الحرب المستمرة في سوريا، اسهمت وبشكل واضح في دمار هذا البلد الذي تحول الى ساحة حرب عالمية مصغرة، من اجل تحقيق مصالح خاصة على حساب الشعب السوري الذي اصبح يعاني الكثير من المشكلات والازمات الانسانية والاقتصادية المتفاقمة بسبب استمرار هذا الصراع، فهذه الحرب وكما يقول بعض الخبراء اثرت كثيرا على الاقتصاد السوري الذي بات على حافة الانهيار، كما انه اثر ايضا على اقتصاد البلدان الاخرى حيث تقطعت الروابط الاقتصادية بالمنطقة.
مع وقوع الأزمة وكما تنقل بعض المصادر بدأ الاقتصاد السوري، يعاني من أضرار جسيمة بسبب الدمار والحصار وتخريب المنشآت الاقتصادية، الذي أسهم بتوقف وتراجع إنتاجية معظم القطاعات والمؤسسات الحيوية، وتراجع القوة الشرائية لليرة السورية، وتضرر الخزينة العامة بسبب عدة عوامل، أهمها العقوبات الاقتصادية المفروضة، وانخفاض واردات النفط، وتراجع الإيرادات الضريبية، وتناقص الودائع المصرفية وهروب رؤوس الأموال وغيرها من الاضرار الاخرى التي تحتاج لفترة زمنية طويلة ومبالغ ضخمة لمعالجتها.
ويقدر بعض الخبراء حجم الكارثة التي حلت بالاقتصاد السوري خلال الأزمة بما يفوق 80 مليار دولار حتى الآن، ونتيجة للأزمة أضحى الاقتصاد السوري بحالة من الترهل وانقطاع صلة الوصل بين أعضاءه من مختلف الفعاليات الاقتصادية، وغياب الترابط بين المنتجين والتجار ومزودي الخدمات بسبب صعوبة النقل والشحن والاتصال بين مختلف المناطق، كما سبب فقدان الأمن وصعوبة المواصلات أضراراً لا يستهان بها بالقطاع الزراعي، ما أدى الى نقص في السلع الغذائية، مترافقاً مع ارتفاع أسعار هذه السلع التي أصبحت وأمست فوق طاقة المواطن.
لكن وعلى الرغم مما تقدم فقد عمدت السلطات السورية وبحسب بعض المراقبين، الى اعتماد بعض الخطط والاجراءات المهمة في سبيل تقليل حجم الخسائر والاضرار، والاستمرار في دعم بعض المؤسسات لتأمين السلع والخدمات الأساسية، وهو ما عده البعض انجاز مهم يحسب للحكومة السورية خصوصا اذا ما تم مقارنة ذلك مع دول اخرى حدثت فيها أزمات اقتصادية اجبرتها على اتخاذ خطط وبرامج تقشف كبيرة اثرت سلباً على الحياة العامة في تلك الدول.
أكثر من النصف
في هذا الشأن فقد قال تقرير جديد إن الاقتصاد السوري انكمش أكثر من النصف على مدى أربع سنوات منذ اندلاع الحرب في ظل تناقص إنتاج النفط وتصاعد التضخم والانهيار شبه الكامل للعملة. وقال مركز الدراسات البريطاني تشاتام هاوس إن الأرقام تثير تساؤلا بشأن ما إذا كانت الأزمة الاقتصادية قد تؤدي إلى انهيار عسكري لحكومة الرئيس بشار الأسد أم أن مزيدا من الهزائم العسكرية قد يفضي إلى انهيار اقتصادي.
وقال تقرير عنوانه "الاقتصاد السوري.. لملمة ما تبقى" إن الليرة السورية فقدت 78 بالمئة من قيمتها منذ اندلاع الصراع في عام 2011 في حين بلغ معدل التضخم السنوي ذروته عندما سجل حوالي 120 بالمئة في يوليو تموز وأغسطس آب 2013. وبلغ معدل زيادة الأسعار 51 بالمئة في المتوسط بين يناير كانون الثاني 2012 ومارس آذار 2015.
وقال ديفيد بتر محرر التقرير "خلال النصف الأول من 2015 أظهر النظام علامات تصدع متزايدة على الصعيدين العسكري والاقتصادي. "يثير هذا تساؤلا عما إذا كان تدهور حاد للوضع الاقتصادي قد يقود إلى انهيار النظام عسكريا أو إلى تسوية سياسية تفرض من الخارج ولا يرغب فيها الأسد أم أن مزيدا من الانتكاسات العسكرية سيفضي إلى الانهيار الاقتصادي للنظام."
