تشكل الحشرات وكما تشير الموسوعة الحرة، المجموعة الأكثر تنوعا من الكائنات الحية على سطح الأرض فهي تحوي ما يزيد على مليون نوع تم وصفها أي أكثر من نصف جميع الكائنات الحية حيث يُقدّر عدد الفصائل غير المصنفة بقرابة 30 مليونا، أي أنها تشكل أكثر من 90% من مختلف أشكال الحياة على الأرض. تتواجد الحشرات في جميع البيئات تقريبًا، والحشرات أول الحيوانات التي ظهرت فوق سطح الأرض منذ حوالي 435 مليون سنة. وقد حظيت هذه المخلوقات العجيبة التي أودع فيها الخالق العظيم الكثير من الاسرار والعجائب باهتمام خاص من قبل العلماء والباحثين خصوصا وان بعض هذه الحشرات لها اهمية خاصة وفوائد كثيرة للبيئة والبشر على حد سواء. فالبعض منها يقوم بتلقيح النباتات المزهرة (من شاكلة الزنابير، النحل، الفراشات، والنمل)، ويعتبر التلقيح بمثابة علاقة تبادليّة بين الحشرة والنبتة، فالنبات المزهر يُلقّح ويصبح قادرا على الازدهار بينما تحصل الحشرات على كفايتها من النكتار وحبوب اللقاح اللازمة لغذائها. ومن المشاكل البيئيّة الجديّة اليوم تناقص أعداد الحشرات المُلقحة، حيث أصبح بعض الباحثين يقومون بتجميع بعض فصائل الحشرات الملقحة وإطلاق سراحها في الحقول، المشاتل، والبيوت البلاستيكية خلال فترة تزهير النباتات لضمان استمرار وجود جمهرات منها في هكذا مناطق. هذا بالإضافة الى دراسة بعض الاضرار والمخاطر والاسرار الاخرى لباقي الحشرات.

وبحسب بعض الدراسات والتقارير فقد وجد علماء الحشرات أن عدد الحشرات في الميل المربع يعادل عدد الإنسان فوق الأرض حيث يوجد ملايين الأنواع منها، ويكتشفون سنويا من 7 إلى 10 آلاف نوعا جديدا. ويقدر بعض العلماء الأعداد التي لم تكتشف منها حتى الآن حوالي 10 ملايين نوع حيث يصادفون منها كل عام حشرات جديدة مدهشة.

وفي هذا الشأن فقد قالت صحيفة بوسطن جلوب إن فريقا من الباحثين من المهتمين بدراسة الحشرات في القارة الافريقية قرروا تسمية نوع جديد من الدبابير المكتشفة حديثا على اسم توكا راسك المحترف الفنلندي وهداف فريق (بوسطن بروينز) في رياضة هوكي الجليد. وقال روبرت كوبلاند المهتم بالمجال الرياضي في بوسطن وخبير علم الحشرات بالمركز الدولي لفسيولوجيا وبيئة الحشرات في نيروبي للصحيفة إن الدبور يتسم باللونين الاصفر والاسود وهما اللونان اللذان يميزان زي فريق (بوسطن بروينز).

وتعهدت حكومة فنلندا مسقط رأس راسك بتحمل جميع تكاليف البحث. وكتب المشرفون على البحث الذي نشر في دورية علمية عن علم الحشرات "سمي هذا النوع على اسم هداف المنتخب القومي الفنلندي وفريق بوسطن بروينز". وقال راسك للصحيفة إنه لا يدري بتسمية أي حيوانات على اسمه بخلاف ما ينعته به مشجعوه من اسماء مضيفا "اعتقد انه أمر طيب".

فرس النبي (السرعوف)

من جانب اخر أظهر التصوير البطيء لعدد من فرسات النبي (السرعوف) وهي تقفز صوب هدف ما دقة متناهية لتلك الحشرات التي تطيل طويلا النظر قبل القفز. ودرس الباحثان البريطانيان مالكولم باروز وجريجوي ساتون قفزة فرس النبي التي لا تستغرق من لحظة القفز حتى وصولها إلى الهدف عشرا من الثانية أي أسرع من طرفة العين. وخلال القفزة يدور جسم الحشرة في الهواء بمعدل يصل الى نحو 2.5 مرة في الثانية.

