لطالما كانت دول العالم الثالث والتي بضمنها الدول العربية وبالأخص العراق من الدول التي تتصف مجتمعاتها بأن سلوكها غير اقتصادي فيما يتعلق بالعقلانية والرشادة سيما في ما يتعلق بالجانب الاستهلاكي، فعلى سبيل المثال لعرب ينفقون سنويا: 20 مليار دولار على العطلات...
لطالما كانت دول العالم الثالث والتي بضمنها الدول العربية وبالأخص العراق من الدول التي تتصف مجتمعاتها بأن سلوكها غير اقتصادي فيما يتعلق بالعقلانية والرشادة سيما في ما يتعلق بالجانب الاستهلاكي، فعلى سبيل المثال لعرب ينفقون سنويا: 20 مليار دولار على العطلات، و5,4 مليار دولار على التدخين و5 مليارات دولار على السحر والشعوذة، بينما المصريون ينفقون 40 مليون جنيه يوميا على الكلام في الهاتف النقال، في حين المرأة الخليجية تنفق 2 مليار دولار سنويا على أدوات التجميل.
بمعنى أخر أن الانفاق لدى هذه المجتمعات يتصف بأنه نوع من الاستهلاك الترفي في حال ارتفاع مستوى الدخل، وقد لاينسجم هذا الكلام مع من يعيشون ضمن خط الفقر او مادونه، وهم نسبة كبيرة من المجتمع سيما في الاقتصاد العراقي، ولكن بالمجمل فأن النشاط الاستهلاكي للفرد العراقي على الاقل لايتسم بالتنظيم الاقتصادي وقد يرجع هذا الى عوامل عديدة منها ارتفاع مستوى اسعار الخدمات مما ينعكس سلباً على وضع الادخار وان كان هذا يتأثر كذلك بضعف القطاع المصرفي والوعي المصرفي لدى الافراد.
هذا من جهة ومن جهة أخرى نحن نقصد بالسلوك الاقتصادي هو ذلك النمط او المسار الذي يتخذه الفرد في ترتيب احتياجاته من السلع والخدمات والتي تكون أما بشكل تصاعدي او خط أشبه بالمستقيم. وقد يظهر بعض الانحراف على هذا المسار في بعض الحالات الطارئة كاالانخفاض المفاجىء للدخل او بسبب التضخم او قلة السلع ...الخ. إن ما يهمنا في هذا الموضوع وان كان السلوك الاقتصادي للفرد العراقي غير منتظم او لا ، عقلاني او العكس، هو كيف نبني مجتمع ذو سلوك اقتصادي منتظم وانتاجي وذات طبيعة استهلاكية متوازنة.
بما إن البلد شهد تحول مفاجىء من اقتصاد ذو نزعة مركزية الى اقتصاد المفروض أنه يتسم باللامركزية وان كان ذلك غير متحقق الا انه انعكس بشكل وبأخر على سلوك الفرد العراقي، وبالتالي فأنه من الضروري تصحيح مسار هذا السلوك نحو الافضل، وهذا لايتم من خلال السياسات والقرارات الاقتصادية المحضة، بل يحتاج الى اعتماد ما يعرف بالاقتصاد الاجتماعي الذي ينظم هذا السلوك، والبداية هي من رياض الاطفال والمدارس وصولاً الى المعاهد والجامعات، ولا أقصد هنا هو ادراج مادة الاقتصاد النظري في المراحل الدراسية وحسب، وانما تضمين تطبيقات عن أهمية السلوك الاقتصادي سيما الاستهلاك والادخار والاستثمار، من خلال ابراز اهمية هذه السلوكيات في وقت مبكر للطلاب وبتطبيق عملي حتى يترسخ في ذهنية الطالب.
وهذا يتم من خلال أن تقوم وزارة التربية بادراج مادة بأسم الاقتصاد التعليمي او السلوك الاقتصادي، وهي عبارة عن مواد تطبيقية تعلم الطالب كيفية الانفاق والاستهلاك والادخار، أي كيفية التصرف بأمواله منذ الصغر، فعلى سبيل المثال يقوم المعلم بالطلب من كل طالب تخصيص حافظة للنقود ومن يصل الى نهاية السنة وقد أدخر مبلغ معين يحدد مسبقاً أن يكافىء هذا الطالب ويمنح جائزة على ادخاره، أو أن يقدم كل طالب قائمة اسبوعيه بكل مشترياته من مايمنح له من مصروف من أجل ترشيد استهلاكه عبر ابعاد السلع غير الضروريه من قائمة استهلاكه او انفاقه.
وهكذا يتم التدرج في هذه السلوكيات وبشكل مراحل وحسب العمر ونوع الدراسة والمرحلة التي يمر بها الطالب، وبهذا نضمن أن نصنع جيل متعلم وذو سلوك اقتصادي متزن قادر على تحديد أولوياته واتجاهاته المستقبلية، إن تطبيق هكذا نظام ليس بالأمر الصعب فكل مايحتاجه الأمر هو بعض المعارف البسيطة عن هذه السلوكيات ومتابعة سلوك الطالب خلال سنوات الدراسة سيما في المرحلة الابتدائية والمتوسطة، فهي تعلم الطالب كيفية الاستفادة من ما يملك كما تمكنه من تحديد اختياراته وحتى توجهاته في الحياة وبالشكل الأفضل.
اضف تعليق