على الرغم من تدهور اسعار النفط عالمياً وموجة التشاؤم التي لحقت بالاقتصادات النفطية الريعية، الا ان مد هذه الموجة لم يستطع بلوغ حاجز الشركات النفطية المحتكرة لصناعة النفط وان يسبب لها خسائر مماثلة لتلك التي واجهتها دول أوبك، بل وعلى العكس من ذلك نجد قد حافظت على ارباحها، اذ أظهرت نتائج أعمال إكسون موبيل أكبر شركة مدرجة لإنتاج النفط في العالم أنها حققت أرباحا فصلية أفضل من المتوقع بدعم من ارتفاع أسعار الخام وانخفاض التكاليف، وتبرز النتائج التحسن المطرد التدريجي في قطاع النفط والغاز العالمي مع ارتفاع أسعار السلع الأولية بعد هبوط استمر عامين، وهذا التقرير الفصلي هو الأول لإكسون موبيل في عهد رئيسها التنفيذي دارين وودز، ورشح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الرئيس التنفيذي السابق للشركة ريكس تيلرسون لمنصب وزير الخارجية وهو في انتظار تأكيد تعيينه.
وقد خصصت إكسون ملياري دولار لخفض قيمة أصول للغاز الطبيعي بجبال روكي في خطوة نادرة لشركة اعتادت تجنب مثل هذه الأساليب المحاسبية، وانخفضت أرباح الربع الأخير من العام الماضي إلى 1.68 مليار دولار بما يعادل 41 سنتا للسهم من 2.78 مليار أو 67 سنتا للسهم في الفترة نفسها قبل عام.
وباستبعاد مخصصات انخفاض القيمة التي تبلغ ملياري دولار تصل أرباح إكسون إلى 90 سنتا للسهم مقارنة مع توقعات المحللين لأرباح قدرها 70 سنتا للسهم على هذا الأساس وانخفض الإنتاج ثلاثة بالمئة إلى 4.1 مليون برميل من المكافئ النفطي يوميا، كما تراجع الإنفاق الرأسمالي لإكسون موبيل 35 بالمئة في الربع الرابع إلى 4.83 مليار دولار.
وود ماكنزي تتوقع ارتفاع مشاريع النفط الجديدة إلى مثليها في 2017
ذكرت شركة وود ماكنزي للخدمات الاستشارية إن شركات النفط والغاز ستزيد الإنفاق في 2017 وستضاعف مشروعات التطوير الجديدة لأكثر من مثليها مع ثقتها في توقف هبوط أسعار النفط المستمر منذ عامين، وتأتي التوقعات المتفائلة بعد ارتفاع أسعار خامات القياس العالمية أكثر من 20 بالمئة إلى نحو 55 دولارا للبرميل بدعم من اتفاق كبار المنتجين على كبح الإنتاج.
وتشير توقعات وود ماكنزي لأنشطة المنبع العالمية في 2017 إلى أن الإنفاق على عمليات الاستكشاف والإنتاج سيزيد ثلاثة بالمئة إلى 450 مليار دولار، لكن هذا المستوى يظل أقل بنسبة 40 بالمئة عن مستويات 2014، ومن الناحية الجغرافية ستتباين الزيادة في الأنشطة تباينا كبيرا إذ من المتوقع أن يحصد إنتاج النفط الصخري الأمريكي معظم المكاسب نظرا لانخفاض تكلفته نسبيا وسرعة تطويره الذي لا يستغرق في بعض الحالات سوى ستة أشهر.
وكان النفط الصخري هو المحرك الرئيسي لتخمة المعروض التي شهدتها الآونة الأخيرة كما سجل أكبر هبوط في الإنتاج خلال موجة الانخفاض، ووفقا لتقديرات وود ماكنزي من المتوقع أن ينمو إنتاج النفط الصخري الأمريكي بنحو 300 ألف برميل يوميا في 2017 إلى نحو أربعة ملايين يوميا، وتتوقع وود ماكنزي أن يصل متوسط أسعار النفط في 2017 إلى 57 دولارا للبرميل ثم يزيد تدريجيا إلى 85 دولارا للبرميل في 2020 مع انخفاض الإمدادات بسبب تراجع الاستثمارات في السنوات القليلة الماضية، وانخفضت التكاليف 20 بالمئة منذ 2014 ومن المتوقع أن تقل خمسة بالمئة أخرى هذا العام وفقا لما ذكره ديكسون.
