q

ربما يبدو الحديث عن الفحم كنوع من أنواع الطاقة يعيدنا الى قرون مضت، وقد تلوح أمامنا صورة المحركات العملاقة للسفن وهي تستهلك مئات الاطنان من الفحم كي تشق عباب البحر، او حتى محركات القطارات البخارية، ولكن مع أننا نظن بمغادرة تلك الطاقة (السوداء) الى أنواع أرقى من الطاقة كالنفط الاحفوري والغاز والطاقة الشمسية، لكن تفاجئنا بعض الدول المتقدمة بالتوسع في استخدم الفحم كنوع من انواع الطاقة كما يحدث في اليابان مثلا!!.

ومع ذلك فإن بوادر عديدة تؤكد أن الطاقة المتجددة (الغاز، الرياح، الطاقة الشمسية) تحقق حضورا كبيرا في مجال الاستهلاك (النظيف)، فقد توصل بحث أجرته الوكالة الدولية للطاقة المتجددة إلى أن مضاعفة نصيب الطاقة المتجددة في السوق العالمية المتنوعة للطاقة إلى 36 في المائة بحلول عام 2030 يمكن أن يوفر للاقتصاد العالمي ما يصل إلى 4.2 تريليون دولار في العام. ووفرت الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والمولدة من الرياح نحو 18 في المئة من الاستهلاك العالمي للطاقة عام 2014

وما يؤكد تفوق الطاقة المتجددة على سواها من انواع الطاقة، توسع الاستثمارات العالمية في هذا الميدان حيث اظهر تقرير للامم المتحدة ان الاستثمارات في الطاقات المتجددة، التي بلغت ذروتها في العام 2015 على مستوى العالم، كانت ولاول مرة اكبر في الدول النامية منها في الدول المتقدمة. وقال برنامج الامم المتحدة للبيئة "في العام 2015، وللمرة الاولى، كانت الاستثمارات في الطاقات المتجددة في الدول النامية اكبر منها في الدول المتقدمة" وقد "ارتفع مجموع هذه الاستثمارات الى 286 مليار دولار" في العام الماضي

وعندما تتفوق الدول النامية على الدول المتقدمة في استخدام واستهلاك الطاقة المتجددة، فهذا يعني أن هناك اقبالا على هذا النوع من الطاقة النظيفة على المستوى العالمي، وقد لجأت إليه حتى الدول ذات الاقتصاد المتوسط، كما نلاحظ ذلك مع المغرب، حيث فاز كونسورسيوم يضم ثلاث شركات مغربية وإيطالية وألمانية بمناقصة لبناء واستغلال وصيانة خمسة محطات مغربية تعمل على طاقة الرياح لإنتاج 850 ميغاواط بكلفة استثمارية تبلغ مليار و111 مليون يورو بحدود 2020. وقال بيان ل"المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب" إن شركات "ناريفا هولدينغ" المغربية و"اينيل غرين باور" الإيطالية و"زيمنس ويند باور" الألمانية هي "الفائزة بشكل مؤقت بالمناقصة الدولية المتعلقة بمشروع الطاقة

أسبانيا ايضا لها حصتها في هذا النوع من الطاقة التي بدأت تكتسح اوربا، حيث هبت رياح جديدة على قطاع الطاقات المتجددة في اسبانيا، وتقوم الشركات وصناديق الاستثمار بعمليات شراء مكثفة مدفوعة بالمهارة التي يتسم بها القطاع وبآفاق نمو واعدة. ويقول المسؤول في شركة رولان برجيه للاستشارات في مدريد خواو سانت اوبين ان حجم التبادلات في سنة 2015 بلغ خمسة مليارات يورو ومن بين اكبر الصفقات شراء صندوق "سربروس" الاميركي لشركة رينوفاليا المختصة بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح مقابل نحو مليار يورو،

ومع وجود دول مهمة تلجأ الى استخدام الفحم كمصدر لتوليد الطاقة، إلا أن هنالك تحذيرات للجهات المختصة من هذا الاتجاه، فقد قال مدير الوكالة الدولية للطاقة المتجددة إن الدول التي تعتزم بناء محطات لتوليد كهرباء تعمل بالفحم تحتاج لإعادة تقييم استراتيجيتها الخاصة بالطاقة مشيرا إلى أن هذه المنشآت قد لا تكون استثمارا مجديا. ويرى كثير من المحللين في مجال الصناعة أن الغاز الطبيعي والطاقة المتجددة أكبر قطاعين إزدهارا في الطاقة ومع ذلك فإن معظم الدول الأسيوية ومنها اليابان لا تزال تتوسع في استخدام الفحم على حساب الغاز، وتؤكد شواهد كثيرة على تفوق مصادر الطاقة المتجددة على مستوى العالم وتحقق تقدما ملحوظا في هذا الجانب.

