمباني بمُعِدات لمعالجة البول الناتج عن كل المراحيض في المبنى، مع مراعاة توفير خدمات جمع نواتج عملية المعالجة، سواء كانت في صورة صلبة أو سائلة مركزة، وصيانة أنظمة أو مُعِدات المعالجة المشار إليها. بيد أن الأمر لا ينتهي هنا. فبعدها، يأتي دور علاج قضايا أكبر، تتصل بالتغيير الاجتماعي الذي تفرضه فكرة تحويل البول، ومدى استعداد المجتمع لقبول هذا التغيير، كما أنها ترتبط باختلاف درجة التحريم الثقافي لفكرة إعادة استخدام الفضلات البشرية، والأعراف الراسخة التي تحكم الأنظمة المسؤولة عن إنتاج الغذاء وإدارة الصرف الصحي الصناعي.

وتنطوي عملية تحويل البول وإعادة استخدامه على "تصوُّر جديد كليًا للطريقة التي يُطبِّق بها البشر مفهوم الصرف الصحي"، وهو تصوُّر ستزداد أهميته في ظل المعركة التي تخوضها المجتمعات لمكافحة النقص في الطاقة، والمياه، والمواد الخام اللازمة للزراعة والصناعة، على حد قول لين برودوس، عالمة الأحياء والاستشارية التي تعمل في مجال الاستدامة في مدينة مينيابوليس بولاية مينيسوتا الأمريكية، والرئيسة السابقة لاتحاد البيئة المائية، وهو رابطة تضم متخصصين من جميع أنحاء العالم في مجال جودة المياه، ويقع مقرها في مدينة ألكسندريا بولاية فيرجينيا. وتضيف برودوس: "إنه [البول] بمثابة معدن نفيس، وهذه هي حقيقة الأمر".

جيل جديد من المراحيض

كان البول سلعة قيّمة في الماضي؛ حيث استعانت به بعض المجتمعات في تسميد المحاصيل، ودباغة الجلود، وغسيل الملابس، وإنتاج البارود. واستمر ذلك حتى الفترة ما بين أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، وهي الفترة التي شهدت ظهور النموذج الحديث لإدارة مياه الصرف الصحي بصورة مركزية لأول مرة في إنجلترا، وانتشار هذا النموذج لاحقًا في جميع أنحاء العالم، مما أدى في نهاية المطاف إلى ميلاد ظاهرة «تجاهُل البول»، كما يسميها الباحثون.

ويعتمد عمل هذا النموذج المذكور على المراحيض المُزوَّدة بخاصية الشطف، والتي تستخدم المياه في شطف المرحاض من الداخل، مما يُطلِق الفضلات من البول والبراز وورق المرحاض عبر أنابيب الصرف الصحي، ومنها إلى المجارير، التي تختلط فيها هذه الفضلات مع سوائل أخرى تُخلِّفها المنازل والمصانع، بالإضافة إلى الماء الجاري المتخلف عن العواصف الممطرة، الذي أحيانًا ما يدخل ضمن هذا المزيج. ويصل هذا المزيج بعد ذلك إلى محطات المعالجة المركزية التي تعمل على تنقية مياه الصرف الصحي باستخدام ميكروبات محددة ضمن عملية تستهلك كمًا كبيرًا من الطاقة.

ولكن اللوائح المحلية وحالة محطات المعالجة المختلفة تتحكم في مدى نقاء مياه الصرف التي تُخلِّفها هذه العملية. ومن هنا، فمن الوارد أن تحتوي هذه المياه على كمية كبيرة من النيتروجين والعناصر الغذائية الأخرى، فضلًا عن بعض المُلوِّثات، وذلك على الرغم من معالجتها. ومن ناحية أخرى، يفتقر 57% من سكان العالم إلى وجود نظام مركزي لإدارة الصرف الصحي.

