q
اثر انتشار فايروس كورونا المتسارع في الكثير من دول العالم، بشكل سلبي على قطاعات السياحة والطيران، خصوصا بعد ان اتخذت العديد من الحكومات اجراءات عاجلة من أجل احتواء الانتشار الوبائي لفيروس كورونا المستجد، ومنها اغلاق الحدود وايقاف كافة الرحلات الجوية والبرية، هذه القرارات تسببت بحدوث خسائر كبيرة...

اثر انتشار فايروس كورونا المتسارع في الكثير من دول العالم، بشكل سلبي على قطاعات السياحة والطيران، خصوصا بعد ان اتخذت العديد من الحكومات اجراءات عاجلة من أجل احتواء الانتشار الوبائي لفيروس كورونا المستجد، ومنها اغلاق الحدود وايقاف كافة الرحلات الجوية والبرية، هذه القرارات تسببت بحدوث خسائر كبيرة لشركات الطيران وفقدان الالاف من الوظائف، وتعاني شركات الطيران التي تواجه أكبر أزماتها منذ وقوع هجمات 11 سبتمبر/أيلول الآن وكما نقلت بعض المصادر، الأمريْن بالفعل جراء اضطرارها لإلغاء رحلاتها الجوية، وقد طلب البعض منها مساعدات مالية من حكومات دولها.

وقال فيه المنتدى الاقتصادي العالمي، إن إلغاء الرحلات مع قيود السفر التي فرضتها الحكومات سيكبد شركات الطيران العالمية خسائر فادحة تقدر بنحو 880 مليار دولار، بحسب ما ذكرته صحيفة "ذا ديلي ميل" البريطانية. وأشار المنتدى إلى أن غالبية دول العالم فرضت قيودا بشكل أو بآخر على حركة الأشخاص بكافة أنواعها مع توصية بتجنب خطط السفر غير الضرورية حتى قبل إعلان منظمة العالمية عن اعتبار انتشار الوباء جائحة تجتاح العالم.

وتشير بيانات "Flight Radar" إلى بدء تأثر حركة الطيران العالمية في فبراير الماضي مع تراجع حاد في حركة الطيران من وإلى الصين في وقت كانت به بكين تكافح لوقف انتشار الوباء بالتزامن احتفالات رأس السنة الصينية. وفي تلك الأثناء، تراجعت حركة الطيران في إيطاليا بنحو 22% في مطلع مارس/آذار الماضي بالتزامن مع بدء الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الإيطالية لوقف انتشار الوباء، فيما تشير أحدث البيانات إلى تراجع حركة الطيران في رابع أكبر اقتصاد بأوروبا بنحو 74%.

وفي 11 مارس الماضي، أعلنت الولايات المتحدة عن فرض حظر على رحلات الطيران القادمة من أوروبا لمدة 30 يوما، ما تسبب في تراجع حاد في حركة الطيران الأوروبية بوجه عام. ومع تصاعد الضغوط على شركات الطيران العالمية، لجأت عدة شركات إلى خفض حاد في النفقات وخفض في الوظائف واقتطاع من رواتب موظفيها حتى تستطيع التأقلم مع الجائحة التي ضربت أعمالها بشدة.

كما تأثر ايضا قطاع السياحة في العديد من الدول، بسبب اغلاق الكثير من المقاصد والمعالم والأماكن السياحية. وتوقعت منظمة السياحة العالمية أن يخسر قطاع السياحة خلال الفترة المقبلة ما يُقارب 80 مليار دولار بسبب فيروس كورونا المُستجد. من جانبه قال المستشار السياحي في منظمة السياحة العالمية د. سعيد البطوطي إنه نتيجة لوباء فيروس كورونا COVID-19، من المتوقع أن يشهد سوق السفر والسياحة العالمي خسارة قدرها 75,2 مليون وظيفة في جميع أنحاء العالم في عام 2020. وأكد أن المنطقة التي من المفترض أن تشهد أكبر خسارة هي منطقة آسيا والمحيط الهادئ، حيث فقدت ما يقرب من 48,7 مليون وظيفة، في حين من المتوقع أن تكون أوروبا ثاني أكبر تضرر حيث متوقع فقد 10,1 مليون وظيفة، ثم منطقة أمريكا الشمالية بمقدار 6,8 مليون وظيفة، ثم منطقة أفريقيا بمقدار 4,4 مليون وظيفة، ثم منطقة أمريكا اللاتينية بمقدار 2,7 مليون وظيفة، ثم منطقة الشرق الأوسط بمقدار 1,8 مليون وظيفة، ثم منطقة بحر الكاريبي بمقدار 0,7 مليون وظيفة.

