هل حقا أن منظمة أوبك لم تعد هي اللاعب الاقوى في العالم فيما يتعلق بالتحكم بسياسة اسعار النفط وكميات الانتاج على المستوى العالمي؟، لاسيما أن روسيا قالت عن اوبك أنها فقدت هذا الدور ولم يعد بمقدورها التحكم بالسياسة النفطية على المستوى العالمي وأكدت روسيا أن اللاعب الاقوى في ساحة النفط هي امريكا ثم تأتي معها روسيا نفسها والسعودية، هؤلاء هم اللاعبون الثلاثة الكبار في ساحة انتاج النفط.
وقد أظهرت دلائل كثيرة صحة مثل هذه الآراء على الرغم من التأثير الكبيرة الذي تحتفظ به منظمة اوبك في قضية التحكم بالانتاج وانعكاسه على سقف الأسعار صعودا وهبوطا، في هذا المجال قال ستشين رئيس اكبر شركة روسية لانتاج النفط إن منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) فقدت قدرتها على تنظيم سوق النفط العالمية. وقال "نعتقد أن (وظيفة) التنظيم انتقلت إلى اللاعبين الرئيسيين الثلاثة وهم الولايات المتحدة والسعودية وروسيا." وقال "الأسباب الرئيسية التي أفضت إلى هذا بسيطة حقا: تقييم قاعدة الموارد وتوافر التقنيات والأدوات المالية... كل الأطراف التي ذكرتها تملك كل الأدوات" مضيفا أن للولايات المتحدة اليد العليا في الأسواق بسبب دورها المهيمن كمستهلك كبير.
ولا تزال سياسة تجميد الانتاج هي السلاح الأقوى الذي تتعامل به الدول المنتجة للنفط من اجل كبح هبوط اسعار النفط مجددا، فقد حمل وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك رسالة مختلفة لمن يشككون في الحكمة من وراء تثبيت مستويات إنتاج النفط العالمية. فعلى الرغم من انهيار محادثات تثبيت الإنتاج بين المنتجين من داخل منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وخارجها في وقت سابق هذا العام يعتقد نوفاك أن المباحثات حققت نجاحا من الممكن أن يتكرر قريبا.
ومع اتفاق الدول المنتجة على اهمية تثبيت سقف الانتاج عند حد معين وعدم اغراق الاسواق بكميات اضافية من النفط، إلا أن ايران مثلا لاتزال ترفض مثل هذه السياسة اذا ألزمتها بسقف متدني من الانتاج بعد عودتها الى الاسواق ورفع العقوبات الدولية عنها، فقد ظلت إيران العضو في أوبك العقبة الأساسية أمام تثبيت الإنتاج إذ تصر على أنها ليست مستعدة لاتخاذ إجراء مشترك إلا بعد عودة إنتاجها لمستويات ما قبل فرض العقوبات الغربية التي رفعت عنها حاليا. وقال ديل بينو لرويترز الأسبوع الماضي إن وزير النفط الإيراني بيجن زنغنة أبلغه بأن طهران ستصل إلى مستويات الإنتاج المرجوة التي تترواح بين 3.8 و4 ملايين برميل يوميا في موعد أقصاه سبتمبر أيلول بما يزيد احتمالات التوصل إلى اتفاق على كبح الإنتاج.
لم يقتصر الامر على ايران وحدها، فهنالك السعودية التي تنتجن من يفوق عشرة ملايين برميل يوميا، كذلك تتجه روسيا لتسجيل رقم قياسي جديد في انتاج النفط العام 2016، وفق ما اعلن وزير الطاقة الروسي الجمعة، غداة اجتماع لمنظمة اوبك لم يتم خلاله الاتفاق على تحديد سقف للانتاج. ونقلت وكالات الانباء الروسية عن وزير الطاقة الكسندر نوفاك قوله "اذا استمر الزخم الحالي، سنصل الى زيادة قدرها نحو 8 ملايين طن.
