تتواصل الحرب التجارية بين امريكا والصين بشكل متصاعد، اثار الكثير من المخاوف خصوصا وان هذا الخلاف بين أكبر اقتصادين في العالم يهدد بركود اقتصادي عالمي خلال 9 أشهر، في الوقت نفسه تتزايد الهواجس من أن تؤدي الحرب التجارية بين واشنطن وبكين الى حرب عملات قريباً...
تتواصل الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين بشكل متصاعد، اثار وبحسب بعض المصادر، الكثير من المخاوف خصوصا وان هذا الخلاف بين أكبر اقتصادين فى العالم يهدد بركود اقتصادى عالمى خلال 9 أشهر. وقال بنك جولدمان ساكس إن المخاوف تتزايد من أن تؤدي الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين إلى ركود وإن البنك لم يعد يتوقع التوصل لاتفاق تجاري بين أكبر اقتصادين في العالم قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية في 2020.
وقال البنك في مذكرة أُرسلت إلى عملائه "نتوقع سريان تعريفات تستهدف باقي الواردات الأميركية من الصين والتي يبلغ حجمها 300 مليار دولار". واحتدمت الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، بعدما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخرا عن خطة لفرض رسوم جمركية جديدة بنسبة 10% على بضائع صينية بقيمة 300 مليار دولار، مما حمل الصين بعد أيام من هذا الإعلان على ترك عملتها تهبط إلى مستوى قياسي. ومع انتقال المواجهة بين الجانبين إلى حرب عملات، حذر الخبراء من تداعيات هذه المواجهة على الاقتصاد العالمي، حيث يتخوف المتابعون من تأثيرها على باقي الاقتصادات في العالم
و قد أعلنت الولايات المتحدة أن الصين تتلاعب بالعملة. وتنفي الصين تلاعبها في اليوان لتحقيق مكاسب تنافسية. ويدور النزاع التجاري حول قضايا مثل التعريفات الجمركية والدعم والتكنولوجيا والملكية الفكرية والأمن الإلكتروني إلى جانب أمور أخرى. وقال غولدمان ساكس إنه سيخفض توقعاته للنمو في الولايات المتحدة خلال الربع الرابع بواقع 20 نقطة أساس إلى 1.8 في المئة في تأثير أكبر مما كان متوقعا للتطورات في التوترات التجارية. ولا تزال الصين أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة، وقد زادت صادراتها في العام الماضي بنسبة 7 في المئة.
ويقول اقتصاديون من البنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، ومن جامعتي برينستون وكولومبيا، إن الرسوم التي فرضت على شريحة كبيرة من الواردات، بدءا من الصلب، وحتى الغسالات، كلفت الشركات الأمريكية والمستهلكين 3 مليارات دولار في الشهر في صورة تكاليف ضريبية إضافية. ويضاف إلى ذلك - كما يقول الاقتصاديون - مليار و400 مليون دولار خسائر بسبب انخفاض الطلب. وتوصل بحث آخر إلى أن المستهلكين الأمريكيين والشركات هم من يدفعون معظم تكاليف الرسوم الجمركية.
التلاعب بالعملة
وفي هذا الشأن قال وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين في بيان إن الحكومة الأمريكية قررت اعتبار الصين متلاعبة في عملتها وسوف تتحاور مع صندوق النقد الدولي للقضاء على المنافسة غير العادلة من جانب بكين. وتُفاقم الخطوة التوتر الذي يخيم بالفعل على العلاقات بين البلدين كما تشكل تنفيذا لتعهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تصنيف الصين متلاعبا بالعملة وذلك لأول مرة منذ عام 1994. وتأتي الخطوة الأمريكية بعدما سمحت الصين لعملتها اليوان بالهبوط دون مستوى سبعة مقابل الدولار للمرة الأولى منذ أكثر من عشر سنوات. وقالت بكين لاحقا إنها ستتوقف عن شراء منتجات زراعية أمريكية في تصعيد كبير في حرب تجارية قائمة منذ نحو عام مع الولايات المتحدة.
