لم يكن لأحد أن يتوقع أن المشهد الأخير لدراما الانتخابات الاميركية بين المرشحين الديمقراطي هيلاري كلينتون والمرشح الجمهوري دونالد ترامب، ان ينتهي بفوز الاخير، لاسيما وان جميع استطلاعات الرأي وتوقعات الاعلام والصحافة بما في ذلك وسائل التواصل الاجتماعي في داخل امريكا وخارجها كانت تسير لمصلحة هيلاري، التي كانت تحظى بدعم الجميع بمافيهم دول اوروبا والشرق الاوسط، الا ان المشهد الختامي انتهى بصدمة غير متوقعة للجميع، اذ استطاع ترامب من الظفر بالانتخابات بعد سباق انتخابي ماراثوني كان وسيظل محط جدل ونقاش مستمرين، هذا الفوز الذي جاء عكس التوقعات أنعكس وبصورة سريعة على الوضع الاقتصادي العالمي في جميع مفاصله، ورسم صورة قاتمة للاقتصاد الاميركي واستغلال مخاوف الطبقة الوسطى رغم الحصيلة الجيدة التي حققها باراك اوباما، فمع تدني معدل البطالة الى 4,9% وبعد فترة توسع اقتصادي مديدة، تبدو اليوم الازمة المالية التي تسببت بحالة انكماش في البلاد في 2009 بعيدة جدا.
وفي 2015، ارتفع متوسط دخل الاسر الاميركية باكثر من 5% خلال سنة واحدة مسجلا زيادة سنوية لا سابق لها في تاريخ البلاد، وفي الواقع، ازدادت الفروقات الاجتماعية في الولايات المتحدة ولا تزال الأجور متدنية فيما لا يجد كثيرون اعمالا تلبي طموحاتهم او يضطرون للعمل بدوام جزئي، وهناك مناطق باكملها لا تزال تعاني من ازالة المصانع واضمحلال التصنيع.
ويشهد على ذلك ارتفاع الاصوات التي حصل عليها ترامب في منطقة "حزام الصدأ" (راست بلت) في شمال شرق البلاد التي كانت تنتشر فيها في ما مضى مصانع التعدين والفحم والسيارات. ومنذ العام 2000، خسرت الولايات المتحدة خمسة ملايين وظيفة في الصناعات التحويلية.
وخلال حملته لم يكف قطب العقارات عن مهاجمة الأثر السيء برأيه لاتفاقات التبادل الحر مثل تلك الموقعة مع المكسيك وكندا في 1994، مبتعدا عن الموقف التقليدي للحزب الجمهوري، لكنه ركز هجماته على الشراكة عبر المحيط الهادىء التي وقعتها الولايات المتحدة في 2015 مع 11 بلدا في منطقة آسيا والمحيط الهادىء ولا تزال تنتظر التصديق عليها، هذه الاتفاقية مثل تلك التي يجري التفاوض بشأنها مع الاتحاد الاوروبي، محكوم عليها بالموت الحتمي اذا وفى ترامب بوعوده الانتخابية.
ويسعى ترامب لخفض الضرائب على الارباح من 35 الى 15% املا في تحفيز النمو واستحداث وظائف مثيرا مع ذلك شكوك الخبراء، وعلى الرغم من الارباح الهائلة، الا ان الشركات الاميركية لم ترفع وتيرة استثماراتها ومن "غير المؤكد" ان يدفعها خفض الضرائب الى تغيير سياستها، وذكرت منظمة "مركز السياسة الضريبية" (تاكس بوليسي سنتر) غير الحزبية ان هذه الاجراءات من شانها بالطبع تنشيط الاستثمارات على المدى المتوسط لكنها ستضعف المالية العامة بشكل كبير عبر خفض مداخيل الدولة، وقدرت المنظمة ان يرتفع الدين الاميركي باكثر من 36% خلال السنوات العشر المقبلة، وذهب اقتصاديو "موديز اناليتيكس" ابعد من ذلك اذ توقعوا في الآونة الأخيرة حدوث انكماش في الولايات المتحدة بسبب سياسات ترامب الانعزالية.
وصرح كبير اقتصاديي صندوق النقد الدولي سابقا سايمون جونسون ان الانغلاق الذي يدعو اليه ترامب سيكون له وقع مدمر، واضاف ان "التهديد بتوتير العلاقات التجارية مع شركائنا سينتهي الى اضعافنا.
