ربما تعيش الدول المنتجة للنفط المنتمية الى منظمة (اوبك)، نوعا من الاحلام الكاذبة بشأن ارتفاع اسعار النفط، فالمسؤولون في هذه الدول عن السياسية النفطية، غالبا ما يصرحون بقرب التوازن الى اسواق النفط وان الاسعار سوف تتدرج بالصعود وصولا الى سعرها السابق قبل ان تهبط فجأة من 100 دولار الى 25 دولار في حزيران 2014، وفي الاسابيع القليلة الماضية اخذت الاسعار بالفعل تتدرج في الارتفاع، حتى بلع سعر البرميل اكثر من 52 دولارا.
وهذا يعني ان بعض القرارات التي تم الاتفاق عليها بشأن عدم زيادة الانتاج قد أتت ببعض النتائج الجيدة، حيث قالت أوبك في التقرير الذي نشر مؤخرا "من المرجح أن يتقلص فائض المعروض في السوق خلال الفصول المقبلة" وهو ما سيفرز "سوقا نفطية أكثر توازنا قرب نهاية العام". ولكن هناك تذبذب وعدم استقرار في القرارات وسياسة الانتاج ما ينعكس على تذبذ الاسعار بصورة مباشرة، فقد اكدت مصادر في قطاع النفط بالمملكة السعودية في أبريل نيسان إنها ربما تزيد إنتاجها ليقترب من مستويات قياسية مرتفعة خلال أشهر الصيف لتلبية الطلب المحلي على الكهرباء.
هذا يعني بقاء سقف الاسعار متذبذبا، فضلا عن التوقعات التي لا تستند الى الواقع، فقد ضخت المملكة 10.56 مليون برميل يوميا في يونيو حزيران من العام الماضي وهو رقم قياسي. وعرقلت السعودية خططا لتجميد الإنتاج العالمي بهدف إحلال الاستقرار في أسواق النفط في أبريل نيسان. وقالت حينئذ إنها ستنضم فقط إلى الاتفاق الذي كان يضم أيضا روسيا غير العضو بأوبك إذا وافقت إيران على تجميد الإنتاج.
وتصر اوبك على انتعاش اسعار النفط، متشبثة بتوقعات غير واقعية، حيث عادت الاسعار الى الهبط تحت سقف 50 دولارا، فقد فشلت اوبك في الاتفاق على سقف الانتاج مبدية قلقها ازاء تراجع الاستثمارات في القطاع النفطي. وقال وزير النفط الايراني بيجان نمدار زنقنة في ختام الاجتماع الدوري للمنظمة "هناك هذه المرة وحدة حقيقية جيدة بين الدول الاعضاء في اوبك ولم اشعر باي عداوة بينها في وجه الاخرين من اجل زعزعة استقرار الاسواق".
وهناك مسؤولون في دول اخرى اعضاء في اوبك لا يؤيدون سياسة تجميد انتاج النفط، فقد قال وزير النفط الاماراتي سهيل المزروعي "لسنا في موقع يناقش تحديد سقف الانتاج لان استراتيجية اوبك تعمل بالنسبة لنا، والسوق تتفاعل ايجابا" مؤكدا في الوقت ذاته ان الامارات لا تنوي زيادة انتاجها. وضخت اوبك التي التي تنتج نحو ثلث النفط العالمي، حوالى 32,3 مليون برميل يوميا في الربع الاول من العام 2016.
زبسبب بعض الاتفاقات التي تم اتخاذها من منظمة اوبك ووافقت عليها جميع الاعضاء المنتجة، حدث نوع من التحسن في الاسعار، حيث ارتفعت اسعار النفط الى ما فوق 50 دولار للبرميل لفترة وجيزة لاول مرة منذ ستة اشهر، رغم انها عادت الى الهبوط بعد ذلك. وفي التعاملات المبكرة في اسواق اسيا، سجل نفط غرب تكساس الوسيط انخفاضا طفيفا ليصل الى 48,90 دولار، بينما ارتفع خام برنت خمس سنتات ليصل الى 49,77 دولار.
