كأن الأزمة التي حدثت بفعل هبوط أسعار النفط، باتت تلقي بظلالها على قطاعات اقتصادية اخرى، ومنها القطاع السياحي، فقد برزت أدلة ومؤشرات تؤكد تراجع السياحة على المستوى العالمي، وقدمت بعض المنظمات الاقتصادية الاحصائية المستقلة أرقاما تشير الى تدني السياحة على المستوى العالمي، وهو أمر ينبغي التعامل معه على انه تهديد للاقتصاد العالمي ايضا
فقد توقع مسح أجرته شركة (آي.بي.كيه) للاستشارات الدولية تراجع النمو في عدد الرحلات الدولية إلى 3 بالمئة هذا العام مقابل 4.6 بالمئة في 2015. وقال رولف فرايتاج مؤسس شركة (آي.بي.كيه) إن المخاوف الأمنية تسببت في هذا التراجع بنسبة 1.5 بالمئة في النمو المتوقع هذا العام. ومن بين 50 ألف شخص شملهم المسح الذي أجري في بداية فبراير شباط في 42 بلدا قال 15 بالمئة إنهم اختاروا إما عدم السفر أو قضاء العطلة كل في بلده
ولم ينحصر تراجع السياحة بدولة دون سواها، فطال جميع الدول المشهورة باستقبال ملايين الزوار سنويا، ومنها ما تأثر بشدة ومنها بدرجة أقل فعلى سبيل المثال تراجع عدد السياح الأجانب بشكل طفيف في تركيا في العام 2015، للمرة الأولى منذ سنوات، بسبب تدهور الوضع الأمني في البلاد ومغادرة الزوار الروس، بحسب أرقام رسمية. وشهد عدد السياح الروس، الذي يقصدون خصوصا المنتجعات الساحلية للمتوسط مثل أنطاليا (جنوب)، تراجعا كبيرا مع 3,65 ملايين روسي في العام الماضي مقارنة ب4,5 ملايين في 2014. ومنذ 28 تشرين الثاني/نوفمبر، منعت وكالات السفر الروسية من تنظيم رحلات الى تركيا لاسباب امنية بعدما اسقط الطيران التركي مقاتلة روسية قرب الحدود السورية.
ولا شك ان هناك اسبابا اخرى غير هبوط الدخل اثر على السياحة وخاصة الاوضاع الأمنية، وهناك مؤشرات واضحة حول هذا الأمر، فباريس التي استقبلت 19 مليون سائح اجنبي سنة 2014 ما خولها تصدر قائمة الوجهات السياحية العالمية، لم تفرغ من زوارها. غير أن طوابير الانتظار الاعتيادية امام معالم العاصمة الفرنسية كمتحف اللوفر وبرج ايفل باتت اقل ازدحاما منذ هجمات 13 تشرين الثاني/نوفمبر التي اوقعت 130 قتيلا ومئات الجرحى. وشهدت الحجوزات في الفنادق تراجعا بنسبة 20 % بحسب فرنسوا نافارو المسؤول عن لجنة السياحة في المنطقة الباريسية. كذلك عمد سياح كثيرون خصوصا من اليابان والصين وروسيا الى الغاء رحلات كانت مقررة لهم الى فرنسا.
الاستثناء الوحيد في عدم تأثر القطاع السياحي بالأزمة المالية الحالية هو اسبانيا حيث استقبلت عددا قياسيا من السياح سنة 2015 بلغ 68,1 مليون زائر أجنبي، بحسب ما كشف المعهد الوطني للإحصاءات (آي ان اي) في وقت يتفادى فيه السياح بلدان البحر المتوسط التي شهدت اعتداءات. وهذه هي السنة الثالثة على التوالي التي تسجل فيها إسبانيا عددا قياسيا من السياح. وهي كانت قد استقبلت سنة 2014 نحو 65 مليون أجنبي، مع ارتفاع بنسبة 7,1 % بالمقارنة مع العام السابق.
