توقعات الاقتصاد العالمي تتراجع بسبب رسوم ترامب الجمركية، فالبنوك المركزية مثل مجلس الاحتياطي الاتحادي عليها التمسك بالحيطة والحذر والمصداقية. وأدت خطط ترامب إلى انخفاض توقعات النمو. وقال خبراء اقتصاد إن احتمالات الركود تبلغ 45 بالمئة. لكن هذا أثار أيضا احتمال ارتفاع التضخم الذي قال صناع السياسات إنهم...
سلسلة الرسوم الجمركية التي أقرّتها الإدارة الأميركية والتدابير الصينية المتّخذة للردّ عليها باتت تؤجّج المخاوف بشأن الاقتصاد الأميركي وتزعزع الأسواق.
وقد يقرّر الاحتياطي الفدرالي الأميركي على المدى الطويل خفض معدّلات الفائدة بهدف دعم الاقتصاد المتعثّر، وهو احتمال ينعكس انخفاضا في قيمة العملة الخضراء.
كما يُخشى أن يتوقّف الفدرالي الأميركي عن تأدية دور مقرض الملاذ الأخير بالكامل من خلال تقييد توفير الدولار للمصارف المركزية الأخرى.
وقالت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا إن توقعات الاقتصاد العالمي تتراجع أيضا بسبب رسوم ترامب الجمركية مشيرة إلى أن البنوك المركزية مثل مجلس الاحتياطي الاتحادي عليها التمسك بالحيطة والحذر والمصداقية.
وأدت خطط ترامب أيضا إلى انخفاض توقعات النمو. وقال خبراء اقتصاد إن احتمالات الركود تبلغ 45 بالمئة. لكن هذا أثار أيضا احتمال ارتفاع التضخم الذي قال صناع السياسات إنهم يتوخون الحذر منه.
وحذر جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) من أن سياسات ترامب في الرسوم الجمركية تثير مخاطر إخراج التضخم والتوظيف عن نطاق أهداف البنك المركزي التي يديرها بشكل مشترك بتفويض من الكونجرس.
وقد شن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سلسلة من الهجمات على باول متهما إياه "بأنه يسعى لمصالح سياسية" بسبب عدم خفضه أسعار الفائدة، ومؤكدا أنه يمتلك السلطة لطرد باول من منصبه "بسرعة"، وأنه يتطلع إلى اليوم الذي يرحل فيه باول.
وقال ترامب، في تدوينات نُشرت صباحا على وسائل التواصل الاجتماعي، إنه يترقب ترك باول لمنصبه كرئيس لمجلس الاحتياطي "بفارغ الصبر". وأضاف أن الاحتياطي الاتحادي يجب أن يخفض أسعار الفائدة، ووصف خطاب باول مؤخرا حول الاقتصاد بأنه "فوضى عارمة".
وتوسع في هجومه في ظهور صحفي لاحق في ما يظهر مدى تأثير قرارات الاحتياطي الاتحادي على حظوظ الرئيس.
وقال ترامب "الاحتياطي الاتحادي مدين حقا للشعب الأمريكي بخفض أسعار الفائدة. هذا هو الشيء الوحيد الذي يصلح له... أنا لست سعيدا به. إذا أردته أن يخرج من هناك فسيخرج بسرعة حقا صدقوني".
وفي تصريحات ترامب الحادة عن باول تذكرة باللهجة الشديدة التي كان يستخدمها أحيانا ضد رئيس الاحتياطي الاتحادي في فترة ولايته الأولى. وإذا حاول الرئيس إقالة باول بسبب عدم موافقته على قراراته المتعلقة بالسياسة النقدية، فقد يمثل هذا اقتحاما لقضية قد تهز الأسواق العالمية.
وقال ترامب إن الاقتصاد الأمريكي قد يتباطأ ما لم تُخفض أسعار الفائدة على الفور، مكررا انتقاده لرئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) جيروم باول.
وقال ترامب في منشور على منصة تروث سوشيال "مع هذا الاتجاه التنازلي الواضح للأسعار، وهو ما توقعته تماما، يكاد يكون من المستحيل أن يكون هناك تضخم، ولكن قد يكون هناك تباطؤ في الاقتصاد ما لم يخفض السيد ’متأخر للغاية، الخاسر الرئيسي’، أسعار الفائدة الآن".
