يبدو ان الصين تسعى حاليا الى انتهاج خارطة طريق جديدة تمهد لإعادة التوازن على الصعيدين المحلي والدولي، لا سيما على المستوى الاقتصادي والاجتماعي من أجل تحقيق طفرات تنموية ومستقبل اكثر اشراقا على المدى القريب، وهذا الامر قد يرسم اطر الصدارة التنافسية العالمية للصين في العقد المقبل.
إذ تبدي القيادة الصينية الشيوعية الجديدة زعامة أكثر مرونة وجرأة بعد تسلمها مقاليد الرئاسة خلال الاونة الأخيرة، فقد كشفت الصين عن مجموعة من أجرأ الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية في نحو ثلاثة عقود تضمنت تخفيف سياسة الطفل الواحد وتحرير الأسواق بصورة أكبر لتعزيز استقرار ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وساهمت هذه التغييرات الكبيرة في تبديد الشكوك إزاء رغبة القيادة في الإصلاحات الضرورية لإعطاء الاقتصاد دفعة جديدة بعدما بدأت تظهر مؤشرات على تباطؤ النمو السريع الذي استمر على مدى ثلاثة عقود.
لكن في الوقت نفسه توقع محللون آخرون بان مهمة تحقيق إصلاحات فعالة تتسم بالصعوبة، إذ يتعين عليهم الانكباب سريعا على انجاز مهمتهم الشاقة محليا ودوليا، فعلى الرغم من ان المشهد مهيئاً للتغيير التدرجي من خلال المرونة في السياسية والقرارات، الا انه لا يتوقع حدوث تغيير ما لم تقرن الوعود بالافعال، كون الحزب الشيوعي الصيني يعاني من سياسة الانغلاق القديمة والصارمة مع الخارج، وهذا الموقف من قيادة الحزب يأتي في وقت تطلق حملة واسعة ضد الفساد على كافة مستويات الجهاز الاداري، لذا يرى اغلب المحللين انه لا يمكن تحقيق اصطلاحات اقتصادية واجتماعية ناجعة ما لم تحكي هذه الإصلاحات تحسين نظام المعاقبة والوقاية من الفساد وبناء عالم سياسي نظيف.
فعلى الرغم من الأداء الاقتصادي القوي للصين خلال السنوات الأخيرة الا ان الفساد المتفشي قد يعرقل دفع أجندة الإصلاح إلى الأمام ولاسيما معالجة القضايا التي تعرقل الاستثمارات، كما يرى بعض المحللين المتخصصين بالشأن الصيني انه لا يوجد في الوقت الراهن اي اشارة حاسمة لتحسن الاوضاع وخاصة في مجال حقوق الانسان في الصين، وتدين منظمات الدفاع عن حقوق الانسان والدول الغربية الرقابة التي تفرضها السلطات الصينية خصوصا للوصول الى الانترنت او وسائل الاعلام.
نمو اقتصادي في 2017 وتوقعات بالاستمرار في 2018
رفع البنك الدولي توقعاته للنمو الاقتصادي في الصين في العام الحالي إلى 6.8 بالمئة من 6.7 في أكتوبر تشرين الأول حيث دعم الاستهلاك الفردي والتجارة الخارجية النمو، وأبقى البنك توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي في الصين لعامي 2018 و2019 دون تغيير عند 6.4 و6.3 بالمئة على التوالي نتيجة سياسة نقدية أقل تيسيرا وجهود الحكومة لكبح جماح الائتمان وفرض قيود على الإقراض.
والمخاطر الأساسية التي قد تؤدي لخفض التوقعات هي استمرار ارتفاع الإقراض في القطاع غير المالي والضبابية المتعلقة بأسعار المنازل، وقال البنك الدولي في تحديثه الاقتصادي بشأن الصين ”برغم التباطؤ في الآونة الأخيرة يواصل الائتمان النمو بوتيرة أسرع على نحو ملحوظ مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي. وسجلت القروض المصرفية المستحقة 150 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في نوفمبر 2017 ارتفاعا من 103 بالمئة في نهاية 2007“.
ونما الاقتصاد الصيني بوتيرة أسرع من المتوقع بلغت 6.9 بالمئة في الشهور التسعة الأولى من العام لكن حملة بكين لخفض المخاطر في القطاع المالي رفعت تكاليف الاقتراض وزدات مخاوف تعثر نمو الناتج المحلي الإجمالي في العام المقبل.
