q
اتفقت دول منظمة أوبك وحلفاؤها على تقليص الإنتاج لمواجهة تراجع الطلب الناتج عن الإغلاقات بسبب انتشار فيروس كورونا، وقبل المحادثات، كانت موسكو والرياض على خلاف بشأن مستوى الإنتاج المستخدم في حساب التخفيضات، بعد أن زادت السعودية معروضها في ابريل نيسان إلى مستوى قياسي بلغ 12.3 مليون برميل يوميا...

أسعار النفط التي سجلت تراجعاً كبيرا بسبب انهيار الطلب في ظل تفشي فيروس كورونا المتسارع في الكثير من دول العالم، حيث وصلت الاسعار وبحسب بعض المصادر إلى مستويات لم تشهدها منذ عام 2002، ماتزال محط اهتمام واسع خصوصاً داخل منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" التي يعتمد اغلب اعضائها بشكل كبير على صادرات النفط. وعلاوة على تراجع الطلب، اندلعت ايضاً حرب أسعار بين السعودية وروسيا في وقت سابق.

تراجع الطلب العالمي على الوقود بما يصل إلى 30 مليون برميل يوميا، أو 30 بالمئة من الإمدادات العالمية، بعدما أدت إجراءات مكافحة انتشار الفيروس لتوقف الطائرات والحد من استخدام السيارات وكبح النشاط الاقتصادي. هذه الازمة الكبيرة التي اثرت سلباً على الكثير من الدول دفعت الدول المصدرة الى اجراء محادثات واتخاذ بعض القرارات والتدابير المهمة في سبيل الحفاظ على اسعار النفط. حيث اتفقت دول منظمة أوبك وحلفاؤها على تقليص الإنتاج لمواجهة تراجع الطلب الناتج عن الإغلاقات بسبب انتشار فيروس كورونا.

وقبل المحادثات، كانت موسكو والرياض على خلاف بشأن مستوى الإنتاج المستخدم في حساب التخفيضات، بعد أن زادت السعودية معروضها في ابريل نيسان إلى مستوى قياسي بلغ 12.3 مليون برميل يوميا، من أقل من عشرة ملايين برميل يوميا في مارس آذار. بينما ظل الإنتاج الروسي حوالي 11.3 مليون برميل يوميا. وكان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، قد هدد السعودية بفرض عقوبات إذا لم تقلص إنتاجها النفطي.

وتظهر الضغوط السياسية الأمريكية في تقديم أعضاء جمهوريين بمجلس الشيوخ مشروع قانون لسحب أنظمة دفاعية وقوات من المملكة العربية السعودية ما لم تخفض المملكة الإنتاج. ولم تلتزم الولايات المتحدة، التي قفز إنتاجها في السنوات الأخيرة متجاوزا السعودية وروسيا، بأي تخفيضات، لكن واشنطن قالت إن الإنتاج الأمريكي يتراجع تدريجيا على أي حال نظرا لتدني أسعار النفط. ويعني انخفاض سعر النفط أن عددا كبيرا من منتجي النفط الصخري ذوي المديونات العالية مهددون بالإفلاس والعاملين بالقطاع مهددون بفقد وظائفهم.

اتفاق تاريخي

وفي هذا الشأن توصل اعضاء منظمة الدول المنتجة للنفط (أوبك) وحلفاؤهم إلى اتفاق قياسي لخفض الإنتاج العالمي للنفط بنسبة 10 في المئة بعد انخفاض في الطلب تسبب فيه الإغلاق الناجم عن فيروس كورونا. والاتفاق، الذي تم التوصل في اجتماع بالفيديو، هو أكبر انخفاض لإنتاج النفط يتم التوصل عليه على الإطلاق. وأعلنت أوبك+، المكونة من مجموعة الدول المنتجة للنفط بالإضافة إلى روسيا، عن خطتها للاتفاق في التاسع من إبريل، ولكن المكسيك تبدي ترددا في خفض الإنتاج.

والتفصيل الوحيد الذي تم تأكيده حتى الآن هو أن أوبك وحلفاءها سيخفضون الإنتاج بمقدار 9.7 مليون برميل يوميا. ونشر كل من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ووزير النفط الكويتي خالد الفاضل تغريدة عن الاتفاق، وأكدت وزارة الطاقة السعودية ووكالة الأنباء الروسية الرسمية (تاس) الاتفاق. وانخفض الطلب العالمي على النفط بنحو الثلث مع بقاء أكثر من ثلاثة ملايين شخص في منازلهم نظرا لتفشي وباء كورونا.

وسبق ذلك هبوط أسعار النفط في مارس/آذار إلى أقل معدلاتها منذ 18 عاما بعد أن أخفقت أوبك+ في التوصل إلى خفض الانتاج. وشهدت المحادثات تعقيدات ناجمة عن الخلاف بين روسيا والسعودية، ولكن في الثاني من إبريل/نيسان ارتفعت أسعار النفط بعد أن اشار ترامب إلى أنه يتوقع أن تسوي الدولتان خلافهما. وتشير التفاصيل المبدئية للاتفاق إلى قيام الدول الأعضاء في أوبك وحلفائهم بخفض الإنتاج 10 مليون برميل في اليوم، أو 10 في المئة من الإنتاج العالمي، بدءا من الأول من مايو/أيار. ومن المتوقع أن تخفض خمسة دول غير أعضاء في أوبك، من بينها الولايات المتحدة وكندا والبرازيل والنرويج، الإنتاج بمقدار خمسة ملايين برميل. بحسب بي بي سي.

