العنوان أعلاه يمثل سؤالا مصيريا يبحث عن اجابته المحللون والمسؤولون في القارة العجوز، لما تشهده منطقة اليورو من صعوبات اقتصادية خطيرة تتمثل بتفاقم أزمة الديون وتفشي الفساد والتهرب من دفع الضرائب، الى جانب اضطرابات اجتماعية كبرى نتيجة لتصاعد اليمن المتطرف والشعوبية في دول اتحاد القارة العجوز...
العنوان أعلاه يمثل سؤالا مصيريا يبحث عن اجابته المحللون والمسؤولون في القارة العجوز، لما تشهده منطقة اليورو من صعوبات اقتصادية خطيرة تتمثل بتفاقم أزمة الديون وتفشي الفساد والتهرب من دفع الضرائب، الى جانب اضطرابات اجتماعية كبرى نتيجة لتصاعد اليمن المتطرف والشعوبية في دول اتحاد القارة العجوز، فضلا عن التنافس السياسي بين القوى الكبرى -المانيا وفرنسا- في هذا الاتحاد المترهل وبين القوى العالمية القديمة والاوربية حاليا "المملكة المتحدة" التي انسحبت من الوحدة الأوربية، لتسهم جل هذه العوامل آنفة الذكر بإضعاف وحدة اتحاد القارة العجوز محليا ودوليا وقد تدفع به إلى حافة الانهيار، بالتالي مما ادى الى تعالي الدعوات نحو التفكيك.
في الاخيرة اكتسبت صفات مثل "في النزع الأخير" أو "عاجز" أو "مصاب بالتصلب" شعبية في وصف اقتصاد منطقة اليورو التي تضم 19 دولة أوروبية - لكن ربما أنها لم تعد صفات ملائمة للحال الآن. وبدأت منطقة اليورو رويدا رويدا - لأسباب على رأسها تدابير التحفيز الضخمة التي أخذها البنك المركزي الاوروبي - تظهر علامات التحسن الاقتصادي. ويمثل ذلك انبلاج فجر مرحلة جديدة يكافح المسؤولون لرعايتها حتى ترى ضوء النهار.
وربما لا يكون هذا التطور محسوسا بالقدر نفسه بصفة عامة أي فيما يتعلق بالبطالة في كل من أسبانيا واليونان بالمقارنة مع النشاط الذي تشهده شركات البناء في ألمانيا. غير أن الأرقام تبدو إيجابية عموما حتى إذا استبعدنا فكرة حدوث هذا الانتعاش في وقت تواجه فيه الصين تقلبات وتشهد فيه الأسواق المالية تقلبات.
على صعيد مشابه يرى المتخصصون في الشؤون الاقتصادية ان البنوك المركزية مازال أمامها الكثير الذي يمكنها فعله لمجابهة تباطؤ الاقتصاد العالمي بما لا يغير توقعات التعافي في منطقة اليورو، فهم يخشون من أن المضي قدما قد يعمق الاستياء الشعبي تجاه أوروبا بعد سنوات الأزمة الاقتصادية التي زادت البطالة ورفعت نتائج الأحزاب الشعبوية المتشككة في الاتحاد الأوروبي باستطلاعات الرأي.
فيما يتوقع بعض المحللين ان يصل اليورو قريبا الى التعادل مع الدولار قبل ان يعود الى الارتفاع، واشا هؤلاء المحللون الى ان "الزيادة المتواصلة في سعر الدولار تطرح معضلة بالنسبة للاحتياطي الفدرالي" وخصوصا لانها "تعيق قدرة المصدرين (الاميركيين) على الحفاظ على قدرتهم التنافسية".
وتاثر اليورو بسياسات البنك المركزي الاوروبي الذي اعطى اشارة الانطلاق لبرنامج غير مسبوق لشراء ديون عامة يتوقع ان يسمح بضخ مئات مليارات اليورو في اقتصاد منطقة اليورو على امل اعادة تنشيطه، ما يؤدي الى تراجع قيمة العملة الموحدة الاوروبية.
