الاهتمام بالطبقة العاملة والمنتجة أصبح اليوم وفي ظل ما يشهده العالم من تغيرات وتطورات علمية واقتصادية كبيرة، من أهم الضروريات في الكثير من الدول والمؤسسات الإنتاجية، التي تسعى بشكل جاد إلى تطوير وتنمية قدرات القوى العاملة في شتى المجالات الإدارية والإنتاجية وغيرها، لتحقيق الأهداف والغايات المنشودة من خلال اعتماد الدراسات والبحوث العلمية وتطبيقها على ارض الواقع كما يقول بعض الخبراء في هذا المجال، الذين أكدوا على أن تلك البحوث والدراسات قد أسهمت بصورة فاعلة في الحد من بعض المشكلات الصحية والنفسية التي قد يتعرض لها الكثير من العاملين وخصوصا أصحاب الاعمال المجهِدة.
وفيما يخص بعض تلك الدراسات والبحوث فقد أكدت دراسة بريطانية ان المدير الصارم أو الوظيفة السيئة.. يلعبان دوراً في زيادة الوزن لدى الموظف. وتوصل الباحثون أن الموظفين الذين يواجهون يوماً سيئاً في أعمالهم هم أكثر عرضة لتناول الوجبات السريعة والحلويات، على عكس نظرائهم الذين يقضوا يوماً جيداً في العمل إذ يتجهون إلى تناول وجبات صحية منخفضة السعرات الحرارية.
وكشفت الدراسة، التي تضمنت 2000 موظف، أن المزاج في العمل يؤثر على نوع الغذاء الذي يتناوله 77% من عينة البحث، كما كشفت أن 54% منهم يتغير قرارهم بتناول غذاء صحي بسبب تأثر مزاجهم في العمل. ويعود تناول الوجبات السريعة والحلويات أثناء ساعات العمل إلى ضغط العمل أيضاً، فمعظم من شملهم البحث أكدوا تناولهم الغذاء على مكاتبهم ثلاث مرات أسبوعياً، إذ لا يحتاج تناول الوجبات السريعة إلا لما معدله ست دقائق، وفقاً للدراسة. ولا تؤثر الوجبات السريعة على الصحة فحسب، فهي تطال الميزانية أيضاً، إذ يصل معدل ما يصرفه هؤلاء إلى 350 دولار سنوياً.
السكون وآلام الظهر
من جانب آخر تتضمن شرور الجلوس لفترات كثيرة آلاما بالجسم وأوجاعا واجهادا لكن دراسة جديدة تشير الى أن الوقوف لفترات تصل الى 30 دقيقة أثناء العمل ربما يخفف آلام الظهر دون الإضرار بالانتاجية. فقد تناوب العاملون بمكتب استرالي الجلوس والوقوف كل 30 دقيقة لمدة أسبوع وشعروا بإجهاد أقل وآلام أقل في الظهر وكذلك آلام اقل في الساق مما كان عليه الوضع عندما كانوا يجلسون طول يوم العمل.
وقالت أليشيا إيه ثورب بمعهد بيكر للقلب والسكري في ملبورن بأستراليا والتي أشرفت على الدراسة "نتائجنا تؤكد ما توقعناه وهي ان ادخال فواصل منتظمة عبر يوم العمل يؤدي إلى تحسن في أعراض الاجهاد والعضلات والعظام مقارنة بالجلوس طول اليوم". وكتب فريق ثورب في دورية الطب المهني والبيئي Occupational and Environmental Medicine قائلا ان الجلوس لفترات طويلة يرتبط بمجموعة مختلفة من المشاكل الصحية ولكن العاملين بالمكاتب غالبا لا يكون لديهم خيارات تذكر بشأن بيئة عملهم. ووجدت البحوث السابقة ان العاملين بالمكاتب يقضون نحو 75 في المئة من يوم عملهم في الجلوس على مقاعد.
وفي هذه الدراسة تم توزيع 17 رجلا و6 نساء عشوائيا على واحدة من مجموعتين. واستخدم كل شخص مكتب عمل يمكن تعديل ارتفاعه كهربائيا. ولكن مجموعة واحدة جلست خلال العمل على مدار يوم العمل البالغ ثماني ساعات وتناوبت المجموعة الأخرى الجلوس والوقوف كل 30 دقيقة.