وشهدت الأسهم الأمريكية، التي هبطت يوم الاثنين في بداية التعاملات بسبب مخاوف المستثمرين من تصاعد انتقادات ترامب ضد باول، مزيدا من التراجع بعد منشور الرئيس على موقع التواصل الاجتماعي.
وانخفض المؤشر ستاندرد اند بورز 500 القياسي اثنين بالمئة خلال يوم الاثنين.
وأثار نهج مجلس الاحتياطي الحذر بشأن أسعار الفائدة غضب ترامب. وصرح مستشار لترامب يوم الجمعة بأن الإدارة تدرس خيارات لإقالة باول، مما أثار مخاوف إزاء استقلالية البنك المركزي وأثار قلق المستثمرين الذين يعانون من حرب تجارية متصاعدة.
وقال المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض كيفن هاسيت إن الرئيس دونالد ترامب وفريقه يواصلون دراسة ما إذا كان بإمكانهم إقالة جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي)، في إشارة إلى أن مثل هذه الخطوة لا تزال مطروحة، وهي مسألة ذات عواقب كبيرة على استقلال البنك وعلى الأسواق العالمية.
وأضاف هاسيت لصحفيين في البيت الأبيض "سيواصل الرئيس وفريقه دراسة هذه المسألة"، وذلك ردا على سؤال صحفي عما إذا كانت إقالة باول في الوقت الحالي خيارا لم يكن مطروحا من قبل.
وجاء تصريح هاسيت بعد يوم من تصعيد ترامب لخلاف قديم مع باول متهما إياه بالتصرف "لأغراض سياسية" بعدم خفض أسعار الفائدة.
وأكد ترامب أنه يتمتع بسلطة إقالة باول من منصبه "سريعا جدا".
وزاد ترامب انتقاداته لباول، وقال لصحفيين خلال فعالية في المكتب البيضاوي "لو كان لدينا رئيس لمجلس الاحتياطي الاتحادي يفهم ما يفعل، لكانت أسعار الفائدة ستنخفض. يجب عليه أن يخفضها".
وبدا أن هاسيت ينأى بنفسه عن كتابه الصادر عام 2021 بعنوان "الانجراف: منع انزلاق أمريكا نحو الاشتراكية"، والذي ساق فيه الحجج على أن إقالة باول خلال ولاية ترامب الأولى كانت ستضر بسمعة الاحتياطي الاتحادي، وكان من الممكن أن تضعف مصداقية الدولار وتؤدي إلى انهيار سوق الأسهم.
وقال هاسيت "أعتقد أن السوق كانت مختلفة تماما في ذلك الوقت. وكما تعلمون، كنت أشير إلى التحليل القانوني الذي أجريناه آنذاك. وإذا ظهر تحليل قانوني جديد يقدم رؤية مختلفة، فعلينا إعادة النظر في استجابتنا".
وقال هاسيت إنه يركز على إجراءات البنك المركزي الأمريكي المتعلقة بالسياسات، لا على الشخصيات، وأبدى اعتراضه على قرار البنك رفع أسعار الفائدة خلال ولاية ترامب الأولى ووصفه التخفيضات الضريبية بأنها تغذي التضخم، لكنه لم يعترض على "الإنفاق الجامح" خلال فترة الرئيس السابق جو بايدن، والذي قال هاسيت إنه "وصفة لرفع التضخم".
وأضاف "لذا، إذا كنتم تعتقدون أن من غير المقبول شعور الرئيس ترامب بالإحباط من تاريخ سياسات مجلس الاحتياطي الاتحادي، فإنني أعتقد أن عليكم تقديم بعض التوضيحات".
وذكر هاسيت أن سياسات ترامب عززت الإنفاق الرأسمالي وأوجدت المزيد من فرص العمل، في حين أسهمت في خفض التضخم.
هل يملك ترامب سلطة إقالة بأول؟
ولم يتضح ما هو التحليل القانوني الجديد الذي يشير إليه، ولكن هناك قضية تحظى بمتابعة عن كثب ستحسم ما إذا كان ترامب تجاوز صلاحياته عندما طرد عضوين ديمقراطيين من مجالس عمل اتحادية. وهذه القضية منظورة حاليا أمام المحكمة العليا، وتعتبر سابقة محتملة لتحديد ما إذا كان بمقدور ترامب إقالة باول.
وأكد باول أن القانون لا يسمح بإقالته، وأنه لن يغادر منصبه إذا طلب منه ترامب ذلك، وأنه ينوي الاستمرار في عمله حتى نهاية ولايته في مايو أيار 2026.