ولذا، يعمل العلماء على إيجاد طرق لإصلاح الأنظمة المركزية بصورة تجعلها أكثر استدامة وأقل تلويثًا للبيئة. غير أن هذا التوجُّه يقابله توجُّه آخر، كان قد انطلق من السويد في التسعينيات؛ إذ بادر بعض الباحثين بحشد الدعم من أجل تغيير جذري أقوى. على سبيل المثال، تصف نانسي لوف، مهندسة البيئة من جامعة ميشيجان في آن أربور، التطورات في مجال معالجة مياه الصرف الصحي قبل تفريغها في الوسط البيئي، بأنها "الوجه اللامع لعملة ظهرها صَدِئ"، على عكس عملية تحويل البول التي تتوقع لوف أن تعميمها سيكون من شأنه أن يُحدث "نقلة نوعية". ففي دراسة1 أجراها فريقها على نماذج تَصوُّرية تحاكي أنظمة إدارة مياه الصرف الصحي في ثلاث ولايات أمريكية، عقدتْ لوف وزملاؤها مقارنة بين أنظمة الصرف الصحي التقليدية، وأنظمة أخرى افتراضية، تعمل بخاصية تحويل البول التي تتيح استخلاص العناصر الغذائية من البول والاستفادة منها في الزراعة بدلًا من الأسمدة الاصطناعية. وقد خَلُصت لوف وفريقها من هذه المقارنة إلى توقُّع مفاده أن المجتمعات التي ستتبنى ممارسة تحويل البول لديها فرصة لتقليص إجمالي انبعاثات غازات الدفيئة الصادرة عنها بنسبة تصل إلى 47%، واستهلاك الطاقة بنسبة تصل إلى 41%، واستخدام المياه العذبة بحوالي النصف، وتلوث مياه الصرف الصحي الناجم عن العناصر الغذائية بنسبة تصل إلى 64%، عِلمًا بأن النسب قد تختلف وفقًا لطبيعة التقنيات التي ستستخدمها هذه المجتمعات في تطبيق فكرة تحويل البول.

ولكن بالرغم من كل هذه الفوائد المتوقعة، ظل تطبيق فكرة تحويل البول قاصرًا على البقاع التي تفتقر إلى وجود شبكة للصرف الصحي، مثل القرى البيئية النائية في شمال أوروبا، والمناطق الريفية التي يسود فيها استخدام المراحيض الخارجية المستقلة عن المباني، والمناطق منخفضة الدخل التي تُعد مسرحًا لمشروعات التنمية.

وتقول توفا لارسن، المهندسة الكيميائية لدى المعهد الفيدرالي السويسري لعلوم وتكنولوجيا الأحياء المائية (EAWAG)، ومقره دوبندورف، إن طبيعة المراحيض المُزوَّدة بخاصية تحويل البول تلعب دورًا كبيرًا في تأخُّر تطبيق الفكرة التي صُمِّمت من أجلها. وقد طُرحِت هذه المراحيض في الأسواق لأول مرة خلال التسعينيات والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وكانت مقدمةُ أغلبِها تتخذ شكل حوض صغير تتمثل وظيفته في جمع البول، وهو التصميم الذي يتطلب من المستخدم التصويب بدقة ناحية هذا الجزء من المرحاض عند التبول، لكن ثمة تصميمات أخرى تأتي مُزوَّدة بواحدة من تقنيتين، أولاهما تقنية الحزام الناقل الذي يتحرك عند الدعس عليه مما يسمح بتصريف البول بعيدًا أثناء نقل البراز إلى خزان يتحول فيه إلى سماد عضوي، والأخرى تقنية تستخدم أجهزة استشعار تفتح صمامات تُوجِّه مسار البول إلى منافذ منفصلة عن منافذ تصريف البراز.

ولكن لارسن تقول إن هذه المراحيض، لم تحُز على قبول المستخدمين في أي من التجارب الأولية أو العروض التوضيحية التي جرت في أوروبا، وهو ما تعزيه لارسن إلى كون هذه المراحيض صعبة الاستخدام للغاية، ولانبعاث رائحة كريهة منها، فضلًا عن عدم إمكان الاعتماد عليها. وتضيف: "إن مسألة المراحيض هذه قد أعاقتْ مسيرتنا".

وقد كانت المشكلات التي أشارتْ إليها لارسن حاضرة خلال أول محاولة لتوسيع نطاق استخدام هذه المراحيض، وهي المحاولة التي جرت ضمن مشروع أطلقته بلدية إيثيكويني بجنوب أفريقيا في العقد الأول من الألفية الثالثة. ويذكر أنتوني أوديلي، الذي يركز عمله البحثي في جامعة كوازولو-ناتال في ديربان على موضوع إدارة مياه الصرف الصحي، أن حدود البلدية المذكورة كانت قد اتسعتْ فجأة بعد زوال سياسة الفصل العنصري، ووجدت السلطات نفسها مسؤولة فجأة عن عدد من المناطق الريفية الفقيرة، التي كانت تفتقر إلى وجود البنية التحتية اللازمة لتأسيس دورات المياه، كما كانت تعاني أيضًا من نقص في خدمات المياه.

