لا تزال السلطات المصرية وعلى الرغم من التحركات والخطط المهمة التي عمدت الى تطبيقها، تواجه وبحسب بعض الخبراء تحديات كبيرة بسبب المشكلات والازمات الاقتصادية المتفاقمة المتمثلة في تراجع نمو الاقتصاد، وارتفاع معدلات البطالة، وارتفاع وتزايد معدلات الفقر وارتفاع معدلات التضخم وارتفاع مستوى الأسعار وضعف برامج وسياسيات الدعم الحكومي في مساعدة الفئات الأكثر فقراً، يضاف اليها تقهقر القطاع السياحي أحد اهم الركائز الاقتصادية في هذا البلد، والذي تضرر بشكل كبير في الفترة الاخيرة جراء تردي الواقع الامني في مصر، وكانت السياحة أحد القطاعات الرئيسية في الاقتصاد المصري والتي شكلت 11% من حجم الناتج المحلي الإجمالي. ومع تراجع تدفق السياح، شهدت ومصر انخفاضا في الاستثمارات الأجنبية في اقتصاديها.
وفي عام 2011، كانت مصر وكما تنقل بعض المصادر من الدول الرائدة من حيث النمو الاقتصادي في المنطقة، وبعد ما يسمى بـ "الربيع العربي" تجد صعوبة في التعافي، إذ هبط معدل نمو حجم الناتج المحلي الإجمالي في مصر، أكبر اقتصاد في شمال أفريقيا، من 7.2% في عام 2008 إلى 2.2% في 2012-2014، ويتوقع خبراء صندوق النقد الدولي أن يبلغ معدل نمو الاقتصاد المصري في عام 2016 نسبة 4.3%.
تلك التحديات اجبرت الحكومة على رسم خطط جديدة من اجل التغلب على بعض الصعوبات والازمات، هذا بالاضافة الى طلب الدعم من بعض الدول الغنية ومنها دول الخليج العربي، التي سعت الى دعم الحكومة الحالية بمليارات الدولارات، في سبيل تثبيت دعائم الاقتصاد المصري الذي يحتاج الى المزيد من الاصلاحات وتشجيع الاستثمارات الخارجية كما يقول بعض الخبراء، الذين اكدوا على تعافي الاقتصاد المصري يعتمد بشكل اساسي على تحسن مستوى الامن والاستقرار السياسي.
خسائر كبيرة
في هذا الشأن قال وزير السياحة المصري هشام زعزوع إن مصر ستخسر 2.2 مليار جنيه (281 مليون دولار) شهريا جراء قرار بريطانيا وروسيا تعليق الرحلات الجوية إليها بعد تحطم طائرة الركاب الروسية في شبه جزيرة سيناء. وعلقت بريطانيا الرحلات إلى مدينة شرم الشيخ المصرية بعد أيام من سقوط الطائرة الروسية عقب إقلاعها من مطار المدينة مشيرة إلى احتمال إسقاط الطائرة عن طريق قنبلة. وقتل جميع من كانوا على متن الطائرة الروسية وعددهم 224 شخصا. وعلقت عدة شركات الرحلات إل شرم الشيخ كما أعلنت روسيا في وقت لاحق وقف رحلاتها لكل المطارات المصرية.
وقال زعزوع إن السياح الروس والبريطانيين يشكلون ثلثي حركة السياحة في شرم الشيخ بينما يمثل الروس وحدهم نصف السياح في مدينة الغردقة المقصد السياحي المصري الرئيسي المطل على البحر الأحمر. وقال زعزوع إنه يعتزم إطلاق حملة بقيمة خمسة ملايين دولار للترويج للسياحة المصرية في بريطانيا وروسيا ردا على ما وصفه بالتأثير السلبي للتغطية الإعلامية الغربية لحادث الطائرة. وكان مسؤول روسي كبير استبعد إلغاء قرار موسكو قريبا. بحسب رويترز.
ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن سيرجي إيفانوف مدير الديوان الرئاسي الروسي قوله "إنه (القرار سيظل ساريا) لفترة طويلة. لا يمكنني حقا القول إلى متى لكن أعتقد أنه لعدة أشهر على الأقل." وأضاف أنه يجب تعزيز الأمن ليس في شرم الشيخ فقط ولكن أيضا في الغردقة والقاهرة "في الأماكن التي تحلق فيها الطائرات الروسية". وقال زعزوع إن الحكومة ستسعى إلى تعويض خسارتها من السياحة العالمية من خلال تشجيع السياحة الداخلية والخليجية وتسهيل حصول السياح القادمين من شمال أفريقيا على تأشيرات الدخول.