وفي جميع الاحوال فإن النجاح في عودة اسعار النفط الى التوازن وعدم انهيارها مجددا، يستدعي سياسة انتاجية متوازنة تقوم على التفاهم والثقة بين الدول المنتجة، على أن يتم ابعاد العلاقات والمواقف السياسية بين هذه الدول وعدم انعكاسها على السياسات النفطية، فقد نقلت وكالة الإعلام الروسية عن مسؤول بارز في وزارة الخارجية الروسية قوله إن بلاده ترغب في تحسن العلاقات بين إيران والسعودية في وقت تشتد فيه الحاجة لاتخاذ إجراء مشترك للسيطرة على أسعار النفط العالمية. وكانت روسيا وهي من أكبر منتجي النفط في العالم رفضت مرارا التعاون مع منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) في السنوات الأخيرة رغم هبوط أسعار الخام الذي يمثل شريان الحياة لاقتصادها.
وعلى العموم هناك علاقات وتفاهمات جيدة افضت الى ارتفاع اسعار النفط مجددا، لكن توجد هناك عقبات لابد من وضع الحلول اللازمة لها، خاصة أن أسعار النفط قد سجلت ارتفاعا لتعوض بعض خسائرها بعد تصريحات جديدة من روسيا أبدت فيها انفتاحها على إجراء محادثات مع منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) بخصوص خفض الإنتاج وهو ما ساهم في إنعاش آمال المستثمرين بتحرك كبار المنتجين في العالم لدعم الأسعار.
أمريكا وروسيا تسيطران على اسعار النفط
في هذا السياق قال إيجور ستشين رئيس روسنفت أكبر شركة روسية منتجة للنفط إن السعودية والولايات المتحدة وروسيا هم اللاعبون الكبار الثلاثة في أسواق النفط العالمية ليهون مجددا من دور منظمة أوبك كأداة تنظيم. وأبلغ تلفزيون روسيا-24 أن دور روسيا سيتعزز في أسواق النفط والغاز. وروسيا أكبر منتج للنفط والغاز الطبيعي في العالم حيث تضخ نحو 10.8 مليون برميل يوميا من النفط. ويعتزم البلد على الأقل مواصلة إنتاج النفط الخام - سلعة التصدير الرئيسية له - عند المستوى الحالي.
وقال ستشين إن منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) فقدت قدرتها على تنظيم سوق النفط العالمية. وقال "نعتقد أن (وظيفة) التنظيم انتقلت إلى اللاعبين الرئيسيين الثلاثة وهم الولايات المتحدة والسعودية وروسيا." وقال "الأسباب الرئيسية التي أفضت إلى هذا بسيطة حقا: تقييم قاعدة الموارد وتوافر التقنيات والأدوات المالية... كل الأطراف التي ذكرتها تملك كل الأدوات" مضيفا أن للولايات المتحدة اليد العليا في الأسواق بسبب دورها المهيمن كمستهلك كبير. وتابع "لدى روسيا كل البنية التحتية السوفيتية... ونعكف على دخول أسواق جديدة."
وكان سيتشن أبلغ رويترز الشهر الماضي أن الخلافات الداخلية تقتل أوبك وأن قدرتها على التأثير في الأسواق قد تبخرت تقريبا. وأضاف في تصريحاته يوم الثلاثاء أن روسنفت تتوقع أن يكون سعر النفط في نطاق 50 إلى 55 دولارا للبرميل بنهاية السنة وأن يرتفع إلى 65 دولارا بنهاية 2017. وقال عن خطط الحكومة لبيع 19.5 بالمئة من روسنفت إنه يفضل البيع إلى مستثمر استراتيجي بدلا من الطرح في سوق الأسهم. وقال إن روسنفت لم تجر محادثات مع شركات صينية أو هندية بشأن الخصخصة.