لكن تقرير البنك الدولي قال إن النمو القوي منذ بداية العام الحالي منح صناع القرار فرصة تسريع خفض وتيرة الإقراض الذي ”سيكون على الأرجح على حساب نمو أبطأ للناتج المحلي الإجمالي في المدى القريب لكنه سيحسن التوقعات الاقتصادية للصين في المدى الطويل“، وأضاف التقرير أن المخاطر الخارجية على الاقتصاد الصيني تشمل احتمال مواجهة سياسات تجارية أكثر تقييدا في الاقتصادات المتقدمة وكذلك التوترات الجيوسياسية.
الاقتصاد الرقمي يعادل ثلث اقتصاد الصين
تؤكد الصين ان الاقتصاد الرقمي يشكل ثلث اجمالي ناتجها الداخلي وفق تقرير صدر خلال المؤتمر العالمي الرابع للانترنت في مدينة ووزن في شرق البلاد واغتنمته الحكومة لتعلن ان الفضاء الافتراضي لديها "مفتوح" مع التشديد على ضرورة فرض رقابة على الانترنت، ويفيد التقرير الذي نشرته الاثنين الأكاديمية الصينية لدراسات الانترنت ان الاقتصاد الرقمي الصيني بلغ 22,58 ترليون يوان (3,4 ترليون دولار) في 2016، وهذا يجعله ثانياً بعد الاقتصاد الرقمي الأميركي، ويعد وفق التقرير 30,3% من مجمل الاقتصاد الصيني، ويقيِّم التقرير تطور الانترنت عالميا بناء على عدة عوامل بينها قدرات القطاع و"الحوكمة"، وهي العبارة التي تستخدمها الصين للدلالة على القيود التي تفرضها على الفضاء.
وقال شو يونهونغ المسؤول في الأكاديمية للصحافيين في ووزن ان "تجربة الصين تشير الى أهمية العاملين من أجل تحقيق تنمية سليمة للانترنت بهدف خدمة مصالح الشعب الأساسية"، كان الهدف من المؤتمر الذي يستمر ثلاثة ايام ويختتم الثلاثاء مواجهة الانتقادات الغربية للقيود الصينية على الانترنت والتي تشمل حجب فيسبوك وتويتر وغيرهما من المنصات الأجنبية وحظر أي محتوى سياسي يمس بالحزب الشيوعي.
وشددت الصين قبضتها هذه السنة عبر اصدار احكام جديدة تفرض على شركات التكنولوجيا الأجنبية تخزين معلومات المستخدمين داخل الصين وقيودا جديدة على المحتوى وزيادة صعوبة لجوء المستخدمين الى برمجيات تتيح تجاوز الرقابة.
وللمفارقة، تمتع المشاركون في مؤتمر ووزن بانترنت مفتوح بلا قيود خلال المؤتمر، ورغم الانتقادات، شارك رئيس شركة آبل تيم كوك ورئيس غوغل سوندار بيتشاي في المؤتمر هذه السنة، ما يدل على ضخامة السوق الرقمي في الصين، تعرضت آبل للانتقادات لتعاونها مع الصين والغاء تطبيقات مثل سكايب من متجرها الرقمي التي تضمن أمن الاتصال عبر الانترنت. ويعتقد ان غوغل تسعى للعودة إلى الصين بعد ان انسحبت منها قبل سنوات بسبب الخلاف حول الرقابة وتعرضها لهجمات افتراضية.
وبدا ان تيم كوك وسوندار بيتشاي تجنبا توجيه انتقادات خلال مؤتمر ووزن، ولم يرد ممثلو الشركتين على أسئلة فرانس برس من اجل الحصول على مزيد من المعلومات، وتفيد ارقام المؤتمر ان عدد مستخدمي الانترنت في العالم بلغ 3,89 مليارات مستخدم في حزيران/يونيو 2017، بينهم 751 مليونا في الصين، وفق وكالة انباء شينخوا.
شهد السوق الرقمي في الصين توسعا في السنوات الأخيرة نظراً لازدهار التجارة الرقمية واستخدام تطبيقات الهواتف الذكية من أجل القيام بعدد كبير من الانشطة اليومية بدءا من طلب الطعام الى سيارة الاجرة والرسائل والألعاب الإلكترونية.
الرئيس الصيني يعد بمزيد من الانفتاح الاقتصادي
توالت وعود الرئيس الصيني شي جينبينغ على غرار "مزيد من الانفتاح" ومعاملة "منصفة" للشركات الاجنبية وتعزيز دور السوق، في افتتاح مؤتمر الحزب الشيوعي الحاكم الذي يعزز سيطرته على الاقتصاد الثاني عالميا.
