تكافح الدول المنتجة للنفط منذ منتصف عام 2014 وحتى الآن من اجل صنع نوع من التوازن في اسعار النفط التي هبطت بطريقة مفاجئة وفقدت من قيمتها 70%، وقد بذلك اوبك وبعض الدول المنتجة من خارجها بعض المساعي الجادة من اجل تجميد النفط وافلح ذلك في احداث ارتفاع بسيط في سعر النفط، ولكن يحتاج الامر الى ارادة اقوى خاصة في ظل طموحات متزايدة لبعض الدول لزيادة انتاجها من ايران العائدة توا الى السوق النفطية بعد العقوبات والعراق الذي يوجه ازمة مالية خانقة.
لذلك فإن إيران تخطط لزيادة إنتاجها بعد رفع العقوبات الغربية المفروضة عليها ووصفت المقترح بأنه مثير للضحك. كما أعلن العراق أنه سيرفع انتاجه. وقالت لوانا سيجفريد المحللة لدى رايموند جيمس "رغم أنه أول تحرك منسق من نوعه خاص بالإمدادات من جانب أعضاء أوبك وروسيا في 15 عاما إلا انه من الواضح أن أي اتفاق لا تشارك فيه إيران والعراق لن يسهم كثيرا في تقليص المعروض في السوق على الأقل في 2016."
وتشير بعض التقارير التي نشرتها الوكالة الدولية للطاقة الى انخفاض الاسعار، على الرغم من التحسن الطفيف الذي طرأ عليها مؤخرا حيث تقول الوكالة الدولية للطاقة ان اسعار النفط بلغت على ما يبدو ادنى حد ممكن لها، مشيرة الى "التحسن الملفت" في الاسابيع الاخيرة، ومقللة من تاثير عودة ايران الى الاسواق. وتابعت الوكالة في تقريرها الشهري ان المشاورات بين الدول المنتجة للنفط من اجل تجميد مستويات الانتاج "هو محاولة اولى للقيام بعمل منسق"، على امل رفع سعر برميل النفط الى 50 دولارا مقارنة مع السعر الحالي البالغ 40 دولارا. واشارت الى ان الانتاج خارج منظمة الدول المنتجة للنفط (اوبك) سيتراجع ب750 الف برميل في اليوم هذا العام خصوصا في الولايات المتحدة، بعد ان كانت التقديرات تشير الى 600 الف برميل في اليوم.
وربما تعاود اسعار النفط الارتفاع ولكن على نحو متدرج، خاصة ان اجراءات الحد من زيادة المعروض النفطي الفائض في السوق لا تزال دون المستوى المطلوب، حيث تشير الأدلة إلى أن أسعار النفط آخذة في الاستقرار وقد تبدأ في الارتفاع مجددا، حسبما قالت وكالة الطاقة الدولية. وقالت الوكالة إن انخفاض الانتاج في الولايات المتحدة وغيرها من الدول يساعد في الحد من الوفرة في إمدادات النفط. وقالت الوكالة ايضا إن زيادة الانتاج من إيران كان تأثيرها اقل مما كان متوقعا.
ويبقى الأمل قائما بارتفاع اسعار النفط لخلق نوع من التوازن في حركة الاسواق العالمية، وتعافي اقتصادات الدول المنتجة للنفط، والتي تضررت كثيرا بسبب هذا الهبوط الحاد، ولكن هناك توقعات في سياق مناقض حيث التوقعات بانخفاض الاسعار لا تزال قائمة اذ يعتقد كثير من المحللين أن أسعار النفط بلغت القاع في أحد أكبر دورات الانخفاض على الإطلاق والتي دفعت أسعار الخام للهبوط بنحو 70 في المئة منذ منتصف 2014 ينحاز آخرون إلى المنتجين ويحذرون من أن التعافي المستدام لا يزال بعيدا، ومع ذلك حدث ارتفاع طفيف على اسعار النفط قد يتدرج في الصعود حسب اجراءات الدول المنتجة.
