التغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الكبيرة التي يشهدها العالم، كانت سببا في تفاقم معاناة العديد من الأمهات في بعض دول، خصوصا تلك التي تعيش حالة من عدم الاستقرار الامني والاقتصادي، التي كانت سببا في ازدياد معاناة الأمهات اللواتي يعشن أوضاعا صعبة وواقعا مؤلما بسبب زيادة العنف والانتهاكات اليومية التي تمارس في بعض المجتمعات كما يقول بعض الخبراء.
واكد خبراء آخرون على ان مفهوم الأمومة ربما قد تغير أيضا مع هذه التغيرات المتسارعة والأوضاع الاقتصادية الصعبة، التي كانت سببا في ظهور وسائل جديدة منها الأم البديلة (أو الرحم المستأجر) الذي جعل من المرأة مجرد سعلة تجارية، وهي قضية مهمة لا تزل مثار جدل ونقاش في العديد من الدول خصوصا مع ازدياد نسب الولادات التي قد تكون لها انعكاسات السلبية الكبيرة.
الأمهات في الصومال
وفي هذا الشأن فقد اظهر تصنيف نشرته منظمة "سايف ذي تشلدرن" (انقذوا الاطفال) غير الحكومية ان الصومال اسوأ بلد في العالم في 2014 لناحية الظروف التي تعيشها الامهات. ويقارن هذا التصنيف الظروف التي تعيشها الامهات في 178 بلدا في العالم، من خلال القيام خصوصا بتحليل وضعهن الصحي ومستواهن التعليمي بالإضافة الى مؤشرات رئيسية تتعلق بالأطفال مثل الصحة والتغذية.
ومنذ نشر هذا التقرير للمرة الاولى سنة 2000، احتل 28 بلدا المراتب العشر الاخيرة في الترتيب. واربعة فقط من بين هذه البلدان لم تشهد نزاعا مسلحا في السنوات الاخيرة، فيما 18 بلدا منها تشهد بشكل متكرر كوارث طبيعية. واشارت المنظمة غير الحكومية في تقريرها الى ان "عدم القدرة على تلبية الاحتياجات الاساسية كان السبب والنتيجة في آن معا للنزاعات في بلدان مثل افريقيا الوسطى والصومال والسودان. كذلك فإن العائلات الاشد فقرا، خصوصا تلك المؤلفة من نساء واطفالهن ، غالبا ما تكون الاكثر تضررا من اي كارثة، سواء كانت طبيعية ام مفتعلة من جانب البشر".
وفي تصنيف العام 2014، كما في تصنيف العام الماضي، احتلت المراتب العشر الاخيرة دول في القارة الإفريقية. وفي صدارة الترتيب، احتلت فنلندا المرتبة الاولى تلتها النروج والسويد وايسلندا وهولندا والدنمارك واسبانيا. وحلت فرنسا في المرتبة العشرين بالتساوي مع اليونان، اما الولايات المتحدة فجاء تصنيفها في المرتبة الحادية والثلاثين. وتذيل الصومال التي تشهد حربا اهلية منذ 1991، الترتيب خلف جمهورية الكونغو الديموقراطية صاحبة المرتبة الاخيرة في تصنيف 2013، والنيجر ومالي.
وابدت الامم المتحدة قلقها ازاء حصول ازمة غذائية "واسعة النطاق" في البلاد بسبب الحرب وشح الامطار، خصوصا في المناطق التي يحارب فيها جنود الاتحاد الافريقي الى جانب القوات الصومالية ضد متمردي حركة الشباب الاسلامية. وكانت الصومال اكثر البلدان تضررا من موجة الجفاف الكبيرة في 2011 التي طالت اكثر من 11 مليون شخص في منطقة القرن الافريقي. وتوفي نحو 260 الف شخص نصفهم من الاطفال بسبب الجوع في 2011 - 2012 بحسب الامم المتحدة. بحسب فرانس برس.
وفي تقريرها للعام 2014، حذرت منظمة "سايف ذي تشلدرن" ايضا من الوضع في سوريا التي حلت في المرتبة 115 والتي ادت الحرب المستعرة فيها الى هروب 1,4 مليون طفل الى خارج الحدود السورية اضافة الى 690 الف امرأة، كما انها تودي بحياة الف امرأة وطفل شهريا تقريبا بحسب المنظمة.
الأمهات العازبات في المغرب
في السياق ذاته عادت قضية الأمهات العازبات في المغرب إلى الواجهة الإعلامية من جديد من خلال برنامج "صادم" بثته قناة "بي بي سي" البريطانية، رصدت من خلاله حالتين للأمهات العازبات، وما يعانينه من وصم وتعنيف مادي ومعنوي من طرف الأسرة والمجتمع والدولة. أم عازبة من الدار البيضاء، لم يتجاوز عمرها العشرين عاما، سردت للبرنامج فصولا من معاناتها بعد اكتشاف الأسرة لحملها، وقالت "كان الناس ينظرون إلي نظرة احتقار بعد اكتشاف حملي بعد أن تخلى عني الرجل الذي تسبب في الحمل".
