هبطت أسعار النفط متأثرة سلبيا بقلق من تباطؤ الطلب وارتفاع الدولار الأمريكي وزيادة في انتاج الخام في الولايات المتحدة هزت ثقة المستثمرين في قدرة أوبك على إعادة موازنة السوق، وأنهت عقود خام القياس العالمي مزيج برنت لأقرب استحقاق جلسة التداول منخفضة 61 سنتا أو ما يعادل 1.24 بالمئة لتسجل عند التسوية 48.73 دولار للبرميل في حين تراجعت عقود خام القياس الأمريكي غرب تكساس الوسيط 55 سنتا أو 1.21 بالمئة إلى 45.88 دولار، وهذه هي أدنى مستويات إغلاق لعقود الخامين القياسيين منذ الرابع من مايو ايار وثاني أدنى المستويات منذ التاسع والعشرين من نوفمبر تشرين الثاني اليوم السابق على اتفاق منظمة أوبك على تخفيضات في الانتاج للنصف الأول من 2017.
وصعد الدولار أكثر من 1 بالمئة أمام سلة من العملات الرئيسية مسجلا أعلى مستوى منذ 21 أبريل نيسان وهو ما يضع ضغوطا على السلع المقومة بالعملة الأمريكية، وتترقب الأسواق أحدث بيانات لمخزونات الخام الأمريكية والتي ستصدر في وقت لاحق من معهد البترول الأمريكي من إدارة معلومات الطاقة، وتوقع محللون آراءهم أن تواصل المخزونات الأمريكية التراجع لخامس أسبوع على التوالي منذ أن سجلت أعلى مستوياتها على الإطلاق فوق 535.5 مليون برميل في نهاية مارس آذار.
أوبك تتوقع زيادة إمدادات النفط من منافسيها في 2017
رفعت أوبك بشكل حاد توقعاتها لإمدادات النفط من المنتجين من خارجها في 2017 حيث شجع ارتفاع الأسعار منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة على ضخ المزيد من الخام وهو ما يضر بجهود المنظمة للقضاء على تخمة المعروض العالمي ودعم الأسعار من خلال خفض إنتاجها، وذكرت أوبك في تقريرها الشهري إن المنتجين من خارج المنظمة سيزيدون المعروض بواقع 950 ألف برميل يوميا هذا العام من 580 ألف برميل يوميا في توقعاتها السابقة.
ونتيجة لذلك قلصت المنظمة توقعاتها بشأن الطلب على خامها خلال 2017 بواقع 300 ألف برميل يوميا، وتقلص أوبك إنتاجها نحو 1.2 مليون برميل يوميا من أول يناير كانون الثاني لمدة ستة أشهر في أول خفض لها في ثماني سنوات لامتصاص فائض المعروض العالمي، ووافقت روسيا وعشر دول أخرى منتجة من خارج المنظمة على خفض الإنتاج بحوالي نصف ذلك، وسيضيف التقرير إلى الجدل الدائر بخصوص جدوى اتفاق خفض الإمدادات الذي من المتوقع تمديده عندما يجتمع المنتجون في وقت لاحق، ورغم تلقي أسعار النفط دعما فإن زيادة الإمدادات من المنافسين تحد من المكاسب وأظهرت تخمة المخزون تباطؤا في الانحسار.
وذكرت أوبك في التقرير أنه زادت شركات النفط والغاز الأمريكية بالفعل أنشطتها في 2017.. من المتوقع أن يرتفع إنتاج الخام المحكم الأمريكي بوتيرة سريعة ليزيد نحو 600 ألف برميل يوميا في 2017، ولمحت أوبك في التقرير إلى استمرار الامتثال المرتفع من جانب أعضائها إلى اتفاق خفض الإنتاج وقالت إن مخزونات النفط في الدول الصناعية هبطت في مارس آذار لكنها لا تزال أعلى من متوسطها في خمس سنوات بنحو 276 مليون برميل، وتراجعت الإمدادات من الإحدى عشرة دولة في أوبك الملزمة بمستويات مستهدفة للإنتاج بموجب الاتفاق، المستثنى منه ليبيا ونيجيريا، إلى 29.674 مليون برميل يوميا بحسب أرقام من مصادر ثانوية تستخدمها أوبك في مراقبة الإنتاج.
