كثيرة هي الحجج والأعذار التي يمكن أن تلجأ إليها حكومات أو جهات تصنع القرار، اذا ارادت أن تمتنع عن معاقبة شخصية او مؤسسة ذات نفوذ ومزايا او فائدة لها، كالبنوك الكبيرة التي يتملقها مسؤولون من اجل فائدة معينة، يحدث هذا في العالم المتقدم والمتأخر أيضا، في امريكا مثلا هنالك تجاوزات مالية مكشوفة تحدث في بعض البنوك الكبيرة، ما دفع ببعض الجهات الرقابية او القضائية الى المطالبة بوضع حد لها.
مثال عن ذلك يفيد تقرير للكونجرس الأمريكي أن مسؤولين كبارا بوزارة العدل الأمريكية رفضوا توصيات داخلية لمحاكمة بنك اتش.اس.بي.سي العالمي عن مخالفات تتعلق بغسل الأموال وذلك بفعل بواعث قلق على استقرار النظام المالي وتعرضت وزارة العدل لانتقادات ساسة وآخرين رأوا أنها لم تلاحق بشكل كاف البنوك الكبيرة عقب الأزمة المالية لعام 2008.
في الغرب عموما حيث تكثر البنوك العملاقة والتعاملات المالية الكبيرة، تظهر الفضائح الى الملأ، عبر الاعلام او الجهات الرقابية، فقد اعلن رئيس هيئة الرقابة المالية الالمانية فيلكس هوفيلد لصحيفة "تاغ شبيغل" اليومية، ان الهيئة تدرس بشكل معمق ملفات احد عشر مصرفا، وذلك بعد فضيحة "اوراق بنما". واضاف "لا يزال وضع بعض المصارف سيئا لجهة التلاعب بالمعايير والممارسات التجارية غير المقبولة والمساعدة في التهرب الضريبي او غسل الاموال".
وقام احد الخبراء الفرنسيين بمتابعة ملفات الفساد وغسيل الاموال او التهرب الضريبي، ليصل الى نتائج دامغة لا شكوك حولها، حيث سلمت فرنسا السلطات الالمانية معطيات تتعلق بمؤسسات وشركات اقيمت في سويسرا "تضاف" الى تلك التي كشفها خبير المعلوماتية الفرنسي الايطالي هيرفيه فلسياني واتهم فيها مصرف "اتش اس بي سي" بتحويل نحو 180 مليار يورو تعود الى زبائن اثرياء بين تشرين الثاني/ نوفمبر 2006 واذار/ مارس 2007 على حسابات في سويسرا، بحيث يتجنبون تسديد الضرائب في بلدانهم.
وقد تكون موجة هبوط اسعار النفط عاملا مساعدا على دفع المؤسسات المالية الى تجاوز القانون، فقد تضررت بنوك الاستثمار من انخفاض حاد في أسعار النفط واقتراب أسعار الفائدة من صفر بالمئة إلى جانب مخاوف بشأن الاقتصاد الصيني مما أحدث موجة من التقلبات في الأسواق المالية في بداية العام وهي الفترة التي جرت العادة على أن تكون الأكثر جاذبية حيث يقبل المستثمرون على تشغيل أموالهم
ومن أسوأ ما يحدث في قطاع البنوك هو الاحتيال الضريبي، حيث تتسع رقعته في بعض البنوك الفرنسية حيث طلبت النيابة العامة المالية الفرنسية محاكمة مصرف "يو بي اس" السويسري، متهمة ابرز بنوك العالم المختص بادارة الثروات باقامة نظام للاحتيال الضريبي الواسع النطاق في فرنسا، وفقا لمصدر مقرب من التحقيق. وقال المصدر ان النيابة اتهمت المركز الام للمصرف ب"الاحتيال المالي" و"التماس غير قانوني للزبائن" كما اتهمت فرعه الفرنسي بـ "التواطؤ".
