q

كانت سُمعة البنوك المركزية في ارتفاع وانخفاض دوما. ولسنوات، كانت هيبة البنوك المركزية في ارتفاع غير مسبوق. ولكن التصحيح الآن يبدو حتميا، بعد أن أصبح استقلال البنوك المركزية ضحية رئيسية، بلغت سُمعة البنوك المركزية أوجها قبل وعند بداية القرن، وذلك بفضل ما يسمى الاعتدال العظيم، فبفعل التضخم المنخفض والمستقر، والنمو المستدام، ومعدلات تشغيل العمالة المرتفعة، وكان كثيرون ينظرون إلى البنوك المركزية باعتبارها سادة الكون، فهي قادرة على إدارة الاقتصاد ــ ومن المتوقع منها أن تفعل ذلك ــ لصالح الجميع، وكان تصوير رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي ألان جرينسبان على أنه "المايسترو" مثالا واضحا لهذا التصور.

في مستهل الأمر، دعمت الأزمة المالية العالمية في عام 2008 سُمعة البنوك المركزية. فبفضل التحرك الحازم، قدمت السلطات النقدية مساهمة كبيرة في منع تكرار الكساد الأعظم. ومرة أخرى، كانت البنوك المركزية محل إشادة باعتبارها منقذ الاقتصاد العالمي. ولكن نجاحات البنوك المركزية غذت توقعات مرتفعة للغاية، مما شجع أغلب صناع السياسات على ترك المسؤولية عن إدارة الاقتصاد الكلي للسلطات النقدية إلى حد كبير. وكانت هذه الأعباء المفرطة المتمثلة في "التوقعات"، وبالتالي "التشغيل" سببا في الكشف عن أوجه القصور التي تعيب السياسة النقدية.

ومن جهة اخرى ذكر ماريو دراجي رئيس البنك المركزي الأوروبي إن البنك لم يعد يرى خطرا لانكماش الأسعار في منطقة اليورو. مشيرا إلى البيانات التي أعقبت الاجتماعات السابقة للبنك المركزي. وأبلغ دراجي مؤتمرا صحفيا عقب اجتماع البنك اليوم "تلك الجملة حُذفت للإشارة بشكل أساسي إلى أنه لم يعد هناك ذلك الشعور بالحاجة الملحة لأخذ المزيد من الإجراءات... كان ذلك مدفوعا بمخاطر انكماش الأسعار. كان ذلك تقييم مجلس المحافظين." وفي وقت سابق فإن البنك المركزي الأوروبي عدل توقعاته للتضخم في 2017 بالزيادة إلى 1.7 بالمئة من 1.3 بالمئة في توقعات ديسمبر كانون الأول. وارتفع التضخم في دول منطقة اليورو التسع عشرة في فبراير شباط لينسجم مع المستوى الذي يستهدفه البنك المركزي الواقع عند أقل بقليل من 2 بالمئة بعد سنوات ظل أقل كثيرا من ذلك المستوى. وتعهد البنك المركزي الأوروبي اليوم بالإبقاء على سياسة التحفيز حتى نهاية العام على الأقل مواصلا دعمه للاقتصاد في وقت تتنامى فيه المشاعر المناهضة لمنطقة العملة الموحدة قبل انتخابات مقررة في فرنسا وهولندا. وقال دراجي "اليورو هنا ليبقى. السؤال ليس إن كان يمكن التراجع عنه بل... كيف نستطيع أن نحميه.

كنا نتوقع تأثيرا اقتصاديا كبيرا لتطورات سابقة مثل انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والإدارة الأمريكية الجديدة وقد تحققت تلك المخاطر لكن أثرها لم يظهر بعد... لا نعرف بعد كيف ستؤثر تلك الأحداث على البيئة الاقتصادية." وفي وقت سابق اليوم أبقى المركزي الأوروبي على سياسته النقدية دون تغيير مثلما كان متوقعا حيث حافظ على برنامج التحفيز غير المسبوق. وفي مواجهة انخفاض التضخم وضعف النمو أبقى المركزي على أسعار الفائدة السلبية وعلى مشترياته من السندات عند نحو 80 مليار يورو شهريا. وتوقعت الغالبية العظمى من الخبراء الاقتصاديين في استطلاع لرويترز أن يواصل البنك المركزي الأوروبي سياسته الحالية في النصف الأول من العام على الأقل. وأوضح البنك المركزي إنه يتوقع أن تظل أسعار الفائدة الأساسية عند مستوياتها الحالية أو أقل لفترة ممتدة من الوقت قد تتجاوز برنامج شراء الأصول.

أكد، فريتز زوربروج، نائب رئيس المصرف الوطني السويسري "المصرف المركزي" أن وسائل الدفع نقداً ليست على وشك الاختفاء حتى مع ظهور مزيد ومزيد من الوسائل المنافِسة للنقد في إمكانيات التسوية الحسابية، ورداً على شائعات في البلاد أن العملة الورقية في طريقها إلى الاختفاء، أن الأوراق النقدية والعملات المعدنية هي الأكثر استخداما في أوقات الأزمات حيث تشكل وسيلة آمنة في الدفع والقبول.