ازمة عميقة

مع استمرار انتشار فيروس كورونا المستجد، تكاد تتوقف الرحلات الجوية التجارية بشكل شبه تام، في وضع بلغ من الصعوبة أن يصف رئيس الاتحاد الممثل شركات الطيران العالمية الأشهر القليلة الأخيرة بأنها ”أعمق أزمة على الإطلاق“ يواجهها القطاع. ويكشف تحليل أجرته رويترز لبيانات من فلايت أوير، التي ترصد حركة الرحلات الجوية في الزمن الحقيقي، عن سلسلة من التراجعات المتتابعة والعنيفة في الرحلات الجوية في أربع مناطق رئيسية، كما سعي المسؤولين لاحتواء التفشي.

ففي الفترة من 24 مارس آذار إلى الثلاثين منه، رصدت فلايت أوير حوالي 280 ألف رحلة جوية، بانخفاض 500 ألف رحلة تقريبا عن نفس الأسبوع قبل عام. وفي أواخر مارس آذار، أشارت تقديرات الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) إلى أن فاقد الإيرادات بسبب فيروس كورونا سيتجاوز 250 مليار دولار في 2020، وناشد الحكومات تقديم دعم مالي فوري للقطاع. وقال الاتحاد إن الأزمة الحالية أسوأ بكثير وأوسع نطاقا من الفترة التالية لهجمات 11 سبتمبر أيلول عندما فقدت شركات الطيران الأمريكية إيرادات قاربت 19.6 مليار دولار في 2001 و2002. وبعد الهجمات، قدمت الحكومة الأمريكية 15 مليار دولار لشركات الطيران في صورة تعويضات وضمانات قروض.

وقال ألكسندر دو جونياك رئيس إياتا ”تسعى شركات الطيران بشكل حثيث للبقاء في أوقات من أصعب ما يمكن تصورها... لدينا ما يمكننا من ذلك من عاملين وخبرة. لكن، ولكي أكون صريحا تماما، ليس لدينا المال.“ وصوت الكونجرس الأمريكي في 27 مارس آذار لمنح قطاع الطيران في الولايات المتحدة حزمة إنقاذ بقيمة 58 مليار دولار، وحصلت الخطوط الجوية السنغافورية على حزمة تمويل بقيمة 13 مليار دولار قادتها شركة الاستثمار الحكومية تماسيك التي تحوز أغلبية فيها.

ونتيجة للقيود على حركة السفر التي تفرضها الحكومات في أنحاء العالم، فإن عدد شركات الطيران التي توقف تحليق أغلب طائراته أو جميعها تنامى بشكل سريع للغاية خلال الأسابيع القليلة الماضية. وفي الشرق الأوسط، علقت كبرى الناقلات، بما في ذلك طيران الإمارات وفلاي دبي والخطوط الجوية العربية السعودية، جميع رحلات الركاب. وقلصت العال الإسرائيلية جدول رحلاتها، وأوقفت الخطوط الجوية التركية جميع الرحلات الدولية في 27 مارس آذار.

وحتى الآن، لم يتأثر عدد رحلات الشحن الجوي تأثرا يذكر بقيود السفر. وتشير بيانات فلايت أوير إلى أن الرحلات التي تسيرها الناقلات المتخصصة في الشحن ونقل الطرود مثل أطلس وبولار وفيديكس ويو.بي.إس إلى الولايات المتحدة ومنها انخفضت في بادئ الأمر خلال الأسبوع الأول من فبراير شباط 2020. وقال محلل القطاع آندرو شارلتون إن التراجع الذي ارتبط بعزل إقليم هوبي ”يبرز مدى أهمية الصين بالنسبة للتجارة العالمية.“

لكن البيانات أظهرت أنه بعد ذلك بفترة وجيزة، عادت رحلات شحن البضائع للولايات المتحدة إلى مستوياتها السابقة. ولأن طائرات الركاب تحمل حوالي نصف إجمالي الشحنات المنقولة جوا عالميا، فإن وقف تحليق تلك الطائرات زاد الطلب على طائرات الشحن. ونتيجة لذلك، أصبح بعض شركات الطيران التجارية مثل أمريكان ودلتا وفيرجن أتلانتيك يستخدم طائرات نقل الركاب لمجرد شحن البضائع.