النفط يتجاوز 41 دولارا
في هذا السياق ارتفع سعر النفط الخام متجاوزا 41 دولارا للبرميل لفترة قصيرة ومقتربا من أعلى مستوى له منذ بداية العام بفضل الاجتماع المزمع الذي سيعقده بعض من كبار المنتجين في العالم الشهر القادم لمناقشة دعم السوق. ومن المقرر أن يعقد منتجو النفط في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وخارجها بمن فيهم السعودية وروسيا أكبر مصدرين للخام في العالم محادثات يوم 17 أبريل نيسان في قطر بشأن خطة لتثبيت الإنتاج وهو ما يزيد احتمال إبرام أول اتفاق بشأن الإمدادات العالمية في 15 عاما.
وبحلول الساعة 1429 بتوقيت جرينتش صعد خام القياس العالمي مزيج برنت 60 سنتا إلى 40.93 دولار للبرميل بعدما صعد في وقت سابق إلى 41.44 دولار للبرميل. وارتفع الخام 51 بالمئة من أدنى مستوياته في 12 عاما البالغ 27.10 دولار للبرميل الذي سجله في يناير كانون الثاني. ووصل برنت إلى أعلى سعر له منذ بداية العام في 8 مارس آذار عندما وصل سعر البرميل إلى 41.48 دولار. وارتفع الخام الأمريكي 1.04 دولار ليصل سعره إلى 39.50 دولار للبرميل. وانخفض الدولار بعد بيان مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) الذي خفض توقعات رفع أسعار الفائدة بحلول يونيو حزيران.
ويقلل تراجع الدولار من تكلفة السلع المقومة بالعملة الأمريكية على حائزي العملات الأخرى بينما يدعم النفط. وقال وزير الطاقة القطري محمد بن صالح السادة إن منتجي النفط من داخل وخارج أوبك سيجتمعون في الدوحة يوم 17 أبريل نيسان لمناقشة خطط تجميد مستويات الإنتاج. وذكر الوزير أن المبادرة حظيت بدعم 15 دولة من منتجي النفط الأعضاء في أوبك وغير الأعضاء فيها والذين يشكلون مجتمعين نحو 73 في المئة من الإنتاج العالمي للنفط. كما اكتسب النفط قوة أيضا من زيادة أقل من المتوقع للمخزونات الأمريكية وإن كانت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية قالت يوم الأربعاء إن مخزونات الخام ما زالت عند مستوى قياسي بحسب رويترز.
من جهته خفض سوسيته جنرال توقعاته لأسعار النفط الخام مما أرجعه إلى تخمة المعروض واستنتاجات بأن مكاسب الأسعار في الآونة الأخيرة ضعيفة وتدعمها تعطيلات مؤقتة للإمدادات.
وخفض البنك توقعاته لمتوسط سعر خام القياس العالمي برنت في 2016 بواقع 4.38 دولار إلى 38.12 دولار للبرميل وخفض توقعاته لسعر خام غرب تكساس الوسيط 4.30 دولار إلى 36.20 دولار للبرميل. وارتفعت أسعار النفط حوالي أربعة بالمئة مستأنفة صعودها بعد خسائر على مدى يومين بدعم نمو أقل من التوقعات لمخزونات الخام الأمريكية واستعداد كبار المنتجين للاجتماع في قطر الشهر القادم لبحث تجميد مستويات الإنتاج. وكان مسح أجرته رويترز لآراء المحللين في أواخر يناير كانون الثاني توقع أن يبلغ متوسط الأسعار أكثر بقليل من 40 دولارا للبرميل هذا العام مع تدفق الخام الإيراني على السوق العالمية المشبعة بالفعل. بحسب رويترز.
اسعار النفط بلغت ادنى حد لها
من ناحيتها اعلنت الوكالة الدولية للطاقة الجمعة ان اسعار النفط بلغت على ما يبدو ادنى حد ممكن لها، مشيرة الى "التحسن الملفت" في الاسابيع الاخيرة، ومقللة من تاثير عودة ايران الى الاسواق. وتابعت الوكالة في تقريرها الشهري ان المشاورات بين الدول المنتجة للنفط من اجل تجميد مستويات الانتاج "هو محاولة اولى للقيام بعمل منسق"، على امل رفع سعر برميل النفط الى 50 دولارا مقارنة مع السعر الحالي البالغ 40 دولارا. واشارت الى ان الانتاج خارج منظمة الدول المنتجة للنفط (اوبك) سيتراجع ب750 الف برميل في اليوم هذا العام خصوصا في الولايات المتحدة، بعد ان كانت التقديرات تشير الى 600 الف برميل في اليوم.