وقام باروز وهو من جامعة كمبردج وساتون من جامعة بريستول بتسجيل مصور لثماني وخمسين حشرة وهي تقفز صوب قضيب أسود رفيع. وسجلوا نحو 400 قفزة قبل البدء في التصوير البطيء. وبعد دراسة الفيديو لاحظ الباحثان انه قبل القفز تبدأ الحشرات أولا في النظر يمنى ويسرى وهي تحدد أبعاد الهدف قبل ان تهز أجسادها للخلف وتقوس منطقة البطن.

وبعد الدفع بالاقدام تنطلق في الهواء وهي تدور بجسمها بطريقة محكمة. تتم عملية دوران الجسم في تتابع مبهر ومعقد يبدأ بالبطن ثم الرجلتين الاماميتين ثم الارجل الخلفية ومع انطلاقها في الهواء تنتقل حركة الدوران من جزء الى آخر. ويقول باروز "الحفاظ على التوازن وحتى لا يدور الجسم بشكل غير محكم في الهواء هو مهمة صعبة. وحين تكون الحركة سريعة وتكون حركة قفز ولا تملك أجنحة تكون المهمة أصعب. بحسب رويترز.

ورغم ذلك تتحرك فرس النبي بسرعة وتتحكم في دوران جسمها حتى يستقيم بدقة صوب الهدف وتفعل كل هذا في اقل من مئة ميلي ثانية اي مئة جزء من الف من الثانية. ويقول الباحثان ان مثل هذا التحكم الدقيق في القفز غير معتاد في عالم الحشرات.

سم العناكب

على صعيد متصل يقول العلماء الذين قاموا بتحليل أعداد لا تحصى من المواد الكيماوية الموجودة في سم العناكب إنهم وضعوا ايديهم على سبعة مركبات تتميز بقدرتها على وقف خطوة رئيسية تمنع الجسم من نقل إشارات الألم الى المخ. وفي البحث الذي قالوا إنه قد يفضي يوما ما الى إنتاج طائفة جديدة من مسكنات الألم القوية ركزوا على 206 أنواع من العناكب وبحثوا في السم عن جزيئات يمكنها ان توقف نشاط الاعصاب عبر قنوات معينة.

وتشير تقديرات الخبراء الى ان واحدا من بين كل خمسة أشخاص في شتى أرجاء العالم يعاني من ألم مزمن فيما أخفقت علاجات الألم المتوافرة في التخلص من الآلام على المدى القصير أو البعيد. كما ان العبء الاقتصادي للتخلص من الألم هائل إذ ان الآلام المزمنة تكلف الولايات المتحدة وحدها 600 مليار دولار في العام. ويشعر المرء بالألم في جزء من جسمه عندما ترسل الأعصاب في هذه المنطقة إشارات الى المخ عبر مسارات الألم وهذه المسارات هي التي يسعى العلماء الى تثبيط وظائفها عند البحث عن عقاقير جديدة للتخلص من الألم.

وقال جلين كينج الذي أشرف على هذه الدراسة بجامعة كوينزلاند الاسترالية "نهتم على نحو خاص بمركب يغلق مسارات الألم". وقال إن دراسات سابقة أوضحت عدم الإحساس بالألم لدى من يفتقدون هذه المسارات -بسبب طفرات وراثية تحدث بصورة طبيعية- لذا فان اغلاق هذه الممرات يمكنه وقف الاحساس بالألم لدى اشخاص لديهم هذه المسارات الطبيعية.

وركز جانب من البحث عن عقاقير جديدة مسكنة للألم على أنواع العناكب في العالم التي يصل عددها الى 45 ألفا والتي تقتل فرائسها بسمها الزعاف الذي يحتوي على مئات إن لم يكن آلاف من جزيئات البروتين التي يوقف بعضها نشاط الاعصاب. وقالت جولي كاي كلينت التي شاركت كينج في هذه الدراسة "يشير تقدير متحفظ الى وجود تسعة ملايين من الببتيدات (وهي مكونات بروتينية) في سم العناكب ولم يتم حتى الآن سوى اكتشاف 0.01 في المئة من هذه المجموعة الضخمة من المركبات الصيدلية".