وقد خيل لكثيرين أن الاتحاد الأوروبي قد أضحى مرة وإلى الأبد خط الاتصال الساخن بين القارة الأوروبية وبقية العالم، غير أن الانسحاب البريطاني الأخير من الاتحاد والذي جاء بمثابة زلزال قوي هز أركان البيت الأوروبي الكبير بات يطرح سؤالاً جذرياً عن حال الاتحاد ومآله وهل سيتفكك بخروج بريطانيا أم أن كرامة بقية العناصر الأوروبية الفاعلة، لا سيما الألمان والفرنسيين، لن تسمح أبداً بإظهار البريطانيين وكأنهم كانوا عند لحظة بعينها حجر الزاوية في ذلك الاتحاد؟
المقارنة مثيرة للاهتمام بالفعل، فبينما تسجل المانيا مثلاً ارقاماً قياسية في قطاع التصدير واحداً بعد الآخر، تسجل فرنسا عجزاً تجارياً متزايداً في هذا القطاع. في حين يشهد الاقتصاد الألماني نمواً يشهد شبيهه الفرنسي ركوداً، وفيما تتسم الميزانية الالمانية بالتوازن، تكافح فرنسا من أجل تخفيض العجز في ميزانيتها. تقرير من ميلتو شميت عن التباين في تطور كل من فرنسا والمانيا في السنوات الأخيرة.
كثيراً ما يتم تصوير الاختلاف في وجهات النظر بين ألمانيا وفرنسا الذي جعل الانتهاء من خطة الإنقاذ الأوروبية أمراً بالغ الصعوبة، في شكل صراع شخصي بين المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي ماكرون. لكن ذهبت الصراعات بين البلدين إلى أبعد من الخلاف الشخصي بين الرئيسين الذي يبرز إلى السطح بين الحين والآخر.
ويعزو المحللون صعوبة التوصل إلى صيغة نهائية إلى الفروق الكبيرة بين الثقافات الاقتصادية والسياسية التي ازدادت حدتها مع تفاقم الأزمة المالية، حيث فقد كل من الطرفين المساحة المطلوبة للمناورة أو المساومة. ويقول أحد كبار السياسيين الأوروبيين “القضية لا تتعلق بما يجري من تطورات يومية، بل أن المسالة ترتبط بالاختلافات الاقتصادية والسياسية الكبيرة بين البلدين”. وتعبر مثل هذه الخلافات عن نفسها في كل محور تقريباً من محاور الإستراتيجية الثلاثة والتي تزداد وضوحاً في اليونان أكثر من أي بلد آخر في المنطقة.
ومارس المسؤولون في ألمانيا ومنذ اندلاع أزمة الديون، ضغوطاً متواصلة على مستثمري السندات اليونانية من أجل قبول الخسارة كوسيلة من وسائل تخفيف مستوى ديون اليونان التي لا تستطيع تحملها. وعضد هذه الحجة ما أصبح بعد ذلك مبدأ أيدلوجي في طريقة تناول برلين للأزمة، وهو ما وصفته بالمخاطر الأخلاقية. وينبع الخطر الأخلاقي للكثيرين في المؤسسة الأكاديمية والسياسية في ألمانيا، من لعنة العملة الموحدة حيث يرى العاملون في الأسواق أن تفاديهم للخطر تم بصورة وهمية. وكانت حكومات منطقة اليورو حتى قبل بداية الأزمة منذ سنتين، قادرة على الاقتراض بأسعار تكاد تكون متطابقة، على الرغم من أن الحكومة اليونانية كانت تنفق أكثر من إمكانياتها، في الوقت الذي تقوم فيه ألمانيا بالإصلاحات الاقتصادية لبناء مقدرتها التنافسية.
وعلى الجانب الآخر، تنظر فرنسا لدور الحكومات الأوروبية في الأزمة كالحائط الأخير الذي يقف في وجه انتشار العدوى من الدول الطرفية الصغيرة لبقية المنطقة. ويتمثل معظم هذا الموقف في انهيار “ليمان براذرز” والذي تعود أسبابه في وجهة نظر الكثيرين في باريس إلى فشل الإدارة الأميركية.