وزادت الصادرات الايرانية ب300 الف برميل في اليوم منذ مطلع العام، وهو "اقل من الزيادة التي اعلنتها طهران ب400 الف برميل في اليوم" في مطلع اذار/مارس. وتابعت الوكالة ان "عودة ايران الى اسواق النفط كانت اقل اهمية مما اعلنه الايرانيون. وبتقديرنا ان انتاج النفط في شباط/فبراير زاد ب220 مليون برميل في اليوم، ويبدو ان عودة ايران ستتم بشكل تدريجي اقله مؤقتا".
أسعار النفط قد تبدأ في الارتفاع
في السياق نفسه تشير الأدلة إلى أن أسعار النفط آخذة في الاستقرار وقد تبدأ في الارتفاع مجددا، حسبما قالت وكالة الطاقة الدولية. وقالت الوكالة إن انخفاض الانتاج في الولايات المتحدة وغيرها من الدول يساعد في الحد من الوفرة في إمدادات النفط. وقالت الوكالة ايضا إن زيادة الانتاج من إيران كان تأثيرها اقل مما كان متوقعا. وشهدت أسعار النفط انخفاضا كبيرا وصل إلى 70 بالمئة منذ يونيو/حزيران 2014، حيث بلغ سعر برميل النفط 27 دولارا في وقت سابق من العام الحالي. وقالت الوكالة، التي تنسق سياسات الطاقة في الدول الصناعية، إنها تعتقد أن إنتاج النفط لدى الدول غير الأعضاء في منظمة الدول المنتجة للنفط (أوبك) سينخفض بمقدار 750 ألف برميل في اليوم عام 2016، مقارنة بالتقديرات السابقة التي بلغت 600 ألف برميل في اليوم. وأضافت أنه من المتوقع أن ينخفض إنتاج النفط في الولايات المتحدة بمقدار 530 ألف برميل هذا العام.
وقالت الوكالة "توجد أدلة واضحة على أن تأثير قوى السوق بدأ يظهر وأن المنتجين ذوي التكلفة العالية بدأوا يحدون من الإنتاج". وكانت هناك زيادة فائقة في إمدادات النفط بسبب ارتفاع الإنتاج في الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة، بفضل انتشار انتاج النفط الصخري. وفي الوقت ذاته، أبدت الدول الأعضاء في أوبك ترددا في خفض الانتاج لوقف انخفاض أسعار النفط، خوفا من فقدان حصتها في السوق للمنتجين ذوي التكلفة العالية. وأدت هذه العوامل إلى هبوط كبير في أسعار النفط في نهاية 214 وطوال 2015 بحسب فرانس برس.
المنتجون يبرمون عقودا آجلة
في سياق مقارب يسعى المنتجون لجني أرباح المكاسب الأخيرة في أسعار العقود الآجلة للنفط ويبرمون صفقات بيع آجلة بما قد يقوض فرص المزيد من التعافي لأسعار الخام نظرا لعدم ثقتهم في القفزة التي شهدتها عقود شهر أقرب استحقاق منذ يناير كانون الثاني. وارتفع خام القياس العالمي مزيج برنت في العقود الآجلة لأقرب استحقاق شهري بما يزيد عن 40 في المئة من أدنى مستوياته في 12 عاما والذي سجله في أوائل العام ليتجاوز الآن 40 دولارا للبرميل.
ويأمل المنتجون بأن تكون موجة هبوط الأسعار المستمرة منذ 20 شهرا قد بلغت مداها لكنهم لا يثقون ثقة كاملة في حدوث تعاف الأمر الذي يتجلى في منحنى العقود الآجلة لخام برنت حتى عام 2020. ومنذ يناير كانون الثاني فإن الفارق بين أسعار خام برنت في عقود تسليم 2020 في نهاية المنحى وبين الأسعار الفورية للإمدادت انحفض بنحو ثمانية دولارات إلى حوالي 10.71 دولار للبرميل.