من جانب اخر قال رئيس غرفة شركات السياحة بجنوب سيناء جيفارا الجافي إن تداعيات حادث سقوط طائرة الركاب الروسية في شبه جزيرة سيناء قد تقلص الدخل من السياحة في شرم الشيخ إلى النصف. وقال الجافي "فقدان 40 بالمئة من عملائنا سيؤدي إلى خسارة نحو 50 بالمئة من دخل السياحة في شرم الشيخ وجنوب سيناء."
ويقول المجلس العالمي للسفر والسياحة إن قطاع السياحة يساهم مباشرة بنحو ستة بالمئة من الاقتصاد المصري ويدعم ما يربو على 1.3 مليون وظيفة. وتحظى شرم الشيخ بحوالي 70 بالمئة من زيارات البريطانيين الذين يشكلون جزءا كبيرا من السياح الوافدين لمصر. وقال الجافي إن القطاع كان يتوقع في الأصل زيادة عدد السائحين 30 بالمئة في موسم الشتاء. وأضاف "المشكلة أن حادث الطائرة وقع في بداية الموسم... وشرم الشيخ وجنوب سيناء من المقاصد الشتوية."
وذكر أن السياحة كانت على وشك الانتعاش بعد خمس سنوات من الاضطرابات السياسية التي شهدت الإطاحة برئيسين وعصفت بالاقتصاد. وفي العام الماضي زار 9.9 مليون سائح مصر مقارنة مع 14.7 مليون سائح زاروها في 2010 وهي السنة التي سبقت انتفاضات الربيع العربي التي اجتاحت الشرق الأوسط. وقال الجافي إن القطاع لا يمكنه التعامل مع هذه الأزمة بخفض الأسعار بعدما خفضها بالفعل عدة مرات. وأضاف "نخرج من خمس سنوات من الكساد. أسعارنا قد خفضت بالفعل إلى أقل مستوى تستطيع معظم الفنادق والقطاع تحمله."
دعم خليجي
الى جانب ذلك منحت دول الخليج دعما جديدا لحليفتها مصر إذ تعهدت بضخ مليارات الدولارات في صورة استثمارات وودائع بالبنك المركزي في خطوة من شأنها تعزيز مساعي الرئيس عبد الفتاح السيسي للنهوض بالاقتصاد المنهك وتحقيق نمو لا يقل عن ستة بالمئة خلال السنوات المقبلة. وتعهدت السعودية والكويت والامارات العربية المتحدة وسلطنة عمان بتقديم دعم إضافي لمصر بإجمالي 12.5 مليار دولار في صورة استثمارات ومساعدات وودائع بالبنك المركزي.
وقال السيسي إن مصر تعمل على زيادة معدل النمو الاقتصادي إلى ستة بالمئة على الأقل خلال السنوات الخمس المقبلة وخفض معدل البطالة إلى عشرة بالمئة. ويأتي الدعم الجديد بعد أن تلقت مصر على مدى اشهر منحا ومساعدات بترولية وودائع في البنك المركزي من السعودية والكويت والإمارات بأكثر من 23 مليار دولار كانت بمثابة شريان حياة لاقتصادها المثقل بالمتاعب.
وتعول الحكومة لمضاعفة الاستثمارات الأجنبية إلى مثليها في السنة المالية الحالية لتصل إلى ثمانية مليارات دولار كما تأمل بتوقيع اتفاقات تصل قيمتها إلى 20 مليار دولار في التجمع الذي وصفه رئيس الوزراء ابراهيم محلب بأنه "بداية رحلة نحو مستقبل أكثر اشراقا لكل المصريين."
وأعلن أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح أن أجهزة الاستثمار الكويتية ستوجه أربعة مليارات دولار للاستثمار في مصر دعما لاقتصادها. وقال "يسرني الإعلان عن قيام الأجهزة الاستثمارية في دولة الكويت بتوجيه 4 مليارات دولار من استثماراتها في قطاعات الاقتصاد المصري المختلفة ومن خلال الأدوات الاستثمارية المتنوعة." كما أعلن ولي العهد السعودي تقديم المملكة حزمة مساعدات بمبلغ أربعة مليارات دولار أيضا لمصر "تشمل وديعة بمليار دولار في البنك المركزي والباقي مساعدات تنموية."