لكن، بعد تفشي وباء الكوليرا هناك في أغسطس من عام 2000، سارعت السلطات بطرْح أنواعٍ مختلفة من أنظمة الصرف الصحي، وذلك بما يتناسب مع القيود المالية والعملية التي فرضها الموقف عليها آنذاك. وقد قدمت السلطات ضمن الأنظمة المطروحة على السكان حوالي 80 ألف مرحاض لا يستخدم شطف الفضلات ومُزوَّد بخاصية تحويل البول، وما زال معظم هذه المراحيض قيد الاستخدام إلى الآن. وتتمثل طريقة عمل هذه المراحيض في تصريف البول أسفل المرحاض ليتسرب إلى التربة، والدفع بالبراز في خزان، تُفرغه البلدية من محتوياته كل خمس سنوات في خطوة بدأتها عام 2016.

ويقول أوديلي إن المشروع نجح في تأسيس مرافق أكثر أمانًا لإدارة الصرف الصحي في المنطقة. بيد أن أبحاث العلوم الاجتماعية كشفتْ عن أن المشروع تشوبه مشكلات عديدة؛ فعلى الرغم من شعور الناس بأن وجود المراحيض التي وفَّرها لهم المشروع أفضل من عدمه، على حد قول أوديلي، بينت الدراسات لاحقًا - ومنها دراسات شارك فيها أوديلي نفسه2 – أن التوجه العام بين المستخدمين يميل إلى كراهية هذه المراحيض لعدة أسباب. على سبيل المثال، تتسم هذه المراحيض بسوء جودة المواد المصنوعة منها وصعوبة استخدامها. وعلاوة على ذلك، فعلى الرغم من أن هذا النوع من المراحيض من المفترض أن يمنع الروائح الكريهة، فإن المراحيض في إيثيكويني شابها عيب يتمثل في أن البول كان يتسرب إلى الخزانات مع البراز، مما تسبب في انبعاث رائحة كريهة. ويُعلِّق أوديلي على قوة الرائحة قائلًا: "لم يكن الناس قادرين على التنفس بصورة طبيعية". والأدهى من ذلك، أن البول الذي تَصرِفه هذه المراحيض غالبًا ما لا يُستغل.

وهكذا، رأى أوديلي أن قرار استخدام المراحيض التي لا تعتمد على شطف الفضلات، المُزوَّدة بخاصية تحويل البول كان في نهاية المطاف نابعًا بنسبة كبيرة من مخاوف تتعلق بالصحة العامة. كما أنه لم يكن قرارًا مدروسًا؛ اتخذته السلطات دون النظر في الخطوات اللازمة لتنفيذه، ودون الالتفات لتفضيلات السكان. وقد توصلت دراسة3 أجريت عام 2017 إلى أن أكثر من 95% من المشاركين فيها، وجميعهم من سكان إيثيكويني، يتطلعون إلى يوم تصبح فيه لديهم مراحيض مُزوَّدة بخاصية الشطف، ولا تنبعث منها أي رائحة، كالمراحيض التي يستخدمها سكان المدينة البيض الذين ينتمون للطبقة الأكثر ثراءً. وقد بينت الدراسة أيضًا أن الكثير من المشاركين ينوون تركيب هذا النوع من المراحيض في منازلهم عندما تسمح ظروفهم المادية بذلك، إذ تجدر الإشارة إلى أن المراحيض لطالما كانت رمزًا للفوارق العرقية في جنوب إفريقيا.

ولكن فرص حدوث طفرة تنتصر لفكرة تحويل البول ما زالت قائمةً، وذلك بعد ظهور مرحاض يختلف في تصميمه عن مراحيض الماضي. ففي عام 2017، أزاحتْ شركة «إيوس» EOOS النمساوية الستار عن مرحاض جديد، أطلقت عليه اسم «مصيدة البول» Urine Trap، وكانت الشركة (التي انبثقتْ عنها شركة «إيوس نيكست» EOOS Next) قد صممتْ هذا المرحاض بقيادة المُصمِّم هارالد جروندال، وبالتعاون مع لارسن وآخرين. ويتميز هذا المرحاض بأنه لا يتطلب من مستخدميه التصويب في مكان محدد عند التبول، علاوة على تصميمه الذي يضمن حدوث عملية تحويل البول بشكل غير ملحوظ تقريبًا.