منتجو النفط يبقون على تثبيت الإنتاج
من جهته يحمل وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك رسالة مختلفة لمن يشككون في الحكمة من وراء تثبيت مستويات إنتاج النفط العالمية. فعلى الرغم من انهيار محادثات تثبيت الإنتاج بين المنتجين من داخل منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وخارجها في وقت سابق هذا العام يعتقد نوفاك أن المباحثات حققت نجاحا من الممكن أن يتكرر قريبا. وقال نوفاك للصحفيين الأسبوع الماضي بعد لقاء مع إيلوخيو ديل بينو وزير نفط فنزويلا الدولة العضو في أوبك إن الاجتماع "مهد الطريق أمام تغيير مسار الاتجاهات السلبية في أسواق النفط."
وأضاف نوفاك "رأينا إغلاق عدد كبير من المراكز المدينة في حين ظلت المراكز الدائنة مفتوحة" وذلك في إشارة إلى مراكز البيع التي تراهن على هبوط الأسعار في مقابل مراكز الشراء التي تراهن على ارتفاعها. وتحظى هذه التصريحات بأهمية في الوقت الذي غالبا ما يتحدث فيه وزراء النفط عن إمدادات الخام والطلب والتوازن لكن قلما يتطرقون إلى الكيفية التي يقوم بها المضاربون في السوق -وأكثرهم من صناديق التحوط- ببناء مراكزهم.
وارتفع النفط إلى 50 دولارا للبرميل بزيادة 85 بالمئة عن أدنى مستوى له في 12 شهرا الذي سجله في يناير كانون الثاني مع توقف بعض الإنتاج في نيجيريا وكندا بما قلص الحاجة لدعم الأسعار. وفي أحدث اجتماعات أوبك في يونيو حزيران لم تجر المنظمة أي تغييرات في سياسة عدم وضع سقف للإنتاج بحسب رويترز. ومع انخراط ديل بينو في حملة جديدة لتثبيت الإنتاج العالمي في وقت لاحق هذا العام ستكون مراقبة مستويات الأسعار وحالة السوق عنصرا مهما للتكهن بالوقت الذي قد يتجه فيه كبار المنتجين لتعزيز التعاون فيما بينهم ولو بالقول فقط على الرغم من انعدام الثقة فيما بينهم.
وحتى الآن تعطي المملكة العربية السعودية التي تقود أوبك فعليا إشارات على رغبتها في تجنب هبوط آخر لأسعار النفط. وقال وزير الطاقة خالد الفالح إن المملكة ستحول دون حدوث صدمات بضخ المزيد من الخام في السوق المتخمة بالمعروض بالفعل. والمنطق وراء ذلك بسيط. فتقول مصادر على دراية بالموضوع إن الرياض لا تريد للأسعار أن تهبط مجددا بسبب الضغوط المفروضة على الموازنة في الداخل وخشية أن يؤدي تراجع الاستثمار في قطاع النفط حول العالم إلى نقص حاد في المعروض من الخام وقفزات في الأسعار.
ومن المرجح أن يبقي أكبر بلد مصدر للنفط في العالم إنتاجه مستقرا نسبيا في الأشهر المقبلة فيما وصفه أحد المصادر بأنه "ممارسة لبناء الثقة" مع إيران والمنتجين من خارج أوبك في حال تطلب الأمر التوصل لاتفاق مشترك. وأبقت السعودية إنتاجها من الخام دون تغير يذكر في مايو أيار في حين ارتفع حجم الإمدادات حيث سحبت المملكة المزيد من كميات الخام من المخزونات لتغطية الطلب الموسمي في السوق المحلية.
وقد ظلت إيران العضو في أوبك العقبة الأساسية أمام تثبيت الإنتاج إذ تصر على أنها ليست مستعدة لاتخاذ إجراء مشترك إلا بعد عودة إنتاجها لمستويات ما قبل فرض العقوبات الغربية التي رفعت عنها حاليا. وقال ديل بينو لرويترز الأسبوع الماضي إن وزير النفط الإيراني بيجن زنغنة أبلغه بأن طهران ستصل إلى مستويات الإنتاج المرجوة التي تترواح بين 3.8 و4 ملايين برميل يوميا في موعد أقصاه سبتمبر أيلول بما يزيد احتمالات التوصل إلى اتفاق على كبح الإنتاج.