اما ايران فهي لا تزال متشبثة بحقها في زيادة الانتاج بسبب حرمانها لسنوات طويلة من هذا الحق، حيث قال وزير النفط الإيراني بيجن زنغنه إن طهران لن تدعم أي سقف جماعي جديد للإنتاج وإنها تريد أن يركز النقاش على حصص الإنتاج لكل دولة على حدة. وقال للصحفيين "بدون حصص الإنتاج لا يمكن لأوبك التحكم في أي شيء." وأصر على أن طهران تستحق مستويات إنتاج تاريخية قائمة على حصة تبلغ نحو 14.5 بالمئة من الإنتاج الكلي لأوبك.
ومن الواضح للمراقبين انعكاس المواقف السياسية على القرارات النفطية، خاصة بين ايران والسعودية، حيث تطالب الاخيرة ايران بوقف زيادة الانتاج والتصدير، لكن ايران ترفض هذه الدعوة بسبب وقوعها تحت العقوبات الدولية بسبب ملفها النووي، ولكن كما يقول المراقبون ان هذا الخلاف مغلّف بغطاء سياسي متناقض بين البلدين. ومع ذلك لا تزال دول اوبك تأمل بتحسن الاسعار رغم عودتها الى الهبوط مجددا.
الطلب على النفط سيتجاوز إنتاج اوبك
في هذا السياق توقعت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) أن تصبح سوق النفط العالمية أكثر توازنا في النصف الثاني من هذا العام في الوقت الذي يساعد فيه تعطل بعض الإنتاج في نيجيريا وكندا على تسارع وتيرة تقلص تخمة المعروض. وقالت المنظمة في تقريرها الشهري إن إنتاجها الحالي أقل من متوسط الطلب المتوقع على نفطها في النصف الثاني من 2016. وكان الربع الكامل السابق الذي ضخت فيه أوبك أقل من الطلب على نفطها في 2013 بحسب تقارير سابقة للمنظمة. وارتفعت أسعار النفط إلى 50 دولارا للبرميل من أدنى مستوى في 12 عاما والذي بلغ 27 دولارا للبرميل في يناير كانون الثاني إذ يتسبب تعطل بعض الإنتاج في الحد من فائض المعروض من الخام. وتقول أوبك إن ذلك يسرع وتيرة تقلص الفجوة بين العرض والطلب في السوق وهو الأمر الذي كانت تتوقعه على أي حال إذ يؤثر انخفاض أسعار الخام على الإمدادات مرتفعة التكلفة من خارج المنظمة.
وقالت أوبك في التقرير الذي نشر مؤخرا "من المرجح أن يتقلص فائض المعروض في السوق خلال الفصول المقبلة" وهو ما سيفرز "سوقا نفطية أكثر توازنا قرب نهايةالعام". وهبطت الأسعار من 100 دولار للبرميل قبل عامين وزادت حدة الخسائر بعدما رفضت المنظمة خفض الإنتاج على أمل أن يؤدي تدني الأسعار إلى الحد من إنتاج المنافسين. ومع ظهور إشارات على أن تلك الاستراتيجية بدأت تؤتي ثمارها لم تجر أوبك أي تعديلات على سياستها الإنتاجية خلال اجتماع الثاني من يونيو حزيران. ودفعت الهجمات على منشآت نفطية في نيجيريا وحرائق الغابات في كندا وخسائر في أنحاء أخرى تعطيلات المعروض إلى أعلى مستوياتها خلال خمس سنوات على الأقل في مايو أيار.
لكن المخزونات مرتفعة وحذرت أوبك قائلة "على الرغم من ذلك ما زالت هناك تخمة هائلة في المعروض." وقالت في تقرير إن إنتاجها هبط بواقع 100 ألف برميل يوميا إلى 32.36 مليون برميل يوميا في مايو أيار بما يقل 500 ألف برميل يوميا عن الطلب المتوقع على نفطها في الربع الثالث وبمقدار 160 ألف برميل يوميا عن توقعاتها لمتوسط الطلب على خامها في النصف الثاني من العام. ويشير هذا إلى انحسار الفجوة بين العرض والطلب عن الربع الأول من العام حينما قالت أوبك إن إنتاجها تجاوز الطلب على نفطها بمقدار 2.59 مليون برميل يوميا وهبطت الأسعار لأدنى مستوياتها في 12 عاما بحسب رويترز.