وقال تقرير تشاتام هاوس إن قطاعي التعدين والإنشاءات كانا من بين الأشد تضررا. وعانى قطاع التعدين الذي يشمل إنتاج النفط من انكماش نسبته 94 بالمئة بالأسعار الحقيقية منذ عام 2010 وفقا لتقديرات منسوبة إلى المركز السوري لبحوث السياسات. وتناقص إنتاج النفط الذي تسيطر عليه الدولة من 387 ألف برميل يوميا إلى أقل من عشرة آلاف وهو ما يحرم الحكومة من مصدر مهم للإيرادات. ونتيجة لذلك تقلص دعم الوقود والغذاء. وأوضح مركز الدراسات البريطاني أن بعض الإحصاءات ينبغي التعامل معها بحذر نظرا لصعوبة فحص البيانات في ظروف الحرب.
وفي ظل القلاقل الحادة التي تعاني منها البلاد وحضور مقاتلي تنظيم داعش الساعين لفرض السيطرة انكمش عدد السكان نحو 17 بالمئة من 21 مليون نسمة إلى حوالي 17.5 مليون بسبب نزوح اللاجئين. وقالت منظمة أطباء بلا حدود إن تعطل إمدادات الوقود بسبب القتال بين المجموعات المسلحة في شمال سوريا قد يؤدي إلى إغلاق المستشفيات وقد يصيب عمل سيارات الإسعاف وخدمات الإنقاذ بالشلل. وأعد مركز الدراسات التقرير من واقع بيانات لمصرف سوريا المركزي والأمم المتحدة ومصادر أخرى.
من جانب اخر خصصت الدولة السورية اكثر من 60 بالمئة من ميزانيتها العامة للدعم الاجتماعي فيما يعاني اقتصاد البلاد من وضع مزر نتيجة الصراع الدامي المستمر. واقر مجلس الشعب قانون الموازنة العامة للدولة لعام 2015 بنحو 1554 مليار ليرة سورية (7،7 مليار دولار)، بحسب وكالة الانباء الرسمية (سانا).
وبلغت اعتمادات العمليات الجارية 1144 مليار ليرة (5،7 مليار دولار) بزيادة قدرها 134 مليار ليرة عن العام الماضي. وخصص نحو 63 بالمئة من الميزانية اي ما يقارب 983،5 مليار ليرة سورية (4،9 مليار دولار) للدعم الاجتماعي مقابل 615 مليار ليرة (3،07 مليار دولار) الموافقة ل 45 بالمئة من ميزانية عام 2014. واوضح وزير المالية اسماعيل اسماعيل، بحسب الوكالة، "ان زيادة قيمة الدعم الاجتماعي لهذا العام مقارنة بالعام الماضي ناجمة عن زيادة سعر الصرف وارتفاع فاتورة المستوردات التموينية والنفطية". بحسب فرانس برس.
وقدرت الاعتمادات المخصصة للعمليات الاستثمارية ب 410 مليار ليرة (2،05 مليار دولار) اي بزيادة 30 مليار ليرة (150 مليون دولار) على موازنة العام الحالي، بحسب سانا. ورصدت الموازنة مبلغ 50 مليار ليرة سورية (250 مليون دولار) للاعمار واعادة تاهيل المنشات العامة والتعويض عن الاضرار التي لحقت بالمنشات الخاصة. ولم تشر الوكالة الرسمية الى العائدات والديون، كما لم تشر الى عائدات النفط والسياحة احد اهم مصادر الدخل. ويبلغ سعر صرف الدولار الجاري نحو 200 ليرة سورية فيما كان يبلغ نحو 150 ليرة العام الماضي.
أسوأ مركز
الى جانب ذلك احتلت سوريا أسوأ المراكز في مؤشر للدول التي تشهد اضطرابات وهذه هي المرة الثانية على التوالي التي تحتل فيها سوريا أسوأ مركز في قائمة مؤشر الاضطرابات الأهلية الذي يحلل مخاطر الاضطرابات على أعمال الشركات في 197 دولة. وتلت سوريا في المؤشر كل من جمهورية أفريقيا الوسطى وباكستان والسودان وجنوب السودان وكلها اعتبرت دول ذات "مخاطر بالغة" بسبب الصراعات الداخلية والعنف.