وجاء هبوط اليوان الحاد الذي بلغت نسبته 1.4 بالمئة بعد أيام من قرار ترامب بشكل مفاجئ فرض رسوم جمركية بنسبة عشرة بالمئة علي واردات من الصين بقيمة 300 مليار دولار، مما أحدث صدمة في الأسواق المالية بعد هدنة قصيرة في الحرب التجارية بينهما. ودفعت الأنباء الدولار للهبوط بشكل حاد بينما دعمت الذهب. وقالت وزارة الخزانة الأمريكية إن بيانا لبنك الشعب الصيني (البنك المركزي) أوضح أن السلطات الصينية تمارس سيطرة واسعة على سعر صرف اليوان.
وقال بنك الشعب الصيني إنه ”سيواصل ... اتخاذ إجراءات ضرورية ومستهدفة ضد (سلوك القطيع) الذي قد يحدث في سوق الصرف الأجنبي“. وقالت الخزانة الأمريكية ”هذا اعتراف صريح من جانب بنك الشعب الصيني بأن لديه خبرة واسعة في التلاعب بعملته وأنه لا يزال مستعدا لفعل ذلك بشكل مستمر“. بحسب رويترز.
وذكرت أن الصين انتهكت التزاما بالامتناع عن خفض قيمة العملة لغرض التأثير على المنافسة في إطار مجموعة الدول العشرين. وبعد تصنيف بلد على أنه متلاعب بالعملة، تكون وزارة الخزانة ملزمة بالمطالبة بمحادثات خاصة بهدف تصحيح عملة مقومة بأقل من قيمتها، ويشمل ذلك عقوبات. وكانت الوزارة قد صنفت تايوان وكوريا الجنوبية على أنهما تتلاعبان بالعملة في عام 1988، وهو العام الذي أصدر فيه الكونجرس قانون مراجعة العملة. وكانت الصين آخر بلد يتم تصنيفه كذلك في عام 1994.
وقال البنك المركزي الصيني إن قرار واشنطن تصنيف بكين متلاعبا بالعملة سيلحق ”ضررا هائلا بالنظام المالي العالمي وسيسبب فوضى في الأسواق المالية“. وقال بنك الشعب الصيني (البنك المركزي)، إن قرار واشنطن زيادة التوترات بشأن العملة سيعرقل أيضا ”التعافي الاقتصادي والتجاري العالمي“. وأضاف البنك في بيان منشور على موقعه الإلكتروني أن الصين ”لم تستخدم ولن تستخدم سعر الصرف كأداة للتعامل مع النزاعات التجارية“. واستكمل ”تنصح الصين الولايات المتحدة بكبح جماح جوادها قبل أن يصل لشفا الهاوية وأن تعي أخطائها وأن تتراجع عن المسار الخاطئ“.
وقالت صحيفة جلوبال تايمز الصينية واسعة الانتشار التي تنشرها صحيفة الشعب اليومية الناطقة بلسان الحزب الشيوعي الحاكم في الصين إن قرار الولايات المتحدة له دافع سياسي صرف ”لتنفث عن غضبها“. وقال هو شي جين رئيس تحرير الصحيفة على تويتر إن الصين ”لم تعد تتوقع نية حسنة من الولايات المتحدة“.
ويضع القانون الأمريكي ثلاثة معايير لتعريف التلاعب بالعملة بين الشركاء التجاريين الرئيسيين: امتلاك فائض كبير في ميزان المعاملات الجارية العالمي ووجود فائض تجاري كبير مع الولايات المتحدة والتدخل المستمر من جانب واحد في أسواق الصرف الأجنبي. وقال البنك المركزي الصيني إن معايير التصنيف لا تنطبق عليه.
وقال تشانغ آن يوان كبير خبراء الاقتصاد لدى تشاينا سيكيورتيز ”لا مبرر لأن يخلص الجانب الأمريكي إلى أن هناك تلاعبا بسعر الصرف استنادا لتغير سعر صرف الرينمنبي (اليوان) خلال يوم واحد“. وأضاف أنه بعد التصنيف، من المحتمل أن تقوم واشنطن ”بتطبيق إجراءات عقابية تتجاوز الفهم الحالي للوضع“.