تذاكر غير مستخدمة

في السياق ذاته من المقرر أن يسترد المسافرين عبر الرحلات الجوية حول العالم 35 مليار دولار مقابل تذاكر غير مستخدمة في هذا الربع، وفقاً لرابطة النقل الجوي الدولية، التي تمثل شركات الطيران على مستوى العالم. وقال رئيس المجموعة، ألكساندر دي جونياك للصحفيين إن المبلغ، بسبب انخفاض رحلات شركات الطيران إثر تفشي فيروس كورونا، هو "مبلغ هائل يجب رده من المال". وقالت رابطة النقل الجوي الدولية إنها ستطلب من الحكومات تغيير القواعد للسماح لشركات الطيران بإجراء المزيد من عمليات المبالغ المستردة على شكل قسائم بدلاً من الأموال النقدية، إذ قال دي جونياك إن الحالات التي تكون فيها شركات الطيران قادرة على تزويد المسافرين بقسيمة سفر بدلاً من رد الأموال النقدية، مفيدة لأنها يمكنها أن "تحافظ على أموال وسيولة الشركة النقدية". بحسب CNN.

وقال دي جونياك إنه يدرك أن ذلك قد يسبب إزعاجاً للركاب، إلّا أنه "يتعلق باستمراريتنا لأننا نواجه مشكلة نقدية هائلة أمامنا". وتشير أحدث توقعات المجموعة إلى خسارة عالمية قيمتها 39 مليار دولار في هذا الربع وحده عبر الصناعة، مقابل ربح قدره 7 مليار دولار في ذات الفترة الزمنية العام الماضي. وتوقعت المجموعة خسائر تبلغ قيمتها 252 مليار دولار على مستوى الصناعة بسبب فيروس كورونا.

وناشدت شركات الطيران العالمية الحكومات للتعجيل بصفقات إنقاذ لقطاع النقل الجوي، وذلك بعد أن تضاعفت تقديراتها لفاقد الإيرادات في 2020 بسبب أزمة فيروس كورونا. وقال ألكسندر دو جونياك رئيس الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) ”نحتاج بوضوح تحركا هائلا على نحو سريع وملح للغاية.“ ويتوقع القطاع الآن توقف حركة الطيران لشهور. وقالت رايان إير، أكبر شركة طيران أوروبية من حيث أعداد المسافرين، إنها لا تتوقع تشغيل رحلات في أبريل نيسان أو مايو أيار. ولن تنجو شركات كثيرة من ضربة بهذا العنف لمالياتها. وقالت إياتا إنه دون دعم حكومي، يواجه ما يصل إلى نصف شركات الطيران إفلاسا محتملا في الأسابيع المقبلة. وقال دو جونياك ”لدينا أزمة سيولة تأتي مسرعة - لم يعد في (دفاترنا) إيرادات لكن التكاليف مستمرة، لذا نحن بحاجة ماسة إلى بعض السيولة.“

وأسهم شركات الطيران من أكبر ضحايا هبوط الأسواق المالية الناجم عن المخاوف من ركود عالمي، لكن روبرت ستالارد محلل فيرتيكال ريسيرش بارتنرز قال إن المدى الكامل لتأثير فيروس كورونا على قطاع الطيران قد يتجاوز أشد التوقعات قتامة حاليا. وقال ”نوصي بالتالي أن يواصل المستثمرون العزوف عن القطاع إلى أن نشهد استقرارا لشركات الطيران.“ وقال برايان بيرس كبير اقتصاديي إياتا إن شركات الطيران الأوروبية هي الأشد عرضة للخطر مع انخفاض توقعات طاقة النقل الجوي في أوروبا بنسبة 90 بالمئة في الربع الثاني من 2020.

حزُم واتفاقات

من جانب اخر صوت مجلس الشيوخ الأمريكي لصالح منح قطاع الطيران 58 مليار دولار في إطار حزمة إنقاذ لمواجهة تداعيات فيروس كورونا، نصفها في شكل إعانات لتغطي رواتب نحو 750 ألف موظف، في إنقاذ يحتاج إليه القطاع بشدة في ظل أسوأ اتجاه نزولي للسفر يواجهه في تاريخه. وتمنح حزمة الإنقاذ التي تبلغ في المجمل تريليوني دولار شركات الطيران التي تنقل الركاب 25 مليار دولار في شكل إعانات و25 مليار دولار في صورة قروض، وتمنح شركات الشحن الجوي ثمانية مليارات دولار أخرى مقسمة بين القروض والإعانات، كما تقدم إعانات بقيمة ثلاثة مليارات دولار للمتعاقدين مع المطارات مثل متعهدي توريد الطعام.

