علينا أن نرتب المقدمات الاختيارية لهداية أنفسنا، ونتجنب مقدمات الضلال حتى وإن كانت صغيرة، لأنه يمكن تجنب الانحراف في بداية الأمر، لكن إذا استمرّ فسوف يؤدّي إلى عواقب وخيمة. فلابدّ أن يجعل الإنسان قلبه طاهراً، فإذا لاحظ أنه انحرف في أحد الأيام فينبغي أن يعالجه...
قال اللّه تعالى: {وَيَدۡعُونَنَا رَغَبٗا وَرَهَبٗاۖ}(1).
الإنسان المؤمن لا بدّ من أن تكون فيه حالتان متكافئتان، تسوقانه نحو العمل الصالح وترك المعاصي:
الحالة الأولى: الخوف من اللّه تعالى
قال اللّه تعالى: {هُدٗى وَرَحۡمَةٞ لِّلَّذِينَ هُمۡ لِرَبِّهِمۡ يَرۡهَبُونَ}(2).
تُعد الرهبة من اللّه سبحانه وتعالى من جنود العقل، ونقيضها الجرأة على اللّه سبحانه وتعالى وهي من جنود الجهل.
فالرهبة نوع من أنواع الخوف؛ وغير خفي أن اللغة العربية دقيقة جداً، بل هي أدق اللغات، فالمعنى الواحد ربما يكون في لغات أخرى له لفظ أو لفظان أو ثلاثة ألفاظ، لكن نلاحظ في اللغة العربية أن ذلك المعنى قد تكون له ألفاظ كثيرة، بحكم الخصوصيات والحالات المختلفة.
ومن ذلك الخوف، فالخوف كلمة جامعة تجمع كل أنواعه، ولكن هناك كلمات مترادفة، لاختلاف خصوصيات الخوف.
مثلاً: الوجل، الرهبة، الخشية، الخشوع، الشفقة، وما إلى ذلك، وكلها كلمات تدل على معنى الخوف، ولكن بخصوصيات مختلفة.
والرهبة: هي خوف يتضمن تهيب وتعظيم المخوف منه(3)، فقد نخاف من شيء لكن لا نعظمه، فمن يخاف من سلطان جائر إلّا أنه لا يعظمه لا يستعمل كلمة الرهبة، لكن إذا خاف الإنسان من عظيم وعظمه فهذه هي الرهبة.
والإنسان المؤمن يرهب من اللّه سبحانه وتعالى أي: إنه يخاف منه، وهو خوف متضمن لتعظيم اللّه سبحانه وتعالى.
فإذا خاف الإنسان من اللّه وعظمه فلن يرتكب المعاصي، وأمّا ارتكاب المعاصي فهي بسبب الجرأة على اللّه سبحانه وتعالى وعدم الرهبة منه.
من هنا إذا كان الإنسان يرهب اللّه سبحانه وتعالى ويعلم أنه قادر ويتمكن من معاقبة المخالفين والمجرمين، فسوف يترك المعاصي ولا يرتكبها، ويتجنب الخطيئة والجريمة، لكن إذا كانت عقيدة الإنسان باللّه تعالى ضعيفة لا تبتني على أساس صحيح فحين ذلك يتجرأ ويرتكب المعاصي، فتؤدّي به إلى المهاوي والرذائل.
لذا نجد أن اللّه سبحانه وتعالى وصف المنافقين بعدم الرهبة من اللّه، وإنّما رهبتهم من الناس، قال تعالى: {لَأَنتُمۡ أَشَدُّ رَهۡبَةٗ فِي صُدُورِهِم مِّنَ ٱللَّهِۚ}(4)، وذلك إمّا لأنهم لا يعتقدون باللّه، وإمّا لا يعتقدون بالمعاد والرسالة، أو أن عقيدتهم مغلوطة؛ لذا لا يرهبون اللّه سبحانه وتعالى، وأمّا أمام الناس فيرهبون ويراعون الأحكام. وهذه هي حال المرائي المنافق، فهو أمام الناس يحاول أن يظهر تصرفاته بشكل صحيح، لكنه يرتكب المحرمات والموبقات في خلواته، وهذا بسبب ضعف إيمانه وعقيدته باللّه سبحانه وتعالى.