وأكد شي اثناء خطاب مطول في افتتاح المؤتمر التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني، يعقد مرة كل خمس سنوات، ان "الانفتاح يجلب التطور والانغلاق يعيدنا إلى الخلف. ولن تغلق الصين أبوابها، بل ستضاعف الانفتاح".
واستعاد القائد الذي يتوقع أن يتولى ولاية ثانية مدتها خمس سنوات خطابه في دافوس حيث دافع في مطلع 2017 عن العولمة والتبادل الحر، ووعد شي جينبينغ في قصر الشعب في بكين "سوف نضيف مرونة كبرى إلى شروط الدخول إلى السوق (...) وسنحمي الحقوق والمصالح المشروعة للمستثمرين الأجانب. وستجري معاملة جميع الشركات المسجلة في الصين على قدم المساواة"، كما تعهد وسط تصفيق حوالى 2330 مندوبا للحزب مواصلة تحرير سوق العملات رغم ان تصريف اليوان ما زال يخضع للضوابط الى حد كبير، من دون الكشف عن جدول زمني، ويهدف كل ذلك حسب قوله الى تعزيز الانتقال من "نمو سريع" إلى تطور اقتصادي "يتمحور حول النوعية" وتخفيض الفوارق.
علق بيتر فيورمان من مكتب تشاينا كابيتال فيرست بالقول ان وعد الرئيس الصيني رجال الأعمال الاجانب بانصافهم يشكل "خطابا يلقى الترحيب، تملؤه المشاعر النبيلة"، لكنه ابدى الحذر مضيفا لوكالة فرانس برس "يتعين رغم ذلك الأمل في التزام الموظفين الأقل تمتعا بالبصيرة والأكثر ميلا إلى العرقلة بهذه الارشادات بحرفيتها".
ولا يتوافق الخطاب مع الواقع، علما أن بروكسل وواشنطن تنددان على الدوام بحمائية العملاق الآسيوي وتفتحان التحقيق التجاري تلو الآخر بشأنها، ورغم اقرار ادارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب الثلاثاء ان الصين لا تتلاعب بعملتها، فقد فتحت في منتصف اب/اغسطس تحقيقا واسعا بشأن الممارسات الصينية في مجال الملكية الفكرية.
كما تندد الشركات الاجنبية بتعرضها لتمييز متزايد امام منافسيها المحليين والمجموعات التي تحظى بنفوذ وتتبع للدولة. فهي ممنوعة من الوصول إلى بعض القطاعات او ملزمة في قطاعات أخرى بالعمل شراكة مع مؤسسة محلية يتخللها أحيانا نقل قسري للتكنولوجيا.
على هذه الخلفية رحبت غرفة التجارة الاوروبية في بكين بخطاب شي جينبينغ، مذكرة بمعاناة الشركات من "السأم من الوعود" التي لا تنفذ، واصرت الغرفة في بيان تلقت فرانس برس منه نسخة على ان "الحل الوحيد يكمن في التنفيذ (الفعلي) للوعود". واضاف رئيسها ماتس هاربورن ان تطبيق السياسات المذكورة "اصبح أكثر أهمية من أي وقت مضى".
"حزام الصدأ" الصيني يترك الباب مواربا أمام المستثمرين الأجانب
تدخل شاحنات تحمل قطع سيارات عالية التقنية وتخرج من بوابات منطقة صناعية أميركية عبر طرقات أعيد تجديدها خصيصا من أجل المجمع الواقع في قلب ما يعرف بـ"حزام الصدأ" الصيني الذي تحاول السلطات إعادة احيائه.
وفيما تشتكي الشركات الأجنبية جراء استبعادها من معظم السوق الصيني الواسع، تم فتح الباب قليلا في مقاطعة لياونينغ في شمال شرق البلاد بهدف ضخ الحياة في المنطقة الصناعية التي أصابها الركود.
ويشكل مجمع شنيانغ الصناعي الأميركي الذي يعج بالنشاط ويستضيف موردين دوليين لعلامات تجارية في مجال السيارات، مشهدا مغايرا عن النوافذ المعتمة ومواقف السيارات الفارغة في المعامل الصينية المحيطة.
وتلقى الشركات الأجنبية في عاصمة المقاطعة، شنيانغ، وفي مناطق أخرى في الجنوب الغربي، ترحيبا أكثر من أي مكان آخر في البلاد، بحسب احصائية صادرة عن غرفة تجارة الاتحاد الأوروبي في الصين.