وعلى العكس من اسبانيا، مصر التي تضررت السياحة فيها كثيرا، استنادا الى تراجع اعداد السياح الأجانب الوافدين إليها، فقد كان الاف السياح الاجانب يزورون يوميا منطقة الاهرامات الثلاثة ولكن هذا الرواج بات الان مجرد ذكرى بعيدة اذ اختفت حافلات السياحة التي كانت تزدحم بها ساحة انتظار السيارات. اما الفنادق التي كانت نسبة الاشغال فيها تصل الى مئة في المئة فاصبحت مهجورة. اليوم، ليس هناك سوى بعض الاسر المصرية ومجموعات من الطلاب والقليل جدا من السياح يتنزهون في هذا الموقع الاثري الذي يبلغ عمره 4600 عاما.
مخاوف أمنية تلقي بظلالها على السياحة
لهذه الأسباب وسواها لا يفارق الحديث عن المخاوف الأمنية شفاه الحاضرين في معرض (آي.تي.بي) السياحي ببرلين بينما تكافح صناعة السياحة المنهكة بفعل انتكاسات متلاحقة لطمأنة المسافرين وشركات السفر ألا حاجة بهم لإلغاء الحجوزات لموسم العطلات الصيفية هذا العام. وعصفت هجمات استهدف أحدها منتجعا شاطئيا في تونس وأودى آخر بحياة 130 شخصا في باريس خلال العام الماضي بثقة المسافرين وتسببت في انخفاض حاد في الحجوزات إلى تونس وتركيا ومصر وباتت تنذر بانخفاض كبير في الطلب على السفر على مستوى العالم.
وقال روي شيردر المدير التجاري لشركة ترانسافيا للطيران منخفض التكلفة متحدثا لرويترز على هامش معرض آي.تي.بي "الناس يملكون المال ويريدون إنفاقه... لكن هناك أثرا سلبيا بالغ القوة من المناخ الجغرافي السياسي. الناس يخشون وقوع هجمات." وتقول شركات الطيران والسفر والعطلات الموجودة في المعرض إنها رصدت قدرا أكبر من الحذر في الحجوزات في بداية هذا العام وهو وقت يشهد عادة زيادة في حجز الرحلات.
وتوقع مسح أجرته شركة (آي.بي.كيه) للاستشارات الدولية تراجع النمو في عدد الرحلات الدولية إلى 3 بالمئة هذا العام مقابل 4.6 بالمئة في 2015. وقال رولف فرايتاج مؤسس شركة (آي.بي.كيه) إن المخاوف الأمنية تسببت في هذا التراجع بنسبة 1.5 بالمئة في النمو المتوقع هذا العام. ومن بين 50 ألف شخص شملهم المسح الذي أجري في بداية فبراير شباط في 42 بلدا قال 15 بالمئة إنهم اختاروا إما عدم السفر أو قضاء العطلة كل في بلده. وأبدت سلاسل فندقية بينها ماريوت إنترناشونال وبيست وسترن القلق بشأن الحجوزات السياحية لباريس بعد الهجمات التي وقعت في العاصمة الفرنسية والتي ربما توجه ضربة قاضية لمقاصد أخرى.
وقال ديفيد كونج الرئيس التنفيذي لشركة بيست وسترن متحدثا لرويترز "إنه أثر هائل. إذا فكرت في السفر من الولايات المتحدة إلى باريس... فلن تكون باريس المدينة الوحيدة التي ستزورها... يذهب الناس أيضا إلى أجزاء أخرى من فرنسا ومن أوروبا." لكن هذه الأوضاع ستفيد مقاصد أخرى تواجه خطرا أقل من حيث التعرض لهجمات.