في هذا السياق خلص بحث أجرته الوكالة الدولية للطاقة المتجددة إلى أن مضاعفة نصيب الطاقة المتجددة في السوق العالمية المتنوعة للطاقة إلى 36 في المئة بحلول عام 2030 يمكن أن يوفر للاقتصاد العالمي ما يصل إلى 4.2 تريليون دولار في العام. ووفرت الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والمولدة من الرياح نحو 18 في المئة من الاستهلاك العالمي للطاقة عام 2014 ووفق سياسات الدول القائمة حاليا سيرتفع نصيبها إلى 21 في المئة عام 2030.

ومضاعفة حصتها الحالية إلى 36 في المئة سيساعد على تحقيق الهدف العالمي بوضع سقف لارتفاع درجة الحرارة على مستوى العالم يقل عن درجتين مئويتين عن مستويات ما قبل الثورة الصناعية والذي تم الاتفاق عليه في قمة باريس العام الماضي. والوكالة الدولية للطاقة المتجددة هي وكالة على مستوى الحكومات تهدف إلى إطلاق الإمكانات الكاملة للطاقة المتجددة بحسب رويترز.

وذكر التقرير أن تكلفة مضاعفة الطاقة المتجددة بحلول 2030 ستصل إلى 290 مليار دولار في العام لكن حجم التوفير السنوي الإجمالي الناتج عن خفض التلوث والانبعاثات وأثرها على صحة الإنسان والزراعة سيتراوح بين 1.2 و4.2 تريليون دولار. وقال عدنان أمين المدير العام للوكالة "مضاعفة النسبة ليس ممكنا فقط بل هو أرخص من عدمه. "سيخلق المزيد من الوظائف وينقذ أرواح الملايين بخفض تلوث الهواء ويضعنا على مسار للحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض ويقصره على

الدول النامية تفوقت على الدول المتقدمة

في سياق مقارب اظهر تقرير للامم المتحدة ان الاستثمارات في الطاقات المتجددة، التي بلغت ذروتها في العام 2015 على مستوى العالم، كانت ولاول مرة اكبر في الدول النامية منها في الدول المتقدمة. وقال برنامج الامم المتحدة للبيئة "في العام 2015، وللمرة الاولى، كانت الاستثمارات في الطاقات المتجددة في الدول النامية اكبر منها في الدول المتقدمة" وقد "ارتفع مجموع هذه الاستثمارات الى 286 مليار دولار" في العام الماضي، اي بارتفاع نسبته 3 % عن الرقم القياسي المسجل في العام 2011.

وفي العام 2015، بلغت استثمارات الدول النامية والناشئة في الطاقة البديلة 156 مليار دولار، بارتفاع نسبته 19 % عن العام السابق، ومعظم هذه الاستثمارات في الصين والهند وجنوب افريقيا والمكسيك وتشيلي والمغرب وتركيا واوروغواي. اما الدول المتقدمة، فبلغت استثماراتها في هذا المجال 130 مليار دولار، اي بانخفاض نسبته 8 % عن العام السابق. وسجل الانخفاض خصوصا في اوروبا، اما الولايات المتحدة فقد ارتفعت استثماراتها (44 مليار دولار) 19 % عن العام الماضي فيما حافظت اليابان (36 مليار دولار) على المستوى نفسه بحسب فرانس برس.