ويستفيد هذا التصميم من ظاهرة تشبث الماء بالأسطح (وهي الظاهرة التي تُعرَف باسم «تأثير إبريق الشاي»، نظرًا للتشابه بينها وبين قطرات الماء التي تتسرب بشكل مزعج من فوهة أبريق الشاي). وتساعد هذه الظاهرة على توجيه مسار انزلاق البول؛ إذ ينزلق من على الحائط الداخلي لمقدمة المرحاض إلى أن يصل عند فتحة منفصلة ويتسرب من خلالها (انظر: "كيفية إعادة تدوير البول"). وجدير بالذكر أن الفكرة وراء «مصيدة البول» قد نُفِذت بدعم مالي من مؤسسة «بيل وميليندا جيتس» Bill & Melinda Gates، الكائنة في سياتل بولاية واشنطن، والتي سبق لها أن دعمت مجموعة واسعة من الأبحاث في مجال ابتكار المراحيض الملائمة للبيئات ذات الدخل المنخفض. ويمكن دمج آلية عمل «مصيدة البول» في أي مرحاض، بداية من أرقي أنواع المراحيض الإفرنجية المصنوعة من السيراميك، وصولًا إلى مراحيض القرفصاء الأرضية المصنوعة من البلاستيك. وتعكف حاليًا شركة «لاوفين» LAUFEN السويسرية على إنتاج نموذج من مرحاض «مصيدة البول» وطرحه في الأسواق الأوروبية باسم «سيف!» Save!، غير أن تكلفة المنتج ستكون باهظة للعديد من المستهلكين.

وبالمِثل، عكفتْ جامعة كوازولو-ناتال وبلدية إيثيكويني أيضًا خلال الفترة الماضية على إجراء اختبارات لتقييم نماذج مختلفة من مرحاض «مصيدة البول». تجمع آلية عمل هذه النماذج بين تحويل البول واستخدام الماء في شطف المرحاض من الفضلات الصلبة. وتركز الجهود البحثية هذه المرة على المستخدم بشكل أكبر مما مضى. وقد أبدى أوديلي تفاؤله بهذه الجهود؛ إذ يعتقد أن المراحيض الجديدة المُزوَّدة بخاصية تحويل البول سيحبذها السكان هذه المرة، نظرًا إلى أنها أفضل من حيث الرائحة وأسهل في الاستخدام. ولكنه يذكر أيضًا أن هذه المراحيض ستتطلب من الرجال الجلوس عند التبول، وهو ما سيشكل نقلة ثقافية كبيرة. ومع ذلك، يقول أوديلي إن "استخدام المرحاض، فضلًا عن قبوله اجتماعيًا، من جانب السكان في المناطق ذات الدخل المرتفع (وهم أشخاص من مجموعات عرقية مختلفة) قد يعطي دفعة للجهود الرامية لطرح المرحاض". ويضيف: "لا بد أن نضع هذا المنظور العرقي في الحسبان دائمًا" عند التفكير في هذه المسألة كي نضمن ألا يُنظَر لهذا المرحاض على أنه مصمم "للسود فقط" أو "للفقراء فقط".

استخدامات البول

إن فصل البول عن باقي مكونات مياه الصرف الصحي ليس إلا خطوة أولى على طريق طويل يقود نحو إحداث نقلة نوعية في طريقة إدارة الصرف الصحي. أمّا الخطوة التالية لذلك، فتتمثل في التفكير في الطرق التي يمكن من خلالها التعامل مع هذا البول بعد عملية الفصل. في المناطق الريفية، على سبيل المثال، يمكن أن يخزِّن الناس البول بشكل منفصل في خزانات للقضاء على ما يحتويه من مُسببات للأمراض أولًا، ثم استخدامه بعدها في تسميد الحقول، علمًا بأنه يمكن الاستعانة بما طرحته منظمة الصحة العالمية من إرشادات توضح كيفية تطبيق هذه الممارسة.

