عادت إيران الى سوق النفط العالمي، وجاءت هذه العودة في وقت تعاني منه أسعار النفط هبوطا حادا، بسبب وفرة المعروض منه في الاسواق العالمية، مما يؤدي الى تباطؤ الطلب ومن ثم هبوط جديد في الأسعار، وكانت ايران تأمل بتعويض خسائرها بسبب العقوبات الغربية، ولكن جاء الرياح بما لا تشتهي السفن.
من ناحية اخرى هناك عدم ارتياح لعودة ايران الى سابق عهدها من بعض المنافسين لها، وعلى الرغم من ان هذه العودة الايرانية حق مكفول لاسباب كثيرة، منها حق تعويض الشعب الايراني عن حرمانه من ثروته، إلا أن بعض الدول النفطية الاعضاء في منظمة اوبك، اعلنت بصراحة عن تخوفها من نزول النفط الايراني الى الساحة الدولية لمبيعات النفط، في حين توارت دول نفطية اخرى وراء تلميحات وتصريحات مبطنة حول هذه العودة التي كانت متوقعة الى حد بعيد، وخاصة من التجار والشركات التي تعمل في اسواق النفط.
ومع أن ايران لا تتوقع ترحيبا بعودتها هذه، إلا أنها أعلنت عن عودتها القوية الى التصدير على الرغم من هبوط اسعار النفط، وهي تعتقد بأنها انما تفعل ذلك كحق مكفول لها، لاسيما انها أبعدت قسرا عن التصدير لاكثر من عشر سنوات مضت، وهكذا يرى الخبراء أن موجة جديدة من هبوط الاسعار سوف تجتاح الاسعار بعد عودة ايران ورفع العقوبات الغربية.
في حين يصرح خبراء في هذا المجال، أن الامل بعودة الاسعار الى سابق عهدها قد يكون في العام القادم 2017 أما العام الجاري فإنه لا يحمل معه أملا بارتفاع الاسعار، ولكن منظمة الاوبك ترى ان هناك بصيص امل في حدوث ارتفاع بأسعار النفط، وهذا يذكرنا (بأحلام المفلسين)، فمن المفارقات أن تعلن دول كانت متخمة بالأموال الهائلة، أنها قد من الدول تصبح الفقيرة، خاصة الدول النفطية التي لم تحسب حسابها لمثل هذا اليوم، علما هناك يوم أشد مما يحدث الآن، وهو اليوم الذي ينضب فيه النفط بصورة كاملة من باطن الأرض، عندها ماذا تفعل الدول التي تعتمد عليه كمورد رئيسي، وكيف تبقى شعوبها على قيد الحياة؟؟.
هل فكرت الدول الريعية التي تعتمد على النفط في مواردها، بأن هذا المورد في طريقه الى النضوب؟، وهل اتخذت الاحتياطات اللازمة لمثل هذا اليوم؟، الجواب كلا لم تأخذ اية اجراءات جادة لمواجهة يوم نضوب النفط، لأنها تعاني من الانهيار بمجرد هبوط اسعار النفط وليس نضوبه، ولعله سيكون درسا لحكومات هذه الدول التي عانت من هبوط الاسعار فجأة، ولا يزال هذا الهبوط مستمرا وربما يأخذ وتيرة أسرع، لاسيما بعد عودة ايران الى الاسواق النفطية، وهي محملة بمخزون نفطي هائل قد يغرق الاسواق العالمية في لمح البصر!.
عودة إيران لسوق النفط وواقع الأسعار
في هذا السياق قد يقود إطلاق العنان لصادرات إيران النفطية بعد تحررها من العقوبات الدولية إلى هبوط أكبر لأسعار الخام تحت مستوى 30 دولارا للبرميل. غير أن المتعاملين في السوق يقولون إن تحركات الأسعار ستكون محدودة لأن رفع القيود التجارية كان منتظرا إلى حد بعيد.
وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن إيران وفت بالتزامتها بكبح برنامجهاالنووي لتعلن الولايات المتحدة على الفور إلغاء العقوبات التي خفضت صادراتها نحو مليوني برميل يوميا من ذروة ما قبل العقوبات في 2011 إلى أكثر قليلا من مليون برميل يوميا. وأججت مؤشرات متزايدة منذ نحو شهر على أن التحرك لرفع العقوبات سيأتي مبكرا عما كان يتوقعه المتعاملون من قبل موجة بيع دفعت برنت للهبوط 24 بالمئة منذ بدايةالعام مسجلا أكبر خسائره منذ الأزمة المالية العالمية في 2008.وأبدت إيران أملها في زيادة صادرات الخام عقب رفع العقوبات نحو مليون برميل يوميا في غضون عام إلا أن معظم المحللين يتوقعون زيادة بين 200 و500 ألف برميل يوميا في غضون ستة أشهر من رفع العقوبات.
وقال ريتشارد نفيو من مركز سياسة الطاقة العالمية في جامعة كولومبيا "إيران حرة الان في بيع أي كميات من الخام بأي سعر تستطيع الحصول عليه." غير أن معظم المحللين لا يتوقعون رد فعل قويا مع فتح الأسواق بعد عطلة نهاية الأسبوع. وقال أمريتا سن من إنرجي آسبكتس للاستشارات "لن يكون الاتفاق الإيراني مفاجئا للسوق لأنه كان متوقعا منذ فترة طويلة. أقول إن هذه الخطوة كانت في الحسبان وأثرت في الأسعار بالفعل. قد يحدث رد فعل تلقائي طفيف وتفتح الأسواق على هبوط في ظل الاتجاه النزولي السائد في الوقت الحالي لكن أجد صعوبة في توقع تأثير أكبر من ذلك."
لكن عددا من المتعاملين يتساءلون إذا كان المستقبل يخبئ قدرا من التعافي بعد أن دفعت الشائعات الأسعار للهبوط لاسيما إذا حبذ المتعاملون الذين راهنوا على الهبوط جني جزء من الأرباح. فقد زادت المراكز المدينة في العقود الآجلة بنيويوك لدى صناديق كبرى لأكثر من مثليها لتسجل مستوى قياسيا يفوق 200 ألف عقد منذ منتصف أكتوبر تشرين الأول حين كان سعر النفط يقترب من 50 دولارا.
وتفتح أسواق النفط أبوابها في الساعة 2300 بتوقيت جرينتش لكن أحجام التداول قد تكون ضعيفة بسبب عطلة مارتن لوثر كينج في الولايات المتحدة. ونزل خام غرب تكساس الوسيط نحو ستة بالمئة يوم الجمعة إلى 29.42 دولار وأغلق عند أقل من 30 دولارا للمرة الأولى منذ عام 2003. وقال فيليب ستريبل كبير محللي السوق في آر.جيه.أو فيوتشرز في شيكاجو بعد أن كان قرار رفع العقوبات في حكم المؤكد "أعتقد أننا سنرى تعافيا كبيرا في أسعار الخام لترتفع دولارين أو ثلاثة أو أربعة إلى منتصف الثلاثينات."
إلا أن البعض الآخر قد يركز على ضخ ما يصل إلى 500 ألف برميل يوميا من النفط الإيراني قريبا في الأسواق التي بها تخمة من المعروض تبلغ نحو مليون برميل يوميا بالفعل. وقال مهدي عسلي مندوب إيران لدى أوبك إن بلاده لن تحجم عن رفع الإنتاج على عكس تصريحات مسؤولين آخرين قالوا إن إيران لن تغرق الأسواق بالخام في وقت تعاني فيه السوق من تخمة. ونقلت وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء عنه قوله "لم نقلص خططنا بشأن زيادة الإنتاج بعد رفع العقوبات. سيرتفع بواقع 500 ألف برميل يوميا خلال وقت قصير."
ومازال السؤال عن قدرة قطاع النفط الايراني المتعطش للاستثمار على زيادة الإنتاج سريعا بلا جواب. ويقول عدد من المحللين ومصادر في القطاع إن تعافي الإنتاج قد يكون بطيئا. وقال نفيو "أتوقع أن يتمكنوا من إضافة ما بين 300 و500 ألف برميل يوميا في السوق ومن المرجح أن تكون هناك طفرة أولية لتصريف المخزونات" في إشارة للنفط الإيراني غير المبيع الموجود في الصهاريج على متن 12 ناقلة نفط عملاقة.
