يبدو أن مؤسس مايكروسوفت بيل غيتس على أعتاب ترك موقعه كأغنى شخص في العالم، وهي المكانة التي احتلها لسنوات طويلة، فـ"جيف بيزوس"، مؤسس موقع أمازون على أعتاب تجاوز بيل غيتس، مدعوماً بالأداءِ القوي لأسهم شركة أمازون في الأشهر الأخيرة، والمكاسب الأقل نسبيّاً لشركة مايكروسوفت التي يملكها غيتس خلال نفس الفترة، ولو جاز لنا تشبيهُ الأمر بالغابة، لاستحقَّ على كلِّ حالٍ جيف بيزوس مؤسس موقع أمازون أن يكون الملكَ الجديد لأثرياء العالم، حسب وصف تقرير للنسخة الأسترالية لموق "هاف بوست"، ويُظهر مؤشِّر بلومبيرغ لأثرياء العالم أنَّ صافي ثروة بيزوس قد تخطَّى 86 مليار دولار ، 6 يونيو/حزيران 2017، ما يجعل ثروته أقل من غيتس بحوالي 3.8 مليار دولار فقط، والذي تبلغ ثروتُه بدوره 89.8 مليار دولار.
ويمتلك بيزوس حوالي 17% مِن شركة أمازون، التي أغلقت على قيمة للسهم أكبر من 1000 دولار، 2 يونيو/حزيران 2017، لأول مرةٍ على الإطلاق، مُرتفعاً بذلك مِن 850 دولاراً للسهم الواحد، في منتصف مارس/آذار الماضي، وهو ما يجعل قيمة سهم شركة أمازون تفوق ضِعف قيمة سهم شركة وول مارت الأميركية، ووفقاً لمؤشر بلومبيرغ أيضاً، فقد أضاف بيزوس إلى صافي ثروتِه ما يزيد عن 20 مليار دولار منذ بداية هذا العام، 2017، فقط.
ومن جهة اخرى عبر بيل جيتس ووارن بافيت - وهما من أغنى أغنياء العالم - عن تفاؤلهما بأن الولايات المتحدة ستنطلق كأمة حتى وإن شهدت خلافات سياسية بعد تولي إدارة دونالد ترامب الجديدة، اذ بين غيتس ان الإدارة حديثة العهد ولا نعرف من أين سيأتي تمويل الأولويات في ميزانيتها، لكنه أشار إلى أن هناك تركيزا شديدا على أن يشجع الفرع التنفيذي والكونجرس "أشياء رائعة"، وقد أضاف بافيت أن الولايات المتحدة "محظية" بالمهاجرين وربما كانت في وضع مختلف تماما إذا لم يحث عالما الفيزياء ألبرت أينشتاين وليو زيلارد الرئيس الأمريكي الراحل فرنكلين روزفلت عام 1939 على وضع برنامج نووي لمواجهة تهديدات ألمانيا النازية، اذ شدد على مساهمة "المهاجرين" و"دولة القانون" في ازدهار الولايات المتحدة في وقت يريد الرئيس دونالد ترامب تسريع طرد المهاجرين غير الشرعيين وينتقد القضاة بشدة، وتبنى بافيت عراب الرأسمالية الاميركية والداعم السابق لهيلاري كلينتون موقفا مغايرا لترامب الذي يعد مرسوما جديدا يحد من الهجرة واصدر اوامر لتعزيز التصدي للافراد غير الحاملين اوراقا ثبوتية.
