يقصد بعملية التكسير الهيدروليكي، هي وسيلة لتحفيز استخراج الغاز من الطبقات غير المسامية عن طريق تدفق سائل بين الصخور في باطن الارض، وقد تمكنت التقنيات الحديثة في الحفر والتنقيب للوصول الي استخراج الغاز الطبيعي من طبقات ارضية كان يتعذر الوصول اليها سابقا باستخدام التقنيات التقليدية في الحفر والتنقيب، وتشمل هذه التقنيات ضخ سوائل غنية بالماء في بئر حتى يسبب ضغط السائل في عمق معين من التربة الى كسر وتشقق هذه الصخور، السائل الذي يتم ضخه يحتوي علي جزيئات صغيرة, مثل الرمال الغنية بالكوارتيز او مواد كيميائية التي تعمل على خلق الشقوق والكسور في طبقات التربة الغير مسامية.
وبالرغم من ان تقنية التكسير الهيدروليكي لها المردود الاقتصادي الواضح, الا انها اصبحت قضية تثير الجدل والقضايا البيئية في الفترة الاخيرة، حيث اصبحت عمليات التكسير الهيدروليكي تحت مراقبة دولية، بالاضافة الى ان بعض الدول علقت استخدامه و حظرته بسبب المخاوف البيئية وتأثيره علي الصحة العامة، والدليل ارتفاع لحالات تسرب النفط والغاز الصخريين في الولايات المتحدة، اذ ذكرت مصادر في صناعة النفط شككت في تأثير عمليات التسرب، وأكدت أن عددا قليلا جدا منها أدى إلى تلوث البيئة، كما أفاد بحث أمريكي جديد إلى أن نحو 16% من آبار النفط والغاز التي تستخدم فيها تقنية التكسير الهيدرولوكي، تتسرب منها بقع نفطية كل عام، فضلاً عن توصل الباحثون الأمريكيون إلى أن أربع ولايات أمريكية، شهدت نحو 6600 حالة تسرب لبقع نفطية من تلك الآبار، على مدى عشر سنوات، وذكر البحث أن أكبر المشاكل التي وقعت، كانت في ولاية نورث داكوتا الغنية بالنفط، حيث سجلت 67 في المئة من حوادث التسرب، وكانت أكبر عملية تسرب لهذه المواد هي 100 ألف لتر من المواد السائلة ومعظمها في عمليات تخزين ونقل السوائل.
وأثر النمو السريع لأنشطة استخراج النفط والغاز من مصادر غير تقليدية في الولايات المتحدة بشكل كبير، على إنتاج واستهلاك الطاقة، خلال السنوات العشر الماضية، ومثّلت عملية التكسير الهيدرولوكي، التي تشمل إدخال مواد كيمياوية تضاف إلى السوائل النفطية تحت ضغط كبير، بهدف تكسير الصخور الموجودة تحت الأرض، وإطلاق الموارد الكامنة داخلها، العنصر الأساسي في عملية التوسع في استخراج النفط والغاز، الذي يعرف بتسمية "الغاز الصخري"، لكن المدافعين عن البيئة أعربوا عن انزعاجهم منذ فترة طويلة، من إمكانية أن تسبب هذه العملية تلوثا للموارد المائية والبيئة، من خلال التسريبات والبقع السائلة.
وكانت دراسة أجرتها الوكالة الأمريكية لحماية البيئة حول عمليات التكسير في ثمان ولايات بين عامي 2006 و2012 خلُصت إلى وقوع 457 حالة تسرب، لكن الدراسة الجديدة، ورغم أنها تقتصر على أربع ولايات توفرت فيها بيانات كافية، تشير إلى أن مستوى عمليات التسرب هو أكبر بكثير، إذ سجل الباحثون 6648 حالة تسرب بين عامي 2005 و2014، وأوضحت المشرفة على الدراسة الدكتورة لورين باترسون من جامعة ديوك إن وكالة حماية البيئة بحثت فقط في حالات التسرب من عملية التكسير الهيدرولوكي نفسها والتي تستغرق فقط فترة تتراوح بين أيام قليلة إلى أسابيع قليلة، وأضافت لكننا نبحث في عمليات التسرب في الآبار غير التقليدية، من وقت الحفر وحتى الإنتاج، وهو ما قد يستغرق عقودا، وسجلت ولاية نورث داكوتا أعلى مستوى للتسرب إذ شهدت 4453 حالة، وهو رقم أعلى بكثير من ولايات بنسلفانيا وكولورادو ونيو مكسيكو، ووقعت معظم عمليات التسرب في السنوات الثلاث الأولى من عمليات الاستخراج، لأسباب كثيرة ومتنوعة.