وينعقد منتدى الطاقة العالمي الذي يضم المنتجين والمستهلكين في الفترة بين 26 و28 سبتمبر أيلول بالعاصمة الجزائرية. وقالت قطر إن أعضاء أوبك اتفقوا على إجراء مباحثات على هامش الاجتماع. وتقول مصادر إيرانية إن التعاون ممكن لكنه يعتمد على ما ستؤول إليه الأوضاع في السوق في سبتمبر أيلول عندما يجتمع المنتجون في أوبك وخارجها في الجزائر قبل شهرين من مباحثات أوبك الرسمية المقبلة في فيينا في الثلاثين من نوفمبر تشرين الثاني.
وقال مصدر على دراية بالتوجهات الإيرانية "علينا أن ننظر إلى حجم الفائض في السوق. في الوقت الحالي ثمة حالة من الغموض بسبب تعطل بعض الإنتاج في عدد من البلدان. ربما يصبح الأمر أكثر وضوحا خلال شهرين." وقال أحد كبار المندوبين في أوبك "دول الخليج ستدعم أي تعاون بين المنتجين من أوبك وخارجها." لكنه قال في الوقت ذاته "من المبكر جدا القول الآن بما إذا كان شيء سيحدث في الجزائر."
روسيا تتجاوز السعودية كأكبر مصدر للنفط للصين
من ناحية اخرى أظهرت بيانات جمارك أن روسيا تجاوزت المملكة العربية السعودية لتصبح أكبر مصدر للنفط إلى الصين في مايو أيار وذلك للشهر الثالث على التوالي حيث تخطت صادرات أكبر منتج للخام في العالم إلى الصين نظيرتها من المملكة أكبر مصدر في العالم. وسجلت صادرات روسيا لثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم مستوى قياسيا جديدا بما يعكس استمرار الطلب القوي من شركات التكرير المستقلة في الصين.
واستوردت الصين 5.245 مليون طن أو نحو 1.24 مليون برميل من الخام يوميا من روسيا الشهر الماضي بزيادة 33.7 بالمئة على أساس سنوي بما يفوق المستوى القياسي السابق الذي جرى تسجيله في أبريل نيسان والبالغ 1.17 مليون برميل يوميا. وفاقت الواردات الصينية القادمة من روسيا نظيرتها القادمة من المملكة العربية السعودية للمرة الأولى على أساس تراكمي ففي الأشهر الخمسة الأولى من 2016 زادت واردات النفط القادمة من روسيا بنسبة 41.8 بالمئة على أساس سنوي إلى 1.06 مليون برميل يوميا في حين بلغ متوسط حجم واردات النفط القادمة من المملكة العربية السعودية 1.05 مليون برميل يوميا بحسب رويترز.
وقفزت واردات الخام القادمة من المملكة العربية السعودية 33.6 بالمئة في مايو أيار على أساس سنوي إلى 961 ألف برميل يوميا بحسب ما تظهره البيانات لكنها تراجعت عن مستوى المليون برميل يوميا الذي جرى تسجيله في الشهر السابق. وساعدت المصافي الخاصة -التي تسمى "أباريق الشاي" بسبب محدودية عملياتها نسبيا مقارنة بشركات التكرير الحكومية- على زيادة الطلب الصيني على الخام بأكثر من مليون برميل يوميا في الأشهر الخمسة الأولى من العام. وفضلت تلك المصافي الخام الروسي منخفض الكبريت بسبب حجم الشحنات الأصغر وقرب الموقع الجغرافي في حين لم يكن الخام الذي يحتوى على نسبة أعلى من الكبريت القادم من السعودية والعراق مغريا للمشترين بسبب حجم الشحنات الأكبر ولأن ذلك الخام يباع عادة بموجب عقود طويلة الأجل.