ونجح العلماء -الذين تنشر نتائج بحثهم في الدورية الصيدلية البريطانية- في بناء منظومة يمكنها ان تحلل على وجه السرعة المركبات الموجودة في سم العناكب. وفحص العلماء سموما من 206 أنواع من العناكب ووجدوا ان 40 في المئة منها تحتوي على مركب واحد على الأقل يغلق المسارات العصبية لدى البشر. بحسب رويترز.

وفيما يتعلق بسبع مركبات واعدة وضعوا أيديهم عليها قال العلماء إن أحدها ذو فاعلية عالية ويتميز بتركيب كيماوي يشير الى انه مستقر من الوجهة الكيمائية والحرارية والبيولوجية على نحو يصلح لأن يكون عقارا فاعلا. وقالت كلينت "توظيف هذا المصدر الطبيعي لانتاج عقاقير جديدة يمنح آمالا كبارا لتسريع وتيرة ابتكار طائفة جديدة من مسكنات الألم".

خنفساء اللحاء

الى جانب ذلك أفادت نتائج دراسة أجراها الباحثون في ولاية كولورادو الامريكية بان الغابات في ولايات الغرب الامريكي التي ابتليت بآفة خنفساء الصنوبر الجبلية (خنفساء اللحاء) ليست أكثر عرضة لان تأتي عليها حرائق الغابات بصورة أكبر من الغابات التي لم تمسسها هذه الحشرات. وكانت درجات الحرارة الأعلى من معدلاتها العادية شتاء في السنوات الأخيرة قد أتاحت لخنفساء الصنوبر الجبلية ان تصمد خلال أشهر البرد لتترك خلفها أعوادا من القلف اليابس الذي يخشى الخبراء من ان يساعد على اشتعال حرائق الغابات في مطلع الموسم.

لكن الدراسة التي جرت تبعا لمنهج يعرف باسم مراجعة النظراء وقام بها باحثون من جامعة كولورادو في بولدر وجدت ان النشاط الذي تقوم بها خنفساء القلف ضئيل الاثر للغاية على المنطقة المحترقة خلال ذروة ثلاث سنوات من حرائق الغابات منذ عام 2002 . ومراجعة النظراء عملية لتقييم عمل أو نشاط يقوم بها شخص ذو اختصاص وكفاءة في مجال العمل أو النشاط وعادة ما تقوم جمعية مختصة في جعل المراجعة في صلب عمليات التقييم التي تقوم بها من أجل التأكد من الجودة ومصداقية أعمالها أو منشوراتها.

وكتب العلماء يقولون "على الرغم من زيادة كل من أنشطة انتشار الحشرة والحرائق كل على حدة بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة في الآونة الاخيرة تظهر نتائجنا ان المنطقة المعرضة للاحتراق سنويا في غرب الولايات المتحدة لم تتوسع كرد فعل مباشر على نشاط خنفساء اللحاء." وقال التقرير الذي تنشر نتائجه في دورية الأكاديمية القومية للعلوم إن الخنفساء أتت على الصنوبريات عبر منطقة تصل مساحتها الى 71 ألف كيلومتر مربع من الغابات في الغرب الامريكي منذ منتصف تسعينات القرن الماضي. بحسب رويترز.

ويثور جدل على نطاق واسع بين العلماء بشأن ما اذا كانت الاصابة بالخنفساء تسهم في زيادة قابلية الغابات للاحتراق وزيادة احتمالات حدوث حرائق غابات بسبب انخفاض الرطوبة في المنطقة المنكوبة. وكتب الباحثون يقولون في الدراسة التي استمرت 18 شهرا "فرضية ان الاصابة بالخنفساء تزيد من مخاطر الحرائق اسهمت في اتخاذ قرارات سياسية بعيدة المدى منها الانفاق بمئات الملايين من الدولارات".