وقالت شركة مابلكروفت لتحليل المخاطر التي جمعت بيانات المؤشر إن المخاطر التي تواجهها الأعمال من الاضطرابات الأهلية ارتفعت لأسباب عديدة منها تفشي مرض الايبولا في غرب افريقيا والاحتجاجات على العملية العسكرية الاسرائيلية في غزة والمظاهرات ضد التدخل الروسي في أوكرانيا. وقالت تشارلوت انجهام كبيرة المحللين في مابلكروفت إن المؤشر سيساعد الشركات المتعددة الجنسيات والمنظمات غير الحكومية على السواء في إعداد إجراءات لمواجهة الحالات الطارئة عند العمل في المناطق التي تشهد اضطرابات أهلية.
وقالت "الاضطرابات الأهلية مصدر قلق كبير للمنظمات لأنها يمكن أن تؤثر في سلامة الموظفين وممتلكات الشركات." وشهدت هونج كونج أكبر زيادة في المخاطر في الربع الاخير فتراجعت إلى المركز 70 بعد أن كانت في المركز 132 في اعقاب احتجاجات المطالبين بالديمقراطية. أما ليبيريا فشهدت ثاني أكبر زيادة في المخاطر وتراجعت للمركز 74 من 113 بسبب تزايد الاضطرابات الناجمة عن انتشار فيروس الايبولا. بحسب رويترز.
ووجد المؤشر أن الاضطرابات المدنية في 69 دولة أخرى تمثل "مخاطر مرتفعة" على استمرار نشاط الأعمال ومنها مراكز صناعية اسيوية في تايلاند واندونيسيا وفيتنام والصين والهند وكمبوديا والفلبين. وكانت أفضل الدول أداء سان مارينو وليختنشتاين والدنمرك وايسلندا والنرويج وكلها ضمن أفضل عشر دول.
الاحتياطيات الدولارية
من جهة اخرى قال مصرفيون ومتعاملون إن البنك المركزي السوري اشترى مئات الملايين من الدولارات من السوق المحلية للعملة التي يحكم الآن السيطرة عليها وهو ما يساعده في بناء احتياطيات لتعويض ما استنزف منها بسبب الحرب التي أصابت اقتصاد البلاد بالشلل. وبعد إلقاء القبض على العشرات من تجار العملة في حملة على السوق السوداء قامت دمشق بتلك المشتريات دون أن يتسبب ذلك في خفض جديد لقيمة الليرة السورية فيما يرجع جزئيا إلى دولارات ضخها أعداء الرئيس السوري بشار الأسد في مناطق تحت سيطرة المعارضة المسلحة.
وساعد الاستقرار النسبي لليرة السلطات على تفادي قفزة اخرى للتضخم قد تقوض الدعم في المناطق التي تحت سيطرتها وتخفيف الضغوط الاقتصادية على الحكومة. وقال مصرفي ببنك خاص محلي على دراية بأفكار البنك المركزي "في الاشهر الماضية كانت مشتريات البنك المركزي من الدولارات أكبر من المبيعات." وقدر المصدر ان البنك المركزي اشترى الدولارات بمعدل تراوح من 5 ملايين إلي 10 ملايين دولار يوميا. وقال مصرفيان مطلعان ان البنك المركزي جمع 600 مليون دولار على الأقل من خلال بيع العملة المحلية منذ الصيف ومع هذا فان الليرة تراجعت بشكل محدود إلى 159 مقابل الدولار من 140.
وفي الصيف الماضي هبطت الليرة إلى 335 مقابل الدولار مع تهديد الغرب بضربات جوية تراجع عنها مقارنة مع 47 قبل مارس اذار 2011. ويقول مصرفيون إن البنك المركزي إكتسب ايضا خبرة تمكنه من تحقيق أرباح من تدخلاته مرسلا رسالة إلى اللاعبين الآخرين بأنه القائد للسوق. وتسبب الصراع المستمر في خسائر بمليارات الدولارات مما أدى الى إلحاق أضرار بالزراعة وتدمير الصناعة وفقدان إيرادات العملة الاجنبية للسياحة وتصدير النفط.