ونقلت القناة حوارا بين الفتاة ووالدها حيث قالت إن والدها كان يضربها بشكل عنيف وفي مرات متكررة بعد اكتشاف حملها، "ضربتيني بالمقلة ديال الزيت لوجهي ملي كنا كانفطرو فرمضان"، في حين لم يستطع الوالد تكذيب ابنته التي تركت البيت وتوجهت للاشتغال كعاملة نظافة بالدار البيضاء. ومعاناة الشابة البيضاوية لم تتوقف عند المعاملة السيئة التي لاقتها من أسرتها، بل حكت أنها تشتغل لساعات طويلة في شوارع العاصمة الاقتصادية، معاناة نقلتها كاميرا القناة التي صورت جزء من يوميات عمل الشابة في جمع الأزبال من الشوارع.
وقالت الأم العازبة إن الشركة التي تستخدمها تلزمها بالعمل لأزيد من 12 ساعة في اليوم دون تعويض عن الساعات الإضافية، خاصة في الحالات التي يزور فيها مسؤولون المدينة. وبخصوص تفاصيل حملها، قالت الفتاة إنها تقدمت بشكاية لمصالح الأمن إلا أن المسؤولين لم يعيروها اهتماما، واتهمت الشابة رجال الأمن بتلقي رشاوى من الشخص الذي تسبب في حملها لإقبار الشكاية، وهو الأمر الذي حدث بالفعل حسب روايتها التي يؤكدها الأب.
وسردت المتحدثة وقائع من الألم والمأساة التي صاحبت وضعها لجنينها، حيث قالت إنها كانت تقيم في مركز استقبال لإحدى الجمعيات، وأنه عندما باغتها المخاض طلبت من المسؤولة نقلها إلى طبيب، إلا أن الأخيرة رفضت ولم تعرها أي اهتمام، وظلت ليلة كاملة تعاني من الألم قبل أن يتم نقلها على متن سيارة أجرة لأحد المستشفيات.
في المستشفى ستتلقى الأم العازبة معاملة أسوأ، حيث تروي أمام كاميرا القناة البريطانية أن الطبيبة المسؤولة وجهت لها كلاما قاسيا مفاده: "كاتعرفو غير تصاحبو وتولدو... ودابا صبر ماعندنا مانديرو ليك الحمارة". المتحدثة أوردت أن حالتها استوجبت عملية قيصرية لوضع الجنين، حيث طلب منها أن تتوجه إلى مصحة خاصة، إلا أنها لم تكن تتوفر على مال لتغطية التكاليف، لذلك كانت مضطرة للولادة على يد ممرضات بمستشفى عمومي، وهي الولادة التي تمت بشكل لا إنساني" حسب رواية الأم العازبة. وتحكي الشابة التي عملت كخادمة بيوت قبل أن تعثر على عمل قار بشركة جمع النفايات، أن الطبيبة كانت تضغط بقوة على بطنها وتشتمها، وأضافت أنها بقيت من السادسة صباحا حتى السادسة مساء دون رتق جراحها" وفق كلامها.
الحالة الثانية التي جاءت في برنامج القناة البريطانية تهم شابة احترفت "الدعارة" بعد أن طردتها أسرتها، فتاة في بداية العشرينات، كانت على علاقة بشاب وعندما اكتشف أنها حامل منه، واجهها بالقول "واخا يتسالاو النسا من العالم وتبقاي غير نتي مانتزوجك" حسب ما روته حينها قرت الفتاة الخروج إلى العمل كخادمة بيوت، وتروي أنها عملت عند زوجة قاض في بيتها، حيث كانت هذه الأخيرة تعاملها معاملة لا إنسانية، وتمنعها من الاستحمام وحتى من تغيير ملابسها.
المعاملة السيئة التي لاقتها الشابة، وهي أم لطفلين آخرين من زواج سابق، جعلها تتحول إلى "الدعارة"، مجال أدخلها لعالم الإدمان "كانشرب ونكمي لحشيش والقرقوبي وكل أنواع المخدرات باش ننسا" تقول الشابة التي كانت تلف لفافة حشيش أمام الكاميرا بعد أن تيقنت أن لا أحد سيهتم لحالها وصحتها. بحسب فرانس برس.