ولا تزال اسئلة كثيرة بلا اجابات تنؤ بثقلها على مستقبل الاقتصاد في ظل رئاسة ترامب ولا سيما السياسة النقدية للاحتياطي الفدرالي، فالاسواق التي لم يعترها الخوف بعد صدمة نتيجة الانتخابات الاميركية يمكن ان تتأثر سلبا في حال نشؤ نزاع مفتوح بين البنك المركزي وترامب، فترامب تهجم مرارا على رئيسة البنك المركزي الديموقراطية جانيت يلن واتهمها بتغذية "فقاعة مالية هائلة ومرعبة" عبر الابقاء على اسعار الفائدة قريبة من الصفر بصورة اصطناعية.
الدولار ومخاوف من سياسات ترامب
اذ بعد فوز ترامب تراجع اليوان الصيني إلى ما دون 6.8 يوان للدولار في الأسواق الخارجية للمرة الأولى خلال أكثر من ستة أعوام بسبب مخاوف من أن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب قد يطبق سياسة الحماية التجارية التي تحدث عنها طوال فترة حملته الانتخابية.
وتماسك الدولار مقابل معظم العملات الرئيسية حيث تحاول الأسواق استيضاح التداعيات التي قد تترتب على سياسة ترامب الاقتصادية لا سيما الأسواق الآسيوية التي تشعر بالقلق بشأن مستقبل العلاقات التجارية بين الصين والولايات المتحدة في ظل حكومة رئيس جمهوري.
وأدى الفوز غير المتوقع والصادم لترامب على منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون إلى موجة بيع جماعية للأصول العالية المخاطر - بما دفع الين واليورو والفرنك السويسري للصعود - قبل أن يتغير مسار السوق في تداولات متقلبة بدعم من الخطاب الذي ألقاه ترامب عقب إعلان الفوز وركز فيه على الوحدة والنمو الاقتصادي.
وتراجع اليوان مقابل الدولار إلى 6.8158 يوان في حين صعد الدولار مقابل الين الياباني لأعلى مستوى في ثلاثة شهور ونصف الشهر عند 105.95 ين.
وعاد الدولار الاسترالي للصعود مقابل الدولار بعدما هبط يوم الأربعاء بسبب مخاوف من وعود ترامب المتعلقة بالحماية التجارية وتداعياتها على الصين وغيرها. وصعد الدولار الأسترالي أكثر من واحد بالمئة مقابل نظيره الأمريكي.
واستقر مؤشر الدولار الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل سلة من ست عملات رئيسية عند 98.540 بعد وصوله في الأسواق الخارجية إلى 98.704 وهو أعلى مستوى منذ 28 أكتوبر تشرين الأول في صعود مفاجئ من مستويات متدنية بلغها بعد ظهور المؤشرات الأولية على فوز ترامب، وارتفع الجنيه الاسترليني 0.1 بالمئة مقابل اليورو والدولار في التداولات المبكرة في لندن ليجري تداوله عند 1.2424 دولار و87.79 بنس لليورو.
فوز ترامب يهدد اتفاقية التجارة بين أمريكا والاتحاد الأوروبي
مع فوز دونالد ترامب المؤيد لسياسات الحماية التجارية في انتخابات الرئاسة الأمريكية وتشكك أوروبا المتزايد في الولايات المتحدة تحت قيادته تضعف احتمالات إبرام الاتفاقية المزمعة للتجارة الحرة عبر الأطلسي بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
اذ صرح ترامب بإن اتفاقيات التجارة الدولية تضر العمال الأمريكيين وتؤثر سلبا على قدراتها التنافسية لكن لم يتضح بعد إلى أي مدى ستتطابق سياسات ترامب بعد توليه الرئاسة مع تلك التي أعلنها أثناء حملته الانتخابية، في حين أفاد ثيلو برودتمان رئيس اتحاد الصناعات الهندسية في ألمانيا "إذا اتبع أكبر اقتصاد في العالم سياسة حمائية فإن ذلك سيؤثر على بقية العالم.
ويتفاوض مسؤولون من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة منذ أكثر من ثلاث سنوات على اتفاقية الشراكة في التجارة والاستثمار عبر الأطلسي مع إقرار بروكسل وواشنطن بأنها لن تستكمل في فترة ولاية باراك أوباما كما كان يعتقد في السابق.