وقد تكون العقوبات صارمة تصل الى حد إلغاء او توقيف أو إبطال عمل المؤسسة المالية بسبب تجاوزاتها، مثال ذلك عندما أمرت هيئة مراقبة الاسواق في سويسرا بتصفية "بنك سفيزيرا ايطاليانا" ضمن مهلة سنة اثر تورطه في فضيحة فساد تطال صندوق "1 ام دي بي" السيادي الماليزي، موافقة على شرائه من قبل مجموعة "اي اف جي" لادارة الاصول في زوريخ. ونددت الهيئة في بيان بـ "التصرف الخاطئ والخطير" للبنك في قضية فساد في ماليزيا، مثل هذه التجاوزات تحدث ايضا في بنوك امريكية كبرى كما سنلاحظ ذلك لاحقا.
مسؤولون يرفضون محاكمة بنك اتش.اس.بي.سي
في هذا السياق يفيد تقرير للكونجرس الأمريكي أن مسؤولين كبارا بوزارة العدل الأمريكية رفضوا توصيات داخلية لمحاكمة بنك اتش.اس.بي.سي العالمي عن مخالفات تتعلق بغسل الأموال وذلك بفعل بواعث قلق على استقرار النظام المالي. وكانت لجنة الخدمات المالية بمجلس النواب الأمريكي برئاسة جيب هنسارلينج النائب الجمهوري من تكساس قد بدأت في 2013 تحقيقا بخصوص قرار وزارة العدل في نوفمبر تشرين الثاني 2012 الدخول في اتفاق تسوية قيمته 1.92 مليار دولار مع اتش.اس.بي.سي.
وقال التقرير الذي يعتمد على تسجيلات داخلية من وزارة الخزانة إن المحامي العام الأمريكي في ذلك الوقت إريك هولدر "ضلل" الكونجرس بشأن مبررات وزارة العدل للامتناع عن محاكمة البنك. وقال التقرير إن هولدر ومسؤولين كبارا آخرين قرروا عدم توجيه تهم جنائية بحق اتش.اس.بي.سي الذي مقره لندن رغم توصيات ممثلي الإدعاء لأنهم كانوا متخوفين بشأن الاستقرار المالي.
وتعرضت وزارة العدل لانتقادات ساسة وآخرين رأوا أنها لم تلاحق بشكل كاف البنوك الكبيرة عقب الأزمة المالية لعام 2008. وقال التقرير إن هدفه تسليط الضوء على عملية صناعة القرار داخل الوزارة ولم يقدم توصيات محددة. وكانت تسوية 2012 أوضحت كيف استطاعت عصابة المخدرات المكسيكية سيناولا والكولومبية نورتي ديل بالي غسل 881 مليون دولار عن طريق اتش.اس.بي.سي ووحدة مكسيكية وكيف انتهك البنك قوانين العقوبات الأمريكية بالعمل مع عملاء في إيران وليبيا والسودان وبورما وكوبا.
وقال التقرير إن أيا من المسؤولين التنفيذيين في اتش.اس.بي.سي أو موظفي البنك لم يحاكم. وأحجم اتش.اس.بي.سي عن التعليق على التقرير وكذلك وزارة الخزانة الأمريكية بحسب رويترز.
وقال بيتر كار المتحدث باسم وزارة العدل إن سلسلة من العوامل تخضع للتقييم عند البت في طريقة حل أي قضية بما فيها "التداعيات المعاكسة على أطراف ثالثة غير مذنبة مثل الموظفين والعملاء والمستثمرين وأصحاب معاشات التقاعد والجمهور." وقال إن قاضي المحكمة الجزئية الأمريكية جون جليسون صدق على الاتفاق.
وقال التقرير إن تدخل سلطة الخدمات المالية البريطانية أثر على قرار وزارة العدل الأمريكية بتسوية القضية. وقال "جورج أوزبورن وزير الخزانة البريطاني تدخل في قضية اتش.اس.بي.سي بأن أرسل خطابا إلى رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) بن برنانكي... للتعبير عن بواعث قلق المملكة المتحدة بخصوص الإجراءات الأمريكية بحق البنوك البريطانية." وامتنعت وزارة المالية البريطانية عن التعليق. وقال تقرير الكونجرس إن كلا من وزارة العدل والخزانة رفض طلبات اللجنة لتقديم وثائق مما اضطرها إلى إصدار مذكرات إحضار.