وحتى بدون عودة النفط الإيراني يحذر البعص من أن توقعات السوق للمستقبل القريب مازالت قاتمة للغاية في غياب أي أسباب تدعم ما هو أكثر من تعاف قصير الأجل إن حدث. وحدد الاقتصادي المتخصص في النفط فيليب فرلجر خمسة عوامل رئيسية تدفع النفط للهبوط هي تباطؤ الاقتصاد العالمي ومقاومة لا تلين من منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة وتوافر مخزونات نفط يمكن اللجوء إليها كملاذ أخير والإمدادات الضخمة والطقس الشتوي المعتدل وما نجم عنه من ضعف استهلاك وقود التدفئة. وقال "جميع العوامل التي تضغط على الأسعار للهبوط ستظل قائمة يوم الاثنين. سيستمر الاتجاه النزولي في السوق النفطية العاملة - أي بدون نيويورك. لا أعلم ماذا سيحدث في نيويورك." بحسب رويترز.
إيران تضاعف إنتاج النفط والإمارات تتخوف
من ناحية اخرى نقل موقع معلومات وزارة النفط الإيرانية على الإنترنت عن ركن الدين جوادي نائب وزير النفط قوله إن طهران أصدرت أمرا بزيادة إنتاج الخام 500 ألف برميل يوميا وذلك عقب رفع العقوبات عنها لكن الإمارات العربية المتحدة قالت إن ضخ كميات إضافية سيؤخر تعافي السوق. وهبطت أسعار النفط مؤخرا إلى أدنى مستوى لها منذ 2003 في الوقت الذي تستعد فيه السوق لزيادة الصادرات الإيرانية لكنها عاودت الارتفاع في وقت لاحق. وبلغ سعر خام برنت نحو 29.25 دولار للبرميل بحلول الساعة 1220 بتوقيت جرينتش.
ونقل موقع وزارة النفط عن جوادي قوله "بإمكان إيران زيادة إنتاجها من النفط بواقع 500 ألف برميل يوميا بعد رفع العقوبات. وقد صدر اليوم أمر بزيادة الإنتاج." في المقابل قال وزير الطاقة الإماراتي سهيل بن محمد المزروعي إن ضخ أي كميات إضافية من النفط سوف "يضر بالسوق". وفي أول تعليق من دولة خليجية عضو في أوبك بخصوص إيران منذ رفع معظم العقوبات عن طهران قال المزروعي إن أي إنتاج جديد يدخل السوق سيؤدي إلى تأخر استعادة التوازن. وقال للصحفيين على هامش مؤتمر في أبوظبي "هل لإيران الحق في ذلك؟ نعم بالطبع فهي عضو في أوبك. لكن هل سيكون ذلك مفيدا؟ لا."
وقالت سلطنة عمان غير العضو في أوبك إنها غير قلقة من ضخ كميات إضافية من النفط الإيراني لأن السوق متخمة بالفعل بالخام لكنها قالت إنها مستعدة لخفض الإنتاج. وقال وزير النفط العماني محمد بن حمد الرمحي إن بلاده مستعدة لخفض إنتاجها من الخام نحو خمسة إلى عشرة بالمئة لتحقيق الاستقرار في السوق وحث جميع المنتجين على إتخاذ إجراء مماثل. وتوقعت أوبك أن تسجل إمدادات المعروض من الدول غير الأعضاء هبوطا أكبر من المتوقع هذا العام جراء انهيار أسعار الخام مما سيعزز الطلب على نفط المنظمة.
وقالت أوبك في تقرير إن المعروض من خارجها سينخفض 660 ألف برميل يوميا في 2016 بقيادة الولايات المتحدة. وتوقعت المنظمة الشهر الماضي انخفاض المعروض من خارجها 380 ألف برميل يوميا. غير أن تقرير أوبك لم يتناول أثر الإمدادات الناتجة عن رفع العقوبات الغربية عن إيران التي قالت إنها ستزيد إنتاجها 500 ألف برميل يوميا وهو ما سيسد معظم الفراغ الذي ستتركه الدول غير الأعضاء في أوبك. بحسب رويترز
سوق النفط قد "تغرق من التخمة" في 2016
في السياق نفسه قالت وكالة الطاقة الدولية إن طقسا دافئا على غير المعتاد لهذا الوقت من السنة وارتفاع المعروض سيبقيان سوق النفط الخام متخمة حتى أواخر 2016 على الأقل وقد يدفعان الأسعار للنزول عن مستوياتها الحالية التي تعد الأدنى في 12 عاما. ويأتي دخول المعروض الإيراني للسوق بينما من المتوقع أن يزيد الإنتاج على الاستهلاك للعام الثالث على التوالي في توقيت هو الأسوأ بالنسبة لمصدري النفط الخام الذين يعانون جراء انخفاض الأسعار إلى أقل مستوياتها في أكثر من عشر سنوات.