وبينت سيسيليا مالستروم مفوضة الاتحاد الأوروبي للتجارة إن من السابق لأوانه تقييم أثر فوز ترامب لكن توقف المفاوضات كان حتميا بصرف النظر عن شخصية الفائز، ورد أنتوني جاردنر سفير الولايات المتحدة لدى الاتحاد الأوروبي لرويترز إن اتفاقية الشراكة تظل مهمة لأسباب اقتصادية واستراتيجية مضيفا أن التحدي يتمثل في إقناع مزيد من الناس بأن تحرير التجارة يعد فرصة لا مخاطرة.
تحسن في اسواق المال بعد "صدمة فوز ترامب"
بعد ساعات على التراجع الذي شهدته اسواق المال واسعار صرف العملات والنفط والذهب، عادت الاسواق الى الانتعاش، لا سيما بعد ان فتحت بورصة وول ستريت ابوابها مع مؤشر مرتفع بعض الشيء.
وكانت حالة هلع سجلت في البورصات الاوروبية والاسيوية بعد التاكد من فوز ترامب بالرئاسة الاميركية، وفتحت البورصات الاوروبية جلساتها على انخفاض، وعلى رأسها بورصة لندن التي بدأت بعد وقت قصير تحد من خسائرها. وبدأت جلستها على تراجع نسبته نحو 2 بالمئة قبل ان تعود وترتفع0,51 بالمئة. ومثلها بورصة فرانكفورت التي تراجعت 3 بالمئة في بداية الجلسة قبل ان تعود الى التحسن، أما بورصة باريس فقد سجلت انخفاضا كبير بلغت نسبته 2,05 بالمئة. وتراجع المؤشر كاك-40 الى 4385,17 نقطة بعد خسارته 91,72 نقطة، وكانت بورصة سويسرا أول من سجل انخفاضا.
ويعود سبب الهلع، بحسب المحللين، خصوصا الى عدم توقع نتيجة الانتخابات، لكن مع افتتاح بورصة وول ستريت على ارتفاع، وتسجيل مؤشر داو جونز ارتفاعا بلغ 0،14 في المئة، بدأت الثقة تعود الى الاسواق، وبعد ان تراجع الدولار في مواجهة اليورو، عاد وسجل ارتفاعا.
وكان المستثمرون توجهوا الى سوق الدين السيادي وشراء سندات الدين الالماني بعد ان اقترب الاعلان عن فوز ترامب بالرئاسة، ومع تقدم فرز الاصوات وترجيح فوز ترامب، تراجع سعر الدولار والبيزو المكسيكي، وتراجعت العملة المكسيكية التي كانت مقياسا لرأي الاسواق في الاسابيع الاخيرة حول نتيجة الاقتراع، الاربعاء بنسبة 14 بالمئة لتعود وتربح نصفها.
وتخشى المكسيك فوز ترامب بسبب تهديدات الملياردير باعادة التفاوض حول اتفاقات التبادل الحر وابعاد ملايين المهاجرين غير الشرعيين عن الولايات المتحدة ودفع المكسيك الى دفع نفقات بناء جدار على الحدود المشتركة بين البلدين في الجنوب.
حيث وضح الخبير في شؤون اميركا اللاتينية في مجموعة "ناتيكسيس" في نيويورك خوان كارلوس رودادو ان الانتخابات امر اساسي ليس فقط للبيزو المكسيكي بل لكل المكسيك، واضاف "هذا الاقتراع يمكن ان يحدد مستقبل المبادلات بين البلدين ويعرض للتشكيك عشرين عاما من التكامل الاقتصادي.
وفي بورصة طوكيو، أغلق المؤشر نيكاي الجلسة على انخفاض نسبته 5,36 بالمئة، وعقدت وزارة المال اليابانية ووكالة الخدمات المالية وبنك اليابان اجتماعا طارئا لبحث الوضع في الاسواق. وذكر نائب وزير المالية المكلف الشؤون الدولية ماساتسوغو اساكاوا بعد الاجتماع اننا نشهد تقلبات حادة جدا في اسواق المال بما في ذلك العملات.
وانهت بورصة سيدني على انخفاض نسبته 2 بالمئة وبورصة هونغ كونغ على تراجع 3 بالمئة وشنغهاي 1,3 بالمئة وبومباي حتى ستة بالمئة، متأثرة ايضا باعلان للحكومة الهندية لمكافحة التهرب الضريبي.
وفي موسكو وحدها، ارتفع مؤشر بورصة الاسهم المسعرة بالدولار (ار تي اس) 1,17 بالمئة حوالى الساعة التاسعة ت غ، بينما ارتفع مؤشر "ميسيكس" المسعر بالروبل 1,02 بالمئة.