لكن المشكلة تغدو أكثر تعقيدًا في المناطق الحضرية، وهي المناطق صاحبة النصيب الأكبر من إنتاج البول. ويرجع هذا التعقيد لسببين: يتمثل أولهما في أنه ليس من العملي تركيب شبكة إضافية من أنابيب الصرف الصحي تغطي جميع أنحاء مدينة ما بهدف نقل البول إلى موقع مركزي واحد. أمّا السبب الثاني فيكمن في أن المكون الأساسي للبول هو الماء، وذلك بنسبة 95%، وهو ما يجعل تخزينه ونقله مُكلِّفًا للغاية. ولذلك، اتجه اهتمام الباحثين إلى تنفيذ عملية فصل البول على مستوى المرحاض الواحد أو المبنى الواحد، عن طريق تجفيف البول، أو تحويله لسائل مُركَّز، أو استخلاص العناصر الغذائية منه، وذلك بعد التخلص من الماء الذي يحتويه.

غير أن المسألة ليست من السهولة بمكان، حسبما تقول لارسن. فمن منظور هندسي كيميائي، "يعد البول سائلًا كريه الرائحة"، وهذا يرجع إلى حقيقة أن اليوريا، هي ثاني أكبر مكون يحتوي عليه البول بعد الماء. وتُعرف اليوريا على أنها مُركَّب غني بالنيتروجين، وأحد أنواع الفضلات التي يفرزها الجسم كنتاج لعملية التمثيل الغذائي. واليوريا في حد ذاتها تُعد مُركَّبًا نافعًا، والدليل على ذلك هو شيوع استخدام اليوريا الاصطناعية التي تدخل في صناعة سماد اليوريا النيتروجيني. بيد أن استخدامها لا يخلو من المشاكل؛ فعندما تختلط اليوريا بالماء، تتحول إلى غاز الأمونيا الذي يمنح البول رائحته المميزة. وفي حال الإخفاق في احتواء هذا الغاز، يبعث بروائح كريهة، ويُلوِّث الهواء، ويتسبب في إهدار النيتروجين. ويُعرف هذا التفاعل بتحلل اليوريا المائي، وهو تفاعل مستحث بإنزيم اليورياز واسع الانتشار، وقد لا يستغرق حدوثه سوى بضعة ميكروثوان، مما يضع اليورياز ضمن قائمة أكثر الإنزيمات كفاءة من بين الإنزيمات المعروفة4.

ومع ذلك، تتجه بعض النُهُج المستخدمة في عملية فصل البول إلى عدم الوقوف في طريق حدوث هذا النوع من التفاعل. على سبيل المثال، ابتكر باحثون من المعهد الفيدرالي السويسري للعلوم والتكنولوجيا المائية عملية متطورة يمكن من خلالها تحويل البول الذي مر بتفاعل تحلل اليوريا المائي إلى سائل مُركَّز غني بالعناصر الغذائية. وتسير هذه العملية على خطوتين: تحدث الخطوة الأولى في خزان تجميع البول؛ حيث تتكفل كائنات حية دقيقة بتحويل الأمونيا المتطايرة إلى نترات الأمونيوم غير المتطايرة، التي يشيع استخدامها كسماد. أمّا الخطوة الثانية، فتتمثل في استخدام جهاز تقطير يمكن من خلاله تحويل البول إلى سائل مُركَّز. وتسعى شركة «فونا» Vuna، المنبثقة عن المعهد، ويقع مقرها في مدينة دوبندورف أيضًا، إلى الترويج لاستخدام نظام فصل البول القائم على هذه العملية في المراحيض الموجودة في المباني، كما تعمل أيضًا على التسويق للمنتج الذي تتمخض عنه هذه العملية، وهو سماد يعرف باسم «أورين» Aurin، وصرحت الجهات المعنية في سويسرا باستخدامه في تسميد محاصيل النباتات الصالحة للأكل، في سابقة تُعد الأولى من نوعها.

وتسعى نُهُج أخرى إلى إيقاف تفاعل تحلل اليوريا المائي عن طريق رفع درجة حموضة البول أو خفضها بسرعة، علمًا بأن درجة حموضة البول عادة ما تكون حيادية عند خروجه من الجسم. على سبيل المثال، ثمة تعاون قائم حاليًا في جامعة ميشيجان بين لوف ومعهد ريتش إيرث البحثي غير الهادف للربح، ومقره في مدينة براتلبورو بولاية فيرمونت. ويهدف هذا التعاون إلى ابتكار نظام يصلح للاستخدام في المباني، ويعمل بآلية تعتمد على رش حامض الستريك السائل في أنابيب الصرف الصحي المتصلة بالمراحيض المُزوَّدة بخاصية تحويل البول، وكذلك المراحيض التي لا تستخدم الشطف، ثُمَّ تحويل البول إلى سائل مُركَّز عن طريق تجميده وإذابته عدة مرات5.