دراسة ملفات 11 مصرفا في اطار أوراق بنما
من جهته اعلن رئيس هيئة الرقابة المالية الالمانية فيلكس هوفيلد لصحيفة "تاغ شبيغل" اليومية، ان الهيئة تدرس بشكل معمق ملفات احد عشر مصرفا، وذلك بعد فضيحة "اوراق بنما". واذا كانت ادارة المخاطر في المصارف الالمانية تحسنت منذ الازمة المالية، "فإن ذلك لا ينطبق ويا للاسف على كيفية ممارسة المصارف لنشاطها التجاري"، بحسب هوفيلد.
واضاف "لا يزال وضع بعض المصارف سيئا لجهة التلاعب بالمعايير والممارسات التجارية غير المقبولة والمساعدة في التهرب الضريبي او غسل الاموال". واظهرت "اوراق بنما" التي كشفت في اوائل نيسان/نيسان نظاما واسعا للتهرب الضريبي عبر شركات وهمية. وساعدت مئات من المصارف عملاءها في ادارة شركات اوف شور بحسب فرانس برس.
وورد إسما دويتشه بنك ومصرف برينبرغ بين مصارف اخرى ذكرها صحافيون شاركوا في كشف هذه الوثائق الصادرة عن مكتب محاماة بنمي. واوضح هوفيلد ان تحليل الوثائق بالكامل سيستغرق "بعض الوقت"، من دون ان يكشف اسماء المصارف المشتبه بها.
ألمانيا تسلم معلومات لمكافحة التهرب الضريبي
وفي سياق مقارب اعلنت مقاطعة رينانيا - شمال- وستفاليا الالمانية انها سلمت 19 بلدا اوروبيا ثلاثة ملفات تتضمن بيانات نحو 160 الف حساب مصرفي في لوكسمبورغ تعود الى اشخاص يشتبه بممارستهم التهرب الضريبي. واورد بيان لوزارة المال الاقليمية ان اكثر من خمسين الفا من الحسابات تعود الى المان مقابل 49 الف بلجيكي و42 الف فرنسي، موضحا ان مصدر هذه المعلومات قرص مدمج ارسله شخص غير معروف الى مصلحة الضرائب الاقليمية.
وقال وزير المال الاقليمي نوربرت فالتر بورجانز في البيان ان "القضاء الضريبي ينبغي الا ينحصر ضمن الحدود. اننا ننتهز كل فرصة للتعاون مع السلطات الضريبية لدى جيراننا الاوروبيين".
من جهتها، سلمت فرنسا السلطات في هذه المنطقة الالمانية معطيات تتعلق بمؤسسات وشركات اقيمت في سويسرا "تضاف" الى تلك التي كشفها خبير المعلوماتية الفرنسي الايطالي هيرفيه فلسياني واتهم فيها مصرف "اتش اس بي سي" بتحويل نحو 180 مليار يورو تعود الى زبائن اثرياء بين تشرين الثاني/ نوفمبر 2006 واذار/ مارس 2007 على حسابات في سويسرا، بحيث يتجنبون تسديد الضرائب في بلدانهم.
ولدى المقاطعة الالمانية ملف ثالث يحوي وثائق داخلية ل"مصرف اوروبي كبير" يمكن ان توفر للسلطات الضريبية الاوروبية "مؤشرات الى تواطؤ محتمل بهدف التهرب الضريبي"، بحسب البيان الذي لم يحدد المؤسسة المصرفية. واكد فالتر بورجانز ان تقاسم هذه المعلومات عبر اوروبا يشكل ايضا رسالة الى من يمارسون التهرب الضريبي، لافتا الى "كشف مزيد من مخابىء اموالهم" بحسب فرانس برس.
والمقاطعة الالمانية معروفة بنشاطها على صعيد التصدي للتهرب الضريبي. ففي تشرين الثاني/نوفمبر 2015 سلمت السلطات الاقليمية فيها اليونان معلومات عن اشخاص ضالعين. وسبق ان اشترت المقاطعة العديد من الاقراص المدمجة ومفاتيح ذاكرة "يو اس بي" تتضمن معلومات مصرفية عن مشتبه بهم، وهي وسيلة اثارت جدلا في المانيا.
أصعب فترة تمر بها بنوك الاستثمار
من ناحية اخرى أظهر مسح أن إيرادات أكبر 12 بنك استثمار في العالم هبطت بنسبة 25 بالمئة في الربع الأول مقارنة بمستواها قبل عام حيث أدت حالة الضبابية الاقتصادية وحذر المستثمرين إلى أبطأ بداية عام منذ الأزمة المالية العالمية.