وأكد هارالد كامبفرت، رئيس القسم المسؤول عن شنيانغ في غرفة تجارة الاتحاد الأوروبي، أن "الحكومة المحلية توفر الكثير من الامتيازات، كتسهيل تسجيل الشركة وتقديم حسومات للمساحات المخصصة للمصانع والمكاتب، إضافة إلى منح عائلات (العاملين فيها) تأشيرات مدتها ثلاث سنوات".
أما في مناطق أخرى، فتزداد شكاوى الشركات من الحواجز الاستثمارية في قطاعات عدة تبدأ من تصنيع السيارات ولا تنتهي عند القطاع المالي، في وقت تدعم الصين شركاتها التجارية المحلية، وأصدرت غرفة الأعمال التابعة للاتحاد الأوروبي تقريرا سنويا الثلاثاء تشير فيه إلى أن الشركات "تعاني من تراكم +الوعود (الفارغة)+" حيث لا يزال على الحكومة الوفاء بتعهداتها فتح السوق.
ورغم أن لياونينغ تعد أكثر ترحيبا بالشركات الأجنبية، قال كامبفرت إنه بعد إقامة الورشة، تواجه الأعمال التجارية في شنيانغ عقبات مشابهة، بما فيها فترات انتظار طويلة للحصول على تراخيص و"عدم وضوح" النظم والقوانين.
ولا يأت قرار الاستقرار في الصين دون ثمن، حيث تشير خُمس شركات الاتحاد الأوروبي إلى أنها اضطرت إلى مشاركة التكنولوجيا التي تمتلكها مقابل السماح لها بالوصول إلى السوق في مجالات الصناعات الفضائية الجوية والآلات والبيئة والسيارات والمرافق والطاقة الأولية.
صندوق النقد الدولي يحذر من خطر الديون على النظام المالي الصيني
حذر صندوق النقد الدولي من المخاطر التي تحيط بالاقتصاد الصيني نتيجة ارتفاع مستويات الدين التي تشكل "مخاطر كبيرة" على الاقتصاد الصينى، وفي أول تقرير له منذ عام 2011 عن قدرة الصين على الصمود أمام الصدمات، قال الصندوق إنه لا يزال يشعر بالقلق إزاء الاختلالات فى ثانى أكبر اقتصاد فى العالم.
ووجد اختبار التحمل على البنوك الصينية أن أربعة أخماسها معرضة للخطر، وقال صندوق النقد الدولى إنه يتعين على بكين أن تركز بشكل أقل على النمو وتعزز اللوائح وتحسن قدرات البنوك التمويلية، وقال صندوق النقد الدولى إن البنوك "الأربعة الكبرى" فى الصين لديها رؤوس أموال كافية ولكن "البنوك الكبيرة والمتوسطة التجارية تبدو ضعيفة".
وشملت اختبارات التحمل البنوك التي تمتلك 171 تيرا يوان (26 مليار دولار) في إجمالي الأصول، و27 بنكا من أصل 33 تم اختبارها بحاجة لجمع المزيد من الأموال، على الرغم من الامتثال بالفعل للوائح بازل 3 بشأن رأس المال المصرفي.
وحذر الصندوق فى أكتوبر/تشرين أول من أن الاعتماد الصينى على الديون ينمو بوتيرة خطرة.
وشهدت الصين نموا قويا خلال السنوات الأخيرة مدفوعا باستثمارات وصادرات ممولة بالديون.
وقال التقرير إنه من أجل الحفاظ على معدلات نمو عالية وحماية الوظائف والاستقرار الاجتماعى، زادت الحكومات المحلية من الائتمان وحماية الشركات الفاشلة.
وتضخمت ديون الصين، وهو ما يعادل حاليا 234٪ من إجمالي الناتج بالبلاد، وفقا لصندوق النقد الدولي، وقال التقرير "إن الأهداف الأساسية الواضحة لمنع حدوث انخفاض كبير فى الوظائف المحلية وتحقيق أهداف النمو الإقليمى تتعارض مع أهداف سياسية أخرى مثل الاستقرار المالى".
واعترف صندوق النقد الدولي بأن السلطات تتخذ بالفعل خطوات لاحتواء المخاطر. لكن يتعين على الصين تعديل استراتيجيتها الاقتصادية بشكل اكبر، وقالت راتنا ساهاي، نائبة مدير إدارة الأسواق النقدية والرأسمالية في صندوق النقد الدولي :"نوصي السلطات بإلغاء التشديد على نمو الناتج المحلي الإجمالي".