الحالة الثانية: الرجاء برحمة اللّه
قال اللّه تعالى في كتابه الكريم: {وَمَن يَقۡنَطُ مِن رَّحۡمَةِ رَبِّهِۦٓ إِلَّا ٱلضَّآلُّونَ}(5).
ومن الأمور المهمة التي تساهم في قرب الإنسان إلى اللّه سبحانه وتعالى، وتسبب له الفوز والسعادة هو الرجاء، فلا بدّ أن يكون الإنسان راجياً لرحمة اللّه سبحانه وتعالى، فرجاء الرحمة يؤدّي إلى عمل الصالحات؛ لأن الإنسان تنتابه ـ في بعض الأحيان ـ حالات من الضعف النفسي، أو الاغترار، أو الانخداع بالشيطان، فتصدر منه أخطاء وذنوب، فإذا كان الباب مفتوحاً للرجوع فحينئذٍ يمكن أن يصحح أخطاءه، وأمّا إذا كان الباب مغلقاً ورأى الإنسان نفسه من أهل النار فإنه لن يجد فائدة أو جدوى للعمل الصالح واجتناب المنكرات.
من هنا فتح اللّه سبحانه وتعالى باب التوبة، ليتمكن الإنسان من أن يصحح ما فعله من أعمال سيئة، ويعوض ما فاته من أعمال صالحة؛ وذلك من خلال بذل المزيد من الجهد والعمل الصالح، وأمّا القنوط من رحمة اللّه فهو من أشد الرذائل، التي تدفع الإنسان لارتكاب مختلف المحرمات؛ لذلك فإن اليأس من روح اللّه سبحانه وتعالى من أشد المحرمات؛ لأن الإنسان إذا كان يائساً فسوف يرتكب جميع المحرمات؛ لذلك قال اللّه تعالى: {وَلَا تَاْيَۡٔسُواْ مِن رَّوۡحِ ٱللَّهِۖ إِنَّهُۥ لَا يَاْيَۡٔسُ مِن رَّوۡحِ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡقَوۡمُ ٱلۡكَٰفِرُونَ}(6).
إن اللّه سبحانه وتعالى خلق الإنسان ليرحمه؛ قال تعالى: {إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَۚ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمۡۗ}(7)، فلذا فتح أمامه أبواب الرحمة بأوسع مصاريعها، لكي يتمكن من نيل تلك الرحمة، فإذا أخطأ فإن اللّه سبحانه وتعالى لا يغلق عليه باب الرحمة، وإنّما يجعل أمامه طرقاً لكي ينال رحمته سبحانه وتعالى.
بين الرجاء والأمل
إن الإنسان يعيش ويعمل بدافع الأمل، ولولا ذلك لتحولت حياته إلى جحيم، ولترك العمل.
إن الطالب يذهب إلى المدرسة ويدرس ويطالع ويسهر على أمل أن يصبح عالماً، أو طبيباً أو مهندساً أو غير ذلك، والتاجر أو الكاسب يذهب إلى عمله على أمل الربح، ولو كان يعرف مسبقاً أنه لن يربح شيئاً، بل سيخسر ما لديه فلن يذهب إلى العمل، بل يمكن أن تضطرب حالته النفسية لفقدانه الأمل بالحصول على منفعة.
ومن هذا المنطلق فإن اللّه سبحانه وتعالى يأمر الإنسان أن يكون آملاً برحمته؛ وينهاه عن اليأس والقنوط من رحمته، بل عدّهما من المحرمات الكبيرة، التي بارتكابها يستحق الإنسان النار لو لم يتب(8).
واليائس القانط يتصور أنه في جهنم على كل حال، فتسول له نفسه بأن يفعل ما يشاء، فيشرع بارتكاب كل أنواع المحرمات والمعاصي.