وقام العاملون بذلك لمدة خمسة أيام ثم تناوبت المجموعتان الأدوار خلال أسبوع عمل ثان لمدة خمسة أيام. وفي اليوم الخامس من كل أسبوع عمل ملأ الجميع استبيانات تقيس مستويات الاجهاد وعدم راحة العضلات والعظام والشعور بشأن الانتاجية الخاصة بهم والكيفية التي يرغبونها لمكاتبهم القابلة للتعديل. بحسب رويترز.
وبلغ متوسط درجة الشعور بالاجهاد 52.7 للأشخاص الذين جلسوا ووقفوا أثناء العمل مقارنة مع 67.8 للذين جلسوا طول يوم العمل. واعتبرت نتيجة 66 درجة أو أكثر "مستوى مرتفع" للإجهاد مقارنة بما يجب أن يشعره الشخص السليم. وكان الاشخاص في مجموعة الجلوس والوقوف أيضا أقل شعورا بنسبة 32 في المئة بأعراض العضلات والعظام في أسفل الظهر وأقل بنسبة 14 في المئة في اعراض الكاحلين والقدمين مقارنة بنظرائهم الذين جلسوا طول يوم العمل.
نوبات العمل المتغيرة
في السياق ذاته أظهرت بيانات رسمية في إنجلترا ارتفاع معدلات البدانة والاعتلال الصحي بين من يعملون بنظام نوبات العمل المتغيرة وذلك مقارنة بغيرهم. وأورد تقرير المسح الصحي في إنجلترا أن من يعملون بنوبات عمل متغيرة، تكون حالتهم الصحية أسوأ، بالرغم من أنهم شباب في غالبية الأحيان. وقال كبير الباحثين في الدراسة إن زيادة العمل بنوع من العقود - لا يحدد ساعات العمل ويعتمد على حاجة صاحب العمل - قد يكون وراء زيادة أعداد من يعملون بنظام نوبات العمل المتغيرة، وقد يثير "مشاكل خطيرة للغاية" على صحة الأمة.
ويقول علماء إنه أصبح "من الواضح" الآن أن نوبات العمل المتغيرة لا تعتبر أمرا صحيا. وأظهر التقرير، الصادر عن مركز معلومات الرعاية الصحية والاجتماعية، أن 33 في المئة من الرجال و22 في المئة من النساء ممن هم في سن العمل يعملون بنظام نوبات العمل. وحدد التقرير نوبات العمل المتغيرة بأنها العمل خارج الفترة من السابعة صباحا وحتى السابعة مساء. وقالت ريتشيل كريغ، المشرفة على هذا البحث في هيئة المسح الصحي في إنجلترا، إنه "بشكل عام، من يعملون ضمن نوبات عمل متغيرة لا يتمتعون بالصحة التي لدى نظرائهم الذين يعملون في ساعات العمل الاعتيادية."
وأظهرت البيانات أن 30 في المئة من العاملين بنظام نوبات العمل المتغيرة يعانون من السمنة، وذلك مقارنة بنسبة 24 في المئة بين الرجال و23 في المئة بين النساء ممن يعملون خلال ساعات العمل الاعتيادية. وفي الوقت نفسه، فإن 40 في المئة من الرجال و45 في المئة من النساء الذين يعملون ضمن نوبات عمل متغيرة يعانون من أوضاع صحية سيئة تستمر معهم لفترات طويلة، كآلام الظهر، ومرض السكر، والانسداد الرئوي، وذلك مقارنة بـ 36 و39 في المئة من بقية المواطنين.
ويعتبر نظام نوبات العمل المتغيرة أمرا شائعا لدى الفئة العمرية ما بين 16 و24 عاما، في حين أن ما يقرب من نصف الرجال وثلث النساء يمارسون أعمالهم بهذا النظام من نوبات العمل. ومع التقدم في الفئة العمرية، تنخفض معدلات من يعملون بنظام نوبات العمل المتغيرة ، لتكون أقل من ثلث الرجال وخمس السيدات بين من تزيد أعمارهم على 55 عاما. وهناك دلائل علمية متزايدة على تأثير الاضطراب في عادات النوم على الاتزان الطبيعي للساعة البيولوجية، وأنه يؤدي إلى الإصابة بمجموعة كبيرة من الأمراض.