وتضررت بنوك الاستثمار من انخفاض حاد في أسعار النفط واقتراب أسعار الفائدة من صفر بالمئة إلى جانب مخاوف بشأن الاقتصاد الصيني مما أحدث موجة من التقلبات في الأسواق المالية في بداية العام وهي الفترة التي جرت العادة على أن تكون الأكثر جاذبية حيث يقبل المستثمرون على تشغيل أموالهم بحسب رويترز.
وانخفض حجم التداول في قطاعات أدوات الدخل الثابت والعملات والسلع الأولية والتي تتأثر على وجه الخصوص بالأوضاع الاقتصادية 28 بالمئة على أساس سنوي إلى 17.8 مليار دولار بحسب ما تظهره بيانات من شركة "كوليشن" المتخصصة في تحليل أسواق القطاع.
وتتراجع إيرادات الاستثمار في أدوات الدخل الثابت والعملات والسلع الأولية منذ 2011 إلى أن بلغ حجم الانخفاض في الإيرادات 49 بالمئة الآن في الوقت الذي تقلص فيه حجم العمالة في هذه الأنشطة بنسبة 33 بالمئة وفق البيانات وشهدت الائتمانات وعمليات التوريق تراجعا حادا في حجم الإيرادات على وجه الخصوص بلغ 62 بالمئة و74 بالمئة بالترتيب خلال تلك الفترة.
وتتابع كوليشن بيانات بنك أوف أمريكا ميريل لينش وباركليز وبي.إن.بي باريبا وسيتي جروب وكريدي سويس ودويتشه بنك وجولدمان ساكس وإتش.إس.بي.سي وجيه.بي مورجان ومورجان ستانلي وسوسيتيه جنرال ويو.بي.إس. ويأتي التراجع في الوقت الذي يتعين فيه على البنوك الالتزام بقواعد جديدة تجبرها على الاحتفاظ بالمزيد من رأس المال والحد من التعرض للمخاطرة وتقليص أنشطة صناعة السوق وكل ذلك يؤدي بدوره إلى سحب السيولة من عدد من أسواق رأس المال.
محاكمة مصرف سويسري بتهمة التهرب الضريبي
من جهتها طلبت النيابة العامة المالية الفرنسية محاكمة مصرف "يو بي اس" السويسري، متهمة ابرز بنوك العالم المختص بادارة الثروات باقامة نظام للاحتيال الضريبي الواسع النطاق في فرنسا، وفقا لمصدر مقرب من التحقيق. وقال المصدر ان النيابة اتهمت المركز الام للمصرف ب"الاحتيال المالي" و"التماس غير قانوني للزبائن" كما اتهمت فرعه الفرنسي ب"التواطؤ".
كما طلبت محاكمة احد المسؤولين السابقين للبنك في سويسرا، راؤول ويل، وثلاثة مسؤولين تنفيذيين من فرع البنك في فرنسا. والامر متروك للقضاة لاتخاذ قرار بإحالة المتهمين الى المحكمة او عدم اجراء محاكمة. وقد سمحت وثائق قدمتها المانيا للقضاة بتقييم ما لايقل عن 13 مليار فرنك سويسري (حوالي 12 مليار يورو) هي اصول 38 الفا من الزبائن الفرنسيين في البنك العام 2008، حسبما ذكر لوكالة فرانس برس مصدر مقرب من الملف. لكن ليس بالضرورة ان تكون جميع الحالات تندرج ضمن الاحتيال الضريبي.
إسقاط غرامة 1.27 مليار دولار عن بنك أوف أمريكا
فيما أسقطت محكمة استئناف أمريكية استنتاجات هيئة محلفين بأن بنك أوف أمريكا يتحمل المسؤولية عن احتيال في رهون عقارية قبيل الأزمة المالية لعام 2008 لتلغي غرامة قدرها 1.27 مليار دولار في انتكاسة كبيرة لوزارة العدل الأمريكية.