ويتضرر الإنتاج من خارج أوبك جراء هبوط الأسعار حيث أجلت الشركات مشروعات حول العالم أو ألغتها. وتتوقع أوبك تراجع الإنتاج من خارجها بواقع 740 ألف برميل يوميا في 2016 بقيادة الولايات المتحدة دون تغير يذكر عن الشهر الماضي. واتجه إنتاج أوبك إلى الصعود منذ التحول في السياسة في 2014 حتى بلغ أعلى مستوياته منذ 2008 في أبريل نيسان. وقادت نيجيريا بحسب التقرير الذي استند إلى مصادر ثانوية الهبوط الذي جرى تسجيله في مايو أيار.
وأبقت أوبك على توقعاتها بزيادة الطلب العالمي على النفط بواقع 1.20 مليون برميل يوميا هذا العام. ومن المنتظر صدور التقرير التالي بشأن إمدادات النفط العالمية والطلب والذي يحظى بمتابعة قوية يوم الثلاثاء من وكالة الطاقة الدولية.
ثبات الانتاج في السعودية
من ناحيتها أبقت السعودية على إنتاجها من النفط الخام مستقرا في مايو أيار في علامة على أن أكبر بلد مصدر للخام في العالم لا يريد إغراق السوق للاستحواذ على نصيب أكبر فيها. وقال مصدر في قطاع النفط لرويترز إن إنتاج السعودية بلغ 10.270 مليون برميل يوميا في مايو أيار. وهذا مقارنة مع إنتاج قدره 10.262 مليون برميل يوميا بحسب منظمة أوبك. وأضاف المصدر أن إمدادات الخام للأسواق بلغت في مايو أيار 10.450 مليون برميل يوميا وهو أعلى من الإنتاج. وقد تختلف الإمدادات للسوق - سواء محليا أو للتصدير - عن الإنتاج بناء على حركة النفط من وإلى صهاريج التخزين.
كانت مصادر في قطاع النفط بالمملكة قالت في أبريل نيسان إن السعودية ربما تزيد إنتاجها ليقترب من مستويات قياسية مرتفعة خلال أشهر الصيف لتلبية الطلب المحلي على الكهرباء لكن من المستبعد أن تذهب إلى أقصى مدى. وأضافت المصادر أن من المرجح أن يبقى الإنتاج عند 10.2-10.3 مليون برميل يوميا وربما يرتفع نحو 200-300 ألف برميل يوميا في أشهر الصيف إلى حوالي 10.5 مليون برميل يوميا إذا كان هناك طلب يستلزم ذلك. وضخت المملكة 10.56 مليون برميل يوميا في يونيو حزيران من العام الماضي وهو رقم قياسي. وعرقلت السعودية خططا لتجميد الإنتاج العالمي بهدف إحلال الاستقرار في أسواق النفط في أبريل نيسان. وقالت حينئذ إنها ستنضم فقط إلى الاتفاق الذي كان يضم أيضا روسيا غير العضو بأوبك إذا وافقت إيران على تجميد الإنتاج.
وتقول إيران إن من حقها زيادة إنتاجها إلى مستويات ما قبل العقوبات. وأثار ذلك مخاوف من أن عدم التوصل إلى اتفاق ربما يدفع السعودية - أكبر منتج في أوبك والتي تضخ بالفعل قرب مرتفعات قياسية - لزيادة إنتاجها لمعاقبة المنافسين والاستحواذ على نصيب إضافي في السوق.