وقال غواراف شارما، هو محلل مستقل لأسواق النفط، إن الاتفاق الذي تم التوصل إليه "أقل بصورة طفيفة، من العشرة ملايين برميل في اليوم التي تم الاتفاق عليها ". وتراجعت المكسيك عن خفض الإنتاج، مما أرجأ توقيع الاتفاق. ولكن بعد ذلك قال الرئيس المكسيكي أندريس مانويل لوبيز أوبرادور إن ترامب عرض أن تخفض الولايات المتحدة إنتاجها بنسبة إضافية، وهو عرض غير اعتيادي من ترامب، الذي طالما أبدى معارضته لأوبك. وقال ترامب إن واشنطن ستساعد المكسيك في تحمل بعض الخفض، على أن يتم الدفع لها مقابل ذلك لاحقا، ولكنه لم يوضح تفاصيل الأمر.

وقال شارما إن التوقعات بانخفاض الطلب على النفط في الصيف تبدو "قاتمة" للغاية، حيث تشير أكثر التكهنات تفاؤلا إلى هبوط بمقدار 18.5 مليون برميل في اليوم؟. من جانب اخر قال جيسون كيني رئيس وزراء مقاطعة ألبرتا الكندية أن أوبك لم تطلب من المقاطعة المنتجة للنفط خفض إنتاج الخام، مضيفا أن المقاطعة أوضحت بجلاء لكل من أوبك والولايات المتحدة أنها أدت بالفعل ما عليها. وأبلغ كيني الصحفيين ”لم نتلق طلبا لكبح إنتاج ألبرتا من الطاقة.. ما يهمهم داخل أوبك+ ألا يزيد منتجو أمريكا الشمالية الإنتاج لملء الفراغ الناتج عن تقليص إنتاجهم، إذا فعلوا ذلك.“

خفض الكبار لا يكفي

في السياق ذاته قال جولدمان ساكس إن خفض كبار منتجي النفط للإنتاج بمقدار عشرة ملايين برميل يوميا لن يكفي لتحسين التوازنات العالمية في سوق تعاني من انهيار الطلب بسبب فيروس كورونا وتنامي تخمة الإمدادات. وقال البنك في مذكرة بتاريخ الثامن من أبريل نيسان ”في نهاية المطاف، فإن حجم صدمة الطلب ببساطة أكبر بكثير بالنسبة لأي خفض منسق للإمدادات، مما يمهد الساحة لإعادة توازن حاد“.

وأضاف البنك أن خفضا رئيسيا بمقدار عشرة ملايين برميل يوميا سيظل بحاجة لتقليص إضافي للإمدادات بواقع أربعة ملايين برميل يوميا عبر وقف الإنتاج بسبب انخفاض الأسعار. وقال ”بينما يبرر هذا الحاجة لخفض رئيسي أكبر يقترب من 15 مليون برميل يوميا، نعتقد أن هذا سيكون أصعب كثيرا في تحقيقه إذ أن العبء الإضافي على الأرجح سيقع على عاتق السعودية حتى يتسم بالفعالية“.

وقال البنك إنه بينما قد يدعم احتمال التوصل لاتفاق من جانب كبار المنتجين الأسعار في ”الأيام المقبلة“، فإنه سيؤدي في نهاية المطاف لتراجع الأسعار، متوقعا احتمالات نزولية لتوقعاته لسعر خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي عند 20 دولارا للبرميل. وسيشكل استمرار تخفيضات الإمدادات عاملا داعما لتوقعات البنك لخام برنت في أكتوبر تشرين الأول 2020 البالغة 40 دولارا للبرميل. وقال البنك إن الاحتمالات الرئيسية التي قد تؤجل اتفاقا لأوبك+ هي المناقشات على جانب خفض الإنتاج ومساهمة الولايات المتحدة، مضيفا أن تلك العوامل لن ”تعرقل اتفاقا نهائيا“.

وتقول الولايات المتحدة، التي ارتفع إنتاجها في السنوات القليلة الماضية بدعم من ثورة إنتاج النفط الصخري وعاونته مساعي أوبك+ السابقة لدعم الأسعار، إن انخفاض إنتاجها سيحدث بوتيرة بطيئة على مدى عامين. وتظهر تقديرات وزارة الطاقة الأمريكية أن إنتاج النفط سيبلغ في المتوسط 11 مليون برميل يوميا في 2021 وهو ما يعني انخفاضا بنحو مليوني برميل يوميا من ذروة 2019. بحسب رويترز.