من جهة أخرى، الفريق البحثي التابع للجامعة السويدية للعلوم الزراعية، القائم بتنفيذ مشروع جزيرة جوتلاند المشار إليه في مطلع المقال، والذي قاده المهندس البيئي بيورن فينيروس، توصل إلى عملية تسمح بتجفيف البول وتحويله إلى يوريا صلبة ممزوجة بعناصر غذائية أخرى. ويعمل الفريق حاليًا على تقييم أحدث نموذج أوليّ أنتجه، وهو نموذج لمرحاض متكامل، ويؤدي هذه العملية بصورة ذاتية، نظرًا إلى أنه مُزوَّد بمجفف للبول مدمج فيه. ويجري هذا التقييم في المكتب الرئيسي للهيئة السويدية العامة للمياه ومياه الصرف الصحي (VA SYD) بمدينة مالمو.

ومن ناحية أخرى، ثمة نُهُج تركز على استخلاص عناصر غذائية بعينها من البول عند فصله عن باقي مكونات مياه الصرف الصحي. وفي هذا الصدد، يرى ويليام تاربيه، المهندس الكيميائي الذي سبق له العمل باحثَ ما بعد الدكتوراه تحت إشراف لوف، والذي يعمل حاليًا بجامعة ستانفورد في ولاية كاليفورنيا الأمريكية، أن هذه العناصر المستخلصة قد تكون أسهل في إدخالها ضمن سلاسل التوريد الحالية للأسمدة والمواد الكيميائية الصناعية.

على سبيل المثال، تعتمد إحدى السبل المُتَّبعة في استخلاص الفوسفور من البول الذي مر بتفاعل التحلل المائي لليوريا على إضافة المغنيسيوم للبول، وهو ما يؤدي إلى ترسيب معدن الستروفايت (مغنيسيوم فوسفات الأمونيوم) الذي يمكن استخدامه كسماد. ويُجري تاربيه حاليًا تجارب تهدف إلى تقييم فاعلية الاستعانة في ذلك بحبيبات من المواد الماصة التي تعمل بشكل انتقائي على استخلاص النيتروجين في صورة أمونيا أو استخلاص الفوسفور في صورة فوسفات. وإلى جانب ذلك، يستخدم تاربيه في تجاربه سائلًا آخر، يُسمى المُنشِّط، وهو سائل يغمر به تاربيه الحبيبات بعد نفاد قوتها كي يحمل عنها العناصر الغذائية التي امتصتها، ويُجدِّد نشاطها قبل أن تدخل في دورة أخرى من الامتصاص. وصحيح أن اتِّباع هذه الطريقة يتميز بأنه لا يتطلب تقنية متطورة أو تدخلًا بشريًّا، ولكن استخدام هذه السوائل المنشطة التجارية يضر بالبيئة. ومن هنا، يسعي فريق تاربيه الآن إلى صنع سوائل منشطة أقل تكلفة وأقل ضررًا بالبيئة.

وثمة باحثون آخرون يعملون حاليًا على ابتكار طرق لإنتاج الكهرباء عن طريق وضع البول في خلايا الوقود الميكروبية. كما خرج فريق آخر في كيب تاون بجنوب أفريقيا بطريقة لصنع نوع جديد من أحجار البناء، عن طريق الجمع بين البول والرمل والبكتيريا المنتجة لليورياز في قالب واحد إلى أن يتكلس المزيج ويتخذ شكل قالب حجر البناء كيفما كان، وذلك دون الحاجة إلى حرقه في أفران الطوب. وتتطلع وكالة الفضاء الأوروبية إلى الاستفادة من بول رواد الفضاء في بناء بيئة صالحة للحياة على القمر.

تعقيبًا على ذلك، يقول تاربيه: "كلما تأملتُ الآفاق الواسعة التي قد تفتحها لنا عملية استعادة العناصر الغذائية من البول ومياه الصرف الصحي في المستقبل، يبدو لي أننا بحاجة إلى التمتع بالقدرة على الاستفادة من هذه العملية في صناعة أكبر كم ممكن من المنتجات".