وخلصت محكمة طعون الدائرة الثانية في نيويورك إلى عدم كفاية الأدلة بموجب تشريعات مكافحة الاحتيال الاتحادية لإثبات مسؤولية بنك أوف أمريكا عن برنامج الرهن العقاري المسمى "هاسل" الذي كانت تديره شركة كنتريوايد فايننشال. وتقول وزارة العدل إن كنتريوايد التي اشتراها بنك أوف أمريكا في يوليو تموز 2008 احتالت على شركتي الرهن العقاري اللتين تدعمهما الحكومة فاني ماي وفريدي ماك ببيعهما آلاف القروض السامة.
لكن القاضي ريتشارد ويسلي قال في قرار صدر بإجماع هيئة المحكمة إن الأدلة إنما تظهر أن كنتريوايد ربما خالفت العقود المتعلقة ببيع قروض عالية الجودة وإنه لا يوجد ما يثبت توافر نية الخداع لديها. وعبر بنك أوف أمريكا عن ترحيبه بالحكم. ولم يكن لدى متحدث باسم بريت بارارا المحامي العام لمانهاتن الذي تابع مكتبه القضية تعليق فوري.
كانت الدعوى في القضية أقيمت عام 2012 وهي تظل من أكبر قضايا التعويضات التي ترفعها الحكومة فيما يتعلق بانهيار سوق المنازل الأمريكية والأزمة المالية. وكانت هيئة محلفين اتحادية خلصت في 2013 إلى إدانة بنك أوف أمريكا وريبيكا مايروني المسؤولة التنفيذية السابقة في كنتريوايد بالاحتيال في بيع قروض رديئة نشأت عن برنامج "هاسل" بحسب رويترز.
وقالت وزارة العدل إن البرنامج كافأ الموظفين الذين يبرمون المزيد من الرهون العقارية مع التركيز على السرعة على حساب الجودة وهو ما أدى إلى الكذب على فاني ماي وفريدي ماك فيما يتعلق بجودة القروض المشتراة. وصادرت الحكومة فاني ماي وفريدي ماك في سبتمبر أيلول 2008 وما زالتا تحت الحراسة. وفي أعقاب الحكم فرض القاضي جيد راكوف غرامة 1.27 مليار دولار على بنك أوف أمريكا عام 2014 وأمر مايروني بدفع مليون دولار.
فساد يقود لقرار بتصفية بنك سويسري
من جهتها امرت هيئة مراقبة الاسواق في سويسرا بتصفية "بنك سفيزيرا ايطاليانا" ضمن مهلة سنة اثر تورطه في فضيحة فساد تطال صندوق "1 ام دي بي" السيادي الماليزي، موافقة على شرائه من قبل مجموعة "اي اف جي" لادارة الاصول في زوريخ. ونددت الهيئة في بيان ب"التصرف الخاطئ والخطير" للبنك في قضية فساد في ماليزيا.
واضاف البيان انه ضمن هذا الاطار، "تسمح الهيئة بقيام اي اف جي انترناشيونال بشراء البنك شرط ادماجه كليا ومن ثم حله في غضون 12 شهرا". كما قررت الهيئة "ضمن خطوات اخرى مصادرة ارباح حجمها 95 مليون فرنك سويسري (86 مليون يورو)" بحسب فرانس برس.
واشارت الهيئة الى بدء اجراءات ضد اثنين من المسؤولين السابقين في البنك. واعتبرت الهيئة ان "البنك ارتكب مخالفة خطيرة للتدابير المتعلقة بغسل الاموال (...) ضمن الاعمال والتحويلات المتعلقة بقضية الفساد في صندوق 1 ام دي بي السيادي الماليزي".
واضافت "في حالة صندوق 1 ام دي بي، قام البنك خلال عدة سنوات بالعديد من التحويلات المهمة لاغراض غير شفافة لم يوضح ظروفها رغم وجود ادلة واضحة". ومطلع العام 2016، كانت مجموعة اي اف جي المالية لادارة الاصول والمدرجة في البورصة وتسيطر عليها عائلة لاتسيس اليونانية، اعلنت شراء البنك ومقره لوغانو، كانتون تيسان في جنوب سويسرا، بملبغ 1,33 مليار فرنك (1,19 مليار يورو).