يقال: إن أحد حكام بلاد المسلمين كان يسافر إلى الخارج خلال شهر رمضان المبارك، وكان الهدف من ذلك التهرب من الصوم، وارتكاب الفسوق والفجور، وحين سُئل: لماذا لا تصوم وتفعل المحرمات؟ قال: إنني أعرف بنفسي، فأنا من أهل جهنم، فلماذا أخسر الدنيا أيضاً؟!
للرجاء شرطان
الشرط الأوّل: العمل
مع أنه يجب على الإنسان المؤمن أن يعيش الأمل برحمة اللّه تعالى، لكن هذا لا يعني أن يتكاسل ويتحول الأمر إلى طول الأمل المذموم، قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «أيها الناس، إن أخوف ما أخاف عليكم اثنتان: اتباع الهوى، وطول الأمل، فأمّا اتباع الهوى فيصد عن الحق، وأمّا طول الأمل فينسي الآخرة»(9)، بل يجب على المؤمن أن يمزج بين الأمل والعمل، لئلا يصدق عليه قول أمير المؤمنين (عليه السلام): «لا تكن ممن يرجو الآخرة بغير عمل»(10)، لأن الإنسان الذي يأمل لا بدّ أن يعمل، ومن لا يعمل فهو لا يأمل أملاً واقعياً، بل يتكئ على طول الأمل؛ لذا فمن صفات المؤمنين أنهم يأملون رحمة اللّه تعالى، كما أنهم يخافون من عقابه سبحانه، قال تعالى: {وَيَرۡجُونَ رَحۡمَتَهُۥ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُۥٓۚ}(11)، لأن الأمن من عذاب اللّه ومكره يُعد من الكبائر.
فيجب أن يكون الإنسان بين الخوف والرجاء، فعن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: «لا يكون المؤمن مؤمناً حتى يكون خائفاً راجياً، ولا يكون خائفاً راجياً حتى يكون عاملاً لما يخاف ويرجو»(12). وقال (عليه السلام): «ارج اللّه رجاءً لا يجرئك على معصيته، وخف اللّه خوفاً لا يؤيسك من رحمته»(13).
يقول الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): «... ألا وإن إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه(14)، ومن طعمه بقرصيه، ألا وإنكم لا تقدرون على ذلك، ولكن أعينوني بورع واجتهاد، وعفة وسداد»(15).
والورع إنّما هو عن المحرمات، والاجتهاد يعني العمل وليس مجرد طول الأمل؛ فإنّ اللّه سبحانه وتعالى نهى عن المعاصي، وهناك شروط لغفران الذنوب، ولا يتم ذلك عبثاً، لأن اللّه سبحانه وتعالى حكيم، فالأمل والانتظار سبب لقوة النفس والمثابرة والعمل الصالح.
الشرط الثاني: معالجة الانحراف قبل استفحاله
في القرآن الكريم: {رَبَّنَا لَا تُزِغۡ قُلُوبَنَا بَعۡدَ إِذۡ هَدَيۡتَنَا}(16).
إن القلب هو المنطلق في أعمال الإنسان ـ الصالحة أو الطالحة ـ ، ولذا فإن انحراف القلب يجر الإنسان إلى الموبقات ومن ثم إلى الكفر أو النفاق، والزيغ في القلب يبدأ من أشياء صغيرة أو ما يتصورها الإنسان تافهة، لكن كل كبير يبدأ صغيراً ثم يكبر شيئاً فشيئاً، ولذا إذا لاحظ الإنسان من نفسه معصية صغيرة أو استصغار للذنوب فعليه أن يعلن حالة الطوارئ في نفسه للقضاء على هذا الانحراف القلبي، وبخلاف ذلك ستستمر حلقات استصغار الذنوب وارتكابها إلى أن يصل الأمر به إلى ما قاله اللّه تعالى: {ثُمَّ كَانَ عَٰقِبَةَ ٱلَّذِينَ أَسَٰٓـُٔواْ ٱلسُّوٓأَىٰٓ أَن كَذَّبُواْ بَِٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَكَانُواْ بِهَا يَسۡتَهۡزِءُونَ}(17).