وعلاوة على ذلك، يزيد شعور فرنسا بالتعرض للمخاطر خاصة عند مقارنتها بالاقتصاد الألماني القوي، من حساسيتها في ما يتعلق بالانهيار الاقتصادي العالمي. وكان الخلاف حول اليونان من أكثر العناصر وضوحاً في الصراع الدائر بين ألمانيا وفرنسا، لكنه انتقل للجهود التي يبذلها الاتحاد الأوروبي لاحتواء الأزمة، بما في ذلك السؤال الأكثر أهمية: من هو الدائن الذي يمكن أن تلجأ إليه “منطقة اليورو” في آخر المطاف؟. وربما استنفدت فرنسا كل الفرص المتاحة لإرغام “البنك المركزي الأوروبي” للعب ذلك الدور، أولاً عبر حثه لعدم التخلي عن شراء السندات ومطالبته بتقديم قوته المالية لدعم برنامج إنقاذ “منطقة اليورو” البالغ 440 مليار يورو. لكن تصر ألمانيا على عدم لعب البنك المركزي للدور الذي ينبغي أن تلعبه الحكومات باشتراكها المباشر في عمليات تمويل الميزانيات. ويبدو أن الخلافات الألمانية الفرنسية مستمرة لتجعل من السيطرة على الأزمة الأوروبية قضية بالغة التعقيد.
اوراق نقدية جديدة في 2019
أعلن البنك المركزي الاوروبي انه سيبدأ تداول أوراق نقدية جديدة من فئتي 100 و200 يورو في 28 ايار/مايو 2019 وذلك في سياق استكمال سلسلة الاوراق النقدية الجديدة منذ 2013 بهدف جعلها اقل عرضة للتزوير.
وتم عرض الاوراق النقدية الجديدة الاثنين في فرانكفورت والتي ستحل محل اخرى يتم تداولها منذ بدء التداول بهذه العملة في 2002، وتشكل الاوراق من فئة مئة يورو حاليا 23 بالمئة من اجمالي الاوراق النقدية التي يتم تداولها. اما ورقة ال 200 يورو فتمثل 4 بالمئة من الاوراق النقدية المتداولة في دول منطقة اليورو ال 19.
يذكر ان البنك المركزي الاوروبي كان قرر في 2016 وقف اصدار الاوراق النقدية من فئة 500 يورو بحلول نهاية 2018، وذلك للاشتباه في ان ذلك يساعد تلاعب المهربين والمزورين.
مخاوف بشأن الحرب التجارية
خلص صناع السياسات بالبنك المركزي الأوروبي الشهر الماضي إلى أن الحماية التجارية وتهديد نشوب حرب تجارية عالمية هما أكبر خطرين يواجهان اقتصاد منطقة اليورو لكن النمو لم يحد بعد عن مساره الملاحظ من ذي قبل.
وفي اجتماع كاد يخلو من أي اعتراضات، أظهر محضر اجتماع البنك المركزي في 26 يوليو تموز والذي نُشر يوم الخميس أن صانعي السياسات اشتركوا في وجهة النظر القائلة بأن المنطقة تحقق أداء في حدود المتوقع مما ينفي الحاجة لإجراء تغيير في السياسات.
وقرر البنك المركزي الأوروبي في يونيو حزيران وقف عمليات شراء ضخمة للسندات بنهاية العام والإبقاء على أسعار الفائدة مستقرة حتى الصيف القادم على الأقل، مما يمنح الأسواق نظرة طويلة غير معتادة لتحركات البنك المرجحة بشأن السياسة النقدية.
وأظهر المحضر أن ”عدم التيقن المرتبط بالعوامل العالمية يظل سمة بارزة، على الأخص فيما يتعلق بتهديد الحماية التجارية وخطر تصاعد التوترات التجارية“، وأضاف المركزي الأوروبي ”التوترات يمكن أن تولد مزيدا من التراجع العام في الثقة في أنحاء الاقتصاد العالمي، فضلا عن أي تأثيرات مباشرة من فرض الرسوم الجمركية“.
وفيما يضغط خطر الحرب التجارية على المعنويات بالفعل، فإن التأثير الفعلي على النمو كان محدودا حتى الآن حتى أن صانعي السياسات في البنك المركزي الأوروبي قالوا إنهم يتوقعون أن يكون تباطؤ النمو في النصف الأول من العام مؤقتا.