إلا أن هناك عوامل أخرى أيضا مثل أن من المرجح أن يعمل بنوبات العمل المتغيرة أصحاب الأجور المنخفضة، الذين يعانون في الأساس من سوء أوضاعهم الصحية. وأثارت كريغ المخاوف من أن الأوضاع تزداد سوءا. وقالت إنه "بالرغم من ذلك، تبدو معدلات نوبات العمل المتغيرة أعلى مما كانت عليه عام 2009، وقد يكون ذلك مؤشرا على التوجه نحو العمل بهذا النظام. وهناك دلائل تشير إلى أنه قد يكون لهذا تأثير."
وأضافت أن هذا الأمر "يثير مبدئيا مشاكل صحية خطيرة، ويُمثل تحديا أمام أصحاب الأعمال من حيث تقديم الدعم للموظفين الذين يعملون بهذا النوع من نوبات العمل والتوصل إلى سبل من شأنها تخفيف تأثيراتها السلبية." وتابعت قائلة إنه "إذا كانت هناك نسبة كبيرة من الناس يعملون بنظام نوبات العمل المتغيرة، فمن المحتمل أن يؤدي ذلك إلى زيادة في الطلب على أنظمة الرعاية الصحية، وذلك أمر يجب أخذه بجدية في الاعتبار."
من جهته، قال الدكتور سايمون آرتشر، وهو عالم مهتم بدراسة الساعة البيولوجية بجامعة سري البريطانية، إن البيانات التي ظهرت مذهلة. وأوضح أن المراهقين وصغار البالغين في العموم هم أكثر عملا في ساعات الليل، حيث إن ساعتهم البيولوجية تبدأ العمل في وقت متأخر. ويرى آرتشر أن ذلك قد يكون تفسيرا للسبب وراء ارتفاع عدد من يعملون بنوبات العمل المتغيرة من صغار السن، إلا أنه قال إنهم ومع تقدمهم في السن يبدأون في التوجه نحو العمل في ساعات النهار. بحسب بي بي سي.
وأضاف أيضا أن التدخين يعد أمرا شائعا بين من يعملون بالنوبات الليلية، وهو ما كان باديا في البيانات التي أظهرها المسح الصحي. وأكد آرتشر أن نوبات العمل المتغيرة غير صحية للجسم "حيث أن الجسم غير معد للأكل في المساء، لذا فهو لا يتخلص من الدهون التي يحملها بشكل جيد، وذلك في الوقت الذي يعمد من يعملون بنوبات عمل متغيرة إلى تناول وجبات مرتفعة السعرات الحرارية." وأضاف أن "السمنة تعد الرابط الواضح لهذا الأمر، وهو يؤدي إلى الإصابة بالنمط الثاني من داء السكري.. العمل بنوبات العمل المتغيرة يتزايد شيوعا ويتسبب في مشاكل كثيرة لكثير من الناس وخاصة في ما يتعلق بزيادة الصلة بالسرطان."
البدانة سبب للإعاقة
من جهة أخرى قضت أعلى محكمة في أوروبا أن البدناء يمكن اعتبارهم من المعاقين مما يعني أن يشملهم قانون الاتحاد الأوروبي الذي يحظر التمييز في أماكن العمل. وجاء القرار بعد سؤال من محكمة دنمركية تنظر شكوى فصل تعسفي من كارستن كالتوفت وهو جليس أطفال ضد السلطات المحلية الدنمركية. وقال كالتوفت - الذي كان وزنه يبلغ نحو 160 كيلوجراما على الأقل خلال فترة عمله - إن بدانته كانت أحد أسبابه فقدانه لوظيفته وان هذا يرقى إلى حد التمييز غير المشروع. ونفى المجلس المحلي هذه الاتهامات.
وطلب من محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي أن تحكم بما إذا كان قانون الاتحاد الأوروبي يحظر التمييز على أساس البدانة أو إذا كان بالإمكان اعتبار البدانة شكلا من أشكال الإعاقة. وقضت المحكمة ومقرها لوكسمبورج أن قانون العمل الخاص بالاتحاد الأوروبي لا يحظر بشكل محدد التمييز على أساس البدانة وانه لا ينبغي توسيع نطاق القانون ليشمل ذلك. بحسب رويترز.