لكن، كلما أوغل العلماء في سعيهم لدراسة سلسلة كبيرة من الأفكار التي تُبشر بتحويل البول إلى سلع، يتبين لهم أنهم يخوضون معركة شاقة، لا سيما ضد صناعات ترسَّخ وجودها. ويتضح هذا في بطء الخطوات التي يتخذها كُلٌ من شركات الأسمدة والأغذية، والمزارعين، ومُصنعي المراحيض، والهيئات التنظيمية نحو إدخال تغييرات كبيرة على ممارسات عملهم. ويُعلِّق سيمها على هذا قائلًا: "الموقف يشوبه قدر كبير من الجمود".

على سبيل المثال، لم يكن أحد ليتوقع أن تمضي جامعة كاليفورنيا في ولاية بيركلي الأمريكية نحو ثلاث سنوات وتنفق أكثر من 50 ألف دولار أمريكي لتركيب مرحاض «سيف!»، الذي تنتجه شركة «لاوفين»، ولتوصيل أنبوب الصرف الصحي الخاص بالمرحاض بخزان يوجد في الطابق الأسفل من مبنى يخدم أغراضًا بحثية وتعليمية. وعن هذا، يقول المهندس البيئي كيفين أورنر، الذي يعمل حاليًا في جامعة ويست فيرجينيا في مورجانتاون، إن المبلغ الذي أنفقته الجامعة تضمَّن تسديد أتعاب المهندسين المعماريين، وتغطية تكاليف أعمال البناء، ودفع المبالغ المطلوبة لضمان الامتثال للمواصفات التي تُقرّها قوانين البناء المحلية. ورغم كل ذلك، لم ينته العمل بعد. وفي هذا الصدد، يقول أورنر إن غياب القوانين واللوائح التي يمكن اتباعها في هذه المواقف قد خلق مشكلات في إدارة المرافق، مضيفًا أن هذا هو السبب الذي دفعه إلى أن يصبح عضوًا في لجنة تعمل على وضع القوانين واللوائح الجديدة.

وقد يعود الجمود الذي تحدث عنه سيمها إلى وجود مخاوف من مقاومة المستهلكين لفكرة استخدام منتجات يدخل البول فيها، لكن دراسة استقصائية أجريت عام 2021 بمشاركة أشخاص في 16 دولة7، أشارت إلى أن حوالي 80% من المشاركين في بقاع مثل فرنسا والصين وأوغندا على استعداد لتقبل فكرة تناول أطعمة يدخل البول في تسميدها.

وتقول بام إيلاردو، التي ترأس العمل بمكتب معالجة مياه الصرف الصحي كنائبة للمفوض في إدارة حماية البيئة بمدينة نيويورك، إنها تدعم الابتكارات مثل تحويل البول، لأن التوسع في جهود الحد من التلوث والعمل على استخلاص الموارد المهدرة يُمثِّلان هدفين أساسين لدى المرفق الذي تديره. وتتوقع إيلاردو أن أفضل نهْج عملي يمكن اتباعه لتنفيذ عملية تحويل البول في مدينة نيويورك بصورة اقتصادية هو تزويد المباني المنشأة الحديثة، أو تلك التي جرى تجديدها، بأنظمة مُعدَة لهذا الغرض، وتعمل بمعزل عن شبكة الصرف الصحي الأساسية، مدعومة بخدمات جمع البول وصيانة الأنظمة التي تخزنه. وتشجع إيلاردو المبتكرين على أن "يباشروا العمل فورًا" إذا كان بمقدورهم التوصل إلى خلق أنظمة كهذه.

وبالنظر إلى ما شهده المجال من تطورات على مر الوقت، تتوقع لارسن أننا قد نشهد عن قريب توسعًا كبيرًا في عمليات الإنتاج والتشغيل الآلي للتقنيات التي تدعم تحويل البول، وهو ما سيكون من شأنه طرح مبررات تجارية أقوى لدعم هذا التحول في أسلوب إدارة المخلفات. وتقول لارسن إن تحويل البول هو "التكنولوجيا المناسبة، بل والوحيدة، التي يمكنها حل مشكلة إهدار العناصر الغذائية الموجودة في مياه الصرف الصحي التي تنتج عن المنازل، في مدة زمنية مقبولة، لكن تطبيق هذه التكنولوجيا يتطلب أن يتحلى الناس بالجرأة".

اضف تعليق