وأوضحت أن تعطل المعدات كان العامل الأكبر، بالإضافة إلى أن عمليات تحميل وتفريغ المواد من الشاحنات شهدت أخطاء بشرية أكبر (في نورث داكوتا) مقارنة بأماكن أخرى، الا أن مصادر في صناعة النفط شككت في تأثير عمليات التسرب، وأكدت أن عددا قليلا جدا منها أدى إلى تلوث البيئة.
وأفادت كيتي براون من هيئة "إنرجي إن ديبث"، وهي هيئة تمولها شركات إنتاج النفط الأمريكية، إن حقيقة الأمر هي أن نورث داكوتا تطلب من الشركات الإبلاغ عن أي حالات تسرب من برميل أو أكثر، وحتى إن لم يكن لذلك تأثير على البيئة مطلقا، والغالبية العظمى لحالات التسريب ليس لها تأثير، وأضافت ـنه بحسب إدارة الصحة في نورث داكوتا فإن 70 في المئة من حالات التسرب في عام 2013، جرى احتوائها عند موقع حفر البئر، ولم تصل مطلقا إلى الأرض أو المياه، ويرى معدو الدراسة أن الرسالة الأهم هو أن تعزيز وتنسيق جمع البيانات والإبلاغ عن حالات التسرب عبر الولايات المختلفة سيسمح للعاملين في هذه الصناعة والمدافعين عن البيئة، بتعزيز التقييم لتأثير التكسير الهيدرولوكي لحفر الآبار على البيئة.
التكسير الهيدروليكي يتسبب في إنبعاث الميثان من آبار النفط
نشرت دراسة نشرت نتائجها في دورية بحوث الموارد المائية إن عمليات التكسير الهيدروليكي يمكن ان تتسبب في انبعاث غاز الميثان من آبار النفط المهجورة المحيطة ما يمثل مصدرا كبيرا محتملا ومهملا للانبعاثات الغازية الخاصة بظاهرة الاحتباس الحراري، وفحص الباحثون بجامعة فيرمونت مستودعا للغاز الصخري في منطقة ولاية نيويورك لدراسة ما اذا كانت بئر نفط حديثة هناك مرت بعمليات التكسير الهيدروليكي سينبعث منها غاز الميثان.
وذكرت الدراسة التي قد تكون لنتائجها تداعيات على المنطقة إن احتمالات إنبعاث الغاز تصل الى نسبة 3.45 في المئة، وإنه يتعين على شركات التنقيب عن النفط والغاز خفض احتمالات انبعاث الغاز من خلال رصد مواقع الآبار المهجورة قبل إجراء عمليات جديدة للتكسير الهيدروليكي على الرغم من صعوبة هذه المهمة.
وتتضمن عملية التكسير الهيدروليكي ضخ كميات هائلة من السوائل والمواد الكيماوية والرمال في التكوينات الصخرية العميقة تحت ضغط عال لإحداث شقوق بها لتسهيل عمليات التنقيب عن النفط والغاز، ونشر باحثون بجامعة برنستون العام الماضي بحثا أوضح ان الآبار المهجورة ينبعث منها 0.27 كيلوجرام من غاز الميثان في المتوسط يوميا، ويسهم غاز الميثان في ظاهرة الاحترار بدرجة أكبر من نفس الكمية من غاز ثاني اكسيد الكربون -وهو أشيع الانبعاثات ضمن ظاهرة الاحتباس الحراري- بواقع 80 مرة.
ويربط الكثيرون بين الانشطة الزلزالية وعمليات التكسير الهيدروليكي لكن هيئة المساحة الجيولوجية الامريكية قالت في ابريل نيسان الماضي ان التكسير الهيدروليكي ليس دائما السبب المباشر للهزات الارضية، وتثير تقنية التكسير غضب المنظمات البيئية في مختلف أنحاء العالم بسبب مخاوف من تسرب المواد الكيماوية المستخدمة في هذه العملية إلى طبقات المياه الجوفية وتلويثها لكن مجتمع الأعمال يرى أن تكسير الصخور لاستخراج الغاز وسيلة لتقليل اعتماد أوروبا الغربية على وارداتها من الغاز الروسي.