النمل الأبيض

من جانب اخر قال علماء إن اثنين من أشرس أنواع النمل الأبيض (الأرضة) وأكثرها قدرة على التدمير في العالم بدأت تتزاوج في جنوب فلوريدا لتنتج مستعمرات مهجنة تنمو بمعدل الضعف عن الوضع العادي لهذه الحشرة. وقال نان-ياو سو أستاذ الحشرات بجامعة فلوريدا الذي أشرف على هذه الدراسة إن النوعين الآسيوي والنوع الاخر من فورموزا هما المسؤولان عن معظم حجم الضرر السنوي في العالم الناجم عن النمل الأبيض والبالغ 40 مليار دولار فيما أن الانسال المهجنة منهما يمكن أن تضاعف من حجم الخسائر بصورة كبيرة.

وقال سو الذي نشرت نتائج بحثه في دورية (بلوس وان)" PLOS ONE" "إنها ليست بالأنباء السارة إذ انها تعني أنه في غضون فترة وجيزة من الزمن سيشعر ملاك المنازل بالضرر." ويرجع سو هذا التطور إلى ظروف تغير المناخ مشيرا إلى أن هذين النوعين من النمل كانا يعيشان في بيئات منفصلة وتزدهر أعدادهما في أوقات متباينة وأضاف أنه بحلول 2013 تداخلت العوامل الخاصة بأماكن المعيشة ومواسم التكاثر. وتوصل البحث إلى أن ذكور النمل الآسيوي تفضل إناث نمل فورموزا وأن مستعمرات النوعين تضاعفت بصور كبيرة خلال عام واحد.

وقال سو إنه لن يتسنى معرفة ما اذا كان النسل الهجين خصب أو عقيم إلا عندما تصل المستعمرات إلى خمس سنوات من العمر تقريبا حين تبدأ الملكات الجديدة في التكاثر. وأضاف أنه على الرغم من أن الكثيرين يستخدمون مبيدات الآفات للتخلص من النمل الأبيض إلا ان هناك طعوما تقضي على مستعمراتها بمرور الزمن.

النحل

في السياق ذاته اظهر تقرير للمفوضية الاوروبية ان 10% من حوالى الفي نوع من النحل البري الاوروبي مهددة بالاندثار و5% اضافية ستواجه المصير نفسه في المستقبل القريب ان لم تتخذ اي اجراءات. واعدت هذه الدراسة بالتعاون مع الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة وهي الاولى التي تشمل تطور اعداد النحل البري الاوروبي المعروفة اقل من النحل الداجن الا انها تتمتع بالاهمية ذاتها على صعيد الانتاج النباتي.

وشدد واضعو الدراسة على "نقص مقلق" في المعلومات بشأن 1965 نوعا تم احصاؤها مع غياب المعلومات عن 58% منها. وقد حدد الخبراء 77 نوعا فقط مهددا بالانقراض الا انهم يعتبرون من خلال تقاطع المعلومات المتوافرة لديهم ان العدد الفعلي يصل الى 200 نوع. وقال الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة "النحل يلعب دورا اساسيا في تلقيح المحاصيل" ويظهر هذا التقرير "الضرورة الملحة للاستثمار في مجال الابحاث" لمكافحة هذا التراجع.

وحذر المفوض الاوروبي لشؤون البيئة كارمونو فيلا في بيان "اذا لم نواجه هذا التراجع في النحل البري ولا نتحرك بسرعة قد ندفع الثمن غاليا". ويفيد الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة ان 84% من الانتاج النباتي المخصص للاستهلاك البشري في اوروبا يعتمد على التلقيح الذي تؤمنه الحشرات ولا سيما النحل والنحل الطنان. واشارت الدراسة الى ان من بين التهديدات الرئيسية للنحل، هناك تراجع في التنوع الحيوي بسبب الزراعة المكثفة واستخدام المبيدات الحشرية. ومن التهديدات الاخرى الرئيسية ايضا الاحترار المناخي الذي يؤثر خصوصا على النحل الطنان الذي يواجه ربع انواعه خطر الاندثار. واشارت الدراسة ايضا الى التوسع العمراني وتكاثر الحرائق.

على صعيد متصل يطور علماء النظم البيئية في مركز أبحاث كيو غاردنز في لندن جهاز استشعار صغير، يمكنه مراقبة سلوك النحل. وصنع الجهاز من أدوات تكنولوجية جاهزة، ويعتمد على جهاز يستخدم في مراقبة ألواح التحميل في المستودعات، وذلك حسب ما قاله مبتكر الجهاز الدكتور مارك أونييل.