توفير 750 مليار دولارا بالطاقات المتجددة

من جهته اعلن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة المتجددة عدنان امين ان دول الشرق الاوسط وشمال افريقيا قادرة على توفير حتى 750 مليار دولار في حال حققت هدفها باستخدام الطاقات المتجددة بحلول العام 2030. وقال امين على هامش مؤتمر حول الطاقات المتجددة في الكويت "جميع دول المنطقة تقريبا حددت هدفا باستخدام الطاقات المتجددة بنسبة تراوح بين 5 و15%" بحلول العام 2030. واضاف المسؤول "في حال تمكنا من تحقيق هذه الاهداف سنحصل على ربح صاف يقدر ب750 مليار دولار في قطاع الطاقة في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا".

واوضح ان الهدف هو المضي في زيادة نسبة استهلاك الطاقات المتجددة التي تبلغ حاليا ما بين 16 و17% من الاستهلاك العام، لتصبح 36% عام 2030. واعتبر ان تحقيق هذا الهدف سيساعد في خفض انبعاثات ثاني اكسيد الكربون الى النصف، ومنع ان يتجاوز ارتفاع معدل الحرارة على الارض درجتين مئويتين، وهو الهدف الذي وضعه مؤتمر باريس حول التغير المناخي عام 2015 بحسب فرانس برس.

واضاف عدنان امين امام المشاركين في المؤتمر في الكويت ان الاستثمارات في الطاقات المتجددة في العالم زادت العام الماضي بنسبة 22% لتبلغ 330 مليار دولار. وكانت كلفة انتاج الطاقات المتجددة انخفضت بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية، بحسب ما اكد امين.

الا ان بسام فتوح مدير معهد اوكسفورد لدراسات الطاقة اعتبر ان اهداف دول منطقة الشرق الاوسط في مجال الطاقة المتجددة "طموحة جدا"، مضيفا ان العديد من التحديات تحول دون انتاج الطاقة المتجددة في المنطقة مثل احتكار الدولة لهذا القطاع وضعف مؤسساتها في هذا المجال.

بناء خمس محطات تنتج الطاقة من الرياح

في سياق آخر فاز كونسورسيوم يضم ثلاث شركات مغربية وإيطالية وألمانية بمناقصة لبناء واستغلال وصيانة خمسة محطات مغربية تعمل على طاقة الرياح لإنتاج 850 ميغاواط بكلفة استثمارية تبلغ مليار و111 مليون يورو بحدود 2020. وقال بيان ل"المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب" إن شركات "ناريفا هولدينغ" المغربية و"اينيل غرين باور" الإيطالية و"زيمنس ويند باور" الألمانية هي "الفائزة بشكل مؤقت بالمناقصة الدولية المتعلقة بمشروع الطاقة الريحية المندمج لإنتاج 850 ميغاواط".

وحسب بيان هذا المكتب الحكومي فإن "المشروع سينطلق بعد استكمال الوثائق التعاقدية" موضحا أنه "يشمل خمس محطات ريحية: ميدلت (جنوب شرق) (150 ميغاواط)، تيسكراد (مدينة العيون الصحراء الغربية) (300 ميغاواط)، طنجة (شمال) (100 ميغاواط)، جبل الحديد (قرب مدينة الصويرة جنوب) (200 ميغاواط) وبوجدور (الصحراء الغربية) (100 ميغاواط)".

وقال أحمد نكوش مدير "ناريفا هولدين" في تصريح "بفضل هذا المشروع سيقطع المغرب شوطا جديدا في استراتيجيته الطاقية مع ظهور نظام طاقة ريحي نظيف سيمكن المملكة من التموضع كمصدر للتكنولوجيا بسعر جيد وتنافسي للكهرباء" بحسب فرانس برس.

وسيتم إنجاز هذا المشروع بكلفة استثمارية تقدر بنحو 12 مليار درهم (مليار و111 مليون يورو) "حيث سيشكل مرحلة أساسية في تطوير مخطط الطاقة الريحية الهادف إلى الرفع من قدرات المملكة الإنتاجية من الطاقة الريحية إلى 2000 ميغاواط بحلول 2020" حسب البيان. وستقوم الشركات التي حازت الصفقة، حسب المصدر نفسه، ببيع الكهرباء المنتجة لهذا المكتب الحكومي في إطار عقد يمتد 20 سنة، و"يعادل الإنتاج الكهربائي المتوقع من هذا المشروع ما تستهلكه مدينة الدار البيضاء" التي يقطن فيها 3,35 ملايين نسمة حسب آخر إحصاء للسكان جرى نهاية 2014.