وتعهد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء بالإمارات العربية المتحدة حاكم دبي بتقديم بلاده دعما إضافيا بقيمة أربعة مليارات دولار. وقال إنه سيتم "وضع ملياري دولار كوديعة في البنك المركزي وملياري دولار أخرى لتنشيط الاقتصاد المصري عبر مجموعة من المبادرات التي سيعلن عنها لاحقا." وأشار الشيخ محمد إلى أن إجمالي ما قدمته الإمارات لمصر خلال العامين الماضيين بلغ أكثر من 14 مليار دولار. بحسب رويترز.
كما أعلنت سلطنة عمان عن تقديم معونة مالية لمصر بقيمة 500 مليون دولار دعما لاقتصادها. وقال يحيى بن محفوظ رئيس مجلس الدولة العماني ممثل السلطان قابوس بن سعيد إن السلطنة قررت "تخصيص معونة مالية بمقدار 500 مليون دولار أمريكي.. تصرف هذه المساهمة على مدى خمس سنوات قادمة بموجب 250 مليون كمنحة لدعم السيولة المالية و250 مليون في شكل استثمارات في عدد من المشاريع الاستثمارية."
رفع قيمة الجنيه
في السياق ذاته أثار رفع مصر قيمة عملتها الجنيه تكهنات بتغيير كبير في طريقة إدراتها لأزمة العملة التي تعاني منها منذ فترة طويلة في ظل دلائل متزايدة على أن البنك المركزي ربما يعد العدة لآلية أكثر مرونة لسعر الصرف. ويعتقد اقتصاديون - لاسيما أولئك أصحاب الذاكرة الأبعد مدى - أن هذه الخطوة ربما تمهد لفترة تنطوي على تقلبات أكبر للعملة التي تدار بإحكام تفضي إلى خفض لقيمتها ومرونة أكبر في سعرها سيرا على نفس النهج الذي اتبعته مصر قبل نحو عقد من الزمن.
وأبقى البنك المركزي الجنيه في نطاق ضيق من خلال مزادات دورية لبيع الدولار استحدثها في 2012، لكن الضغوط النزولية تواصلت مما أجبره على السماح بتخفيضات تدريجية للعملة كل بضعة أشهر. ومع ذلك فقد رفع البنك سعر الجنيه بنسبة 2.5 في المئة، في أول تحرك من نوعه منذ 2013، وضخ مليار دولار في الاقتصاد. وفاجأ هذا المصرفيين الذين كانوا يطالبون بمزيد من الخفض في قيمة العملة لتعزيز القدرة التنافسية وضرب السوق السوداء للدولار التي اتسعت لسد حاجة الاقتصاد الذي يعتمد على الواردات في ظل نقص حاد في العملة الأجنبية.
وكافح محافظ البنك المركزي المصري المنتهية ولايته هشام رامز على مدى شهور للدفاع عن الجنيه وقال معظم المصرفيين إنه لا يمكنه الصمود إلى ما لا نهاية مع وصول الاحتياطيات الأجنبية إلى 16.4 مليار دولار تكفي لتغطية الواردات في ثلاثة أشهر فقط. وفرض رامز في فبراير شباط سقفا على كمية الدولارات التي يمكن إيداعها في البنوك وهو ما ساهم في كبح السوق السوداء واستقرار الجنيه ولو لبضعة أشهر.
وطالما تحدث مصرفيون عن أنه لم يعد ممكنا الإبقاء على سعر الجنيه عند مستوى أعلى من قيمته الحقيقية بعدما ألحق نقص الدولار والضبابية بشأن العملة الضرر بالتجارة والصناعة وأزعج المستثمرين. وعبر كثيرون عن ارتياحهم عندما استقال رامز وباتوا يتطلعون إلى المحافظ الجديد طارق عامر لتغيير النهج. وعقب رفع قيمة الجنيه واجه المصرفيون صعوبة لتفسير سبب تدخل البنك المركزي لزيادة قيمة عملة هي بالفعل أعلى من قيمتها بعدما رفعها إلى 7.73 جنيه للدولار وأبقاها عند نفس السعر في اليوم التالي.
ووسط التغيير في القيادة، التزم البنك الصمت بشأن دوافعه ولم يرد المسؤولون على طلبات للتعليق. لكن بعض الاقتصاديين يعتقدون أن ضخ الدولارات يهدف أيضا لتقليل انكشاف البنوك على أسعار الصرف قبل خفض كبير في سعر العملة. ويقولون إن رفع قيمة العملة يهدف كذلك لإبعاد المضاربين الذين يراهنون على هبوط الجنيه، بهدف تخفيف ربط العملة في نهاية المطاف والسماح بهبوطها.