وقال أحد المتعاملين في العقود الآجلة للنفط "يأتي نزول منحنى الفارق بين الأسعار الفورية والآجلة لخام برنت منذ يناير كانون الثاني مع سعي كثير من المنتجين لجني أرباح فورية من الزيادات الأخيرة في الأسعار. يقبلون بكثافة على إبرام صفقات بيع لعام 2017-2018 وما بعده ويظهر ذلك أنهم لا يثقون ثقة كاملة حتى الآن في ارتفاع الأسعار الفورية." وأضاف "يعني ذلك أن المنتجين لا يتوقعون في الحقيقة صعودا قويا للأسعار حتى 2017 أو بعد ذلك."
وتسعى الشركات التي تقوم بالتنقيب عن النفط واستخراجه إلى الاستفادة من صعود الأسعار من خلال إبرام عقود بيع آجلة للإنتاج في المستقبل كوسيلة للتحوط المالي وهو ما يدفع أسعار تلك العقود للهبوط بحسب مصادر مطلعة. وقالت المصادر إن هذا التحرك يحميهم من أي هبوط محتمل جديد في السوق كما حدث في النصف الأول من 2015 لكنه قد يحول أيضا دون تعافي الأسعار في المستقبل. وشهدت أسعار الخام هبوطا على مدى 20 شهرا وسط تخمة المعروض العالمي مع ارتفاع الإنتاج عن الطلب بما لا يقل عن مليون برميل يوميا وهو ما أدى لامتلاء صهاريج التخزين في أنحاء العالم بإمدادات النفط الفائضة.
وبينما يعتقد كثير من المحللين أن أسعار النفط بلغت القاع في أحد أكبر دورات الانخفاض على الإطلاق والتي دفعت أسعار الخام للهبوط بنحو 70 في المئة منذ منتصف 2014 ينحاز آخرون إلى المنتجين ويحذرون من أن التعافي المستدام لا يزال بعيدا. وقال بنك جولدمان ساكس الاستثماري هذا الأسبوع إن صعود أسعار النفط جاء في وقت مبكر وإن "ارتفاع أسعار الخام سيرتد في الاتجاه المعاكس كما حدث في الربيع الماضي" إن لم يؤد الهبوط إلى خفض الإنتاج.
وقالت وود ماكينزي لاستشارات الطاقة التي تقدم المشورة لمعظم المنتجين الرئيسيين بشأن الاستثمارات إنها تتوقع "انخفاض المتوسط السنوي لأسعار النفط في 2016 عن 2015 ثم يتعافى بعد ذلك في 2017 وهو ما يعكس فائضا كبيرا في المعروض ومستويات مرتفعة للمخزونات في النصف الأول من 2016." بحسب رويترز.
النفط عند أعلى سعر لعام 2016
ولأول مرة قفزت أسواق النفط العالمية أكثر من خمسة بالمئة مع تسجيل برنت ذروته لعام 2016 فوق 40 دولارا للبرميل بعد أن قالت الإكوادور إنها ستعقد اجتماعا لمنتجي الخام في أمريكا اللاتينية. وتعزز النفط أيضا بعمليات شراء لأسباب فنية وموجة صعود في السلع الأولية. وأظهرت بيانات للقطاع زيادة دون المتوقع للمخزونات بنقطة تسليم عقود الخام الأمريكي في كاشينج بولاية أوكلاهوما.
وصعد النفط أكثر من 50 بالمئة منذ سجل أدنى مستوياته في 12 عاما قبل أقل من شهرين. وبدأت موجة الصعود بعد أن طرحت روسيا ومنظمة البلدان المصدرة للبترول فكرة تجميد الإنتاج لدعم الأسعار في سوق متخمة بالمعروض. وقال وزير الخارجية الإكوادوري إن حكومته ستستضيف اجتماعا في كيتو يوم الجمعة تحضره فنزويلا وكولومبيا والمكسيك "للتوصل إلى إجماع بخصوص النفط ولاسيما الأسعار".
وبشكل منفصل يتحدث منتجو أوبك عن توازن جديد لسعر النفط قرب 50 دولارا حسبما قالت بيرا الاستشارية لرويترز. وقال فيل فلين المحلل لدى برايس فيوتشرز بشيكاجو "الأمر أقرب إلى التأكيد بأن منتجي النفط يقتربون من التوصل إلى اتفاق ما لدعم السعر.. يغذي ذلك المراهنة على صعود الأسعار في سوق عكست اتجاهها بالكامل مقارنة مع وجهتها قبل أسابيع فحسب."