وقالت دارين هيوستون المديرة التنفيذية لمجموعة برايس لاين وموقع بوكينج دوت كوم الإلكتروني التابع لها متحدثة لرويترز "سيكون الطلب الكبير على أي مكان يعتبر آمنا. الطلب هائل في أسبانيا هذا الصيف. إيطاليا أيضا قوية جدا." وزادت شركة فويلينج للطيران منخفض التكلفة عدد رحلاتها إلى المقاصد الأسبانية من ألمانيا وهولندا وسويسرا لتلبية الطلب رغم الإشارة إلى عدم قدرة الفنادق على استيعاب الأعداد الوافدة. وتشهد مقاصد في أمريكا الشمالية ودول الكاريبي طلبا متزايدا بينما قالت شركة كاياك للبحوث إن اهتمام الألمان هذا العام منصب على فنادق داخل البلاد. ويتشبث البعض في صناعة السياحة بالأمل في أن يخالف السائحون التوقعات بالإقبال على السفر هذا الصيف لكنهم يقبلون باستمرار التراجع في حجوزات الشركات لفترة أطول من المعتاد بسبب التوقعات الغامضة للأوضاع الأمنية.
وقال طالب الرفاعي الأمين العام لمنظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة لرويترز في مقابلة "التجارب السابقة أظهرت لنا أن أي بلد جاد بشأن السياحة ولديه بنية تحتية ينجح عادة في العودة. "انظر إلى مصر التي شهدت تقلبات طيلة السنوات العشر الماضية. وفي كل مرة نجحت في العودة أقوى من ذي قبل" بحسب رويترز
باريس لم تعد مقصد السائحين
من جهته يسجل القطاع السياحي في فرنسا تباطؤا منذ الاعتداءات الدامية التي شهدتها باريس في 13 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي وسط ازدياد التردد لدى الزوار الاجانب في التوجه الى العاصمة الفرنسية المصنفة كأهم وجهة سياحية في العالم.
فباريس التي استقبلت 19 مليون سائح اجنبي سنة 2014 ما خولها تصدر قائمة الوجهات السياحية العالمية، لم تفرغ من زوارها. غير أن طوابير الانتظار الاعتيادية امام معالم العاصمة الفرنسية كمتحف اللوفر وبرج ايفل باتت اقل ازدحاما منذ هجمات 13 تشرين الثاني/نوفمبر التي اوقعت 130 قتيلا ومئات الجرحى. وشهدت الحجوزات في الفنادق تراجعا بنسبة 20 % بحسب فرنسوا نافارو المسؤول عن لجنة السياحة في المنطقة الباريسية. كذلك عمد سياح كثيرون خصوصا من اليابان والصين وروسيا الى الغاء رحلات كانت مقررة لهم الى فرنسا.
ومع أن هذه البلدان البعيدة لا تستحوذ على العدد الاكبر من السياح الوافدين الى فرنسا، الا ان الزوار الآتين منها هم من بين الاكثر انفاقا. بالتالي ينفق الصينيون الذين لا يمثلون سوى 2 % من اجمالي الزوار، ما معدله الف يورو في كل رحلة على المنتجات الفاخرة. وتؤكد وانغ يانغ من وكالة سفر صينية في بكين أن "60 % من زبائننا الذين كانوا يعتزمون السفر الى فرنسا الغوا رحلاتهم او غيروا الوجهة بعد هجمات باريس".
وتوضح وانغ أن الكثير من السياح الصينيين "ينظرون بريبة الى الوضع الأمني في فرنسا" منذ الهجمات الاولى التي شهدتها العاصمة الفرنسية في كانون الثاني/يناير العام الماضي على مجلة "شارلي ايبدو" الساخرة ومتجر للاطعمة اليهودية وأوقعت 17 قتيلا.
وعقب هذه الهجمات مطلع السنة الماضية سجل القطاع السياحي موجة الغاء للحجوزات غير أن الوضع عاد الى سابق عهده في غضون ثلاثة اشهر. لكن مع أن اثر هجمات تشرين الثاني/نوفمبر كان اقوى خصوصا في ظل استهداف منفذيها رواد مقاه ومطاعم ومسرحا للحفلات الفنية، يأمل نافارو في حصول تحسن واضح اعتبارا من اذار/مارس.
وقد ضاعفت السلطات الفرنسية مبادراتها الرامية الى تسهيل عودة السياح بأعداد كبيرة الى ربوع فرنسا. ففي اواسط كانون الثاني/يناير، اعلنت باريس تقليص مهلة اصدار تأشيرات الدخول المخصصة للمجموعات السياحية الصينية من 48 الى 24 ساعة. وفي نهاية الشهر الماضي، تم توزيع دليل يحمل عنوان "طريقة حسن استقبال الصينيين" على الاطؤاف الناشطة في القطاع.