وقال سايمون وليامز كبير الخبراء لمنطقة الشرق الأوسط وافريقيا ووسط وشرق أوروبا لدى إتش.إس.بي.سي في لندن "آمل أن يكون هذا خطوة أولى في تحرك صوب نظام أكثر مرونة للعملة وأن نرى بدءا من الآن مزيدا من التقلب لكن مع تحرك الجنيه المصري في اتجاه نزولي." وتابع قوله "آمل أن يسمحوا في البداية بالتقلب حتى لا تكون الرهانات في اتجاه واحد .. ثم يسمحوا بعد ذلك للعملة بالتحرك نزولا. نتوقع أن تكون العملة المصرية عند تسعة جنيهات للدولار بحلول منتصف 2016."
ويواجه الاقتصاد المصري صعوبات منذ انتفاضة 2011 التي تسببت في ابتعاد المستثمرين الأجانب والسياح وهو ما ضغط على الاحتياطيات الأجنبية التي تبلغ حاليا 16.4 مليار دولار. ومن المرجح أيضا أن يتضرر الجنيه المصري بسبب حادث سقوط الطائرة الروسية في سيناء حيث سيتراجع حجم الإيرادات بالعملة الصعبة من قطاع السياحة. وحث صندوق النقد الدولي مصر على التحول إلى نظام أكثر مرونة لسعر الصرف في سبتمبر أيلول عقب زيارته الأخيرة للبلاد ويتوقع اقتصاديون العودة إلى نظام التعويم المحكوم الذي كان قائما قبل أن تجبر الانتفاضة الشعبية البنك المركزي على التحرك.
وتتبع الخطوات التي اتخذت حتى الآن نمطا يقول خبراء اقتصاديون إن البنوك المركزية التي تسعى للتحول بشكل منظم إلى آلية أكثر مرونة لسعر الصرف تلجأ إليه غالبا: ويشمل خلق شعور بأن العملة يمكن أن تتحرك في الاتجاهين، والسماح بمزيد من النشاط فيما بين البنوك، ورفع أسعار الفائدة وتخفيف القيود الرأسمالية. وقال أكبر بنكين في البلاد وهما بنك مصر والبنك الأهلي المصري إنهما سيوفران 1.8 مليار دولار لتغطية احتياجات الواردات للمحافظة على حركة النشاط التجاري.
ورفع البنكان أسعار فائدة شهادات ادخار بالجنيه المصري إلى 12.5 بالمئة من عشرة بالمئة في المتوسط، بهدف تشجيع المستثمرين على التحول من الدولار إلى الجنيه الذي بات الآن مغريا أكثر. والإجراء الذي اتخذ خطوة جديدة في هذا الاتجاه. ويقدر مصرفيون حجم السيولة التي ضخها البنك المركزي في النظام المصرفي بنحو مليار دولار بالسعر الأعلى البالغ 7.73 جنيه للدولار من أجل مساعدة البنوك على تغطية ربع الحسابات الدولارية على المكشوف التي فتحوها للعملاء المتضررين من نقص العملة الأجنبية.
وقال محمد السويدي رئيس اتحاد الصناعات المصرية لوسائل إعلام محلية إن عامر - الذي التقى مع مصرفيين ومسؤولين كبار في الصناعة - وعد بضخ أربعة مليارات دولار في النظام المصرفي في الأسابيع القادمة لتغطية احتياجات الواردات. وقال جيسون توفي محلل شؤون الشرق الأوسط لدى كابيتال ايكونوميكس "ربما كانوا يمهدون الطريق لأمرين: تخفيض قيمة العملة والتحول إلى سعر صرف أكثر مرونة."
وكان عامر نائبا لمحافظ البنك المركزي إبان أزمة سابقة واتبع نهجا مشابها شمل رفع أسعار الفائدة وإحداث تقلبات في العملة لإعادة تقويم الجنيه. ويتذكر هاني جنينة مدير الأبحاث في فاروس تلك الفترة من عام 2003 حتى عام 2005 جيدا ويقول إن الإجراءات التي اتخذت مؤخرا "نسخة بالكربون" من السياسة السابقة. وقال جنينة إن الخطوات التالية يتوقع أن تتضمن رفع البنك المركزي للحد الأقصى للإيداعات الدولارية من 50 ألف دولار شهريا أو عشرة آلاف دولار يوميا وهو سقف قيد المستوردين وأجبر بعض الشركات الصناعية على وقف عمليات.