توازن سوق النفط بعد التعافي
ونقلت شركة النفط الحكومية السعودية أرامكو عن الفالح قوله "رغم الفائض في إنتاج النفط العالمي وهبوط الأسعار لا يزال الاهتمام يتركز على دول مثل السعودية والتي سيتوقع منها نظرا لأهميتها الاستراتيجية أن تساهم في إحداث التوازن بين العرض والطلب فور تحسن الأوضاع في السوق." وقال الفالح في بيان نشره الموقع الإلكتروني لأرامكو "السياسات النفطية للمملكة نابعة من المسؤولية وتسعى السعودية للحفاظ على هذا التوازن بينما تولي اهتماما أيضا بوجود أسعار معقولة للمنتجين والمستهلكين." وأدلى الفالح بتلك التعليقات في الولايات المتحدة أثناء زيارة برفقة ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
وتخلت السعودية -القائد الفعلي لأوبك- عن دور المنتج المرجح فعليا في 2014 حينما قادت تحولا في سياسة التكتل من خلال الإحجام عن خفض الإنتاج لدعم الأسعار والسماح للسوق بموازنة نفسها بدون تدخل. ونقلت صحيفة هيوستون كرونيكل عن الفالح قوله إن تخمة المعروض العالمي "اختفت". وقال الفالح للصحيفة "السؤال الآن هو مدى سرعة استنفاد المخزون العالمي. "سيظل ذلك يضع حدا لوتيرة تعافي أسعار النفط. علينا فقط أن ننتظر حتى النصف الثاني من العام والعام القادم لنرى كيف تتطور الأمور."
روسيا تتوقع انتاجا نفطيا قياسيا
من جهتها تتجه روسيا لتسجيل رقم قياسي جديد في انتاج النفط العام 2016، وفق ما اعلن وزير الطاقة الروسي الجمعة، غداة اجتماع لمنظمة اوبك لم يتم خلاله الاتفاق على تحديد سقف للانتاج. ونقلت وكالات الانباء الروسية عن وزير الطاقة الكسندر نوفاك قوله "اذا استمر الزخم الحالي، سنصل الى زيادة قدرها نحو 8 ملايين طن، واذا اضفناها الى 534 مليون طن في العام الماضي، سنحصل على ما بين 540 و542 مليون طن".
وهذا يوازي اكثر من 10,8 ملايين برميل يوميا، وهو رقم قياسي جديد لروسيا التي فرضت نفسها بعد انهيار الاتحاد السوفياتي بين اوائل الدول المنتجة للنفط مع السعودية. واتجهت روسيا في الاشهر الاخيرة، على غرار مصدرين رئيسيين اخرين للنفط، الى زيادة انتاجها الى مستويات قياسية من اجل التعويض عن انخفاض الاسعار. لكن الزيادة في المعروض ادت الى تراجع الاسعار التي سجلت اوائل السنة الحالية ادنى مستوى لها منذ العام 2003 بحسب رويترز.
ورغم فشل روسيا والبلدان الاخرى في اوبك في الاتفاق على الحد من الانتاج، ارتفع سعر برميل النفط الخام في الايام الاخيرة الى 50 دولارا. وخفف هذا الارتفاع من الاعباء على روسيا التي تواجه خطر الركود الاقتصادي وتستمد معظم عائداتها من المحروقات. وفشلت دول اوبك في تحديد سقفها الانتاجي خلال اجتماعها في فيينا الخميس، ولم يكن ذلك مفاجئا للاسواق.
ورغم الانتاج القياسي الاخير، يعتقد خبراء القطاع النفطي ان الزيادة في الانتاج الروسي مردها اعادة تنشيط العمل في حقول نفطية يعود تاريخها الى الاتحاد السوفياتي وستنضب قريبا. ويخشى هؤلاء من الان فصاعدا ركودا او تراجعا للانتاج الروسي في السنوات المقبلة، خصوصا ان العقوبات التي فرضتها الدول الغربية على موسكو على خلفية الازمة الاوكرانية تعوق استغلال الصخر الزيتي او موارد اخرى جديدة في القطب الشمالي.