فخطوات الشيطان مثل السلاسل، إذا تحركت حلقة واحدة تتحرك باقي الحلقات، فالذنب الصغير يجر ذنباً ثانياً وثالثاً وهكذا...، حتى يصل الإنسان إلى مجرد تمني التوبة من دون فعل شيء كما صنعه عمر بن سعد، فقد منّى نفسه بالتوبة لكن هل تاب صاحب هذا القول فعلاً؟ كلا، لم يتب؛ فاللّه تعالى لم يوفقه للتوبة لأن قلبه زاغ، وعندما يزيغ قلب الإنسان فإن اللّه سبحانه وتعالى لا يهديه، بل يتركه على ضلاله حتى يدخل نار جهنم.
لذا علينا أن نرتب المقدمات الاختيارية لهداية أنفسنا، ونتجنب مقدمات الضلال حتى وإن كانت صغيرة، لأنه يمكن تجنب الانحراف في بداية الأمر، لكن إذا استمرّ فسوف يؤدّي إلى عواقب وخيمة.
فلا بدّ أن يجعل الإنسان قلبه طاهراً، فإذا لاحظ أنه انحرف في أحد الأيام فينبغي أن يعالجه، ويعود إلى جادة الصواب والعمل الصالح، حتى لو كان الانحراف صغيراً، فقد ورد في الحديث الشريف: «إن اللّه أخفى أربعة في أربعة: أخفى رضاه في طاعته، فلا تستصغرن شيئاً من طاعته فربما وافق رضاه وأنت لا تعلم، وأخفى سخطه في معصيته، فلا تستصغرن شيئاً من معصيته فربما وافق سخطه وأنت لا تعلم، وأخفى إجابته في دعوته، فلا تستصغرن شيئاً من دعائه فربما وافق إجابته وأنت لا تعلم، وأخفى وليه في عباده، فلا تستصغرن عبداً من عباده فربما يكون وليه وأنت لا تعلم»(18).
إذن، علينا أن لا نستصغر حتى الذنب الصغير؛ لأنه ربما يكون سبباً في غضب اللّه تعالى، لأن الإنسان لا يعلم بموازين اللّه، فقد يصفع أحدهم طفلاً يتيماً فيبكي لحظات وينتهي الأمر، لكن هذا العمل الصغير قد يكمن فيه غضب اللّه سبحانه وتعالى، فينزل غضبه.
لقد احترم الحر بن يزيد الرياحي الإمام الحسين (عليه السلام) حين قال له: «ثكلتك أمك ما تريد؟ فقال له الحر: أمّا لو غيرك من العرب يقولها لي وهو على مثل الحال التي أنت عليها ما تركت ذكر أمه بالثكل كائناً من كان، ولكن واللّه مالي من ذكر أمك من سبيل إلّا بأحسن ما نقدر عليه»(19).
وقد يعتبر البعض أن هذه قضية عادية، لكن اللّه سبحانه وتعالى وفّق الحر للتوبة ولعل ذلك بسبب هذه الكلمة.
قال النبي الأكرم (صلى الله عليه وآاله): «إن اللّه لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم»(20).
