يتفق معظم الاقتصاديين على ان التجارة الدولية هي عامل ايجابي في التنمية الاقتصادية، ويرون ان التجارة توسع مديات السوق، حيث تشجع المبدعين على الابتكار، تسهيل التخصص وتقسيم العمل، وهي بذلك تساهم في تطوير اقتصاديات الحجم، كما تحفز المنافسة الدولية، فضلاً عن انها من أكثر الطرق فاعلية...
ليست المشاركة في التجارة الدولية المفتاح السحري لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، فالدليل يشير الى ان حجم وسرعة التنمية الاقتصادية لاتتقرر بعوامل خارجية وانما العوامل الداخلية هي التي تقرر ذلك، مثل حجم المعروض المحلي ونوعية الادارة الاقتصادية ووفرة العمالة الماهرة، فهذه العوامل هي التي تميز الدول الناجحة من غير الناجحة، غير ان ذلك لايعني اهمال العوامل الخارجية التي تساهم في تحقيق التقدم المادي.
يتفق معظم الاقتصاديين على ان التجارة الدولية هي عامل ايجابي في التنمية الاقتصادية، ويرون ان التجارة توسع مديات السوق، حيث تشجع المبدعين على الابتكار، تسهيل التخصص وتقسيم العمل، وهي بذلك تساهم في تطوير اقتصاديات الحجم، كما تحفز المنافسة الدولية، فضلاً عن انها من أكثر الطرق فاعلية في ازاحة الاحتكارات غير الكفوءة عن العمل، وتعمل التجارة الدولية على زيادة الدخل الحقيقي للافراد وخاصة دخل المصدرين والمبتكرين، وانها لها اثر تعليمي يظهر من خلال انتقال المهارات والتكنولوجيا من بلد الى اخر، وتسهم في خلق حاجات واذواق جديدة للمستهلكين تدفع المستهلك للعمل الشاق.
الا ان اقتصاديو التنمية الاوائل عندما قاموا بدراسة اثر التجارة على الدول الفقيرة، بدأوا بالشك في امكانية تطبيق مثل الاثار، اي انهم لم يدعموا فرضية التجارة كمحرك للنمو، اذ كانوا ينظرون الى تجربة الدول النامية الحالية باعتبارها منتج أولي، اي انهم ينتجون ويصدرون المواد الغذائية والمواد الاولية الى الدول الغنية، وانه على الرغم من التجارة قد نمت بشكل واضح في العديد من الدول النامية ، الا ان امتداد تاثيراتها للاقتصاد المحلي كان محدود جداً، فعلى الرغم من التجارة عملت كمحرك للنمو في دول مثل بريطانيا عندما كانت تصدر المنسوجات في القرن التاسع عشر، الا انها لم تعمل بنفس الطريقة التي نراها اليوم في الدول النامية.
ان اسباب فشل فرضية ان التجارة كمحرك للنمو معقدة الا انها تتمحور في ان المؤشر التجاري للسلع الاولية قياساً بالسلع المصنعة أصابه التشويه، وذلك بسبب ضعف مرونة الطلب الدخلية على السلع الاولية مقارنة بالسلع المصنعة، بالاضافة الى القوة التفاوضية للمنتجين المحتكرين في الدول الغنية الذين ابقوا على اسعار السلع الصناعية مرتفعة بشكل متعمد، هذا من جهة ومن جهة اخرى ان قيام الاجانب من مالكي المزارع وحقول التعدين بنقل ارباحهم الى الخارج شكل تسرباً للدخل نحو الخارج، مما انعكس في عدم امكانية اعادة استثمار الارباح في بلد المنشأ. فضلاً عن ان اساليب الانتاج المستخدمة من قبل مالكي المشاريع الاجنبية لم تكن منسجمة مع طبيعة الموارد في الدول الفقيرة التي تتميز بوفرة العمالة وندرة رأس المال.
الا ان شكل التجارة العالمية الذي فيه تنتج الدول الفقيرة السلع الاولية والدول المتقدمة السلع الصناعية قد تغير اليوم، وان اي انتقادات توجه للتجارة كمحرك للنمو يجب ان تقوم على اسس مختلفة، اذ يرى البعض ان هناك تغيرات دراماتيكية حدثت في صادرات الدول الفقيرة، فلو جرى استبعاد صادارت النفط فإن السلع المصنعة تشكل حوالي اكثر من نصف قيمة صادرات الدول النامية، فحصة السلع الاولية هي الان اقل من 50% وفي طريقها للانخفاض اكثر. وأخيراً لابد من ملاحظة ان فرضية محرك النمو لم تطبق في دول مثل بريطانيا والولايات المتحدة، فعندما تعامل الاحصائيون والاقتصاديون التطبيقون مع الدليل استنتجوا ان ظروف العرض الداخلي وليس الطلب الخارجي هو المسؤولة عن الزيادة في دخل الفرد، الا ان ذلك لايعني تجاهل أهمية الاداء التجاري والمعبر عنه بميزان المدفوعات كضرورة تنموية اقتصادية رغم انه لايضمن التقدم المادي في غياب الدينامية الداخلية.
اضف تعليق