وهبطت العقود الآجلة لخام برنت إلى أدنى مستوى منذ أواخر 2003 لتنزل عن 30 دولارا للبرميل بعد أن قالت منظمة أوبك في ديسمبر كانون الأول إنها لن تخفض الإنتاج لكبح تراجع الأسعار رغم تخمة المعروض العالمي. وقالت وكالة الطاقة التي تصدر تقارير منتظمة عن السوق إن ذلك قد يؤدي إلى إضعاف الأسعار بدرجة أكبر في المستقبل. وقالت الوكالة في تقرير شهري "رغم أننا لا نصدر توقعات رسمية بإنتاج نفط أوبك فوفقا لتصور يقوم على ضخ إيران 600 ألف برميل يوميا إضافية في السوق بحلول منتصف العام ومحافظة الأعضاء الآخرين على الإنتاج الحالي فإن معروض النفط العالمي قد يتجاوز الطلب بمقدار 1.5 مليون برميل يوميا في النصف الأول من 2016.
"في ظل تراجع وتيرة التخزين في النصف الثاني من العام مع انخفاض المعروض من المنتجين غير الأعضاء في أوبك وما لم يتغير شيء فإن سوق النفط قد تغرق من التخمة. لذا فإجابة سؤالنا هي نعم مؤكدة. قد تنخفض الأسعار." ورفعت الولايات المتحدة وقوى عالمية أخرى العقوبات الدولية التي خفضت صادرات النفط الإيرانية تخفيضا حادا وذلك إثر امتثال طهران إلى الاتفاق النووي المبرم معها. وخفض الطقس الشتوي المعتدل نمو الطلب العالمي على النفط إلى أدنى مستوى له في عام عند مليون برميل يوميا في الربع الأخير من 2015 وذلك انخفاضا من أعلى مستوياته في نحو خمس سنوات 2.1 مليون برميل يوميا المسجل في الربع الثالث.
وأبقت وكالة الطاقة على تقديراتها لنمو الطلب العالمي في 2016 دون تغيير عن تقرير الشهر السابق عند حوالي 1.2 مليون برميل يوميا. وقالت "نخلص إلى أن سوق النفط تواجه احتمال أن يزيد العرض على الطلب بمقدار مليون برميل يوميا للعام الثالث على التوالي وستكون هناك ضغوط هائلة على قدرة المنظومة النفطية لامتصاصها بكفاءة." وفي ظل تباطؤ الاقتصاد العالمي قالت وكالة الطاقة إنها خفضت توقعاتها للطلب على نفط أوبك في 2016 بمقدار 300 ألف برميل يوميا إلى 31.7 مليون برميل يوميا.
وتقول إيران إنها سترفع الإنتاج 500 ألف برميل يوميا بعد رفع العقوبات الدولية عنها لكن وكالة الطاقة قالت إنها تعتقد أن الزيادة ستكون 300 ألف برميل يوميا بنهاية الربع الأول من 2016. وأبقت الوكالة على توقعاتها لتراجع إنتاج الدول غير الأعضاء في أوبك نحو 600 ألف برميل يوميا قائلة إن تلك الدول تبدي صمودا لم يكن متوقعا في وجه انحدار أسعار النفط الخام بحسب رويترز.
تراجع سعر النفط بسبب فائض العرض
في حين توقعت الوكالة الدولية للطاقة تراجعا اضافيا لاسعار النفط هذه السنة لان عودة ايران الى السوق النفطية بعد رفع العقوبات الدولية ستعوض عن اي خفض في الانتاج قد تقرره دول اخرى. وقالت الوكالة في تقريرها الشهري حول السوق النفطية انه "في حال لم يحصل تغيير، فان السوق النفطية قد تغرق في فائض العرض وبالتالي فان الاسعار ستتراجع بشكل اضافي". ووصلت اسعار النفط هذا الاسبوع الى ادنى مستوياتها منذ 12 عاما ويجري حاليا التداول بسعر 29 دولارا او اقل لبرميل النفط.