وأوضح باول هذا الأسبوع أنه لا يعتقد أن القضية الحالية أمام المحكمة العليا الأمريكية ستسري على الاحتياطي الاتحادي.
ولم يتضح مدى امتلاك ترامب سلطة إقالة باول من المنصب الذي يختار الرئيس شاغله لكن مجلس الشيوخ يقر التعيين. وتنظر المحكمة العليا الأمريكية الآن في مساعي لترامب لعزل أعضاء وكالات مستقلة أخرى، لكن باول قال إنه يشعر أن القضية لن تغير شيئا فيما يتعلق باستقلالية الاحتياطي الاتحادي الراسخة منذ فترة طويلة في السياسة النقدية، وهو أمر يحظى بدعم واسع من الحزبين.
وعلى نقيض تأكيد ترامب بأن باول سيغادر منصبه إذا طُلب منه ذلك، قال باول، وهو مستثمر سابق في الأسهم الخاصة ولديه ما يكفي من الثروة المستقلة لتمويل الطعن القانوني الخاص به، إنه لا يعتزم ترك منصبه قبل انتهاء فترة ولايته في مايو آيار من العام المقبل.
لكن هذه التصريحات أحيت قضية كان المستثمرون يأملون في تسويتها وهي أن يقضي باول فترة ولاية مدتها أربع سنوات تنتهي في مايو آيار 2026، وأن يختار ترامب خلفا له في هذه الأثناء. وقد يتفادى مثل هذا الانتقال نوعا من الصراع قد يقوض مصداقية الاحتياطي الاتحادي التي ما زالت مهمة للأسواق العالمية.
مخاطر عالية
وذكرت بوليتيكو نقلا عن مصادر لم تسمها بعد منشور ترامب الأحدث أن وزير الخزانة سكوت بيسنت يحذر مسؤولي البيت الأبيض من تبعات إقالة باول التي يرى أنها تخاطر بزعزعة استقرار الأسواق المالية.
وتأتي تصريحات ترامب بعد يوم واحد من تصريح لباول في فعالية في النادي الاقتصادي في شيكاجو قال فيه إن استقلالية الاحتياطي الاتحادي "مفهومة ومدعومة على نطاق واسع جدا في واشنطن والكونجرس، وهذا هو المهم". وحظي تصريحه بتصفيق مجموعة بارزة من المديرين التنفيذيين للشركات لتعهده بتحديد أسعار الفائدة باستقلال عن الضغوط السياسية أو الاعتبارات الحزبية.
وحذر باول يوم الأربعاء من أن سياسات ترامب في الرسوم الجمركية تثير مخاطر إخراج التضخم والتوظيف عن نطاق أهداف البنك المركزي التي يديرها بشكل مشترك بتفويض من الكونجرس.
وقال باول إن الاحتياطي الاتحادي "مستعد جيدا لانتظار مزيد من الوضوح" مضيفا أن الاحتياطي الاتحادي ليس مستعدا لتحريك السياسة في أي اتجاه أو بأي وتيرة حتى ينتهي ترامب من خططه في الرسوم الجمركية ويتضح تأثيرها على الاقتصاد بشكل أكبر.
وخفض البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة الرئيسي ربع نقطة استجابة لتوقعات النمو التي "تدهورت بسبب التوتر التجاري" بعد جهود ترامب لزيادة الرسوم على الواردات. ومن المتوقع أن يواصل التضخم انخفاضه في منطقة اليورو.
وفي الولايات المتحدة، أدت خطط ترامب أيضا إلى انخفاض توقعات النمو. وقال خبراء اقتصاد استطلعت رويترز آراءهم إن احتمالات الركود تبلغ 45 بالمئة. لكن هذا أثار أيضا احتمال ارتفاع التضخم الذي قال صناع السياسات إنهم يتوخون الحذر منه.
وقال رئيس مركز الاحتياطي الاتحادي في نيويورك جون وليامز في برنامج (فوكس بيزنس) يوم الخميس "لا أرى حاجة لتغيير سعر الفائدة على الأموال الاتحادية في أي وقت قريب... الأمر يتعلق حقا بجمع المعلومات، وفهم أفضل لما يحدث في الاقتصاد فيما تبقى من هذا العام، وفهم الغموض الذي يكتنف الموقف".
وأضاف "أعتقد أن لدينا فترة تضخم أعلى ومسار نمو أبطأ هذا العام مقارنة بالعام الماضي. ومن ثم، هذا مزيج يتعين إمعان التفكير فيه".