ويقدر خبراء اقتصاديون احتياطيات النقد الأجنبي لدى سوريا قبل الازمة بما يتراوح بين 16 مليار الى 18 مليار دولار. ولم ينشر البنك المركزي أي ارقام حديثة لكن تقريره لعام 2011 أظهر انهيار تلك الاحتياطيات بحوالي الثلث بنهاية ذلك العام. ويقول مصرفيون ان احدى مفارقات الحرب ان الليرة تلقى دعما من 100 مليون إلي 200 مليون دولار تتدفق الي المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة في شمال سوريا. ومعظم تلك الاموال هي تمويل خاص وحكومي للمعارضين المسلحين يأتي من منطقة الخليج ويجد طريقه من خلال التجارة المحلية الى أقبية البنك المركزي.
وقال أحدهم "الدولارات التي يجري تغييرها الى الليرة تنساب عائدة الى شرايين الاقتصاد. هي تتحرك في الدورة الاقتصادية وتصل في نهاية المطاف الي البنك المركزي." وقال مصرفيون ان الناس في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة عادوا الى استخدام العملة المحلية على الرغم من توقعات مبدئية بانهيارها وهذا أثار طلبا على الليرة.
وقال مصرفي "كان هناك خطر بأن الناس سيبدأون استخدام الدولار وترك الليرة لكن الناس الان فقدوا الثقة في ان الليرة ستنهار." ويقول متعاملون ان شركات محلية مرتبطة بشكل وثيق بالسلطات تقوم الان بمعظم الصفقات المرخصة للعملة بعد ان اودع السجن عشرات من تجار العملة الذين القي عليهم بالمسؤولية في مضاربات شديدة للعملة وهو ما يعطي دمشق قوة أكبر.
وقال تاجر عملة اعتقل لبعض الوقت اثناء الحملة على تجار العملة في السوق السوداء ويعمل الان في طي الكتمان في حي ابو رمانة بدمشق "السيطرة على الطلب والعرض اصبحت كاملة." وقال مصرفي سوري آخر "يوجد قدر أكبر كثيرا من السيطرة والاشراف... هم (السلطات) قلصوا نشاط السوق السوداء الى حد كبير." وساعد تراجع حاجات التمويل للواردات مع تداعي التجارة الدولية لسوريا على تقليل الطلب على الدولارات.
ويقول مصرفيون ورجال اعمال ان السلطات أنهت منذ وقت طويل مشروعا لتمويل الاستيراد كان يتيح للمستوردين السوريين الحصول على دولارات رخيصة لشراء السلع الصناعية. ويقول رجال اعمال ان السلطات الان تعرض سعر تفضيلا للدولار على عدد قليل فقط من رجال الاعمال الذين يستوردون السلع الغذائية الاساسية وان معظم الواردات الغذائية التجارية التي تأتي الي سوريا يمولها القطاع الخاص.
وسيساعد إنهاء تجميد بعض الأموال الحكومية في حسابات مصرفية أوروبية للسماح بمشتريات غذائية انسانية في مزيد من تقليص الحاجة الي الدولارات مستقبلا. وقال مصرفيون ان استقرار العملة أصبح فعليا مؤشر الثقة الاقتصادية لسوريا ودلالة على قدرة الحكومة على تخفيف آثار الحرب والعقوبات الغربية. وقال رجال أعمال "انه يسهل التجارة والنشاط الصناعي. عندما يتجه الدولار للانخفاض فإن التجار يتوقفون عن البيع." بحسب رويترز.
وساعد مثل هذا الاستقرار في كبح الضغوط التي أدت الي زيادات وصلت الي 50 بالمئة في أسعار السلع الاستهلاكية الاساسية العام الماضي. وجانب رئيسي للسياسة الاقتصادية للسلطات لتفادي سخط أوسع في المناطق التي تحت سيطرتها هو محاولة تقييد الزيادات في أسعار السلع الاساسية. ويقول مصرفيون ان نجاح البنك المركزي في تحقيق استقرار الليرة لا يبدو انه يتعرض للتهديد في المستقبل القريب.
سوريا واقتصاد الدول الاخرى
على صعيد متصل يتفقد خالد عراجي يوميا شاحنة النقل الحمراء المركونة في بلدته في شرق لبنان ويتحدث عن راحة "قسرية" بعد ثلاثين عاما من قيادة الشاحنات في رحلات طويلة إلى دول الخليج، فالأزمة السورية نازعت اللبنانيين لقمة العيش. وخالد عراجي واحد من مئات سائقي شاحنات النقل الخارجي اللبنانيين المتوقفين عن العمل منذ سيطرة المجاميع المسلحة على معبر نصيب الحدودي مع الأردن في محافظة درعا (جنوب) وتوقف حركة التصدير برا. وكان يقوم برحلات منتظمة من لبنان عبر سوريا إلى عدد من دول الخليج لنقل منتجات زراعية وغذائية وآلات وغيرها.