ومن المتوقع أن يرتفع عدد قرارات الاستثمار النهائية للمشروعات التي تزيد مواردها على 50 مليون برميل من المكافئ النفطي لأكثر من مثليها في 2017 لتصل إلى مابين 20 و25 من تسعة فقط في 2016، غير أن التسارع في الأنشطة سيظل غير كاف لسد الفجوة المتزايدة بين العرض والطلب والتي تتوقع وود ماكنزي اتساعها إلى 20 مليون برميل يوميا بحلول 2025 بناء على خطط التطوير الحالية.
تصفية لعدد غير مسبوق من شركات النفط والغاز البريطانية
لا زال تعافي أسعار النفط محدودا للغاية، ما قد يؤدي إلى إغلاق المزيد من شركات النفط البريطانية، وكشفت دراسة حديثة إن عدد شركات النفط والغاز البريطانية التي مرت بعمليات تصفية وتوقف نشاطها وصل إلى مستوى قياسي غير مسبوق عقب الانهيار الذي شهدته أسعار النفط منذ منتصف 2014، وشهدت 16 شركة بريطانية كانت تعمل في مجال النفط عملية تصفية العام الماضي مقابل تصفية شركتي نفط فقط في 2012، وفقا لمؤسسة مور ستيفنز لأعمال المحاسبة.
وأضافت الدراسة أنه رغم الارتفاع المحدود الذي تشهده أسعار النفط في الفترة الأخيرة، وجه انهيار الأسعار العالمية، من 120 دولار للبرميل لأقل من 50 دولار للبرميل على مدار أكثر من سنتين، ضربة قوية للشركات العاملة في القطاع، وارتفع معدل تصفية شركات النفط حول العالم منذ الانهيار الأخير في الأسعار، لكن الشركات العاملة في منطقة بحر الشمال تواجه ضغوطا أكبر من غيرها من شركات النفط، وفقا للدراسة.
وصرح جيريمي ويلمونت، المسؤول في مؤسسة مور ستيفنز، ان انهيار أسعار النفط ادى إلى وصول عدد كبير من شركات النفط المستقلة البريطانية إلى نقطة النهاية، وأضاف شهدت السنوات الخمسة عشرة الماضية زيادة كبيرة في عدد شركات النفط والغاز المستقلة في بريطانيا، والتي امتدت أعمالها على نطاق واسع من العراق إلى جزر فولكلاند، واذا لم تبدأ أسعار النفط العالمية في التعافي، سوف تزداد الأوضاع سوء، ما يدفع المزيد من الشركات العاملة في القطاع إلى تصفية أنشطتها، وأضاف ايضا أن نفط بحر الشمال يواجه المزيد من الظروف الصعبة في ضوء التكلفة التي تتكبدها الشركات جراء وقف الإنتاج في المنصات البحرية.
شركات النفط تتحمل وطأة تباطؤ النشاط بتقليص إنتاجها
خفضت شركات النفط العالمية المدرجة إنتاجها من الخام بنسبة 2.4 في المئة منذ بداية العام في خضم واحدة من أسوأ دورات التباطؤ التي يشهدها القطاع وذلك في الوقت الذي تكافح فيه أوبك للاتفاق على أول خفض للإنتاج منذ 2008، وأظهرت بيانات قدمها مورجان ستانلي أن مجموع إنتاج 109 شركات مدرجة تنتج أكثر من ثلث النفط العالمي انخفض في الربع الثالث من 2016 بواقع 838 ألف برميل يوميا وذلك مقارنة مع مستواه قبل عام ليصل إلى 33.88 مليون برميل يوميا.
وعلى سبيل المقارنة فقد أنتجت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) 33.64 مليون برميل يوميا في أكتوبر تشرين الأول. وتسعى أوبك جاهدة للاتفاق على تثبيت أو خفض مشترك للإنتاج لدعم أسعار النفط قبل اجتماعها في فيينا، وتتضمن البيانات شركات النفط الوطنية في الصين وروسيا والبرازيل ومنتجون عالميون مثل إكسون موبيل ورويال داتش شل وكذلك شركات إنتاج النفط الصخري الأمريكي مثل إيه.أو.جي ريسورسز واوكسيدنتال بتروليوم.
