ذكر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إن العراق بحاجة إلى أن تبلغ أسعار النفط 60 دولارا للبرميل من أجل سد عجز الميزانية العامة، اذ تعاني الحكومة العراقية التي تكاد تعتمد اعتمادا كاملا على دخل إنتاجها النفطي لتمويل الإنفاق منذ تراجع أسعار الخام في 2014 وهو العام نفسه الذي سيطر فيه تنظيم داعش الارهابي على أجزاء شاسعة من أراضي البلاد.
وقد صرح المدير الإقليمي للبنك الدولي إن البنك ينوي تقديم الدعم المالي للعراق بالتوازي مع مشاريع لرعاية المصالحة بعد إلحاق الهزيمة بتنظيم داعش وذلك لضمان استدامة إعادة البناء بعد سنوات الصراع، وقد كان البنك الدولي أقر قرضا جديدا قيمته 1.485 مليار دولار لمساعدة اقتصاد العراق في مواجهة انخفاض أسعار النفط وأعباء تكلفة الحرب ضد تنظيم داعش ليصل إجمالي الدعم المقدم لبغداد إلى حوالي 3.4 مليار دولار.
في ظل ذلك أعلن العراق بيع سندات تضمنها الولايات المتحدة قيمتها مليار دولار بفائدة 2.1 بالمئة وهو معدل أقل بكثير من التسعة بالمئة التي تدفعها بغداد على ديونها غير المضمونة، وكانت الحكومة العراقية قد ذكرت إنها تنوي إصدار سندات بملياري دولار في الأسواق العالمية للمساعدة في تقليص عجز ميزانية 2017، وإن السندات ستباع على شريحتين متساويتين حجم الواحدة مليار دولار على أن تضمن الحكومة الأمريكية إحداهما مما سيخفض تكلفة الاقتراض، كما ان العراق حصل على تصنيف B/B- من ستاندرد اند بورز وفيتش، ولديه سندات دولية قيمتها 2.7 مليار دولار تستحق في 2028 بكوبون 5.8 بالمئة ويبلغ عائدها الحالي نحو تسعة بالمئة.
ألمانيا والعراق يستكملان ائتمانا بقيمة 500 مليون يورو لإعادة الإعمار
وقعت ألمانيا اتفاقا مع العراق لتقديم تسهيل ائتماني بقيمة 500 مليون يورو (530 مليون دولار) لتمويل استثمارات تهدف إلى إعادة تشييد البنية التحتية العراقية التي تضررت في الحرب مع تنظيم داعش الارهابي، وكانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تعهدت لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي قبل عام بتقديم خط الائتمان الأكبر من نوعه للعراق حتى الآن، وأفاد وزير الخارجية الألماني سيجمار جابرييل في بيان له نريد مساعدة الحكومة العراقية على إعادة إعمار البنية التحتية العامة كي يتسنى لمن فروا من إرهاب داعش العودة إلى ديارهم، وأضاف جابرييل أن استعادة القوات العراقية لشرق الموصل من يد تنظيم داعش هو نجاح مهم مشيرا إلى أن عشرات الآلاف من العراقيين عادوا بالفعل إلى ديارهم مثلما فعلوا في مناطق أخرى مثل الرمادي والفلوجة وتكريت.
وأضاف أنه لا يمكن هزيمة داعش بالوسائل العسكرية وحدها، فثمة حاجة إلى مزيد من الانخراط والاستثمار لضمان توفير إمدادات المياه والطاقة وأنظمة النقل المناسبة لتحويل هذه المدن والمناطق إلى مواطن سلمية حيوية صالحة للعيش، وتتعرض حكومة ميركل الائتلافية لضغوط في الداخل لاتخاذ مزيد من الخطوات لمعالجة أزمة المهاجرين إلى أوروبا التي وصل فيها ما يربو على مليون شخص إلى ألمانيا خلال العامين الماضيين من بينهم عشرات الآلاف من العراقيين، ويأتي التمويل من مجموعة كيه.إف.دبليو المصرفية في حين يتولى فريق صغير من المسؤولين الألمان تقديم المشورة للعراق بخصوص كيفية توزيع هذه الأموال.