وقد اقترح الكونسورسيوم المذكور حسب البيان "العرض الأكثر تنافسية من بين خمسة مشاركين في المناقصة الدولية، حيث جمع بين أدنى سعر في العالم لإنتاج الطاقة الريحية، وأعلى نسبة من التكامل الصناعي". وسيساهم العرض المقدم من هذه الشركات في "ظهور صناعة محلية في مجال الطاقة الريحية وتنمية خبرة وقدرات القطاع المغربي (...) كما يتوقع ارتفاع حصة استثمار الشركات المغربية إلى 70٪ مقابل 35٪ و40٪ من مشاريع الطاقة المتجددة في وقت سابق" وهي نسبة تكامل صناعي "عالية" حسب مكتب الكهرباء المغربي. وإضافة إلى ذلك سيتم بناء مصنع في مدينة طنجة بقيمة مليار درهم (93 مليون يورو) ستكون مهمته، حسب البيان، انتاج أكثر من 600 شفرة من شفرات المضخات التي تعمل على الرياح، إضافة إلى تامين أكثر من 700 فرصة عمل.

وتشرف شركة "نريفا هولدينغ" حاليا على إنتاج 2000 ميغاواط من الطاقات المتجددة بينها 600 ميغاواط من طاقة الرياح في أربع محطات أهمها محطة طرفاية (300 ميغاواط) التي افتتحت في 2015 في جنوب المغرب، وتعد الأكبر من نوعها في أفريقيا. وتسعى المملكة التي تستورد 94% من حاجاتها الى الطاقة، إلى زيادة مساهمة الطاقات المتجددة (الشمس والرياح والماء) في إنتاج الكهرباء إلى 42% بحلول 2020 و52% بحلول 2025، إضافة إلى تقليص انبعاثاتها ب13% بحلول 2020 و32% بحلول 2030 شرط توافر تمويلات دولية.

الصين تخطط لمضاعفة طاقة الرياح

من جهتها قالت إدارة الطاقة الصينية إن الصين تخطط لتطوير وإقامة مشروعات لتوليد 30.83 جيجاوات من الكهرباء باستخدام طاقة الرياح هذا العام لكن تلك المشروعات لن تشمل المناطق ذات طاقة نقل الكهرباء غير الكافية. وقالت الإدارة في وثيقة بموقعها الإلكتروني إن الصين لن تتوسع في المناطق التي تنخفض فيها طاقة نقل الكهرباء بما يحول دون ربط مشروعات التوليد في المناطق النائية بمراكز الطلب في المدن. وبلغت طاقة الرياح في الصين 133.3 جيجاوات بنهاية فبراير شباط أي ما يشكل تسعة بالمئة من إجمالي الطاقة. كانت الصين زادت طاقة توليد الكهرباء من الرياح 32.97 جيجاوات في 2015.

اسبانيا تشتري بكثافة شركات الطاقة المتجددة

في سياق مقارب تهب رياح جديدة على قطاع الطاقات المتجددة في اسبانيا، وتقوم الشركات وصناديق الاستثمار بعمليات شراء مكثفة مدفوعة بالمهارة التي يتسم بها القطاع وبآفاق نمو واعدة. ويقول المسؤول في شركة رولان برجيه للاستشارات في مدريد خواو سانت اوبين ان حجم التبادلات في سنة 2015 بلغ خمسة مليارات يورو ومن بين اكبر الصفقات شراء صندوق "سربروس" الاميركي لشركة رينوفاليا المختصة بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح مقابل نحو مليار يورو، واستحواذ شركة "كي كي ار" الاميركية على شركة "جيستامب سولار" المختصة بالالواح الشمسية مقابل مبلغ مماثل.