لكن المحكمة قالت إنه إذا عرقلت بدانة الموظف "المشاركة الكاملة والفعالة لهذا الشخص في الحياة المهنية على أساس مساو للعاملين الآخرين" فانها قد تعتبر ضربا من الإعاقة. وبهذا تقع البدانة تحت قانون مناهضة التمييز. ووفقا لاحصاءات منظمة الصحة العالمية المستندة إلى تقديرات 2008 فان 23 في المئة من النساء الأوروبيات و20 في المئة من الرجال الأوروبيين يعانون من البدانة.
النباتات تنتج الجمال
على صعيد متصل قد يشعر الموظفون العاملون في مكاتب بها نباتات بسعادة أكثر ممن يعملون في مكاتب "باهتة" تفتقر إلى اللون الأخضر وذلك وفقا لدراسة جديدة. وتوصل باحثون إلى أن اثراء المكاتب بالنباتات قد يزيد انتاجية العاملين بنسبة تصل إلى 15 في المئة. وقال كريج نايت من جامعة ايكستر "من الأفضل أن تكون البيئة غنية والنباتات وسيلة فعالة جدا من ناحية التكلفة لإثراء مكانك."
وقال نايت وهو من المشاركين في الدراسة إن فكرة المكتب الباهت القائمة على اخلاء المكاتب من أي شيء لا علاقة له بالعمل تهدف إلى الحد من تشتيت الذهن مما سيعود بالنفع على انتاجية العامل. لكن النظر إلى الأمر من وجهة نظر علمية أو نفسية أو بيولوجية يوضح أن الفكرة ليست مجدية تماما. وقال نايت "لا يوجد مخلوق على ظهر الكوكب يزدهر في بيئة قاحلة سواء كانت نملة أو غوريلا.. إذا وضعت أي شيء في بيئة قاحلة فإنه سيعاني." بحسب رويترز.
وقال نايت وزملاؤه في الدراسة التي نشرت في دورية علم النفس التجريبي إن المساحات الخضراء تحسن تركيز العاملين وانتاجيتهم من خلال عدد من الآليات. وتقول الدراسة إن اضافة النباتات إلى المكاتب تجعل الموظفين أكثر انهماكا في العمل من الناحية الجسدية والذهنية والنفسية. وذكر نايت أن النباتات تساعد على تنظيف الهواء ويحدث وجودها "اختلافا رائعا من الناحية النفسية." وتشير الدراسات إلى أن النباتات تساعد على تحسين الذاكرة بنسبة تصل إلى 20 في المئة.
الذكاء في العمل
في السياق ذاته يعد الذكاء من أحد الخصائص التي يجب أن يتوفر منها حد أدنى من أجل الدخول إلى مجال العمل. لكن إذا أصبح الذكاء زائدا عن الحد، فإنه قد يصبح عيبا أو أسوأ من ذلك. فهده شركة إرنون (Ernon) على سبيل المثال، والتي كانت إحدى أشهر شركات التجارة الأمريكية في مجال الطاقة، والتي كان يعرف فريق الإدارة فيها بأنهم "أذكى الأشخاص". لكن انظر كيف انتهى بهم الأمر. لقد وظفت الشركة أفضل الموهوبين لديها لإدارة بعض الأقسام الأكثر ربحية، لكن بدون رقابة تقريبا.
كان المديرون رغم ذكائهم يشكلون مجموعة من المتغطرسين الذين جازفوا وخسروا مليارات الدولارات. كانت النتيجة هي حل الشركة في عام 2001. ومن المؤكد أن الوظيفة التي تريد أن يشغلها أحد ستحدث فرقا. نريد بالفعل ذكاء كبيرا لدى الباحثين والمحللين، والمبرمجين الذين نريد توظيفهم، لكن يمكنك أن تجمع هؤلاء في غرفة واحدة، وتتركهم يقومون بأعمالهم. وإذا كان هؤلاء يفتقدون إلى الذكاء العاطفي، أو مهارات التعامل مع الآخرين، فإن أي ضرر يتسببون فيه سيكون محدوداً، لأن أعمالهم مستقلة.
وتكمن المشكلة مع الأذكياء في أنهم غالباً ما يتصورون بأنهم يعرفون أكثر من الآخرين. ربما يكون ذلك صحيحا، لكن هذا لا يساعدهم عندما يحاولون إقناع الآخرين بأي من وجهات نظرهم.