ويروي عراجي إنه كان مع 52 سائقا لبنانيا في الجانب السوري من معبر نصيب يوم اندلاع المعركة بين الجيش والمسلحين. ويتابع "انتظرنا اليوم الأول والثاني، وفي اليوم الثالث اشتد القصف وسقطت الحدود"، مضيفا أن أوراق الشاحنات وتصريحات الدخول والخروج "احترقت كلها في نصيب"، بعد أن كان السائقون سلموها إلى موظفي الجمارك. ويترتب إقفال الأردن لحدوده مع سوريا أعباء على الاقتصاد اللبناني المنهك أصلا بفعل أسباب عدة بينها تداعيات الأزمة السورية. ويصدر لبنان برا إلى الأسواق العربية الخضار والفواكه ومواد غذائية ومعلبات وحبوبا ومربيات وآلات ومعدات كهربائية ومواد أولية للصناعات الكيماوية.
وبلغت صادرات لبنان العام 2014، وفق إحصاءات رسمية، أكثر من 920 مليون دولار إلى دول مجلس التعاون الخليجي وقرابة 256 مليون دولار إلى العراق. وتحتل السعودية والإمارات والعراق قائمة الدول المستوردة من لبنان. ويقول المحلل الاقتصادي نسيب غبريل "معبر نصيب كان الوحيد الذي تصدر من خلاله المنتجات اللبنانية برا وبعد إغلاقه لم يعد هناك من معابر. تتعرض 35 في المئة من الصادرات اللبنانية اليوم للخطر".
ويشير إلى أن قطاع التصدير البري هو القطاع الثاني المتضرر بعد السياحة في لبنان بسبب الحرب السورية المستمرة منذ أربع سنوات. في 2014، صدر لبنان وفق غبريل، منتجات بقيمة ثلاثة مليارات و300 مليون دولار، أي ما يوازي ثمانية في المئة من حجم الاقتصاد، وذلك بتراجع نسبته 16 في المئة عن عام 2013. ويقول غبريل "نواجه اليوم تراجعا إضافيا بسبب الاضطرابات وإغلاق المعبر الوحيد الذي تنفذ منه الصادرات إلى الأسواق الخليجية والعراقية".
ويقول نقيب مالكي الشاحنات المبردة عمر العلي في مكتبه في بلدة بر الياس القريبة من الحدود السورية "لدينا 900 شاحنة مبردة متوقفة داخل لبنان ونحو 290 شاحنة أخرى عالقة في الخارج بين السعودية والكويت والأردن". ويوضح العلي أن نحو 250 شاحنة نقل كانت تجتاز الحدود اللبنانية يوميا في الأوضاع العادية. وفي فترات الركود، انخفض العدد إلى 120 قبل توقف الحركة كليا، باستثناء الرحلات التي تنقل البضائع إلى السوق السورية.
ويتحدث العلي عن خسائر بملايين الدولارات ويقول "شاحناتنا تنقل إنتاجنا الزراعي وإنتاجنا الصناعي، وهو ما يحرك الاقتصاد اللبناني". ويضيف "يقبض السائقون راتبا بقيمة 1500 دولار شهريا لتأمين متطلبات عائلاتهم عبر تحريك قطاعات أخرى. كل ذلك توقف الآن". ويوضح المحلل الاقتصادي نسيب غبريل أن نقل البضائع عبر البحر "يتطلب وقتا أكثر من البر والكلفة بالتأكيد أعلى، لكن هذا الحل يبقى أفضل من لا شيء". بحسب فرانس برس.
ويعد القطاع الزراعي أكثر القطاعات تضررا في حال استمرار أزمة التصدير، وهو يعاني أساسا من نقص الدعم الرسمي والأساليب الحديثة. ووفق إحصاءات وزارة الزراعة، يؤمن هذا القطاع نحو ستة في المئة من الدخل الوطني ويشغل ما بين عشرين إلى ثلاثين في المئة من اليد العاملة ويمثل نحو 17 في المئة من قيمة الصادرات.
اضف تعليق