ولا تشهد هذه الحركة اي تراجع اذ تطمع مجموعة "سيمنز" الالمانية بشراء شركة "غاميسا" الرائدة في طاقة الرياح، ويبدو صندوق "سربروس" مستعدا للتحالف مع الملياردير الاميركي جورج سوروس لشراء "تي سولار" ومحطاتها الشمسية. ويقول خواو سانت اوبين ان "قطاع الطاقة المتجددة في اسبانيا هو من الاكبر على المستوى العالمي". في 2015، احتلت اسبانيا المرتبة الخامسة عالميا في مجال طاقة الرياح اذ بلغت الطاقة المنتجة فيها 23 جيغاواط. وهذا يعادل ما ينتجه 23 مفاعلا نوويا. وحلت اسبانيا في المرتبة الثامنة في انتاج الطاقة الشمسية التي بلغت 5,4 جيغاواط بعد الصين والولايات المتحدة والمانيا رغم ضآلة الاستثمارات الموظفة خلال السنوات الماضية.

وفي منتصف العقد الاول من هذا القرن، نجحت اسبانيا في ان تصبح بين اهم الدول المنتجة للطاقة المتجددة بفضل اجوائها المشمسة والمناطق الفسيحة التي تهب فيها الرياح وكذلك سياسة الحكومة الاشتراكية السابقة برئاسة خوسيه لويس رودريغيس ثاباتيرو (2004 - 2011) الذي وفر الدعم الحكومي لمشاريع الطاقة الخضراء والذي لم يتوقف الا بسبب الازمة المالية التي ضربت البلاد في 2008 بحسب فرانس برس.

وادت الاقتطاعات الكبيرة التي حرمت القطاع من مليارات وقام بها الاشتراكيون ومن ثم المحافظون برئاسة ماريو راخوي ابتداء من 2011 بالاضافة الى المخاوف من صحة الاقتصاد الاسباني الى تراجع المستثمرين، وفق خواو سانت اوبين. وساهمت مواصلة النمو واعتماد اطار تشريعي اكثر استقرارا في انتعاش القطاع.

ويقول المدير العام للجمعية الاسبانية لطاقة الرياح لويس بولو ان اصول الشركات "فقدت قيمتها" بسبب تراجع الدعم، ما شكل عامل جذب للشارين. ويعلق المحلل لدى شركة السمسرة "اكس تي بي" بورخا روبيو ان الشركات الاسبانية "لديها تكنولوجيا متطورة على المستوى العالمي". ويعمل في اسبانيا 70 الف شخص في قطاع الطاقة المتجددة وتضم مراكز بحث مرموقة مثل منصة المرية للطاقة الشمسية التي تفخر بمهندسيها الذين تمكنوا من صنع نموذج تجريبي لانتاج الطاقة من الرياح من دون عنفات (مراوح).

ومن نقاط القوة كذلك وفق لويث بولو ان في اسبانيا شركات مختصة في كل مراحل الانتاج. ويقول بوريا روبيو ان "خبرة الشركات الاسبانية اتاحت لها الفوز بمشاريع وتنفيذها في دول اخرى". وتعتبر "غاميسا" على سبيل المثال من بين اول خمسة مصنعين للمضخات في العالم ولديها فروع في دول ناشئة عدة مثل الهند والبرازيل والصين وهو ما جذب انتباه "سيمنز".

ولمواصلة تحقيق النمو تحتاج هذه الشركة للمال، غير ان "العديد من مالكي مزارع الرياح يواجهون صعوبات في تسديد ديونهم" بعد الخفض الهائل للدعم الحكومي، وفق الجمعية الاسبانية لطاقة الرياح. وليس الوضع بافضل حالا بكثير في قطاع الطاقة الشمسية حيث تعاني الشركات من المديونية مثل "تي سولار" فرع مجموعة "ايسولوكس كورسان" للبناء.

اما صناديق الاستثمار فلا تعاني من مشكلات نقدية وانما لديها "رساميل كبيرة نسبيا للقيام بعمليات استحواذ" وفق خواو سانت اوبين. ويذكر الخبراء بان الاهتمام بالطاقة الخضراء قوي ويعبر عن الرغبة في تحقيق اهداف الحد من التغير المناخي المدرجة في اتفاق باريس الذي وقعه 175 بلدا. واعلنت اسبانيا في بداية السنة مناقصات لزيادة قدراتها في مجال طاقة الرياح والكتلة الحيوية (بيوماس) بعد اربع سنوات من الشلل.