ويكتسب خفض الإنتاج في شركات النفط أهمية خاصة لاسيما في ضوء الزيادة في 2015 حين ارتفع الإنتاج في الربع الثالث بنحو 1.9 مليون برميل يوميا، وذكر مارتن راتس محلل الأسهم لدي مورجان ستانلي إن مجموع النفقات الرأسمالية للشركات انخفض بأكثر من النصف من 136 مليار دولار في الربع الثالث من 2014 إلى 58 مليار دولار في نفس الفترة من هذا العام.
وحذر مسؤولو شركات نفطية ووكالة الطاقة الدولية من أن الانخفاض الحاد في الاستثمارات العالمية في النفط والغاز قد ينجم عنه نقص في المعروض بنهاية العقد، وعادة ما يستغرق تطوير حقول النفط الكبرى مثل تنمية تلك الواقعة في المياه العميقة قبالة سواحل الولايات المتحدة والبرازيل وافريقيا وجنوب شرق آسيا ثلاث إلى خمس سنوات وتتكلف مليارات الدولارات، وعوض خفض التكاليف وزيادة الكفاءة جزئيا هبوط الإنتاج الناجم عن تراجع الاستثمار، وساعدت التطورات التكنولوجية أيضا في تعزيز إنتاج النفط الصخري الأمريكي من الحقول البرية، وتابع "لكن ما لم تنتعش الاستثمارات في وقت قريب نسبيا من المرجح أن يعود هذا الاتجاه النزولي الحاد مجددا في 2018 وما يليه.
وكالة الطاقة الدولية تتوقع تراجع استثمارات النفط للعام الثالث في 2017
صرح فاتح بيرول مدير وكالة الطاقة الدولية إن من المرجح أن تتراجع الاستثمارات الجديدة في إنتاج النفط للعام الثالث في 2017 في الوقت الذي تستمر فيه تخمة الإمدادات العالمية مما يذكي التقلبات في أسواق الخام، وارتفعت أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها في نحو شهر مع تزايد التوقعات بين المتعاملين والمستثمرين بأن أوبك ستتفق على خفض الإنتاج لكن مراقبي الأسواق يعتقدون أن الاتفاق ربما يحشد إجماعا أقل مما ترغب فيه السعودية وشركاؤها.
وين بيرول ان تحليلاتنا تظهر أنه حين ترتفع الأسعار إلى 60 دولارا فإن ذلك يجعل قدرا كبيرا من النفط الصخري الأمريكي مربحا وفي غضون تسعة إلى 12 شهرا قد نرى استجابة من النفط الصخري وغيره من مناطق الإنتاج المرتفع التكلفة، وقد استقرت أسعار خام القياس العالمي مزيج برنت عند نحو 49 دولارا للبرميل، واضاف إن هذا المستوى سيكون كافيا للعديد من شركات النفط الصخري الأمريكي كي تستأنف الإنتاج المتوقف لكن وصول الإمدادات الجديدة إلى السوق سيستغرق نحو تسعة أشهر، كما ان الغاز الصخري يتمتع بتنافسية اقتصادية كبيرة اليوم ونعتقد أنه سيظل كذلك في السنوات القادمة.
شركات نفط كبرى تتعهد بمليار دولار لتقنيات مكافحة تغير المناخ
تعهد عدد من شركات النفط الكبرى من بينها أرامكو السعودية ورويال داتش شل باستثمار مليار دولار لمكافحة تغير المناخ وذلك كجزء من اتفاق عالمي لتقليل اعتماد العالم تدريجيا على الوقود الأحفوري دخل حيز النفاذ، وأنشأت مباردة النفط والغاز بشأن المناخ والتي تضم أيضا توتال وبي.بي وإيني وريبسول وشتات أويل وبيميكس وريلاينس اندستريز صندوق استثمار المناخ الذي سيساعد في تطوير تقنيات خفض الكربون على مدى السنوات العشر القادمة.
لكن الاستثمارات في الإنفاق السنوي المشترك للشركات الأعضاء تتقلص بينما يواجهون إحدى أطول فترات انخفاض النشاط في تاريخ القطاع. ومن المتوقع أن تنفق شل وتوتال وبي.بي وشتات أويل وريبسول وإيني نحو 100 مليار دولار في 2016، وصرحت الشركات العشر التي تسهم مجتمعة بنحو 20 بالمئة من الإنتاج العالمي للنفط والغاز إن "حصة كبيرة" من المليار دولار التي جرى التعهد بها ستوجه نحو تسريع استخدام تقنية جمع وتخزين الكربون في محطات الكهرباء العاملة بالغاز، وستستثمر مجموعة الشركات أيضا في الحد من انبعاثات غاز الميثان وتحسين الكفاءة في قطاع النقل والصناعات الكثيفة الاستهلاك للطاقة.