فعلى سبيل المثال، كنت أدرب مديرة تنفيذية، وكانت تبدو متقدمة دوماً على أقرانها في فريق العمل. هذا ما كان يتبادر إلى ذهنها، على الأقل. كانت إحدى أكبر التحديات التي تواجهها هي أن تدرك أن المديرين الآخرين لا يرون الأمور بالضرورة كما تراها هي. وهذا يعني أنها كانت تحتاج إلى أن تستثمر بعض الوقت لكي يقفون في صفها إذا ما أرادت أن تقنعهم بشأن أحد مشاريعها المفضلة.
عندما تعرف أنت الجواب الصحيح، فأنت غالبا ما تعتقد أن الآخرين يرون نفس الأمر. لكن لسوء الحظ لا تدار المؤسسات بهذه الطريقة. وعندما تعمل مع زملاء لك ولا تملك سلطة مباشرة عليهم، فإن الطريقة الوحيدة لجذب اهتمامهم نحو آرائك المفضلة هي أن تقنعهم بفكرتك. ولن يكون مفيدا أن تفرض حلولك "الفوقية" عليهم. ومن المفارقة أن الشخص الأكثر موهبة قد يكون أحياناً أحد المديرين الأقل فعالية.
ويمكنك أن ترى ذلك في مجال الرياضة، على سبيل المثال، إذ غالبا ما يجد كبار النجوم من المتقاعدين مشقة في مجال تدريب أو إدارة الفرق الرياضية بنجاح. ذلك لأنهم يشرفون على أشخاص أدنى منهم مهارة من الذين لم ينعموا بنفس الدرجة من الموهبة الفطرية. وين غريتسكي، أسطورة الهوكي الكندي الذي تقاعد بعد أن سجل أعلى عدد من الأهداف في تاريخ لعبة الهوكي للمحترفين، لم يكن ذا كفاءة بشكل واضح عندما كان مدربا لإحدى الفرق.
وينطبق الأمر نفسه على مايكل جوردن، الذي كان يعد أعظم لاعب كرة سلة على الإطلاق، والذي لم يستطع مطلقا أن يقود مؤسسة ناجحة لكرة السلة سواء عندما كان مديرا عاما، أو رئيسا أو مالكاً لها. وبعد أن طرحت شركة آبل جهازها الشهير "آي بود". كان الجهاز المشابه الذي طرحته شركة (كرييتف) ذا تقنيات أكثر تفوقا، لكن الزبائن كانوا يفضلون جهاز آي بود، مما جعل مديري شركة "كرييتف" في حيرة مطلقة. وقد تبين من ذلك الموقف أن التقنية الأفضل لا تفوز دائما، تماما كما لا ينجح دوما الأناس الأكثر ذكاء.ً
الأكثر لا يعني دائما الأفضل، وهذا لا ينطبق فقط على القدرات العقلية. فعلى سبيل المثال، هل الاستمرار في تخفيض الوقت اللازم لموظفي الخدمات الفنية لمساعدة الزبائن من خلال مراكز الاتصال أمر جيد؟ وماذا عن نوعية النصيحة المقدمة؟ وكيف يلمس العملاء قيمة المشورة المقدمة إليهم؟ وهل فكرة تعظيم الاستفادة من خلال السرعة في الأداء تمثل فكرة رائعة في المقام الأول؟
تقدم شركة "زابوس"- وهي شركة أمريكية لبيع الأحذية عبر الإنترنت- مكافأة للعاملين لديها عند قضائهم أوقات أكثر مع العملاء الذين يتصلون للاستفسار عن المنتجات قبل شراءها من الشركة. وتعد خبرة العميل الذي يُجري الاتصال أكثر أهمية بالنسبة للشركة من أي وسائل أخرى للقياس، والتي قد تتسبب في تراجع الأرباح. وعندما تشجع الشركة العاملين على سرعة التعامل مع العملاء لتلقي أكبر قدر ممكن من الاتصالات، فإن مقولات مثل "العميل أولا" لا تصبح إلا شعارات ساخرة لا تعني شيئاً بالنسبة لموظفي المبيعات. بحسب بي بي سي.
ربما يكون السعي إلى تحقيق المزيد هو الروح السائدة التي يُعرف بها زماننا اليوم، لكن الجانب السلبي لهذا المنطق أحادي النظرة يدعو إلى مزيد من الانتباه. إن الاعتماد على الأشخاص الأكثر ذكاء والأكثر موهبة لقيادة أو إدارة فرق العمل قد يبدو أفضل من الناحية النظرية مقارنة بالناحية العملية.
اضف تعليق