شركات أمريكية تستخدم مياه الصرف الصحي في تقنية التكسير الهيدروليكي
وجدت شركة بايونير الأمريكية كبرى الشركات المنتجة للزيت الصخري طريقة غير معتادة لترشيد استخدام المياه من جهة وخفض نفقات الآبار الخاصة بها من جهة أخرى بان استخدمت المياه المعالجة من الصرف الصحي في غرب تكساس، وأبرمت بايونير عقدا مدته 11 عاما بقيمة 17 مليون دولار مع مدينة أوديسا بتكساس يتيح لها استخدام ملايين الجالونات من مياه الصرف الصحي المعالجة يوميا في حقولها النفطية، وبايونير أول شركة للنفط والغاز توقع عقدا طويل الأجل مع اوديسا لاستخدام مياه الصرف الصحي المعالجة.
وذكرت شركة (آي اتش اس) للاستشارات إنه مع هبوط أسعار النفط لأدنى مستوى لها منذ ست سنوات -إذ تراجع سعر البرميل الى 40 دولارا- تسعى شركات النفط والغاز المنتجة للزيت الصخري لخفض نفقات عملياتها بشتى الطرق، ويمثل الحصول على المياه ونقلها ما يصل الى عشرة في المئة من تكاليف التنقيب والتكسير الهيدروليكي، وتسعى شركات النفط والغاز العاملة في المنطقة ومنها بايونير وأباتشي منذ زمن طويل الى توفير مصادر زهيدة الثمن وصديقة للبيئة لاستخدام المياه في التكسير الهيدروليكي.
وعلى سبيل المثال تسحب الشركتان بعض المياه المستخدمة في عملياتها من خزانات جوفية تحتوي على مياه غير صالحة للاستخدام الآدمي كما لجأت الشركتان الى إعادة معالجة المياه المستخدمة في اغراض التكسير الهيدروليكي، وتتضمن عملية التكسير الهيدروليكي ضخ كميات هائلة من السوائل والمواد الكيماوية والرمال في التكوينات الصخرية العميقة تحت ضغط عال لإحداث شقوق بها لتسهيل عمليات التنقيب عن النفط والغاز، وبينت الشركة إن هدفها النهائي هو الاستغناء عن استخدام المياه في تقنية التكسير الهيدروليكي في غضون فترة من خمس الى عشر سنوات.
وقوبلت هذه التقنية بانتقادات في الولايات التي تعاني من موجات جفاف شديدة. وأشارت تقديرات سابقة في صناعة النفط والغاز الى ان التكسير الهيدروليكي يستخدم نحو 100 مليون جالون من المياه في كاليفورنيا في العام، وتثير تقنية التكسير غضب المنظمات البيئية في مختلف أنحاء العالم بسبب مخاوف من تسرب المواد الكيماوية المستخدمة في هذه العملية إلى طبقات المياه الجوفية وتلويثها لكن مجتمع الأعمال يرى أن تكسير الصخور لاستخراج الغاز وسيلة لتقليل اعتماد أوروبا الغربية على وارداتها من الغاز الروسي.
حظر لعمليات جوفية مثيرة للجدل
حظرت ولاية كوينزلاند الاسترالية تنفيذ عمليات مثيرة للجدل تتم في جوف الأرض لتحويل الفحم إلى غاز، وعلى عكس عملية التكسير الهيدروليكي -التي تتضمن ضخ كميات هائلة من السوائل والمواد الكيماوية والرمال في التكوينات الصخرية العميقة تحت ضغط عال لتكسيرها وإحداث شقوق بها لتسهيل عمليات التنقيب عن النفط والغاز- فإن تحويل الفحم إلى غاز يتم بالكامل تحت سطح الأرض ما يثير مخاوف من تلوث المياه وتكوين انبعاثات غازية ضارة بالبيئة.
وأعلن ذلك انتوني لينهام وزير المناجم في ولاية كوينزلاند الاسترالية مبيناً بأنه سيسن تشريعا في نهاية العام لتحويل ذلك إلى قانون، وتعتزم شركة (كاربون انيرجي) المحدودة -التي تقول إنها أنفقت 150 مليون دولار استرالي (115.23 مليون دولار أمريكي) على مدى ثماني سنوات لتطوير تقنيات تحويل الفحم إلى غاز واستخدامه في الولاية- الرد على هذا الحظر، وأضافت الشركة إنها أجرت جميع الفحوص والاختبارات البيئية والعلمية التي طلبت منها على مدار السنوات الثماني الماضية.