روسيا تتطلع لتحسن العلاقات السعودية الإيرانية
من جهتها نقلت وكالة الإعلام الروسية عن مسؤول بارز في وزارة الخارجية الروسية قوله إن بلاده ترغب في تحسن العلاقات بين إيران والسعودية في وقت تشتد فيه الحاجة لاتخاذ إجراء مشترك للسيطرة على أسعار النفط العالمية. وكانت روسيا وهي من أكبر منتجي النفط في العالم رفضت مرارا التعاون مع منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) في السنوات الأخيرة رغم هبوط أسعار الخام الذي يمثل شريان الحياة لاقتصادها.
وتبددت الآمال في إبرام اتفاق عالمي بشأن الإنتاج بسبب موقف إيران. وترفع طهران إنتاجها سعيا لاستعادة حصتها في السوق بعد رفع العقوبات لتفسح الطريق لعودتها إلى السوق بعد غياب طويل. ومما يقلل من فرص التعاون بين إيران والسعودية العداء السياسي بين البلدين لدعم كل منهما طرفا مختلفا في الصراعات الدائرة في سوريا واليمن.
ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن زامير كابولوف المسؤول بوزارة الخارجية الروسية قوله "نحتاج جميعا للاستقرار في سوق النفط والعودة إلى الأسعار الطبيعية (للخام)... وتلك هي البلدان المهمة وبخاصة المملكة العربية السعودية وإيران التي تبذل قصارى جهدها من أجل العودة إلى سوق النفط" بحسب رويترز. وقالت مصادر مطلعة في الأسبوع الماضي إن عددا من الدول في أوبك يسعى للتوصل إلى توافق بين الأعضاء في حين يدعم عدد من الدول خارج المنظمة تجميد الإنتاج عند المستويات الحالية في مسعى محتمل لحل مشكلة التخمة دون خفض الإمدادات. وأضافت المصادر أن السعودية ربما تقبل الفكرة ولكن من السابق لأوانه القول إنها ستؤيدها لأن أي اتفاق يتوقف في الأساس على التزام إيران بكبح خطتها لزيادة الصادرات.
روسيا تبدي استعدادها للاجتماع مع أوبك
وقد سجلت أسعار النفط ارتفاعا لتعوض بعض خسائرها بعد تصريحات جديدة من روسيا أبدت فيها انفتاحها على إجراء محادثات مع منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) بخصوص خفض الإنتاج وهو ما ساهم في إنعاش آمال المستثمرين بتحرك كبار المنتجين في العالم لدعم الأسعار. وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إنه إذا تم التوافق بين أعضاء أوبك والمنتجين من خارجها على عقد اجتماع "فسنجتمع إذن."
وساهم ذلك في دفع أسعار النفط للصعود بعدما كانت تتجه لتكبد ثالث خسائرها اليومية على التوالي عقب صدور بيانات يوم الثلاثاء تظهر ارتفاعا كبيرا في المخزونات الأمريكية. وزاد خام القياس العالمي مزيج برنت في العقود الآجلة تسليم أبريل نيسان 40 سنتا إلى 33.12 دولار للبرميل بحلول الساعة 0930 بتوقيت جرينتش مبتعدا عن أدنى مستوى له في الجلسة عند 32.30 دولار للبرميل بحسب رويترز.
وارتفع الخام الأمريكي في العقود الآجلة 46 سنتا إلى 30.34 دولار للبرميل بعدما سجل أدنى مستوى له في الجلسة عند 29.40 دولار للبرميل. وقال تاماس فارجا المحلل لدى (بي.في.إم أويل أسوشيتس) "هل سيعقد اجتماع بين روسيا وأوبك؟.. هذا عامل داعم لهذا الاتجاه الذي شهدناه في الساعة الماضية." وكان الطلب على النفط قويا العام الماضي لاسيما في آسيا لكنه لم يكن كافيا لاستيعاب المعروض الذي قارب مستويات قياسية والمخزونات المتنامية من الخام.