وبهدف توجيه رسائل طمأنة، دعي 55 ممثلا عن المجموعات الصينية لتنظيم الرحلات السياحية الصينية الى باريس نهاية شباط/فبراير الحالي "للتطرق الى الوضع الامني" وفق نافارو. وسيمضي هؤلاء خلال زيارتهم هذه ساعتين في مفوضية للشرطة حيث سيتم اعلامهم بالتدابير المتخذة بعد الاعتداءات.
ومنذ تشرين الثاني/نوفمبر، نشر 10 الاف عسكري فرنسي كتعزيزات للشرطة بهدف حماية البلاد كما أن شركات الأمن الخاصة استعانت بعناصر حماية لمؤازرة الحراس في المواقع الاكثر جذبا للزوار. انيكا سائحة المانية في الثالثة والعشرين من عمرها تسافر للمرة الأولى بمفردها، تبدي "ارتياحها" لانتشار الدوريات في الشوارع ولعمليات التفتيش المنهجية للحقائب عند مداخل المتاجر الكبرى والمواقع السياحية. وتقول "في البداية، لم اكن اريد المجيء البتة بسبب الاعتداءات. لكن قررت عدم الاستسلام للخوف" وقد "طغى سحر باريس على ما عداه". كذلك ينظر كثير من السياح في باريس بموضوعية ازاء الخطر الذي يتهددهم في العاصمة الفرنسية. وتشير ياو وهي صينية تزور العاصمة الفرنسية برفقة زوجها الى ان الاعتداءات "قد تحصل في اي مكان".
ويلخص فرنسوا نافارو الوضع لافتا الى ان الاعتداءات "باتت جزءا من تاريخنا لكن باريس تبقى عاصمة الحب وفن الطهو والتسوق". ويتشارك البريطانيان مارك وودز وسامانتا ارنولد هذه النظرة الى باريس كعاصمة للرومنسية. وتقول الشابة خلال مرورها قرب كاتدرائية نوتردام "لقد طلب يدي للزواج للتو وهذا هو الدليل" ليردف الرجل "حصل ذلك تحت برج ايفل" بحسب فرانس برس.
السياح يهجرون مصر مع تواتر الاعتداءات
في سياق آخر لم يعد سعيد رمضان البائع المتجول بالقرب من اهرامات الجيزة يحصي عدد المرات التي اضطر فيها للاستدانة من اجل الوفاء باحتياجات اسرته اليومية بعد ان ادت موجة اعتداءات جهادية الى هجر السياح لبلد الفراعنة. ويقول رمضان (42 عاما) الذي يقيم في منزل من الطوب قرب اهرامات الجيزة في غرب القاهرة، "ليس لدي مال لشراء ملابس لابنائي (...) فلم اعد عمليا اكسب اي شيء منذ ان توقف السياح عن المجيء".
ومع موجة الاعتداءات الجهادية التي بدأت عقب اطاحة الجيش للرئيس الاسلامي محمد مرسي في تموز/يوليو 2013، هجر السياح مصر كما قاطعوا اخيرا منتجعات البحر الاحمر التي كانت لا تزال قبل ثلاثة اشهر تجتذب الرواد. الضربة القاضية جاءت في 31 تشرين الاول/اكتوبر الماضي عندما سقطت طائرة روسية في شبه جزيرة سيناء وقتل 224 شخصا كانوا على متنها. واعلن الفرع المصري لتنظيم الدولة الاسلامية مسؤوليته عن هذه المأساة مؤكدا انه تمكن من ادخال قنبلة في الطائرة بعد ان اخترق الاجراءات الامنية في مطار شرم الشيح الذي اقلعت منه الطائرة. "لم يعد ياتي سياح تقريبا من روسيا او بريطانيا او الولايات المتحدة الى الاهرامات الان"، بحسب ما اكد رمضان قبل ان يسرع بالتوجه نحو سائحين صينيين ليبيعهما تماثيل صغيرة لتوت عنخ امون والملكة نفرتيتي.