وهذا يعني امتثالا من أوبك بنسبة 111 بالمئة بالخطة وفقا لحسابات رويترز ارتفاعا من 104 بالمئة في مارس آذار. ولا تنشر أوبك نسبة الامتثال، ونقلت مصادر ثانوية عن أوبك أن إنتاج المنظمة شاملا نيجيريا وليبيا تراجع بنحو 18 ألف برميل يوميا في أبريل نيسان إلى 31.73 مليون برميل يوميا، ووفقا للمصادر الثانوية وبيانات سعودية فإن المملكة زادت إنتاجها بنحو 50 ألف برميل يوميا على الرغم من استمرار الرياض في طرح كميات أقل من المتفق عليها، وأبلغت الإمارات عن زيادة إنتاجها 15 ألف برميل يوميا إلى 2.988 مليون برميل يوميا وهو مستوى أعلى من المستهدف لها في اتفاق أوبك والبالغ 2.874 مليون برميل يوميا. وذكر العراق إنه ضخ 4.53 مليون برميل يوميا فوق هدفه المحدد بإنتاج 4.351 مليون برميل.
وقلصت المنظمة توقعاتها للطلب على نفطها في 2017 إلى 31.92 مليون برميل نتيجة المعروض الكبير المتوقع من منتجين خارج المنظمة بانخفاض قدره 300 ألف برميل يوميا مقارنة مع التوقعات السابقة وقرب مستويات الإنتاج الحالية، وأي معروض زائد من أوبك أو المنتجين من خارج المنظمة قد يعود بالسوق إلى تحقيق فائض. لكن بعض المسؤولين من الدول الأعضاء أبدوا تشككا في إمكانية استمرار الانتعاش في إنتاج النفط الصخري.
أوبك والمستقلون يناقشون تمديد خفض الإنتاج 9 أشهر أو أكثر
ذكرت مصادر في أوبك وقطاع النفط إن المنظمة ومنتجين من خارجها يدرسون تمديد اتفاق خفض إنتاج الخام العالمي لتسعة أشهر أو أكثر لتفادي زيادة في الإنتاج قد تضر بالأسعار في الربع الأول من العام المقبل وهو الوقت المتوقع أن يكون الطلب ضعيفا فيه، وكانت منظمة البلدان المصدرة للبترول وروسيا ومنتجون آخرون قد اتفقوا العام الماضي على خفض الإنتاج 1.8 مليون برميل يوميا لمدة ستة أشهر اعتبارا من الأول من يناير كانون الثاني، ونالت أسعار النفط دعما لكن المخزونات العالمية تظل مرتفعة، مما دفع أسعار النفط مجددا لما دون 50 دولارا للبرميل وفرض ضغوطا على أوبك لتمديد التخفيضات حتى نهاية السنة.
ويرتفع الإنتاج من الدول غير المشاركة في الاتفاق، مثل الولايات المتحدة، مما يبقي على الخام دون مستوى 60 دولارا للبرميل الذي ترغب السعودية ومنتجون آخرون في وصول الأسعار إليه، وتابعت المصادر أن دولا أعضاء في أوبك من بينها دول خليجية رئيسية تناقش ما إذا كانت هناك حاجة لتمديد التخفيضات لمدة تسعة أشهر أو أكثر لإتاحة مزيد من الوقت لإعادة التوازن للسوق، وذكر المصدر أن زيادة الإنتاج في تلك الأشهر قد تكون لها أثر سلبي (على الأسعار). لذا قد نطلب تمديدا حتى نهاية الربع الأول من 2018.
وأيد وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك تمديد تخفيضات إنتاج النفط مبيناً إنها ستساعد في تسريع العودة إلى سوق نفطية أكثر توازنا. ولم يحدد نوفاك المدة التي يعتقد أن تخفيضات الإنتاج يجب أن تمدد إليها، ويعتقد مسؤولو أوبك بوجه عام أن الاتفاق يساعد في دفع السوق نحو التوازن وأنه يجب أن يُمدد إلى النصف الثاني من العام. وبينت مصادر في أوبك إنه من المستبعد تنفيذ خفض أكبر.