لكن طرأ تحول في وجهة النظر حيث حاولت السعودية وحلفاؤها الخليجيون تسويق مقترح بأن تضع أوبك سقفا جماعيا جديدا في وقت سابق هذا الشهر في محاولة لرأب الصدع في المنظمة وتعزيز أهميتها. وانتهى اجتماع أوبك في الثاني من يونيو حزيران بدون سياسة جديدة أو سقف للإنتاج وسط معارضة من إيران بحسب رويترز. ورغم تلك الانتكاسة فقد أظهرت السعودية بقيادة وزير الطاقة الجديد خالد الفالح أنها تريد مزيدا من التصالح مع إيران ووعدت بأنها لن تغرق أسواق النفط.
قلق حيال تدني الاستثمارات
في سياق مقارب اكدت منظمة البلدان المصدرة للنفط (اوبك) خلال اجتماعها في فيينا وحدة موقفها في سوق تشهد انتعاشا، لكنها فشلت في الاتفاق على سقف الانتاج مبدية قلقها ازاء تراجع الاستثمارات في القطاع النفطي. وقال وزير النفط الايراني بيجان نمدار زنقنة في ختام الاجتماع الدوري للمنظمة "هناك هذه المرة وحدة حقيقية جيدة بين الدول الاعضاء في اوبك ولم اشعر باي عداوة بينها في وجه الاخرين من اجل زعزعة استقرار الاسواق".
وفي وقت سابق، كان الوزير الجديد للطاقة في السعودية خالد الفالح اكد ان الرياض، المتهمة باغراق الاسواق عمدا منذ العام 2014 للحفاظ بأي ثمن على حصتها في السوق، "ستتبنى مقاربة لينة لضمان عدم حدوث صدمة في السوق". من جهته، قال بيارن شلدروب الموظف لدى "سيب ماركتس" ان "الجبهة الموحدة بشكل عام والايجابية التي ظهرت في ختام الاجتماعات تمنح السوق الثقة من ناحية عدم وجود نزاع داخل اوبك يستخدم زيادة الانتاج كأداة سياسية او اقتصادية ضد الدول الاخرى".
وفي مؤشر الى حسن النوايا الذي يتناقض مع اجواء التوتر خلال اجتماع كانون الاول/ديسمبر الماضي، توصلت الدول ال13 في الكارتل والتي ستنضم اليها الغابون في تموز/يوليو، في نهاية المطاف الى الاتفاق على تعيين امين عام جديد هو النيجيري محمد باركيندو، خلفا لليبي عبد الله البدري الذي يشغل هذا المنصب منذ العام 2007. ويعتبر شلدروب ان استمرار ايران في زيادة انتاجها بدا امرا واضحا لكن يبدو ان هذا لا يعني ان تبادر السعودية تلقائيا الى القيام بالامر ذاته رغم ان ميزانيتها التي تعتمد على النفط تعاني من تدهور اسعار الخام منذ عامين.
واذا كان ممكنا تفسير التفاؤل من جانب اوبك الى حد كبير بانتعاش اسعار النفط منذ بداية العام الحالي، فان المنظمة لا تخفي قلقها بشأن استثمارات "متدنية جدا" حاليا في هذا القطاع. واوضحت المنظمة "لقد لاحظ المؤتمر انه منذ الاجتماع الاخير في كانون الاول/ديسمبر، ارتفعت اسعار النفط الخام اكثر من 80٪ كما ان العرض والطلب متقاربان" ما يؤكد ان "السوق بدات عملية اعادة التوازن" بحسب فرانس برس.
بدوره، قال وزير النفط الاماراتي سهيل المزروعي "لسنا في موقع يناقش تحديد سقف الانتاج لان استراتيجية اوبك تعمل بالنسبة لنا، والسوق تتفاعل ايجابا" مؤكدا في الوقت ذاته ان الامارات لا تنوي زيادة انتاجها. وضخت اوبك التي التي تنتج نحو ثلث النفط العالمي، حوالى 32,3 مليون برميل يوميا في الربع الاول من العام 2016، في حين بلغ الإنتاج السعودي 10,3 ملايين برميل يوميا بين كانون الثاني/يناير ونيسان/ابريل (ارتفاع نسبته 3,5% خلال عام واحد). ولكن رغم انتعاش الاسعار، شددت المنظمة في بيانها على "ضرورة زيادة الاستثمارات لتحقيق توازن طويل الامد في اسواق النفط".
