شهد الاقتصاد العالمي في العام 2017 تحولات كبيرة، حيث انتقل من الركود إلى النمو، ويمكن وصف نتائج 2017 بإيجاز كلمتين هما "التطلعات" و"المستويات القياسية"، وفيما يتعلق بأداء الاقتصاد العالمي في 2018، غلب التفاؤل على توقعات الخبراء، حيث يتوقعون استمرار زخم الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وأن ينمو الاقتصاد العالمي، بحسب موقع "دايناميك إكسبورت"، بنسبة تلامس 3.1%.
إن مستقبل الاقتصاد العالمي يبدو باعثا على التفاؤل كما قال صندوق النقد الدولي، ويرى الصندوق النمو الاقتصادي الأخير مثَّل دفعة إيجابية على نطاق واسع، لاسيما في أوروبا وآسيا، ومن المتوقع أن تسهم الاصلاحات الضريبية الأمريكية في تحفيز النشاط الاقتصادي، خصوصا في مجال استثمار الشركات.
لكن الصندوق خفض على نحو كبير توقعاته بشأن النمو في جنوب أفريقيا خلال العام الجاري والمقبل. بحسب بي بي سي.
حيث سجلت التوقعات العالمية الجديدة نموا قدره 3.9 في المئة لهذا العام والعام المقبل، وهي زيادة قدرها 0.2 في المئة على أساس سنوي، وتعد أسرع مقارنة بالعامين الماضيين (3.7 في المئة عام 2017 و3.2 في المئة عام 2016).
وتوضح مؤشرات الدراسات المتخصصة أن النشاط الصناعي سيظل قويا، وعلى الرغم من أن تحسن الأداء الاقتصادي حتى نهاية العام كان واسع النطاق، أكد الباحثون على تحقق نمو إيجابي "ملحوظ" في آسيا وأوروبا.
ويتوقع صندوق النقد الدولي أن تسهم الاصلاحات الضريبية التي وافقت عليها الولايات المتحدة العام الماضي في تحفيز الاقتصاد الأمريكي. وأشار التقرير إلى تأثير ذلك على قطاع الاستثمار كنتيجة لخفض ضرائب الشركات، بيد أن الصندوق يتوقع تباطؤ النمو خلال سنوات اعتبارا من عام 2022 لأن بعض قواعد الإصلاح الضريبي مؤقتة.
كما يبدو ان حرب العملات لها نظير في التأثير هو حرب التصريحات التي لها نفس الوقع، حيث صرح وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس ان "دولارا اضعف" سيكون "افضل" للبلاد لانه يحفز "التجارة وفرص العمل"، وسعى منوتشين الى توضيح تصريحاته. وقال "اعتقد ان تصريحاتي بشأن الدولار كانت واضحة (...) لسنا قلقين على وضع الدولار في السوق في الامد القصير، انها سوق متقلبة جدا".
الخطاب الذي تكرره واشنطن منذ عقود ويؤكد كما كان يكرر روبرت روبين وزير الخزانة في عهد الرئيس الاسبق بيل كلينتون ان "دولارا قويا يخدم مصلحة الولايات المتحدة". بحسب فرانس برس.
وباتخاذه هذا الموقف، يشهر منوتشين على ما يبدو سلاحا اضافيا في الحرب التجارية التي تخوضها واشنطن التي تريد الترويج لمبدأ "أميركا اولا".
تشهد اسعار صرف الدولار استقرار نسبيا في الاسواق الاوروبية بعد تراجعها على اثر تعليقات منوتشين.
يرى بعض الخبراء الاقتصاديين ان هذه التصريحات "جزء من الحرب التجارية الى حد ما"، مؤكدين ان اوروبا وخصوصا المانيا استفادت من هذا الفارق في العملات لزيادة فائضها التجاري مع الولايات المتحدة، وهم يعترفون بان العملة الاميركية بمعدلات فائدة اعلى في الاتحاد الاوروبي ودورة اقتصادية اكثر تقدما، تبرر ان يكون الدولار اقوى بقليل من اليورو.
فيما يرى خبراء اخرون: ان "ذلك يمكن ان يؤدي الى سباق في انخفاض سعر العملات لان الجميع يريدون عملة تتمتع بقدرة تنافسية اكبر من الدولار او من الشريك التجاري"، ويؤكد آخرون ايضا ان دولارا ضعيفا يمكن ان يخفض العجز التجاري لكنه يمثل ايضا خطر التسبب بتضخم، فاسعار السلع المستوردة تصبح اكبر ما يسرع التضخم وهذا في المقابل يمكن ان يحبط المستهلكين ويؤدي الى تباطؤ انفاقهم الذي يعد محرك الاقتصاد الاميركي.