زيادة الاحتياطيات إلى 153 مليار برميل
صرح وزير النفط العراقي جبار اللعيبي إن احتياطيات العراق النفطية زادت إلى 153 مليار برميل مقارنة بتقديرات سابقة عند 143 مليار برميل، وأضاف أن العراق سيطلب من منظمة أوبك اعتماد الرقم الجديد، وإن النشاطات الاستكشافية والمكمنية في سبعة حقول نفطية بوسط وجنوب العراق ساهمت في إضافة عشرة مليارات برميل للاحتياطي النفطي، ويقوم العراق بتطوير احتياطياته النفطية بمساعدة شركات أجنبية لتعويض ما يقرب من 35 عاما من الصراع والعقوبات بداية من الحرب العراقية الإيرانية 1980-1988.
وتجعل الاحتياطيات الجديدة المؤكدة العراق يقترب من إيران التي تحوز احتياطيات بنحو 158 مليار برميل، والعراق ثاني أكبر منتج للخام في منظمة أوبك بعد السعودية، وتأتي فنزويلا والسعودية في مقدمة الدول الأعضاء في أوبك وعددها 14 دولة من حيث الاحتياطيات النفطية حيث تحوز فنزويلا 301 مليار برميل بينما تحوز المملكة 266 مليار برميل
من جهة أخرى أظهرت البيانات إن صادرات العراق من الخام من المرافئ الموجودة في جنوب البلاد سجلت المزيد من الانخفاض في فبراير شباط في إشارة على أن ثاني أكبر منتج للنفط في أوبك يسيطر على حجم الشحنات بعد تعهداته بتقليص الإنتاج، وخلال المفاوضات بشأن تقليص الإمدادات من قبل منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) والمنتجين المستقلين سعى العراق للحصول على إعفاء وهو ما أثار شكوكا حول ما إذا كان سيلتزم بالاتفاق، وينص الاتفاق على أن يخفض العراق إنتاجه بمقدار 210 آلاف برميل يوميا.
وبحسب بيانات الشحن ومصدر في القطاع بلغ متوسط صادرات الخام من جنوب العراق -الذي يصدر معظم خام البلاد- في أول 15 يوما 3.24 مليون برميل يوميا، ويقل ذلك الحجم عن المستويات السابقة عندما هبطت صادرات جنوب العراق إلى 3.28 مليون برميل يوميا وإن شحنات الجنوب بلغ حجمها 3.51 مليون برميل يوميا وهو مستوى قياسي مرتفع، وعلى الرغم من أن العراق قلص الإنتاج بواقع 200 ألف برميل يوميا إلا إنه لم يصل بعد إلى المستوى المستهدف له في الاتفاق وهو ما يضع مستوى التزامه بالاتفاق دون أعضاء آخرين بأوبك مثل السعودية أكبر مصدر بالمنظمة، ومن الممكن أن تتقلب صادرات العراق بين يوم والآخر متأثرة بالطقس السيء والمشكلات الفنية إلى جانب عوامل أخرى، ويجري تصدير الجزء الأكبر من صادرات النفط العراقي عبر المرافئ الجنوبية، ويجري شحن كميات أقل من شمال العراق عبر ميناء جيهان التركي، وبلغ متوسط صادرات شمال العراق نحو 600 ألف برميل يوميا، وذكرت حكومة إقليم كردستان العراق إن حجم صادراتها بلغ 540 ألف برميل يوميا لكنها لم تعلن بعد أي بيانات لعام 2017.
زيادة صادرات سوائل الغاز من حقول النفط بالجنوب إلى 3 أضعاف
رئيس شركة غاز الجنوب العراقية التي تديرها الدولة إن العراق يتوقع زيادة صادراته من غاز البترول المسال لأكثر من ثلاثة أمثالها وزيادة صادراته من مكثفات الغاز إلى مثليها في 2017 مع تجميعها للمزيد من هذا الوقود في حقول النفطية الجنوبية، وبين إحسان عبد الجبار مدير عام شركة غاز الجنوب إن من المخطط زيادة صادرات الغاز الطبيعي المسال إلى 100 ألف طن هذا العام من 30 ألف طن في 2016، وأضاف في مقر شركته في البصرة بجنوب العراق أن من المقرر أيضا زيادة صادرات مكثفات الغاز إلى 400 ألف متر مكعب هذا العام من 200 ألف متر مكعب في 2016.
ويذكر ان العراق بدأ العام الماضي تصدير سوائل الغاز التي تعالجها شركة غاز البصرة وهي مشروع مشترك بين غاز الجنوب وشل وميستوبيشي، وتعمل الشركة على تجميع الغاز المصاحب للنفط المنتج من الحقول في جنوب العراق وتعالجه لإنتاج الوقود الذي يستخدم في تشغيل محطات الكهرباء وغاز الطهي والسوائل المخصصة للتصدير، وذكر عبد الجبار أن شركة غاز البصرة ستستطيع تجميع المزيد من الغاز المصاحب بعدما استأنفت الحكومة سداد مستحقات الشركة عن الوقود الذي تم شراؤه لإمداد السوق المحلية.