صندوق النقد يحذر من مخاطر جدية
قال صندوق النقد الدولي في تقييم دوري إن نمو منطقة اليورو بلغ ذروته وإن المخاطر التي تواجه آفاق النمو بالمنطقة ”جدية بشكل واضح“ وهو ما يزيد احتمالات تباطؤ اقتصاد منطقة العملة الموحدة.
وأضاف الصندوق أنه مع استمرار اتجاه صعودي للاستثمارات والاستهلاك وخلق الوظائف، فإن هناك مجالا لأن يستمر النمو ”للعامين“ المقبلين على الأقل لكن المخاطر الخارجية والداخلية تتزايد، وقال صندوق النقد ”المخاطر جدية بشكل واضح في هذا الوقت“. وأضاف قائلا ”الأحداث الأخيرة غيرت ميزان المخاطر نزولا، بما يعكس العوامل المحلية والعالمية“، ”إذا تحققت هذه (المخاطر)، فإن الاقتصاد قد ينزلق إلى تباطؤ“ محذرا من مخاطر حرب تجارية عالمية شاملة وخطر خروج خشن لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي وتغاضي حكومات منطقة اليورو عن الإصلاحات.“
وتباطأ النمو بحدة في الربع الأول لكن أحدث قراءات لمؤشرات، مثل الناتج الصناعي والمعنويات، تشير فيما يبدو إلى أن النمو استقر عن معدل ما زال دون قدرات المنطقة، رغم أنه دون معدلات استثنائية سجلها في بداية العام.
وقال الصندوق فيما يطلق عليه مشاورات المادة الثالثة ”هناك أسباب وجيهة، لتوقع نمو معقول...(لكن) آفاق النمو في الأجل المتوسط تظل باهتة“، وتلقى النمو في منطقة اليورو على مدار خمس سنوات دعما من سياسة نقدية شديدة التيسير، وحذر صندوق النقد البنك المركزي الأوروبي من إلغاء هذا التحفيز على نحو متسرع لأن الأسواق قد تتحرك سريعا على نحو يلحق الضرر بالدول الأضعف في منطقة اليورو، مما سيجبر الحكومات على القيام بتخفيضات في الإنفاق، وأضاف صندوق النقد ”التزام البنك المركزي الأوروبي بالإبقاء على سياسة أسعار الفائدة عند مستوياتها الحالية، الشديدة الانخفاض على نحو استثنائي حتى الصيف القادم على الأقل هو شيء حيوي“، وقال ”التسرع في زيادة أسعار الفائدة قد يكون خطأ باهظ التكلفة، لمنطقة اليورو ولبقية العالم“.
منطقة اليورو بعد بريكست
اعتبرت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريتسين لاغارد الاثنين في دبلن ان على منطقة اليورو ان تستعد لاستقبال "تدفق كبير" من الشركات المالية بسبب بريكست، وقالت في خطاب القته في دبلن خلال مؤتمر حول اليورو "من الضروري ان يكون كل شيء جاهزا لجهة التنظيم والاشراف استعدادا للتدفق الكبير للمؤسسات المالية التي ستنتقل من مراكزها الحالية الى اوروبا القارية وايرلندا".
وتأتي تصريحات لاغارد التي تقوم بزيارة لايرلندا ليومين في حين تتخوف اوساط الاعمال اكثر واكثر من فشل المفاوضات بين بريطانيا والاتحاد الاوروبي ما سيفضي الى طلاق دون تنازلات وسيعيد النظر في اي مرحلة انتقالية.
والقطاع المالي لم يعد يراهن على جواز السفر الاوروبي الذي يسمح للمؤسسات باقتراح خدماتها على كل القارة مع ان مقرها في بريطانيا. فقد تنتهي هذه التسهيلات مع الخروج من السوق الواحدة كما وعدت حكومة تيريزا ماي المحافظة.