وشأنه شأن وليامز، يتوقع جنينة أن يشجع البنك المركزي على فترة من التقلبات مع تحديد أسعار فائدة مغرية على الودائع بالجنيه ليجذب المضاربين غير المنتظمين نحو هذا الملاذ الآمن. ويتوقع أن يبدأ البنك المركزي بعد ذلك توجيه الجنيه للنزول إلى مستوى أقرب لقيمته السوقية - بلغ سعر الدولار في السوق السوداء 8.6 جنيه لكن في نطاق تحرك أوسع بما يسمح بمرونة أكبر ويخفف الضغط على احتياطيات العملة الأجنبية. وقال جنينة "مفتاح تنفيذ تعويم محكوم ومستدام للعملة هو أن يكون مركز نطاق التحرك قريبا من حد التعادل."
ويقول مصرفيون إن مثل تلك السياسة تنطوي على مخاطر حيث أن تخفيض سعر الجنيه كثيرا سيزيد الضغوط التضخمية في مصر التي تعتمد بشدة على واردات الغذاء والتي يعيش الملايين فيها في فقر مدقع. لكن هذا الأمر لم يغب عن الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي حذر عندما عين عامر من أن على البنك المركزي ضمان توفر السلع الأساسية وإبقاء الأسعار تحت السيطرة. وساعدت أزمة في السلع على زيادة الضغط الشعبي على الرئيس السابق محمد مرسي قبل الإطاحة به في عام 2013.
ويضاف إلى الأدلة على أن البنك المركزي ربما يكون يستعد لخفض في قيمة العملة قد ينطوي على ضغوط تضخمية ما قاله وزير التموين يوم الاثنين من أن الهيئة المصرية العامة للسلع التموينية ستقوم بتوفير القمح المستورد للقطاع الخاص للمساعدة على إبقاء الأسعار منخفضة. وبعد ذلك بيومين طرحت الهيئة مناقصة عالمية لشراء دواجن في إجراء آخر غير معتاد قال جنينة إنه جزء من النهج ذاته الرامي إلى ضمان توفر المواد الغذائية الأساسية قبل التخفيض المحتمل لقيمة الجنيه.
إلا أن مصرفيين كثيرين يقولون إن البنك المركزي لا يملك احتياطيات كافية من النقد الأجنبي لإدارة تحول كبير كهذا وقد يقع فريسة للمضاربين الذين يراهنون على هبوط الجنيه إذا حاول الحفاظ على سعر الصرف الجديد أو السيطرة على السوق. وقال هاني فرحات كبير الاقتصاديين لدى سي.آي كابيتال "لا أعتقد أن مصر مستعدة من الناحية السياسية لتعويم العملة. صحيح أن التعويم الحر للعملة سيحل مشاكلنا وأن الصدمة ستكون مؤقتة وسوف نتجاوزها .. لكن المتطلبات الاقتصادية اللازمة للتعويم الحر غير متوفرة حتى الآن." وأضاف "هذا الرفع في قيمة العملة تحرك متواضع إذا ما قورن بما ينبغي عمله لإعداد الاقتصاد لتعويم حر."
ومثل آخرين، قال فرحات إن الحاجة الأكثر إلحاحا هي الخفض السريع لقيمة العملة مشيرا إلى أن الزيادة المتوقعة في أسعار الفائدة الأمريكية من قبل مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) من المرجح أن تعطي دعما للدولار وتضع ضغوطا نزولية جديدة على الجنيه وعلى عملات الأسواق الناشئة الأخرى. بحسب رويترز.
وقال جنينة إن على البنك المركزي توفير موارد جديدة للعملة الأجنبية بحلول أوائل العام المقبل بالتزامن مع أي تحول في السياسة. غير أنه من الصعب تحقيق هذا في ظل تدني أسعار السلع الأولية وتقلص المساعدات من الدول الخليجية وهروب المستثمرين بشكل عام من الأسواق الناشئة. وقال "ينبغي عمل كل هذه التغييرات بنهاية الربع الأول على أبعد تقدير، وإلا فستكون هناك مخاطر أن يتم فقد السيطرة على العملية وينتهي الأمر إلى تعويم مضطرب مع نفاد الاحتياطيات النقدية الأجنبية."
اضف تعليق