وحذرت الوكالة من ان عودة ايران الى السوق النفطية، وهو السبب الرئيسي وراء هبوط الاسعار، لم يؤخذ تأثيرها على الاسعار بشكل كامل في الحسبان بعد، خلافا لما يقوله الكثير من المحللين الماليين. وقالت ان ايران تواجه تحديا كبيرا في ايجاد زبائن راغبين في الحصول على كميات اضافية من النفط في سوق مشبعة اساسا بحسب فرانس بريس.
عودة ايران والضغوط الاضافية
من ناحية اخرى تواجه اسعار النفط المزيد من الضغوط بعدما تراجعت بقوة منذ الجمعة بسبب المخاوف من ان تؤدي عودة الصادرات الايرانية الى زيادة اضافية في فائض العرض الذي تشهده السوق منذ اكثر 18 شهرا. وزادت اسعار النفط في لندن ونيويورك بقوة من خسائرها في نهاية الاسبوع الماضي واغلقت تحت عتبة 30 دولارا للبرميل الجمعة كما سجلت الاثنين مستويات متدنية جديدة قياسية خلال اكثر من 12 عاما. وقال مايكل هيوسون المحلل لدى "سي ام سي ماركتس"، ان "انتباه المستثمرين سيتركز مجددا الاثنين على اسعار النفط التي تواجه ضغوطا اضافية حاليا بعدما تاكد رسميا ان ايران نالت موافقة للعودة الى السوق النفطية مجددا".
من جهته يقول بارن شييلدروب المحلل لدى "اس اي بي" ان دخول الاتفاق النووي مع ايران حيز التنفيذ رسميا ورغم ان السوق كانت تتوقعه، بدد لدى المستثمرين الامل الضئيل باحتمال تاخير رفع العقوبات ومهد الطريق امام تراجع جديد للاسعار.
والاسبوع الماضي تراجعت السوق النفطية في نيويورك باكثر من 11% وحوالى 14% في لندن وشهدت تحسنا طفيفا الخميس. ومنذ بدء التداول خسرت حوالى 4,4% في لندن و2,6% في نيويورك بسبب التوقعات بعودة الصادرات الايرانية قريبا بعد دخول الاتفاق النووي حيز التنفيذ. وبموجب الاتفاق النووي التاريخي الذي ابرم في تموز/يوليو بين طهران والقوى الكبرى، اكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية السبت ان ايران احترمت التزاماتها الهادفة لضمان الطبيعة السلمية لبرنامجها النووي. وهذا التاكيد ادى الى رفع العقوبات الاقتصادية والمالية التي كانت يفرضها الاتحاد الاوروبي والامم المتحدة والولايات المتحدة فورا. وهذه العقوبات ادت الى خنق اقتصاد ايران، القوة الاقليمية والعضو في منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك)، والتي تملك رابع احتياطي للنفط في العالم وثاني احتياطي من الغاز.
ويرى محللون لدى كومرزبنك انه "اصبحت ايران مجددا قادرة على تصدير كميات غير محدودة من النفط والغاز. وهذا العرض الاضافي لم يكن ليأت في وقت اسوأ مما هو عليه الان نظرا لان السوق غارقة اساسا بوفرة العرض، ما يعني ان الفائض سيزيد بشكل اضافي". وكما اعلنت منذ اشهر، امرت وزارة النفط الايرانية الاثنين بزيادة انتاج النفط في البلاد بمعدل 500 الف برميل في اليوم فيما تنتج طهران حاليا 2,8 مليون برميل يوميا.
وقال المحللون لدى باركليز ان "السوق النفطية تتعرض لضغط كبير منذ كانون الاول/ديسمبر بسبب القلق ازاء الاقتصاد الشمولي والعرض المتزايد لاوبك والطقس الدافئ" معتبرين انه لا يزال من المبكر جدا تحديد الاثر الذي ستتركه عودة ايران الى السوق. وقال محللو كومرزبنك "من غير المرجح ان يزيد حجم الانتاج الايراني بشكل كبير هذه السنة" مشيرين الى نموذجي العراق وليبيا اللذين استغرقهما الامر حوالى 12 شهرا للعودة الى مستويات الانتاج الاساسية بعد حربي 2003 و2011. واضافوا ان ايران لم تتمكن ايضا من الاستثمار في البنى التحتية النفطية منذ عدة سنوات بسبب العقوبات ويجب عليها الان ان تعوض هذا التاخير.