الى ذلك تشكك واشنطن بفاعلية هيئة تسوية النزاعات في منظمة التجارة العالمية وتعقد سير عملها، مع انها واحدة من اسباب وجود المنظمة لانها تنظر في الخلافات العديدة بين الحكومات حول قضايا الدعم المالي للسلع او الرسوم الجمركية، وهي تلعب دورا مهما مثر في الحرب التجارية بين المجموعتين الاميركية والاوروبية للصناعات الجوية بوينغ وايرباص.
وألقت التوترات التجارية بظلالها على حالة التفاؤل بشأن النمو العالمي والذي تبدت آثاره بالكامل على المحادثات الصعبة لتجديد اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (نافتا) التي انعقدت بالتزامن مع اجتماعات الخريف لصندوق النقد الدولي.
الاقتصاد العالمي سينمو بمعدلات أسرع وأقوى في العام 2018، ولكن هذا النمو لن يشمل جميع الاقتصادات العالمية، من جانبهم يرى اغلب المراقبين الاقتصاديين أن العام المقبل 2018 سيكون عام انتعاش اقتصادي رغم التوتر الجيوسياسي الذي يهدد بعض مناطق العالم.
صندوق النقد الدولي ومستقبل الاقتصاد العالمي
قال موريس أوبستفيلد، كبير خبراء الاقتصاد في صندوق النقد الدولي، أثناء تقديم التقرير خلال مؤتمر صحفي في دافوس :"تعكس قوة الدفع الاقتصادية الحالية التقاء مجموعة من العوامل من المرجح ألا تستمر لفترة طويلة"، وأضاف أنه من المهم أن تتخذ الحكومات خطوات تفضي إلى مواجهة العقبات التي تعترض النمو، لجعله أكثر شمولا وجعل الاقتصادات أكثر قدرة على التكيف خلال الانكماش القادم، كما سجلت التوقعات بشأن بريطانيا انخفاضا طفيفا بنسبة 0.1 في المئة عام 2019. ولم يفصح التقرير عن السبب.
ويتوقع التقرير تسجيل بريطانيا نموا قدره 1.5 في المئة هذا العام والعام المقبل. وتحل بريطانيا في مرتبة أفضل من إيطاليا واليابان داخل مجموعة الدول الصناعية السبع، وفي مرتبة تلي بعض الدول الأخرى في المجموعة. بحسب البي بي سي.
وأشار التقرير إلى أن مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي تعد واحدة من عدة مخاطرة محتملة تؤثر في التوقعات. ومثال ذلك أن الاتفاقات التجارية الدولية طويلة الأجل تخضع لإعادة تفاوض.
ويقول صندوق النقد الدولي إن زيادة العقبات التجارية وإعادة وضع التنظيمات، إذا أثمرت عملية إعادة التفاوض عن ذلك، ربما يكون لها تأثير على الاستثمار العالمي وخفض الكفاءة، وحذر التقرير من أن أي إخفاق في تحقيق نمو شامل قد يزيد من الضغوط على "السياسات التي تركز على تحقيق نمو داخليا"، وهي الضغوط التي يصفها الصندوق بعقبات تجارية جديدة يعتبرها تضر بالنمو الاقتصادي.
العالم يغرق بالديون
قال معهد التمويل الدولي إن مستويات الديون العالمية قفزت إلى رقم قياسي مرتفع بلغ 233 تريليون دولار في الربع الثالث من 2017، رغم أنه أشار إلى أن نموا اقتصاديا قويا يعني أن النسبة المئوية للدين إلى الناتج المحلي الاجمالي تتراجع.
وقال المعهد، الذي يوجد مقره في العاصمة الأمريكية واشنطن، إن إجمالي الديون زاد بواقع 16 تريليون دولار في الربع الثالث مقارنة مع مستواه في نهاية 2016، وإن النسبة المئوية للدين إلى الناتج المحلي الاجمالي سجلت رابع هبوط فصلي على التوالي مع نمو الاقتصاد العالمي.بحسب رويترز.