اما الروبل فقد استقر سعره مقابل العملة الاميركية على 68,86 للدولار الواحد، لكنه سجل تراجعا طفيفا مقابل اليورو الذي بات يعادل 70,93 روبلا.
وأشار كبير الاقتصاديين في مصرف "رينيسانس كابيتال الى ان روسيا يمكن ان تكون السوق الناشئ الذي سيجني اكبر فائدة من فوز ترامب مع الامل في امكانية ان يخفف العقوبات المفروضة على روسيا في 2017.
فوز ترامب يرفع قيمة الاسهم الاوروبية
ارتفعت الأسهم الأوروبية في ختام التعاملات بعد الفوز المفاجئ لدونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية في ارتداد حاد بدعم من مكاسب أسهم شركات الأدوية والقطاع المالي.
وهبط مؤشر ستوكس 600 للأسهم الأوروبية نحو 2.4 في المئة في التعاملات المبكرة بفعل الغموض الذي يكتنف سياسات ترامب لكن المؤشر تعافى بقوة ليغلق مرتفعا 1.5 في المئة عند 339.8 نقطة مسجلا أعلى مستوى إغلاق له منذ 31 أكتوبر تشرين الأول.
ومع صعود السوق من المستويات المنخفضة أشار متعاملون إلى أن كلمة ترامب التصالحية وتركيز المستثمرين في وقت لاحق من الجلسة على خططه لدعم الإنفاق على البنية التحتية وخفض الضرائب على الشركات أثرا بشكل إيجابي على الأسهم.
وارتفع مؤشر قطاع الموارد الأساسية الأوروبي 6.6 في المئة وكان الرابح الأكبر بين القطاعات مدعوما بصعود أسهم فريسنيلو وأنتوفاجستا وجلينكور بنسب تراوحت بين 7 و11 في المئة، واقتفت الأسهم في القطاع أثر الصعود الحاد لأسعار الذهب الذي ينظر إليه بشكل عام على أنه من الأصول الآمنة بينما ارتفعت أسعار المعادن الأساسية بدعم من الآمال بأن يطلق ترامب محفزات مالية.
وزاد مؤشر قطاع الرعاية الصحية الأوروبي 4.6 في المئة بعد الخسائر التي تكبدها في الآونة الأخيرة نظرا لمخاوف من أن تفرض كلينتون قواعد تنظيمية أكثر صرامة على الأسعار.
وارتفع مؤشر قطاع صناعات الطيران والفضاء والدفاع الأوروبي 4.4 في المئة مع توقعات بأن رئاسة ترامب ستحفز زيادة الإنفاق الدفاعي بالدول الأوروبية. وأشار ترامب إلى أن الولايات المتحدة قد لا تكون على استعداد لحماية الحلفاء في حلف شمال الأطلسي الذين لم يخصصوا ما يكفي لنفقاتهم الدفاعية.
لكن سهم بنك بي.بي.في.إيه الإسباني تراجع 6.1 في المئة متضررا بانهيار البيزو المكسيكي بعد فوز ترامب، ورغم ذلك ارتفع مؤشر قطاع البنوك الأوروبي في ظل مكاسب البنوك الأمريكية وتوقعات بأن مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) لا يزال بصدد رفع أسعار الفائدة في ديسمبر كانون الأول وهو ما يخفف الضغوط على هوامش أرباح البنوك.
وفي أنحاء أوروبا أغلق مؤشر فايننشال تايمز 100 البريطاني مرتفعا بنسبة واحد بالمئة في حين صعد كاك 40 الفرنسي 1.5 بالمئة وداكس الألماني 1.6 بالمئة.
قرارات أوبك قد تتعثر بعد فوز ترامب
اذ أصبحت مهمة أوبك لدعم أسعار النفط أكثر صعوبة، فمع فوز دونالد ترامب بانتخابات الرئاسة الأمريكية قد يتعين على المنظمة المؤلفة من 14 دولة منتجة للخام أن تكافح في ظل آفاق أشد قتامة للاقتصاد العالمي وضعف الطلب على النفط.
وتواجه أوبك أيضا احتمال زيادة إنتاج النفط في الولايات المتحدة وهو مبعث قلق كبير للمنظمة مع تعهد ترامب بفتح جميع الأراضي والمياه الاتحادية أمام أنشطة التنقيب عن النفط والغاز، وقد تتغير التوازنات داخل أوبك مع تعهد ترامب بالتشدد إزاء إيران في الوقت الذي بدأت فيه شركات النفط تعود ببطء إليها.