آسيا تقود النمو في الأمد الطويل
من المرجح أن ينبع معظم النمو المتوقع في الطلب على النفط على مدى الخمسة والعشرين عاما القادمة من آسيا في الوقت الذي ينمو فيه عدد سكان المنطقة مع تقدم دول مثل فيتنام والفلبين لتصبح ضمن أكبر 20 اقتصادا في العالم، وذكر الفالح إن آسيا ستسهم أيضا بنحو ثلثي الطلب العالمي على الغاز بحلول ذلك الوقت، وأضاف أن الاستثمارات العالمية في التنقيب والإنتاج تراجعت هي الأخرى مما قد ينتج فجوة كبيرة بين العرض والطلب في السنوات القليلة المقبلة، وأضاف أن التقديرات المتحفظة تتوقع أننا سنحتاج إلى تعويض 20 مليون برميل يوميا ناتجة عن نمو الطلب والانخفاض الطبيعي خلال الأعوام الخمسة القادمة.
وللمساعدة في تلبية الطلب، تعتزم شركة أرامكو السعودية الحكومية للنفط استثمار سبعة مليارات دولار في مشروعات تكرير وبتروكيماويات مع بتروناس الماليزية، وهون الفالح من أهمية الحديث عن أن زيادة الطاقة البديلة ربما تقلل من استهلاك الوقود الأحفوري، قائلا إن الطاقة المتجددة تظل تواجه عقبات مثل أسعارها الباهظة.
وكانت أوبك وروسيا ومنتجون آخرون اتفقوا على خفض الإنتاج بواقع 1.8 مليون برميل يوميا لمدة ستة أشهر اعتبارا من الأول من يناير كانون الثاني، لكن بينما زادت أسعار النفط، ظلت المخزونات مرتفعة ويزيد إنتاج الدول التي لم تتفق على الخفض ومن بينها الولايات المتحدة مما يبقي على سعر الخام دون مستوى 60 دولارا الذي تود السعودية وغيرها الوصول إليه.
الحفاظ على التخفيضات
نالت منظمة البلدان المصدرة للنفط «اوبك» اعجاب الأسواق بتنفيذها عملياً جميع التخفيضات التي وعدت بها في الانتاج. ولكن الحفاظ على هذه التخفيضات سيكون أصعب، كما يرى محللون، ومن المتوقع تمديد الاتفاق بين اوبك وشركائها على خفض الانتاج حتى اوائل عام 2018 حين يلتقي ممثلو المنظمة الاسبوع المقبل في محاولة مستمرة لانهاء الفائض في سوق النفط. ولكن العوامل التي جعلت خفض الانتاج اسهل في النصف الأول من العام الحالي ـ من الركود الموسمي للطلب الى صيانة حقول النفط ـ ستنتهي وتظهر عقبات جديدة امام الالتزام بالخفض.
ولابقاء سقف الانتاج عند مستواه الحالي سيتعين على السعودية ان تضحي بحصة حتى أكبر من صادراتها النفطية مع زيادة الاستهلاك في الداخل. ويتلهف العراق على زيادة طاقته الانتاجية بعد ان استخدم اعمال الصيانة لوقف الانتاج في حقوله. في هذه الاثناء تعيد نيجيريا وليبيا المعفيتان من اتفاق الخفض انتاجهما الى مستواه السابق، وذكرت مصادر عن مايكل باري مدير الابحاث في شركة أف جي إي الاستشارية في لندن أن هذا الاتفاق متميز بتنفيذه ، ومع مرور الوقت من المرجح ان يتآكل الانضباط ، وكل بلد تقريباً يريد زيادة انتاجه.
وكانت اوبك وحليفاتها اعترفت بأن الخطة الاولى لخفض الانتاج ستة اشهر ليست فترة كافية ولكن مقترح السعودية وروسيا على بلدان اوبك التي ستجتمع في فيينا في 25 مايو تمديد الاتفاق تسعة اشهر أخرى قد يكون عبئاً لا تحتمله بلدان أخرى، وبين ديفيد فايف كبير الاقتصاديين في شركة غانفور غروب السويسرية لتجارة النفط "ان خفض الانتاج في الربع الأول من عام 2017 كان من السهل نسبياً الاتفاق عليها ومن المرجح ان يتفقوا عليها" ولكن "خطر تسريب براميل اضافية الى السوق أكبر".
اضف تعليق