وحذر الإعلام الصيني من أن بكين قد تستغل مكانتها المهيمنة كمُصدر للمعادن الأرضية النادرة إلى الولايات المتحدة كنقطة قوة في النزاع التجاري. وتستخدم هذه المعادن في كل شيء تقريبا من المعدات العسكرية إلى الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية عالية التقنية. ويقول محللون إن بكين يمكنها أيضا تكثيف الضغط على الشركات الأمريكية العاملة في الصين.
حرب طويلة
من جانب اخر حذر مسؤولون سابقون في البنك المركزي الصيني، من مخاطر حرب عملات مع الولايات المتحدة، وذلك بعد تصعيد مباغت للتوترات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم. وتمسك صندوق النقد الدولي، بتقييمه بأن قيمة اليوان الصيني متماشية إلى حد كبير مع الأسس الاقتصادية، لكن مسؤولا بالصندوق قال إن صندوق النقد يشجع الصين على أن تنتهج سعرا للصرف أكثر مرونة، مع تقليل التدخل في سوق العملات.
وذكرت وكالة "بلومبرغ" للأنباء أن تشين يوان، النائب السابق لمحافظ بنك الشعب الصيني، قال أمام مؤتمر "التمويل الصيني" بمدينة ييتشون، إن وصف الولايات المتحدة للصين بأنها متلاعبة بالعملة، يعني أن الحرب التجارية بينهما آخذة في التحول لتصبح حربا مالية وحرب عملات، وأنه يجب على صناع السياسات الاستعداد لنزاعات بعيدة المدى، بحسبما جاء على لسانه. وأوضح تشين يوان، أن اتهام واشنطن لبكين بالتلاعب بالعملات هو جزء من استراتيجيتها في الحرب التجارية، وهذا الاتهام سيكون له تأثيره على الصين "بشكل أكثر عمقا واتساعا" مقارنة بالخلافات التجارية.
وصرح بأنه بينما يجب على الصين أن تسعى لتجنب مزيد من توسيع النزاعات، يتعين على صانعي السياسات أن يستعدوا لمنازعات بعيدة المدى مع الولايات المتحدة حول العملات، داعيا بكين إلى العمل على زيادة استخدام اليوان في العمليات التجارية الدولية مثل شراء السلع. من جهته، ذكر تشو شياوتشيوان، المحافظ السابق لبنك الشعب الصيني (البنك المركزي)، أمام المؤتمر، أنه يمكن أن يتسع مجال النزاعات مع الولايات المتحدة، ليمتد من الجبهة التجارية إلى مجالات أخرى، مثل المجالات السياسية والعسكرية والتكنولوجية. ودعا شياوتشيوان إلى بذل الجهود لتحسين دور العملة الصينية اليوان، من أجل التعامل مع تحديات النظام المالي الذي يهيمن عليه الدولار.
ولا تُعد هذه هى المرة الأولى التى تستخدم فيها الصين عملتها كإحدى أهم أدواتها فى حربها التجارية، فقد سبق أن قامت الصين بتخفيض قيمة اليوان عدة مرات كان آخرها فى 2015، حيث خفض البنك المركزى الصينى قيمة اليوان إلى أدنى مستوياته فى ثلاث سنوات مقابل الدولار الأمريكى. وقال البنك حين ذاك إن الخطوة صُممت لتعزيز إصلاحات فى السوق، ولكن المرة الأخيرة التى تداول فيها اليوان عند هذا المستوى (سبعة يوان مقابل الدولار الواحد) كانت إبان الأزمة الاقتصادية العالمية.
ولا شك أن هبوط اليوان يعنى صعود الدولار بشكل مباشر وهو ما يحدث بالفعل على مدار الأيام الماضية، رغم خفض الفائدة، وبالرغم من أن البعض قد يرى أن صعود العملة الأمريكية أمر إيجابى بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن «ترامب» يكافح من أجل خفضه بسبب زيادة العجز التجارى، إذ تعانى الولايات المتحدة الأمريكية من عجز تُعد قيمته الأعلى فى العالم، حيث قفز العجز التجارى إلى 621 مليار دولار خلال عام 2018، ليكون الأعلى منذ عام 2008، فيما بلغ العجز التجارى الأمريكى مع الصين نحو 419.2 مليار دولار خلال نفس العام وهو أعلى مستوى له على الإطلاق وفقاً لبيانات وزارة التجارة الأمريكية.