ويبلغ نطاق سعر الفائدة القياسي لمجلس الاحتياطي الاتحادي حاليا 4.25-4.50 بالمئة، وهو نفس المستوى منذ ديسمبر كانون الأول بعد عدة تخفيضات في أسعار الفائدة أواخر العام الماضي.
وحذر باول من أن سياسات ترامب في الرسوم الجمركية تثير مخاطر إخراج التضخم والتوظيف عن نطاق أهداف البنك المركزي التي يديرها بشكل مشترك بتفويض من الكونجرس.
وقال باول إن الاحتياطي الاتحادي "مستعد جيدا لانتظار مزيد من الوضوح" مضيفا أن الاحتياطي الاتحادي ليس مستعدا لتحريك السياسة في أي اتجاه أو بأي وتيرة حتى ينتهي ترامب من خططه في الرسوم الجمركية ويتضح تأثيرها على الاقتصاد بشكل أكبر.
بدوره عبر أوستن جولسبي رئيس بنك الاحتياطي الاتحادي في شيكاجو يوم الأحد عن أمله في ألا تتوجه الولايات المتحدة نحو بيئة يتم فيها التشكيك في قدرة مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) على تحديد السياسة النقدية بشكل مستقل عن الضغوط السياسية.
وقال جولسبي أن خبراء الاقتصاد متفقون على أن البنوك المركزية التي لديها القدرة على إدارة السياسة النقدية دون تأثير سياسي تحقق نتائج أفضل لاقتصاداتها، وذلك ردا على سؤال في برنامج (فيس ذا نيشن) الذي تبثه شبكة (سي بي.إس) بخصوص انتقادات الرئيس دونالد ترامب الأسبوع الماضي لجيروم باول رئيس البنك المركزي الأمريكي.
لكنه أضاف أنه بالنسبة لمن لا يتمتعون بهذه الحرية، فإن "معدل التضخم أعلى، والنمو أبطأ، وسوق العمل أسوأ".
وتابع "آمل بشدة ألا ندفع أنفسنا إلى بيئة يكون فيها الاستقلال النقدي موضع تشكيك، لأن ذلك من شأنه أن يقوض مصداقية مجلس الاحتياطي الاتحادي".
وقالت ماري دالي رئيسة بنك الاحتياطي الاتحادي في سان فرانسيسكو إنها على الرغم من أنها لا تزال تميل لخفض أسعار الفائدة مرتين هذا العام، فإن تزايد مخاطر التضخم يعني أن البنك المركزي قد يحتاج إلى اتخاذ إجراءات أقل، خاصة وأن حالة عدم اليقين بشأن سياسة الرئيس دونالد ترامب التجارية لم تُحدث حتى الآن تأثيرا يذكر في زعزعة النمو الاقتصادي الأمريكي الذي لا يزال قويا.
وأضافت في فعالية نظمها مركز فيشر للعقارات والاقتصاد الحضري بجامعة كاليفورنيا في بيركلي أن "الاستمرار في خفض سعر الفائدة تدريجيا دون التعجل بردود فعل سريعة هو التصرف الصحيح".
ومضت قائلة "في النهاية، قطعنا وعدا واحدا للشعب الأمريكي.. أعتقد أنكم جميعا تتذكرون... وهو أننا سنعيد استقرار الأسعار. هذا هو الأساس الأهم لجميع ما نقوم به".
ويقول صانعو السياسات إن الرسوم الجمركية من المرجح أن تزيد التضخم وتُبطئ الاقتصاد. ويقول كثيرون، ومنهم رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي جيروم باول، إنهم يريدون الانتظار ورؤية ما سيحدث فعليا في التجارة والسياسات الأخرى قبل إجراء أي تعديلات، وهو رأي أيدته دالي أيضا.
وقالت دالي إن من الممكن أن يُجري الاحتياطي الاتحادي أكثر من خفضين لأسعار الفائدة هذا العام إذا انخفض التضخم بوتيرة أسرع من المتوقع أو تعثر سوق العمل.
وأضافت أن حالة الضبابية المتعلقة بالسياسات لم تبطئ الاقتصاد حتى الآن.
وأوضحت "لم نسمع الكثير عن التراجع والترقب... لكن هذه ليست الطريقة التي تتصرف بها الشركات والمستهلكون".
وتابعت "لم يُوقف الغموض النشاط... فالأفراد مستعدون للانخراط".
اضف تعليق