وأضافت أن "الضمانات الضمنية للشركات المملوكة للدولة تحتاج إلى إزالة بعناية وتدريجيا".
كما حذر النقد الدولى من التطور السريع للمنتجات المالية الجديدة التى يمكن أن "تصبح بسرعة متضخمة وذات شعبية وربما تشكل خطرا نظاميا"، ويقول الصندوق إن التنسيق الأفضل بين المشرفين أمر ضروري لاحتواء المخاطر "الخطيرة" الناجمة عن المنتجات المبتكرة.
الصين تدخل تعديلات على نظامها الضريبي لتشجيع الشركات الاجنبية
تعتزم الصين إعفاء الشركات الأجنبية بصورة موقتة من الضريبة على الأرباح التي يعاد استثمارها في البلاد، على أمل النجاح في تشجيع هذه الشركات على البقاء فيها في مواجهة التخفيضات الضريبية الكبرى التي أقرتها الولايات المتحدة.
وكشفت وزارة المالية خطة تضمنت هذا الإعفاء الضريبي، مشيرة الى أنه سيطبق مع مفعول رجعي اعتبارا من كانون الثاني/يناير 2017 بشرط استثمار الأرباح في قطاعات أساسية تحددها بكين نفسها، وتأتي المحفزات الجديدة للشركات الأجنبية لدفعها الى الاحتفاظ بأرباحها في الصين بعد أسبوع من إقرار الولايات المتحدة تخفيض كبير للضرائب على الشركات، وبموجب الإصلاح الضريبي الأميركي الجديد، ستنخفض الضريبة الفدرالية على معظم الشركات العاملة في الولايات المتحدة من 35 الى 21 بالمئة. فيما تبلغ الضريبة المفروضة على الشركات في الصين 25 بالمئة.
وقال متحدث باسم وزارة المالية الصينية إن الإعفاء المؤقت "سيخلق مناخ استثمار أفضل للمستثمرين الأجانب ويشجع المستثمرين الأجانب على الاحتفاظ باستثماراتهم في الصين"، ويأتي الإعلان الصيني فيما تسعى الصين بقوة لمكافحة هروب رؤوس الأموال وتشديد الرقابة على رؤوس الاموال لتحفيز تدفق الأموال.
لكن الشركات الأجنبية طالما اشتكت من البيروقراطية المرهقة، والمعوقات للولوج للسوق، والسياسات التي تعطي أفضلية الشركات المحلية، وللتمتع بالاعفاءات الضريبية الجديدة، ينبغي استثمار الارباح في صناعات وأنشطة تشجع الحكومة الصينية على الاستثمار فيها وهي التصنيع، والخدمات، والبحوث، والتنمية، كما تعطي السلطات الصينية الأولوية للاستثمار في غرب البلاد، وأمام الشركات الأجنبية ثلاثة أعوام لتقديم طلب من اجل الاعفاءات الضريبية، وذلك بعد دفع الضريبة.
وتهتم الصين بالحفاظ على الاستثمارات الأجنبية بعد تراجع حجمها وقيمتها في 2016، لكن بيانات وزارة التجارة تظهر أن حجم الاستثمار الأجنبي المباشر ارتفع في أول أحد عشر شهرا من العام الجاري مقارنة بالعام الفائت.
وأفاد نائب وزير المالية الصيني زهو غيانغياو خلال منتدى مالي هذا الشهر أن الصين لا يمكنها تجاهل تداعيات التغيير في السياسة الضريبية لأكبر اقتصاد في العالم، في إشارة للاقتصاد الأميركي، وأشار إلى أن الصين ينبغي عليها تنفيذ سياسات تجريبية في هذا الشأن.
الصين تشدد ضوابط الاستثمارات الخارجية
أصدرت الصين تعليمات جديدة تضبط استحواذ الشركات الصينية على شركات في الخارج في اطار سعيها الى خفض الاستثمار في شركات تدير ملاعب الغولف أو استوديوهات السينما ونوادي كرة القدم، والأحكام الجديدة تضاف الى أحكام سابقة هدفها خفض خروج الرساميل الذي تشهده الصين منذ سنوات ويخشى المشرعون ان يهدد الاستقرار المالي لديها.
أعلنت بكين في الصيف قيودا على الاستثمارات الخارجية في مجالات شجعت عليها في السابق مثل النوادي الرياضية والعقارات والترفيه بعد عدة استثمارات في جملة من الشركات الكبيرة من قبل مجموعات صينية عملاقة مثل داليان واندا وشركة الطيران "اتش ان اي".