ومن المشاهد المؤثرة التي نقلتها القناة حوار دار بين الأم وابنها الذي لم يتجاوز الأربع سنوات، حيث تقول الأم لطفلها "ملي تكبر تخدم عليا وتهزني" ويجيبها الطفل ببراءة "نعم نخدم عليك أماما"، بعدها تقول الشابة إنها تعامل معاملة دونية من طرف المجتمع، ومن طرف المؤسسات لأنها عاهرة" حسب تعبيرها. الوثائقي الذي نقل صورة قاتمة عن وضعية الأمهات العازبات بالمغرب، تضمن اتهامات صادمة لمصالح الأمن والقضاء بالتواطؤ، وكشف النقاب عن جوانب حالكة في الحياة اليومية لهذه الفئة الهشة من قاع المجتمع المغربي.
الأرحام المستأجرة
الى جانب ذلك تتجه تايلاند نحو حظر تأجير النساء لأرحامهن على أراضيها حيث صوت البرلمان على صيغة أولية لمشروع قرار يجرم ذلك بعدما صارت البلاد قبلة للمتاجرة بأرحام التايلانديات خاصة للأجانب، وتريد الهيئة التشريعية في تايلاند عبر هذا القانون ملء الفراغ القانوني الذي كان موجودا في البلاد ما جعل الأمور تسير بسهولة مطلقة خاصة أمام الأجانب الذين صاروا يقصدون البلاد لسهولة الحصول على النساء مؤجرات الأرحام.
ويواجه الأشخاص المشاركين في العملية وطبقا لمشروع القانون الجديد، عقوبة سجن قد تصل أقصاها إلى عشرة أعوام، وغرامة مالية قد تصل قيمتها إلى 6600 دولار. وصوت نواب البرلمان بالأغلبية على هذه الصيغة الأولية لمشروع القانون حيث صرح النائب والوب تانغكننوراك "نريد أن نضع حدا لفكرة أن تايلاند هي مصنع للأطفال خاصة لدى الأجانب".
وكلفت السلطات لجنة تابعة للجمعية التشريعية الوطنية، بمراجعة دقيقة لمشروع القانون قبل مناقشته للمرة الأخيرة ويريد النظام الحاكم في تايلاند منذ وصوله إلى السلطة القضاء على ظاهرة المتاجرة بأرحام النساء بعدما هزت البلاد فضيحتان أخذتا بعدا دوليا، أولهما قصة الشابة باطرامون شونبويا التي أجرت رحمها لعائلة أسترالية حرمت من نعمة الأبناء، وعندما وضعت توأمين كان أحدهما مصاب بالتثلث الصبغي، فضل والدي الطفل البيولوجيين تبني الطفل السليم وترك توأمه المريض للأم التي حملت به. وبعدها قضية الياباني الذي استأجر أرحام العديد من التايلانديات لإنجاب عشرة أطفال على الأقل لأنه "كان يريد أن يترك وراءه آلاف الأبناء لتوجيه الجنس البشري".
على صعيد متصل أدانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان فرنسا بسبب رفضها الاعتراف بأبوة فرنسيين لأطفال ولدوا من أمهات مؤجرات للأرحام حصلت أساسا بالولايات المتحدة،. وفرضت المحكمة الأوروبية على فرنسا دفع 5 آلاف يورو لكل طفل كتعويض معنوي عما خلفه له هذا الرفض. وجاء قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بعد لجوء أولياء فرنسيين (زوجين) لها كحل أخير للتمكن من الاعتراف بأبوتهم لأطفال استعانوا بأمهات أجنبيات يؤجرن أرحامهن مقابل سعر معين. بحسب فرانس برس.
وفي كلتا الحالتين ولد الأطفال بفضل السائل المنوي للأب وبويضات من امرأة "مانحة". واشتكى الأولياء فرنسا، متهمين إياها بالتمييز والمساس بحياتهم الخاصة وحقهم في تشكيل عائلة. وتعد فرنسا من الدول الأوروبية التي تمنع هذه الطريقة من الإنجاب حيث يلجأ الكثير من الأزواج إلى بلدان مجاورة لاستئجار أرحام نساء من أجل إنجاب أطفال بعد تعذر الإنجاب لديهم بطريقة طبيعية، كإسبانيا وبلجيكا.
الامهات البديلات والمشاكل النفسية
في السياق ذاته أشارت نتائج دراسة محدودة الى انه بعد عشر سنوات من انجاب أمهات بديلة اطفالا.. يبدو انهن لا يعانين من مشاكل مستديمة تتعلق بالصحة النفسية نتيجة لتخليهن عن هؤلاء المواليد. وفيما توصلت أبحاث سابقة الى انهن كن يعانين من الاكتئاب ومشاكل نفسية أخرى خلال الأسابيع والأشهر الاولى التي تلت الانجاب إلا انه لا يعرف الكثير عن الآثار التي ظهرت على هؤلاء الأمهات على المدى الطويل.