وتدفع لندن اليوم الى اتفاق للتبادل الحر يضم الخدمات المالية الضرورية لاقتصاد البلاد وانتعاش العاصمة لكن بروكسل تعارض ذلك حاليا، وحذرت عدة مصارف كبرى في حي الاعمال في لندن من انها ستضطر الى نقل بعض انشطتها وكذلك بعض موظفيها حتى وان كانت لهجة مسؤوليها اقل هلعا من قبل.
وقدر البنك المركزي البريطاني نقل 10 آلاف وظيفة في مجال الخدمات المالية في اليوم الاول من بريكست، والدليل على المخاوف المتنامية في الاوساط المالية، اشارت هيئة الضوابط المصرفية الاوروبية الاثنين الى قلة تحضير المؤسسات المالية لخروج بريطانيا المرتقب من الاتحاد الاوروبي خلال تسعة اشهر وطلبت منها توقع بريكست دون اتفاق.
وقال مايلز سيليتش مدير عام "ذي سيتي يو كاي" في بيان "مؤسسات الخدمات المالية في بريطانيا وضعت خطط طوارىء منذ اشهر. لصناعتنا حوار بناء ومستمر مع الهيئات المنظمة والحكومة"، واضاف "نعمل معا للتخفيف من مخاطر حصول اضطرابات للزبائن والاقتصاد" داعيا السلطات الاوروبية الى ايجاد حل "عاجل وجدي" لمشكلة استمرارية العقود المبرمة مع الزبائن والتي قد تزول صلاحيتها بعد بريكست.
والتهديدات تتجاوز القطاع المالي كما ذكرت مجموعة ايرباص للطيران الاسبوع الماضي محذرة من احتمال مغادرة بريطانيا في اسوأ سيناريو، وبحسب دراسة نشرها مكتب محاماة "بايكر اند ماكينزي" خفضت نصف المؤسسات الاوروبية استثماراتها في بريطانيا بسبب بريكست. وشملت الدراسة 800 من رؤساء مجالس ادارة شركات تم استطلاعهم في فرنسا والمانيا واسبانيا وهولندا والسويد وايرلندا.
الصراع على ميزانية منطقة اليورو
قادت هولندا الجمعة حملة خلف الكواليس لتعطيل خطة ألمانية-فرنسية لوضع ميزانية لمنطقة اليورو قبيل قمة مهمة للاتحاد الأوروبي لمناقشة المسألة، وذكرت مصادر أوروبية أن الحكومة الهولندية أجرت اتصالات نيابة عن نحو عشر دول أبدت شكوكا بشأن الخطة الفرنسية-الألمانية، وفي رسالة عبر البريد الالكتروني إلى رئيس مجموعة اليورو (يوروغروب) ماريو سينتينو، أشار وزير مالية هولندا ووبكي هويكسترا إلى ضرورة إبلاغ قادة الاتحاد بوضوح خلال قمة الأسبوع المقبل بعدم وجود توافق بشأن الميزانية.
وأفاد المصدر أن الوزير الهولندي كتب الرسالة باسم بلاده وباسم كل من بلجيكا ولوكسبورغ والنمسا والسويد والدنمارك وفنلندا ولاتفيا وليتوانيا واستونيا وايرلندا ومالطا، ونوه مصدر آخر إلى أن الرسالة تناولت سلسلة واسعة من المسائل المقلقة بالنسبة لهذه الدول انطلاقا من مناقشة "مخاطر أخلاقية" ووصولا إلى قضايا مرتبطة بـ"حيادية" الاتحاد الأوروبي في ما يتعلق بشؤون الضرائب، وتأتي الرسالة في أعقاب اجتماع عقد في لوكسمبورغ حيث ناقش وزراء مالية الاتحاد الأوروبي حزمة من الاقتراحات بشأن كيفية تحسين العملة الموحدة (اليورو) تحضيرا للقمة، ويتولى سينتينو، الذي يشغل كذلك منصب وزير المالية البرتغالي، مهمة تقديم مقترحات ملموسة إلى القادة.