وكان الاف السياح الاجانب يزورون يوميا منطقة الاهرامات الثلاثة ولكن هذا الرواج بات الان مجرد ذكرى بعيدة اذ اختفت حافلات السياحة التي كانت تزدحم بها ساحة انتظار السيارات. اما الفنادق التي كانت نسبة الاشغال فيها تصل الى مئة في المئة فاصبحت مهجورة. اليوم، ليس هناك سوى بعض الاسر المصرية ومجموعات من الطلاب والقليل جدا من السياح يتنزهون في هذا الموقع الاثري الذي يبلغ عمره 4600 عام. ويصعد المصريون الطريق المؤدي الى هضبة الهرم ولكنهم يتجاهلون تماما باعة العاديات. ولم يعد هناك من يريد التنزه بالحصان في المنطقة ما ادى الى يأس اصحاب هذه الخيول الذين اعتادوا على تأجيرها للسياح الروس والايطاليين والفرنسيين بحسب فرانس برس.
ويقول ابراهيم فيما يلتقط شاب وشابة مصريين صورة بجوار حصانه "من قبل كنت اكسب الف جنيه يوميا (114 يورو) اما الان فلو كسبت 100 جنيه يكون هذا يوما سعيدا". وعند مدخل هضبة الاهرامات يتولى رجال شرطة مدججين بالاسلحة حراسة المنطقة ويمنعون دخول اي سيارات اليها باستثناء الحافلات السياحية تحسبا لاي اعتداءات جهادية محتملة.
كما يختلط عشرات من رجال الشرطة الذين يرتدون الزي المدني بالزوار ويقومون بالتحقق من هوية بعضهم من وقت لاخر. وفي نهاية كانون الثاني/يناير الماضي، قتل خمسة رجال شرطة ومدنيين في انفجار قنبلة اثناء مداهمة قوة امنية لشقة في حي الهرم القريب من المنطقة الاثرية واعلن تنظيم الدولة الاسلامية مسؤوليته عن هذا الاعتداء.
ويقول دمرداش غانم وهو صاحب محل تذكارات قرب الاهرامات "قبل داعش (تسمية تنظيم الدولة الاسلامية) كان لدي مجموعات من السياح كل يوم، الان فان عدد زوار المحل لا يتجاوز ثلاثة او اربعة سياح يوميا". ويضيف "كيف يمكن ان تنتظر مجيء السياح الى المنطقة اذا كانوا يرون كل يوم ان الناس يتقاتلون". وبعد بضعة ايام من تحطم الطائرة الروسية، اعلنت موسكو تعليق كل خطوط الطيران المتجهة الى مصر فيما اوقفت لندن الرحلات الجوية الى شرم الشيخ.
وكانت السياحة، وهي قطاع رئيسي في الاقتصاد المصري، تعاني اصلا من عدم الاستقرار السياسي والعنف الذي شهدته البلاد منذ الثورة التي اسقطت حسني مبارك في العام 2011. وزار مصر 9،3 مليون سائح عام 2015 مقابل قرابة 15 مليونا في العام 2010. وبلغت عائدات السياحة 6،2 مليار دولار في العام 2015 بانخفاض نسبته 15% مقارنة بالعام السابق، بحسب الاحصاءات الرسمية. وفور تحطم الطائرة الروسية، انخفضت عائدات السياحة بمقدار 29 مليون دولار شهريا خلال تشرين الثاني/نوفمبر وكانون الاول/ديسمبر الماضيين. ويقول ابراهيم الذي يؤجر الخيول للسياح في الهرم "اننا نتوارث مهنتنا من جيل الى جيل" مضيفا "لا نعرف مهنة اخرى وعلينا الانتظار الى ان تتحسن الامور".