لكن الصين، التي تستأثر بنصيب الأسد من الديون الجديدة في الأسواق الناشئة، سجلت تباطؤا في وتيرة تراكم الديون مع ارتفاعها بمقدار نقطتين مئويتين العام الماضي إلى 294 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي مقارنة مع متوسط زيادة سنوية 17 نقطة مئوية في الفترة من 2012 إلى 2016.
المستثمرون الأجانب والأسواق الناشئة
قال معهد التمويل الدولي يوم الاثنين إن المستثمرين الأجانب ضخوا 235 مليار دولار في أسواق الأسهم والسندات في الاقتصادات الناشئة مع صعودها بقوة العام الماضي وهو ما سمح للدول النامية بإضافة أكثر من 130 مليار دولار إلى احتياطياتها من العملة الصعبة، وأظهرت بيانات من المعهد أن الرقم 235 مليار دولار ”لتدفقات المحافظ الاستثمارية“ هو الأفضل في ثلاث سنوات، ومرتفع بحوالي الثلث عن المستوى المسجل في 2016 والبالغ 152 مليار دولار. بحسب رويترز.
وأشارت بيانات المعهد أيضا إلى أن أدوات الدين في الأسواق الناشئة اجتذبت تدفقات رؤوس أمول أجنبية تزيد قيمتها على 170 مليار دولار في 2017، مقابل 99 مليار دولار في 2016. وجاءت آسيا في مقدمة المناطق وشكلت حوالي نصف الرقم الإجمالي.
الهند تتجاوز بريطانيا وفرنسا لتصبح خامس اقتصاد في العالم
توقعت دراسة لمركز أبحاث في بريطانيا أن الاقتصاد الهندي سيحتل المركز الخامس عالميا عام 2018 متجاوزا نظيريه البريطاني والفرنسي، وأشارت إلى أن الاقتصادات الآسيوية ولا سيما الهند والصين واليابان، ستسيطر على النمو الاقتصادي العالمي الذي سيتلقى دفعة من الطاقة الرخيصة والثورة الرقمية.
وجاء في دراسة المركز الذي يتخذ من لندن مقرا له، أن الهند، التي تحتل المرتبة السابعة حاليا، سترتقي للمركز الخامس في 2018، وستقفز للمرتبة الثالثة بحلول 2032. بحسب أ ف ب.
وذكرت الدراسة أن الطاقة الرخيصة والثورة الرقمية ستدفعان بالنمو الاقتصادي عالميا. وأشارت إلى أن النمو العالمي ستسيطر عليه الاقتصادات الآسيوية ولا سيما الهند والصين واليابان.
وستتجاوز الصين الولايات المتحدة، أكبر اقتصاد في العالم، بحلول العام 2030، حسبما جاء في الدراسة التي توقعت أيضا أن تصل الهند لمرتبة أكبر اقتصاد في العالم "في وقت ما في النصف الثاني من هذا القرن"..
الشرق الاوسط انطلاقة نحو النمو
قال مسؤول إقليمي بصندوق النقد الدولي يوم الخميس إن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لا يمكنها الإنطلاق اقتصاديا بدون تحقيق نمو بمعدل يزيد عن 6 بالمئة سنويا، وأبلغ جهاد أزعور مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد ندوة صحافية في وزارة المالية المغربية أن الدول العربية لديها من الامكانيات ما يمكنها من أن تحقق هذه النسبة.
وأضاف أنه بالرغم من أن معدلات النمو في الدول غير النفطية في منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط تبقى أقل من معدلات النمو في الدول النفطية إلا أننا ”يمكننا أن نصل إلى هذا الهدف من خلال تحسين مجموعة من العناصر الاقتصادية الأساسية منها الحصول على التمويل، حيث أن 60 بالمئة من فرص العمل والتوظيف موجودة في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ولكن هذه المؤسسات لا تتمكن من ضمان التمويل الكافي“.
وقال أزعور ”المنطقة تتمتع بطاقة بشرية كبيرة حيث أن 60 بالمئة من المواطنين دون 30 عاما وهذا رأس المال الأساسي والحقيقي“، وأضاف أن النظام التعليمي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يجب أن ”يعتمد على صقل المهارات وهذا موضوع يهم جميع الدول العربية بدوون استثناء... فإذا أخذنا بالاعتبار كل هذه الأمور سنكون قادرين على رفع مستوى النمو“، وفي إشارة إلى المغرب قال أزعور إن تحقيق معدل نمو في حدود 4.5 بالمئة ”غير كاف ولا يمكنه التقليص من نسبة البطالة“، ويتوقع قانون المالية للعام 2018 في المغرب نموا اقتصاديا في حدود 3.2 بالمئة مقارنة مع 4.8 بالمئة هذا العام وعجزا قدره 3 بالمئة في الموازنة.