الأمل في أهل البيت (عليهم السلام)
إن قول اللّه تعالى: {أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ يَبۡتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلۡوَسِيلَةَ أَيُّهُمۡ أَقۡرَبُ وَيَرۡجُونَ رَحۡمَتَهُۥ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُۥٓۚ}(21)، معناه أن هناك مجموعة من الناس يدعون الملائكة أو يدعون بعض الصالحين من الأنبياء، فيقول اللّه عزّ وجلّ: إن أولئك الذين تدعونهم هم أنفسهم يبتغون إلى ربهم الوسيلة، فمثلاً: إن عيسى (عليه السلام) الذي يعبده النصارى هو نفسه يبتغي الوسيلة إلى اللّه سبحانه وتعالى، أو أن الملَك الذي يعبده بعض الناس هو بحاجة إلى وسيلة إلى اللّه سبحانه وتعالى، وكذلك الحال بالنسبة للجن، لأن بعض الناس كانوا يعبدون الجن، قال تعالى: {بَلۡ كَانُواْ يَعۡبُدُونَ ٱلۡجِنَّۖ أَكۡثَرُهُم بِهِم مُّؤۡمِنُونَ}(22). لكن ما هي هذه الوسيلة؟
إنها وسيلة بشرية، حيث تقول الآية الشريفة: {أَيُّهُمۡ أَقۡرَبُ}، فإذا كان المراد بالوسيلة هنا الأعمال الصالحة كالصلاة والصوم وغير ذلك لكان التعبير عنها بـ(أيها)، وليس بـ(أيهم)، الذي يعود إلى ذوي العقول، أي: لا تعبدوا مثلاً عيسى وجبرائيل وميكائيل وإسرافيل وبعض الصالحين؛ وذلك لأنهم هم يبتغون إلى ربهم الوسيلة، وقد ورد في بعض الأحاديث أن الوسيلة هم محمّد وآله (عليهم السلام).
فعن رسول اللّه (صلى الله عليه وآاله) أنه قال: «الأئمة من ولد الحسين (عليه السلام) من أطاعهم فقد أطاع اللّه، ومن عصاهم فقد عصى اللّه عزّ وجلّ، هم العروة الوثقى، وهم الوسيلة إلى اللّه عزّ وجلّ»(23).
ثم تكملة الآية: {وَيَرۡجُونَ رَحۡمَتَهُۥ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُۥٓۚ}، أي: إنهم يأملون ويرجون رحمة اللّه سبحانه وتعالى، في الوقت الذي يعملون ويتخذون الوسيلة، فلولا الأمل برحمته سبحانه لانحرف الإنسان عن الطريق.
إن وجود الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه) يأتي ضمن السنة الإلهيّة الكونية، لأن الأرض لا تخلو من حجة، وعن الإمام الرضا (عليه السلام) أنه قال: «لو خلت الأرض طرفة عين من حجة لساخت بأهلها»(24).
لأن اللّه سبحانه كما أوجد القوانين المادية كالجاذبية، التي لو تم إلغاؤها لاضطربت الأرض وانهارت حياة الإنسان كذلك أوجد الإمام (عليه السلام) ليحفظ هذا الكون بأسباب جعلها اللّه عزّ وجلّ.
إن اللّه عزّ وجلّ جعل الإمام الحجة (عجل الله تعالى فرجه) لحفظ الكون من جانب، ولرعاية أمور الناس ولحفظ الأمل واستمراره من جانب آخر.
فقد كان أتباع أهل البيت (عليهم السلام) مضطهدين على مرّ التاريخ، فلو جرى هذا الاضطهاد على أية أمة أخرى لانقرضت؛ لكننا نلاحظ أن التشيع باقٍ، بل ويقوى ويزداد يوماً بعد يوم، إنها إرادة اللّه سبحانه وتعالى، حيث يقول: {يُرِيدُونَ أَن يُطۡفُِٔواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفۡوَٰهِهِمۡ وَيَأۡبَى ٱللَّهُ إِلَّآ أَن يُتِمَّ نُورَهُۥ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡكَٰفِرُونَ}(25)، ويقول أيضاً: {هُوَ ٱلَّذِيٓ أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِينِ ٱلۡحَقِّ لِيُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡمُشۡرِكُونَ}(26)، لكن اللّه سبحانه وتعالى يحقق إرادته عن طريق الأسباب والمسببات.
من هنا فإن الأمل هو الذي يضمن بقاء الدين الحق، لأننا نواجه المشاكل والمحن والضغوطات النفسية، فإذا عززنا الأمل في نفوسنا فسوف يجعلنا قادرين على تجاوز جميع المشاكل وأقواها.
فإن الإنسان إذا فقد الأمل فسينهار نفسياً ويستسلم، لكن بقاء الأمل بأن المنقذ سيظهر في يوم ما وسينقذنا هو الذي أدّى إلى بقاء التشيع واستمراره.
اضف تعليق