ويلتقط قارئ المستشعر الإشارات من خلية النحل، ويكون مرتبطا بحاسب من طراز راسبري باي، والذي يسجل بدوره تلك القراءات. ويصل مدى عمل الجهاز إلى 2.5 متر، بينما استخدمت نماذج سابقة كان مداها سنتيمترا واحدا.

ويستخدم الجهاز شريحة من طراز RFID، تم تصميمها خصيصا لتكون أقل سمكا وأخف وزنا، من النماذج المستخدمة من قبل لمراقبة حشرات أخرى، وبما يسمح بزيادة نطاق عملها. ويسعى المهندس صاحب الاختراع، والذي يعمل مديرا تقنيا في شركة Tumbling Dice في نيوكاسل إلى الحصول على براءة اختراع. وقال: "أود أن أصنع مكونات هوائية أفضل، والتي ستكون أصغر حجما بكثير". وأضاف: "لقد صنعت نحو خمسين منهم حتى الآن، وألحمتهم معا على مكتبي، إن الأمر يبدو كعملية جراحية".

ومتوسط الوقت الذي تستغرقه النحلة "في جمع غذائها" هو عشرين دقيقة، وتعمل في مدى يبلغ نحو واحد كيلومتر. والفكرة تقوم على توزيع أجهزة قراءة حول خلايا النحل والزهور، بحيث تتعقب الإشارات الصادرة من النحل أثناء تجوالها بحرية في الحقول. والجهاز بالغ الصغر يبلغ ارتفاعه ثمانية مليمترات وعرضه 4.8 مليمترات، ويتم لصقة في النحلة عبر مادة غروية قوية. لكن لا بد من تعريض النحلة للبرد الشديد أولا لكي تقبل بلصق الجهاز بها.

ويقول الدكتور أونييل: "يصدر النحل ضوضاء رهيبة حينما نلصق بها المستشعر". وأضاف إنه يأمل في أن يبقى جهاز التتبع، الذي يزن أقل من وزن النحلة، ملصقا في النحلة ويعمل لمدة ثلاثة أشهر. ويناسب جهاز التتبع النحل العامل فقط الذي لا يتزاوج. ويقول أونييل: "إذا أكل حيوان نحلة اعتقد أنه سيكون لديه جهاز تتبع في معدته". بحسب بي بي سي.

وتشارك الدكتورة سارة بارلو، عالمة المنظومات البيئية بمركز كيو غاردنز، في اختبار المستشعر الجديد الذي لم يتم اختيار اسم له بعد. وتقول: "هذه التقنية الجديدة ستفتح المجال للعلماء في إمكانية تتبع النحل في بيئته الطبيعية". وأضافت: "إن هذا اللغز المتعلق بسلوك النحل حيوي للغاية، إذا أردنا أن نفهم بشكل أفضل لماذا تكافح النحل، وكيف نتصدى لتناقص أعدادها".

المبيدات الحشرية

الى جانب ذلك أعلنت الوكالة الأمريكية لحماية البيئة انها من غير المرجح ان توافق على استخدام مبيدات حشرية معينة جديدة او التوسع في أخرى مستخدمة فيما تجري تقييما للمخاطر التي تشكلها على نحل العسل. وتستخدم مبيدات حشرية تنتمي لمجموعة (نيونيكوتينويد) بصورة منتظمة في مجالات الزراعة وللنباتات والأشجار في الحدائق والمتنزهات إلا ان التوسع في استخدامها خضع لقيود في السنوات الاخيرة بعد تراجع أعداد نحل العسل والحشرات الأخرى التي تساهم في تلقيح النبات والتي تلعب دورا رئيسيا في انتاج الغذاء.

وتقول الهيئة الامريكية للأسماك والحياة البرية إن هذا التراجع يعزى الى عدة عوامل منها استخدام مبيدات الآفات والحشائش وفقدان أماكن المعيشة والامراض. يجئ اعلان الوكالة الأمريكية لحماية البيئة بعد يوم من الحظر الذي فرضته مدينة بورتلاند الامريكية وهي أكبر مدن ولاية أوريجون على استخدام مبيدات حشرية يقول ناشطون مدافعون عن البيئة إنها مسؤولة عن تراجع أعداد النحل في المدينة خلال السنوات القليلة الماضية.