انفتاح روسي للتعاون مع منتجي النفط
من جهته قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في مؤتمر صحفي خلال زيارة لأبوظبي إن بلاده منفتحة على مزيد من التعاون في سوق النفط مع الدول من داخل منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وخارجها. وردا على سؤال حول ما إذا كانت روسيا منفتحة على فكرة عقد اجتماع بين الدول الأعضاء وغير الأعضاء في أوبك لمناقشة تحقيق استقرار أسعار النفط قال لافروف "في الموقف الراهن يبدو أن لدينا مصلحة مشتركة في مواصلة العمل في هذا المسعى ونحن منفتحون على المزيد من التعاون إذا كانت هناك رغبة من الجميع لعقد مثل هذا الاجتماع الذي تحدث عنه أصدقاؤنا الفنزويليون بالفعل." وأضاف "الفكرة موجودة وسنكون مستعدين لتنفيذها بكافة الأشكال والأبعاد التي يتفق الجميع عليها."
وقالت وزارة الطاقة الروسية إن وزير الطاقة الكسندر نوفاك ووزير النفط الفنزويلي إيلوخيو ديل بينو بحثا احتمال إجراء مشاورات مشتركة بين الدول الأعضاء وغير الأعضاء في أوبك في المستقبل القريب.
النفط في روسيا بلغ أعلى مستوياته
وقد بلغ انتاج النفط في روسيا التي بدأت محادثات مع فنزويلا حول امكان خفض الانتاج بالتنسيق مع كارتل البلدان المصدرة، مستوى قياسيا جديدا في كانون الثاني/يناير، كما افادت احصاءات نشرت مؤخرا. فقد ضخت الشركات النفطية الروسية الشهر الماضي 46 مليون طن من النفط والمكثفات النفطية، وبلغ متوسط انتاجها 18،88 مليون برميل يوميا، كما اوضحت ارقام الوكالة العامة المسؤولة عن القطاع، في بيان نشرته وكالات الانباء الروسية وهذا يشكل ارتفاعا بلغ 1،5% بالمقارنة مع كانون الثاني/يناير 2015، ورقما قياسيا منذ انهيار الاتحاد السوفياتي. ودأبت روسيا على زيادة انتاجها من الذهب الاسود في الاشهر الاخيرة، مشاركة بذلك في المعركة الشرسة بين البلدان المنتجة للحفاظ على حصصها في السوق، فيما تراجعت الاسعار الى ادنى مستوياتها خلال 12 عاما.
ويؤثر انهيار الاسعار كثيرا على الاقتصاد الروسي الذي يواجه انكماشا، لأن المحروقات تشكل جزءا كثيفا من النشاط وحوالى نصف عائدات الموازنة. وتحدث وزير الطاقة الكسندر نوفاك الاسبوع الماضي عن امكان عقد اجتماع بين روسيا ومنظمة البلدان المصدرة للنفط، وهي ليست عضوا فيها، من اجل مناقشة خفض محتمل منسق للانتاج بحسب فرانس برس. وكرر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في تصريح نشرته وكالتا انباء ريا نوفوستي وانترفاكس خلال زيارة الى ابوظبي، القول "اذا كان ثمة مصلحة مشتركة لعقد لقاء بين اوبك والبلدان غير الاعضاء في هذه المنظمة، سنكون على اهبة الاستعداد للتوصل الى هذا التوافق".
خفض إنتاج النفط العالمي 5 بالمئة
من جهتها قالت روسيا إن السعودية أكبر منتج للخام في أوبك اقترحت خفض الإنتاج العالمي بما يصل إلى خمسة بالمئة فيما قد يكون أول اتفاق عالمي في أكثر من عشر سنوات للمساعدة على التخلص من تخمة المعروض ودعم الأسعار المتدنية. وقفز سعر برنت في العقود الآجلة ثمانية بالمئة إلى نحو 36 دولارا للبرميل بدعم من أنباء الاتفاق المحتمل الذي إذا طُبق سيقلص على الفور فائض الإنتاج العالمي الذي يفوق الطلب بمقدار مليون برميل يوميا. وقال وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك إن السعودية اقترحت أن تخفض الدول المنتجة للنفط الإنتاج بما يصل إلى 5 بالمئة وهو ما يمثل نحو 500 ألف برميل يوميا بالنسبة لروسيا أكبر منتج في العالم. وقال نوفاك "في الواقع هذه المحددات اقترحت لخفض إنتاج كل بلد بما يصل إلى 5 بالمئة... هذا موضوع متروك للمناقشات ومن السابق لأوانه الحديث عنه."