وقام فريق بحثي بدراسة مسحية شملت 20 أما بديلة بعد نحو عام من الانجاب ثم مرة أخرى بعد عشر سنوات من الولادة لتقييم مدى تغير الصحة النفسية لديهن. وقالت فاسانتي جادفا كبيرة المشرفين على الدراسة وكبيرة الباحثين المشاركين بمركز بحوث الأسرة التابع لجامعة كمبردج بالمملكة المتحدة "تشير نتائج الدراسة الحالية الى ان هؤلاء الامهات لا يعانين من مشاكل نفسية على المدى الطويل نتيجة لكونهن أمهات بديلات في السابق".
وأضافت "نظرا لان معظم هؤلاء الامهات لا زلن يشعرن بموقف ايجابي تجاه فكرة الأم البديلة فليس من المستغرب اكتشاف عدم معاناتهن من مشكلات نفسية". ولا توجد احصاءات كافية عن عدد الاطفال الذين ولدوا لأمهات بديلات إذ انه نظرا لمخاوف أخلاقية فان هذه الممارسات تعد غير مشروعة في عديد من البلدان بشتى أرجاء العالم علاوة على بعض الولايات الامريكية.
لكن الاهتمام بخيار الام البديلة آخذ في التزايد لان الكثير من النساء يؤخرن الحمل حتى وقت متأخر من حياتهن عندما تتراجع خصوبتهن علاوة على تزايد أعداد الازواج من المثليين الذين يتطلعون لطرق تساعدهم على بدء تكوين اسرة نظرا لانعدام القدرة على الانجاب. وأجرت جادفا وفريقها البحثي دراسة مسحية في بادئ الامر على عينة من 34 أما بديلة عام 2003 لرصد مشاعرهن ازاء هذه التجربة بعد نحو عام من الانجاب وبعد عشر سنوات شاركت 20 أما بديلة في دراسة أخرى لمتابعة البحث. بحسب رويترز.
ووفقا لما ورد في دورية للتناسل فقد أجريت مقابلات مع الأمهات البديلات في منازلهن وسئلن بالتفصيل عن علاقاتهن بالوالدين الاصليين والمولود نفسه وعن صحتهن النفسية كما قمن باستيفاء استبيانات لتقييم صحتهن العقلية. ووجدت دراسات المتابعة التالية ان معظم الامهات البديلات حافظن على الاتصال بالمولود ووالديه اللذين توليا تربيته بعد ولادته.
الأم والطفل المبتسر
من جهة أخرى تشير دراسة جديدة إلى أن سماع الطفل المبتسر لصوت غناء أمه وشعوره بملمس جلدها قد يكون له العديد من المنافع الصحية للطفل كما أنه يساعد الأم أيضا. وعندما كانت الأمهات في وحدة العناية المركزة للأطفال المبتسرين يغنين وهن يحتضن أطفالهن كان معدل ضربات قلب الأطفال يتحسن مقارنة بالوضع ذاته دون غناء. كما كانت مستويات القلق لدى الأمهات تنخفض أيضا.
وقال شوميل أرنون كبير الباحثين في الدراسة وهو طبيب في مركز مير الطبي في بلدة كفر سابا الإسرائيلية "لاحظنا أن كثيرا من الأمهات يردن الحديث أو الغناء أثناء احتضان أطفالهن للتعبير عن مشاعر الحب والاهتمام الطبيعية بأطفالهن." وأضاف "كنت أظن أن الغناء في مكان عام سيسبب الحرج للأمهات اللواتي لا يتمتعن بالموهبة الموسيقية لكن على النقيض تماما شعرت الامهات أنهن متحدات بشكل اكبر مع أطفالهن."
وقال لاري جراي طبيب الأطفال بمستشفى كومر للأطفال في جامعة شيكاجو والذي لم يشارك في الدراسة الجديدة "حمل المبتسرين لأول مرة يمكن أن يصيب الأمهات بالقلق لعدة أسباب. فهناك أنابيب وأسلاك تحيط بالطفل تخشى الأم أن تفسدها كما أن الطفل لا يزال هشا وأحيانا يكون وزنه أقل من كيلوجرام." بحسب رويترز.
وأضاف جراي إنه مع ذلك يمكن للتلامس بين الاثنين أن ينقذ حياة الطفل ففي بعض الحالات ومع وجود هذا التلاحم بين الأم والطفل لا يضطر جسم الطفل أن يعمل بجد للحفاظ على حرارته. وقال أرنون وزملاؤه إن دراسات سابقة خلصت إلى أن تنفس المبتسرين ووظائف القلب والتغذية لديهم تتحسن عندما يستمعون إلى ضربات قلب أمهاتهم الذي اعتادوا سماعها وهم أجنة.
اضف تعليق