ووفقا لوكالة الطاقة الدولية، فان الاستثمارات ستنخفض للعام الثاني على التوالي في الاستكشاف والانتاج في 2016، بعد انخفاض نسبته 24% العام الماضي، كما من المتوقع ان تنخفض مرة اخرى بنسبة 17% هذا العام، ما يدفع العديد من المحللين الى الاعتقاد بان السوق يمكن ان تواجه عجزا في المعروض اعتبارا من العام المقبل. من جهته، شدد وزير الطاقة القطري محمد بن صالح السادة الذي ترأس اجتماع المنظمة ان "المنتجين، سواء في اوبك او خارجها، والمستهلكين مقتنعون بأن السعر العادل ضروري للجميع للحصول على عائد معقول والاستثمار" في هذا القطاع. لكن السؤال يتعلق بمعرفة ما هو "السعر العادل" الذي من شأنه ان يشجع مجددا في وقت واحد على الاستثمار بدون المساس بارتفاع الطلب مع عودة المنافسة القوية للنفط الصخري الاميركي.
من جهتها اعربت السعودية عن ثقتها بان اسعار النفط ستواصل انتعاشها ما يعزز التوقعات بان منظمة الدول المصدرة للنفط "اوبك" المنقسمة ستقرر مواصلة انتاجها من النفط كالمعتاد في اجتماعها الذي تعقده في فيينا. وقد اكد وزير الطاقة السعودي خالد الفالح قبل اجتماع الاوبك ان المنظمة "راضية جدا" عن سوق النفط مشيرا الى ان "عودة التوازن" الحالي الى السوق يساعد على دفع اسعار النفط الى الارتفاع.
وصرح الفالح للصحافيين "الجميع راضون عن السوق الذي بدأ في استعادة توازنه الان. والطلب صحي وقوي تماما، وامدادات الدول غير الاعضاء في اوبك تنخفض. وستستجيب الاسعار لعودة التوازن الى السوق". وتقليديا كانت المنظمة تلجأ الى خفض الانتاج لدفع الاسعار الى الارتفاع. الا انه ورغم انخفاض الاسعار الى اقل من النصف لتصل الى 25 دولار للبرميل في كانون الثاني/يناير مقارنة مع اكثر من 100 دولار في 2014، اختارت اوبك بقيادة السعودية ان لا تخفض الانتاج. ويقول خبراء ان المنظمة التي تضم 13 بلدا ابقت على انتاجها من النفط كما هو للضغط على منافسيها خاصة منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة، والمحافظة على حصتها في السوق.
ويبدو ان هذه الخطة بدأت تعطي نتائج رغم انها استغرقت وقتا طويلا ووضعت ضغوطا مالية على السعودية وكذلك على فنزويلا. ويشهد انتاج الدول غير الاعضاء في اوبك انخفاضا، وارتفعت اسعار النفط الاسبوع الماضي الى ما فوق 50 دولار للبرميل لفترة وجيزة لاول مرة منذ ستة اشهر، رغم انها عادت الى الهبوط بعد ذلك. وفي التعاملات المبكرة في اسواق اسيا، سجل نفط غرب تكساس الوسيط انخفاضا طفيفا ليصل الى 48,90 دولار، بينما ارتفع خام برنت خمس سنتات ليصل الى 49,77 دولار. وتعني الخصومة بين السعودية وايران العضوان في اوبك، انه من غير المستبعد التوصل الى اتفاق لخفض الانتاج على اية حال.