وأبلغ نوفاك الصحفيين أيضا أنه يوجد اقتراح لاجتماع بين دول أوبك ومنتجي النفط غير الاعضاء بالمنظمة على مستوى وزراء النفط وأن روسيا جاهزة للاجتماع. وقال "توجد أسئلة كثيرة فيما يتعلق بالإشراف على التخفيضات." ونزلت أسعار النفط إلى أدنى مستوى لها في 12 عاما لتقترب من 27 دولارا للبرميل في وقت سابق هذا الشهر انخفاضا من حوالي 115 دولارا للبرميل قبل 18 شهرا بفعل طفرة النفط الصخري الأمريكي وقرار أوبك رفع الإنتاج لحماية حصتها السوقية بحسب رويترز. وكانت تداعيات هبوط النفط كبيرة إذ اضطرت بعض الدول الغنية بالخام إلى خفض عملاتها وهوى الروبل الروسي إلى أدنى مستوياته على الإطلاق. واندلعت احتجاجات في شوارع أذربيجان في حين تبقى الأسواق قلقة من احتمال تخلف فنزويلا عضو أوبك عن سداد ديونها.
مقترحات لخفض إنتاج النفط العالمي
من جهته اقترح إيجور سيتشن رئيس شركة النفط الروسية الحكومية روسنفت أن تخفض كبرى الدول المنتجة للخام الإنتاج بالاتفاق فيما بينها لدعم الأسعار المتدنية لكنه لم يذكر ما إن كانت روسيا مستعدة لخفض الإنتاج. وقال سيتشن وهو حليف مقرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مؤتمر نفطي في لندن إن تخمة المعروض الحالية في السوق سببها الإنتاج الزائد من أعضاء أوبك. واقترح سيتشن أن تخفض كبرى الدول المنتجة للنفط الإنتاج بواقع مليون برميل يوميا لتقليص فائض المعروض الذي قدره بنحو 1.5 مليون برميل يوميا قائلا "سيساعد هذا الأسعار بشدة".
ونزلت أسعار النفط أكثر من 70 في المئة لنحو 30 دولارا للبرميل خلال الثمانية عشر شهرا الماضية مع تجاوز العرض الطلب بنحو مليوني برميل يوميا بعد أن قررت أوبك عدم خفض إنتاجها سعيا منها لإخراج منتجي النفط ذوي التكلفة العالية من السوق. وكان سيتشن انتقد في الماضي استراتيجية أوبك وقال إن المنظمة التي لا تتمتع روسيا بعضويتها "فقدت أنيابها". وقال إن موسكو لن تتعاون أبدا مع أوبك إذ باستطاعة صناعة النفط الروسية أن تصمد أمام أي انخفاض في الأسعار بفضل العمالة الرخيصة وضعف العملة المحلية. ووجه سيتشن رسائل مشابهة لكنه اختار ألفاظه بعناية أكبر ولم يذكر أوبك إلا نادرا وألقى باللوم في تخمة المعروض على "بعض المنتجين" بحسب رويترز.
وكانت أسواق النفط انتعشت في الأسابيع الماضية على أمل التوصل لاتفاق بين أوبك والمنتجين من خارجها بعد أن أشار عدد من المسؤولين الروس إلى ضرورة البدء في حوار. لكن بوتين لم يتحدث بعد في الأمر. وكلمة سيتشن كانت أول تصريح له بخصوص الموضوع في الأسابيع القليلة الماضية.
اضف تعليق