وكان البنك مملوكا سابقا من قبل بنك بي تي جي باكتوال البرازيلي الذي حكم على مديره اندريه استيفيس بالسجن في البرازيل اواخر 2015 لتورطه في فضيحة فساد واسعة في شركة بتروبراس للنفط. وفي بيان لها، اعلنت مجموعة اي اف جي ان "العقوبات التي فرضتها هيئة مراقبة الاسواق على البنك سيتم خصمها من قيمة الصفقة". واعربت المجموعة المالية عن اعتقادها بان "هذه التطورات ستسمح (...) بطي صفحة ماضي" البنك.
غرامة مالية كبيرة لتسوية محاولة تلاعب مالي
في سياق مقارب قالت لجنة تداول عقود السلع الآجلة الأمريكي إن بنك سيتي جروب وافق على دفع 425 مليون دولار لتسوية اتهامات بمحاولته التلاعب في عدد من المؤشرات الأساسية. وقالت اللجنة إن البنك واجه تهما أيضا بتقديم تقارير كاذبة مرتبطة بمؤشر الدولار خلال الأزمة المالية لحماية سمعته بحسب رويترز.
وقالت دانيلا روميرو آبسيلوس المتحدثة باسم سيتي جروب في بيان "هذه التسويات خطوة هامة لسيتي لتسوية التحقيقات القانونية." وقال سيتي جروب إن التسوية لن تؤثر على الأرباح في المستقبل لأنها توفرت بالفعل من بند احتياطيات التقاضي.
مصرفان يندمجان في كيان عملاق
من ناحية اخرى اتخذ اثنان من مصارف ابوظبي قرارا بالاندماج لانشاء اكبر مصرف في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا، وفقا لبيان مشترك صدر على الموقع الالكتروني لسوق ابوظبي للاوراق المالية. ووافق مجلسا ادارة كل من مصرفي "الخليج الاول" و"ابوظبي الوطني" بالاجماع على اندماج المصرفين بإجمالي أصول 175 مليار دولار، على ما اوضح البيان.
واضاف ان الاندماج المقترح سيساهم في انشاء مصرف ذي قوة مالية كبيرة وخبرة واسعة وشبكة عالمية تؤهله لتأدية دور رئيسي في دعم الطموح الاقتصادي للامارات العربية المتحدة. واشار البيان الى ان المصرف الناتج عن الاندماج سيكون الاكبر في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا من حيث قيمته في اسواق المال والبالغة نحو 29,1 مليار دولار بحسب فرانس برس.
ومن خلال امتلاكه شبكة دولية من الفروع والمكاتب في 19 بلدا، سيشكل المصرف الجديد المؤسسة المالية الاولى في الامارات. وسيواصل مصرفا "الخليج الاول" و"ابوظبي الوطني" العمل كمؤسستين مستقلتين، الى حين دخول قرار الاندماج حيز التنفيذ خلال الربع الأول من عام 2017. وتبلغ حصة حكومة أبوظبي نحو 37 في المئة من اسهم المصرف الجديد.
تنشيط الابتكار المالي في المصارف الاوروبية
ولا تزال المصارف الاوروبية تواجه تشكيكا في الاسواق ادى الى تراجع اسهمها بالرغم من نجاحها بصورة اجمالية في اختبارات الاجهاد. وان كان رد الفعل هذا غير منطقي، الا انه يكشف عن المخاوف حيال قطاع مضطر الى البحث عن مصادر نمو جديدة حتى يبقى مربحا في مواجهة نسب الفوائد المتدنية والغموض المحيط بالتنظيمات.
وفي دليل على الصعوبات التي تشهدها المصارف، تراجع مؤشر "يوروستوكس" للاسهم المصرفية الاوروبية الرئيسية بنسبة 30,7% منذ كانون الثاني/يناير، وبلغ التراجع 1,8% للاسبوع المنصرم وحده. ويسجل هذا التراجع على الرغم من اختبارات الاجهاد المصرفي التي نشرت نتائجها في 29 تموز/يوليو واكدت على متانتها المالية.
واوضح مكتب "اوكسفوردز ايكونوميكس" للدراسات ان هذا الاختبار لوضع المصارف حرك من جديد قلق الاسواق حيال "قدرة المصارف على زيادة ارباحها في ظروف من النمو الضعيف ونسب الفوائد المتدنية بالرغم من ان مشكلات المردودية غير مرتبطة بمسائل الملاءة، اقله على المدى القريب".