وكافح الجمهوريون في مجلس الشيوخ ما وصفوه بأنه منح دون مقابل لشركات الطيران وعرضوا في بادئ الأمر تقديم قروض فقط، فيما هددت شركات الطيران بالبدء في تسريح عشرات الآلاف من العاملين في غضون أيام إذا لم تحصل على تمويل. وبموجب مشروع القانون من المقرر أن تحصل هذه الشركات على المساعدات النقدية خلال وقت قصير. ومما يعد مكسبا للعاملين، لا يمكن للشركات التي ستتلقى تمويلا تسريح موظفين قبل يوم 30 سبتمبر أيلول أو أن تغير اتفاقات تفاوض جماعي. وستحصل شركات الطيران أيضا على إعفاء من الضرائب على مشتريات الوقود وأيضا تعليقا مؤقتا للضرائب على التذاكر، مما قد يخفض مصروفات السفر.

الى جانب ذلك قالت الخطوط الجوية البريطانية إنها أبرمت اتفاقا مع اتحادات العمال لإيقاف أكثر من 30 ألفا من موظفي أطقم الطائرات والخدمات الأرضية في واحدة من أكبر الخطوات بقطاع الطيران حتى الآن لاجتياز تداعيات جائحة فيروس كورونا. وبعد أن اتفقت الخطوط البريطانية بالفعل على خفض أجور طياريها 50 بالمئة، تركز الصفقة الجديدة على أطقم الطائرات والخدمات الأرضية والمهندسين والإداريين. وقال اتحاد ”يونايت“ إنه بموجب الاتفاق توقف الشركة الموظفين مع تقاضيهم 80 بالمئة من أجورهم دون أي تسريحات.

وقال المدير العام لهيئة الطيران البريطانية ريتشارد موريارتي "بالنسبة للطيران ومنظمي الرحلات، فإن هذه الفترة هي الأصعب على الإطلاق. ... بقاء بعض الشركات فعلاً على المحكّ". وأوضح أنه ينبغي على هذه الأخيرة أن تتخذ "إجراءات صارمة للحفاظ على سيولتها" في إشارة إلى احتمال إلغاء آلاف الوظائف.

الشرق الأوسط وأفريقيا

قال الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) إنه يتعين على الحكومات في الشرق الأوسط وأفريقيا التحرك بشكل أسرع لحماية شركات الطيران لديها، لافتا إلى أن خسائرها الناجمة عن جائحة فيروس كورونا ارتفعت إلى 23 مليار دولار. وتدخلت عدة دول لمساعدة شركات الطيران لديها التي شهدت انهيارا في الطلب بسبب التفشي العالمي للفيروس، مثل الولايات المتحدة وسنغافورة وأستراليا، غير أن دولا قليلة فقط في الشرق الأوسط وأفريقيا التي أعلنت عزمها فعل ذلك.

وقال نائب رئيس إياتا للشرق الأوسط وأفريقيا محمد علي البكري في إفادة صحفية عبر الإنترنت ”يمر القطاع بأكمله بواحدة من أحلك لحظاته في التاريخ. ”لذا تتقدم الدول التي تدرك أهمية هذا القطاع للمساعدة وتضخ مليارات لإنقاذ شركات الطيران تلك. نأمل أن تحذو دول أفريقيا والشرق الأوسط حذوها“. وحثت إياتا، وهي مجموعة الضغط الأكبر في القطاع، بالفعل الحكومات بالشرق الأوسط وأفريقيا على التحرك عن طريق تقديم تمويل وقروض وإعفاءات ضريبية لشركات الطيران.

وقالت إياتا إن فاقد إيرادات شركات الطيران بالشرق الأوسط هذا العام يبلغ الآن 19 مليار دولار، ارتفاعا من 7.2 مليار دولار في 11 مارس آذار، بينما بلغت خسائر شركات الطيران الأفريقية إلى الآن أربعة مليارات دولار. وتعهدت دبي بتقديم تمويل جديد لناقلتها الحكومية طيران الإمارات، لكنها لم تكشف عن تفاصيل، بينما قال أكبر الباكر الرئيس التنفيذي لشركة الخطوط الجوية القطرية إن الشركة ستحتاج في نهاية المطاف لدعم حكومي. بحسب رويترز.

وقال البكري ”لم نر التفاصيل التي نبحث عنها لإعطاء شركات الطيران الدعم الحيوي الذي تحتاجه ليعبر بها هذه الأزمة. ”يتعين حقا على (الحكومات) أن تدرك ذلك... مساعدة قطاع شركات الطيران على النجاة سيساعد هذه الدول في نهاية المطاف على إعادة بناء اقتصاداتها“. ودعت إياتا أيضا المطارات والموردين والشركاء الآخرين في القطاع لإلغاء أو تأجيل بعض الرسوم على شركات الطيران.

اضف تعليق