ضرائب شركات التكنولوجيا
يبدو أن واشنطن بصدد تليين موقفها بشأن توجه الأوروبيين نحو فرض ضريبة على شركات التكنولوجيا الأميركية العملاقة مثل آبل وغوغل، وفق ما قال مسؤولون هذا الأسبوع في ما يشكل تغيرا كبيرا في الموقف الأميركي.
وقال وزير المالية الفرنسي برونو لومير الجمعة إن واشنطن "منفتحة على النظر في المسألة وهم يفهمون تماما الحاجة لفرض ضريبة منصفة على عمالقة الانترنت"، بعد اجتماع مع وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين على هامش الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في واشنطن.
وأشار المتحدث باسم وزارة الخزانة الأميركية الجمعة إلى بيان صدر في وقت سابق من الشهر أعرب فيه المسؤولون الأميركيون عن "عميق القلق" حيال المسالة، ففي سنة 2016، عبرت إدارة باراك أوباما عن استيائها عندما قررت السلطات الأوروبية فرض ضريبة من 14,5 مليارات دولار على آبل بعد أن تفاوضت على ترتيبات ضريبة مع حكومة إيرلندا، ولكن باسكال سان أمان، مدير مركز السياسة الضريبية في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، يرى أن موقف واشنطن تغير، متوقعا أن تعرض المفوضية الأوروبية في السنة المقبلة مقترحات ضريبية في حين تهدد فرنسا بفرض ضرائب ليس على الأرباح فقط بل على العائدات.
وقال سان أمان لفرانس برس إن "واشنطن تعرف إن البلدان ستتصرف بصورة أحادية ولذلك فهي تفضل أن يكون لها دور"، وستعرض منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية ومقرها في باريس على وزراء مالية مجموعة العشرين تقريرا في نيسان/ابريل يعرض حلا طويل الأمد، من خلال المواءمة بين مختلف المقترحات الحكومية، بهدف "التقليل من الضرر الذي قد يلحق بالشركات"، وفق سان أمان.
وقال إن "الأمر المستجد أن واشنطن ستجلس إلى الطاولة معنا ليس لتعطيل المباحثات وإنما على العكس لتخفيف أو الحد من الضرر الذي يمكن أن يتأتى عن هذه الضرائب"، وخاطب المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية والمالية بيار موسكوفيسي الجمعة مجموعة العشرين في بروكسل بشأن فرض ضرائب على غوغل وآبل وفيسبوك وأمازون أو ما يسمى شركات "غافا"، وغيرها، ورحب موسكوفيسي بما وصفه بانه موقف واشنطن "البراغماتي"، متحدثا لفرانس برس على هامش اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وقال "أنت بحاجة إلى حل دولي لمشكلة دولية. الأميركيون هم في مثل وضعنا. نظامهم الضريبي غير متوائم مع هذا الاقتصاد وهم يخسرون عائدات كبيرة يجب تعويضها".
وأضاف "سننتظر ما ستستخلصه مجموعة العشرين" من تقرير منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، محذرا من أنه في حال عدم التوصل إلى حل شامل، فإن المفوضية الأوروبية ستقترح تدابيرها الضريبية الخاصة، وقال "برأيي، إن الحل الأمثل هي الضريبة الأساسية المشتركة، وبعبارة أخرى ضريبة الشركات"، مشيرا الى أن كل "الخيارات مطروحة".
وقال سان امان إن منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية ستقترح وسائل منطقية لجباية الضريبة "مع تلبية الحاجة الى وقف هذه الشركات من الانتفاع من وضع يتيح لها دفع ضرائب قريبة من الصفر"، ولكن وزارة الخزانة الأميركية كررت في وقت سابق من الشهر معارضتها فرض ضريبة بمفعول رجعي، لكن واشنطن وافقت على تشكيل مجموعة عمل مع فرنسا، وفق لومير الذي قال إن "هذا سيتيح لنا أن نراجع بصورة ثنائية عددا من المقترحات التي قدمتها المفوضية".
اضف تعليق