رمي الكرة بملعب الحكومة، لا يعني افلات وزارة التربية من العقاب سواء على المستوى الشعبي او الحكومي، على الرغم من تحمل الحكومة قسط من التقصير بحق ملايين الطلبة الذين يطمحون بواقع تربوي وعلمي مختلف عن الأعوام السابقة، لكنهم صدموا بالروابط الالكترونية التي تأخذ بيدهم الى المواد الدراسية المودعة في الفضاء الالكتروني...
أخلت وزارة التربية العراقية مسؤوليتها من عدم توفير المناهج الدراسية للعام الدراسي الحالي، بعد ان أعلنت عن توفير الكتب المدرسية الكترونيا، واثار ذلك موجة سخط الشعبي لعدم إيفاء الوزارة بوعودها، اذ اعتبر المواطنون ذلك تنصل من المسؤولية وإلقائها على عاتق أولياء الأمور ليتحملوا تكاليف طباعتها.
وتقليلا من حدة الغضب الجماهيري على اخفاق الوزارة أصدرت مديرية المناهج التابعة لوزارة التربية، مساء الخميس المنصرم، بيانا اكدت فيه نشر روابط الكتب المنهجية إلكترونياً على موقعها الرسمي، للمراحل المختلفة، وكأنها لم تقف مكتوفة الايدي واتت بما لم تأت به من قبل.
ليست هي المرة الأولى التي تتخلف فيها الوزارة عن الايفاء وعودها للأهالي، فعلى مدى قرابة العقدين من الزمن تحاول ان تقنع المواطنين بانها تبذل جهود حثيثة لتوفير بيئة مدرسية مناسبة، وفك الاختناقات في الدوامات التي انشطرت الى ثلاثة، صباحي ووسطي ومسائي، لا يتجاوز وقت الدوام الواحد ثلاث ساعات.
استمرار ازمة المدارس وتأخر بناءها وضع الأهالي في حرج واجبرهم على التوجه الى المدارس الاهلية ودفع مئات الآلاف وتحملوا بذلك أعباء إضافية الى جانب أعباء الحياة المتعبة والظروف القاسية، وقد اُلحق بكل ذلك مؤخرا عدم توفير المناهج الدراسية للصفوف الابتدائية والمتوسطة والثانوية والمتميزين.
نقص الكتب المدرسية او تطعيمها بالممزق القديم يعد من المشكلات الكبيرة والمعاصرة للعملية التربوية في البلاد، فمنذ سنوات والمدارس تعاني من النقص الحاد، حتى يضطر الأهالي الى الاعتماد على الملازم التي يضعها المدرسيين الخصوصيين، مقابل اثمان باهظة.
في السابق كانت الحال اقل تأثيرا وضغطا على الاهالي من الآن، ففي الموسم الحالي لم تقم الوزارة بطباعة أي كمية من الاحتياجات المدرسية وبررت ذلك بعدم وجود تخصيصات مالية، فيما وعدت بطباعة وتوزيع الكتب ورقياً على الطلاب خلال العام الدراسي الحالي الذي بدأ رسمياً قبل أسبوعين تقريبا.
الوزارة لم تتوقف عن تقديم التبريرات والحجج التي تبعد من خلالها الشبهة عنها وتلقي باللائمة على عاتق الحكومة المتأخرة في إقرار الموازنة العامة، والذي انعكس بدوره على قطاع بأكمله يعد من اهم القطاعات الحيوية في البلاد، اذ وصفت تأخر الأموال اللازمة بالتحدي الذي لا يمكن تجاوزه رغم السباق مع الزمن الذي تجريه الوزارة.
وقد وصفت الوزارة بان العام الدراسي الحالي سيكون متميز عن غيره من الأعوام، لكنها لم توضح قصدها ان التمييز هو انقطاع الكتب المدرسية بالكامل وعدم تزويد مديريات التربية بالنسخ الحديثة، وبذلك تكون الجهات المعنية قد وضعت نفسها امام مقصلة الشعب الذي حكم عليها بالإعدام على مواقع التواصل الاجتماعي وكذلك عبر تناول القنوات الفضائية هذه المشكلة المتجذرة في وزارة التربية.
لم تكترث الوزارة لما أصاب الاسر العراقية من صدمة نتيجة تأخر توزيع الكتب المدرسية، وعمدت الى تحويلها الكترونيا وكأنها صاحبة الامتياز والصدارة في حلول الازمات وتجاوز المشكلات.
لا يمكن تكذيب ادعاء الوزارة القاضي بعدم توفر المبالغ المالية، لكن هنالك سؤال افتراضي لابد من طرحه، وهو لماذا لم تتبع الحكومة بالتنسيق عبر وزارة التربية آلية عمل او اتفاق مع المطابع الوطنية بتسديد المبالغ المطلوبة على شكل دفعات مريحة والمضي بالطباعة منعا لحدوث مشكلة تحولت فيما بعد الى قضية رأي عام؟
نذهب الى هذه الفرضية في حال تعذر على المطابع الحكومية القيام بهذه المسؤولية، وتوفير ملايين الدولارات لصالح الدولة سنويا، اذ يمكن ان نوجه للحكومات السابقة والحالية تهمة هدر المال العام، وعدم اتقان إدارة هذا الملف الذي لا يخلوا بكل تأكيد من صفقات مشبوهة وتعاملات غير قانونية كغيره من العقود المبرمة في الوزارات.
رمي الكرة بملعب الحكومة، لا يعني افلات وزارة التربية من العقاب سواء على المستوى الشعبي او الحكومي، على الرغم من تحمل الحكومة قسط من التقصير بحق ملايين الطلبة الذين يطمحون بواقع تربوي وعلمي مختلف عن الأعوام السابقة، لكنهم صدموا بالروابط الالكترونية التي تأخذ بيدهم الى المواد الدراسية المودعة في الفضاء الالكتروني.
اضف تعليق