وتمنع قوانين مكافحة الاحتكار الأمريكية الشركات من كبح الإنتاج لرفع الأسعار، لكن الجهات التنظيمية في الولايات أو الحكومة الاتحادية يمكن أن تصدر تعليمات بخفض مستويات الإنتاج. وقالت أوكسيدنتال بتروليوم الأمريكية المنتجة للنفط إنها تعارض أي قيود على الإنتاج تفرضها جهات تنظيمية في تكساس أكبر ولاية منتجة للنفط في الولايات المتحدة. وقال منظمون إنهم سيجتمعون لدراسة خفض الإنتاج.

على صعيد متصل قال فاتح بيرول المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية إن الدول المستوردة للنفط قد تعلن عن مشتريات للخام لدعم الطلب عليه والذي انهار نتيجة لأزمة فيروس كورونا. ونقل تلفزيون العربية عن بيرول قوله ”قد نسمع شراء الدول غدا للنفط لبناء (احتياطيات) استراتيجياتها ودعم الطلب“. وأضاف ”سنشهد تعافيا للطلب تماشيا مع حل هذه المشكلة لعودة الاقتصاد العالمي، لكنني لا أتوقع أن يكون هناك“ تعاف سريع جدا لأسعار النفط.

ضغوط ومطالب

من جانب اخر أبلغت مجموعة من الجمهوريين في مجلس النواب الأمريكي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أن التعاون الاقتصادي والعسكري بين البلدين معرض للخطر ما لم تساعد المملكة في استقرار أسعار النفط بخفض انتاجها من الخام. وجاء في رسالة إلى ولي العهد وقعها حوالي 50 عضوا جمهوريا بمجلس النواب ”إذا فشلت المملكة في التحرك بشكل واضح نحو إنهاء هذه الأزمة المصطنعة للطاقة، فإننا سنشجع أي ردود قد تراها الحكومة الأمريكية مناسبة“.

الى جانب ذلك قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن أوبك لم تضغط عليه ليطلب من منتجي النفط بالولايات المتحدة خفض إنتاجهم لدعم أسعار الخام العالمية التي شهدت انخفاضا حادا بسبب التبعات الاقتصادية لجائحة فيروس كورونا المستجد. وأضاف ”أعتقد أن الأمر يحدث تلقائيا لكن لم يطلب مني أحد ذلك وسنرى ما سيحدث“.

وتراجع الطلب العالمي على النفط 30 بالمئة تقريبا بما يوازي نحو 30 مليون برميل يوميا إذ تتسبب الجائحة في تباطؤ حاد للاقتصاد العالمي في وقت أغرقت فيه السعودية وروسيا الأسواق بإمدادات إضافية. وأفرز ذلك مشكلة كبرى لاقتصاد الولايات المتحدة، التي أصبحت أكبر منتج للنفط والغاز في العالم، مهددا القطاع بالإفلاسات وتسريحات العاملين. وقلصت بالفعل عدة شركات أمريكية إنتاجها بسبب انخفاض أسعار النفط الذي فقد نحو ثلثي قيمته هذا العام. بحسب رويترز.

وبدأت منظمة البلدان المصدرة للبترول وحلفاؤها بما فيهم روسيا، وهي مجموعة معروفة باسم أوبك+، في التحدث عن خفض الإنتاج الخلافات. وجاءت المناقشات الجديدة بين دول أوبك+ بعد أن ضغط ترامب على الرياض وموسكو للتوصل إلى اتفاق عبر سلسلة من المكالمات الهاتفية. وقال ترامب إنه لم يقدم تنازلات ولم يوافق على خفض الإنتاج الأمريكي. وسينطوي أي قرار منسق بين منتجي النفط الأمريكي لخفض الإنتاج بهدف دعم الأسعار على انتهاك لقوانين منع الاحتكار بالولايات المتحدة. لكن باربرة سيكالايدز خبيرة مكافحة الاحتكار في بيبر هاميلتون تقول إنه يمكن الدفع بأن قيادة الحكومة الاتحادية لمثل تلك المساعي قد يجعل تلك الجهود غير مخالفة للقانون.

وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في وقت سابق إنه سيفرض“ رسوما ضخمة جدا“ على واردات النفط إذا ظلت أسعار النفط كما هي ولكنه أضاف أنه لا يتوقع أنه سيحتاج لذلك لأن لا روسيا ولا السعودية ستستفيد من استمرار حرب الأسعار بينهما. وعندما سئل ترامب خلال مؤتمر صحفي في البيت الأبيض عن الظروف التي سيفرض فيها هذه الرسوم قال ”إذا استمرت أسعار النفط كما هي ..سأفعل ذلك.. نعم رسوم ضخمة جدا“.

وقال ترامب من قبل إنه يتوقع توصل البلدين إلى اتفاق لخفض الإنتاج بمقدار 15 مليون برميل يوميا. ولم يؤكد أي من البلدين تصريحاته ولكن ترامب يتوقع أنه يمكن تفادي فرض رسوم. وأضاف ”سأستخدم التعريفات إذا اضطررت لذلك. ولكن لا أعتقد أنه سيتعين علي ذلك لأن الروس لن يستفيدوا من ذلك ولن تستفيد السعودية من ذلك. النفط والغاز مصادر الدخل الرئيسية لهما ولذلك من الواضح أنه أمر سيء جدا بالنسبة لهما“.

اضف تعليق