وكالة الطاقة تدعو لتقليل الاهتمام بالفحم كطاقة

من جهته قال مدير الوكالة الدولية للطاقة المتجددة إن الدول التي تعتزم بناء محطات لتوليد كهرباء تعمل بالفحم تحتاج لإعادة تقييم استراتيجيتها الخاصة بالطاقة مشيرا إلى أن هذه المنشآت قد لا تكون استثمارا مجديا. ويرى كثير من المحللين في مجال الصناعة أن الغاز الطبيعي والطاقة المتجددة أكبر قطاعين إزدهارا في الطاقة ومع ذلك فإن معظم الدول الأسيوية ومنها اليابان لا تزال تتوسع في استخدام الفحم على حساب الغاز.

وقال خبراء ونشطاء في الدفاع عن البيئة إن قرار وزارة البيئة اليابانية بالتخلي عن معارضتها لبناء محطات توليد كهرباء تعمل بالفحم يلقى بظلال من الشك بشأن قدرة القطاع على الحد من نسب انبعاثات الغازات المسببة لارتفاع درجة حرارة الأرض. وقال عدنان أمين المدير العام للوكالة الدولية للطاقة المتجددة لرويترز على هامش اجتماع وزراء الطاقة في مجموعة السبع بمدينة كيتاكيوشو الواقعة في جنوب غرب اليابان "أعتقد أنه سيتحتم على هذه الدول أن تعيد تقييم استراتيجياتها في قطاع الطاقة على نحو جاد." وأوضح المسؤول الدولي قائلا "توجد مخاطر حقيقية تشير إلى أن الاستثمارات في محطات توليد الكهرباء بالفحم أو الوقود الحفري ستصبح أصولا غير مفيدة خلال خمس إلى عشر سنوات وهو ما يعني أنها لن تكون استثمارا مجديا ونحن نرى المزيد والمزيد من الدول في أنحاء العالم عازمة على الابتعاد عن الفحم."

وأظهر مسح للإشعارات الموجهة للجهات التنظيمية أن تراجع أسعار الفحم دفع عددا من الشركات الأمريكية المنتجة للفحم ومنها بيبودي إنرجي كورب إلى الإفلاس في العام الماضي. وقال أمين "الدول شديدة التركيز (على الفحم) مثل الصين بدأت في التخلص من (الاعتماد عليه) أيضا. ولذلك أعتقد أنه من منظور طويل الأجل ينبغي إجراء إعادة تقييم حقيقية لاستخدام الفحم الذي اعتقد أنه يشرف على الانتهاء بحسب رويترز."

وأضاف المسؤول الدولي أن برنامجا يابانيا لزيادة الاستثمارات في الطاقة المتجددة عقب كارثة مفاعل فوكوشيما النووي عام 2011 أمر محل ترحيب لكنه أوضح أن الوقت حان لرسم سياسة إصلاحية لتقليل التكلفة على المستهلكين. واشترط البرنامج الياباني على مرافق الطاقة الإقليمية شراء الكهرباء من موردي طاقة متجددة بأسعار محددة سلفا ولمدة تصل إلى 20 عاما.

وضخ البرنامج مليارات الدولارات في استثمارات بقطاع الطاقة النظيفة بهدف المساعدة في تحول ثالث أكبر اقتصاد بالعالم عن اعتماده على الطاقة النووية. وقد تكون ألمانيا نموذجا يحتذى به لليابان نظرا لتطبيقها برامج مشابهة منذ أكثر من 10 أعوام. وأبلغ راينر باكي أمين وزارة الشون الاقتصادية والطاقة في ألمانيا رويترز على هامش الاجتماعات "في ألمانيا تحتاج (مصادر) الطاقة المتجددة للتحلي بالمنافسة وذلك هو سبب انتقالنا من البرنامج الحالي لنظام أكثر تنافسية وهو المزادات."

التخطيط لمشروع في مجال خلايا الوقود

في حين قالت إكسون موبيل التي تواجه اتهامات بأنها ضللت المستثمرين والرأي العام لسنوات بخصوص مخاطر تغير المناخ إنها ستتوسع في مشروع بحثي مع فيول-سل إنرجي يهدف إلى خفض تكلفة تجميع الكربون المنبعث من محطات الكهرباء. وتأمل الشركتان في استخدام خلايا الوقود بدلا من مرشحات العادم المستخدمة حاليا كحل معياري لتجميع انبعاثات المحطات العاملة بالغاز الطبيعي واستخدامها في الوقت نفسه لتوليد الكهرباء. وتستهلك المرشحات الكهرباء لتصفية الكربون. وأعلنت إكسون عدة مشاريع للطاقة البديلة في السنوات الأخيرة. وتقول الشركة إن المشاريع لا ترتبط بالاستياء العام في الفترة الأخيرة فيما يتعلق بإشعاراتها عن تغير المناخ لكنها في إطار أبحاث بخصوص تجميع الكربون وأنواع الوقود البديلة بحسب رويترز.