وأضاف، زوربروج، في خطاب ألقاه في "قمة الأوراق النقدية في العالم" في بازل أمس، أن "الشائعات حول اختفاء الأوراق النقدية ليس فقط مبالغا فيها بل أيضا تخلو من أي أساس"، مشيرا إلى أن "سلوك الجمهور الراهن لا يسمح بالقول إن أيام الأوراق النقدية باتت معدودة، بل على العكس، لا يزال الطلب على النقود قويا، ولا تزال طريقة منتشرة في الدفع، وأثبتت الأرقام أن عديدا من البلدان سجل في السنوات الأخيرة زيادة في تداول السيولة النقدية مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي، وهو أمر قد يكون مفاجأة نظراً لعدد الخيارات المتاحة للدفع بدون نقد".

وقال "إذا ما عدنا إلى الأزمة المالية في عام 2008 وأزمة الديون في 2012، فإنهما برزتا نتيجة لزيادة حالات عدم اليقين بشأن استقرار المصارف، وما لديها من سيولة نقدية، إذن الأساس هو العملة النقدية، وستظل هذه ثابتة".

وأوضح أن حالات التوتر هذه قادت الجمهور إلى اللجوء إلى العملات النقدية، بل ذهب في مراحل معينة من الأزمة إلى الاحتفاظ بجزء من الأصول ووفوراته المالية خارج النظام المصرفي، وكان هذا الحال بوجه خاص في خريف عام 2008، عندما وجد عديد من المصارف في العالم نفسه في ورطة بسبب هبوط احتياطاته النقدية.

وذكر "إن الأمر تكرر أيضا بين أواخر عام 2011 ومنتصف عام 2012 عندما أثارت أزمة الديون في منطقة اليورو مخاوف جديدة في الأسواق المالية"، وسلط نائب رئيس المصرف المركزي الضوء أيضا على ما تتمتع به وسائل الدفع نقدا من موثوقية، وسرية، وحفاظ على الخصوصية. ورفض بشدة أن يكون النقد وسيلة لتحبيذ النشاطات الإجرامية، قائلا "في سويسرا، لا توجد هناك أي إشارة إلى أن الأوراق النقدية من فئة 1000 فرنك "تُعادل 1052 دولارا"، تم استخدامها أو أنها تنطوي على خطر معين في هذا المجال".

كما ذكر ايضاً، "إنه بصرف النظر عن هذه الاعتبارات، فالمصرف المركزي السويسري لا ينوي أن يجعل من مسألة بقاء النقد موضعا للتساؤل. وأنه سيواصل تأمين الإمدادات النقدية، لكن في نفس الوقت سيواصل تسهيل وضمان حُسن سير أنظمة الدفع بالوسائل غير النقدية، وهما مهمتان أنيط بالمصرف تنفيذهما على قدم المساواة بموجب القانون، كما وضح "إن المصرف لا يُحبِّذ وسيلة معينة في الدفع على غيرها، هو يترك للمستخدمين اختيار طريقة الدفع التي يفضلونها سواء بالنقد أم غير النقد، لكن دوره أن يكفل ضمان وسلامة الدفع بالوسيلتين عن طريق ضمان أن تحتفظ الورقة النقدية والمعدنية وبطاقة الدفع الإلكتروني بقيمتها على المدى الطويل".

وذكر "إن سويسرا سكَّت في عام 1879 قطعة نقدية معدنية من فئة عشرة سنتيمات "تُعادل 10.2 سنت أمريكي"، وإنها لا تزال قيد التداول في البلاد حتى اليوم، ويتم استخدامها كوسيلة للدفع، وستبقى كذلك، هذه هي سياسة المصرف المركزي"، وجاء توضيح الشخص الثاني في المصرف المركزي نتيجة لظهور كثير من الدراسات والمقالات وكثير من المناقشات على مدى السنوات والشهور الماضية، كان الجزء الغالب منها يؤكد حذف النقود من الوجود طالما كانت هناك إمكانية للدفع بغير النقود، وتأكيد أن الأوراق النقدية التي كانت سبباً للمآسي، والقتل، والحروب، قد عفا عليها الزمن.

يذكر ان البنك المركزي الأوروبي أبقى على سياسته النقدية دون تغيير مثلما كان متوقعا حيث حافظ على برنامج تحفيز غير مسبوق وأبقى على توقعاته رغم تعافي التضخم والنمو بأسرع من المتوقع. وفي مواجهة انخفاض التضخم وضعف النمو أبقى المركزي على أسعار الفائدة السلبية وعلى مشترياته من السندات عند نحو 80 مليار يورو شهريا. وتوقعت الغالبية العظمى من الخبراء الاقتصاديين أن يواصل البنك المركزي الأوروبي سياسته الحالية خلال النصف الأول من العام على الأقل. وقال المركزي إنه يتوقع أن تظل أسعار الفائدة الأساسية عند مستوياتها الحالية أو أقل لفترة ممتدة من الوقت قد تتجاوز برنامج شراء الأصول.

اضف تعليق