التبرعات تحد من فجوة الفقر
وعلى الرغم من ذلك الثراء الفاحش الا ان ردم الفجوة مازال قائم من خلال التبرعات التي يقومون بها هؤلاء الاثرياء، اذ ذكر مستثمر نرويجي إنه يعتزم التبرع بمبالغ كبيرة من ثروته التي تقدر بملياري دولار لأغراض أولها بناء وتشغيل سفينة لتفقد أحوال المحيطات وتنظيفها، وسيتكون طاقم السفينة التي ستعمل في شراكة مع فرع الصندوق العالمي للطبيعة بالنرويج من 30 فردا وستتسع لما يصل إلى 60 عالما، ومن جهة اخرى قدم قطب التعدين الاسترالي أندرو فورست أكبر منحة خيرية يقدمها مواطن استرالي على قيد الحياة حيث منح 400 مليون دولار استرالي (298 مليون دولار) لقضايا من بينها الصحة والتعليم ومكافحة الرق الحديث، وتمثل المنحة سقفا جديدا لمشاركة القطاع الخاص في العمل الخيري بالبلاد حيث تعتمد المؤسسات التعليمية والطبية والفنية، وهي الجهات المستفيدة بالأساس من تبرعات القطاع الخاص، على الإعانات الحكومية كي تتمكن من مواصلة عملها، اذ ذكر فورست إنه يريد تخصيص 75 مليون دولار لمرضى السرطان و75 مليون دولار استرالي من المنحة لتعليم الأطفال و75 مليونا أخرى لمكافحة الرق الحديث.
أزمة عدم المساواة بين الفقراء والأغنياء
وفقا لتقرير صادر عن منظمة أوكسفام الدولية، فإنه من المرجح أن يظهر في الولايات المتحدة الأمريكية الترليونير الأول في تاريخها، وأغنى أغنياء العالم خلال السنوات الخمسة والعشرين القادمة، وفي هذا الإطار أشار التقرير الذي صدر أخيرا، قبل انعقاد اجتماع المنتدى الاقتصادي العالمي في مدينة دافوس السويسرية، أشار إلى أن المحسوبية والتهرب الضريبي والرأسمالية المتوحشة هي الأسباب الرئيسية التي تكمن وراء تعمق أزمة عدم المساواة في العالم، لأنها لم تزد الأثرياء إلا ثراء فاحشا، وفي الوقت الحالي، يُعتبر مؤسس شركة مايكروسوفت، بيل غيتس، أغنى شخص في العالم بثروة إجمالية تُقدر بحوالي 75 مليار دولار. أما بالنسبة لبيل غيتس، فإن نيل لقب أغنى رجل أعمال في العالم يعني أنه يمتلك ثروة قيمتها ألف مليار دولار على الأقل، أو بالأحرى مضاعفة ثروته الحالية 13 مرة، وعلى ضوء هذه المعطيات، أوردت المنظمة في تقريرها تحت عنوان "اقتصاد %99 في خدمة 1% من سكان العالم: حان الوقت لإرساء اقتصاد إنساني يفيد الجميع، وليس فئة معينة فقط"، أن "الثروات بمجرد تراكمها، أو كسبها فإنها تربو من تلقاء نفسها. وبالتالي فإن الشخص فاحش الثراء لديه الأموال الكافية لتوظيفها في أفضل المشاريع الاستثمارية. وفي ظلّ هذه البيئة الرأسمالية، فإنك إذا تمكنت من جني ثروة هائلة، فعليك أن تحرص على عدم تضاعفها بطريقة تجعلك أكثر ثراء".
وأضافت المنظمة أن الاقتصاد إذا نما بشكل نسبي بين السنوات 1990 و2010، فإن الأغنياء سيكونون المستفيدين الوحيدين من الأرباح في المقام الأول. ولو حصل العكس، لما كان "أكثر من 700 مليون شخص في العالم، أغلبهم من النساء، يعيشون اليوم تحت خط الفقر"، ووفقا للتقرير، فإن الأشخاص الثمانية الأغنى في العالم يملكون ثروة تعادل ما يملكه نصف الفقراء من سكان العالم، وقد قامت المنظمة بتجميع هذه المعطيات من خلال دراسة بيانات توزيع الثروة وفقا للقائمات المدرجة من طرف مجلة كريديت سويس، وقائمة فوربس للمليارديرات.
وتبعا لتلك المعطيات، دعت منظمة أوكسفام قادة العالم إلى الالتزام بتقليص الفجوة بين الأغنياء والفقراء في بلدانهم. كما جاء في تقريرها أنه "بمقدور هؤلاء القادة خلق أرضية عالمية أكثر عدلا، تقوم على مفهوم الاقتصاد الإنساني الذي يصبح فيه الفقراء والفئات الضعيفة المستفيد الرئيسي من الأرباح".
اضف تعليق