وأحجمت إكسون مبويل أكبر منتج للغاز الطبيعي في الولايات المتحدة وفيول-سل إنرجي عن تقديم التفاصيل المالية للمشروع. وتولد خلايا الوقود الكهرباء من الغاز أو الهيدروجين أو أنواع الوقود الأخرى. ويقول مستثمرون في إكسون وممثلو إدعاء في أنحاء الولايات المتحدة إن شركة النفط العملاقة حجبت لعشرات السنين دراسات داخلية عن انبعاثات الكربون وارتفاع درجة حرارة الأرض. ونفت إكسون الإدعاءات مرارا. وقال فيجاي سواروب نائب رئيس إكسون للأبحاث والتطوير إن المشروع المشترك مع فيول-سل إنرجي ليس رد فعل لضغوط الرأي العام.

وقال "هذا أحد مكونات محفظة الأبحاث القائمة منذ عدة سنوات." وذكرت شركة فيول-سل إنرجي التي تقل قيمتها السوقية عن واحد بالمئة من إكسون أنها ستسهم بخمسة عشر إلى 20 عالما في المشروع الذي سيجري بمقر الشركة في دانبري بولاية كونيتيكت. وقالت إكسون إن إسهامها من العلماء سيكون بقدر الحاجة. وامتنع المسؤولون التنفيذيون عن تقديم رقم محدد. وستتقاسم الشركتان براءات الاختراع لأي تقنية مكتشفة.

في سياق مقارب اقترح مديرو وكالات الحياة البرية في الولايات المتحدة مجددا منح تصاريح مدتها 30 عاما للمزارع التي تعمل بطاقة الرياح تعفيهم من المسؤولية عن النفوق المتوقع لآلاف النسور خلال تلك الفترة نتيجة الاصطدام بتوربينات الرياح والأسلاك والأبراج الكهربائية.

وستمدد القاعدة المقترحة الفترة الزمنية الراهنة ومدتها خمس سنوات في التصاريح التي ينبغي إصدارها بموجب القانون الأمريكي بسبب "النفوق العرضي" للنسور والذي يتضمن نفوقها بسبب عقبات نصبت في مواطنها. وتضغط الشركات المتخصصة في طاقة الرياح على هيئة الأسماك والحياة البرية الأمريكية لإطالة أمد تلك التصاريح قائلة إن خمس سنوات فترة تعرقل الاستثمارات في مجال الطاقة المتجددة. ووافقت الهيئة في 2013 على خطة مشابهة لتمديد تلك التصاريح لمدة 30 عاما لكن قاضيا أمريكيا ألغى هذا القرار العام الماضي متفقا مع جماعات حماية البيئة بأن هيئة الأسماك والحياة البرية فشلت في تقييم تأثير هذه القاعدة على الطيور المحمية بموجب القانون الاتحادي. ويشير المقترح المعدل إلى توسع كبير داخل الكثير من قطاعات صناعة الطاقة الأمريكية ولاسيما عمليات توليد الطاقة من الرياح في الولايات الغربية في وقت تتزايد فيه أعداد النسر الأصلع بينما تنخفض فيه أعداد النسر الذهبي بحسب رويترز.

لكن هيئة الأسماك والحياة البرية خلصت إلى أن أعداد النسر الذهبي التي تصل لنحو 40 ألفا يمكن أن تتحمل خسارة نحو ألفي نسر سنويا دون أن يتهددها خطر الانقراض. ولمحت الهيئة إلى أن فصيل النسر الأصلع الذي يقدر عدده بنحو 143 ألفا على مستوى البلاد يمكن أن يتحمل خسارة ما يصل إلى 4200 طائر سنويا دون أن يكون معرضا للانقراض.

اضف تعليق