وتحدد سعر التسوية لخام القياس العالمي برنت على ارتفاع 2.12 دولار عند 40.84 دولار. وارتفع السعر خلال الجلسة إلى 41.04 دولار وهو أعلى سعر منذ التاسع من ديسمبر كانون الأول. ويزيد ذلك 51 بالمئة عن أدنى سعر في 12 عاما 27.10 دولار المسجل في 20 يناير كانون الثاني. وأغلق الخام الأمريكي مرتفعا 1.98 دولار إلى 37.90 دولار للبرميل مقتربا بذلك من أعلى سعر في شهرين. كان الخام سجل في 11 فبراير شباط مستواه المتدني لعام 2003 عندما بلغ 26.05 دولار.
أوبك تستهدف سعر 50 دولارا
من جهته قال جاري روس المؤسس ورئيس مجلس الإدارة التنفيذي لشركة بيرا للاستشارات ومقرها نيويورك إن كبار المنتجين في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) بدأوا يتحدثون عن أسعار جديدة للنفط تقارب 50 دولارا للبرميل في علامة جديدة على أن موجة الهبوط الطويلة الأمد في السوق انتهت رسميا. وقال روس للعملاء منذ أسبوعين ونصف الأسبوع إن انخفاض النفط بلغ مداه حينما كان سعر الخام نحو 30 دولارا للبرميل. وارتفعت العقود الآجلة للخام الأمريكي منذ ذلك الحين لتغلق مقتربة من 36 دولارا للبرميل يوم الجمعة وهو ما اعتبره عدد من المحللين بحذر بمثابة قاع للأسعار.
وقال روس في مقابلة مع رويترز إن من المنتظر أن تتعافى أسعار النفط إلى 50 دولارا للبرميل بنهاية العام مدعومة بخفض محتمل لإمدادات المعروض من منتجين رئيسيين في منظمة أوبك.
وتابع روس وهو أحد أكثر الشخصيات قدرة على توقع اتجاهات الأسعار في قطاع النفط لما يتمتع به من تاريخ طويل في التشاور مع أعضاء أوبك "يريدون سعرا قدره 50 دولارا (للبرميل).. سيكون ذلك الركيزة الجديدة لأسعار النفط العالمية. "رغم أنه قد لا يكون سعرا رسميا مستهدفا إلا أنك ستسمعه منهم." وإذا بدأت السعودية وغيرها من المنتجين الخليجيين ذوي النفوذ في أوبك في اعتبار 50 دولارا "سعرا عادلا للمنتجين والمستهلكين" - وهي عبارة كانت مفضلة في الماضي لكنها اختفت لعدة سنوات - فربما يشير ذلك إلى نهاية فترة طويلة غير معتادة أحجمت خلالها المنظمة عن بذل جهود للسيطرة على السوق.
فبعد أعوام من التلميح إلى الرضا عن الأسعار التي تحوم حول 100 دولار للبرميل قادت السعودية أكبر تحول في سياسة منظمة أوبك خلال عقود في أواخر 2014 حيث لم تتفق المملكة أكبر مصدر للنفط في العالم وحلفاؤها في المنظمة على خفض الإنتاج لدعم مثل تلك الأسعار المرتفعة خشية تآكل حصصهم في السوق العالمية. وبدلا من ذلك واصلوا ضخ النفط وتركوا الأسعار تتراجع. ورغم أنهم لم يتوقعوا حدوث أكبر وأطول موجة هبوط في الأسعار منذ منتصف الثمانينات فإن جهودهم بدأت على الأقل تحد من زيادة الإنتاج المرتفع التكلفة لمنافسيهم مثل منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة في دلالة جديدة على أن تراجع الأسعار ربما بلغ مداه.