ووجهت اتهامات لشركة (لينك انيرجي) -المسجلة بالبورصة في سنغافورة- في كوينزلاند بإحداث أضرار بيئية خطيرة في أعقاب تحقيق بشأن تسرب الغاز بإحدى المحطات التجريبية لتحويل الفحم إلى غاز ما أدى إلى إصابة أربعة موظفين بالإعياء للاشتباه في تسممهم بالغاز، وأوضح مؤيدو تحويل الفحم إلى غاز إن العملية تتسم بالأمان الكامل لعدم تصريف نفايات سطحية من رماد الفحم إلى الغلاف الجوي فيما يثير المعارضون مخاوف بشأن تلويث المياه الجوفية مع زيادة الانبعاثات الغازية المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري بدرجة أكبر من الغاز الطبيعي.
مخاطر التكسير الهيدروليكي
هناك مخاوف وقلق من انتشار ظاهرة التكسير الهيدورليكي، وقد شملت هذه المخاوف المخاطر الناتجة علي الطبيعة الميكانيكية للارض مثل تلوث المياه الجوفية، تلوث الهواء، هجرة المعادن والغازات الجوفية في الارض الى سطح الارض و ايضا قصور الادارة البيئية للنفايات، إن حقن كميات كبيرة من الماء المضغوط في بئر قد يؤدي الي تغير في الوضع الطبيعي للصخور وتغير من الميول الطبيعية للشقوق, إما تزيد في حجمها او يحدث اخطاء انزلاقيه اخرى مما يؤثر علي احتمالية نشاطات زلزالية في المنطقة.
ان عمليات التجهيز لاستخراج الغاز هي عملية مكلفه في استهلاك الطاقة من معدات ثقيله لضخ المياه وضواغط هوائية لضخ الماء لتحقيق الشروخ الكافية لاستخراج الغاز من الصخور المحبوسة تحت طبقات الارض، وفقا لبيانات مركز Tyndall لابحاث تغير المناخ, انبعاثات غازات ثاني اكسيد الكربون الثقيله ترجع الي المعدات المستخدمة في عملية ضخ السائل داخل الطبقات الصلدة لحدوث الشقوق والشروخ بها, بما في ذلك المعدات اللازمة للخلط بين المواد الكيميائية وكسر الرمال التي يتم ضخها من خزان, وكبس الهواء المضغوط, وحقن المواد المخلطه داخل وخارج البئر، ان هذه العملية تعد بمثابة مستهلك قوي جدا لمصادر المياه بالمنطقة, حيث ان العديد من ملايين الجالونات من السوائل يتم حقنها تحت باطن الارض في طبقات صلدة وتحت ضغط عالي جدا فيتم التحطيم والتكسير لهذه الصخور الصلدة والتي تعد بمثابة المصيدة التي تحوي بها الغاز الطبيعي و الزيت.
وتعد نقطة توافر هذه الكميات الهائله من المياه نقطة خلافيه لدول المنطقة، حيث ان مصادر المياه في الخليج العربي وخاصا في بعض اماكن التنقيب تعتبر شحيحة، وقد أثارت وكالة حماية البيئة في الولايات المتحدة مرارا وتكرارا عن قلقها من تلوث مياه الشرب وخاصا الجوفية بسبب المياه المدفوعه بقوة وسط طبقات الارض، وقد كشفت الدراسات الحديثة تركيزات عالية من الاملاح بما في ذلك املاح الراديوم والباريوم في المياه العائده من التدفق بعد التكسير الهيدروليكي في نهاية عمليات التكسير، وقد انهى تقرير اجرته جامعه كورنيل ان التكسير الهيدروليكي من المحتمل ان يكون اسوء بيئيا من استخدام الفحم لانتاج الطاقة.
وهناك قضية خلافيه اخرى هي ثلوث الهواء الناجم عن التكسير الهيدروليكي مما قد يسبب مشاكل صحية خطيرة للمجتمعات القريبة من مواقع الحفر والتنقيب، كما هناك دراسة حديثة اعتمدت على ثلاث سنوات من المراقبة والرصد في مواقع كولورادو, وجدت كميات من الهيدروكربونات النفطية السامة في الهواء الجوي بالقرب من الابار، ومن ضمن الهيدروكربونات التي تم رصد كميات منها كان البنزين, إيثيل بنزين, التولوين و الزيلين، والمصدر لهذه المواد هو الخليط من الغاز الخام المتصرف من البئر مع الانبعاثات الناتجة من المعدات الميكانيكية المستخدمة خلال عمليات انتاج الغاز.
اضف تعليق