تراجع عدد السياح في تركيا
في السياق ذاته تراجع عدد السياح الأجانب بشكل طفيف في تركيا في العام 2015، للمرة الأولى منذ سنوات، بسبب تدهور الوضع الأمني في البلاد ومغادرة الزوار الروس، بحسب أرقام رسمية. وبلغ عدد الزوار الأجانب لتركيا 36,24 مليون شخص في العام 2015، مقارنة مع 36,83 مليونا في العام 2014، بتراجع نسبته 1,61 في المئة، وفق ما أفادت وزارة السياحة.
وشهد عدد السياح الروس، الذي يقصدون خصوصا المنتجعات الساحلية للمتوسط مثل أنطاليا (جنوب)، تراجعا كبيرا مع 3,65 ملايين روسي في العام الماضي مقارنة ب4,5 ملايين في 2014. ومنذ 28 تشرين الثاني/نوفمبر، منعت وكالات السفر الروسية من تنظيم رحلات الى تركيا لاسباب امنية بعدما اسقط الطيران التركي مقاتلة روسية قرب الحدود السورية.
وفي كانون الأول/ديسمبر، انخفض عدد السياح الروس بنسبة 46 في المئة، مقارنة بالفترة نفسها من العام 2014. وبشكل عام، تراجع عدد السياح من القارة الأوروبية بنسبة 1,75 في المئة، وكان ذلك جليا لدى السياح الإيطاليين (-27 في المئة) والفرنسيين (-18 في المئة). لكن تدفق السياح من الشرق الأوسط (+5,5 في المئة) وجنوب شرق آسيا (+11,3 في المئة) عوض تقريبا التراجع الأوروبي. ومنذ الصيف الماضي، تدهور الوضع الأمني في تركيا متأثرا بتجدد النزاع الكردي في جنوب شرق البلاد الذي يشهد معارك عنيفة بين قوات الأمن ومتمردي حزب العمال الكردستاني. وتضاف إلى ذلك الاعتداءات الدامية على الأراضي التركية والمنسوبة إلى تنظيم الدولة الإسلامية. وعلق وزير السياحة والثقافة التركي ماهر اونال على هذه الأرقام قائلا إن تراجع عدد السياح المسجل في العام 2015 "لم يكن ممكنا تفاديه" بسبب "الإرهاب الذي يواجهه العالم برمته". وأضاف "علينا تجنب أي شيء قد يعرض صورة تركيا الآمنة للخطر".
وحددت تركيا، الوجهة السياحية السادسة في العالم حاليا، هدفا باستقبال 50 مليون سائح سنويا في العام 2023 بحسب فرانس برس.
من جهته كشف رئيس الوزراء التركي احمد داود اوغلو مساعدات حكومية بملايين الدولارات لدعم قطاع السياحة الذي تضرر بسبب الازمة بين تركيا وروسيا والمخاوف الامنية. وقال داود اوغلو ان الحكومة ستمنح مبلغ 255 مليون ليرة تركية (86,5 مليون دولار) لوكالات السياحة التركية، كما ستتخذ اجراءات لمساعدة شركات السياحة في اعادة هيكلة ديونها. وصرح للصحافيين في انقرة ان "هذه الاجراءات ستطبق بسرعة، ونعتقد ان المساعدات ستنعش قطاع السياحة". واضاف "نحن نمر باوقات حساسة، وسنتغلب على المصاعب التي يواجهها قطاع السياحة، وسندافع عن مركز تركيا كاكثر الوجهات السياحية جاذبية".
ودان رئيس الوزراء ما وصفه بحملة "الدعاية السوداء" التي تشن من الخارج على قطاع السياحة التركي والتي قال ان معارضي الحزب الحاكم يدعمونها. وتضرر قطاع السياحة بسبب مخاوف امنية في وقت تشن تركيا هجوما ثنائيا ضد جهاديي تنظيم الدولة الاسلامية والمتمردين الاكراد. وقتل 11 سائحا المانيا في قلب المنطقة السياحية في اسطنبول في تفجير انتحاري في 12 كانون الثاني/يناير. وقتل 28 شخصا في العاصمة التركية انقرة في هجوم على حافلات عسكرية، اعلنت جماعة كردية متطرفة مسؤوليتها عنه. وذكرت مجموعة "تي يو اي" اكبر مجموعة للسياحة في العالم في وقت سابق من هذا الشهر انها سجلت هبوطا بنسبة 40% في نسبة الحجوزات الى تركيا، كما الغت عدد من كبرى شركات تشغيل السفن السياحية عددا من الرحلات المربحة الى تركيا هذا الصيف.