وأشار روس في مذكرته للعملاء أيضا إلى الاتفاق الأخير بين منتجين كبار في أوبك وروسيا غير العضو في المنظمة على تجميد الإنتاج عند مستويات يناير كانون الثاني كعامل داعم للمعنويات في السوق بعد فترة قاسية كانت التجارة الآمنة فيها لا تتمثل إلا في البيع. ولن يحدث الاتفاق تأثيرا فوريا يذكر لتقليص تخمة المعروض وخصوصا في ظل استمرار ارتفاع صادارت إيران بعد رفع العقوبات. وقال روس إن التعاون على "التدخل الشفهي" يبدو بداية إيجابية "قد تؤدي إلى خفض في نهاية المطاف" بعد فترة لم تبذل فيها السعودية وروسيا جهودا تذكر لإقامة أي نوع من التعاون. وقال روس لرويترز "سينخفض الإنتاج الروسي على أي حال.. لماذا لا يتم الاتفاق على تجميد يعقبه خفض؟"
ويتوافق سعر 50 دولارا للبرميل مع متوسط توقعات المحللين للخام الأمريكي في 2017 بحسب أحدث استطلاع لرويترز رغم أنه أعلى بكثير من متوسط التوقعات لهذا العام البالغ 38 دولارا للبرميل. وكان روس - الذي لا يعلن توقعاته عادة على الملأ - من بين عدد قليل من المحللين الذين توقعوا قرار أوبك بالسماح للأسعار بالهبوط في 2014.
تراجع النفط بلغ مداه
من جهته قال محلل كبير بوكالة الطاقة الدولية إن تراجع أسعار النفط العالمية بلغ مداه على ما يبدو ومن المتوقع أن ترتفع الأسعار هذا العام بعد أن ساعد خفض الاستثمارات على تقليص تخمة المعروض. وفي الساعة 1304 بتوقيت جرينتش ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت القياسي 44 سنتا إلى 37.01 دولار للبرميل مسجلة أعلى مستوى لها في ثمانية أسابيع. كانت الأسعار سجلت أدنى مستوياتها في 12 عاما عندما بلغت 27.10 دولار في 20 يناير كانون الثاني.
وقال نيل أتكنسون المدير الجديد لقسم صناعة وأسواق النفط بوكالة الطاقة خلال ندوة في أوسلو "تراجع أسعار النفط بلغ مداه على ما يبدو." وأضاف "من المتوقع أن ترتفع الأسعار في 2016 و2017 تمشيا مع التوقعات بأن تعود السوق للتوازن في 2017." ومن المتوقع أن تبدأ سوق النفط العالمية استعادة التوازن في 2017 حيث من المنتظر أن يتراجع الإنتاج الأمريكي تحت ضغط أسعار الخام المنخفضة حسبما ذكرت وكالة الطاقة في توقعاتها للسوق في المدى المتوسط الصادرة يوم 22 فبراير شباط.
وقال أتكنسون إنه إذا استمر المنتجون الأمريكيون "لفترة أطول في اللعبة" فإن إعادة التوازن للسوق قد تتأخر عاما واحدا إلى 2018. لكن احتمال زيادة إنتاج النفط الصخري الأمريكي فور عودته للربحية بفعل ارتفاع أسعار الخام سيكبح موجة الصعود في المدى المتوسط. وقال أتكنسون "فور ارتفاع النفط إلى ما بين 40 و50 دولارا للبرميل فإنه سيعطي الإشارة لمنتجي النفط المحكم الخفيف (لزيادة الإنتاج)."
وتتوقع وكالة الطاقة أن تصل الأسعار إلى 80 دولارا للبرميل بحلول 2020 وأن يبلغ إنتاج النفط الأمريكي مستوى قياسيا مرتفعا عند 14.2 مليون برميل يوميا بحلول 2021. ويختلف بعض المحللين مع توقعات الوكالة بشأن سرعة انتعاش سعر النفط. وقال توربيورن كيوس كبير محللي النفط لدى بنك دي.ان.بي النرويجي "التغيير لن يكون تدريجيا بل مفاجئا."
وأضاف "نعتقد أن السعر سيتجاوز 60 دولارا للبرميل في غضون الاثني عشر شهرا المقبلة." ويقدر محللو دي.ان.بي أن الأمر سيستغرق نحو عام كي يرفع منتجو النفط الصخري الأمريكي الإنتاج بعد ارتفاع الأسعار إلى المستويات التي ستعيده إلى الربحية.