لكن محللي باركليز اكدوا ان قدرات التصدير لدى ايران يمكن ان تفاجىء السوق بسبب احتياطي النفط المخزن حاليا في البلاد. واتفقت غالبية المحللين على القول ان تدفق النفط الاضافي من ايران سيهدد اي تحسن للاسعار في مستقبل قريب ويمهد الطريق امام تراجع اكبر لاسعار النفط التي يمكن ان تصل الى 20 دولارا للبرميل قريبا بحسب فرانس بريس.
رئيس ايه.بي.بي يتوقع انتعاش سعر النفط في 2017
من جهته قال رئيس مجلس إدارة مجموعة ايه.بي.بي الهندسية السويسرية إن سعر النفط قد يتراجع بدرجة أكبر هذا العام لكنه قد ينتعش في 2017 بفضل تحسن الاقتصاد العالمي. وقال بيتر فوسر في مناقشة بثها برنامج إخباري سويسري "ما زال من الممكن أن ينخفض السعر بدرجة أكبر لأن العرض والطلب متباعدان تماما." وعمل فوسر بشركة النفط رويال داتش شل لسنوات حيث شغل منصب الرئيس التنفيذي من 2009 إلى نهاية 2013.
وفي العام الماضي تراجعت أسعار النفط 35 بالمئة بسبب تخمة المعروض العالمي غير المسبوقة الناجمة عن سباق الضخ بين منتجي الخام بالشرق الأوسط ومنتجي النفط الصخري الأمريكيين. وقال فوسر "أقول إنه في النصف الثاني من العام الحالي وفي 2017 سيتعادل العرض والطلب بعض الشيء. وعندئذ من المرجح أن نرى زيادة في السعر من جديد. مدى الارتفاع سيتوقف على مدى قوة الاقتصاد العالمي في العام أو العامين المقبلين ومدى قوة نمو الطلب." وفي وقت سابق بلغت الأسعار أدنى مستوياتها منذ 2003 دون 28 دولارا للبرميل مع تأهب السوق لزيادة الصادرات الإيرانية بعد رفع العقوبات عن طهران مطلع الأسبوع بحسب فرانس بريس.
اوبك تتوقع توازن الاسعار بالعام الحالي
في هذا السياق ذكرت منظمة الدول المنتجة للنفط (اوبك) انها تتوقع بدء "عملية عودة التوازن" الى اسعار النفط العام الحالي بعد ان ادى الانخفاض الحاد في اسعار الخام الى تراجع انتاج الدول غير الاعضاء في المنظمة وبينها الولايات المتحدة بشكل كبير بعد سبع سنوات من النمو "الهائل". وفي حال صحت تلك التوقعات، فانها ستشكل نوعا من الانتصار لاستراتيجية اوبك بالاستمرار في انتاج النفط بالمعدلات الحالية رغم انخفاض اسعاره الى ما دون 30 دولار للبرميل (مقارنة مع 100 دولار في 2014) لحماية حصتها في السوق.
وافاد تقرير المنظمة لشهر كانون الثاني/يناير 2016 ان "التحليلات تشير الى ان العام 2016 سيكون عام تحرك الامدادات". واضاف التقرير انه "بعد سبع سنوات متتالية من النمو الهائل للامدادات من الدول غير الاعضاء في اوبك، فان العام 2016 سيشهد انخفاضا في انتاجها لان تراجع الاسعار سيبدأ في التاثير بشكل كبير". ورفعت المنظمة توقعاتها بانخفاض انتاج الدول غير الاعضاء فيها من 270 الف برميل يوميا الى 660 الف برميل يوميا بحيث سيصل انتاجها الى 56,21 مليون برميل يوميا.
وقال التقرير ان "الانتاج الهامشي للدول غير الاعضاء في المنظمة خلال الاشهر الستة المقبلة سيعتمد على استمرار انخفاض اسعار النفط، حيث انها لن تتمكن من احتمال ظروف الاسعار في ذلك الوقت". ورفعت اوبك توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط هذا العام بنسبة قليلة الى 1,26 مليون برميل يوميا ليصل الى 94,17 مليون برميل يوميا. وبالنسبة لشهر كانون الاول/ديسمبر قالت اوبك ان الامدادات العالمية للنفط انخفضت 0,34 برميل ليصل الى معدل 95,20 مليون برميل يوميا.