واتفقت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون على نسخه من الإصلاحات خاصة بهما ليتم عرضها بشكل مشترك خلال قمة الاتحاد الأوروبي، وأبدت هولندا وغيرها من الدول امتعاضا شديدا من فكرة ماكرون وضع ميزانية لمواجهة الأزمة للدول الـ19 المنضوية في اليورو بهدف حشد الأوروبيين ضد الشعبوية المناهضة للاتحاد الأوروبي، وقال وزير المالية الفرنسي برونو لومير إن "الجميع يعلمون مواقف الدول الاعضاء في منطقة اليورو من هذه القضية" مؤكدا أن الأمر يعود للفرنسيين لإقناعهم.
من جهته، أكد وزير المالية الألماني أولاف شولتز أن فكرة الميزانية "هي نقطة بداية للنقاش"، وقال "عند البدء بأمر جديد، من الضروري استهلاله بانفتاح كبير و(ضمان) عرض جميع الآراء على الطاولة".
لا رجوع عن اليورو
في مقابلة صحيفة تنشر يوم السبت سُئل وزير المالية الألماني أولاف شولز عما إذا كانت العملة الأوروبية ستظل قائمة بعد عشر سنوات، فأجاب قائلا إنه لا رجوع عن اليورو، وأبلغ شولز صحيفة راينشي بوست الألمانية ”نعم. لا رجوع عن اليورو... إنه يضمن مستقبلنا المشترك في أوروبا“، وأضاف أن خطة مبدئية لتعزيز منطقة اليورو اتفقت عليها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أثناء محادثات في منتجع ميسبرج خارج برلين هذا الأسبوع ستحمي اليورو من الأزمات.
وقال شولز ”مع اتفاقات ميسبرج نحن نعزز بناء منزل أوروبا... أن يحتوي على سقف متين يتحمل العواصف والأيام المطيرة في المستقبل. لدينا قوة دافعة جديدة في أوروبا والفضل في هذا يرجع إلى الرئيس ماكرون“.
بين البقاء والديون
قال وزير الاقتصاد الإيطالي الجديد جيوفاني تريا يوم الأحد إنه لا توجد نية لدى الحكومة الإيطالية الائتلافية الجديدة للتخلي عن اليورو، وإنها تخطط للتركيز على خفض مستويات الدين في مسعى منه لطمأنة الأسواق القلقة.
وتعرضت السندات الحكومية الإيطالية لضغوط بيعية جماعية في الأسابيع الأخيرة بفعل مخاوف من أن الحكومة الجديدة ستبدأ في إنفاق كبير للأموال لا يمكنها تحمله. كما ثار قلق المستثمرين من أن المشككين في منطقة اليورو داخل الإدارة قد يسعون إلى إخراج إيطاليا المثقلة بالديون من منطقة اليورو، وفي أول مقابلة له منذ توليه منصبه قبل أسبوع، قال تريا لصحيفة كورييري ديلا سيرا إن الائتلاف يريد تعزيز النمو عبر استثمار وإصلاحات هيكلية.
وقال تريا ”هدفنا (دفع) النمو والتوظيف. لكننا لا نخطط لإنعاش الاقتصاد عبر إنفاق بالعجز“، مضيفا أنه سيقدم توقعات اقتصادية جديدة وأهداف حكومية في سبتمبر أيلول، وقال ”سيكون هذا متسقا بالكامل مع هدفنا بمواصلة مسار خفض نسبة الدين/الناتج المحلي الإجمالي“، وقال تريا، وهو خبير اقتصادي لا يحظى بالشهرة لا يرتبط بأي حزب، إن الائتلاف ملتزم بالبقاء في العملة الموحدة، وقال تريا ”موقف الحكومة واضح وموحد. لا مجال للتخلي عن اليورو“، وقال ”الحكومة مصممة على منع ظروف السوق التي من شأنها أن تقود بأي وسيلة إلى الخروج. الأمر ليس فقط أننا لا نريد الخروج، سنقوم بالتصرف على نحو لا تصل فيه الأوضاع لأي مكان قريب من موقف قد يشكل تحديا لوجودنا في اليورو“، وتابع أنه تحدث إلى نظيره الألماني، ويتطلع إلى ”حوار مثمر“ مع الاتحاد الأوروبي، مضيفا أن مصلحة إيطاليا تتوافق مع مصالح أوروبا.
اضف تعليق