ورغم احتجاج المزارعين واصحاب المشاتل وآخرين ممن يرون ضرورة لاستخدام المبيدات الحشرية لحماية محاصيلهم الزراعية صوتت مدينة بورتلاند بالاجماع بوقف فوري للمنتجات التي تحوي مبيدات حشرية جديدة نسبيا تؤثر على الجهاز العصبي المركزي للحشرات. وانضمت مدينة بورتلاند في ولاية أوريجون بقرار الحظر الى سبع مدن أخرى على الاقل منها سياتل وسبوكين في ولاية واشنطن المجاورة. وتجري الوكالة الامريكية لحماية البيئة تقييما لستة أنواع تنتمي لمجموعة (نيونيكوتينويد) وأثرها على نحل العسل فيما ستدرس آثار أربعة مبيدات أخرى عام 2018 واثنين بعد عامين من ذلك.

على صعيد متصل رفعت جماعة مدافعة عن البيئة دعوى قضائية ضد الحكومة الأمريكية اتهمت فيها الجهات التنظيمية بتجاهل المخاطر التي يشكلها مبيد للاعشاب على الفراشات الملكية المهددة بالانقراض والتي تراجعت اعدادها بحدة خلال السنوات القليلة الماضية. ورفع مجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية الدعوى ضد وكالة حماية البيئة أمام المحكمة الابتدائية الامريكية في نيويورك.

وجاء في الدعوى ان وكالة حماية البيئة تجاهلت التحذيرات المتكررة من المخاطر التي يشكلها الجليفوسات المستخدم بشكل واسع النطاق في المبيدات العشبية على الفراشات الملكية. ويقضي القانون الاتحادي الأمريكي بأن تضمن الوكالة الا تسبب المبيدات التي تقرها "أي أثار سلبية غير مبررة على البيئة بما في ذلك الحياة البرية." وقالت الدعوى انه "رغم ذلك لم تفكر الوكالة في تأثير مبيد جليفوسات على الفراشات الملكية."

وجاء في الدعوى ان مجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية ومنظمات أخرى مدافعة عن البيئة طلبوا من الوكالة مراجعة ما يقولون انها أدلة علمية متنامية تؤكد التأثير "المدمر" لمبيد جليفوسات على الفراشات الملكية لكن الوكالة لم تهتم. وردا على الدعوى القضائية أصدرت وكالة حماية البيئة بيانا جاء فيه انها تتخذ خطوات عديدة لحماية الفراشات لكن العلم لم يقل بعد "كلمته النهائية" في هذه المسألة. وأضافت "هناك عوامل عدة يمكن ان تؤثر على الفراشات الملكية منها فقد أماكن معيشتها والطقس والمبيدات."

والفراشات الملكية لونها برتقالي وأجنحتها بها عروق سوداء وبقع بيضاء بمحاذاة الحواف الخارجية. وتصل أقصى مسافة بين الجناجين إلى عشرة سنتيمترات ولون الجسم أسود. وقال مركز التنوع الحيوي إن الفراشات الملكية -التي تشتهر بهجرتها آلاف الكيلومترات على مدى عدة أجيال من المكسيك عبر الولايات المتحدة الى كندا ثم تعود ادراجها ثانية- تعرضت لفقد أماكن معيشتها (الموئل) بسبب الانشطة الزراعية والتوسع العمراني. بحسب رويترز.

وجاء في الدعوى ان عدد الفراشات الملكية قدر عام 1997 بنحو مليار فراشة وان العدد انخفض هذا الشتاء إلى 56.5 مليون فراشة وهو ثاني أقل عدد لهذا النوع منذ بدء عمليات التسجيل. وفي الشهر الماضي نظمت الهيئة الأمريكية للأسماك والحياة البرية وجماعات الحفاظ على البيئة حملة تكلفتها 3.2 مليون دولار لانقاذ أماكن معيشة الفراشات.

اضف تعليق