وانخفضت امدادات الدول غير الاعضاء في اوبك بنحو 0,13 مليون برميل يوميا، فيما انخفضت امدادات اوبك بنحو 0,21 مليون برميل يوميا، ما ادى الى انخفاض حصة المنظمة في الانتاج العالمي الى 33,8% مقارنة مع 33,9% في الشهر الذي سبق. وسجلت اسعار النفط انخفاضا شديدا في الاشهر الاخيرة، حيث وصل سعر البرميل في تعاملات صباح الاثنين الى 28 دولار، وسط تباطؤ الاقتصاد الصيني واحتمالات عودة ايران الى السوق مع بدء تنفيذ اتفاق تموز/يوليو النووي. ورغم انتعاش طفيف في سوق لندن، الا ان اسعار النفط انخفضت دون 30 دولار للبرميل بعد ان رفعت الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي العقوبات عن ايران.
واصبحت ايران حرة الان في ضخ نفطها في السوق ما يضيف الى التخمة التي ادت بالاضافة الى ضعف الطلب وتباطؤ الاقتصاد العالمي، الى انخفاض الاسعار بنحو 70% منذ منتصف 2014. وكانت اوبك في السابق تتصدى لانخفاض الاسعار بخفض انتاجها. الا انها اختارت هذه المرة الابقاء على الانتاج ثابتا. وتهدف هذه الاستراتيجية، التي تقودها السعودية، الى الحفاظ على حصة المنظمة في السوق واخراج المنتجين الاميركيين للنفط الصخري منه، بعد ان شهد انتاجهم ازدهارا في السنوات الاخيرة، ولكنهم يحتاجون الى اسعار اعلى للنفط لكي يحققوا ارباحا بحسب فرانس بريس.
بعضهم يبيع النفط بأقل من 20 دولارا للبرميل
في حين يقول خبراء ان رفع العقوبات عن إيران دفع بأسعار العقود الآجلة للخام إلى أدنى مستوياتها في 12 عاما وجعل مستويات ما دون العشرين دولارا للبرميل تلوح في الأفق لكن بعض المنتجين يعيشون بالفعل ذلك الواقع المؤلم. وتبيع تلك المجموعة من المنتجين بعض شحنات الخام في السوق الحاضرة بأسعار أقرب إلى عشرة دولارات للبرميل بفضل وفرة الخامات "عالية الكبريت" التي ينتجونها وقاعدة مستهلكين تفضل الخامات "الخفيفة" عالية الجودة التي تأتي من مناشئ أخرى. ويتأهب منتجو خامات معينة من المكسيك وفنزويلا وكندا والعراق لمواجهة ما هو أسوأ في ظل استعداد إيران - المتحررة أخيرا من العقوبات الدولية - لضخ كميات ضخمة من الخامات الثقيلة عالية الكبريت في أسواق التصدير. وبلغت أسعار بعض شحنات الخام المكسيكي الثقيل أقل من 13 دولارا للبرميل ويبدو أن الضغط النزولي على أسعار الخامات صعبة التكرير مرشحا للتنامي. وقد يفرض ذلك ضغوطا إضافية على عقود الخامين القياسيين برنت وغرب تكساس الوسيط التي هوت نحو 20 بالمئة منذ بداية العام لتنزل عن 28 دولارا للبرميل.
وقال المحللون في جيه.بي.سي إنرجي "التراجع الحاد في الأسعار يعصف بالخامات الثقيلة التي تباع غالبا بتخفيضات كبيرة عن الخامات القياسية." ففي بلدة هارديستي بإقليم ألبرتا الكندي يمكن شراء برميل الخام الكندي الغربي الذي يعد من أثقل خامات أمريكا الشمالية بأقل من 15 دولارا في حين يحتاج المنتجون إلى سعر لا يقل عن 43 دولارا كي يربحوا. وفي أوائل ديسمبر كانون الأول عرضت شركة النفط الوطنية المكسيكية بيمكس خصما على المشترين الآسيويين لخام المايا تحميل يناير كانون الثاني بلغ نحو 12 دولارا للبرميل عن متوسط خامي سلطنة عمان ودبي وهما خاما القياس للإمدادات الآسيوية. لكن مع تراجع أسعار النفط أكثر من عشرة دولارات منذ ذلك الحين فقد خفض ذلك الخصم السعر عمليا بمقدار النصف إلى حوالي 12.50 دولار للبرميل مؤخرا. بحسب رويترز.
اضف تعليق