وزادت ايران انتاجها من النفط بشكل كبير منذ كانون الثاني/يناير بعد بدء سريان الاتفاق النووي الذي توصلت اليه مع الدول الكبرى في 2015، ويستبعد ان تكون مستعدة لوقف انتاجها الان. وقال وزير النفط الايراني بيجان زنقانة ان زيادة صادرات ايران النفطية بمقدار الضعف عقب رفع العقوبات الدولية عنها لم يؤثر سلبا على اسواق النفط العالمية. واضاف الوزير قبل الى فيينا ان السوق يعود الى "حالة التوازن"، واكد ان "تضاعف صادرات ايران النفطية لم يؤثر سلبا على السوق وتم استيعابه بشكل جيد". واشار الى ان تحديد سقف انتاج اوبك "لن يفيد" طهران.
ولم تشارك ايران في الاجتماع بين الدول الاعضاء وغير الاعضاء في اوبك ومن بينها روسيا، والذي عقد في الدوحة في 17 نيسان/ابريل وفشل فشلا ذريعا. ولم يتم خلال الاجتماع الاتفاق على تجميد انتاج النفط الذي تم اقتراحه لرفع الاسعار بحسب فرانس برس. وتشهد السعودية تغييرات كبيرة وسط مساعي ولي ولي العهد الشاب محمد بن سلمان الى اعادة هيكلة اقتصاد البلاد لخفض اعتماده على النفط.
وطرحت السعودية "رؤية 2030" التي اشتملت على طرح حصة من شركة "ارامكو، النفطية العملاقة للاكتتاب العام وانشاء صندوق سيادي بقيمة الفي مليار دولار. واعلنت شركة اوبر الاميركية الناشئة ان صندوق الاستثمارات العامة السعودي استثمر فيها 3,5 مليارات دولار. وبعد فشل اجتماع الدوحة قام الامير الشاب (30 عاما) بتعيين خالد الفالح وزيرا للطاقة بدلا من علي النعيمي. ويعتقد ان الفالح اقل استعدادا لخفض انتاج بلاده من النفط.
وقد يعود الخلاف بين السعودية وايران الى السطح مرة اخرى في حال انخفاض اسعار النفط مجددا، مثلا اذا ارتفع سعر الدولار الاميركي. ويقلق ذلك دول اوبك الافقر ومن بينها فنزويلا التي يعاني اقتصادها من النقص الحاد في الاغذية والتضخم الذي يتوقع ان يصل الى 700% في 2016. وشكك وزير النفط الفنزويلي يولوغيو ديل بونو في ان تكون استراتيجية اوبك وراء الانتعاش الاخير في اسعار النفط.
وصرح للصحافيين في فيينا ان السبب "ليس وضع السوق، ولكن بعض الظروف (..) ما الذي سيحدث عن اختفاء هذه الظروف؟" وقال انه من بين هذه الظروف الحرائق في كندا والهجمات على انابيب النفط في نيجيريا وانخفاض انتاج كولومبيا. إلا انه من المستبعد ان يدفع ذلك بالسعوديين الى تغيير موقفهم. وكان الامير محمد بن سلمان صرح في مقابلة مع بلومبرغ في نيسان/ابريل "لا تهمنا الاسعار 30 دولار او 70 دولار، انها جميعها ذاتها بالنسبة لنا". والامر الوحيد الذي يمكن ان يهدئ الامور هو تعيين امينا عاما جديدا لاوبك بدلا من الليبي عبد الله البدري. ومن بين المرشحين لخلافته الفنزويلي رودريغيز اراك والنيجيري محمد باركيندو والاندونيسي مهندرا سيريغار، بحسب تقارير.
اوبك راضية عن سوق النفط
من ناحيته قال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح قبل اجتماع منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) ان المنظمة "راضية جدا" عن سوق النفط مشيرا الى ان "عودة التوازن" الحالي الى السوق يساعد على دفع اسعار النفط الى الارتفاع. وصرح الفالح للصحافيين "الجميع راضون عن السوق الذي بدأ في استعادة توازنه الان. والطلب صحي وقوي تماما، وامدادات الدول غير الاعضاء في اوبك تنخفض. وستستجيب الاسعار لعودة التوازن الى السوق".