وترى الإدارة الأمريكية أن أهم أسباب هذا العجز هو خفض الدول المصدرة لها من قيمة عملتها المحلية فى مقدمتها الصين، وهو ما يضيف ميزة تجارية لسلعها، وبالتالى يتدهور العجز التجارى الأمريكى. وأثارت هذه التوترات مخاوف عدة حول إمكانية أن تكون حرب العملات هى الخطوة التالية فى الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وماذا سيحدث إذا قررت إدارة ترامب الرد بتخفيض قيمة الدولار الأمريكى؟ ويتضح حجم هذه المخاوف فى التراجع الحاد فى أسواق الأسهم العالمية، الذى شمل جميع الأسواق الرئيسية الآسيوية والأوروبية والأمريكية وصولاً إلى الأسواق العربية، وتخشى الأسواق من اندلاع حرب عملات مدمرة ودخول سلسلة متواصلة من إجراءات خفض قيمة العملات يصعب إيقافها.
حرب و توقعات
على صعيد متصل قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه يعتقد أن الصين تريد إبرام إتفاق للتجارة مع الولايات المتحدة، وإن الحرب التجارية مع بكين ستكون قصيرة نوعا ما. وأبلغ ترامب الصحفيين ”أعتقد أننا نجري مناقشات جيدة جدا مع الصين. هم يريدون بشدة إبرام اتفاق“. وأضاف أن من المقرر أن يجري اتصالا هاتفيا في وقت قريب مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، لكنه لم يذكر موعدا. وقال ترامب عن الحرب التجارية ”أظن أنه كلما طالت كلما أصبحنا الأقوي.. لدي شعور بأنها ستكون قصيرة نوعا ما“.
وتوعدت الصين بالتصدي لأحدث رسوم جمركية أمريكية على بضائع صينية بقيمة 300 مليار دولار لكنها دعت الولايات المتحدة إلى الالتقاء في منتصف الطريق للوصول إلى اتفاق تجاري محتمل. وقال ترامب إنه لا يعتقد أن بكين ستنتقم من الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة. وقال ترامب ”(اجتماع) سبتمبر ما زال قائما على قدر علمي، لكنني أعتقد أن الشيء الأهم من سبتمبر هو أننا نتحدث بالهاتف ونجري محادثات بناءة جدا“. وأضاف أن مسؤولين أمريكيين وصينيين أجروا ”محادثة جيدة جدا“ قبل أيام قليلة.
وفي سلسلة من التغريدات، عاب ترامب أيضا على الصين لعدم تنفيذ وعود لشراء المزيد من المنتجات الزراعية الأمريكية وانتقد بشكل شخصي الرئيس الصيني شي جين بينغ لفشله في عمل المزيد لوقف مبيعات مادة فينتانيل المخدرة. من جانب اخر قالت وزارة الخارجية الصينية إن بكين ستضطر لاتخاذ إجراءات مضادة إذا أصرت الولايات المتحدة على فرض المزيد من الرسوم على الواردات الصينية. بحسب فرانس برس.
وذكرت هوا تشون ينغ المتحدثة باسم الخارجية في إفادة صحفية يومية أن الصين لا تريد حربا تجارية، لكنها لا تخشى خوض مثل هذه الحرب. وذكرت وزارة المالية الصينية في بيان أن الرسوم الجمركية التي فرضتها واشنطن، والمنتظر أن تدخل حيز التنفيذ، تنتهك تفاهمات توصل إليها رئيسا البلدين وتنحرف عن المسار الصحيح لتسوية النزاعات عبر المفاوضات.
كما شدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على أن أي اتفاق تجاري مع الصين سيكون وفقا للشروط الأمريكية، وجاء التصريح بعد فترة وجيزة من توعد بكين بالرد على الرسوم الأمريكية الجديدة المزمعة. وقال ترامب في حديث مع إحدى الإذاعات الأمريكية: "بصراحة، الصين ترغب في عقد صفقة، ويجب أن تكون صفقة بشروط مناسبة، يجب أن تكون بشروطنا".
اضف تعليق