اقتصاد - تنمية

كيف ننهض بالشباب العربي؟

من عبء إلى عنصر دافع للتنمية

تعتبر ثروة الشباب جوهراً حيوياً للحضارة وميدان التقدم ورمزاً راسخاً في معادلة البناء والنهضة الشاملة، فهم قلب عملية التنمية ووسيلتها الرائدة والأداة الاستراتيجية الفاعلة، إنهم أهم عناصر التأثير في التنمية للوصول بمعدلاتها إلى المدى الذي يحقق أهداف خطط وبرامج مشروعات التنمية المستدامة، وبالتالي فإن العنصر...

تعتبر ثروة الشباب جوهراً حيوياً للحضارة وميدان التقدم ورمزاً راسخاً في معادلة البناء والنهضة الشاملة، فهم قلب عملية التنمية ووسيلتها الرائدة والأداة الاستراتيجية الفاعلة، إنهم أهم عناصر التأثير في التنمية للوصول بمعدلاتها إلى المدى الذي يحقق أهداف خطط وبرامج مشروعات التنمية المستدامة، وبالتالي فإن العنصر البشري ممثلا بالشباب يجب أن يحتل مكان الصدارة في ميدان التنمية والإنتاج، والتحدي الأكبر الذي يعصف بالدول العربية في الواقع المعاصر هو كيف لنا أن نعمل على تحويل عنصر الشباب العربي من عنصر يشكل عبئاً على التنمية إلى عنصر يكون دافع للتنمية.

بلا شك فإن الشباب من أهم الثروات وأثمنها في المجتمعات، ولهذا اهتمت غالبية الاتجاهات المعاصرة في العلوم الاجتماعية والإنسانية بدراسة أوضاع الشباب واتجاهاتهم وقيمهم وأدوارهم في المجتمع، لما يمثله الشباب من قوة للمجتمع باعتبارهم شريحة اجتماعية تشغل وضعاً متميزاً في بنية المجتمع.

وفي ذروة الأزمات التي تعصف بالمجتمع العربي، كان من الملاحظ أن يتأثر الشاب العربي وأن تهيمن عليه صفات التخبط في الأفكار والتذبذب في الاتجاهات التي تتحكم في ممارساته الثقافية ثنائية المضامين، والأهداف التي تتأرجح ما بين الخرافة والعلم وبين الأصالة والمعاصرة وبين الانغلاق والانفتاح، فتارة يرفض الأوضاع القائمة وتارة يعلن تقبله لها وهو ما يعزز اللاتجانس الفكري والذي ينعكس سلباً على ممارساته وردود أفعاله تجاه المجتمع.

يكتسب الشباب الكثير من القيم السائدة في الوسط الثقافي الذي يعيش فيه حيث تعد القيم في كل مجتمع معيار السلوك الإنساني، ومن الحقائق أن الشباب يحيط به مجموعة من القيم يتحرك في إطارها وتكون اتجاهاته نحو القضايا المختلفة في المجتمع، متأثراً تأثيراً كبيراً بهذه القيم ومحور لاتجاهاته وآرائه.

لذلك يجب الاهتمام بفئة الشباب والوصول بها إلى بر الأمان في ظل تصارع الأحداث من حولنا واشتداد الأزمات والكوارث التي نحياها، ومساعدتهم على السير في الطريق السليم والصحيح دون الوقوع في خضم التطرف والانحراف الفكري، وهذا لا يمكن أن يتم إلا من خلال غرس قيم ثقافة السلام الاجتماعي، وخصوصاً في المرحلة الحالية التي يواجه فيها المجتمع العربي عظيم التحديات، فالقيم تكتسب من خلال عملية التطبيع الاجتماعي للفرد ومن خلال تفاعله الاجتماعي مع الآخرين.

وعند الحديث عن ثقافة السلام الاجتماعي يمكن إبرازها من خلال مجموعة الأنماط السلوكية التي لها تأثير على الشباب في حياتهم اليومية، وتعتبر كموجه عام لسلوكياتهم وصقل وتهذيب اتجاهاتهم وتصرفاتهم تجاه المواقف المختلفة، فقيم ثقافة السلام الاجتماعي بما تحتويه من توجهات، تعتبر إطار مرجعي لسلوك الشباب في المواقف المختلفة كمبادئ أخلاقية، والشباب يكتسب الكثير من القيم السائدة في الوسط الثقافي الذي يعيش فيه، عن طريق انضمامهم في جماعات إكساب قيم ثقافة السلام الاجتماعي والاتجاهات الإيجابية والتخلص من القيم والاتجاهات السلبية، وبهذا يتم تحقيق السلام النفسي والاجتماعي بين الشباب بما يحقق التنمية الشاملة.

إن تعميق ثقافة السلام الاجتماعي لها تأثير هام على الشباب العربي، وقد يظهر هذا التأثير من خلال سلوكياتهم في حياتهم اليومية حيث تحدد القيم المرغوب فيها وغير المرغوب فيها من السلوك وهي بذلك تعتبر بوجه عام موجه لسلوك الشباب وتحدد لهم اتجاهاتهم وتصرفاتهم تجاه المواقف المختلفة، ومن جهة أخرى يحتاج الشباب إلى تنمية قيم ثقافة السلام الاجتماعي الذي ينشأ عن تحقيق الأهداف التي يسعون اليها كالشعور بالانتماء والولاء واحترام آراء الآخرين وتقبل أفكارهم واستقرار علاقاتهم مع غيرهم من خلال تنمية قيمة العمل الجماعي المشتركة وتنمية الإحساس بالمسئولية الاجتماعية المشتركة.

إن عملية تعزيز مشاركة الشباب في المجتمع عبر تدعيم ثقافة السلام الاجتماعي لديهم تجعلهم أكثر قدرة على توظيف طاقاتهم وخبراتهم لاكتساب قيم تنموية، وعلى تحمل المسئولية المجتمعية من أجل نمو المجتمع ومواجهة التحديات بأيسر الطرق، لترنو سفينة المجتمع بسلام وأمان ونسلك طريقة العمل الواعي في تحمل المسؤولية بدرجة عالية والوصول إلى قرارات صائبة والتحرك نحو إنجاز الأهداف المبتغاة.

* خبير في البحث العلمي والدراسات
Phd.fadi@gmail.com

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق