مع كل تعقيدات التوترات الجيوسياسية التي يشهدها العالم الآن، فإنّ دونالد ترامب يقول أنّهُ سيعمل على اخماد هذه التوترات، فإذا نجحَ في ذلك لن يتجاوز معدّل سعر خام برنت حاجز الـ 60 دولاراً للبرميل، ودونالد ترامب هذا هو رئيس "الوقود الاحفوري" القادم للولايات المتحدة الأمريكيّة...

مع كل تعقيدات التوترات الجيوسياسية التي يشهدها العالم الآن، فإنّ دونالد ترامب يقول أنّهُ سيعمل على اخماد هذه التوترات، فإذا نجحَ في ذلك لن يتجاوز معدّل سعر خام برنت حاجز الـ 60 دولاراً للبرميل، ودونالد ترامب هذا هو رئيس "الوقود الاحفوري" القادم للولايات المتحدة الأمريكيّة.

بمعنى أنّ ترامب يؤمِن بأنَ ما يُسمّى بـ "الطاقة المُتجَدّدة" ما هو إلاّ "حماقة اقتصاديّة"، وأنّ لا معنى لأيّ اتفاقيات حول المناخ، وأنّ ظاهرة "الاحتباس الحراريّ" هي واحدة من "حكايات الجِنيّات"، لهذا يدعو ترامب إلى التوسّع في انتاج النفط والغاز في الولايات المتحدة الأمريكية إلى أقصى حدّ.

ولتحقيق هذا الهدف فقد اختارَ ترامب وزيراً للطاقة في ادارتهِ الجديدة هو كريس رايت.. وهذا الشخص يؤمن ايمانا مطلقاً برؤية ترامب حول الطاقة، وحول انتاج الوقود الاحفوري "إلى أقصى حدّ"، حتّى لو تطلّب ذلك الاستثمار في البراري الشاسعة في القطب الشمالي.

وهذا يعني انّهُ حتّى إذا استمرّت التوترات الجيوسياسية الحاليّة إلى وقتِ أبعد من توقيتات ترامب لوضعِ حدٍّ لها، فإنّ معدّل أسعار النفط في عهد ترامب سيبقى في حدود الـ 70 دولاراً للبرميل (إن لم يكن أقلّ).

تأسيساً على ما تقدّم ربّما لن تمتلِك OPEC+ (في عهد ترامب) القدرة ذاتها على ضبط الإنتاج والأسعار وبنفس المستوى من الفاعلية القائم الآن، لأنّها ستكون في مواجهةٍ مع "مُنافِسٍ" شَرِس يميلُ إلى فرضِ املاءاتهِ وتصوّراتهِ على الآخرين (وقد سبقَ وإن فعل ذلك في مدّة رئاسته السابقة). 

وليس هناك من عاملٍ قادرٍ على كسر "احتكار" OPEC+ غير "المنافسة" من مُنتجين آخرين تقفُ على رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها أكبر مٌنتِج للنفط في العالم، لقد آن الأوان لكي يُراجِع العراق جدوى بقاءه في OPEC+ من عدمه.

إنّ استمرار وجود العراق في هذه المنظمّة سيُبقيهِ أسيراً للسياستين النفطيتين السعودية والروسية، اللتان تستحوذان على حصص إنتاجية كبيرة تبلغ 11 مليون برميل لكل منهما مقابل 4.650 مليون برميل يوميا للعراق، يَنتُجُ منها العراق حاليا ما يقرب من 3.9 مليون برميل يوميا بسبب التزامه بقيود OPEC+.

لقد سبق لأعضاء آخرين وإن انسحَبوا من OPEC+ مُراعاةً لمصالحهم الوطنية، ولقناعتهم بأنّ نظام حُصص الإنتاج المعمول به في هذه المنظمة هو نظامُ غيرُ عادل.. وقد فعلَت ذلك قطر (وأوضاعها الماليّة أفضل من العراق بكثير)، كما فعلت ذلك أنغولا أيضاً.

وعلى وفق تحليل لسلوك هذه المنظمة إزاء العراق (قام به الدكتور نبيل المرسومي)، فإنّ خيار الانسحاب من OPEC+ "سوف يسمح للعراق بوضع استراتيجية نفطية لتحقيق زيادة في انتاج النفط الى مستوى 6 ملايين برميل يومياً، والزام الشركات الأجنبية على تحقيق هذا الهدف الاستراتيجي من خلال تجزئته الى أرقام أو أهداف سنوية قابلة للتحقيق، واستكمال البنية التحتية الإنتاجية والتصديرية من أجل زيادة الصادرات النفطية والاستحواذ على المزيد من الحصص السوقية، لأنّ الصراع القادم في سوق النفط سيتمحور في الحصول على المزيد من الحصص النفطية في السوق النفطية العالمية".

وإذا لم يكن خيار الانسحاب مطروحاً الآن (لأسباب وضغوط "سياسية" اقليميّة)، فإنّ على العراق أن يطالب بتعديل خط الأساس لإنتاجهِ النفطي وزيادته الى 5 ملايين برميل يوميّاً (كما فعلت الامارات ذلكَ قبل عامين، وأوضاعها المالية هي الأخرى أفضل من العراق بكثير)، وأن يشترِط العراق (مقابل عدم انسحابه) تخلّي OPEC+ عن نظام الحصص الإنتاجية، وتبنّي نظام جديد يقوم على تحديد حصص الصادرات لكل دولة بموجب مؤشرات معينة أهمها الطاقات الإنتاجية المتاحة والاحتياطي المؤكّد في كل الدول الأعضاء في OPEC+.

اضف تعليق