متوسط أسعار النفط يتجاوز 40 دولارا
وقد أظهر مسح لرويترز أن أسعار النفط ستصل إلى أعلى قليلا من 40 دولارا للبرميل في المتوسط هذا العام نظرا لأن ضعف الطلب واحتمال قيام منتجين رئيسيين بتجميد الإنتاج مؤقتا لن يؤثر بشكل يذكر في انحسار تخمة المعروض العالمي. ومن المستبعد أن يتعافى السعر - الذي تراجع 45 في المئة في الإثني عشر شهرا السابقة - كثيرا عن مستوياته الحالية حول 34 دولارا للبرميل حتى النصف الثاني من العام حين يتوقع أن تنخفض الإمدادات من منتجين خارج منظمة أوبك.
ويتوقع المسح الذي شمل آراء 30 خبيرا اقتصاديا ومحللا أن يبلغ خام القياس العالمي مزيج برنت 40.10 دولار للبرميل في المتوسط بانخفاض قدره 2.40 دولار عن مسح الشهر الماضي. وبلغ متوسط خام برنت نحو 32.57 دولار منذ بداية العام مقابل حوالي 54 دولارا في 2015. وهذا هو المسح الشهري التاسع لرويترز على التوالي الذي يخفض فيه المحللون توقعاتهم لأسعار النفط. واتفقت روسيا وأعضاء أوبك السعودية وقطر وفنزويلا على العمل للتوصل إلى اتفاق عالمي لتجميد إنتاج النفط عند مستويات يناير كانون الثاني إذا فعل منتجون آخرون نفس الشيء في محاولة لتقليص تخمة المعروض العالمي ودعم الأسعار.
لكن إيران تخطط لزيادة إنتاجها بعد رفع العقوبات الغربية المفروضة عليها ووصفت المقترح بأنه مثير للضحك. كما أعلن العراق أنه سيرفع انتاجه. وقالت لوانا سيجفريد المحللة لدى رايموند جيمس "رغم أنه أول تحرك منسق من نوعه خاص بالإمدادات من جانب أعضاء أوبك وروسيا في 15 عاما إلا انه من الواضح أن أي اتفاق لا تشارك فيه إيران والعراق لن يسهم كثيرا في تقليص المعروض في السوق على الأقل في 2016."
ويشك المحللون أيضا في أن تجميد الإنتاج قرب مستويات مرتفعة قياسية سيدعم السوق. وهبطت أسعار النفط 70 في المئة منذ منتصف 2014 نظرا لتراكم الفائض وإحجام أوبك في أواخر 2014 عن خفض الإنتاج لدعم الأسعار مثلما فعلت على مدى عقود. ويعتقد المحللون الذين شملهم المسح بأن توازن العرض والطلب لن يحدث حتى أواخر 2016 رغم أنه من المتوقع أن تضيق الفجوة بينهما مقارنة بالعام الماضي.
وقال هانز فان كليف كبير الخبراء الاقتصاديين في مجال الطاقة لدى ايه.بي.ان امرو "رغم أنه لن يحدث توازن بين الطلب والعرض قبل 2017 فإن من المنتظر أن تدعم توقعات انخفاض تخمة المعروض الأسعار. "أعتقد أن هذا الاتفاق مؤشر واضح لتلميح بعض منتجي النفط الرئيسيين بأن أسعار الخام لا يجب أن تهبط عن المستويات الحالية." وقال المحللون إن من المرجح أن يظل نمو الطلب العالمي ضعيفا على الأجل المتوسط نظرا لتباطؤ الاقتصاد الصيني وتراجع الاستهلاك في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية مع تحسن كفاءة استخدام الطاقة والتحول إلى الوقود النظيف.
ويتوقع المحللون أن تبلغ العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 38.90 دولار للبرميل في المتوسط في 2016 بانخفاض قدره 2.10 دولار من مسح يناير كانون الثاني. وبلغ الخام الأمريكي 31.03 دولار في المتوسط منذ بداية العام. وخفض بنك مورجان ستانلي توقعاته لخام برنت في 2016 إلى 30 دولارا للبرميل بينما جاءت توقعات رايموند جيمس الأعلى عند 53 دولارا بحسب رويترز.
اضف تعليق