وستسمح مدفوعات الحكومة للشركة بالاستثمار في زيادة طاقة تجميع الغاز المصاحب ومعالجته لتستخدم مزيدا من الغاز الذي يجري حرقه حاليا، وتعتمد الحكومة العراقية بصورة شبه حصرية على إيرادات النفط وتواجه صعوبات في سداد فواتيرها منذ هبوط أسعار الخام في 2017 وهو نفس العام الذي سيطر فيه تنظيم الدولة الإسلامية على ثلث مساحة أراضي البلاد، كما ذكر عبد الجبار إن إجمالي إنتاج الغاز من جنوب العراق سيتجاوز 900 مليون قدم مكعبة يوميا بحلول نهاية العام من 700 مليون قدم مكعبة يوميا.
كما صرح وزير النفط العراقي جبار علي اللعيبي إن العراق يخطط لامتلاك "أسطول كبير" من ناقلات النفط لنقل الخام العراقي إلى الأسواق العالمية، اذ إن أسطول ناقلات البلاد تعرض أغلبه للتدمير خلال الهجوم الذي قادته الولايات المتحدة لإخراج العراق من الكويت في حرب الخليج الثانية عام 1991. وكانت الشركة تمتلك ما يصل إلى 24 ناقلة في الثمانينيات.
العراق وإيران يدرسان بناء خط أنابيب لتصدير خام كركوك
أفادت وزارة النفط العراقية في بيان إن العراق وإيران وقعا مذكرة تفاهم لدراسة بناء خط أنابيب لتصدير النفط الخام من حقول كركوك بشمال العراق عبر إيران، وذكرت الوزارة أن الاتفاق الذي وقعه وزيرا نفط البلدين في بغداد يدعو لتشكيل لجان لحل خلاف على حقول نفط مشتركة ودراسة نقل الخام العراقي إلى مصفاة عبادان الإيرانية، وسيساعد خط الأنابيب العراق على تنويع مسارات صادراته من خام كركوك وتقليص اعتماده على نقله عبر إقليم كردستان.
الا ان العلاقات ماتزال متوترة بين بغداد وسلطات كردستان التي تسيطر على مسار خط الأنابيب الحالي الممتد من كركوك إلى ميناء جيهان التركي المطل على البحر المتوسط، اذ وتوقفت إمدادات خام كركوك عدة أشهر في العام الماضي بسبب الخلاف بين الحكومة العراقية والأكراد على حصتهم في الإيرادات النفطية الوطنية والموازنة.
حيث ذكر وزير النفط العراقي جبار علي اللعيبي إنه اتفق أيضا مع نظيره الإيراني بيجن زنغنه الذي يزور العراق على تنسيق المواقف في منظمة أوبك لتحقيق التوازن المطلوب في الأسواق النفطية العالمية وبما يدعم أسعار النفط، والعراق وإيران هما ثاني وثالث أكبر منتجي النفط في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) بعد السعودية، وينتج العراق ويصدر معظم خامه من الجنوب.
التحديات الاقتصادية في 2017
إن موازنة العام 2017 في العراق اعتمدت سعر 42 دولاراً للبرميل؛ لتغطية نفقات الموازنة العامة، إلا أن حلم سد العجز سيواجه بالعديد من المصاعب التي أفرزتها الأحداث العالمية، كالشكوك التي يطرحها الخبراء في إمكانية وصول النفط لهذا السعر، فمع حركة مد أنابيب الغاز من الشرق إلى الغرب متوجهه إلى أوروبا يصبح عرش النفط الخام مهدداً، فضلاً عن الوضع الداخلي المعقد في العراق الذي يتمثل بالخلافات النفطية مع حكومة إقليم كردستان، ومطالبة المحافظات والأقاليم المنتجة بالحصول على “دفعات البترو دولار” التي تقدرها المحافظات بخمسة دولارات للبرميل، وإمكانية الحكومة المركزية بسداد الالتزامات المالية لشركات النفط المقدرة بمليارات الدولارات، وما مدى الالتزام بخفض الإنتاج، ومن ثم الصادرات على وفق اتفاق “أوبك” من الصعب تصوّر إيجاد حلول لجميع هذه المشكلات؛ وبالتالي سيحتاج العراق سعراً أعلى مما هو مقدر له في موازنة 2017.
اضف تعليق