واوضح انه في الماضي "ارتفعت الاسعار بشكل كبير جدا، وانخفض الى مستوى منخفض جدا وبقيت منخفضة لفترة طويلة برايي". واضاف "نعتقد اننا نتجه نحو الارتفاع، ونامل في ان نصل الى مستوى معتدل يشجع على الاستثمار ولكن ليس الكثير من الاستثمار الذي يشجع على الافراط في الامدادات وحدوث تخمة مرة اخرى". ومن شان تصريحات الفالح، الذي اختاره لهذا المنصب مؤخرا ولي ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان، ان تعزز التوقعات بان لا تسعى اوبك الى خفض انتاجها في اجتماعها في فيينا الخميس.
وقال الفالح في مقر اوبك قبل بدء الاجتماع ان "اداء السوق جيد جدا. وسنتبنى مقاربة لينة لضمان عدم حدوث صدمة في السوق". واضاف "الامر الذي يهمنا هو استقرار السوق على المدى الطويل، بما يشمل توفر الامدادات التي تلبي الطلب المتزايد وضمان الانتعاش الاقتصادي الذي ليس في اقوى حالاته، ونريده ان يكون قويا" بحسب فرانس برس. وتابع "لا نريد حدوث اية صدمات نفطية باية طريقة ممكنة، سواء على المدى القصير او الطويل. وعلى المدى الطويل فان ذلك يعني اننا نريد تشجيع الاستثمار".
عدم إحداث صدمة في أسواق النفط
من جهتها تعهدت المملكة العربية السعودية بعدم إغراق السوق بمزيد من النفط في الوقت الذي تتجه فيه منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) نحو الدخول في مناقشات ساخنة بشأن سياسة الإنتاج إذ تصر إيران على حقها في زيادة كبيرة في إنتاجها من الخام. وألقت التوترات بين السعودية وإيران بظلالها على العديد من الاجتماعات السابقة لأوبك بما في ذلك اجتماع ديسمبر كانون الأول 2015 عندما فشلت المنظمة في الاتفاق على سقف رسمي للإنتاج للمرة الأولى خلال أعوام.
وقالت عدة مصادر في أوبك إن السعودية وحلفاءها في الخليج سيقترحون تحديد سقف جماعي جديد للإنتاج في محاولة لاستعادة الأهمية المتناقصة للمنظمة وإنهاء معركة الحصة السوقية التي أدت إلى انهيار الأسعار وتراجع الاستثمارات. وعدم التوصل لأي اتفاق سيجدد مخاوف السوق من أن السعودية -أكبر منتج للنفط في منظمة أوبك والتي تضخ بالفعل مستويات قياسية من النفط في الأسواق- قد تعزز الإنتاج بدرجة أكبر لمعاقبة منافسيها والاستحواذ على حصة سوقية إضافية.
وقال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح للصحفيين قبيل الاجتماع إنهم سينتهجون أسلوبا ناعما وسيحرصون على عدم التسبب في صدمة في للسوق بأي شكل. وعندما وجه له سؤال بشأن ما إذا كانت السعودية ستغرق السوق بالمزيد من براميل النفط قال إنه لا يوجد ما يدعو لتوقع شن السعودية حملة إغراق للأسواق. وردا على سؤال بشأن ما إذا كانت الرياض ستقترح تحديد سقف جماعي جديد للإنتاج قال الفالح إنهم سيفعلون ذلك عند الضرورة. وأضاف أنه سيستمع لأي شيء تطرحه إيران على الطاولة بحسب فرانس برس.
وسيكون أي اتفاق بين الرياض وطهران مفاجأة كبيرة للسوق التي باتت معتادة بشكل متزايد خلال العامين الماضيين على النزاعات بين الخصمين السياسيين في الوقت الذي يخوضان فيه حروبا بالوكالة في سوريا واليمن. وفي أبريل نيسان أجهضت المملكة العربية السعودية فعليا خططا لتثبيت الإنتاج العالمي كانت تهدف إلى تحقيق الاستقرار في سوق النفط. وقالت المملكة وقتها إنها لن تنضم إلى الاتفاق الذي كان سيشمل أيضا روسيا غير العضو في المنظمة إلا إذا وافقت إيران على تثبيت الإنتاج.