اذ تشكل نتيجة انتخابات الرئاسة الأمريكية تحدي يضاف إلى التحديات التي تواجه مصدري النفط لأنها قد تؤدي إلى ضعف النمو في اقتصاد عالمي هش بالفعل، ويعني هذا مزيدا من الضغوط على الطلب على النفط، وهبطت أسعار النفط نحو أربعة بالمئة في أوائل التعاملات لكنها انتعشت إلى حوالي 46 دولارا للبرميل.
وتجتمع أوبك في 30 نوفمبر تشرين الثاني لمحاولة كبح الإنتاج وتقليص تخمة المعروض العالمي من الخام التي دفعت الأسعار للتراجع أكثر من النصف منذ 2014، وتذكر مصادر في أوبك إنهم يتوقعون أن تظل أسعار النفط ضعيفة في الأيام والأسابيع المقبلة نظرا للمخاوف بشأن الاقتصاد العالمي والغموض الذي يكتنف سياسات ترامب المتعلقة بالشرق الأوسط.
وتعهد ترامب بمضاعفة النمو الاقتصادي الأمريكي لكنه وعد أيضا بانتهاج سياسات حماية تجارية، وقال أمريتا سين من إنرجي أسبكتس للبحوث "سيكون لذلك تداعيات سلبية كبيرة على آسيا نظرا لمدى ارتباط ناتجها المحلي الإجمالي بالولايات المتحدة. ومن ثم فسيؤثر ذلك سلبا على النمو والطلب على الأقل نظرا للغموض الذي يحدثه ترامب."
وتظل سياسات ترامب في مجال الطاقة محدودة التفاصيل حتى الآن، لكن ما صدر عنه سيعتبر دعما لأسعار أسهم الشركات المستقلة المنتجة للنفط والغاز في الولايات المتحدة ولأسهم شركات النفط الكبرى ذات الانكشاف الكبير على قطاع النفط الصخري في البلاد مثل شيفرون وإكسون موبيل وشل.
وصرح ترامب إنه يؤيد إزالة القواعد التنظيمية في قطاع النفط وفتح الأراضي الاتحادية أمام أنشطة الحفر وتعهد بإحياء مشروع خط أنابيب للنفط يمر عبر كندا والولايات المتحدة وبدعم صناعة الفحم، بينما هبطت أسهم شركات النفط الكبرى بي.بي وشل مع تراجع أسعار النفط بينما كان أداء توتال الفرنسية دون نظيراتها، وفي وقت سابق وقعت توتال اتفاقا مع إيران لمساعدتها على تطوير حقل ضخم للغاز لتصبح بذلك أول شركة طاقة غربية كبرى تبرم صفقة رئيسية مع طهران منذ رفع العقوبات الدولية هذا العام.
وانتقد ترامب الاتفاق النووي بين الغرب وإيران وهو ما يثير الغموض ويحبط سعي إيران لجذب الاستثمار الأجنبي لإنعاش اقتصادها، وقال مسؤول من شركة نفط كبرى تتفاوض مع إيران إن طهران تريد سداد تكلفة الاستثمارات ببطء وربما على مدى خمس إلى عشر سنوات ولذا فإن كثيرا من شركات النفط ستتريث هي الأخرى في إبرام صفقات إلى أن تصبح سياسات ترامب أكثر وضوحا، من جهة اخرى صرحت توتال إن انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة لن يؤثر على استثمارات شركة النفط والغاز الفرنسية في إيران.
وبعد نهاية هذا المشهد الذي كان ينتظره الجميع، وان كان غير متوقعاً، يبقى الوضع الاقتصادي بعد فوز ترامب، ايضاً غير متوقع، وان كل شيء ممكن حدوثه، فتصريحات ترامب المثيرة والتي اثارت حفيظة الكثيرين قد تجد طريقها للتطبيق، الا ان ظهور ترامب بعد الفوز وخطابه الذي كان فيه هادئاً وسلمياً ولقاءه الودي بااوباما، يجعل الصورة مختلفة تماما، فحدة التصريحات والتهكمات والوعود خف وطيدها، وعلينا ان نتذكر ان ترامب رجل اعمال ورجل الاعمال ما ان يصل لغايته قد يتحول ويأخذ اي شكل من اجل الحفاظ على ما وصل اليه، وكلامه الاخير مصداق لذلك عندما قال ان كرسي الرئاسة اكبر من الجميع.
اضف تعليق