ومن اصل 51 مصرفا اختبرتها الهيئة المصرفية الاوروبية، ثمة 13 مصرفا ستعاني من تدهور كبير في نسبة رأس المال السهمي لديها، اي تقديمات المساهمين والاحتياطات والارباح المخزنة، بمقابل الديون. والاكثر تضررا بين هذه المصارف في حال قيام ازمة حادة مصرف "بانكا مونتي دي باشي دي سيينا"، ولو انه حل في المرتبة الاخيرة بينها.
وحاول ثالث مصارف ايطاليا واقدمها تهدئة المخاوف، لا سيما وانه يعاني من ديون مشكوك في تحصيلها تزيد قيمتها عن 24 مليار يورو، فاعلن احالة قسم من هذه الديون بقيمة 9,2 مليار يورو، ثم زيادة رأسماله بـ5 مليارات يورو. غير ان هذا المصرف يجسد بحد ذاته ومنذ عدة اشهر كل مخاوف المستثمرين، ولا سيما حيال قطاع مصرفي ايطالي لا يتمتع بمستوى رسملة كاف، ومشرذم بين حوالى 700 مؤسسة، ويعاني من عبء 360 مليار يورو من القروض "الفاسدة".
واوضح كريستوفر دمبيك مسؤول الابحاث الاقتصادية في "ساكسو بنك" لفرانس برس انه حتى لو كانت "هذه المخاوف غير منطقية الى حد بعيد"، الا ان ملف ايطاليا "اظهر اننا بعيدون جدا على مستوى القطاع المصرفي الاوروبي، عن رؤية مصارف في وضع سليم لديها بيان ميزانية ممتاز" والمستثمرون قلقون حول وضعها الفعلي.
وقال الخبير الاقتصادي انه بالاضافة الى ايطاليا، تطرح تساؤلات حول القطاع المصرفي الالماني ايضا الذي يواجه "مخاطر اعلى بكثير معممة على النظام برمته". وسجل "دويتشه بنك" اكبر مصارف المانيا، والمكبل بالاف النزاعات القضائية في وقت تخوض عملية اعادة هيكلة، هبوطا حادا في ارباحها بلغ 98% في الفصل الثاني من السنة، ولم تكن نتائجها مطمئنة في اختبارات الاجهاد.
اما "كومرتزبنك"، ثاني المصارف الالمانية، فقاد اثار الثلاثاء مخاوف اذ توقع تراجع ارباحه عام 2016. فعلى غرار نظيراتها الاوروبيات، تعاني المجموعة من معدلات الفائدة المتدنية التي تقلص هامش ارباح المصارف، وعلى الاخص مصارف التجزئة، وباتت تعتمد مجموعة من التدابير لمواجهة هذا الوضع والحفاظ على مردوديتها بحسب فرانس برس.
واول هذه الاجراءات هو خطط تسريح الموظفين وتقليص الشبكات. وهو ما تطبقه معظم المجموعات الاوروبية الكبرى منذ العام الماضي، ما يسمح لها ايضا بالانتقال الى الانشطة الالكترونية. وثمة اجراء اخر يحقق نتائج فعالة خصوصا لدى المصارف الفرنسية، وهو تنويع المنتجات مثل ايجار السيارات لفترات طويلة والتامين وتخصيم الديون.
اتهام لجنة بازل والبنك المركزي الاوروبي
على صعيد اخر، يعاني القطاع المصرفي الاوروبي من "غموض شديد محيط بالتنظيمات" المتبعة، على ما قال داميان لورنت الشريك المسؤول عن الصناعة المالية في شركة "ديلويت" لوكالة فرانس برس. وفي منتصف تموز/يوليو طلب وزراء مالية الاتحاد الاوروبي من لجنة بازل التي تضع هذه التنظيمات، الا تفرض في المستقبل زيادات كبيرة في نسبة رأس المال السهمي، ما سيحد اكثر من مردودية المصارف.
يضاف الى ذلك بحسب دمبيك عدم اصدار البنك المركزي الاوروبي توضيحات "صريحة" حول الوطأة الفعلية لمعدلات الفائدة السلبية على المصارف، ما سيطمئن المستثمرين على المدى المتوسط.
اضف تعليق