تنص الأحكام الجديدة الصادرة عن اللجنة الوطنية للتنمية والاصلاح على تسجيل كافة استحواذات الشركات الصينية وفروعها في الخارج عبر نظام الكتروني جديد، مع الغاء المتطلبات السابقة التي كان يتعين بموجبها على المستثمرين الصينيين الابلاغ عن تخطيطهم لاستحواذ او طرح عروض لاستحواذات تتجاوز 300 مليون دولار، وتوسع الاحكام الجديدة الاشراف على الاستثمارات الخارجية التي تقوم بها فروع الشركات الصينية الموجودة في الخارج، ويفترض ان تتضمن الطلبات الجديدة معلومات مفصلة حول المستثمرين ومحتوى وحجم المشروع وقيمة راس المال الصيني المستثمر، بالاضافة الى تحليل أثر المشروع على المصلحة الوطنية والامن الوطني، ولن تتم الموافقة على المشاريع التي تمثل تهديدا لمصالح الصين وأمنها، ويفترض ان يرفق ذلك باعلان يؤكد أصالة الصفقة اذ تستخدم في كثير من الاحيان استثمارات وهمية لتهريب الرساميل الى الخارج.
وأكدت اللجنة الوطنية للتنمية والاصلاح ان "الاحكام الجديدة هدفها تحسين الاشراف التام على الاستثمار الخارجي وتحسين التنمية المستدامة السليمة للاستثمار الخارجي"، وقال كبير اقتصاديي البنك الصناعي لو جنغوي ان هذه الاحكام "ستخفض مخاطر" الاستثمارات الخارجية. واضاف انه "في ظل الاحكام الجديدة يمكن للشركات الصينية تجنب الاستثمارات التي لن توافق عليها الحكومة"، وقال لي تان كبير الاقتصاديين لدى "هواخين شيرز" ان هذه الاحكام تتطلب قدرا اقل من المعلومات لكنها توسع نطاق الاشراف. "انها تمثل اصلاحا للنظام والاجراءات".
الصين تعين 10 بنوك لإصدار سندات سيادية بملياري دولار
أفادت مذكرة مصرفية داخلية اطلعت عليها رويترز يوم الجمعة أن الصين عينت عشرة بنوك من بينها البنك الزراعي الصيني وبنك الاتصالات وسيتي جروب لإصدار سندات سيادية مقومة بالدولار قيمتها مليارا دولار.
ومن بين البنوك الأجنبية التي عينها بنك الشعب الصيني (البنك المركزي) من خلال وزارة المالية من أجل الإصدار دويتشه بنك واتش.اس.بي.سي وستاندرد تشارترد إلى جانب سيتي حسبما أظهرته المذكرة.
وسيشارك في العملية أيضا بنك الصين وبنك الإنشاء الصيني والمؤسسة الصينية الدولية للاستثمارات المالية والبنك الصناعي والتجاري الصيني، ومن المتوقع نظرا لندرتها أن تشهد السندات طلبا قويا من المستثمرين رغم قيام ستاندرد اند بورز وموديز بخفض التصنيف الائتماني السيادي للصين هذا العام. وعزت الوكالتان القرار إلى تنامي المخاطر الناجمة عن التصاعد السريع للديون بالبلاد، لكن بيع السندات سيختبر ما إذا كان قرار الوكالتين سيزيد تكاليف الاقتراض على المؤسسات بثاني أكبر اقتصاد في العالم.
كان رئيس البنك المركزي الصيني أصدر تحذيرا يوم الخميس من فقاعات الأصول في الاقتصاد الذي يبدو بصدد أول تسارع في النمو السنوي منذ 2010 بفضل الإنفاق العام وإقراض مصرفي قياسي.
وفي وقت سابق هذا الشهر قالت وزارة المالية إن الإصدار سيتكون من سندات لأجل خمس سنوات بمليار دولار ولأجل عشر سنوات بالقيمة ذاتها، وقالت آي.اف.آر التابعة لتومسون رويترز إن الإصدار سيكون في حالة إتمامه أول طرح سندات دولارية للصين منذ أكتوبر تشرين الأول 2004 وإن السندات السيادية ستصدر في النصف الثاني من العام الحالي، وقالت المذكرة إن البنوك المعينة لإصدار السندات سترتب اجتماعا مع مستثمري أدوات الدخل الثابت في هونج كونج يوم 25 أكتوبر تشرين الأول.
اضف تعليق