ويعتبر قطاع السياحة رافدا رئيسيا للاقتصاد التركي اذ حقق للبلاد عائدات قدرها 31,5 مليار دولار في عام 2015 بحسب احصاءات رسمية. كما تضررت السياحة التركية بسبب الازمة بين انقرة وموسكو والتي بدأت بعد اسقاط تركيا لمقاتلة روسية على الحدود السورية في 24 تشرين الثاني/نوفمبر. وانخفض عدد الروس الذين يزورون تركيا الى النصف في كانون الاول/ديسمبر مقارنة مع الفترة نفسها من العام الذي سبق. الا ان داود اوغلو اعرب عن ثقته بان الروس سيعودون. وقال "توقف السياح الروس عن الحضور الى تركيا لفترة قصيرة. وقد جاؤوا واعجبتهم البلاد، وجاؤوا مرة اخرى. ولا يمكنك ان تغير ذلك بقرار سياسي". واضاف"انا واثق بان السياح الروس سياتون الى تركيا مرة اخرى" بحسب فرانس برس.
اسبانيا هي الاستثناء الوحيد!!
من جهتها استقبلت اسبانيا عددا قياسيا من السياح سنة 2015 بلغ 68,1 مليون زائر أجنبي، بحسب ما كشف المعهد الوطني للإحصاءات (آي ان اي) في وقت يتفادى فيه السياح بلدان البحر المتوسط التي شهدت اعتداءات. وهذه هي السنة الثالثة على التوالي التي تسجل فيها إسبانيا عددا قياسيا من السياح. وهي كانت قد استقبلت سنة 2014 نحو 65 مليون أجنبي، مع ارتفاع بنسبة 7,1 % بالمقارنة مع العام السابق.
وتعد اسبانيا ثالث المقاصد الأكثر استقطابا للسياح، بعد فرنسا والولايات المتحدة، وهي تتقدم على الصين. غير أن نفقات السياح قد انخفضت سنة 2015 مع ما يعادل 741 يورو للشخص الواحد، أي أقل بنسبة 2,1 % من العام 2014، بحسب أرقام جمعية "اكسلتور" النقابية.
وكان البريطانيون أكثر السياح توافدا إلى اسبانيا سنة 2015 مع 15,68 مليون زائر من بريطانيا، تلاهم الفرنسيون (11,55 مليونا) ثم الألمان (10,29 ملايين)، بحسب إحصاءات المعهد الوطني. وتراجع عدد السياح الروس بنسبة 32,7 % إلى 955976 زائرا بسبب انخفاض قيمة العملة الروسية. ويشكل الأوروبيون السواد الأعظم من السياح في اسبانيا وهم كانوا في السابق يقصدون تركيا وتونس ومصر التي شهدت اعتداءات وتراجعت السياحة فيها.
ومن المناطق الأكثر استقطابا للسياح في اسبانيا، كاتالونيا وعاصمتها برشلونة المعروفة بشواطئها وجزر البليار المشهورة بملاهيها الليلية في إيبيزا، فضلا عن جزر الكناري. وارتفعت أيضا الرحلات لأغراض العمل في اسبانيا (بنسبة 31,8 % في خلال سنة) نتيجة الانتعاش الاقتصادي في البلاد بحسب فرانس برس.
14,2 مليون زائر لدبي
في هذا السياق أشارت إحصائيات سنوية جديدة أصدرتها دائرة السياحة والتسويق التجاري بدبي إلى أن الإمارة استقبلت أكثر من 14.2 مليون زائر خلال العام 2015، محققة زيادةً قدرها 7,5 بالمئة مقارنة مع العام 2014، تساوي ضعف معدل نمو السياحة العالمية الذي توقعت منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة أن يتراوح بين 3-4% خلال الفترة نفسها.
وقال المدير العام للدائرة هلال سعيد المري "شهد العام الماضي أداءً قوياً لقطاع السياحة في دبي الذي حقق ضعف معدلات النمو العالمية (...) إذ بلغ عدد الزوار الذين توافدوا إلى الإمارة من جميع أنحاء العالم 14.2 مليون زائر، مما يجعل دبي في المرتبة الرابعة بين أكثر المدن استقطاباً للزوار في العالم". واوضح ان "أداءنا القوي خلال الأشهر الـ 12 الماضية يعكس من دون شك مرونة في استراتيجية السوق المتنوعة التي نعتمدها، وسرعة الاستجابة على جميع المستويات ضمن القطاع السياحي، وقوة العروض والخدمات السياحية التي نقدمها بشكل دائم".
وبحسب الارقام، ظلت دول مجلس التعاون الخليجي المصدر الإقليمي الأهم في دعم الطلب المستمر على السياحة من الأسواق القريبة إلى دبي، حيث ساهمت بالحصة الأكبر من حركة السياحة إلى دبي، إذ بلغ عدد الزوار القادمين منها 3.3 مليون زائر في 2015، بزيادة قدرها 12,8% عن العام الذي سبق.
وحافظت دول غرب اوروبا على ترتيبها الثاني، اذ بلغ عدد الزوار منها نحو ثلاثة ملايين، بزيادة 6,1 بالمئة. وبلغ عدد الزوار من دول جنوب آسيا 2.3 مليون زائر، أي بزيادة قدرها 21.7% مقارنة بعام 2014. واحتلت الهند المرتبة الأولى لأول مرة بين دول جنوب آسيا، إذ ساهمت بأكثر من 1.6 مليون زائر، وكانت ثاني أسرع الأسواق نمواً في العام الماضي، حيث سجلت نمواً سنوياً بلغ 26% بحسب فرانس برس.
افضل النتائج تحققها السياحة في قبرص
من جهتها سجلت عائدات السياحة في قبرص ارتفاعا بنسبة 4,4 بالمئة عام 2015 محققة افضل نتيجة منذ 2001 كما اظهرت احصاءات رسمية. وبلغ مجمل عائدات السياحة في الجزيرة المتوسطية 2,11 مليار يورو (2,29 مليار دولار) السنة الماضية فيما كان 2,02 مليار يورو في 2014. وهذه الزيادة ناجمة عن ارتفاع عدد السياح حيث دخل الجزيرة 2,1 مليون سائح عام 2015 بارتفاع نسبته 8,9 بالمئة عن السنة السابقة. وسجلت عائدات شهر كانون الاول/ديسمبر فقط ارتفاعا بنسبة 20,4% لتزيد من 43,7 مليون يورو في 2014 الى 52,6 مليونا بحسب جهاز الاحصاء القبرصي.
وكان اللبنانيون الاكثر انفاقا في كانون الاول/ديسمبر بمعدل بلغ 136,74 يورو يوميا فيما كان السويديون الاقل انفاقا مع 31,14 يورو في اليوم. وفي العام 2014 بلغت عائدات السياحة 2,02 مليار يورو بتراجع قدره 2,8 بالمئة عن العام 2013 حين كانت 2,08 مليار يورو. وكان ذلك اول تراجع منذ العام 2009.
وقبرص العضو في منطقة اليورو تستفيد من خطة مساعدة دولية قيمتها 10 مليار يورو لانقاذ اقتصادها الذي شهد ازمة مصرفية في اذار/مارس 2013. وقد عاودت النمو الاقتصادي في العام 2015 بعد اربع سنوات تقريبا من الانكماش. وكان عدد السياح في قبرص سجل رقما قياسيا في العام 2001 بلغ 2,69 مليون زائر انفقوا 2,17 مليار يورو في رقم قياسي ايضا بحسب فرانس برس. وتشكل عائدات السياحة حوالى 12% من اجمالي الناتج الداخلي وساهم هذا القطاع في الحد من تداعيات الانكماش بعد خطة الانقاذ.
اضف تعليق