وظلت طهران العقبة الرئيسية أمام أوبك الساعية للتوافق على سياسة للإنتاج على مدار العام الأخير حيث عززت الجمهورية الإسلامية إنتاجها من الخام على الرغم من دعوات الأعضاء الآخرين لتثبيت الإنتاج. وتدفع إيران بأنه يتعين السماح لها بزيادة إنتاجها من الخام إلى المستويات التي جرى تسجيها قبل فرض العقوبات الغربية عليها بعدما تم رفع تلك العقوبات.
وقال وزير النفط الإيراني بيجن زنغنه إن طهران لن تدعم أي سقف جماعي جديد للإنتاج وإنها تريد أن يركز النقاش على حصص الإنتاج لكل دولة على حدة. وقال للصحفيين "بدون حصص الإنتاج لا يمكن لأوبك التحكم في أي شيء." وأصر على أن طهران تستحق مستويات إنتاج تاريخية قائمة على حصة تبلغ نحو 14.5 بالمئة من الإنتاج الكلي لأوبك. وتضخ أوبك 32.5 مليون برميل يوميا وهو ما يمنح إيران حصة قدرها 4.7 مليون برميل يوميا أي أعلى كثيرا من مستوى إنتاجها الحالي البالغ 3.8 مليون برميل يوميا وفقا لتقديرات إيران و3.5 مليون برميل يوميا وفقا لتقديرات السوق.
وقال زنغنه إنه يدعم مرشحا من نيجيريا لمنصب أمين عام منظمة أوبك وهو ما قد يكون توافقا نادر الحدوث داخل المنظمة إذا دعمت الرياض هذا المرشح أيضا، وكان الفالح أول وزير من أوبك يصل إلى فيينا هذا الأسبوع في إشارة منه على جديته في التعامل مع المنظمة على الرغم من المخاوف بين الأعضاء الآخرين من أن تكون الرياض لم تعد مهتمة بأوبك كمنظمة لرسم سياسات الإنتاج. وقال الفالح قبيل اجتماع أوبك "قد تكون هناك مواقف قصيرة المدى من وجهة نظرنا يمكن أن تتدخل فيها أوبك لكن هناك مواقف أخرى -مثل النمو على المدى الطويل لانتاج الحقول غير الأساسية- لا ينبغي لأوبك التدخل فيها."
وفشلت أوبك في وضع سياسة للإنتاج خلال اجتماعها السابق في ديسمبر كانون الأول 2015 بما في ذلك وضع سقف رسمي لمستوى الإنتاج مما سمح فعليا لأعضائها البالغ عددهم 13 دولة بضخ كميات من الخام كل بحسب رغبته. ونتيجة لذلك هبطت الأسعار إلى 27 دولارا للبرميل في يناير كانون الثاني مسجلة أدنى مستوى في أكثر من عشر سنوات لكنها تعافت منذ ذلك الحين لتصل إلى نحو 50 دولارا للبرميل بفعل تعطل بعض الإنتاج العالمي. وقال وزير النفط الإماراتي سهيل بن محمد المزروعي إن انخفاض أسعار النفط دفع جميع الدول إلى تقييد الإنتاج سواء قالوا ذلك علنا أم لا.
وحتى ديسمبر كانون الأول 2015 كان سقف إنتاج أوبك 30 مليون برميل يوميا وقد بدأ العمل بهذا السقف في ديسمبر كانون الأول 2011 على الرغم من تخلي المنظمة عن حصص الإنتاج الفردية قبل أعوام. وأي سقف دون 32.5 مليون برميل يوميا سيمثل تخفيضا مؤثرا في الإنتاج. وبحلول الساعة 1200 بتوقيت جرينتش كان الوزراء لا يزالون مجتمعين في جلسة مغلقة بدأت قبل ثلاث ساعات بحسب فرانس برس. واستقرت أسعار النفط دون 50 دولارا للبرميل بقليل بينما تترقب السوق ما ستسفر عنه محادثات أوبك.
اضف تعليق