توتال تعاني من تراجع اسعار النفط
أعلنت مجموعة توتال للنفط والغاز انها قررت زيادة ارباح مساهميها على الرغم من ان نتائج العام 2016 ما زالت تحت تأثير ضعف اسعار المحروقات، مشددة على ان اداءها سجل تحسنا واضحا في الفصل الرابع مع انتعاش اسعار النفط، وذكرت المجموعة ان ارباحها الصافية ارتفعت بنسبة 22 بالمئة في 2016 وبلغت 6,2 مليارات دولار نظرا لانخفاض الاسعار بنسب اقل من 2015.
لكن الارباح الصافية المصححة، وهي المؤشر الذي تتبعه الاسواق ويستبعد كل العوامل الاستثنائية، انخفضت بنسبة 21 بالمئة الى 8,3 مليارات دولار لرقم اعمال سجل انخفاضا نسبته 9 بالمئة الى 149,7 مليار دولار، وفي الفصل الرابع، سجل النشاط ارتفاعا نسبته 12 بالمئة الى 42,3 مليار دولار، وارتفعت الارقام الصافية المصححة بنسبة 16 بالمئة الى 2,4 مليار دولار، بينما انتقل صافي العائدات الى تسجيل ارتفاع.
وكانت اسعار النفط التي تأثرت بفائض العرض في الاسواق، استأنفت ارتفاعها ليتراوح البرميل بين خمسين و55 دولارا، اثر التوصل الى اتفاق بين منظمة البلدان المصدرة للنفط (اوبك) ودول منتجة خارج المنظمة بينها روسيا، للحد من الانتاج، وتؤكد توتال انها تمكنت من الصمود في هذه الظروف الصعبة بالمقارنة مع المجموعات الكبرى الاخرى في القطاع، بفضل زيادة في انتاج المحروقات ومتانة أنشطة التكرير وضوابط صارمة للانفاق.
وفي مؤشر الى ثقتها في هذه الاستراتيجية التي تعتزم متابعتها في 2017، تنوي المجموعة زيادة ارباح السهم الواحد في 2016 الى 2,45 يورو، وبعدما بلغت 18,3 مليار دولار في 2016، تخفض الشركة الاستثمارات الى 16 او 17 مليار هذه السنة بينما يبلغ الخفض المخطط له للنفقات 3,5 مليارات دولار، قبل ان يبلغ اربعة مليارات في 2018.
ويفترض ان تسجل زيادة في الانتاج بنسبة اربعة بالمئة هذه السنة وخمسة بالمئة بالمعدل السنوي بين 2014 و2020، اذ ان توتال تنوي الاستفادة من انخفاض النفقات في القطاع لاطلاق نحو عشرة مشاريع للنفط والغاز بهامش اكبر في الاشهر المقبلة، خصوصا في البرازيل والارجنتين، وفي 2016، ارتفع انتاج المحروقات بنسبة 4,5 بالمئة الى 2,452 مليون برميل من معادل النفط يوميا.
تباين واختلاف في الخسائر والارباح
على الرغم من ان المظهر العام كان يوحي بأن شركات النفط هي الخاسرة من تدهور الاسعار، الا ان المفارقة نجد ان هذه الشركات كان محمية من ذلك او بصورة اخرى لم تتعرض الى نفس ماتعرضت اليه الدول المصدرة للنفط، وهذه مفارقة تدل وكأن عصر الاحتكارات او السيطرة النفطية من قبل هذه الشركات لم تنتهي بعد، وبالتالي ان لعبة انخفاض الاسعار كانت مقصودة من قبل الاخرين لاضعاف اقتصادات الدول المصدرة للنفط، فعلى الرغم من الخسائر التي حصدتها هذه الدول استطاعت هذه الشركات من الحفاظ على مستوى ارباحها، ويعود ذلك الى صناعات التكرير والمشتقات النفطية التي حافظت على مستوى اسعارها عالمياً.
اضف تعليق