ترميم الحقل التربوي وإعادة ضبطه يحتاج الى الكثير من الأولويات، أهمها توظيف التقدم التقني في المجال التدريسي، نأخذ على سبيل المثال لا الحصر إدخال الشاشات الالكترونية في الصفوف الدراسية والاستغناء عن السبورات الحديدية التي تعود لحقب التسعينيات وما قبلها، استخدام هذه الشاشات يجنب الملاكات التدريسية خطورة استنشاق المواد الكيمياوية المستخدمة في الكتابة لسنوات طويلة...

في زيارة مفاجئة الى احدى المدارس الابتدائية شُخصت بعض المشكلات التي تؤكد ان النظام التعليمي في البلاد رُمي في غياهب العجز الحكومي لإجراء تحسينات وتعديلات على الواقع التربوي القائم في العراق، ويبقى هذا الملف عصيّ على الحكومات المتعاقبة.

جميعنا يعلم ان النظام التعليمي المتبع في الوقت الحالي يعود الى سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، باستثناء بعض المتغيرات الطفيفة، حيث أدخلت تحديثات بسيطة لا يمكن ان تواكب الطفرات الحاصلة في النظم التعليمية العالمية، والتي بقي العراق متخلفا عنها ومبتعد كثيرا.

على المستوى الفردي يتغير تفكير الشخص بين فترة وأخرى، ويأتي التغيير حصيلة تجارب ربما تكون قاسية على الفرد او غير قاسية، وفي النتيجة عملت على تغيير نظرته عن الحياة واعطته درسا ليفوق من غفلته وإهماله لنفسه طيلة المدد السالفة، حتى أدرك انه تخلف عن اقرانه وعليه العمل مجددا للوصول الى ما وصولوا اليه.

النظام التربوي في العراق شبيه بهذا الشخص الذي شعر ان الأوان قد فاته، وعليه مجاراة التقدم لرفع المستوى العلمي في المدارس الحكومية على وجه الخصوص، وقد يطول الحديث عن المشكلات التي يعاني منها هذا المرفق الحيوي والمهم لبناء قطاعات البلد بمختلفها.

نظامنا اليوم وكأنه بيت تركة لم يعد كافيا لضم جميع افراد الاسرة الواحدة، على الرغم من اتساع مساحته واشتماله على العديد من غرف النوم، لكن هذه الغرف غير مأهولة وخالية من ابسط مقومات العيش، وهكذا مناهجنا ومدارسنا في الوقت الحاضر، فهي لا تزال فضفاضة غير ملائمة للمتغيرات الحياتية والحاجة العلمية لبناء الأجيال الواعدة.

سبق ان طالعتنا وسائل الإعلام بأنباء عن سلسلة تحديثات تعتزم أصدارها وزارة التربية، تسهم إلى حد ما، في رفع مستوى المنهج التعليمي في مدارس التعليم العام والخاص، بعد أعوام عديدة عاشها الواقع التعليمي بين دفتي العاجزين عن إدخال المفردات والتحسينات في أماكن الخلل.

ترميم الحقل التربوي وإعادة ضبطه يحتاج الى الكثير من الأولويات، أهمها توظيف التقدم التقني في المجال التدريسي، نأخذ على سبيل المثال لا الحصر إدخال الشاشات الالكترونية في الصفوف الدراسية والاستغناء عن السبورات الحديدية التي تعود لحقب التسعينيات وما قبلها.

استخدام هذه الشاشات يجنب الملاكات التدريسية خطورة استنشاق المواد الكيمياوية المستخدمة في الكتابة لسنوات طويلة، ولذلك، بدأنا نرى ونسمع بوادر تجديد وتحديث في الواقع التربوي، ولعل أبرزها استخدام المنصات الرقمية او ما يسمى بالصفوف الذكية، وهذه الخطوة تعد إيجابية رغم ضيقها لتعزيز الواقع التربوي، وتعود بالنفع على المتعلم في تنمية مهاراته وقدراته التعليمية.

وفيما يتعلق بالمواد الدراسية نأمل أن تُستكمل سلسلة التحديثات لتطول مواضيع ومواد أكثر، فالضبط والارتقاء يبدأ من الاعتناء بالمناهج الدراسية، فهي المسؤولة وبشكل كبير عن إعداد قادة المستقبل.

فكلما سعت وعملت وزارة التربية على تطوير المناهج التي تُعزز مهارات الطالب وتصقله تربويا ووطنيا، ووفرت البيئة التعليمية المناسبة والمُشجعة على الإبداع والابتكار، أدت دورها بشكل جيد وأعدت جيلا قادراً على المساهمة في تنمية الوطن وازدهاره أكثر فأكثر.

كما بإمكان الوزارة أيضاً الاهتمام بإقامة دورات التقوية للطواقم التربوية التي تعد الركيزة الأساسية في العملية التعليمية، من خلال تأهيلهم واكتشاف قدراتهم وصقلها، ما سيؤدي بالفائدة على الطالب بشكلٍ مباشر.

وبمثل هذه الجهود الشاملة والمتكاملة تسهم الوزارة والقطاع التربوي والتعليمي في بناء جيل من القادة المؤهلين والقادرين على مواجهة تحديات المستقبل وقيادة المجتمع نحو التقدم، وتحقق بذلك نهضة تربوية شاملة تليق بطموحات بلدنا وابناءنا، وحينها نكون قد اخرجنا العلمية التربوية من غياهب الجب.

اضف تعليق